|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(11) الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك (باب المواقيت) من بلوغ المرام باب المواقيت 141- عَنْ عبدِ الله بن عَمْرو - رضي الله عنهما -، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((وَقْتُ الظُّهْرِ إذا زَالَتِ الشّمْسُ، وكانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كطولِهِ ما لَمْ يحضُرْ وَقْتُ العصرُ، ووقت العصر ما لمْ تصْفَرَّ الشّمْسُ، ووقتُ صلاةِ المَغْرِبِ مَا لمْ يغب الشّفقُ، ووقتُ صلاةِ العِشاءِ إلى نصفِ اللّيْلِ الأوْسَطِ، ووقتُ صلاةِ الصُّبحِ مِنْ طُلوعِ الفجر ما لمْ تطلعِ الشّمس)) رواه مسلم. الصلاة في اللغة: الدعاء، قال الله تعالى: ï´؟ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾[التوبة: الآية:103] أي ادع الله لهم، وهي في الشرع: عبارة عن الأفعال المعلومة؛ قال الله تعالى: ï´؟ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ï´¾ [الروم: الآية: 31] وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) رواه الخمسة، ومناسبة تعين الطهارة بالصلاة لتقدم الشرط على المشروط والوسيلة على المقصود، والمواقيت جمع ميقات، قال الله تعالى:ï´؟ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ï´¾[النساء: الآية: 103] أي مقدراً وقتها فلا تقدم عليه ولا تؤخر عنه، قال ابن عباس: أي مفروضاً، وقال تعالى: ï´؟ أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ï´¾[الإسراء: الآية:78] والدلوك زوال الشمس فيدخل فيه وقت الظهر والعصر، ويدخل في غسق الليل وقت المغرب والعشاء. 142- ولَهُ مِنْ حديث بريدة في العصر: ((والشمسُ بيضاءُ نَقِيّةٌ)). 143- ومن حديث أبي موسى: ((والشمس مرتفعة)). أفاد هذا الحديث تعيين الأوقات الخمسة وتبيين أولها وآخرها. 144- وعن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - قالَ: ((كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصْرَ ثمَّ يَرْجعُ أحدُنا إلى رحْلهِ في أقصى المدينة والشّمس حَيّةٌ، وكان يَسْتَحِبُّ أنْ يؤخّر من العِشاء، وكان يكرهُ النّومَ قَبْلَها، والحديثَ بَعْدَهَا، وكانَ يَنْفَتِلُ من صلاةِ الْغَدَاةِ حين يَعْرفُ الرَّجُلُ جليسهُ، وكان يقرأ بالسِّتِّين إلى المائَةِ)). متفقٌ عليهِ. 145- وعندهُما مِنْ حديث جابرٍ: ((والعشاء أحْياناً يُقَدِّمُهَا، وأحْياناً يُؤخِّرُها: إذا رآهُمُ اجْتَمَعوا عَجَّل، وإذا رآهم أبطأوا أخَّر، والصُّبحُ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيها بِغَلَسٍ)). 146- ولمسلمٍ مِنْ حديث أبي مُوسى: ((فأقامَ الفَجْرَ حين انشقَّ الفجْرُ، والنّاسُ لا يكادُ يعرفُ بعضُهُمْ بعْضاً)). (قوله: والشمس حية) أي بيضاء قوية الأثر حرارة ولوناً، وفيه استحباب التبكير بالعصر، (قوله: وكان يستحب أن يؤخر من العشاء) فيه استحباب تأخير العشاء إذا لم يشق على المأمومين (قوله: وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها) كراهة النوم قبل صلاة العشاء لئلا يستغرق النائم في نومه فتفوته الصلاة، وكراهة الحديث بعدها لئلا يشتغل به عن قيام آخر الليل، قال النووي: واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير، وعلة الكراهة ما يؤدي إليه السهر من مخافة غلبة النوم آخر الليل عن القيام لصلاة الصبح في جماعة، أو الإتيان بها في وقت الفضيلة والاختيار، أو القيام للورد من صلاة أو قراءة في حق من عادته ذلك، ولا أقل لمن أمن ذلك من الكسل بالنهار عما يجب من الحقوق فيه والطاعات انتهى. (قوله: وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة) فيه دليل على التبكير بصلاة الصبح وتطويل القراءة فيها (قوله: والصبح كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها بغلس) الغلس: اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل وليس المراد أنه يصليها حين طلوع الفجر فإن ذلك لم يقع منه- صلى الله عليه وسلم - إلا في مزدلفة، وأما غيرها فكان لا يصلي حتى يتبين الفجر بياناً ظاهراً كما في حديث أبي موسى: ((فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا)). وفي لفظ حديث أبي موسى عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ((وأتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه بشيء، وأمر بلالاً فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضاً، إلى أن قال: ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت)) وذكر الحديث وفي آخره: ((فدعا السائل فقال: الوقت فيما بين هذين)). 147- وعنْ رافعِ بن خَدِيج - رضي الله عنه - قالَ: ((كُنّا نُصَلي المغْربَ معَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيَنْصرفُ أحدُنا وإنه لَيُبصرُ مَوَاقعَ نَبْلِهِ)). متفق عليه. فيه دليل على استحباب المبادرة بصلاة المغرب بحيث ينصرف منها والضوء باق. 148- وعن عائشةَ - رضي الله عنها -قالتْ: ((أَعْتَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليْلَةٍ بالعِشَاء، حتى ذَهَب عامّةُ اللَّيْلِ، ثم خَرَجَ فصَلَّى، وقالَ: ((إنهُ لَوَقْتُها لولا أن أشقَّ على أمّتي)) رواه مسلمٌ. الحديث دليل على أن تأخير العشاء أفضل إذا لم يشق على المأمومين، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يراعي الأخف على الأمة. 149- وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((إذا اشْتَدّ الحرُّ فأبْردوا بالصّلاةِ، فإنَّ شِدَّةَ الحرِّ مِنْ فَيْح جَهَنَّم)). متّفقٌ عليه. الحديث دليل على استحباب الإبراد بالظهر عند شدة الحر، وعن ابن مسعود قال: ((كان قدر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام)). رواه أبوداود والنسائي. (فائدة) روى الأوزاعي عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه أن عمر بن عبدالعزيز يعني في خلافته كان يصلي الظهر في الساعة الثامنة والعصر في الساعة العاشرة حين تدخل، ذكره الحافظ في شرح البخاري على قوله: باب مواقيت الصلاة وفضلها. 150- وعن رافِع بن خديج - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((أَصْبِحُوا بالصُّبْحِ فإنّه أعظمُ لأجوركم)) رواهُ الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان. احتج الحنفية على استحباب تأخير الفجر إلى الإسفار بهذا الحديث وهو مروي عن علي وابن مسعود؛ وذهب الأكثر إلى أن التغليس أفضل لفعل النبي- صلى الله عليه وسلم - وقالوا معنى قوله: ((أصبحوا بالصبح)) أي لا تصلوها حتى يتبين الفجر ويتضح. 151- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ أَدرك من الصبح ركْعةً قَبْل أن تَطْلُعَ الشّمْسُ فقدْ أدرَك الصُّبْحَ، ومن أدرَكَ رَكْعةً من العصرِ قَبْلَ أن تَغْرُب الشمسُ فَقَدْ أدركَ الْعصْر)) متفق عليه. 152- ولمُسْلمٍ عن عائشةَ - رضي الله عنها - نَحْوُهُ، وقالَ ((سَجْدةً)) بدَلَ ((رَكْعَةٍ)). ثمَّ قالَ: ((والسّجدة إنّما هي الرَّكْعةُ)). الحديث يدل على أن من أدرك ركعة في الوقت وصلى ما بقي فقد أدرك الصلاة أداء لا قضاء، وهو قول الجمهور. 153- وعنْ أبي سعيد الخدريِّ - رضي الله عنه - قالَ: سمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا صلاةَ بَعْدَ الصُّبحِ حتى تَطْلُعَ الشمسُ ولا صلاةَ بعد العصْرِ حتى تغيبَ الشّمسُ)) متفق عليه، ولَفظُ مسلم: ((لا صلاة بعد صلاة الفجْرِ)). 154- ولهُ عن عُقْبَةَ بن عامِر: ((ثَلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهانا أن نُصلِّي فيهنَّ، وأن نَقْبُرَ فيهنَّ مَوْتانا: ((حين تطْلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفِعَ، وحينَ يقومُ قائمُ الظّهيرةِ حتى تَزولَ الشمسُ، وحينَ تَتَضَيّفُ الشمسُ للغُروبِ)). 155- والْحُكمُ الثاني عِنْدَ الشافعي من حديثِ أبي هُريرة بسنَدٍ ضعيفٍ، وزادَ ((إلا يومَ الجمعةِ)). 156- وكذا لأبي داود عن أبي قتادة نحوه. الحديث دليل على كراهة النوافل في هذه الأوقات، قال النووي: أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في الأوقات المنهي عنها، واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها، واختلفوا في النوافل التي لها سبب؛ كصلاة تحية المسجد، وسجود التلاوة والشكر، وصلاة العيد، والكسوف وصلاة الجنازة؛ فذهب الشافعي وطائفة إلى جواز ذلك كله بلا كراهة، وذهب الحنفية وآخرون إلى أن ذلك كله داخل في عموم النهي، وقال الموفق في المقنع: ويجوز قضاء الفرائض في أوقات النهي، وتجوز صلاة الجنازة، وركعتا الطواف، وإعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد بعد الفجر والعصر، وهل يجوز في الثلاثة الباقية على روايتين، ولا يجوز التطوع بغيرها في شيء من هذه الأوقات الخمسة؛ إلا ما كان له سبب كتحية المسجد وسجود التلاوة وصلاة الكسوف وقضاء السنن الراتبة فإنها على روايتين. انتهى. (قوله: وزاد إلا يوم الجمعة) أي فلا كراهة للصلاة فيه عند زوال الشمس. (قوله: وكذا لأبي داود عن أبي قتادة نحوه) ولفظه: ((وكره النبي- صلى الله عليه وسلم - نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال: إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة)) ويؤيده فعل أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - فإنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة. 157- وعن جُبير بن مُطْعمٍ قال: قالَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((يا بَني عَبْدِ منافٍ، لا تَمْنعُوا أحداً طافَ بهذا البَيْتِ وصلَّى أيّةَ ساعةٍ شاءَ من لَيْلٍ أو نهارٍ)) رواهُ الخمسةُ وصححه الترمذي وابن حبان. هذا الحديث يدل على مشروعية ركعتي الطواف في أوقات النهي تبعاً للطواف، قال الموفق في المغني: ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع في أوقات النهي. 158- وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((الشّفقُ الحمْرةُ)) رواهُ الدارقطنيُّ، وصحح ابن خزيمة، وغيره وقفه على ابن عمر. الحديث دليل على امتداد وقت المغرب إلى مغيب الشفق الأحمر. 159- وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((الفَجْرُ فَجْرَان: فَجْرٌ يحرِّمُ الطّعامَ وتحلُّ فيه الصَّلاةُ، وفَجْر تحْرمُ فيه الصَّلاةُ - أي صلاةُ الصُّبحِ - ويحلُّ فيه الطَّعامُ)) رواهُ ابنُ خُزَيمَةَ والحاكم وصَحّحاه. 160- وللحاكم من حديث جابرٍ نَحْوُهُ، وزاد في الذي يُحرِّمُ الطّعام: ((نه يذهبُ مستطيلاً في الأفُق)) وفي الآخر: ((أنَّه كَذَنَبِ السِّرْحَانِ)). (قوله مستطيلاً) هكذا في نسخ بلوغ المرام باللام، قال النووي: والفجر الثاني يسمى الصادق والمستطير، والفجر الكاذب المستطيل باللام كذنب السرحان وهو الذئب، قال الحافظ: وفي حديث سمرة عند مسلم: ((لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا)) يعني معترضاً. 161- وعن ابن مسعود - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: ((أفضلُ الأعْمال الصَّلاةُ في أوَّل وقْتها)) رواهُ الترمذي والحاكم وصحّحاه وأصلُه في الصحيحين. الحديث دليل على استحباب أداء الصلاة في أول وقتها، وهو عام مخصوص باستحباب الإبراد في شدة الحر وبتأخير العشاء ما لم يشق على المأمومين. 162- وعن أبي محْذورةَ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أوَّلُ الوَقتِ رضوان الله، وأَوْسَطُهُ رحْمَةُ الله، وآخرُهُ عَفْوُ الله)).أخْرَجهُ الدَّارقُطْني بسندٍ ضعيف جداً. 163- وللترمذي من حديث ابن عمر نحوه دون الأوسط، وهو ضعيف أيضاً. فيه دليل على أفضلية أول الوقت لمحافظته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وتأخيرها في وقتها جائز. 164- وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((لا صلاةَ بعْدَ الفجر إلا سجْدتَيْنِ))، أخرجه الخمْسَةُ إلا النسائيَّ، وفي رواية عبد الرزاق: ((لا صلاة بعْدَ طلوع الفجْر إلا ركعتي الفَجْرِ)). 165- ومثله للدارقطني عن ابن عمرو بن العاص. الحديث دليل على كراهة النافلة بعد طلوع الفجر قبل صلاته إلا سنة الفجر، لكن إذا صلى ركعتي الفجر في بيته ثم أتى المسجد قبل أن تقام الصلاة صلى تحية المسجد ركعتين. 166- وعن أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنهما - قالتْ: صلى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ. ثمَّ دَخَلَ بيْتي، فصلَّى ركْعتين. فسأَلْتُهُ، فقالَ: ((شُغِلْتُ عن ركعتين بعدَ الظُّهْرِ فصَلَّيْتَهُمَا الآن))، فقلتُ: أَفَنَقضِيهِما إذا فاتتا؟ قال: ((لا)) أخرجهُ أحمدُ. 167- ولأبي داود عن عائشة - رضي الله عنها - بمعناه. حديث أم سلمة سكت المصنف عليه هنا وقال بعد سياق له في فتح الباري: إنها رواية ضعيفة لا تقوم بها حجة (قوله: ولأبي داود عن عائشة بمعناه) ولفظه: ((أنه- صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال)) قال البيهقي: الذي اختص به- صلى الله عليه وسلم - المداومة على الركعتين لا أصل القضاء انتهى. وعن قيس بن قهد قال: ((رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال: صلاة الصبح ركعتان فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فسكت)) رواه أبو داود، قال في الاختيارات: وتقضى السنن الراتبة، ويفعل ما له سبب في أوقات النهي، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار جماعة من أصحابنا وغيرهم انتهى، والله أعلم.
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(12) الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك (باب الأذان) من بلوغ المرام باب الأذان الأذان في اللغة: الإعلام، قال الله تعالى: ï´؟ وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ï´¾[التوبة: الآية:3] وشرعاً الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة في أوقات مخصوصة، قال الله تعالى:ï´؟ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ï´¾ [المائدة: الآية:58] قال القرطبي وغيره: الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد- صلى الله عليه وسلم -، ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً، ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت والدعاء إلى الجماعة وإظهار شعائر الإسلام، والحكمة في اختيار القول له دون الفعل شمول القول وتيسره لكل أحد في كل زمان ومكان. 168- عن عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه قال: ((طافَ بي - وأنا نائمٌ - رجلٌ فقالَ: تقولُ: الله أكبر الله أكبر، فذكر الأذان - بتربيع التكبير بغير ترجيع، والإقامة فُرَادَى، إلا قد قامت الصَّلاةُ -قال: فلَمّا أصْبَحْتُ أتيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: ((إنّها لَرُؤيا حقٌ- الحديثَ)) أخرجهُ أحمد وأبو داود وصححه الترمذي وابن خزيمة. 169- وزادَ أحمد في آخره قِصَّة قولِ بلال- رضي الله عنه - في أَذان الفَجْر: ((الصَّلاةُ خيرٌ من النوم)). 170- ولابن خُزيمةَ عنْ أَنس - رضي الله عنه - قال: ((منَ السُّنّة إذا قالَ المؤذِّنُ في الفَجْر: حيَّ على الفلاحِ، قالَ: الصَّلاةُ خيرٌ من النّوْم)). الحديث دليل على مشروعية الأذان للصلاة دعاء للغائبين ليحضروا إليها، وهو إعلام بدخول وقتها، وهو من شعار أهل الإسلام ومن محاسن الشريعة، وفي الحديث دليل على أنه يكبر في أول الأذان أربع مرات، وفيه دليل على أن الإقامة تفرد ألفاظها إلا لفظ: ((قد قامت الصلاة)) فإنه يكررها مرتين، والجمهور على أن التكبير يكرر مرتين في أولها وفي آخرها، وفيه دليل على مشروعية التثويب في صلاة الصبح مرتين كما في سنن أبي داود. 171- وعن أبي محذورة - رضي الله عنه -: ((أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَهُ الأذان، فذَكَر فيهِ التّرجيع)). أخرجهُ مسلمٌ، ((ولكن ذكرَ التّكبير في أوَّله مرَّتين فَقَطْ)). روَاهُ الخمْسةُ فذكروهُ مُربَّعاً. الترجيع في الشهادتين أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله يخفض بها صوته، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله يرفع بها صوته، قال ابن عبدالبر: ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح، فإن رَبَّع التكبير الأول في الأذان أو ثنَّاه أو رَجَّع في التشهد أو لم يُرَجِّع أو ثنى الإقامة أو أفردها كلها أو (إلا قد قامت الصلاة) فالجميع جائز. 172- وعنْ أنس - رضي الله عنه - قال: ((أُمِرَ بلالٌ: أن يشْفع الأذان، ويوترَ الإقامةَ، إلا الإقامةَ، يَعْني قوله: قدْ قامتِ الصَّلاةُ)). متّفقٌ عليه، ولم يذكر مُسْلِمٌ الاستثناء. 173- وللنسائي: أمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلالاً. (قوله: أن يشفع الأذان) أي يأتي بلفظه شفعاً، ولم يختلفوا أن كلمة التوحيد التي في آخره مفردة (قوله ويوتر الإقامة). أي يفردها إلا الإقامة يعني قد قامت الصلاة؛ لأنها المقصود من الإقامة، ولذا كررت. 174- وعن أبي جُحيفة - رضي الله عنه - قال: ((رأيْتُ بلالاً يؤذِّنُ وأَتَتَبّعُ فَاهُ ههنا وهَهُنا، وإصْبِعاهُ في أُذنيْه)). رواه أحمد والترمذي وصححهُ، ولابن ماجَهْ: ((وجعَلَ إصبَعَيْهِ في أُذُنيه))، ولأبي داود: ((لَوى عُنُقَهُ لما بلغ حيَّ على الصلاة يميناً وشمالاً ولم يستدرْ)). وأصْلُه في الصَّحيحين. الحديث دليل على مشروعية الالتفات عند الحيعلتين بالوجه يميناً وشمالاً، وفيه استحباب وضع إصبعيه في أذنيه، فيه فائدتان: الأولى: أنه يكون أرفع لصوته، والثانية: أن يعرف من رآه ولم يسمعه أنه يؤذن. 175- وعن أبي مَحْذورة - رضي الله عنه - قال: ((إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعجبهُ صَوتهُ، فَعَلّمهُ الأذان)). رواه ابنُ خُزْيمة. فيه استحباب كون المؤذن حسن الصوت. 176- وعن جابر بن سَمُرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: ((صَلّيْت مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - العيدينِ، غَيْرَ مرَّةٍ، ولا مرَّتين، بغير أذانٍ، ولا إقامةٍ)). رَوَاهُ مُسْلمٌ. 177- ونحوه في المتفق عليه عن ابن عباس - رضي الله عنه - وغيره. الحديث دليل على أنه لا يشرع لصلاة العيدين أذان ولا إقامة، قال في الاختيارات: والنداء بالأذان والإقامة مختص بالصلوات الخمس، وأما النداء بغير الأذان والإقامة فالسنة أن ينادي للكسوف: الصلاة جامعة، لحديث عائشة: ((خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث منادياً ينادي: الصلاة جامعة)). ولا ينادى للعيد والاستسقاء، وقاله طائفة من أصحابنا، ولهذا لا يشرع للجنازة ولا للتراويح على نص أحمد خلافاً للقاضي؛ لأنه لم ينقل عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، والقياس على الكسوف فاسد الاعتبار. انتهى. 178- وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - في الحديث الطويل، في نوْمهم عن الصَّلاة: ((ثمَّ أَذَّن بلالٌ، فصلَّى النّبي - صلى الله عليه وسلم -، كما كان يصْنعُ كل يوم)). رواه مسلم. 179- ولهُ عن جابر - رضي الله عنه -: ((أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أتى المُزدلفةَ فصلَّى بها المغرب والعشاءَ بأذان واحدٍ وإقامتين)). 180- ولهُ عن ابن عمرَ - رضي الله عنهما -: ((جمعَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيْنَ المغربِ والعشاء بإقامةٍ واحدةٍ)). وزاد أبو داود: ((لكل صلاةٍ))، وفي رواية لهُ: ((ولم يُناد في واحدة منهُما)). تعارضت الروايات في ذكر الأذان، فيقدم حديث جابر؛ لأنه أثبت الأذان، والمثبت مقدم على النافي، فالحاصل أنه يشرع لمن جمع بين الصلاتين، أو قضى صلاة فائتة أن يؤذن للصلاة الأولى، ويقيم لها وللصلاة الثانية. 181- وعن ابْن عمرَ وعائشةَ - رضي الله عنهما - قالا: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ بلالاً يؤذنُ بليْلٍ، فكُلوا واشْرَبوا حتى ينادي ابنُ أُمِّ مَكْتوم)) وكانَ رجلاً أعمى لا يُنادي، حتى يقال له: أصبحْتَ. أَصْبحتَ. متفقٌ عليه، وفي آخره إدراجٌ. الحديث دليل على مشروعية الأذان قبل الفجر ليوقظ النائم ويرجع القائم، (قوله: فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) قال الحافظ: فيه إشعار بأن الأذان كان علامة عندهم على دخول الوقت، فبين لهم أن أذان بلال بخلاف ذلك. (قوله: وكان رجل أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت). في رواية: حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر، وفي الحديث دليل على أن الأذان قبل الفجر لا يكتفى به عن الأذان بعده، قال الموفق في المغني: ويستحب أن لا يؤذن قبل الفجر إلا أن يكون معه مؤذن آخر يؤذن إذا أصبح، كفعل بلال وابن أم مكتوم اقتداء برسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولأنه إذا لم يكن كذلك لم يحصل الإعلام بالوقت المقصود بالأذان، فإذا كانا مؤذنين حصل الإعلام بالوقت الثاني، وبقربه بالمؤذن الأول. انتهى. 182- وعن ابنِ عُمَر - رضي الله عنهما -: ((أن بلالاً أذَّن قَبْل الفَجْر، فأمَرهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعَ، فيُناديَ: ألا إنَّ العَبْدَ نامَ)) رواهُ أبو داودَ، وضعّفه. قال أبوداود عقب إخراجه: هذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة، وقال المنذري: قال الترمذي: هذا الحديث غير محفوظ، وقال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة هو غير محفوظ وأخطأ فيه حماد بن سلمة. 183- وعن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سمعتُم النِّداءَ فقُولوا مِثْل ما يقُولُ المؤذِّنُ)) متفَقٌ عليه. 184- وللبخاري عن معاوية - رضي الله عنه - مثلُهُ. 185- ولمسْلمٍ عن عُمرَ - رضي الله عنه - في فَضْل القوْل كما يقولُ المُؤذِّنُ كلمةً كلمةً، سوى الحَيْعلَتين، فيقولُ: ((لا حوْل ولا قُوَّةَ إلا بالله)). فيه مشروعية متابعة المؤذن والقول كما يقول، وإذا قال: حيّ على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: حيّ على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وفي آخر الحديث: ((إذا قال السامع ذلك من قلبه دخل الجنة)). 186- وعن عُثمانَ بنِ أبي العاص - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسولَ اللهِ اجْعَلني إمام قَوْمي، فقال: ((أَنْتَ إمامُهُمْ، واقْتدِ بأَضعفهمْ، واتّخِذْ مُؤذِّناً لا يأخذُ على أَذانِهِ أجراً)) أخرجه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم. الحديث يدل على جواز طلب الإمامة في الخير، وليس ذلك من طلب الرياسة المكروهة، وفيه أن على الإمام أن يلاحظ حال المصلين خلفه، وفيه كراهة أخذ الأجرة على الأذان. 187- وعن مالك بن الحُوَيْرثِ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ لنَا النّبيُّ- صلى الله عليه وسلم -: ((إذا حضَرَت الصلاةُ فَليُؤذن لكم أحَدُكم)) الحديث أخرجَهُ السبعةُ. الحديث دليل على وجوب الأذان، وفيه أن لا يشترط في المؤذن غير الإيمان لقوله: أحدكم. 188- وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: ((إذا أذَّنْتَ فترسّلْ، وإذا أقَمْت فاحْدُرْ واجعل بين أذانِك وإقامَتك مقدار ما يفْرُغُ الآكل مِنْ أكلِهِ)) الحديث رواهُ الترمذيُّ وضَعّفهُ. 189- ولهُ عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يُؤذِّنُ إلا مُتوضئ)) وضَعّفهُ أيضاً. 190- ولهُ عن زياد بن الحارث - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((ومنْ أذَّنَ فهو يُقيمُ)) وضعفهُ أيضاً. 191- ولأبي داودَ مِنْ حديث عبد الله بن زيد- رضي الله عنه - أنه قالَ: ((أَنا رأَيْتُهُ)) - يعني الأذان - وأنا كُنْتُ أُريدُهُ. قالَ ((فأَقِمْ أَنْتَ)) وفيه ضَعْفٌ أيضاً. (قوله: إذا أذنت فترسل) أي رتل ألفاظه ولا تعجل، (وإذا أقمت فاحدر) الحدر: الإسراع، (واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله) الحديث، وتمامه: ((والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء الحاجة ولا تقوموا حتى تروني)). وقال البخاري: باب كم بين الأذان والإقامة، قال ابن بطال: لا حدّ لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين، وفيه دليل على مشروعية الترسل في الأذان؛ لأن المراد منه الإعلام للبعيد، وهو مع الترسل أكثر إبلاغاً، وعلى شرعية الحدر والإسراع في الإقامة لأن المراد منها إعلام الحاضرين (قوله: لا يؤذن إلا متوضئ) فيه دليل على كراهة الأذان بغير وضوء، (قوله: ومن أذن) عطف على ما قبله وهو قوله: ((إنَّ أخا صداء قد أذن ومن أذن فهو يقيم)) قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم، (قوله: أنا رأيته وأنا كنت أريده قال فأقم أنت) فيه دليل على جواز إقامة غير من أذن. 192- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((المؤذِّنُ أمْلَكُ بالأذان، والإمامُ أَمْلك بالإقامة)) رواهُ ابن عدي وضعّفهُ. 193- وللبيهقي نحوه عن علي - رضي الله عنه - من قوله. الحديث دليل على أن المؤذن أملك بالأذان فلا يفتات عليه في ذلك إلا بإذنه، لأنه الأمين على الوقت والموكل بارتقابه، وعلى أن الإمام أملك بالإقامة فلا يقيم إلا بعد إشارة الإمام بذلك. قال مالك في الموطأ: لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة حداً محدوداً إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن منهم الثقيل والخفيف. 194- وعن أنس - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُرَدُّ الدعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ)) رواهُ النسائيُّ وصحّحهُ ابنُ خُزيْمَةَ. الحديث دليل على قبول الدعاء في هذا الوقت. 195- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ قَالَ حَينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللُّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَة، والصَّلاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمّداً الْوسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مقاما مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). أَخْرَجَهُ الأَرْبَعَةُ. الحديث دليل على استحباب هذا الدعاء بعد الأذان، زاد البيهقي: ((إنك لا تخلف الميعاد)) ويستحب أن يقول: ((رضيت بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد- صلى الله عليه وسلم - رسولاً)) قوله: (آت محمداً الوسيلة) أي المنزلة العالية كما وقع ذلك في حديث عبدالله بن عمرو عند مسلم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة))، (قوله: والفضيلة) أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق (قوله: وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته) المراد بذلك المذكور في قوله تعالى: ï´؟ وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ï´¾ [الإسراء: الآية: 79] وهو المقام الذي يقومه- صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربهم من شدة ذلك اليوم، فيسجد لله تحت العرش ويحمده ويثني عليه فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع.
