التدبر في أحوال الأمم

[ابوالوليد المسلم]

التدبر في أحوال الأمم

إن التدبر في أحوال الأمم والنظر فيما ينفعها ويفسدها أمر درج عليه العقلاء من ساسة الدولة وأهل الأمر فيها، وهي سنة ثابتة في الكتاب العزيز والسنة المطهرة: { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} (الروم:9).

{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (القصص:83). { قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (الأنعام: 11).

ومنطقة الخليج خاصة والشرق الأوسط عامة ذات أهمية لكل من يود السيطرة العالمية وسيادة الأمم، ونحن الآن لا نستطيع في الوقت الراهن التطلع إلى الهيمنة على الأمم وإن كان هذا أملا يحدو كل من ذاق - ولو نظرياً - سيادة الأمم المسلمة على الأمم، ولكن من أولى الواجبات العمل بجد في المحافظة على ما ينعم به أهل الخليج من حسن علاقة بين الحاكم والمحكوم؛ فالحفاظ على المكتسبات قد يكون أهم من كسبها أحياناً.
ب. من الأسباب الدافعة لأمم الكفر غربها وشرقها عن السيطرة على أراضينا، باختصار:
1. أن أهم المواد والسلع الاستراتيجية التي تعتمد عليها اقتصاديات الدول الغربية والشرقية متمركزة في هذه المنطقة.
2. البشر المستفيد من هذه الخيرات قليل، وهذا يدفع الحسد حتى من القريب فيسعى ليساعد الغريب كما حصل في غزو الكويت وما رافقه من تعاون الكثير مع الغزو حسداً وطمعاً.
3. الغفلة - أو قل غفلة الصالحين - وهي متمثلة بحسن الظن بالآخرين لدرجة الاستغراق.
ولهذا يلاحظ أن تقريب أبناء الأمم الأخرى وتمكينهم في القصور والمؤسسات هو الكارثة التي أهلكت الأمم السابقة، وقد تهلك قومنا إذا لم يتداركوا أنفسهم، وقد سبر أعداء الأمة من اليهود وأمم الكفر أحوالنا كيف يغزوننا فكانت لهم بذلك خطط وتدابير يجب على قادتنا وذوي الرأي فينا النظر فيها والعمل بجدية على إبطالها والعقلية بنفسها والتدبير، فالفكر لا يهزم إلا بفكر، ولذلك كانت مقولة هازم الفرس والروم عمر بن الخطاب ]: «نضرب أرطبون الروم بأرطبون العرب» قالها عندما قيل له إن الروم لديهم داهية يفكر ويدبر فقال: «وعندنا مثله» يقصد عمرو بن العاص ].
ذلكم أن درهم وقاية خير من قنطار علاج. ولا شك أن الأفكار أشد فتكاً في الأمة وأكثر ضرراً من الأمراض وعلاجها أصعب. والفكر لا يعالج إلا بفكر، وإن أفكار التكفير والخروج تغذى للأسف من الكفر والباطنية لشَغل العالم الإسلامي وخلق التوتر فيه، ونتيجة للجهل بالدين، وبُعد الشباب بواسطة الجماعات السياسية عن العلم والعلماء جعله فريسة لهذه الأفكار الفاسدة، وعمق التربية الحزبية والربط بما يسمى بالكرامات جعل الشباب يقع فريسة لذلك، نحتاج الآن وقبل استفحال الأمر - بما لا رجعة له - لوضع خطط طويلة وقصيرة للعلاج حتى لا نخسر أبناءنا ونحن في حاجة لكل مواطن حتى نخدم هذا الوطن ونسير معاً لخلق أمة متحابة قوية ملتفة حول حكامها ويحنو حكامها عليها.
فهكذا إذاً يجب على ولي الأمر إن أراد النصر على عدوه والسلامة، والنظر فيما عنده من عقول بشرية مخلصة سلطها على عدوه فهي قاضية عليه بإذن الله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء:18).
إننا يلزمنا تسخير طائفة عاقلة مدركة نثق بها من أبنائنا للنظر والدراسة المتأنية في السبل والوسائل التي قام ويقوم بها اليهود والنصارى وكل من يعينهم على ذلك خاصة الرافضة ووسائلهم في تمويل الحركات الثورية والتطرف.
والله أسأل الهداية والسداد.




اعداد: الشيخ: عبدالله بن خلف السبت