مع الصائمين***يوميا فى رمضان - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826499 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374394 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 287 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 364 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 486 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 383 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 379 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 385 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 26-05-2019, 06:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان






أحكام وآداب الصّيام
من آداب الصّوم وسُننه
عبد الحليم توميات
(21)






الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فمن تمام الإحسان المأمور به في العبادة، أن يحرص المسلم على آدابها، وسننها، ومستحبّاتها، ومن آداب الصّوم ما يلي:

1- الاحتساب
لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَلَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )).

ومن علامات الاحتساب أن لا يستثقِل الصّيام، ولا يستطيل شهر رمضان، وأن يستحضر الأجر في طاعة الرّحمن.

2- إطعام الطّعام:

فقد روى التّرمذي عن زَيْدِ بنِ خالدٍ الجُهنِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُأَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا )).
3- تعجيل الإفطار:



روى البخاري و مسلم عن سَهْلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ )).
ذلك؛ لأنّ انتشار هذه السنّة دليل على أمرين مهمّين:
الأوّل: انتشار غيرها من السّنن, و الخير كلّ الخير في اتّباع السنّة. وفي ربط الخيريّة باتّباع السّنن ردٌّ بليغ على من عدَّ مثل هذه السّنن العمليّة قشورا !
الثّاني: عدم تقليد المسلمين لليهود والنّصارى في تأخيرهم للإفطار، وهم لا يُفطرون إلاّ
إذا ظهرت النّجوم.
4- الإفطار على التّمر، فإن لم يجد فعلى الماء:
فقد روى التّرمذي عن سلْمانَ بنِ عامرٍ عن النّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا أَفْطَرَ
أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ؛ فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ؛ فَإِنْ لَمْيَجِدْتَمْرًا فَالْمَاءُ؛ فَإِنَّهُ طَهُورٌ )).
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( فإنّه بركة ) لما فيه من المنافع، فقد جاء في الطبّ الوقائيّ (ص 253):
" وإنّ من حكمة الإفطار على التّمر أنّه يحتوي على المواد السكرية التي سرعان ما تُمتص فتصل إلى الدم بسرعة، ويرتفع مستوى السكر في الدم، ويشعر به الصائم نشاطاً يدب في جسمه، وقوةً في التركيز والرؤية، ويقلل نوعاً ما من شعور الصائم بالحاجة إلى الطعام فتقل شهيته فيأكل ما يكفيه دون إفراط "اهـ.
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( فَإِنَّهُ طَهُورٌ ) فاختار الماء تفاؤلا بتطهير الباطن والظّاهر. قال ابن القيّم رحمه الله في " زاد المعاد " (2/47):



" وأمّا الماءُ: فإنّ الكبدَ يحصُل لها بالصّوم نوعُ يُبْسٍ، فإذا رطبت بالماء كمُل انتفاعُها بالغذاء بعده؛ ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أنيبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، ثمّ يأكل بعده. هذا مع ما في التّمر والماء من الخاصّية الّتي لها تأثير في صلاح القلب، لا يعلمُها
إلاّأطبّاء القلوب "اهـ.
وروى أبو داود والتّرمذي عن أنسِ بْنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: ( كَانَ رسولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّميُفْطِرُعَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ
حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ ).
5- السّحور:
السَّحور
- بفتح السّين- هو: الطّعام الّذي يؤكل وقتَ السّحر, والسُّحور - بضمّ السّين - هو عملية التسحّر.
وفي التّرغيب في السّحور أحاديث كثيرة، وهي أقسام:
- القسم الأوّل منها: فيه بيان بركته.

أ) ما رواه الشّيخان عن أنسِ بْنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسُول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً )).
ب) وروى الطّبراني في " الكبير " عنْ سلمانَ الفارسيّ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله
صلّى الله عليه وسلّم: (( البَرَكَةُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِيالجَمَاعَةِ, وَالثَّرِيدِ, وَالسَّحُورِ )) ["صحيح التّرغيب والتّرهيب "(1057)].


ج) وروى أبو داود و النّسائي عن العِرْباضِ بنِ ساريةَ رضي الله عنه قال: دعانِي رسولُ الله
صلّى الله عليه وسلّم إلى السَّحـور في رمضـان، فقالَ: (( هَلُمَّ إِلَى الغِذَاءِ الْمُبَارَكِ )).
د) وروى النّسائي عن رجلٍ من أصحابِ النبِيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: دخلتُ على النبِيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يتسحّر فقال: (( إِنَّهَا بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمْ اللهُ إِيَّاهَا, فَلاَ تَدَعُوهُ )).

ووصفه بالبركة؛ لأنّه يشتمل على الثّواب العظيم, والخير العميم، وتتبيّن بركته من ستّة أوجه:
السّحور سبب للاستيقاظ وقتَ السّحَر, ووقتُ السّحر وقتُ إجابةِ الدّعاء.

والاستيقاظ للسّحور سبب في المحافظة على صلاة الفجر.
وبه يتمّ التّقَوِّي على الطاعة.
وإنّ السّحور يُبْعِد الجوعَ الّذي ينتج عنه سوء الأخلاق بالنّهار.

وإنّ فيه مخالفةً لليهود والنّصارى.
وإنّه سبب صلاة الله وملائكته على المتسحّرين، وبيان هذين الوجهين الأخيرين فيما يلي.
- القسم الثّاني: فيه أنّه من أسباب صلاة الله وملائكته على العبد:

أ) فقد روى أحمد عن أبِي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: (( السَّحُورُ كُلُّهُ بَرَكَةٌ؛ فَلاَ تَدَعُوهُ وَلَوْأَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنَّ اللهَعزّ وجلّوَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ )).
ب) وروى الطّبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى المُتَسَحِّرِينَ )).


وصلاة الله تعالى على عباده: ثناؤُه عليهم في الملأ الأعلى, وصلاة الملائكة: الاستغفار.

- القسم الثّالث: فيه أنّ السّحور مخالفة لأهل الكتاب:
فقد روى مسلم عن عمْرِو بنِ العاصِ رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (( فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِأَكْلَةُ السَّحَرِ )).

حكم السّحور:
ففي الأحاديث السّابق ذكرُها بيانٌ لشان السّحور؛ ففي بعضها الأمر به (( تَسَحَّرُوا, فَإِنّ فِي السَّحُورِ بركةً )). وروى ابن حبّان عن ابن عمر رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صلّى الله
عليه وسلّم قال: (( تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ ))، والأمر للوجوب.
وفي بعضها النّهي عن تركه: (( لاَ تَدَعُوهُ )) ! ولشدّة نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن ترك السحور, نهى عن الوصال، والنّهي للتّحريم.

وفي بعضها أنّه مخالفة لأهل الكتاب ! ومخالفتهم واجبة، والتشبّه بهم محرّم.
فظاهر هذه الأدلّة وجوبُ السّحور, إلاّ أنّ أهل العلم أجمعوا على استحبابه استحبابا مؤكّدا, نقل ذلك ابن المنذر, و ابن حجر, والصّنعاني, والشوكاني، وغيرهم من العلماء.
والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 27-05-2019, 07:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان




أحكام وآداب الصّيام
حكم الوِصـال
عبد الحليم توميات
(22)





الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ الوِصال هو: مواصلة الصّوم بعد أن يحلّ وقت الإفطار، وهو نوعان:
1- النّوع الأوّل: وِصال إلى السّحر:

فيبقى صائما إلى غاية السّحر، ثمّ يتناول السّحور.

وهذا النّوع جائز؛ لما رواه البخاري عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه أنّهُ سمعَ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( لَا تُوَاصِلُوا ! فَأَيُّكُمْ إِذَاأَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ
)). قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللهِ ! قالَ: (( إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ )).
ولكن نصّ أهل العلم أنّه خلاف الأولى، وهو تعجيلُ الفطر.

2- النّوع الثّاني: وِصال إلى اللّيلة التّالية:
أي: يبقَى صائما إلى أن تغرُب شمس الغد، أو يصوم أيّاما متتالية فلا يفطر بينها.
فهذا النّوع قد اتّفق العلماء على أنّه مباح للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ اختلفوا في
إباحته لغيره على قولين:


أ) فالجمهور على أنّه حرام، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والشّافعيّ رحمهم الله، وأنّه خاصّ بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ويدلّ على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال:
( نَهَى رسولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّمعَنْ الْوِصَالِ )، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ !؟ قَالَ: (( وَأَيُّكُمْ مِثْلِي ؟ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي )).

فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ، فَقَالَ: (( لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ )) كَالمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْيَنْتَهُوا.
وروى البخاري ومسلم أيضا عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: ( نَهَى رَسُولُ اللهِ
صلّى الله عليه وسلّمعَنْ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ )، فقالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ ؟ قال: (( إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ؛ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ )).
قالوا: هذا نهي، والأصل في النّهي هو التّحريم.

