نصائح وضوابط إصلاحية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13219 - عددالزوار : 350751 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 257 - عددالزوار : 47592 )           »          قيمة إسلامية حثَّ عليها القرآن الكريم والسُنَّة النبوية – الجودة الشاملة في مؤسساتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 156 )           »          التداوي من السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 174 )           »          حكم المرابحة للآمر بالشراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 161 )           »          الوجيز في أحكام التداولات المالية المعاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 407 )           »          حكم الغرر في عقود التبرعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 170 )           »          الفرق بين الرجل والمرأة في التلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 125 )           »          أخطاء في التحليل والتحريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 187 )           »          حكم الصلح على الدين ببعضه حالا (ضع وتعجل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 208 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-05-2024, 09:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (1)



كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فتحقيق العبودية هي الغاية الكبرى التي خلق الله -عز وجل- الخلق من أجلها كما قال -تعالى-: (‌وَمَا ‌خَلَقْتُ ‌الْجِنَّ ‌وَالْإِنْسَ ‌إِلَّا ‌لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56)، والعبودية المنشودة التي خلقنا الله من أجلها هي الرسالة الأم التي من أجلها يجب أن يعيش كل مؤمن صادق يسعى في نجاة نفسه وأهله والناس من حوله من عذاب الله، والفوز برضوانه ونعيمه الدائم؛ فرسالة الحياة باختصار هي: "تحقيق العبودية"، هكذا بكل وضوح شرعي، وفهم عقلي، وبذل حركي لذلك.

هذه الرسالة بشمولها تحتاج في تحقيقها إلى رؤية هادفة يُبنى على أساسها مسار إستراتيجي واضح يتبعه خطوات تنفيذية دافعة لإنجاح هذا المسار.

هذه الرؤية الهادفة ترتسم معالمها في مواجهة طبائع تلك النفوس البشرية التي وصفها الله -تعالى- في كتابه قائلًا: (‌وَمَا ‌أُبَرِّئُ ‌نَفْسِي ‌إِنَّ ‌النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (يوسف: 53)، والتي تغرق بطبيعتها في حب الشهوات والبعد عن التزامات العبودية، وإيثار حب الدنيا العاجلة على الآخرة الباقية، كما قال -تعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران: 14).

لذلك تُبنى تلك الرؤية دائمًا عند أصحاب الهمم الصادقة على حمل مشاعل التغيير للنفس أولًا ثم التغيير في باقي دوائر التأثير المحيطة، وذلك بالسعي الدؤوب للعمل على إيجاد الشخصية المسلمة، وبناء الطائفة المؤمنة التي تعمل على تغيير المجتمع لتحقيق العبودية الجماعية المنشودة، أو بمعنى أوضح على رؤية الصلاح والإصلاح؛ فالرؤية ليست قاصرة على إصلاح النفس فقط، بل تتعدى إلى إصلاح الغير أيضا ليكون غالب المجموع محققًا لعبوديته -تعالى-، وهذا يستلزم بذل الجهد والطاقة والعمل ليلًا ونهارًا لإحداث هذا التغيير الإيجابي المنشود؛ لأن القاعدة الثابتة التي قررها الرب -تعالى- هي: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11)، وعلى هذه القاعدة كان مسار الأنبياء والمصلحين عبر الزمان والمكان كما بين الله -تعالى- على لسان نوح -عليه السلام-: (‌قَالَ ‌رَبِّ ‌إِنِّي ‌دَعَوْتُ ‌قَوْمِي ‌لَيْلًا ‌وَنَهَارًا . فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا. وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا . ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا . ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا) (نوح: 5-9).

وكما وصف الله -سبحانه وتعالى- حال نبينا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) (الكهف: 6)، (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 3)، وكما بين الله -تعالى- في كتابه ذلك على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف: 108).

فجاءت البصيرة التي نوهت إليها الآية لتمثل في جوهرها ذلك المسار الإستراتيجي اللازم للدعاة والمصلحين في أي مكان وزمان، والضروري لتحقيق تلك الرؤية الهادفة التي تخدم الرسالة الأم -أقصد تلك العبودية- التي من أجلها خُلقنا كما أشار لذلك الألوسي -رحمه الله- في تفسيره لتلك الآية حين قال: "وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي للداعي إلى الله -تعالى- أن يكون عارفًا بطريق الإيصال إليه -سبحانه-، عالمًا بما يجب له -تعالى-".

وللحديث بقية -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 07-05-2024 الساعة 04:32 AM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-05-2024, 09:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (2)



كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيجب الانتباه إلى أن رؤية التغيير ليست مقصودة لذاتها، بل مقصودة لغيرها؛ أعني بذلك أن الرؤية المقصودة الهادفة، هي: تلك الرؤية المبنية على بصيرة أو مسار واضح له مقومات رئيسة تدفع في زيادة تحقيق العبودية في المجتمع بجميع مكوناته لله رب العالمين، وإلا فكل تغيير لا يؤدي إلى ذلك، لا يصح أن يطلق عليه رؤية هادفة.

كما أنه من البدهي: إدراك أن عدم التحرك على مسار إستراتيجي واضح المعالم يحقق تلك الرؤية الهادفة والرسالة الشاملة، أو عدم وضوح هذا المسار بتفاصيل محاوره الرئيسية ومقوماته اللازمة عند الأفراد والكيانات التي تنشد الإصلاح، يتسبب بلا شك في تبديد الجهود وضياع الأعمار، واضطراب الأحوال، وتنازع الأفراد، والانحراف عن تحقيق الغايات.

كما أنه من البدهي أيضًا أن نعترف: أن هناك الكثير ممن قد يتفق على الرؤية والرسالة قد يختلفون فيما بينهم في تحديد المسار المناسب طبقًا للأيدولوجيات أو القناعات العقلية، والتي تؤدي إلى التفرق والبعد عن تحقيق الغايات.

فالنظر للمسار الإصلاحي المناسب ضروري جدًّا لتنفيذ رؤية التغيير الهادف الناجح واللازم لتحقيق رسالة العبودية التي هي الغاية الكبرى للحياة الدنيوية، وهو ما يحتاج منا إلى بسط وبيان للطريقة المناسبة للقيام بالمهمة المنوطة بنا في تحقيق العبودية على أتم صورة، تساعد في إيجاد مجتمع صالح يرضي رب البرية، ويحقق السعادة البشرية.

ولهذا فسنستعرض معًا -بإذن الله- هنا في هذه الضوابط والتوجيهات الإصلاحية المحاور الآتية:

- بيان أنواع الأعمال الإصلاحية الموجودة حاليًا على الساحة من حيث طبيعة كل نوع.

- تعريف العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي المراد لتحقيق الإصلاح المنشود، وأسباب الحاجة إليه (شرعًا وعقلًا) في واقعنا الحالي.

- الرد على الشبهات التي تُلقى بين حين وآخر في وجه العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي المنشود من أجل تنفير المصلحين منه.

- مرتكزات وعوامل نجاح أي عمل تعاوني مؤسسي إصلاحي.

أولًا: أنواع الأعمال الإصلاحية:

تنقسم الأعمال الإصلاحية الدعوية طبقًا للواقع الحالي إلى ثلاثة أنواع:

1- عمل إصلاحي فردي.

2-عمل إصلاحي عبر ما يسمى بالمجموعات الوسيطة.

3- عمل إصلاحي تعاوني جماعي مؤسسي عبر كيان.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 07-05-2024 الساعة 04:33 AM.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30-05-2024, 05:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (3)






كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

من أنواع الأعمال الإصلاحية:

أ‌- العمل الإصلاحي الفردي:

نموذج من نماذج الأعمال الإصلاحية الذي قد يرفع عن صاحبه العذر في دفعه للفساد من حوله، فصاحبه يبذل فيه جهده الذي يتاح له في دائرته الضيقة، والذي يتوقف أثره الناتج على قدرات الشخص الفردية ومدى توفيقه في عمله، ولكن يا للأسف: فإن هذا العمل الإصلاحي الفردي له سلبيات عديدة تجعله ليس هو النموذج الأمثل المطلوب لتحقيق الإصلاح المنشود.

فمن هذه السلبيات المعروفة والمشاهدة في الواقع الحالي:

1- سهولة الانقطاع والتوقف؛ فالعمل متوقف على الحالة النفسية أو الصحية أو الحياتية للشخص؛ فيفتر بفتوره ويمرض بمرضه، ويتوقف بسفره أو حتى ينحرف بانحرافه.

2- تحديد الأولويات الإصلاحية المطلوبة للمجتمع تتوقف على الرؤى الشخصية للفرد، والتي قد تتغافل مصالح الأمة الحقيقية وحاجاتها.

3- ضعف الأثر الإصلاحي الشمولي للعمل الفردي في المجتمع، حيث يتم الاقتصار على جانب واحد من الجوانب طبقًا لاهتمام القائم على العمل الفردي وإمكاناته.

4- العمل الفردي بيئة غير مهيئة لاكتشاف الكفاءات المختلفة في المجالات المتنوعة؛ نظرًا للاقتصار على نوع معين من الأعمال والأنشطة عند القائمين على هذا العمل الفردي، والذي يا للأسف ينبني عليه التقييم للأفراد من حيث الكفاءة أو القرب والبعد.

5- كثرة التنازع بين رؤوس العمل الفردي وأتباعهم والتراشق المستمر بينهم تحت دعوى من أحق بالصدارة بين الناس والإذعان لرأيه وطريقته، مما يتسبب في نفرة الكثيرين من المستهدفين بالإصلاح من هذه النماذج الإصلاحية المتراشقة فيما بينها.

6- يسهل وقوع التأثير الإيديولوجي أو الانحراف الفكري لصاحب العمل الفردي طبقًا لقوة الضغط عليه من الاتجاهات الفكرية المنحرفة المحيطة به وقدرتهم على استغلال نقاط ضعفه أو فهمهم لمفاتيح شخصيته.

7- سهولة محاصرة العمل الفردي والتضييق عليه ومنعه.

ب- العمل الإصلاحي عبر المجموعات الوسيطة:

المجموعات الوسيطة هي نموذج جديد ما بين العمل الفردي والعمل المؤسسي الشامل أو إن شئنا لقلنا هي فكرة أُوجدت لجذب الأفراد والانتقال بهم من العمل المؤسسي الإصلاحي الشمولي المؤثر إلى العمل الفردي ضعيف التأثير تحت شعار التخصصية عبر مجموعة وسيطة -مع العلم أن البعض ممن يمارس العمل فيها قد يدعي العكس من أنها محاولة للانتقال بالأفراد من الرؤية الفردية إلى المؤسسية، إلا أن النوايا وحدها لا تكفي مع ما ظهر بوضوح واقعيا-؛ ففكرة المجموعات الوسيطة تعتمد على اجتماع مجموعة من أصحاب الفن أو التخصص الواحد أو المتفقين على فكرة ما في مجال ما، معا في تجمع واحد حتى لو اختلفت مشاربهم الفكرية أو رؤيتهم الإصلاحية بغرض خدمة هذا الفن والتخصص أو تحقيق هذه الفكرة الجزئية.

وهذا النموذج قد ينجذب إليه عدد كبير من الشباب والفتيات تحت دعوى البحث عن التميز والتخصص؛ إلا أن سلبياته كبيرة جدًّا؛ حيث إنه يؤدي إلى:

1- التعصب للتخصص أو الفكرة الجامعة للمجموعة وتحقير كل المجهودات المبذولة من أي أحد خارج هذا الإطار، بل ومهاجمته وتسفيهه.

2- التنازع الفردي الذي يحدث بين رموز التخصص الواحد المختلفين فيما بينهم في أمور عدة أخرى والتنافس فيما بينهم على مقدار التأثير فيمن حولهم أو فيمن منهم أحق بالصدارة في هذا التخصص مما يزكي الحالة التنازعية أو التنافسية التراشقية داخل تلك المجموعة الوسيطة مع مرور الزمن مما يسهل هدمها.

3- الجمع بين رموز تيارات فكرية مختلفة كثيرة جدًّا داخل المجموعة الواحدة مما جمعهم التخصص أو الفكرة الجزئية يؤثر بشدة على تشوش الرؤية الإصلاحية عند الأفراد والشباب المتأثرين برموز هذه المجموعات، حيث إن الإعجاب بالحالة التخصصية يؤدي إلى الانبهار والتأثر ثم المتابعة والموالاة لتلك الرموز باختلاف مشاربهم الفكرية والتي تظهر آثارها بوضوح عند وقوع الفتن والمدلهمات في المجتمع؛ مما يؤدي إلى تحويل المجموعة الوسيطة إلى قنبلة موقوته أفرادها متنازعين فيما بينهم يتبع بعضهم رمز ما برؤيته الفكرية المختلفة، ويتبع آخرين رمز آخر برؤيته الأخرى المتباينة، ومن ثم يؤول الأمر إلى نموذج الفردية لكن بعد فترة من الزمن.

والجدير بالذكر هنا: أن ننبه على أن فكرة التخصصية هي فكرة رائعة -بلا شك- نافعة للأمة تُسد بها الثغور المطلوبة بلا شك، لكنها لا تحقق غرضها الكامل المراد إلا في إطار من الاصلاح المؤسسي المتكامل المبني على وضوح الرؤية الأيديولوجية الإصلاحية المتفق عليها عند الجميع، بعيدًا عن الفردية.


وللحديث بقية -إن شاء الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-07-2024, 11:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (4)






كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمن أنواع الأعمال الإصلاحية:

ج- العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي في كيان: ونقصد بمصطلح (العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي)؛ تلك التعبيرات الشمولية التي تشمل معنى العمل في كيان تطوعي منظم يعمل بطريقة مؤسسية بغرض تحقيق الإصلاح الشامل في المجتمع، أيًّا كان التعبير الشائع في الاستخدام طبقًا للواقع الزماني والمكاني؛ سواء كان المسمى لهذا الكيان مسمى خيري اجتماعي خدمي أو حزبي إصلاحي تشريعي.

المحور الثاني: العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي:

نتعرف معًا -بإذن الله- في هذا المحور على:

- تعريف العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي المراد لتحقيق الإصلاح المنشود.

- أسباب الحاجة إليه (شرعًا وعقلًا) في واقعنا الحالي.

- حكم العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي.

- الشبهات التي تُلقى بين حين وآخر في وجه العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي المنشود من أجل تنفير المصلحين منه، والرد عليها.

- بعض الآفات التي تقع في هذا النوع من العمل الإصلاحي.

أولًا: تعريف العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي:

تعريف عام: هو تعاون مجموعة من الأفراد لتحقيق أهداف إصلاحية مشروعة لا يمكن للفرد تحقيقها بمفردِه، طبقًا لرؤية ومنهجية صحيحة واضحة.

تعريف اصطلاحي: هو تعاون مجموعة من المسلمين فيما بينهم على القيام بما يستطيعون من فروض الكفايات اللازمة لتحقيق الإصلاح المنشود حال شغور الزمان عن الإمام أو حال تقصير الإمام عن القيام بفروض الكفايات، بل أيضًا في حال وجود الإمام وكفاءته وعدم تقصيره ما دام أن هذا التعاون يؤدي إلى تحقيق مصالح، ولا يؤدي إلى مفاسد -كما حدث ذلك في عصر الخلافة الراشدة من تصدي الصحابة رضوان الله عليهم لفروض الكفاية دون إذن ودون أن يأمرهم أحد-، مع الأخذ في الاعتبار أنه هذه الصورة الثالثة قد يُنهي عنها إذا أدي ذلك إلي وجود مفسدة.

ثانيًا: لماذا يجب علينا أن نعمل عملًا إصلاحيًّا مؤسسيًّا جماعيًّا؟

هذا ما نتناوله في المقال القادم -بإذن الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20-09-2024, 11:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (5)



كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
ثانيًا: لماذا يجب علينا أن نعمل عملًا إصلاحيًّا مؤسسيًّا جماعيًّا؟
فلا شك أنه طبقًا لما ذكر -في المقالات السابقة- من آفات ومخاطر للعمل الإصلاحي الفردي، وكذلك العمل عبر المجموعات الوسيطة، فإن العمل الإصلاحي المؤسسي التعاوني عبر كيان يأخذ أهمية قصوى في خضم تلك الظروف والأحوال الإسلامية العالمية، وذلك لأسباب عقلية ظاهرة وشرعية موجبة:
أولًا: من الأسباب الشرعية:
1- العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو استجابة لأمر الله -سبحانه وتعالى-؛ فقد وجَّه الله -تعالى- عباده المؤمنين في كتابه لذلك في غير موضع، ومن ذلك قوله -تعالى-: (‌وَتَعَاوَنُوا ‌عَلَى ‌الْبِرِّ ‌وَالتَّقْوَى) (المائدة: 2).
قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية: "أي: ليعن بعضكم بعضًا على البر، وهو: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين" (تفسير السعدي).
والعمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي هو في حقيقته نوع من أنواع التعاون على البر والتقوى.
وقوله -تعالى- أيضًا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ‌وَافْعَلُوا ‌الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج: 77)، والخطاب هنا للأمة وعموم المسلمين -وهو واجب شرعي- ليس مُعلقًا على الإمام كشخص، وإنما كنائب عن الأمة؛ لأن الإمامة شُرعت لإقامة الدين وسياسة الدنيا به، فإذا كثرت فروض الكفايات أو غابت، فالناس يجب عليهم أن يقوموا بها، والواجبات لا تُقام إلا بالتعاون ولا يتم التعاون والاجتماع إلا بقيادة وترتيب وجماعية، وهذا ما نسميه: العمل الإصلاحي التعاوني المؤسسي.
ونحن بلا شك لا ننكر إمكانية القيام ببعض هذه الصور بدون مؤسسية أو ترتيب جماعي: كتغسيل ميت وتكفينه، ولكن هل يتصور إقامة الفروض والواجبات الكفائية الكبرى -كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الناس، ومدافعة أهل البدع والضلال، إلخ- بدون ذلك؟!
وقد حث الله -عز وجل- المسلمين بالعمل ضمن طائفة متعاونة تعمل على نشر الخير وتحقيق المعروف، وتنهى عن المنكر كما في قوله -تعالى-: (وَلْتَكُنْ ‌مِنْكُمْ ‌أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران: 104).
قال الآلوسي في تفسيره: "والأمة: الجماعة والطائفة".
وقال الطبري في تفسيره: "يعني بذلك جل ثناؤه: (وَلْتَكُنْ ‌مِنْكُمْ) أيها المؤمنون (‌أُمَّةٌ) يقول: جماعة".
وقال السعدي في تفسير هذه الآية: "وهذا إرشاد من الله للمؤمنين أن يكون منهم جماعة متصدية للدعوة إلى سبيله وإرشاد الخلق إلى دينه... كما تدل عليه الآية الكريمة في قوله: (وَلْتَكُنْ ‌مِنْكُمْ ‌أُمَّةٌ) أي: لتكن منكم جماعة يحصل المقصود بهم في تحقيق فروض الكفايات، ومن المعلوم المتقرر أن الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به، فكل ما يتوقف تحقيق فروض الكفايات عليه فهو مأمور به" (انتهى).
ولا شك أن هذه الأمور لا توجد في الأمة بين يوم وليلة، بل هي من أشق الأمور التي لا بد من السير على مبادئها للوصول إلى غاياتها.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20-09-2024, 11:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (6)



كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن الأسباب الشرعية الداعية لإقامة العمل الجماعي:
2- العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو استجابة لأمر النبي --صلى الله عليه وسلم--؛ فقد وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك كما في حديث: (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ ‌فَلْيُؤَمِّرُوا ‌أَحَدَهُمْ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الحديث، وكذلك الإمام الشوكاني على أن إمارة العشرات أو المئات أو الآلاف من الدعاة المجتمعين على عمل دعوي أولى وأعظم شأنًا من إمارة ثلاثة في سفر؛ فهذا الحديث في أقل جمع لمصالحهم الخاصة، فمصالح الأمة المتعددة الأفراد أولى وأولى.
كما أن الأمر هنا أوسع أيضـًا من مجرد التأمير، بل هو توجيه للترتيب والتنظيم والتطاوع اللازم لتحقيق المصالح، ويشهد لذلك خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- لما أرسلهما لليمن لدعوة الناس -وهما أقل من ثلاثة- حيث قال لهما: (‌تَطَاوَعَا ‌وَلَا ‌تَخْتَلِفَا) (متفق عليه).
3- العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو اقتداء بفعل الأنبياء؛ فقد طلب موسى -عليه السلام- وهو من أولى العزم من الرسل من ربه أن يدعمه بأخيه هارون كما جاء ذلك في كتاب الله: (‌وَاجْعَلْ ‌لِي ‌وَزِيرًا ‌مِنْ ‌أَهْلِي . هَارُونَ أَخِي . اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي . وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي . كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا . وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) (طه: 29-34).
4- أن العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو سلوك الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فقد كان هذا مرتكزًا في حسهم وديدنهم لحفظ مصالح الأمة، كما حدث ذلك منهم في غزوة مؤتة، وهي من أوضح الأدلة على مشروعية هذا الأمر، فالصورة في هذه الغزوة: جماعة من المسلمين يقومون بفرض من فروض الكفايات، وهو قتال العدو، والاتصال بينهم وبين الإمام العام منقطع، وقد قُتِل القادة الثلاثة؛ فهذه الحالة كحالة غياب الإمام، فماذا فعلوا؟
اصطلحوا على أن يؤمروا عليهم أحدهم، ويتعاملوا مع هذا الموقف بصورة مؤسسية، فأمروا خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، وقام خالد بتنظيمهم ليتمكن من مدافعة الروم والانسحاب بما تبقى من المسلمين حفاظًا عليهم، ولم يقوموا بالقتال أو الانسحاب فرادى بعد موت القادة الثلاثة، وقد أقرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، بل وسمَّى ذلك فتحًا.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20-09-2024, 11:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,401
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نصائح وضوابط إصلاحية

نصائح وضوابط إصلاحية (7)




كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن الأسباب الشرعية الداعية لإقامة العمل الجماعي:
5- العمل المؤسسي الإصلاحي التعاوني هو سلوك أهل الصلاح والإصلاح عبر القرون والأزمنة، مهما تميزت القدرات أو تفاوتت الإمكانات، كـما جاء ذلك في بيان قصة ذي القرنين عند بنائه للسد حين أراد أن يمنع فساد يأجوج ومأجوج عن الناس إصلاحًا منه في الأرض، وقصدًا منه للخير، ولقد سجل القرآن له هذه الكلمات التي قالها؛ لما في هذا الموقف من تأصيل للعمل الإصلاحي الجماعي اللازم لتحقيق الإصلاح المنشود ودفع الظلم والفساد الموجود، حيث قال الله -تعالى-: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ ‌بَيْنَ ‌السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا . قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا . قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا . آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا . فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) (الكهف: 93-97).
فقد جاءت تلك الكلمات: (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) على لسان ذي القرنين؛ وهو مَن هو في قدرته وقوته وتمكنه من النفوذ في أقطار الأرض وقيادة الناس، كما قال الله -تعالى- واصفًا إياه: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) (الكهف: 84)، أي: أنه قد حاز كلَّ أسباب القدرة والقوة الفردية لبسط نفوذه وسلطانه وامتداد تأثيره فيمن حوله، كما بيَّن ذلك السعدي في تفسيره: "مكَّنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له، وأعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه، ما به يستعين على قهر البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران"، لكنه مع كل هذا قد أصَّل لقاعدة تأسيسية في أهمية العمل الإصلاحي الجماعي بطلبه التعاون مع قوم أقل منه بكثير في القدرات والمهارات والإمكانيات كما وصفهم الله -تعالى- بقوله: (قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا) أي: استعجمت ألسنتهم وأذهانهم وقلوبهم.
فجاءت هذه الكلمة لتتحدى وتواجه بعض مَن يتبنون المنهج الفردي في الإصلاح، بل ويدعون غيرهم إليه! متعللين في ذلك بالمحافظة على التميز للشخص في مجال من المجالات التي يعمل بها، لا سيما مع وجود تفاوتٍ في القدرات بينه وبين غيره من الأفراد، وظنه أن المحافظة على التميز لا بد فيها من الانفرادية وعدم الارتباط بكيان جماعي يقيد حركته، أو مع شعوره -كما يظن هو- أنه لا يوجد في أفراد هذا الكيان من يتميز عنه في هذا المجال أو يستطيع أن يحل محله، أو اعتقادًا منه أن انفراديته تتيح له مساحات عمل أكبر تحقق نتائج أعلى من كونه مرتبطًا بكيان إصلاحي جماعي، مما يُكوِّن عنده قناعة غير صحيحة ومبررًا واهيًا للانسلاخ من العمل الإصلاحي الجماعي.
والحقيقة: أننا لو تأملنا الآية -كما بيناها عاليه-؛ لوجدنا أنها تدحض هذه الشبهة من أصلها؛ فها هو ذو القرنين -والذي أوتي من كل شيء سببًا ومُكِّن له في الأرض- يضع قدراته ومهاراته وما أوتي من أسباب جنبًا إلى جنب مع قدرات من هم أقل منه شأنًا وفهمًا وقدرة ليحدثوا ذلك التكامل المنشود في بناء السد، بغرض إحداث الإصلاح المنشود، ومنع الفساد المحظور من يأجوج ومأجوج.
فهم: يجمعون قِطَعَ الحديد، وهو: يساويها.
هم: يوقدون النار وينفخون عليها، وهو: يفرغ النحاس على الحديد ليصنع السبيكة.
وهكذا في مشهد تعاوني إصلاحي جماعي رائع مستغلًا لهذه القدرات المتفاوتة، محقِّقًا للهدف المنشود بنتيجة أعلى مما كان يتصور صاحبها حين سعى لبناء هذا السد؛ حيث منع هذا البناء -بفضل الله- ثم ببركة هذا العمل الجماعي الإصلاحي الرائع فساد قوم يأجوج ومأجوج عن البشرية جمعاء، وسيظل كذلك حتى يأذن الله -تعالى- في خروجهم مرة أخرى كعلامة من علامات الساعة.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 105.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 100.92 كيلو بايت... تم توفير 4.50 كيلو بايت...بمعدل (4.26%)]