|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه
باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين قال الله تعالى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132، 133]. وأما الأحاديث: فمنها حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه الذي سبق في باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبًا، فحمد الله، واثني عليه، ووعظ وذكَّر، ثم قال: (( أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: (( وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي))؛ رواه مسلم وقد سبق بطوله. قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: قال النووي رحمه الله تعالى في كتاب "رياض الصالحين" باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه. وذلك أن الإنسان إذا سافر فينبغي لذويه وأقاربه وأصحابه أن يودعوه وأن يوصوه بتقوى الله عزَّ وجلَّ فإن الله تعالى يقول: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشًا أو سرية وأمر عليهم أميرًا قال له: (( أوصيك بتقوى الله، ومن معك من المسلمين خيرا ))، وذلك أن الإنسان يحتاج إلى أحد يساعده ويعينه على طاعة ربه لا سيما عند السفر؛ لأن السفر محل الشغل والتقصير لاسيما فيما سبق من الزمان لما كانت الأسفار بعيدة على المطايا وعلى الأقدام، فالناس يحتاجون إلى وصية وإلى تثبيت وإلى إعانة. ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى الآيات الواردة في ذلك فذكر قوله تعالى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، وهذه الوصية هي قول الله عزَّ وجلَّ في إبراهيم: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131]، ولم يتردد فأسلم لله وانقاد له. ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ﴾ [البقرة: 132]؛ يعني: وصى بهذه الوصية وهي أن يسلموا لله عزَّ وجلَّ ظاهرًا وباطنًا فلإسلام الظاهر يكون بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، والإسلام الباطن يكون بالإيمان بالله وملائكته وكتبه إلى آخره. ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ﴾؛ يعني أن إبراهيم ويعقوب كلا منهما وصى بها بنيه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ﴾ [البقرة: 132]؛ أي اختاره لكم ﴿ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ المعنى: استدينوا الإسلام واثبتوا عليه إلى الممات ولا ترتدوا عنه. ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا ﴾ [البقرة: 133] وهذا غاية التوحيد، وهذا من نصح يعقوب عليه السلام لبنيه حيث أراد أن يعرف حالهم قبل أن يفارق الدنيا، ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴾ [البقرة: 133]. أما إبراهيم فهو أبوه يعني جده، وإسحاق أبوه من صلبه، وأما إسماعيل فهو عمه لكن أطلق عليه لفظ الآباء من باب التغليب؛ لأن العم صنو الأب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: (( أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ))؛ يعني شريكه في الأصل والجذر. والصنو هو عبارة عن النخلتين يكون أصلهما واحدًا وهما قرينتان، وقوله: ﴿ إِلَهًا وَاحِدًا ﴾ من باب التوكيد ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾. فهذه الوصية ينبغي للإنسان أن يوصى بها من أراد سفرًا، وأن يوصى بها أهله، وأن يتعاهدهم عليها؛ لأنها هي التي عليها بناء كل شيء، فلا دين بدون إخلاص، ولا عبادة بدون إخلاص، ولا اتباع بدون إخلاص، كل شيء مبناه على الإخلاص لله عز وجل. اللهم إنَّا نسألك أن تجعلنا ممن يعبدك مخلصين لك الدين يا ربِّ العالمين. المصدر: «شرح رياض الصالحين» (4/ 142 - 145)
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |