الملكوت في الحكمة القرآنية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 113 - عددالزوار : 28409 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60011 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 803 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          خطورة الإشاعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-03-2020, 02:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,610
الدولة : Egypt
افتراضي الملكوت في الحكمة القرآنية

الملكوت في الحكمة القرآنية (1)

















حوار إبراهيم عليه السلام مع أبيه آزر





د. رواء محمود حسين




ورد مصطلح: (ملكوت) في القرآن الكريم في أربعةِ مواضع: (الأنعام: 75)، (الأعراف: 185)، (المؤمنون: 88)، و(يس: 83)[1].







وسيبدأ هذا البحث في دراسة ﴿ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 75] في الحكمة القرآنيَّة، بالتحديد في سورة (الأنعام: 75)، وسنتابع دراسة المفهوم الملكوتي في القرآن الكريم في هذه السورة وفي السوَر الأخرى من القرآن الكريم على شكل سلسلة مقالات متلاحقة إن شاء الله، وهذه الدراسات المتسلسلة عن ﴿ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ جزءٌ من تفسيرنا للقرآن الكريم المسمَّى: "تفسير الحكمة القرآنية".







﴿ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾: الوارد في سورة الأنعام يَرد في سياق حديثِ إبراهيم عليه السلام مع أبيه آزر: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 74]؛ بيَّن الطبري أن الله تعالى في هذه الآية يقول لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمدُ لحِجَاجِك مع قومِك، وخصومتك إيَّاهم في آلهتهم، مما نلقيه إليك ونعلِّمك من البرهان والدلالة على باطل ما عليه قومُك مقيمون، وصحة ما أنت عليه مقيمٌ من الدِّين، وحقيقة ما أنت عليهم به محتج - بحِجَاج إبراهيم قومَه، ومراجعته إياهم في باطل ما كانوا عليه مقيمين مِن عِبادة الأوثان، وانقطاعه إلى الله والرضا به وليًّا وناصرًا دون الأصنام، فاتَّخِذه إمامًا واقتدِ به، واجعل سيرتَه في قومك لنفسك مثالاً إذ قال لأبيه مفارقًا لدينه، وعائبًا عبادته الأصنام دون بارئه وخالقه: يا آزر[2].







ويناقش ابن كثير الاسم الحقيقي لأبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فيُورد نقلَ الضحاك عن ابنِ عبَّاس: إن اسمه ليس آزر؛ بل "تَارِحَ"، وعن ابن عباسٍ: أن المقصود بـ "آزر" الصنم، وأبو إبراهيم اسمُهُ تارحُ، وأمُّه اسمُها مثاني، وامرأتُهُ اسمُها سارة، وأُمُّ إسماعيل اسمُها هاجرُ، وهي سُرِّيَّة إبراهيم، وهكذا قال غيرُ واحدٍ من علماء النسَب: إن اسمه تارح، ومثل هذا منقول عن مُجاهد والسُّدي: آزر اسمُ صنمٍ، ويقول ابن كثير: كأنه غلب عليه اسمُ آزر؛ لخدمته ذلك الصنم، فالله أعلم، وقال ابنُ جريرٍ: وقال آخرون: هُو سبٌّ وعيبٌ بكلامهم، ومعناهُ مُعوجٌّ، ونقل هذا المعنى أيضًا عن ابن أبي حاتم: أن آزر تعني أعوج، وأنها أشدُّ كلمةٍ قالها إبراهيمُ عليه السلام، ثُم قال ابنُ جريرٍ: والصوابُ أن اسم أبيه آزر، ثُم أوردَ على نفسه قول النسَّابين أن اسمه تارح، ثُم أجاب بأنهُ قد يكونُ له اسمان، كما لكثيرٍ من الناس، أو يكون أحدُهُما لقبًا، وهذا الذي قاله جيِّدٌ قوي واللهُ أعلم[3].







ومعنًى آخر يُستفاد من الآية المباركة المذكورة: أن أُبوَّة تارح (أو آزر) لإبراهيم عليه السلام لم تمنعه من حِوار أبيه حول طبيعة العِبادة التي يمارسها، مُعلنًا رفضه لعبادة الأوثان، وإن كان الذي يعبدها أقربَ الناس إليه، وهو أبوه، فحبُّ الله سبحانه وتوحيده وإخلاص العبودية له جلَّ شأنُه أهمُّ وأولى وأحقُّ من أيِّ شيء مخالف أو مناقض، وبهذا كان إبراهيم عليه السلام قُدوة للنبي صلى الله عليه وسلم في جِداله مع قومه بخصوص الأوثان التي يعبدونها.







إن إبراهيم عليه السلام في هذه الآية وفي غيرها قدوةٌ لكلِّ من تمسَّك بالتوحيد وبالحقِّ وأعلن رفضَه للباطل، وللعبودية لغير الله سبحانه.







[1] ينظر عن مواضع الملكوت في القرآن الكريم أعلاه: محمد فؤاد عبد الباقي: "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم"، القاهرة، دار الكتب المصرية، 1364هـ، ص 674.




[2] الطبري (ت 310 هـ): "جامع البيان في تأويل آي القران"؛ تحقيق أحمد محمد شاكر، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1420 هـ - 2000م، 11 / 465.




[3] ابن كثير (ت 774 هـ): "تفسير القرآن العظيم "؛ تحقيق محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419 هـ، 3 / 285.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-03-2020, 02:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,610
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الملكوت في الحكمة القرآنية

الملكوت في الحكمة القرآنية (2)
د. رواء محمود حسين






الملكوت في اللغة من الملك، كالرهبوت من الرهبة[1]، وله معنى آخر هو: "الملكوت: عالم الغيب المختص بأرواح النفوس"[2].



وكانت نتيجة هذه العبودية الإبراهيمية الخالصة لله سبحانه أن أكرمه الله تعالى بقوله: ï´؟ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ï´¾ [الأنعام: 75]، قال القرطبي: قوله تعالى: ï´؟ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ï´¾؛ أي: مُلْكَ.



روى معناه عليٌّ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: كشف الله له عن السموات والأرض حتى العرش وأسفل الأرَضين، ويُضيف القرطبي: وقال الضحَّاك: أراه مَلَكوت السماء: ما قصَّه من الكواكب، ومِن ملكوت الأرضِ: البحارَ، والجبالَ، والأشجارَ، ونحو ذلك مما استدلَّ به.



وقال بنحوه ابن عباس، وروى ابن جريج عن القاسم عن إبراهيم النخعي قال: فرجت له السموات السبع، فنظر إليهنَّ حتى انتهى إلى العرْشِ، وفرجتْ له الأرضون فنظر إليهنَّ، ورأى مكانه في الجنة.



وقوله سبحانه: ï´؟ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ï´¾ [الأنعام: 75] أريناه ذلك؛ أي: الملكوت[3].



يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ï´؟ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ï´¾:

"أي: نُبيِّنُ له وجه الدلالة في نظره إلى خلقهما - أي: خلق السموات والأرض - على وحدانية الله عز وجل، في ملكه وخلقه، وأنه لا إله غيره ولا ربَّ سواه؛ وليتبيَّن له أنه تعالى كشف له الأمر؛ سره وعلانيته، فلم يخفَ عليه شيءٌ من أعمال الخلائق، فلما جعل يَلعن أصحاب الذنوب، قال الله: إنك لا تستطيع هذا، فرده كما كان قبل ذلك، فيحتمل أن يكون كشف له عن بصره حتى رأى ذلك عيانًا، ويحتمل أن يكون عن بصيرته حتى شاهده بفؤاده، وتحقَّقه وعرفه، وعلم ما في ذلك من الحكم الباهرة، والدلالات القاطعة، وليكون عالمًا وموقنًا"[4].