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(14) الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك باب سُتْرَةِ المصلي 218- عن أبي جُهَيْم بن الحارث - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «لوْ يَعْلَمُ المارُّ بَيْنَ يدي المُصلِّي ماذا عليْه من الإثم لكان أن يقف أربعينَ خيْراً له منْ أنْ يمُر بين يديه» متّفق عليه،واللفظُ للبخاريِّ، ووقعَ في البَزَّار من وجهٍ آخر «أَربعين خريفاً». الحديث دليل على تحريم المرور بين يدي المصلي، وهو عام في كل مصل، وقيل: يختص بالإمام والمنفرد لحديث ابن عباس ذكره البخاري في باب: «سترة الإمام سترة من خلفه» وأوله: «أقبلت راكباً على حمار أتان». الحديث. 219- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «سُئِل النّبي - صلى الله عليه وسلم - -في غَزوةِ تَبوك- عنْ سُترةِ المُصَلي، فقَالَ: «مثلُ مُؤخِرَةَ الرَّحْلِ» أخرجه مُسْلِمٌ. قال العلماء: الحكمة في السترة كف البصر عما وراءها ومنع من يجتاز بقربه، قال النووي: استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر مكان السجود وكذلك الصفوف. 220- وعن سَبْرة بن مَعْبَدٍ الجُهنيِّ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «لِيَسْتَتِرْ أحدُكم في الصَّلاَةِ ولوْ بسَهْمٍ» أخرجه الحاكم. الحديث دليل على استحباب السترة وأنها تجزئ غلظت أو دقت. 221- وعن أبي ذرّ الغفاري - رضي الله عنه - قالَ: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَقْطعُ صلاة الرَّجُلِ المسلم -إذا لم يكن بين يديْهِ مِثْلُ مُؤخِرةَ الرَّحل- المرأةُ، والحمارُ، والكَلْبُ الأسودُ - الحديث»- وفيه «الكلبُ الأسودُ شيطانٌ» أخرجه مسلمٌ. 222- وله عن أبي هريرة نحوه، دون الكلب. 223- ولأبي داود والنسائيِّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - نحْوُهُ، دون آخرهِ. وقَيّد المرْأة بالحائض. الحديث دليل على أنه يقطع صلاة من لا ستر له مرور هذه المذكورات، وظاهر القطع الإبطال، وقد اختلف العلماء في ذلك، وذهب الجمهور إلى أنه لا يقطعها شيء، وتأولوا الحديث بأن المراد بالقطع نقص الأجر لا الإبطال. 224- وعن أبي سعيد الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّى أحدكم إلى شيءٍ يسترُهُ من الناس، فأراد أحدٌ أنْ يجتازَ بين يديهِ فَلْيَدْفَعَهُ، فإن أبى فَلْيُقاتلهُ، فإنّما هو شَيْطَانٌ» متّفق عليه، وفي رواية: «فإنَّ معهُ القرين». قال القرطبي: يدفعه بالإشارة ولطيف المنع فإن لم يمتنع عن الاندفاع قاتله، أي دفعه دفعاً أشد من الأول، قال: وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح. 225- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: « إذَا صلَّى أحدُكم فَلْيجعل تِلْقاءَ وَجْهِه شَيئاً، فإن لم يجد فَلْيَنْصُبْ عصا، فإن لمْ يكُن فلْيَخُطَّ خطَّاً، ثمَّ لا يضُرُّهُ منْ مرَّ بين يديْه» أخرجهُ أحمدُ وابنُ ماجه وصححه ابن حبان، ولمْ يُصِبْ مَنْ زعمَ أنَّهُ مُضطَربٌ، بل هو حسنٌ. الحديث دليل على أن السترة تجزئ بأيّ شيء كانت، وإذا لم يجد جمع تراباً وأحجاراً؛ واختار أحمد أن يكون الخط كالهلال وكيفما خط أجزأ، قال في الشرح الكبير: فإن كان معه عصا لا يمكنه نصبها ألقاها بين يديه عرضاً، نقله الأثرم. 226- وعن أبي سعيدٍ الخدْري - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «لا يقطعُ الصَّلاةَ شَيءٌ، وادْرَأْوا ما اسْتَطَعْتُمْ» أخرجهُ أبو داوُدَ، وفي سنده ضَعْفٌ. الحديث دليل لقول الجمهور إن الصلاة لا يبطلها مرور شيء وإن نقص ثوابها ولهذا قال: «وادرأوا ما استطعتم».
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(15) الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك باب الحث على الخشوع في الصلاة الخشوع: الخضوع والتذلل والسكون. 227- عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - قالَ: نَهى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُصَلِّي الرَّجُلُ مختصراً. متفقٌ عليه، واللَّفْظُ لِمُسْلِمِ، ومَعْنَاهُ أن يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِه. 228- وفي البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: أنَّ ذَلِكَ فِعْلُ اليَهُودِ. الخاصرة: هي الشاكلة، والحكمة في النهي عن الاختصار أنه فعل اليهود وقد نهينا عن التشبه بهم، وفي ذكر المصنف له في هذا الباب إشعار بأنه ينافي الخشوع. 229- وعن أنَس - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا قُدِّم العشاءُ فابدَؤوا به قبلَ أن تُصَلُّوا المغْربَ)) متفقٌ عليه. الحديث دليل على استحباب تقديم أكل العشاء إذا حضر على صلاة المغرب إذا كان محتاجاً إليه، لأن تأخيره يفضي إلى ترك الخشوع. 230- وعن أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قامَ أَحَدُكم في الصلاةِ فلا يمسَح الحَصى، فإنَّ الرحمَةَ تُواجِهُهُ))، رواهُ الخمسة بإسنادٍ صحيح، وزادَ أحْمدُ ((واحدةً أوْ دَعْ)). 231- وفي الصَّحِيحِ عَنْ مُعَيْقِيبٍ نَحْوُهُ بِغَيْرِ تَعْلِيلٍ. الحديث دليل على النهي عن مسح الحصى بعد الدخول في الصلاة، والعلة في النهي المحافظة على الخشوع؛ لأن الرحمة تواجهه فلا يغير ما تعلق بوجهه من التراب والحصى ولا ما يسجد عليه إلا أن يؤلمه فله ذلك، ولفظ حديث معيقيب: ((لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لا بد فاعلاً فواحدة لتسوية الحصى)). 232- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سألْتُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنْ الالْتِفَاتِ في الصَّلاة؟ فقالَ: ((هوَ اختلاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشْيطانُ من صلاة العبْد)) رواهُ البُخاريُّ، وللترمذي وصَحَّحهُ: ((إيَّاكِ والالتِفات في الصلاة، فإنّه هَلَكَةٌ، فإنْ كان لا بُدَّ ففي التطوُّعِ)). الحديث يدل على كراهة الالتفات في الصلاة إذا كان التفاتاً لا يبلغ إلى استدبار القبلة بصدره أو عنقه كله، وإلا كان مبطلاً للصلاة، وسبب كراهته نقصان الخشوع. 233- وعن أنس - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كانَ أحَدُكمْ في الصَّلاة فإنّهُ يُناجي ربَّهُ، فلا يَبْصُقَنَّ بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تَحْتَ قدَمِهِ)) متّفقٌ عليه. وفي رواية: ((أو تَحْتَ قدَمِهِ)). فيه النهي عن البصاق إلى جهة القبلة أو جهة اليمين إذا كان العبد في الصلاة، وقد ورد النهي مطلقاً عن أبي هريرة وأبي سعيد: ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في جدار المسجد فتناول حصاة فحتها أو قال: إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمن قبل وجهه ولا عن يمينه وليبصقن عن يساره أو تحت قدمه اليسرى)) متفق عليه ((وقوله: أو تحت قدمه)) خاص بمن ليس في المسجد، وأما إذا كان في المسجد بصق في ثوبه، وفي حديث أنس عند مسلم: ((ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ورد بعضه على بعض فقال: أو ليفعل هكذا)). 234- وعنه قالَ: كان قِرامٌ لِعَائشة سَتَرت به جانب بَيْتِها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أميطي عنّا قِرَامَكِ هذا، فإنّهُ لا تَزالُ تصَاويرُهُ تَعْرض لي في صلاتي)) رواه البخاريُّ. 235- واتّفقا على حديثها في قصة أَنْبجانيّة أبي جَهْمٍ، وفيهِ: ((فإنّها ألْهَتْنِي عنْ صلاتي)). في الحديث دليل على إزالة ما يشوش على المصلي صلاته مما في منزله أو في محل صلاته، قال الطيبي: فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيراً في القلوب والنفوس الذكية فضلاً عما دونها، وفيه كراهة الصلاة على المفارش والسجاجيد المنقوشة وكراهة نقش المساجد ونحوه. 236- وعن جابر بن سَمُرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَيَنْتَهِينَّ أقَوامٌ يَرْفعُونَ أبْصارَهُمْ إلى السماءِ في الصلاة أوْ لا تَرْجِعُ إليْهِمْ)) رواه مسلم. 237- ولهُ عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا صلاةَ بحضرَةِ طَعَامٍ ولا وهو يُدَافِعُهُ الأخْبَثانِ)). الحديث دليل على تحريم رفع البصر إلى السماء في الصلاة لأنه ينافي الخشوع، قال القاضي عياض: واختلفوا في غير الصلاة في الدعاء فكرهه قوم وجوزه الأكثرون (قوله: لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) أي البول والغائط، قال ابن دقيق العيد: ومدافعة الأخبثين إما أن تؤدي إلى الإخلال بركن أو شرط أو لا، فإن أدى ذلك امتنع دخول الصلاة معه، وإن دخل واختل الركن أو الشرط فسدت الصلاة بذلك الاختلال، وإن لم يؤد إلى ذلك فالمشهور فيه الكراهة، والله أعلم. انتهى. 238- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((التّثاؤبُ من الشيطانِ، فإذا تثَاءَب أحدُكم فَلْيكظِمْ ما استطاع)) رواهُ مسلمٌ والترمذيُّ، وزادَ: ((في الصَّلاة)). التثاؤب يصدر عن الامتلاء والكسل، وفي الحديث الأمر بالكظم في الصلاة وغيرها، وفي البخاري: ((و لا يقل: ها فإنما ذلك من الشيطان يضحك منه، وينبغي أن يضع يده على فيه لحديث: ((إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب)) رواه أحمد وغيره.