ب) وبعضهم قال بالكراهة فقط، وهو قول عبد الرّحمن بن أبي ليلى، والإمام أحمد، وأبي الجوزاء، وابن المنيّر، وآخرين.
واستدلّوا على ذلك:

-أوّلا: بقول عائشةَ رضي الله عنها في الحديث الصّابق: ( نَهَى رَسُولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّمعَنْ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ ), فأراد بالنّهي الرّحمة لهم، والتّخفيف عنهم.
-ثانيا: أنّه صلّى الله عليه وسلّمواصل بأصحابه بعد النّهي, فهو نهي إرشاد، ولو كان النّهي
للتّحريم لما أقرّهم على فعلهم.
-ثالثا: ما رواه أبو داود عن عبدِ الرّحمنِ بنِ أبي ليلَى قال: حدّثنِي رجلٌ من أصحابِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهعليه وسلّم ( نَهَى عَنْ الْحِجَامَةِ، وَالْمُوَاصَلَةِ، وَلَمْ
يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ ).
- رابعا:قد ورد عن جماعة من الصّحابة أنّهم كانوا يواصلون، حتّى إنّ عبد الله بن الزّبير كان يواصل خمسة عشر يوماً. رواه عنه ابن أبي شيبة في " المصنّف "، ورواته كلّهم ثقات.

و قد أجاب الجمهور عن هذه الأدلّة، فقالوا:


- أوّلا: قول عائشة رضي الله عنها: ( رَحْمَةً لَهُمْ ) لا يمنع القول بالتّحريم؛ فإنّ من رحمته لهم أن حرّمه عليهم، وما من شيء حرّمه الله على عباده إلاّ وهو رحمة لهم.

- ثانيا: أمّا مواصلته صلّى الله عليه وسلّم بهم بعد نهيِه، فلم يكُن تقريرا بل تقريعا وتنكيلا, واحتمل ذلك منهم لأجل مصلحة النّهي في تأكيد زجرهم؛ لأنّهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمةُ النّهي، وكان ذلك أدعى إلى وعظهم.
ونظير ذلك: ما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعريّ قال: سُئلَ النّبيُّصلّى الله عليه وسلّمعَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: (( سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ !)). فقالَ رجلٌ: مَنْ أَبِي ؟ قال: (( أَبُوكَ حُذَافَةُ ))، فَقَامَ آخَرُ، فَقال: مَنْ أَبِي يا رسولَ اللهِ ؟!، فقالَ: (( أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ )).
فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ، قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عزّ وجلّ ".
فالتكلّف في السّؤال محرّم، ومع ذلك قال لهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( سَلُونِي )),
فكان عقوبة لهم و تنكيلا، كذلك الوصال.
- ثالثا: أمّا حديث عبد الرّحمن بن أبي ليلى، فيُحمل على الوِصال إلى السّحر، فذاك الّذي نهى عنه، ثمّ رخّص فيه.

- رابعا: أمّا فعل عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه، فليس حجّةً، وإنّما الحجّة قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويحتمل أنّه لم يبلُغه النّهي، أو بلغه وتأوّله.
الحاصل:

أنّ الوِصال إلى السّحر جائز، وإلى اللّيلة التّالية أو ما زاد على ذلك فهو من خصائص النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولا يُشرع لأمّته.


فوائد:

1- يستفاد من أحاديث هذه المسألة أنّ الأصل هو الاقتداء بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، مالم يرد دليل على الخصوصيّة.
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ )): هذا الطّعام والشّراب ليس
حسّياً، وإنّما مرادُه صلّى الله عليه وسلّم: أنّ الله تعالى يُقوّيه على ذلك؛ فالّذي يحصل له من المعرفة بربّه، والاشتغال بذكره، والمداومة على عبادته، يُغنِيه عن الطّعام وعن الشّراب.
3- شدّة رأفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالأمّة؛ حيث نهاهم عن الوصال لئلاّ يشقّ عليهم، مصداقا لقول الله جلّ وعلا:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التّوبة: 128].


4- قال الحافظ رحمه الله:" تمسّك ابن حبّان بظاهر الحال، فاستدلّ بهذا الحديث على تضعيف الأحاديث الواردة بأنّهصلّى الله عليهوسلّمكان يجوع ويشدّ الحجر على بطنه من الجوع ! قال: لأنّ الله تعالى كان يُطعِم رسولَه ويسقيه إذا واصل، فكيف يتركه جائعا حتّى يحتاجَ إلى شدّ الحجر على بطنه ؟
ثمّ قال: وماذا يُغْنِي الحجر من الجوع ؟ ثمّ ادّعى أنّ ذلك تصحيفٌ ممّن رواه، وإنما هي: ( الحجز ) - بالزّاي - جمع حجزة.

وقد أكثر النّاس من الردّ عليه في جميع ذلك, وأبلغ ما يردّ عليه به أنّه أخرج في صحيحه من حديث ابن عبّاس قال:" خرج النبيّ صلّىالله عليه وسلّم بالهاجرة، فرأى أبا بكر وعمر فقال: (( مَا أَخْرَجَكُمَا ؟)) قالا: ما أخرجنا إلاّ الجوع ! فقال: (( وَأَنَا-وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ-مَا أَخْرَجَنِي إِلاَّ الجُوعُ )) الحديث.
فهذا الحديث يردّ ما تمسّك به.

وأمّا قوله: وما يغني الحجر من الجوع ؟ فجوابه: أنّه يُقِيم الصُّلْبَ؛ لأنّ البطن إذا خلا ربّما ضعُف صاحبه عن القيام لانثناء بطنه عليه, فإذا ربط عليه الحجر اشتدّ وقَوِيَ صاحبُه على القيام, حتّى قال بعض من وقع له ذلك: كنت أظنّ الرّجلين يحمِلان البطنَ, فإذا البطنُيحمل الرّجلين "اهـ.
والله أعلم.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 28-05-2019, 07:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان




أحكام وآداب الصّيام
الاعتكاف: مشروعيّته وأنواعه
عبد الحليم توميات
(23)



الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ من المسائل الّتي لا بدّ من تسليط الضّوء عليها، ولها علاقة وطيدة بشهر الصّيام، لا سيّما العشر الأواخر منه: الاعتكاف.

وإنّنا سوف نتناول هذه المسألة إن شاء الله تعالى في ثمانية مباحث:
التّعريف به - مشروعيّته - والحكمة منه - بيان أنواعه - شروطه - مدّته - مبطلاته - ما يُباح للمعتكف فعلُه

المبحث الأوّل:التّعريف بالاعتكاف.
لغة: الاعتكاف هو لزوم الشّيء وحبسُ النّفس عليه، خيرا كان أو شرّا، ومنه قوله تعالى:{وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّه}، قال قتادة رحمه الله: أي محبوساً.

وقال عزّ وجلّ:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد}، أي مقيمون، ومنه قوله تعالى:{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}،أي: ملازمون لها مقيمون عليها، وقال سبحانه:{وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً}، أي: مقيماً عليه ملازما له.


والتاء في الاعتكاف تفيد ضرباً من المعالجة والمزاولة، لأن فيه كلفةً، كما يقال: عمل واعتمل، وقطع واقتطع.
شرعا: هو لزوم المسجد والإقامة فيه بنيّة التقرّب إلى الله عزّ وجلّ.
والفرق بينه وبين الرّباط أنّ الرّباط بنيّة انتظار الصّلاة، أمّا الاعتكاف فهو أعمّ من ذلك.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:" ولمّا كان المرء لا يلزم ويواظب إلاّ من يحبّه ويعظّمه، كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشّهوات على شهواتهم،
شرع الله لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربّهم سبحانه وتعالى. وأخصّ البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوته المبنية لذلك، فلذلك كان الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله ".
ويُسمّى الاعتكاف جِوَاراً؛ لما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كَانَ رَسُولُ
اللهِ صلّى الله عليه وسلّميُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُوَهُوَمُجَاوِرٌ فِي المَسْجِدِ،فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ".
وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: ((إِنِّي كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ العَشْرَ،ثُمَّ بَدَالِي أَنْ أُجَاوِرَ العَشْرَ الأَوَاخِرَ)).
وروى عبد الرزاق في "المصنّف" والبيهقي في "الكبرى" عن ابن عبّاس وابن عمر رضي الله عنهما قالا:"لاَ جِوَارَ إِلاَّ بِصَوْمٍ".
وكره العلماء تسميته خلوة، قال ابن هبيرة - كما في " مطالب أولي النّهى " (2/228)-:"
وهذا الاعتكاف المشروع لا يحلّ أن يسمّى خلوة ". قال: وكأنّه نظر إلى قول بعضهم:
إذا خلوت الدّهر يوماً فلا تقل***خلوت ولكن قلي علي رقيب
قال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" ( 3/147):" ولعلّ الكراهة أولى ".


المبحث الثّاني:مشروعيّته:
أجمع العلماء على مشروعيّة الاعتكاف؛ لقوله تعالى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد}، ولفعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

والاعتكاف من الشرائع القديمة، كما قال تعالى:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ}، وقال تعالى عنمريم:{فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً}.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:" ولأنّ مريم عليها السلام قد أخبر الله سبحانه أنّها جعلت
محرّرة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنّها انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً، فاتخذت من دونهم حجاباً،وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه"اهـ.
وروى البخاري عن ابن عمرَ رضي الله عنه: أنّ عُمَرَ رضي الله عنهنَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ
فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَيْلَةً، قَالَ لَهُ رَسُولُاللهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((أَوْفِ بِنَذْرِكَ)).
المبحث الثّالث:الحكمة من تشريع الاعتكاف.
فإنّ الاعتكاف - وإن كان قربةً - لم يرد في فضله حديث صحيح، قال أبو داود رحمه الله:
قلت لأحمد رحمه الله: تعرف في فضلالاعتكاف شيئا ؟ قال: لا، إلاّ شيئا ضعيفا.
ومن الأحاديث الّتي لا تصحّ في الباب:" من اعتكف ليلة كان له كأجر عمرة، ومن اعتكف ليلتين كان له كأجر عمرتين ".