أما قوله سبحانه: ï´؟ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ï´¾ [الأنعام: 76]، أي: تغشَّاه وستره ï´؟ رَأَى كَوْكَبًا ï´¾ [الأنعام: 76]؛ أي: نجمًا، ï´؟ قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ ï´¾ [الأنعام: 76]؛ أي: غاب، قال محمد بن إسحاق بن يسار: "الأُفول: الذَّهَاب، وقال ابن جرير: يُقال: أفَلَ النجمُ يأفُلُ ويَأْفِل أفولاً وأفْلاً إذا غاب، قال: ï´؟ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ï´¾ [الأنعام: 76]، قال قتادة: علم أن ربه دائمٌ لا يزول، ï´؟ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا ï´¾ [الأنعام: 77]؛ أي: طالعًا، ï´؟ قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي ï´¾ [الأنعام: 77، 78]؛ أي: هذا المنير الطالع ربِّي؛ ï´؟ هَذَا أَكْبَرُ ï´¾ [الأنعام: 78]؛ أي: جرمًا من النجم ومن القمر، وأكثر إضاءة، ï´؟ فَلَمَّا أَفَلَتْ ï´¾ [الأنعام: 78]؛ أي: غابت، ï´؟ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ï´¾ [الأنعام: 78، 79]؛ أي: أخلصتُ ديني، وأفردت عبادتي ï´؟ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ï´¾ [الأنعام: 79]؛ أي: خلقهما وابتدعهما على غير مثال سَبَق، ï´؟ حَنِيفًا ï´¾ [الأنعام: 79]؛ أي: في حال كوني حنيفًا؛ أي: مائلاً عن الشرك إلى التوحيد؛ ولهذا قال: ï´؟ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ï´¾ [الأنعام: 79][5].



وانتهى إبراهيم عليه السلام إلى النتيجة الآتية: ï´؟ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ï´¾ [الأنعام: 79].



قال الطبريُّ: "وهذا خبرٌ مِن الله تعالى ذِكْرُه عن خليله إبراهيمَ عليه السلام، أنه لما تبيَّن له الحق وعرَفه، شهد شهادة الحق، وأظهر خلافَ قومِه أهلِ الباطل وأهل الشرك بالله، ولم يأخذه في الله لومةُ لائم، ولم يستوحش مِن قيل الحق والثبات عليه، مع خلافِ جميع قومه لقوله وإنكارهم إياه عليه، وقال لهم:ï´؟ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ï´¾ [الأنعام: 78] مع الله الذي خلقَني وخلقكم في عبادته من آلهتِكم وأصنامكم، إني وجهتُ وجهي في عبادتي إلى الذي خلَق السموات والأرض، الدائم الذي يبقى ولا يفنى، ويحيي ويميت، لا إلى الذي يفنى ولا يبقى، ويزول ولا يَدومُ، ولا يضرُّ ولا ينفع، ثم أخبرهم تعالى ذِكْره أن توجيهه وجهه لعبادته بإخلاص العبادة له، والاستقامة في ذلك لربِّه على ما يحب من التوحيد، لا على الوجه الذي يوجه له وجهه من ليس بحنيف، ولكنه به مشركٌ؛ إذ كان توجيه الوجه - على غير التَحنُّف - غيرَ نافع موجهه، بل ضاره ومهلكه، ï´؟ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ï´¾ [الأنعام: 79] ولستُ منكم؛ أي: لستُ ممن يدين دينَكم، ويتبع ملتكم أيها المشركون"[6].



تلفت أنظارَنا الآياتُ المباركات من سورة الأنعام المتقدمة عن ثواب التوحيد الخالص الذي كان عليه النبي إبراهيم عليه السلام، هذا التوحيد الذي أهَّلَهُ عليه السلام أن يمنحَه الله سبحانه رؤية ملكوت السموات والأرض، وهو مقام عظيم كبير، لا يتهيأ إلا لمن كان بمستوى توحيد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعًا.



إذًا التوحيد هو الوسيلة لرؤية ملكوت السموات والأرض.






[1] أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (المتوفى: 393هـ): "الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية"، تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار، ط4، دار العلم للملايين، بيروت، 1407 هـ‍ - 1987 م، 4 / 161.




[2] محمد بن محمد بن عبدالرزاق الحسيني، أبو الفيض، الملقب بمرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205هـ): "تاج العروس من جواهر القاموس"، تحقيق مجموعة من المحققين، دار الهداية، بدون بيانات أخرى 8 / 255.




[3] أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ): "الجامع لأحكام القرآن"، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، ط2، دار الكتب المصرية - القاهرة، 1384هـ - 1964 م، 7 / 23 - 24.




[4] ابن كثير: " تفسير القرآن العظيم "، 3 / 259 - 260.




[5] أعلاه تفسير الآيات (76 - 78) عند أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي، (المتوفى: 774هـ): "تفسير القرآن العظيم"، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، ط2، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1420هـ - 1999 م، 3 / 291.




[6] محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ): "جامع البيان في تأويل القرآن"، تحقيق أحمد محمد شاكر، ط1، مؤسسة الرسالة، 1420 هـ - 2000 م، 11 / 487 – 488.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-03-2020, 02:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,610
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الملكوت في الحكمة القرآنية

الملكوت في الحكمة القرآنية (3)
د. رواء محمود حسين




التوحيد والملكوت





في هذه المقالة الثالثة من سلسلة المقالات عن الملكوت في الحكمة القرآنية نتناولُ بالبحث ما ورد عن الملكوت في القرآن الكريم في سورَتَيِ الأعراف والمؤمنون إن شاء الله تعالى.




1- سورة الأعراف:

قال تعالى: ï´؟ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ï´¾ [الأعراف: 185].




فسَّر الطبري الآية قائلاً: أولم ينظر هؤلاء المكذِّبون بآيات الله في ملك الله وسلطانه جل شأنه في السموات وفي الأرض، وفيما خلق جل ثناؤه من شيء فيهما، فيتدبروا ذلك، ويعتبروا به، ويعلموا أن ذلك لا يكونُ إلا لمن لا نظيرَ له ولا شبيه، ومِن فعل مَن لا ينبغي أن تكون العبادة والدين الخالص إلا له، فيؤمنوا به سبحانه، ويصدِّقوا رسولَه صلى الله عليه وسلم، ويرجعوا إلى طاعته، ويخلعوا الأنداد والأوثان، ويحذروا أن تكون آجالهم قد اقتربت، فيهلكوا على كفرِهم، ويصيروا إلى عذاب الله سبحانه وعقابه الأليم؟![1].




ويقول ابن كثير في تفسير الآية الكريمة المذكورة: يقول تعالى: أولم ينظر هؤلاء المكذِّبون بآيات الله في ملكه وسلطانه في السموات والأرض، وفيما خلق من شيء فيهما، فيتدبروا ذلك ويعتبروا به، ويعلموا أن ذلك لمن لا نظير له ولا شبيه، فينبغي أن لا تكون العبادةُ والدين الخالص إلا له، فيؤمنوا به ويصدِّقوا رسوله صلى الله عليه وسلم، وينيبوا إلى طاعته، ويتركوا الأنداد والأوثان، ويحذروا أن تكونَ آجالُهم قد اقتربت، فيهلكوا على كفرهم، ويصيروا إلى عذابِ الله وأليمِ عقابه؟!




وقوله: ï´؟ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ï´¾ [الأعراف: 185]؛ أي: فبأي تخويفٍ وتحذيرٍ وترهيب بعد تحذيرِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وترهيبه، الذي أتاهم به من عند الله في آي كتابه يُصدِّقون إن لم يصدِّقوا بهذا الحديث الذي جاءهم به محمدٌ من عند الله عز وجل؟[2].



2- سورة المؤمنون:

قال تعالى: ï´؟ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ï´¾ [المؤمنون: 88، 89].




يُفسِّر الطبري الآية فيقول: يقول تعالى ذكرُه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: مَن بيده خزائن كل شيء؟!

وقوله: ï´؟ وَهُوَ يُجِيرُ ï´¾ مَن أراد ممن قصَدَه بسوء، ï´؟ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ï´¾ يقول: ولا أحدَ يمنع من أرادَه هو بسوء، فيدفع عنه عذابَه وعقابه، ï´؟ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ï´¾ مَن ذلك صفتُه، فإنهم يقولون: إن ملكوتَ كلِّ شيء والقدرة على الأشياء كلها لله، فقل لهم يا محمدُ: ï´؟ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ï´¾، يقول: فمن أيِّ وجه تُصرَفون عن التصديق بآيات الله، والإقرار بأخبارِه وأخبار رسولِه، والإيمان بأن الله القادرُ على كل ما يشاء، وعلى بَعْثِكم أحياء بعد مماتكم، مع علمكم بما تقولون من عظيم سلطانه وقدرته؟!




وكان ابن عباس - فيما ذُكِر عنه - يقول في معنى قوله: ï´؟ تُسْحَرُونَ ï´¾: تكذبون.

وقد بيَّنْتُ فيما مضى السحر، وأنه تَخييل الشيء إلى الناظر أنه على خلاف ما هو به من هيئته، فذلك معنى قوله: ï´؟ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ï´¾، إنما معناه: فمن أيِّ وجه يُخيَّل إليكم الكذب حقًّا، والفاسد صحيحًا، فتصرفون عن الإقرار بالحق الذي يدعوكم إليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم؟![3].




ويقول ابن كثير: يُقرِّرُ تعالى وحدانيَّتَه واستقلاله بالخلق والتصرف والملك؛ ليرشد إلى أنه الله الذي لا إله إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له؛ ولهذا قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العابدين معه غيرَه المعترفين له بالربوبية، وأنه لا شريك له فيها، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهية، فعبدوا غيرَه معه مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئًا، ولا يملكون شيئًا، ولا يستبدُّون بشيء، بل اعتقدوا أنهم يقرِّبونهم إليه زُلفَى، فقال: ï´؟ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا ï´¾ [المؤمنون: 84]؛ أي: مَن مالكُها الذي خلقها، ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات وسائر صنوف المخلوقات ï´؟ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ï´¾ [المؤمنون: 84]؟ ï´؟ سَيَقُولُونَ لِلَّه ï´¾ [المؤمنون: 85]؛ أي: فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك، قل: ï´؟ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ï´¾ [المؤمنون: 85] أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرزاق لا لغيره؟! سيقولون لله، قل: ï´؟ أَفَلَا تَتَّقُونَ ï´¾ [المؤمنون: 87]؛ أي: إذا كنتم تعترفون بأنه رب السموات، ورب العرش العظيم، أفلا تخافون عقابَه، وتحذرون عذابه في عبادتكم معه غيرَه وإشراككم به؟[4].




إذًا المفهومُ الذي تشير إليه الآيتان الكريمتان أن الله سبحانه بيده ملكوت السموات والأرض وملكوت كل شيء، ومن كانت هذه قدرته وملكه وملكوته فهو مَن يستحقُّ وحدَه العبادة والتوحيد والتنزيه عن الأنداد والشريك، وهو ما يعني: أن النظر في ملكوت السموات والأرض سيؤدي إلى نتيجة رئيسة، مُفادها: أن لهذا المُلك مالكًا، ولهذا الملكوت متصرفًا بيده خزائن كل شيء، وهو الله سبحانه.




وهنا ندعو العلماء الذي تخصصوا في النظر والبحث في علوم السموات والأرض أن يتجهوا إلى الإيمان بالله سبحانه وتوحيده وإفراده بالعبادة، ومثل هذه الدعوة تُوجَّه إلى عباد الله سبحانه أجمعين.




[1] محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ): "جامع البيان في تأويل القرآن"، تحقيق أحمد محمد شاكر، ط ظ،، مؤسسة الرسالة، 1420 هـ - 2000 م، ظ،ظ£ / ظ¢ظ©ظ*.

[2] ينظر: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ): "تفسير القرآن العظيم"، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، طظ،، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت، 1419 هـ، ظ£/ ظ¤ظ¦ظ§.


[3] أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ): "جامع البيان في تأويل القرآن"، ظ،ظ© / ظ¦ظ¥.

[4] ابن كثير: "تفسير القرآن العظيم"، 5 /425 - 426.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 89.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 86.63 كيلو بايت... تم توفير 2.85 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]