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(16) الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك (المساجد) 239- عن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: أمرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِبِناءِ المساجدِ في الدُّور، وأن تُنَظّفَ وتُطَيبَ. رواهُ أحمد وأبو داود والترمذي وصَحَّحَ إرساله. المراد بالدور: المحال التي فيها الدور، وفي الحديث الأمر بتنظيف المساجد عن الأقذار وتطييبها بالبخور ونحوه. 240- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((قاتل الله اليهود اتّخذُوا قبورَ أَنْبِيائِهمْ مساجد)) متفقٌ عليه وزادَ مسلم: ((والنّصارى)). 241- ولهُمَا منْ حديث عائشةَ - رضي الله عنها - ((كانوا إذا مات فيهمُ الرَّجُلُ الصَّالحُ بَنَوْا على قبره مَسْجداً)) وفيه: ((أُولئك شرارُ الخَلْق)). الحديث دليل على تحريم بناء المساجد على القبور، قال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصاري يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها اتخذوها أوثاناً لعنهم الله، ومُنِع المسلمون من ذلك انتهى، قال في سبل السلام: مفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر، وقد أخرج أبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس قال: ((لعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج)). 242- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بعثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً، فجَاءَتْ برجُلٍ، فَرَبَطُوهُ بساريةٍ من سواري المسجد. الحديث متفقٌ عليه. الرجل هو ثمامة بن أثال، وفي الحديث دليل على جواز ربط الأسير في المسجد، وإن كان كافراً، قال الخطابي فيه جواز دخول المشرك المسجد إذا كان له فيه حاجة، وقد كان الكفار يدخلون مسجده- صلى الله عليه وسلم - ويطيلون فيه الجلوس. 243- وعنهُ أنَّ عُمر - رضي الله عنه - مرَّ بحسّان يُنْشِدُ في المسجد، فلَحَظَ إليه، فقال: قد كُنْتُ أُنْشدُ، وفيه مَنْ هُو خيرٌ منْكَ. متّفق عليه. الحديث دليل على جواز انشاد الشعر في المسجد، وهو محمول على الشعر الحسن بشرط أن لا يشغل من في المسجد. 244- وعنهُ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضالّةً في المسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لا رَدَّهَا الله علَيْكَ، فإنَّ المساجدَ لمْ تُبْنَ لهذا)) رواه مُسلمٌ. الحديث دليل على تحريم السؤال عن الضالة في المسجد، والأمر بالإنكار على فاعل ذلك وتعليمه بقوله: ((لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا)). 245- وعنهُ - رضي الله عنه -، أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا رَأَيْتُمْ منْ يَبيعُ، أوْ يَبْتاعُ في المسجدِ فقُولوا له: لا أَرْبَحَ الله تِجارَتك)) رواهُ النَّسائيُّ والترمذي، وحسّنَهُ. الحديث دليل على تحريم البيع والشراء في المسجد، وفيه الأمر بالإنكار على من فعل ذلك بقوله: لا أربح الله تجارتك. 246- وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُقام الحدودُ في المساجدِ، ولا يُسْتَقادُ فيها)) رواهُ أبو داودَ بسندٍ ضعيفٍ. الحديث دليل على تحريم إقامة الحدود في المساجد والقصاص فيها. 247- وعن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت: أُصيبَ سَعْدٌ يومَ الخنْدقِ فَضَرَبَ عليهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خيْمَةً في المسْجدِ، لِيَعُودَهُ من قريب. متّفق عليه. سعد: هو ابن معاذ الأنصاري- رضي الله عنه -، أصيب في أكحله فلم يرقأ دمه حتى مات بعد شهر، وفي الحديث دليل على جواز النوم في المسجد، وضرب الخيمة، وبقاء المريض فيه وإن كان جريحاً. 248- وعنْها قالَتْ: ((رَأَيْتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يسْتُرُنِي وأنا أَنْظُرُ إلى الحبشةِ يلعبون في المسجد)) الحديثُ. متفقٌ عليه. لعبهم كان بالدرق والحراب، وروي أنهم يقولون في لعبهم محمد عبد صالح وفي الحديث: ((إن عمر أنكر عليهم فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم -: دعهم)) وفي بعض ألفاظه: ((أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأني بعثت بحنيفية سمحة)) وفي رواية للبخاري: ((وكان يوم عيد، وفي الحديث دليل على جواز نظر المرأة إلى جملة الناس من دون تفصيل لأفرادهم كما تنظرهم في المسجد والطرقات. 249- وعَنْهَا: ((أَن وَلِيدَةً سَوْدَاءَ كَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي)) الْحَدِيثُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. الحديث دليل على إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن ليس له مسكن من المسلمين رجلاً كان أو امرأة عند أمن الفتنة. 250- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((البُصَاقُ في المسجد خطيئةٌ وكفارتها دفنها)) متفق عليه. الحديث دليل على أن البصاق في المسجد خطيئة فينبغي لمن بدره ذلك أن يبصق في ثوبه أو خارج المسجد لئلا يفعل خطيئة، فإن فعل بأن بصق في المسجد دفنها في ترابه إن لم يكن مفروشاً أو مبلوطاً، وإلا أزالها وذلك كفارتها. 251- وَعَنْهُ - رضي الله عنه -، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ)). أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلا التَّرْمِذِيَّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. الحديث علم من أعلام النبوة، والتباهي في المساجد التفاخر في بنائها وزخرفتها، وعمارة المسجد بالعبادة لا بالزينة. 252- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أُمِرْتُ بِتَشْيِيد الْمَسَاجِدِ)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وصححه ابنُ حِبَّانَ. التشييد: رفع البناء وتزيينه بالشيد وهو الجص ونحوه، قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصارى، قال ابن بطال: السنة في بينان المساجد القصد وترك الغلو في تحسينها، فقد كان عمر مع كثرة الفتوحات في أيامه وكثرة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه، وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه، ثم قال عند عمارته: أكنّ الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس؛ ثم كان عثمان والمال في زمنه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة ومع ذلك أنكر بعض الصحابة عليه، وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبدالملك وذلك في أواخر عصر الصحابة، وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفاً من الفتنة. 253- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((عُرِضَتُ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ، واسْتَغْرَبَهُ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. فيه دليل على استحباب تنظيف المسجد، وأنه مأجور فيما أخرجه من الأذى وإن قلّ. 254- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فيه دليل على استحباب صلاة ركعتين قبل أن يجلس وهما تحية المسجد، واختلف العلماء في أوقات النهي هل يصلي فيها تحية المسجد أم لا؟ والراجح أن الأمر بتحية المسجد عام والنهي عن الصلاة في هذه الأوقات خاص فلا تجوز في أوقات النهي، وأما المسجد الحرام فتحيته الطواف، فإن جلس قبل الطواف صلى ركعتين لعموم الحديث، والله أعلم.
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(17) الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك باب صفة الصلاة 281- وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإني نُهيتُ أن أقرأَ القُرآنَ راكعاً أو ساجداً، فأما الرُّكوع فعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ، وأمّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا في الدُّعاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُستجابَ لكُم)). رَوَاهُ مُسلمٌ. الحديث دليل على تحريم تلاوة القرآن في الركوع والسجود، وفيه مشروعية تعظيم الرب في الركوع، وكثرة الدعاء في السجود وأنه محل إجابة. 282- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في ركوعهِ وسجوده: ((سبحانك اللهمَّ ربّنا وبِحَمْدكَ، اللّهمَّ اغفرْ لي)) مُتّفقٌ عليه. الحديث دليل على أن هذا من أذكار الركوع والسجود. والجمع بينه وبين قوله: ((فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء)) أن يكون التعظيم في الركوع هو غالب الذكر، وعن عوف بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، فقد تم ركوعه وذلك أدناه، وإذا سجد فقال في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، فقد تم سجوده وذلك أدناه)) رواه الترمذي وأبوداود وابن ماجه. 283- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا قامَ إلى الصلاة يكبِّرُ حين يقُومُ، ثمَّ يكبّرُ حين يركعُ ثم يقولُ: ((سَمِعَ الله لمن حمده)) حين يرفعُ صُلبه من الرُّكوع، ثمَّ يقولُ وهو قائمٌ: ((ربنا ولكَ الحمْدُ)) ثمَّ يُكبِّر حين يهْوى ساجداً، ثمَّ يكبِّر حين يرْفعُ رأسَهُ، ثمَّ يكبِّر حين يسْجُدُ، ثمَّ يكبِّر حينَ يرْفعُ، ثم يفْعَلُ ذلكَ في الصلاةِ كُلِّها، ويُكبِّرُ حين يقومُ من اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الجُلوس. متّفقٌ عليه. الحديث دليل على مشروعية ما ذكر من التكبير والتسميع والتحميد، فأما التسميع فهو خاص بالإمام والمنفرد، وقد كان وقع من بعض أمراء بني أمية ترك بعض التكبير تساهلاً لكنه استقر العمل من الأمة بعد على فعله. 284- وعن أبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه - قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكوعِ قالَ: ((اللهُمَّ رَبّنا لكَ الحمْدُ، ملءَ السّموات والأرضِ، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثّناءِ والمَجْد، أحَقُّ ما قال العَبْدُ -وكلُّنا لكَ عَبْدٌ- اللهُمَّ لا مانعَ لما أعْطيتَ، ولا مُعطِي لما مَنَعْتَ، ولا يَنْفَعُ ذا الجدِّ مِنْكَ الجَدُّ)) رواه مسلم. الجدُّ هنا: الحظ، لا ينفع ذا الحظ من عقوبتك حظه، قال الله تعالى: ï´؟ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ï´¾[الشعراء: 88-89]. والحديث دليل على مشروعية هذا الذكر في هذا الركن لكل مصل. 285- وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أُمِرْت أن أَسْجُدَ على سبعة أعْظُمٍ: على الْجَبْهَةِ -وأَشَارَ بيدهِ إلى أَنفِهِ- واليَدَيْن، والرُّكْبتَيْن، وأَطْرَافِ القدمَين)) متّفقٌ عليه. الحديث دليل على وجوب السجود على ما ذكر، والجبهة هي الأصل في السجود والأنف تبع لها. 286- وعن ابن بُحَيْنَةَ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا صلَّى وسَجَدَ فرَّج بين يديه، حتى يبدو بياضُ إبطيه. متفق عليه. الحديث دليل على استحباب هذه الهيئة في السجود والركوع ليستقل كل عضو بنفسه، وعن أبي هريرة قال: ((شكا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له مشقة السجود عليهم إذا تفرجوا فقال: استعينوا بالركب)) رواه أبوداود. 287- وعن البَرَاءِ بن عازبٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سَجَدْتَ فَضَعْ كفّيك، وارْفعْ مرفقيْك)) رواه مسلمٌ. الحديث دليل على استحباب هذه الهيئة للرجال، وروى أبوداود في مراسيله عن زيد بن أبي حبيب: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ على امرأتين تصليان فقال: إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض؛ فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل)). 288- وعن وائل بن حُجْر - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا ركعَ فَرَّجَ بين أصابعهِ، وإذا سَجَدَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ. رواه الحاكِمُ. قال العلماء: الحكمة في ضمه أصابعه عند سجوده، لتكون متوجهة إلى القبلة. 289- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: رأيتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مُتربّعاً. رواهُ النسائي وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ. قال العلماء: صفة التربع أن يجعل باطن قدمه اليمنى تحت الفخذ اليسرى، وباطن اليسرى تحت اليمنى مطمئناً، وكفيه على ركبتيه مفرقاً أنامله كالراكع، والحديث دليل على كيفية قعود المريض إذا صلى قاعداً. 290- وعنْ ابن عباس - رضي الله عنهما -، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقولُ بينَ السّجْدَتينِ: ((اللهمَّ اغفرْ لي، وارحَمْني، واهدني وعَافِني، وارْزُقني)). رواه الأربعة إلا النسائيَّ، واللَّفْظُ لأبي دَاوُدَ، وصحَّحَهُ الحَاكمُ. الحديث دليل على مشروعية الدعاء في القعود بين السجدتين. 291- وعن مالك بن الحُويْرثِ - رضي الله عنه -: أَنَّهُ رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي، فإذا كانَ في وترٍ من صلاتِهِ لمْ ينهض حتى يَسْتويَ قاعداً. رواهُ البُخاري. هذه القعدة تسمى جلسة الاستراحة، وقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال: إنها سنة، وقال الأكثر: إنما تفعل للحاجة، وتمسكوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تبادروني بالقيام ولا بالقعود فإني قد بدنت)) فدل على أنه كان يفعلها لهذا السبب فلا تشرع إلا في حق من اتفق له نحو ذلك. 292- وعن أَنَس - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شهراً، بَعْدَ الرُّكوع، يَدْعُو على أحياء من العرب، ثمَّ تركَهُ. متفقٌ عليه، ولأحْمَدَ والدَّارقُطْنِيِّ نحوُهُ من وجهٍ اخر، وزاد: ((وأمّا في الصُّبح، فلمْ يَزَلْ يَقْنُتُ حتى فارق الدُّنيا)). الأحاديث عن أنس في القنوت قد اضطربت وتعارضت، والجمع بينها أن القنوت الذي تركه هو الدعاء على أحياء العرب، والذي قبل الركوع هو طول القيام للقراءة، وهو الذي استمر عليه، وكذلك استمر على تطويل القيام بعد الركوع للثناء والدعاء. 293- وعنه - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: كان لا يقْنُتُ إلا إذا دعَا لِقَوْم، أو دعا على قوم. صَحّحهُ ابنُ خزيمةَ. الحديث دليل على أنه يسن القنوت في النوازل، فيدعو بما يناسب الحادثة. 294- وعن سَعِيد بن طارق الأشجعي - رضي الله عنه - قالَ: قلتُ لأبي: يا أبَتِ، إنَّك قد صلّيت خلْف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكْر، وعُمَرَ، وعُثْمان، وعليٍّ، أَفكانوا يَقْنُتُون في الفَجْر؟ قالَ: أي بُنيَّ، مُحْدَثٌ. رواه الخمسةُ إلا أبا داود. الحديث دليل على عدم استحباب القنوت في صلاة الفجر لغير نازلة. 295- وعن الحسَن بنْ علي - رضي الله عنهما - أنَّهُ قالَ: علّمَنِي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كلماتٍ أقُولُهُنَّ في قُنُوت الوتْر: ((اللهمَّ اهدني فيمَنْ هديْتَ، وعافِني فيمَنْ عَافَيْت، وتولَّني فيمنْ توَلّيت، وبارك لي فيما أَعْطَيْتَ، وقِني شرَّ ما قَضَيْتَ، فإنّكَ تَقْضِي ولا يُقْضَى عليكَ، إنّهُ لا يَذِلُّ مَنْ والَيْتَ، تَبَارَكْتَ ربّنا وتعالَيْت)) رواه الخمسة. وزاد الطّبرانيُّ والبيهقيُّ: ((ولا يعِزُّ من عادَيْت)) زادَ النسائي منْ وجْهٍ آخر في آخرهِ: ((وصلَّى الله تعالى على النبيِّ)). 296- وللبيْهقيِّ عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمْنا دُعاءً ندعو به في القُنُوتِ من صلاة الصُّبح وفي سَنَدِهِ ضَعْفٌ. الحديث دليل على مشروعية القنوت في صلاة الوتر. 297- وعن أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سَجَدَ أَحدُكمْ فلا يَبْرُكْ كما يبركُ البعيرُ، ولْيَضَعْ يديه قبلَ ركبتيهِ))، أخرجه الثلاثة، وهوَ أقوى من حديث وائل بن حُجْر. 298- رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا سَجَدَ وضعَ ركبتيهِ قبْلَ يَدَيْهِ، أخرجه الأربعةُ، فإنَّ للأولِ شاهداً من حديث ابن عُمرَ - رضي الله عنهما -، وصحّحهُ ابنُ خُزيمة، وذكره البخاري مُعلقاً موْقوفاً. حديث أبي هريرة فيه انقلاب على الراوي؛ لأنه قال: ((فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه))، فإن المعروف من بروك البعير هو تقديم يديه قبل رجليه، والصواب وضع الركبتين قبل اليدين، وعن أنس قال: ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه)). أخرجه الدارقطني والبيهقي والحاكم. 299- وعن ابن عُمَر - رضي الله عنهما - أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا قَعَدَ للتّشَهُّد وضع يدَهُ اليُسرى على ركْبتهِ اليُسرى، واليُمنى على اليُمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشارَ بأُصْبُعِهِ السّبّابةِ، رواهُ مسلمٌ. وفي رواية له: وقَبَض أصابعهُ كلَّها، وأشار بالّتي تلي الإبْهامَ. الحديث دليل على استحباب وضع اليدين على الركبتين، وفيه استحباب الإشارة عند التشهد والدعاء، وفي حديث وائل بن حجر: ((حلق بين الإبهام والوسطى)) أخرجه ابن ماجه، وهو مخير بين هذه الهيئات. (قوله: وعقد ثلاثة وخمسين) إشارة إلى طريقة في الحساب معروفة عند العرب في الآحاد والعشرات والمئين والألوف، فللواحد عقد الخنصر إلى أقرب ما يليه من باطن الكف، وللاثنين عقد البنصر معها كذلك، وللثلاثة عقد الوسطى معها كذلك، وللأربعة حل الخنصر، وللخمسة حل البنصر معها دون الوسطى، وللستة عقد البنصر وحل جميع الأنامل، وللسبعة بسط الخنصر إلى أصل الإبهام مما يلي الكف، وللثمانية بسط البنصر فوقها كذلك، وللتسعة بسط الوسطى فوقها كذلك، وأما العشرات فلها الإبهام والسبابة، فللعشرة عقد رأس الإبهام على طرف السبابة، وللعشرين إدخال الإبهام بين السبابة والوسطى، وللثلاثين عقد رأس السبابة على رأس الإبهام عكس العشرة، وللأربعين تركيب الإبهام على العقد الأوسط من السبابة وعطف الإبهام على أصلها، وللخمسين عطف الإبهام على أصلها، وللستين تركيب السبابة على ظهر الإبهام عكس الأربعين، وللسبعين إلقاء رأس الإبهام على العقد الأوسط من السبابة ورد طرف السبابة إلى الإبهام، وللثمانين رد طرف السبابة إلى أصلها وبسط الإبهام على جنب السبابة من ناحية الإبهام، وللتسعين عطف السبابة إلى أصل الإبهام وضمها بالإبهام، وأما المئين فكالآحاد إلى تسعمائة في اليد اليسرى والألوف كالعشرات في اليسرى. 300- وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: الْتفتَ إليْنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقَالَ: ((إذا صلَّى أحدُكم فلْيَقُل: التّحِيّاتُ لله، والصَّلواتُ، والطّيِّباتُ، السّلامُ عليك أيّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُهُ، السّلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحينَ، أشهدُ أن لا إلَه إلا الله وحده لا شريك له، وأشْهَدُ أنَّ محمداً عبْدُهُ ورسولُهُ، ثمَّ ليتخَيّر من الدّعاءِ أَعْجبَهُ إليه، فيَدْعو)) متفقٌ عليه واللفظ للبخاريِّ، وللنسائي: كُنّا نقولُ قبلَ أن يُفرض علينا التشهد، ولأحمد: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - علمه التشهد وأمره أن يعلمه الناس. 301- ولمسْلمٍ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعلِّمُنا التّشهُّدَ: ((التحيات المُباركاتُ الصلواتُ الطّيِّباتُ لله)) - إلى آخرِهِ. حديث ابن مسعود هو أصح ما روي في التشهد، قال مسلم: إنما أجمع الناس على تشهد ابن مسعود لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضاً، وغيره قد اختلف عنه أصحابه انتهى، والحديث دليل على وجوب التشهد وأنه فرض. 302- وعن فَضالةَ بن عُبَيْدٍ - رضي الله عنه - قالَ: سمع رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يدعو في صلاته، ولم يحْمد الله، ولم يُصلِّ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((عَجِلَ هذا)) ثمَّ دعاهُ، فقالَ: ((إذا صلَّى أحدُكم فلْيبدأ بتحميد ربِّه والثناء عليه، ثمَّ يُصلِّي على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ يدعو بما شاءَ)) رواهُ أحمد والثلاثة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم. الحديث دليل على مشروعية ما ذكر من التحميد، والثناء على الله، والصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم -، والدعاء بما شاء، وفيه تقديم الوسائل بين يدي السائل، وهو نظير قوله: ((إياك نعبد وإياك نستعين))، حيث قدم الوسيلة -وهي العبادة- على الاستعانة. 