ويظهر لنا فضل الاعتكاف من خلال معرفة حِكْمة مشروعيّته، فقد قال ابن القيّم رحمه الله في " زاد المعاد "(2/82):


" لمّا كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقّفا على جمعيّته
على الله، ولَمِّ شعثه بإقباله بالكلّية على الله تعالى، فإنّ شعث القلب لا يلمّه إلاّ الإقبال على الله تعالى.
ولمّا كان فضول الطعام والشّراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام،
مماّ يزيده شعثا، ويشتّته في كلّ واد، ويقطعه عن سَيْرِه إلى الله تعالى، أو يُضْعِفُه أو يَعُوقُه ويُوقِفُه، اقتضت رحمة العزيز الرّحيم بعبادهأن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشّراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشّهوات المعوّقة له عن سيره إلى اللهتعالى، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياهوأخراه، ولا يضرّه ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة.
وشرع لهمالاعتكافالّذي مقصوده وروحه عكوف القلب على اللهتعالى،وجمعيّته عليه
والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلقوالاشتغال به وحدهسبحانه،بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال بدلها، ويصير الهمّ كلّه به، والخطرات كلّها بذكره، والتفكّر في تحصيلمراضيه وما يُقرِّب منه،فيصير أُنْسُه بالله بدلا عن أنسه بالخلق، فيُعِدّه بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا مايفرح به سواه،فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم"اهـ.
المبحث الرّابع:في ذكر أنواعه:

الاعتكاف نوعان: مستحبّ، وواجب.
أ)فالاعتكاف المستحبّ: ما تطوّع به المسلم تقرّبا إلى الله، وطلبا لثوابه، واقتداء بالرّسول صلوات الله وسلامه عليه، وذلك في جميع أيّام السّنة.



روى البخاري ومسلم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ((اِعْتَكَفَ آخِرَ العَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ)).
- ويتأكّد استحبابُه في شهر رمضان؛ لما رواه البخاري عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال:"كَانَ النَّبِيُّصلّى الله عليه وسلّميَعْتَكِفُ فِي كُلِّرَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ،فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي
قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا".
- وأحسنه وأفضله في العشر الأواخر من رمضان، لما رواه البخاري ومسلم عن عبدِ اللهِ بنِ عمَرَ رضي الله عنه قال:كَانَ رَسُولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّميَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ
رَمَضَانَ. قَالَ نَافِعٌ: وقدْ أَرَانِي عبدُ اللهِ رضي الله عنه المكانَ الّذي كان يعتكفُ فيه رسولُالله صلّى الله عليه وسلّم من المسجدِ.
وروى البخاري ومسلم أيضا عن عائشةَ رضي الله عنهاأنّ النّبيَّصلّى الله عليه وسلّمكانَ
يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّىتَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وروى البخاري ومسلم أيضا عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال:اعْتَكَفَ رسولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّمعَشْرَ الْأُوَلِ مِنْرَمَضَانَ، وَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ،فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ:إِنَّ الَّذِي
تَطْلُبُ أَمَامَكَ،فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ،فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ:إِنَّ الَّذِيتَطْلُبُ أَمَامَكَ.
ب) والاعتكاف الواجب:ما أوجبه المرء على نفسه:

إمّا بالنّذر المطلق، مثل أن يقول: لله عَلَيّ أن أعتكف كذا يوما.
أو بالنّذر المعلّق كقوله: إن شفا الله مريضي لاعتكفنّ كذا يوما.

وفي صحيح البخاري أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ((مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ))، ومنه حديث عمر رضي الله عنه السّابقونذره في الجاهليّة.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 29-05-2019, 08:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان



أحكام وآداب الصّيام

شروط الاعتكاف
عبد الحليم توميات
(24)



الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فقد تطرّقنا إلى بيان معنى الاعتكاف، ودليل مشروعيّته، والحكمة من تشريعه، وبيانِ أنواعه. وبقي علينا أن نتحدّث عن:

المبحث الخامس: شروطالاعتكاف.
للاعتكاف شرطان مهمّان، أحدهما يتعلّق بالمكان، والثّاني بالزّمان.



- الشّرط الأوّل: أن يكون في المسجد، لقوله تعالى:{وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ
فِي المَسَاجِدِ}.
قال الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه":" باب الاعتكافِ في العشْرِ الأواخر، والاعتكافُ في المساجدِ كلِّها؛ لقوله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ
اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" ووجه الدّلالة من الآية: أنّه لو صحّ في غير المسجد لم يخصّ تحريمَ المباشرة به، لأنّ الجماع منافللاعتكاف بالإجماع، فعلم من ذكر المساجد أن
المراد أنّ الاعتكاف لا يكون إلاّ فيها ".
وهل يُشترط مسجدٌ بعينه، أو أنّه يُشرَع في المساجد كلّها ؟
أ) فالجمهور على أنّه في كلّ مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، لإطلاق الآية.

ب) ومنهم من اشترط كونَه جامعا، أي: تُقام فيه الجمعة أيضا؛ لما رواه أبو داود بسند جيّد عن عائشة قالت:" لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ ".
ولعلّ ذلك لكي لا يُضطرّ للخروج منه لصلاة الجمعة، فإنّ الخروج لها واجب عليه.

ج) ومنهم من اشترط أن يكون أحدَ المساجد الثّلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النّبويّ، والمسجد الأقصَى.
وهو قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وسعيد بن المسيّب.
ومنهم من استدلّ بحديث: (( لاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ فِي المَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ ))، ورجّح المحدّثون وقفه، ولو صحّ لحُمِل على نفي كمال الأجر.
وقد روى ابن أبي شيبة وابن حزم بسند صحيح عن سعيد بن المسيّب قال:" لا اعتكافَ
إلاّ في مسجد نبيّ ".
د) ومنهم من قال: لا اعتكاف إلاّ في الحرمين.


هـ) ومنهم من خصّه بالحرم المدنيّ؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يعتكِف إلاّ به.

و) ومنهم من قال: يُشرَع في كلّ ما يُطلق عليه لفظ مسجد حتّى مسجد الدّار، ولكنّه خلاف الصّواب؛ لما رواه البيهقي عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال:" إنّ أبغض الأمور إلى الله البدع، وإنّ من البدع الاعتكاف في المساجد الّتي في الدّور ".
التّرجيح:
والصّواب - إن شاء الله - هو مشروعيّته في كلّ مسجد تُقام فيه الجماعة؛ لعموم الآية.
أمّا من اشترط المسجد الجامِعَ كيلا يُنقَضَ اعتكافُه إذا خرج إلى الجمعة، فيَرِد عليهم
الاعتكاف سائر الأيّام، ولو خصّوا ذلك بيومِ الجمعة لكان له وجه،أمّا أنّه يُشترط ثابت في جميع الأيّام.
هذا فيما يتعلّق بالمكان، أمّا ما يتعلّق بالزّمان، فهو:

الشّرط الثّاني: مراعاة مدّة الاعتكاف.
وقد اختلف العلماء أيضا في أقلِّ زمنٍ للاعتكاف على أقوال:
- القول الأوّل: أنّ أقلّ مدّته يوم. وهو رواية عن أبي حنيفة، وبه قال بعض المالكية.
- القول الثاني: أن أقلّ مدّته يوم وليلة. وهو مذهب جمهور المالكيّة .
- القول الثالث: أن أقل مدته عشرة أيام. وهو رواية عن الإمام مالك .
وهذه الأقوال يرِد عليها اعتكافُ عمر رضي الله عنه ليلةً، وعدّ النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم اعتكافَه صحيحاً.
- القول الرّابع: أنّ أقلّ مدّته لحظة. وهو قول كثير من العلماء.
واستدلّوا بإطلاق الآية، قال ابن حزم (5/179):" فالقرآن نزل بلسان عربيّ مبين،
وبالعربية الّتي خاطبنا رسول الله صلّى الله عليهوسلّم، والاعتكاف في لغة العرب الإقامة ... فكلّ إقامة في مسجد لله تعالى بنيّة التقرّب إليه اعتكافٌ ... ممّا قلّ من الأزمان أو كثر؛ إذ لم يخصّ القرآن والسنّة عدداً من عدد، ووقتاً من وقت " اهـ.
واستدلّوا أيضا بما رواه عبد الرزّاق وابن أبي شيبة عن يعلى بن أميّة رضي الله عنه قال:" إنّي لأمكث في المسجد السّاعة، وما أمكث إلا لأعتكف ".
التّرجيح:

لعلّ القول الصّحيح - والله أعلم -أنّ أقلّ مدّة الاعتكاف يومٌ أو ليلةٌ، وذلك لأمرين اثنين:
الأوّل: أنّه لو شُرِع الاعتكاف أقلّ من يوم، لثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأمر به الصّحابة، واشتهر عنهم؛ لِتَكرُّرِ مجيئهم إلى المسجد.
فالصّحابة رضي الله عنهم كانوا
يجلسون في المسجد لانتظار الصّلاة، وسماع الخطبة أو العلم، وغير ذلك، ولم يَرِدْ عنهم قصدُالاعتكاف.


الثّاني: أنّه سيأتي أنّ الاعتكاف ينتقض بالخروج من غير حاجة، فلو كان أقلَّ من يوم لما
كان هناك حرج على المعتكف في أن يخرج من المسجد متى شاء، ثمّ يعود وينوِي الاعتكاف !
تنبيه:

إذا أراد أن يعتكف ليلة فإنّه يبدأ مع الغروب، وإذا أراد أن يعتكف يوما فيدخل المسجد مع صلاة الفجر.
أمّا إذا أراد اعتكافَ أكثر من ذلك فإنّه يدخل مع الفجر لحديث عائشة السّابق ذكره قالت -
كما في صحيح مسلم -: ( كَانَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أَرَادَأَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ ).
( فصل ) هل يُشترط الصّوم في الاعتكاف ؟

والحكمة من الصّوم أنّه يُذهِب فضولَ الطّعام، وذِكْر الله يُذهب عنه فضول الكلام، والقيام يذهب عنه فضول المنام.
وقد اختلف العلماء في اشتراط الصّوم للاعتكاف على قولين:

- القول الأوّل: أنّه شرط: وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد - في رواية -، وهو قول عائشة وابن عبّاس وابن عمر. وحجّتهم:


أ) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خصّ الاعتكاف برمضان، ولم يثبت عنه غير ذلك.

ب) اقتران الاعتكاف بالصّوم في الآية.
ج) قول عائشة في سنن أبي داود:" السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً، وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا
بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ ".
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد ":
" ولم يُنقل عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه اعتكف مفطرا، بل قد قالت عائشة:" لا
اعتكاف إلاّ بصوم "، ولم يذكر سبحانه الاعتكافَ إلاّ مع الصّوم، ولا فَعَلَه صلّى الله عليه وسلّم إلاّ مع الصّوم، فالقول الرّاجح في الدّليل الذي عليه جمهور السّلف أنّ الصّوم شرط في الاعتكاف، وهو الّذي كان يرجّحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية "اهـ.
- القول الثّاني: أنّه لا يُشترط:
وهو قول الشّافعيّ وأحمد - في رواية أخرى - وهو قول ابن مسعود وعليّ رضي الله عنهما.

ويدلّ على قولهم:
أ) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اعتكف في الأوَّل من شوّال، فقد روى مسلم عن عائشةَ رضي الله عنها قالت:" اعْتَكَفَصلّى الله عليه وسلّم فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ.

ووجه الدّلالة أنّ أوّل شوّال ليس محلاّ للصّوم؛ لأنّه يوم عيد.
ب) أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال لعمر رضي الله عنه: (( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ))، ولم ينذر عمر إلاّ أن يعتكف ليلةً، واللّيل ليس محلاّ للصّوم.

ج) أنّ الاعتكاف عبادة مستقلّة لا تفتقر إلى الصّيام كالرّباط.
والأظهر أنّ الصّوم مستحبّوليس واجبا.
والله أعلم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 30-05-2019, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان





أحكام وآداب الصّيام
أحكام الاعتكاف وآدابه
عبد الحليم توميات
(25)




الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ من المباحث الّتي بقِي علينا معرفتها فيما يتعلّق بالاعتكاف: مبطلاته، ثمّ ما يُباح للمُعتكِف فعلُه.

المبحث السّادس: مبطِلات الاعتكاف.
يبطل الاعتكاف بأحد أمرين:


1- الجماع.

فإذا انصرف المعتكِف إلى بيتِه لحاجةٍ، فإنّه لا يحلّ له أن يواقِع أهله، وهذا بإجماع العلماء؛ لقوله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِيالْمَسَاجِدِ}.
قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير
رمضان، فحرّم الله عليه أن ينكح النساء ليلاونهارا حتى يقضي اعتكافه ".
وقال الضحاك ومجاهد وقتادة وغيرهم: كان الرّجل إذا اعتكف فخرج من المسجد، جامع إن شاء، فقال الله تعالى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} أي: لا تقربوهنّ ما
دمتم عاكفين في المسجد.
- أمّا القبلة والمعانقة: فإن كانت بشهوة فلا يحلّ له ذلك، وهو آثِم باتّفاق العلماء.
ولكن هل يبْطُل اعتكافُه ؟ جمهور العلماء على أنّه لا يبطُل إلاّ إذا أنزل؛ لأنّ الآية على
تفسير جميع الصّحابة لم تشمل إلاّ الجماع.
روى الطّبريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال:" المباشرة: الجماع، ولكنّ الله كريمٌ يُكَنِّي ما شاء بما شاء ".
قال ابن كثير رحمه الله:" وليس له أن يُقَبِّل امرأتَه، ولا يضمّها إليه، ولا يشتغل بشيء سوى اعتكافِه ".
2- الخروج من المسجد بجميع البدن، بلا عذر:

فهذا يبطل اعتكافه باتّفاق الأئمّة كذالك؛ لمنافاته لركن الاعتكاف.
وقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: ( كَانَ- أي: النبيّ صلّى الله عليه وسلّم-لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَمُعْتَكِفًا )).



["فتح القدير" (2/396)، و"الدرّ المختار" (2/447)، و"الشّرح الكبير وحاشيته" (1/543)، و"الأمّ" (2/108)، و"المجموع" (2/500)، و"روضة الطّالبين" (2/404)، و"كشّاف القناع" (3/362)، و"المحلّى" (5/188)].
وهل يحلّ له الخروج للأكل والشّرب ؟
فإن كان هناك من يأتيه بالطّعام والشّراب فلا يحلّ له الخروج. وإلاّ جاز له.
المبحث السّابع: مايُباح للمعتكف.

1- الخروج لأمر لا بدّ له منه طبعاً أو شرعاً:
فما لا بدّ منه طبْعاً: الخروج لقضاء الحاجة، والأكل أو الشّرب إن تعذّر عليه دون الخروج، وما أشبه ذلك كالخروج للقيء، أو غسل نجاسة.

قال ابن المنذر رحمه الله:" وأجمعوا على أنّ للمعتكف أن يخرجَ عن مُعتَكَفِه للغائط والبول " [" الإجماع " لابن المنذر (ص 54)].
وقال ابن هبيرة رحمه الله:" وأجمعوا على أنّه يجوز للإنسان الخروج إلى ما لا بدّ منه
كحاجة الإنسان ..." [" الإفصاح " (1/259)].
لكن إن طال مكثه بعد حاجته فسد اعتكافه.
[" فتح القدير " (2/396)، و" المجموع " (6/502)، و" شرح العمدة " (2/835)].
قال ابن كثير رحمه الله:" ولو ذهب إلى منزله لحاجة لا بدّ له منها، فلا يحلّ له أن يتلبَّث فيه إلاّ بمقدار ما يفرُغ من حاجته تلك، من قضاء الغائط، أو أكل ... ولا يعود المريض، لكن يسأل عنه وهو مارّ في طريقه "اهـ.


وما لا بدّ منه شرعا: الاغتسال من الجنابة.
2- ويجوز له أن يُخرِج رأسَه من المسجد؛ ليُغسَّل ويُسرَّح.
قالت عائشة رضي الله عنها: وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّملَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ
وَهُوَ[مُعْتَكِفٌ]فِي المَسْجِدِ[وَأَنَا فِيحُجْرَتِي]، فَأُرَجِّلُهُ - وفي رواية: فَأَغْسِلُهُ، وَإِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَعَتَبَةَ البَابِ وَأَنَا حَائِضٌ -، وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ البَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ إِذَا كَانَمُعْتَكِفاً.
[رواه الشّيخان، وابن أبي شيبة، وأحمد، والزيادة لهما].

3- وله أن يتّخذ خيمة صغيرة في مؤخّرة المسجد يعتكف فيها؛ لأنّ عائشة رضي الله عنها كانت تضرب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم خباءً إذا اعتكف، وكان ذلك بأمره صلّى الله عليه وسلّم. [رواه الشيخان].
4- وله أن يضع فراشه أو سريره فيها:
لما رواه ابن ماجه عن ابنِ عُمَر رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: ( أَنَّهُ كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ، طُرِحَ لَهُ فِرَاشٌ، أَوْ يُوضَعُ لَهُ سَرِيرٌوَرَاءَ اسْطُوَانَةِ التَّوْبَةِ ).

5- ويجوز للمرأة أن تزور زوجَها وهو في معتكفه، وأن يشيّعها إلى باب المسجد:
لما رواه الشّيخان وغيرهما عن صفِيَّةَ رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّممُعْتَكِفاً [ فِي المَسْجِدِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ]، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً [وَعِنْدَهُ
أَزْوَاجُهُ، فَرُحْنَ ]، فَحَدَّثْتُهُ [سَاعَةً ]، ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ، [ فَقَالَ:


(( لاَ تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ ))]فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، [حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ] فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنْ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَسْرَعَا !

فَقاَلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ )) فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ! قَالَ: (( إِنَّ الشَّيْطَانَيَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أو قال-: شَيْئاً )).
[أخرجه الشيخان وأبو داود والزيادة الأخيرة له].
وأهمّ آداب الاعتكاف:
- أن يُشغِل نفسه بالمقصود منه، وهو: الاجتهاد في طاعة الله بالإكثار من الصّلاة، وتلاوة
القرآن، والذّكر، والاستغفار، والدّعاء، والصّلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتفسير القرآن، ودراسة الحديث.
- ويكره له أن يُشغِل نفسه بما لا يفيد من الأقوال والأفعال، أو أن يتّخذ مكان الاعتكَاف
للكلام عن الدّنيا، ويجعله مجلبةً للزّائرين، والأخذ بأطراف الحديث، فهذا الاعتكاف في وادٍ، واعتكاف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في وادٍ آخر.
والله أعلم، وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للّتي هي أقوم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 31-05-2019, 08:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان






أحكام وآداب الصّيام
ما جاء في ليلة القدر
عبد الحليم توميات
(26)






الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فسيكون حديثنا عن ليلة القدر إن شاء الله في مباحث خمسة:
معنى اسمها - فضلها - وقتها - علاماتها - كيف يتحرّاها المسلم ؟

1- المبحث الأوّل: معنى اسمها.

للعلماء في معنى تسميتها بليلة القدر ثلاثة أقوال:
أ) القدْر بمعنى التّعظيم, ومنه قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه}, فهي ليلة التعظيم
لنزول القرآن فيها, و لما يقع فيها من تنزّل الملائكة، والبركة الحاصلة فيها.
ب) القدْر بمعنى التّضييق, ومنه قوله تعالى:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}، وقوله جلّ ذكره عن يونس عليه السّلام:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}. ومعنى التضييق فيها:

أنّ الأرض تضييق بنزول الملائكة؛ فقد روى الإمام أحمد بسند حسن عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال في ليلةِ القدْرِ: (( إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى )).
أو لأنّ العلم بها وبوقتها ضاق.
ج) القدْر بمعنى القدَر والقضاء؛ لأنّ الله تبارك وتعالى يقدّر فيها مقادير العام بكامِلِه، فيفصل الله من اللّوح المحفوظ مقادير الخلق ويؤتيها ملائكتَه؛ قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (ا3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)} [الدخان].
2- المبحث الثّاني: فضلها.
فليلة القدر هي أفضل ليالي السّنة جميعها، ويظهر لنا فضلها من وجوه عدّة، نُجملها
فيما يلي:


-أنّ الله عزّ وجلّ هو من سمّاها بليلة القدر في سورة خصّها بها وبفضلها، فقال سبحانه:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُالْقَدْرِخَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [القدر].
- أنّها ليلة نزول القرآن الكريم: وإذا كان الله تعالى عظّم شهر رمضان لنزول القرآن فيه،
فكيف بليلته ؟
- أنّ الله سمّاها ( مباركة ): فقال عزّ من قائل:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}.
- كثرة الأجر فيها ومضاعفتُه للطّائعين، فالعبادة فيها تعدل عبادةَ ألفِ شهر ! أي: أفضل
من عبادة أربعٍ وثمانين سنة !
لذلك روى ابن ماجه بسند حسن عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ
حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ )).
- نزول الملائكة الكرام فيها، وفي مقدّمتهم أمين الوحي جبريل عليه السّلام، وحيثما حلّت الملائكة حلّ الخير كلّه.

- أنّ الله تعالى كتب لمن قامها زيادةً على الأجر، أنّه يغفر له ما تقدّم من ذنبه؛ لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )).
3- المبحث الثّالث: وقتها.
لقد ألّف الحافظ العراقيّ رحمه الله رسالة في ذلك أسماها " شرح الصّدر بذكر ليلة القدر "، استوعب فيها كلام أهل العلم في تعيينِها، وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح
الباري " ستّة وأربعين قولا في تعيِينها، ورجّح أنّها في الوِتر من العشر الأواخر من رمضان، حيث قال رحمه الله في (4/306):


" ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثمّ في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره، لا في ليلة
منه بعينها، وهذا هو الّذي يدلّ عليه مجموعُ الأخبارالواردة فيها ".
أمّا حصر النّاس لها في ليلة السّابع والعشرين، فهو من الأخطاء الشّائعة، لأمرين اثنين:
الأوّل: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أن بتحرّيها في العشر الأواخر من رمضان، فقد
روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي اللهعنها أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ )).
الثّاني: أنّ هناك عدّة أحاديث تدلّ على أنّها كانت في غير ليلة السّابع والعشرين، من
ذلك:
* ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنّه سئل عن ليلة القدر ؟ فقال: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَشْرَ الْأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ
جِبْرِيلُ عليه السّلام فَقَالَ: ( إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ )، فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السّلام فَقَالَ: ( إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ )، فَقَامَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ: (( مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِيِّصلّى الله عليه وسلّمفَلْيَرْجِعْ، فَإِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَإِنِّي نُسِّيتُهَا، وَإِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ، وَإِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ )). وَكَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا فَجَاءَتْ قَزْعَةٌ فَأُمْطِرْنَا.
قال أبو سعيدٍ رضي الله عنه: فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
* وفي مسند أحمد وأبي داود عن عبدِ اللهِ بنِ أنيس أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ لهم: (( تَحَرَّوْهَا لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ )).

* ومرّة قال لهم (( اِلْتَمِسُوهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ )) كما في الصّحيحين، ولو كانت مستقرّةً في ليلة السّابع والعشرين لما أمرهم بتحرّيها ليلتئذ.
* ومرّة - كما في "صحيح ابن خزيمة - قال صلّى الله عليه وسلّم لهم: (( اِلْتَمِسُوا لَيْلَةَ القَدْرِ
آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ))، أي: ليلة تسع وعشرين.
* ومرّةً أخبر بها صلّى الله عليه وسلّم أصحابَه، ولكن رُفِعَت فنسِيها !


روى البخاري عن عبادة بنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم خَرَجَ
يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: (( إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِوَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ )).
لذلك قال العلماء: إنّها تنتقل في الوتر من العشر الأواخر، ولا تلزم ليلةً واحدةً بعينها، فما على المسلم إلاّ أن يلتمِسَها في الوتر من العشر كلّها.
4- المبحث الرّابع: علاماتها.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (4/306):" قد ورد لليلة القدر علاماتٌ، أكثرُها لا تظهر إلاّ بعد أن تمضي ".
وأصحّ ما جاء في هذا الباب أنّ ليلتها تكون معتدلَةً، وربّما أمطرت، وتصبح الشّمس في
مطلعها خفيفة، ويدلّ على ذلك ما يلي:
- ما رواه مسلم عن أُبيِّ بن كَعبٍ رضي الله عنه قال:" هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَابَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا ".

أي: إنّ عادة شعاع الشّمس إذا نظرت إليها عند طلوها أن يُرَى مثلَ الحبال والقضبان مقبلةً إليك، وفي هذه اللّيلة لا يُرى ذلك.
- وروى ابن خزيمة والطّيالسي والبيهقيّ عن ابنِ عبّاس رضي الله عنهما عن النبيّ صلّى
الله عليه وسلّم قال: (( لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ، طَلْقَةٌ، لاَ حَارَّةٌ وَ لاَ بَارِدَةٌ، تُصْبِحُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا ضَعِيفَةً حَمْرَاءً )).


- ما سبق ذكره من حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه في الصّحيحين قال صلّى الله
عليه وسلّم: (( إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي طِينٍوَمَاءٍ )). قال أبو سعيد: وَكَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا فَجَاءَتْ قَزْعَةٌ فَأُمْطِرْنَا، فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍوَعِشْرِينَ.
5- المبحث الخامس: كيف يتحرّى المسلم ليلة القدر ؟

لمّا كانت هذه اللّيلة بهذه المكانة والمنزلة، وأنّ من حُرِمها فهو المحروم، نُدِب المسلم إلى أن يتحرّاها طمعا في خيرها وبركتها، ويكون ذلك:
أ) بالاجتهاد في العبادة.

ففي الصّحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: كانَ النَّبِيُّصلّى الله عليه وسلّمإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ.
ومضى ذكر قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ
مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )).
ب) الدّعاء:
فقد روى التّرمذي عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ
لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ: (( قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي )).
فنسأل الله تعالى العفوّ الكريم أن يَعفُو عنّا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 01-06-2019, 10:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان






أحكام وآداب الصّيام
صدقة الفطر: حُكمُها، وشروط وجوبها
عبد الحليم توميات
(27)






الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فحديثنا عن صدقة الفطر يكون إن شاء الله تعالى في مباحث تسعةٍ:
بيان معناها – الحكمة من تشريعها – حُكمُها – على من تجب ؟ - شروط وجوبها – مقدارها
– هل تُخرجُ نقودا ؟ - مستحقُّوها – وقت إخرجها.

1- المبحث الأوّل: بيان معناها.


فإنّ العُرفَ قد ظلم كلمة (الصّدقة) ظلما بيّناً؛ لأنّ الصّدقة في لغة القرآن والسنّة أعمّ من
نفقة التطوّع التي تُصرَف إلى المتسوّلين والمحتاجين، فالزّكاة الواجبة تسمّى صدقةً، قال تعالى:{خُذ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بِهَا}، وقال جلّ شأنه:{إِنَّمَا الصَّدّقّاتُلَلفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ ...} الآية، وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ )).
- واشتقاق كلمة (الصّدقة) من الصّدق، وهو تحقيق الشّيء وجعلُه حقّا، فمنه (الصّدق) في القول والعمل، فهو حقيقة الإيمان، ومنه (الصّداق) لأنّه تحقيق حلّ الاستمتاع
بالمرأة.
قال ابن العربي المالكيّ رحمه الله في بيان سبب تسمية الزّكاة صدقة:" ذلك مأخوذ من مساواة الفعل للقول والاعتقاد في الصّدق ".
يؤيّد ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن أبِي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ))، لذلك قرنَ الله جلّ جلاله مع التّصديق، كما قرن البخل مع التّكذيب، فقال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [اللّيل].


وقال عزّ وجلّ:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى
طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)}، وقال سبحانه:{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)} [فصّلت].
- أمّا مرجع معنى كلمة الزّكاة في اللّغة فهو: النّماء، والبركة، والطّهارة، والصّلاح.

ومن أهل العلم من يحصر معناها في " الزّيادة والنّمو "، وهو صحيح؛ لأنّ الزّرع لا يزكو إلاّ إذا صلح وخلص، والمرء لا يزكو إلاّ إذا ازداد خيرا، والمدح والثّناء تزكية لأنّ فيه بيانَ زيادةِ الخير في الممدوح.
- وسبب تسميتها بصدقة الفطر؛ لأنّها تجب بالفطر من رمضان.
2- المبحث الثّاني: الحكمة من تشريعها.
فإنّ صدقة الفطر من شعائر الله تعالى، ومن أجلّ العبادات الّتي يُختَم بها شهر الصّيام،
وقد شرعها الله تعالى لحكم عظيمة، منها:
- تحقيق شكر الله، وهو القائل:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)} [البقرة]، فالله قد جاد عليك بأن وفّقك إلى عبادة الصّيام والقيام وتلاوة
القرآن، فهو الجواد الكريم، البرّ الرّحيم، وليس جزاء الإحسان إلاّ الإحسان.
- مواساة الفقراء والمساكين، وإدخال السّرور على قلوب المعوزين والمحتاجين، وإغناؤهم عن السّؤال في عيد المسلمين.

- تطهير الصّيام من اللّغو والرّفث والآثام، فقد روى أبو داود وابن ماجه بسند حسن عن ابنِ عبّاسٍ قال: فَرَضَ رسولُ اللَّهِصلّى الله عليه وسلّمزَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِوَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ )).
فإذا قيل: مفهوم الحديث أنّها لا تجب على من لم يصُم كالصّبيّ ونحوه ؟ فالجواب ما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" قال:" ذكر التطهير خرج على الغالب، كما أنّها تجب على من لم يُذْنب كمتحقّق الصّلاح، أو من أسلم قبل غروب الشّمس بلحظة "اهـ.
3- المبحث الثّالث: حكم زكاة الفطر.
شُرِعَت صدقة الفطر قبل زكاة الأموال، وذلك في شهر شعبان من السّنة الثّانية.
ولقد نقَل غير واحدٍ من أهل العلم الإجماعَ على وجوبِها، قال الإمام المنذريّ رحمه الله:"
أجمع كلّ من نحفظ عنه العلم على أنّ صدقةالفطر فرض"، وقال النّوويّ رحمه الله في " المجموع ":" أجمع العلماء على وجوب زكاة الفطر ".
وهو الصّحيح، إلاّ أنّه ليس هناك إجماع في المسألة؛ فقد ذهب إلى استحبابها فريق من
أهل العلم، منهم: إبراهيم بنُ عليّة، وأبو بكر بن كيسان الأصمّ، وأشهب من المالكيّة، وابن اللّباذ من الشّافعيّة.
وقالوا: إنّ زكاة الإسلام حين فُرضت نُسِخ وجوب زكاة الفطر.

واستدلّوا بظاهر ما رواه النّسائيّ وأحمد عن قيسِ بنِ سعْدٍ رضي الله عنه قال:" أَمَرَنَا رسولُاللهِصلّى الله عليه وسلّمبِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْتَنْزِلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا، وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ ".


ويُجاب عن ذلك من وجهين:
أ) أنّه لا تعارُض بين زكاة المال وزكاة الفطر؛ لأنّ زكاة الأموال تتعلّق بالمال، وصدقة الفطر تتعلّق بالنّفوس.

ب) من حَفِظ حجّة على من لم يحفظ، وقد نقل الصّحابة رضي الله عنهم أحاديث عدّة تدلّ على وجوبها، منها:
ما مرّ معنا من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما قال:" فَرَضَ رسولُ اللَّهِصلّى الله عليه
وسلّمزَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِوَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ ".
وروى البخاري ومسلم عن ابنِ عُمر رضي الله عنهما ( أَنَّالنَّبِيَّصلّى الله عليه وسلّمأَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ).

وروى البخاري ومسلم عن ابن عُمَر رضي الله عنهما أيضاً قال:" فَرَضَرَسولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّمزَكَاةَ الْفِطْرِ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ، وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ ...".
4- المبحث الرّابع: على من تجب صدقة الفطر ؟
المُخاطَب بالحكم هو الوليّ الّذي تجب عليه النّفقة على أهله، فيُخرجها عن نفسِه وأهلِه وعِيالِه، وكلّ من يجب عليه الإنفاق عليهم.

ويدلّ على ذلك ما أخرجه الداّرقطني عن ابن عُمر رضي الله عنهما قال:" أَمَرَ رَسُولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّمبِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنِ الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ، وَالْعَبْدِ، مِمَّنْ تُمَوِّنُونَ ))، أي: تُعِيلون.
فلا يُخرجها عن غير أهله الّذين يُعِيلُهُم:
ولا يخرجها عمّن نزل عليه ضيفا في رمضان، ولا على المرأة الّتي عقَد عليها ولمّا يدخُل بها؛ لأنّه لا تلزمُه النّفقة عليهما.

تنبيهات:
1- إذا نشزت المرأة في وقت زكاة الفطر، ففِطرتُها على نفسِها من مالها، لا على زوجِها.
2- وإذا كانت الزّوجة كتابيّةً فلا يخرج عنها زكاة الفطر؛ لحديث ابن عُمر رضي الله عنهما
السّابق: ( مِنْ الْمُسْلِمِينَ ).
3- هل يجبُ إخراجها على الجنين ؟
فقد نُقِل عن بعض أهل العلم القولُ بوجوبها، واستدلّوا بما أخرجه ابن أبي شيبة وعبد
الرزّاق عن أبِي قِلابةَ قال:" كانوا يُعطُون صدقةَالفِطر، حتّى يُعطُون على الجنين "، وسنده صحيح.


وقال عبد الله بن الإمام أحمد في " مسائله ":" سمعتُ أبي يقولُ: يُعطِي زكاة الفطر عن
الحمْل إذا تبيّن ".
ولكنّ هذا على الاستحباب كما نقل عنه أهلُ مذهبه، ولا يدلّ على الوجوب؛ فقد نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على عدم وجوبها.

5- المبحث الخامس: شروط وجوبِها:
فإنّه لا بدّ من شرطين لتجب صدقة الفطر:
أ) الشّرط الأوّل: الإسلام.

لأنّ صدقة الفطر قُربة من القُرَب، وطهرةٌ للصّائم من اللّغو والرّفث، وليس الكافر من أهلها، وإنّما يُعاقب على تركها في الآخرة.
وقد مرّ معنا حديث ابن عُمر رضي الله عنهما في الصّحيحين، حيث قال:" فَرَضَ رَسولُ
اللهِصلّى الله عليه وسلّمزَكَاةَ الْفِطْرِ: صَاعًا مِنْتَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ، وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ ...".
وبهذا أخذ جمهور أهل العلم، خلافا للشّافعيّة الّذين قالوا: إنّه يجب إخراجها على الكافر،
فيُخرجها عن أقاربه من المسلمين.
ب) الشّرط الثّاني: القدرةُ على إخراجها.
وحدُّ القدرة: أن يكون لديه فضلٌ وزيادةٌ عن قوتِه وقوتِ أهله ليلة العيد ويومه.

وهذا قول جمهور أهل العلم من المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة.



وخالف في ذلك الحنفيّة، فقالوا: لا تجِب إلاّ على من ملك نِصاباً من النّقد أو قيمته؛ واستدلّوا بقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ صَدَقَةَإِلاَّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى )).

والرّاجح هو قول الجمهور؛ وذلك لأمور:
-الأوّل: ما رواه أبو داود عن سَهْل بن الحنظليّة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِفَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ النَّارِ -وفي رواية-: مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ
!)) فقالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا يُغْنِيهِ ؟ - وفي رواية -: وَمَا الْغِنَى الَّذِي لَا تَنْبَغِي مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ ؟ قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ )).
وفي رواية: (( أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبْعُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ )).

- الثّاني: ما رواه التّرمذي عن عُبَيْدِ الله بنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيّ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْآمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا )).
وسُئل الإمام أحمد عن زكاة الفكر، متى تجب على الرّجل ؟ قال: إذا كان عِنده فضلُ قوتِ يومٍ أطْعَم ["مسائل إسحاق النّيسابوري"].


وقال ابنُ قُدامة رحمه الله في " الكافي " وهو يُبيّن هذا الشّرط:" أن يفضُل عن نفقتِه
ونفقةِ عِيالِه يوم العيد وليلتَه صاعٌ؛ لأنّ النّفقة أهمّ، فتجب البداءةُ بها؛ لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( اِبْدَأْ بِنَفْسِكَ، وَبِمَنْ تَعُولُ ))"اهـ.

- الثّالث: إنّ فرضَ الزّكاة ورد مطلقاً على الصّغير والكبير، والذّكر والأنثى، والحُرّ والعبد،
ولم يُقيّدها بغِنًى كما قيّد الزّكاة عند قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ))، والله أعلم.
وتتمّة مباحث صدقة الفطر نراها لاحقا إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 02-06-2019, 08:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان






- أحكام وآداب الصّيام
صدقة الفطر: مقدارها، ومستحقّوها، ووقتها
عبد الحليم توميات
(28)




الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
6- المبحث السّادس: مقدار زكاة الفطر.
جاء بيانُ مقدار زكاة الفطر في الحديث الصّحيح الّذي أخرجه البخاري ومسلم عن أَبِي
سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قال:


( كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ: صَاعاً مِنْطَعَامٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ ) [الأَقِط: هو اللّبن المجفّف].


والصّاع المُعتبر هو صاع أهل المدينة النّبويّة؛ لما رواه أبو داود عن ابنِ عمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ: (( الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِالْمَدِينَةِ )).

والصّاع يساوي: أربعةَ أمداد إلى خمسة أمداد.
والمدّ - كما قال ابن الأثير رحمه الله-:" قيل: إنّ أصل المُدّ مقدّر بأن يَمُدّ الرّجل يديه، فيملأ كفّيه طعاما، ومن لم يكن عنده مِكيال ولا ميزان، فلْيُخرج أربعة أمداد، ومن تطوّع خيرا فهو
خير له "اهـ.
ولمّا كان الصّاع تختلف كثافته بحسب جنس الطّعام، كانت مقادير زكاة الطّعام تختلف في الميزان، فالصّاع من الزّبيب مثلا يعادل 1640 غراما، والصّاع من الدّقيق يعادل 2000 غ،
والصّاع من الأرز يعادل: 2300 غ، وهكذا.


7- المبحث السّابع: هل تُخرَج نقودا ؟
هذه المسألة من فروع الفقه الّتي اختلف فيها أهل العلم قديما، فلا يليق أن تتحوّل إلى
مسأبلة من مسائل الولاء والبراء ! وأن تكون سببا لطعن الدّهماء في العلماء.
وما زال أهل العلم فيها على قولين اثنين:
أ) الأوّل: أنّها لا تُخرَج إلاّ من قوت البلد.

وهو قول جمهور العلماء: الإمام مالك، والشّافعيّ، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، وقوت البلد هو: القمح والشّعير والرزّ، والعدس، ونحو ذلك.
قالوا: ولا تخرج نقودا، ومن أخرجها نقودا لم تُجزِئْه، لأمور أربعة:

1- لأنّه ظاهر قول رسول الله، فقد قال صلّى الله علي وسلّم: (( طُعمَةً لِلْمَسَاكِينِ )).
2- ولأنّه لم يجْرِ عليه عمل النبيّ صلّى الله علي وسلّم ولا أصحابه.
3- ولأنّ القيمة لا تنضبط، فهل تُخرج بقيمة التّمر، أو الشّعير، أو الزّبيب ؟

4- ولأنّ في إخراجها طعاما إظهارا لشعائر الله تعالى.
ب) الثّاني: يجوز إخراجها نقودا.
وهو مذهب الحسن البصريّ، وعمر بن عبد العزيز، والحنفيّة، وعليه متأخّرو الشّافعيّة
والمالكيّة.
وعلّلوا قولهم بما يلي:
1- أنّ الطّعام هو الّذي كان شائعا ذلك الزّمان، وكان أنفع للفقير.

2- أنّ الطّعام كان من الأثمان في معاملاتهم، فكانوا يشترون ويبيعون بالصّاع من القمح، والصّاع من الشّعير، ونحو ذلك، كما في السّلم والعرايا والضّمان.


وفي حديث المصرّاة قال رسول الله صلّى الله علي وسلّم: (( مَنْ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً،
فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِيحَلْبَتِهَاصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ )) [متّفق عليه].
3- وممّا يزيد ذلك توكيدا أنّه إذا عزّ القمح وغلا، فإنّه يُخرج منه مقدرا مُدّين لا صاعا، فقد روى الإمام أحمد عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قال:

" كُنَّا نُؤَدِّي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِصلّىالله عليه وسلّمصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، صَاعًا مِنْ أَقِطٍ،
فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُرضي الله عنهجَاءَتْ السَّمْرَاءُ، فَرَأَى أَنَّ مُدًّا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ ".

4- أنّ الأمر ليس تعبُّديّا محضاً، بل هو معقول المعنَى، وهو سدّ خلّة الفقير.
5- أجاز كثير من أهل العلم إخراج زكاة الإسلام عن الزّروع والمواشي نقوداً، إذا كان الفقير بحاجةٍ إلى النّقود.
التّرجيح:
فالأقرب هو جواز إخراجها نقودا، إلاّ أنّه ينبغي تقييد ذلك بشرطين:
الأوّل: حاجة الفقير إلى النّقد.

الثّاني: ألاّ تندرِس سنّة إخراج الزّكاة طعاما.
والأحوط هو الخروج من خلاف العلماء، فيخرجها طعاما، ومن أراد أن يُغنِي الفقير نقودا، فباب الصّدقة أوسع وأرحب من يوم العيد.

8- المبحث الثّامن: مستحقّوها.
تُعطَى صدقة الفطر لفقراءِ ومساكينِ البلد الّذي يقيم فيها المسلم.
فلا يجوز إخراجها في غير الفقراء والمساكين، كمن يجعلها في إطعام الصّائمين، أو عابر
السّبل.


كما لا يجوز إخراجها إلى بلد آخر، إلاّ عندما تُسدّ حاجةُ البلد الّذي هو مقيم فيه.
9- المبحث التّاسع: وقت إخراجها.

صدقة الفطر لها وقت معلوم حدّده الشّرع، وهو: من غروب شمس ليلة العيد إلى صلاة العيد.
أي: أن تُخرج يومين أو يوما قبل العيد إلى غاية الصّلاة، ولا يصحّ ولا يجوز إخراجها بعد
صلاة العيد.
وفي حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه السّابق قَالَ: ( فَرَضَ رَسُولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّمزَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ
وَالْكَبِيرِ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ).
وروى أبو داود عنْ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه قال: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِمِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ
مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ.
ومن تأخّر عن إخراجها إلى ما بعد صلاة العيد، فإنّها تبقى في ذمّته دَيْناً عليه، يُخرجها من العام القابل مرّتين.

هل يجوز إخراجها قبل ليلة العيد بأيّام ؟ ثلاثة أقوال لأهل العلم:
أ)القول الأوّل: لا يجوز إخراجُها إلاّ يوما أو يومين قبل العيد، وهو قول الحنابلة والمالكيّة.
ويدلّ على ذلك ما رواه البخاري عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: ( كَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ
بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ).
ب)القول الثّاني: يجوز إخراجها من النّصف الثّاني من رمضان، وهو قول الحنفيّة.
ج)القول الثّالث: يجوز إخراجها من أوّل يومٍ من رمضان، وهو قول الشّافعيّة.

ويمكن أن يُستدلّ لهذين القولين بدليلين:
- ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هُريرَة رضي الله عنه قال:" وكلني رسول اللهصلّى الله عليه وسلّمبحفظ زكاة رمضان ..."، ثمّ ساق الحديث المشهور في سرقة الشّيطان من
مال الصّدقة.
والشّاهد: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكّله بحفظ صدقة الفطر قبل العيد بأيّام.


- ما أخرجه ابن خزيمة عن أيّوبَ، عن نافعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: فرض رسول
اللهصلّى الله عليه وسلّمزكَاةَ رمضانَ عنالحرِّ والممْلًوكِ، والذَّكَر والأُنْثى، صَاعاً منْ تَمْر أو صاعاً منْ شعِيرٍ ... قال أيّوب: قلت: متى كان ابنُ عمَرَ يُعْطِي الصّاع ؟ قال نافع: إِذَاقَعَدَ العَامِلُ. قلت: متى كان العامل يقعُدُ ؟ قال: قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أو يَوْمَيْن.
الشّاهد: أنّ العامل هو من يجمع الزّكاة، ولا يقعُد إلاّ يومين قبل العيد، فدلّ ذلك على أنّه كان يجمعها قبل ذلك.
والأقرب أن يُقال:

إنّ المُزكِّي لا يخلو من حالين:
أ) إمّا أن يُخرجها إلى العاملين والقائمين على صدقة الفطر، فهذا يُخرجها متى شاء، وعلى هذا يوجّه مذهب الشّافعيّة والحنفيّة.
ب) وإمّا أن يُخرجها إلى الفقراء والمساكين، فهذا لا يُخرجها إلاّ يوما أو يومين قبل العيد، وعلى هذا يوجّه مذهب المالكيّة والحنابلة.
وإنّما اخترنا ذلك؛ لأنّ من حِكَمِ إخراج زكاة الفطر: إدخال السّرور إلى قلوب المحتاجين،
والشّبع إلى بطونهم في يوم العيد.
وأخيرا:
احرِص
- أخي المسلم - على أن تكون صدقتك من الجيّد الطّيّب؛ لأنّ الله طيّب لا يقبل إلاّ طيّباً، فلا يجوز إخراجها من غصبٍ أو نهب، ولا من أردأ الأصناف وأحقرِها، قال الله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.
والله أعلم، وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للّتي هي أقوم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 03-06-2019, 08:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان




- أحكام وآداب الصّيام
ختـام الأعمـال
عبد الحليم توميات
(29)



الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ ختام الأعمال كلّها وسيّدها:
1- الإكثار من الاستغفار:


يقول الله تبارك وتعالى يصف عباده الطّائعين، الرّاكعين السّاجدين، القائمين العابدين:{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذّاريات:18].

وقال عنهم:{الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ
وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)} [آل عمران].

قال الحسن البصري رحمه الله:" قاموا اللّيل إلى وقت السّحر، ثمّ جلسوا يستغفرون".
وكان ابن عمر رضي الله عنه يصلّي من اللّيل ثمّ يقول: يا نافع، هل أقبل السّحر ؟ فإذا قال:
نعم، أقبل على الدّعاء والاستغفار حتّى يؤذّن الفجر.
فبالاستغفار تختم الصّلاة، يقول ثوبانُ رضي الله عنه: ( كَانَ رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمإِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا ) [رواه مسلم].


وبالاستغفار تختم أعمال الحجّ، يقول المولى تبارك وتعالى:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199].
وبالاستغفار تختم المجالس، فكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يقوم من مجلسٍ - وهو
كلّه ذكر وطاعة لله - حتّى يَقُول:" سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ " [رواه أبو داود].
وبالاستغفار يختم هذا الشّهر الكريم، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول اللهِ، أَرَأَيْتَ
إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ: (( قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي )).


فالاستغفار كالطّابع للأعمال إن كانت ذكرا، وهو كفّارةٌ إن كانت لغوا ولهوا.
وممّا يختم به هذا الشّهر الكريم:
2- الإكثار من عتق الرّقاب: لعلّ الله تعالى يعتق رقابنا من النّار.
فقد روى البخاري عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم قال: (( أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًااسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ )).
فبلغ الحديثُ عَلِيَّ بْنَ الحُسين، فَعَمَدَ إِلَى عَبْدٍ لَهُ فَأَعْتَقَهُ، وقد عرضُوا عليه أن يبيعهم إيّاه
عشرة آلافِ درهمٍ، فأبى إلاّ أن يعتِقَه.
وكان أبو قلابة رحمه اللهفي آخر رمضان يشتري جاريةً حسناءَ مزيّنةً، فيعتقها يرجو بها العتقَ من النّار.

واليوم في عصرنا هذا، فاتنا عتقُ الرّقاب، ولكنّ الله جلّ جلاله جعل لنا بديلا من ذلك: وهو كلمة التّوحيد: لا إله إلاّ الله.
فإنّ كلمة التّوحيد تقوم مقام عتق العبيد، فقد روى البخاري عن أبي عيَّاشٍ رضي الله عنه



قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ قَالَ حِينَ أَصْبَحَ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " كَانَ لَهُ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِإِسْمَاعِيلَ، وَكُتِبَ لَهُ بِهَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ بِهَا عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنْ الشَّيْطَانِ، حَتَّىيُمْسِيَ، وَإِذَا أَمْسَى مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ)).
وفيه أيضا: (( مَنْ قَالَ:" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أَرْبَعَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَرَقَبَةًمِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ)).

وبهذا تكون أيّها المسلم قد جمعت بين شهادة التّوحيد والاستغفار، وذاك من أعظم أسباب المغفرة، والنّجاة من النّار، وكشف الكربات.
قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمّد
من:19]، وقال عن يونس عليه السّلام:{فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87].
فنسأل الله تعالىأن يغفر لنا ذنوبنا كلّها، دِقّها وجِلّها، وصغيرها وكبيرها، عمدها وخطأها، إنّه غفور رحيم، برّ كريم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 04-06-2019, 11:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مع الصائمين***يوميا فى رمضان






- أحكام وآداب الصّيام
من أحكامِ شهرِ شوّالٍ
عبد الحليم توميات
(30)




الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فهذه بعض الوقفات مع شهرٍ من أشهرِ الله تعالى، ألا وهو شهر شوّال المبارك، نسأل الله التّوفيق والإعانة.

1- لماذا سمّي شهر "شوّال" بهذا الاسم ؟


اعلم أنّ العرب كانت قد سمّت الشّهور يوم سمّتها بحسَب ما يتّفق لها من الأحوال والأحداث، فكما سمّت شعبان لأجل تشعّبهم وتفرّقهم للبحث عن المياه،
ورمضان لكثرة الرّمض والحرّ الّذي صادفهم خلالَه، كذلك الأمرُ فيما يخصّ شهر شوّال.
فهو مأخوذ من الشَّوْل، بمعنى الارتفاع، ومنه الظّاء المشالة، ولا يزال سكان المشرق إلى اليوم يعنون بها ذلك، فيقولون " شالْهَا " أي رفعها، وقد ذكر العلماء سببين لذلك:
الأوّل: أنّ الثّمار والزّروع جفّت فيه، فارتفعالخير.
الثّاني: أنّ النّاقة تمتنع عن البعير فلا تدعه يطأها، فيقال: " شالت النّاقة ".
ولعلّ العرب لذلك كانت تتشاءم من الزّواج فيه، فأتى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم فهدم هذا
الاعتقاد.


روى مسلم عن عروَةَ عن عائشَةَ رضي الله عنها قالتْ:" تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمفِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِصلّى الله عليه وسلّمكَانَ أَحْظَى
عِنْدَهُ مِنِّي ؟! قال عُروة: وكانتْ عائشةُ تستَحِبُّ أن تُدخلَ نساءها في شوّالٍ.
2- هل لشهر شوّال مزيّة تخصّه ؟
إنّ شهر شوّال من أشهر الحجّ، كما في قوله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ
الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِيالْحَجّ} [البقرة:من الآية 197].
فيُشرَع للمسلم أن يدخل في حجّه من أوّل يوم من شوّال، ويظلّ محرما إلى يوم التّروية، أو يريد أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ من هذا الشّهر.





3- ما هي العبادات المستحبّة في هذا الشّهر ؟
يستحبّ في هذا الشّهر أمران اثنان على وجه الخصوص:
أ) صيام ستّة أيّام منه، وذلك لما رواه مسلم عن أبي أيّوبَ الأنصارِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ
اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ صَامَرَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ،كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ )).
فأجر الصّائم لها مع رمضان كأجر من صام العمر كلّه، وتوجيه ذلك:
أنّ الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثون يوما من رمضان بثلاثمائة، وستّة من شوال بستّين يوما،
فالمجموع ثلاثمائة وستّون يوما، لو التزمها المسلم كلَّ عام لصام الدّهر {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].
( تنبيه ): قد يقال: إنّ شهر رمضان قد يكون تسعة وعشرين يوما، فكيف يتمّ صيام الدّهر ؟

الجواب: اعلم أنّه قد روى البخاري ومسلم عن أبي بكرَةَ رضي الله عنه عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( شَهْرَانِ لاَ يَنْقُصَانِ: شَهْرَاعِيدٍ: رَمَضَانُ، وَذُو الْحَجَّةِ )).والمعنى لا ينقصان في الأجر وإن نقصا في العدد.


ب) ويستحبّ أيضا في هذا الشّهر الاعتكاف في المسجد؛ لما رواه البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها ( أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ ).
4-ما حكم من صام ستّا من شوّال قبل أن يقضي ما عليه من صيام رمضان ؟
لقد كره بعض العلماء ذلك لسببين اثنين:
الأوّل: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ ...))، والّذي لم يقضِ ما عليه من رمضان، لم يصم رمضان بعد، فلا يصدُق عليه أنّه أتبَعَه ستّا من شوّال، بل يكون قد
قدّم عليه أيّاما من شوّال.
الثّاني: إنّ على المسلم قبل أن يهمّ بالتّطوّع، عليه أوّلا أن يُكمِل الفريضة، فهو لا يدري متى يحلّ الأجل ؟ ولا يُعقل أن يهبَ المسلم لصاحب الدّين مالاً على وجه التبرّع قبل أن يوفّيه
حقّه ؟!
ومع ذلك، فإنّ الصّحيح هو جواز صيام هذه الستّ قبل قضاء دين الصّيام، والدّليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: ( كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ
فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ ).
فكانت تقضي رمضان في شعبان، ولا يمكن أن يُتصوّر أنّ عائشة
- الصوّامة القوّامة - لم تكن تصوم ستّا من شوّال، ولا أيّام البيض، ولا الإثنين والخميس، ولا يوم عرفة، ولا عاشوراء ؟


5-ما حكم من كان عليه قضاء من رمضان، ثمّ بدا له وسط النّهار أن يفطر ؟
اعلم أنّ الصّحيح هو جواز الخروج من صوم النّفل؛ إذ المتطوّع أمير نفسه، وخاصّة إذا كان ذلك لعذر شرعيّ، كإجابة الدّعوة مثلا. ولكنّ الشّروع في قضاء صوم رمضان ليس من قسم
المستحبّ، فيجب إتمامه، لوجهين اثنين:
الأوّل: لأنّه صوم واجب، والمقرّر لدى أهل العلم أنّ فرض العين والكفاية يلزم بالشّروع فيه.
الثّاني: لقد روى التّرمذي عنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها قالتْ: كُنْتُ قَاعِدَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله
عليه وسلّم، فَأُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَذْنَبْتُ فَاسْتَغْفِرْ لِي ! فَقَالَ: (( وَمَا ذَاكِ ؟)) قَالَتْ: كُنْتُ صَائِمَةً فَأَفْطَرْتُ ! فَقَالَ: (( أَمِنْ قَضَاءٍ كُنْتِ تَقْضِينَهُ )) قَالَتْ: لاَ، قَالَ: (( فَلَا يَضُرُّكِ )).
وفي رواية لأبي داود:
(( فَلاَ يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعاً )) ["صحيح سنن الترمذي" و"صحيح سنن أبي داود"].
فمفهوم هذا الحديث أنّه يضرّها لو كان قضاءً. فلا يجوز الخروج من صوم قضاء الفريضة.

هذا ما تيسّر ذكره فيما يخصّ بعض أحكام شهر شوّال.
ونسأل الله لنا ولكم التّوفيق لطاعته، والثّبات على مرضاته، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 182.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 176.74 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]