303- عن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: قال بشيرُ بن سعد: يا رسول الله،أمرنا الله أن نصلِّي عليك، فكيف نُصلِّي عليك؟ فسكت، ثم قال: قولوا: ((اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلِّيت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ والسلام كما عَلِمْتُم)) رواه مسلم. وزاد ابن خزيمة فيه : (فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟). الحديث دليل على وجوب الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وقد وردت بألفاظ كلها جائزة. 304- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا تشهّدَ أحدُكم فلْيَسْتَعِذْ بالله مِنْ أربعٍ، يقولُ: اللّهُمَّ إني أعوذُ بكَ مِنْ عذابِ جهنّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيحِ الدّجّالِ)) متفقٌ عليه، وفي رواية لمسلم: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير)). الحديث دليل على مشروعية الاستعاذة مما ذكر في هذا الموضع، وصنيع المصنف يدل على أن ذلك بعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. 305- وعن أبي بكْر الصّديق - رضي الله عنه - أنهُ قال لرسولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: علّمْني دُعاءً أدْعو به في صلاتي، قال: قلْ: ((اللهم إني ظلَمْتُ نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغْفِرُ الذنوبَ إلا أنت، فاغْفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفورُ الرحيمُ)) متّفقٌ عليه. الحديث دليل على مشروعية الدعاء في الصلاة على الإطلاق، ومن محلاته بعد التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستعاذة من الأربع لقوله في حديث ابن مسعود: ((ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو))، وفيه دليل على جواز الدعاء في الصلاة بما ورد، وبما لم يرد في لفظ: ((ثم ليختر من المسألة ما شاء)). 306- وعن وائل بنُ حُجر - رضي الله عنه - قال: صَلّيت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان يُسلِّمُ عن يمينه: ((السلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه)) وعن شماله: ((السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاتُهُ)) رواهُ أبو داود بإسناد صحيح. الحديث دليل على مشروعية التسليمتين عن يمينه وعن شماله منحرفاً إلى الجهتين، بحيث يرى بياض خده، وأما زيادة وبركاته، فلم يقل أحد بوجوبها. 307- وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقولُ في دُبُر كُلِّ صلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: ((لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملك ولهُ الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، اللهم لا مانع لِمَا أَعْطَيْتَ، ولا مُعْطيَ لما مَنَعْتَ، ولا يَنْفَعُ ذا الجدِّ منْك الجدُّ)) متفقٌ عليه. الحديث دليل على استحباب هذا الذكر عقب الصلوات. زاد الطبراني: ((يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير)). 308- وعن سعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه -، أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَتَعَوَّذُ بهنَّ دُبُر كُلِّ صَلَاةٍ: ((اللهُمَّ إني أعوذُ بك من البُخْلِ، وأعوذُ بك من الجُبْن، وأعوذُ بك من أن أُرَدَّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، وأعوذُ بك من فِتْنَةِ الدنيا، وأعوذُ بك من عذاب القبر)) رواه البخاري. الحديث دليل على استحباب هذا الدعاء في دبر الصلاة، ويحتمل أنه قبل السلام وبعده، وصنيع المصنف يدل على الثاني. 309- وعن ثوبان - رضي الله عنه - قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً، وقال: ((اللهمَّ أنتَ السّلامُ ومنكَ السلامُ، تباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ)) رواه مسلم. الاستغفار عقب الصلاة إشارة إلى أن العبد لا يقوم بحق عبادة مولاه لما يعرض له من الوسواس والخواطر، فشرع له الاستغفار تداركاً لذلك. 310- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من سَبّح اللهَ دُبرَ كُلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، وحَمَدَ اللهَ ثلاثاً وثلاثين، وكبّر اللهَ ثلاثاً وثلاثين، فتلك تِسْعٌ وتسْعون، وقال تَمَامَ المِائَةِ: لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ، وله الحمْدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، غفرَت له خطاياه، وإنْ كانتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْر)) رواه مسلمٌ، وفي رواية أخرى: أنَّ التكبيرَ أربَعٌ وثلاثون. الحديث دليل على استحباب هذا الذكر عقب الصلوات، وورد بعد صلاة المغرب وصلاة الفجر بخصوصهما عند أحمد قوله: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات)) فزاد الترمذي: ((يحيي ويميت)). 311- وعن مُعاذ بن جبل - رضي الله عنه -، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لَهُ: ((أُوصِيك يا مُعَاذُ: لا تدعنَّ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍ أن تقولَ: اللهم أعني على ذِكْركَ وشُكركَ وحسْنِ عبادتكَ)) رواهُ أحمد وأبو داود والنسائي بسند قوي. الحديث دليل على استحباب هذا الدعاء دبر كل صلاة. 312- وعن أبي أُمامة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((منْ قرَأَ آية الكرسيِّ دُبُر كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ لم يمنعه من دُخُول الجنّةِ إلا المَوْتُ)). رواهُ النسائي، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ، وزاد فيه الطَّبرَانيُّ: ((وقُلْ هوَ الله أحدٌ)). الحديث دليل على استحباب قراءة آية الكرسي، وقل هو الله أحد، عقب الصلوات، وأخرج أبوداود والنسائي من حديث عقبة بن عامر: ((أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة)). 313- وعن مالك بن الحُويرث - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلُّوا كما رأَيْتُمُوني أُصَلِّي)) رواهُ البخاريُّ. هذا الحديث أصل عظيم في دلالته على أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - وأقواله في الصلاة بيان لما أجمل في القرآن والأحاديث من الأمر بالصلاة، وفيه دليل على وجوب التأسي به- صلى الله عليه وسلم - فيما فعله، فكل ما حافظ عليه من أقوالها وأفعالها وجب على الأمة إلا لدليل يخصص شيئاً من ذلك. 314- وعن عِمْران بن حصين - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صلِّ قائماً، فإن لم تَسْتطع فقاعداً، فإن لم تستطعْ فعلى جَنْبٍ وإلاَّ فأَوْمِ)). رواه البخاري. قال في سبل السلام: لم نجده في نسخ البلوغ منسوباً، وقد أخرجه البخاري دون قوله: ((وإلا فأوم)) والنسائي، وزاد: ((فإن لم تستطع فمستلق لا يكلف الله نفساً إلا وسعها))، والحديث دليل على أنه لا يصلي الفريضة قاعداً إلا لعذر وهو عدم الاستطاعة، ويلحق به ما إذا خشي ضرراً لقوله تعالى: ï´؟ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ï´¾[الحج: 78]. 315- وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمريضٍ -صَلَّى على وسادةٍ، فرمى بها- وقال: ((صلِّ على الأرض إن اسْتطعْتَ، وإلا فأوم إيماءً، واجْعَل سُجودكَ أخْفَضَ منْ رُكوعكَ)) روَاهُ البيهقي بسندٍ قوي. ولكن صحح أبو حاتم وَقْفَهُ. الحديث دليل على أنه لا يتخذ المريض ما يسجد عليه حيث تعذر سجوده على الأرض، وقد أرشده إلى أنه يفصل بين ركوعه وسجوده، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، والله أعلم.
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(18) الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك باب سجود السَّهوِ وغيره من سجود التلاوة والشكر 316- عن عبدالله بن بُحَيْنَةَ - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهرَ، فقامَ في الركعتين الأُوليَينِ، ولمْ يجلسْ، فقامَ النّاسُ معهُ، حتى إذا قضى الصَّلاة، وانتظَرَ النّاسُ تسْليمَهُ، كَبّر وهو جالسٌ. وسَجَدَ سَجْدتين، قبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، ثم سَلَّمَ. أخرجه السبعة وهذا اللفظ للبخاريّ، وفي رواية لمسلم: يُكْبِّرُ في كلِّ سجْدةٍ وهو جالسٌ ويَسْجُدُ الناسُ معهُ، مكان ما نسي من الجلوس. الحديث دليل على أن ترك التشهد الأول سهواً يجبره سجود السهو، وفيه دليل على مشروعية التكبير فيه، وأن محل مثل هذا السجود قبل السلام، وفيه وجوب متابعة الإمام. 317- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قالَ: صلى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إحْدى صلاتي العشيِّ ركعتين، ثمَّ سلّمَ، ثمَّ قام إلى خشبةٍ في مُقْدَّمِ المسْجِدِ، فوضعَ يدهُ عليها، وفي القوْم أبو بكر وعُمَرُ، فهابا أنْ يُكلماهُ وخرج سرعَانُ النّاس، فقالوا: قُصِرَتِ الصَّلاةُ، ورجُلٌ يدْعُوهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ذا اليدين، فقال: يا رسول الله، أنسيتَ أمْ قُصِرتِ الصَّلاةُ؟ فقالَ: «لمْ أنسَ ولمْ تُقْصَرْ» فقال: بَلى، قدْ نَسِيتَ، فَصَلى ركعتين ثمَّ سَلَّمَ، ثمَّ كبّر، ثم سَجَدَ مثل سُجوده أَوْ أَطْوَل، ثمَّ رفع رأسَهُ فكبر، ثمَّ وَضع رأسَهُ فكبّرَ، فسَجَدَ مثل سُجوده، أَو أَطوَل، ثمَّ رفع رأسه وكبّر. متفقٌ عليه واللفظ للبخاريِّ، وفي رواية لمسلم: «صلاةَ العَصْر» ولأبي داود، فقال: «أَصَدقَ ذو اليدينْ؟» فأَوْمَأُوا: أي نعم، وهي في الصحيحين، لكن بلفظ: فقالوا، وفي رواية لهُ: ولمْ يسْجد حتى يقّنَهُ الله تعالى ذلك. الحديث دليل على أن الخروج من الصلاة بناء على ظن التمام لا يبطلها، وأن كلام الناسي والجاهل لا يبطلها، وكذا الكلام عمداً لإصلاحها، وفيه دليل على أن الأفعال الكثيرة إذا وقعت سهواً أو مع ظن التمام لا تفسد الصلاة، وفيه أن سجود السهو في مثل هذا بعد السلام. 318- وعن عمْران بن حُصَين - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم، فسَهَا فسجد سجْدتين، ثمَّ تشهّد، ثمَّ سَلَّمَ، رواهُ أبو داود والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، والحَاكِمُ وصَحَّحَهُ. لفظ تشهّد يدل على أنه أتى بتشهدين وبه قال بعض العلماء، وقال البخاري: باب من لم يتشهد في سجدتي السهو، وسلم أنس والحسن ولم يتشهدا، ثم ذكر حديث ذي اليدين، قال في الاختيارات: وهل يتشهد ويسلم إذا سجد بعد السلام؟ فيه ثلاثة أقوال، ثالثها يسلم ولا يتشهد وهو قول ابن سيرين ووجه في مذهب أحمد والأحاديث الصحيحة تدل على ذلك انتهى. 319- وعن أبي سعيد الخُدْريِّ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا شكَّ أحدُكُمْ في صلاته، فلم يدْرِ كَمْ صَلَّى أثلاثاً أمْ أربعاً؟ فلْيطرح الشكَّ وليَبْن على ما استيقنَ، ثمَّ يَسْجُدُ سَجْدتين قبل أن يُسَلِّمَ، فإن كانَ صلى خمساً شَفَعْنَ لهُ صلاتَهُ، وإن صلى تماماً كانتا ترْغيماً للشيطان» رواهُ مسلمٌ. الحديث دليل على أن الشاك في صلاته يجب عليه البناء على اليقين عنده، ويجب عليه أن يسجد سجدتين، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء، وفيه دليل على أن سجود السهو في مثل هذا قبل السلام. 320- وعن ابن مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قالَ: صلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فلمَّا سَلّمَ قيلَ لـهُ: يا رسول الله، أَحَدَثَ في الصَّلاة شيءٌ؟ قال: «وما ذاكَ؟» قالوا: صلّيْتَ كذا، قالَ: فَثَنَى رجْلَيْهِ واستقْبَلَ القِبلةَ، فسجد سَجْدتين، ثمَّ سلّم، ثمَّ أَقبلَ علينا بوجهِهِ فقالَ: «إنّه لو حدثَ في الصَّلاةِ شيءٌ أَنبأتُكُمْ به، ولكن إنّما أنا بشرٌ مثْلُكم أنسى كما تَنْسَون، فإذا نسيتُ فذكِّروني، وإذا شكَّ أحدُكُمْ في صلاته فلْيَتَحَرَّ الصَّواب، فَلْيُتِمَّ عليه، ثمَّ ليَسْجُدْ سَجْدتين» متفقٌ عليه، وفي رواية للبخاريِّ: «فلْيُتمَّ ثمَّ يسلم ثمَّ يسْجُد»، ولمسلم: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ سَجْدتي السّهْوِ بَعْد السلام والكلامِ. 321- ولأَحَمْدَ وأَبِي دَاوُدَ والنَّسَائيّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالله بْنِ جَعْفَرٍ مَرْفُوعاً: «مَنْ شكَّ في صلاته فلْيسجدْ سجْدتين بعد ما يُسلِّمُ» وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيَمْةَ. قال البيهقي: روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد للسهو قبل السلام وأنه أمر بذلك، وروينا أنه سجد بعد السلام وأنه أمر به وكلاهما صحيح، ثم قال: الأشبه بالصواب جواز الأمرين جميعاً، وقال في الشرح: الأولى الحمل على التوسيع في جواز الأمرين، قال الموفق في المقنع: من شك في عدد الركعات بنى على اليقين، وعنه يبني على غالب ظنه فإن استويا عنده بنى على اليقين انتهى، وهذا هو الراجح وهو الذي تجتمع به الأحاديث والله أعلم. 322- وعن المغيرة بن شُعبةَ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شكَّ أحدُكمْ، فقامَ في الرَّكعتينِ، فاسْتَتَمَّ قائماً، فلْيمضِ ولا يَعُودُ، ولْيَسْجد سَجْدتين، فإنْ لمْ يَسْتَتِمَّ قائماً فَلْيَجْلس ولا سهو عليه» رواه أبوداود وابن ماجه والدارقطني واللفظ له - بسَنَد ضَعيفٍ. الحديث دليل على أنه لا يسجد للسهو إلا لفوات التشهد الأول لا لفعل القيام لقوله: «فإن لم يستتم قائماً فليجلس ولا سهو عليه». 323- وعن عُمَر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على من خَلْف الإمام سَهْوٌ، فإنْ سَهَا الإمامُ فَعَلَيْهِ وعلى من خَلْفهُ». رواهُ الترمذي والبيهقي- بسندٍ ضعيفٍ. الحديث دليل على أنه لا يجب على المؤتم سجود السهو إذا سها في صلاته، إنما يجب عليه إذا سها الإمام تبعاً له. 324- وعن ثوْبانَ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «لكُلِّ سَهْوٍ سجْدتان بعدما يُسلِّم» رواهُ أبوداود وابن ماجه - بسندٍ ضعيف. استدل به على أنه إذا تعدد السهو تعدد السجود، وذهب الجمهور إلى أنه لا يتعدد لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذي اليدين سلم وتكلم ومشى ناسياً ولم يسجد إلا سجدتين، وفي الحديث دليل على أن كل من سها في صلاته بأي سهو كان يشرع له سجدتان، ونقل الماوردي وغيره: الإجماع على جواز السجود قبل التسليم وبعده وإنما الخلاف في الأفضل. 325- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سجدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ﴾ و﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ رواه مسلم. الحديث دليل على مشروعية سجود التلاوة، وقد أجمع على ذلك العلماء وإنما اختلفوا في الوجوب، فالجمهور على أنه سنة في حق التالي والمستمع إن سجد التالي، واختلفوا هل يشترط فيها ما يشترط في الصلاة من الطهارة وغيرها، وقال البخاري: كان ابن عمر يسجد على غير وضوء، وهذا الحديث دل على السجود للتلاوة في المفصل. 326- وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما -، قَالَ: ﴿ص﴾ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها. روَاهُ الْبُخَارِيُّ. أي ليست مما ورد في السجود فيها أمر ولا تحريض ولا تخصيص ولا حث وإنما ورد بصيغة الإخبار عن داود عليه السلام بأنه فعلها، وسجد نبينا - صلى الله عليه وسلم - فيها اقتداء به لقوله تعالى: ﴿ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ﴾ [الأنعام: الآية: 90] فنحن نسجد فيها اقتداء بنبينا - صلى الله عليه وسلم -، وعن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه - قال: «إن العزائم حم والنجم واقرأ والم تنزيل» رواه ابن المنذر وغيره. 327- وعنهُ - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ بالنّجْم. رواهُ البخاريُّ. الحديث دليل على السجود في المفصل خلافاً لمالك - رحمه الله - فإنه قال لا سجود للتلاوة في المفصل والأحاديث في ذلك صحيحة صريحة. 328- وعن زيد بن ثابتٍ - رضي الله عنه - قال: «قرَأَتُ على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - النّجْم، فلمْ يَسْجُدْ فيها» متفق عليه. الحديث دليل على أن سجود التلاوة غير واجب لأنه - صلى الله عليه وسلم - فعله تارة وتركه أخرى. 329- وعن خالد بن مَعْدَانَ - رضي الله عنه - قال: فُضِّلَتْ سورةُ الحجِّ بسَجْدتين. رواهُ أبو داود في المراسيل. 330- ورواه أَحْمَدُ والتِّرمِذِيُّ موْصولاً من حديث عُقبةَ بن عامرٍ، وزادَ: فمن لم يَسجدْهما فلا يقرأها، وسندُهُ ضعيفٌ. الحديث دليل على تأكيد شرعية السجود في سورة الحج، وفي حديث عقبة بن عامر عند أبي داود: «قلت: يا رسول الله في سورة الحج سجدتان، قال: نعم» الحديث وقد تهاون عامة الناس بهذه السنة العظيمة التي ينبغي الاعتناء بها والمحافظة عليها، فإذا قرأ ومر بالسجدة فليسجد ومن حوله من المستمعين لئلا يتشبهوا بالذين إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون. 331- وعنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قال: يا أيها النّاسُ إنا نَمُرُّ بالسجود فَمَنْ سجدَ فَقَدْ أصابَ، ومَنْ لمْ يَسْجُدْ فلا إثم عليه. رواهُ البخاري، وفيه: إن الله تعالى لمْ يفرض السُّجودَ إلا أن نشاءَ، وهُوَ في المُوطَّأ. فيه دليل على أن عمر كان لا يرى وجوب سجود التلاوة كما هو مذهب الجمهور. 332- وعن ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ عَلَيْنا القرآن، فإذا مَرَّ بالسّجدَةِ كَبّرَ وسَجَدَ وَسَجَدْنا مَعَهُ. رواهُ أبو داود بسَنَدٍ فيه لينٌ. الحديث دليل على مشروعية التكبير في سجود التلاوة ويقول إذا سجد: «سبحان ربيَ الأعلى ثلاث مرات، اللهم لك سجدت ولك عبدت وبك آمنت وعليك توكلت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين» ويقول في سجدة ص: «اللهم اكتب لي بها عندك أجراً واجعلها لي عندك ذخراً وضع عني بها وزراً وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود». 333- وعن أبي بكرة - رضي الله عنه -، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا جاءَهُ أمرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ ساجداً لله. رواه الخمسة إلا النسائي. الحديث دليل على شرعية سجود الشكر؛ واختلف العلماء هل تشترط لها الطهارة أم لا والصحيح أنها لا تشترط. 334- وعن عبدِ الرَّحْمن بن عوف - رضي الله عنه - قالَ: سَجَدَ النّبي - صلى الله عليه وسلم -، فأطالَ السُّجودَ، ثمَّ رفعَ رأسَهُ، فقالَ: «إن جبريلَ أتاني، فبَشّرني، فسَجَدْتُ لله شُكراً» رواهُ أحمد وصححه الحاكم. جاء تفسير البشرى بأن الله تعالى قال: «من صلى عليك صلاة صلى الله عليه بها عشرا». رواه أحمد. 335- وعنَ البرَاءِ بن عازبٍ - رضي الله عنه -، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بَعثَ علياً إلى اليمن -فذكرَ الحديث- قالَ: فَكَتَبَ عليٌّ بإسلامهم فلما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتابَ خرَّ ساجداً شكراً للهِ تعالى على ذلكَ. رواهُ البيهقيُّ. وأصله في البخاري. وفي معناه سجود كعب بن مالك لما أنزل الله توبته، فإنه يدل على أن شرعية ذلك كانت متقررة عندهم، والله أعلم.
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |