يكره جمع ريقه فيبتلعه ويحرم بلع النخامة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 32 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859220 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393552 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215802 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-03-2024, 03:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي يكره جمع ريقه فيبتلعه ويحرم بلع النخامة

يُكْرَهُ جَمْعُ ريقِهِ فَيَبْتَلِعُهُ، وَيَحْرُمُ بَلْعُ النَّخامَةِ

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

قَالَ الْمُصَنِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ-: "يُكْرَهُ جَمْعُ ريقِهِ فَيَبْتَلِعُهُ، وَيَحْرُمُ بَلْعُ النَّخامَةِ، وَيُفْطِرُ بِهَا فَقَطْ إِنْ وَصَلَتْ إِلَى فَمِهِ. وَيُكْرَهُ ذَوْقُ طَعامٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَمَضْغُ عِلْكٍ قَوٍيٍّ، وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُمَا فِي حَلْقِهِ أَفْطَرَ. وَيَحْرُمُ الْعِلْكُ الْمُتَحَلِّلُ إِنْ بَلَعَ ريقَهُ. وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ".


قَوْلُهُ: (بابٌ ما يُكْرَهُ وَيُسْتَحَبُّ فِي الصَّوْمِ، وَحُكْمُ الْقَضاءِ).

هَذِهِ ثَلاثَةُ عَناوينَ جَمَعَهَا الْمُؤَلِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ- فِي بابٍ واحِدٍ:
الْأَوَّلُ:ما يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ.
الثَّانِي: ما يُسْتَحَبُّ فِي الصَّوْمِ.
الثّالِثُ: أَحْكامُ قَضاءِ رَمَضانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.

وَسَنَتَكَلَّمُ عَنْ كُلِّ واحِدٍ مِنْهَا فِي فُروعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ:ما يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ، وَذَكَرَ فِيه عِدَّةَ أُمورٍ:

الْمَكْروهُ الْأَوَّلُ:جَمْعُ الرِّيقِ وَابْتِلاعُهُ:
وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ- بِقَوْلِهِ: (وَيُكْرَهُ جَمْعُ ريقِهِ فَيَبْتَلِعُهُ).

وَابْتِلاعُ الصَّائِمِ لِلرِّيقِ لَهُ حَالَانِ:

الْحَالُ الْأُولَى: أَلَّا يَجْمَعَهُ، وَهَذَا لَا يُفْطِرُ بِالْإِجْماعِ[1]؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.

الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْمَعَهُ ثُمَّ يَبْتَلِعَهُ قَصْدًا، وَهَذَا فِيهِ خِلافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يُكْرَهُ بِلَا نِزاعٍ، وَلَا يُفْطِرُ بِهِ.
وَهَذَا عَلَى الصَّحيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ[2]، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمالِكِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[3].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.
وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[4].

وَالصَّوابُ -وَاللهُ أَعْلَمُ-: أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ الصَّوْمَ.

مَسْأَلَةٌ: حُكْمُ بَلْعِ النُّخامَةِ لِلصَّائِمِ وَغَيْرِهِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا –رَحِمَهُ اللهُ- تَبَعًا لِحُكْمِ الرِّيقِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَصِلُ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَهَا –رَحِمَهُ اللهُ- بِقَوْلِهِ: (وَيَحْرُمُ بَلْعُ نُخامَةٍ)؛ أي: يَـحْرُمُ عَلَى الصَّائِمِ بَلْعُ النُّخامَةِ؛ سَواءً كانَتْ مِنْ جَوْفِهِ، أَوْ صَدْرِهِ، أَوْ دِماغِهِ[5]، وَهَذَا التَّحْريمُ يَشْمَلُ ابْتِلاعَ الصَّائِمِ وَغَيْرِ الصَّائِمِ.

مَسْأَلَةٌ أُخْرَى: تَفْطيرُ النُّخامَةِ لِلصَّائِمِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا –رَحِمَهُ اللهُ- بِقَوْلِهِ: (وَيُفْطِرُ بِهَا فَقَطْ)؛ أي: وَيُفْطِرُ بِبَلْعِ النُّخامَةِ فَقَطْ، وَلَا يُفْطِرُ بِالرِّيقِ، وَهَذَا إِنْ وَصَلَتْ إِلَى فَمِهِ؛ فَإِنْ لَـمْ تَصِلِ النُّخامَةُ بِأَنْ أَحَسَّ بِهَا نَزَلَتْ مِنْ دِماغِهِ وَذَهَبَتْ إِلَى جَوْفِهِ؛ فَإِنَّهَا لَا تُفَطِّرُ.

وَالسَّبَبُ فِي كَوْنِ الرِّيقِ لَا يُفَطِّرُ وَالنُّخامَةُ تُفَطِّرُ أَنَّ الرِّيقَ مِنَ الْفَمِ فَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَأَمَّا النُّخامَةُ فَلَيْسَتْ مِنَ الْفَمِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الرَّأْسِ، أَوِ الْجَوْفِ، أَوِ الصَّدْرِ؛ فَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا، هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ-.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا تُفَطِّرُ.
وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَالصَّحيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الْمالِكِيَّةِ[6].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تُفَطِّرُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتادَةٌ فِي الْفَمِ فَأَشْبَهَتِ الرِّيقَ.
وَهَذَا رِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمالِكِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[7]. وَلَا يُعَدُّ بالِعُهَا آكِلًا، وَلَا شارِبًا.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: فَالْأَحْوَطُ لِلصَّائِمِ أَلَّا يَبْلَعَهَا؛ لِئَلَّا تُؤَثِّرَ عَلَى صِيامِهِ، وَلِمَا فِيها أَيْضًا مِنَ الاِسْتِقْذارِ وَالضَّرَرِ.

الْمَكْروهُ الثَّانِي:ذَوْقُ الطَّعامِ بِلَا حَاجَةٍ:
ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ- بِقَوْلِهِ: (وَيُكْرَهُ ذَوْقُ طَعامٍ بِلَا حَاجَةٍ).

ذَوْقُ الصَّائِمِ لِلطَّعامِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَذوقَهُ لِلْحَاجَةِ؛ كَأَنْ تَكونَ الْمَرْأَةُ لَهَا زَوْجٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالِ قَوْلَانِ لِلْعُلَماءِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ:أَنَّ ذَوْقَ الطَّعامِ لِلْحَاجَةِ جائِزٌ؛ فَإِذَا ذاقِتِ الْمَرْأَةُ الطَّعامَ مِنْ أَجْلِ مَعْرِفَتِهِ وَتَلافِي الْأَخْطاءِ وَالتَّقْصيِر فَلَا بَأْسَ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَلَّا تَبْتَلِعَهُ، فَإِنِ ابْتَلَعَتْهُ أَفْطَرَتْ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ: "وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَفْطَرَ"[8].

وَهَذَا هُوَ الصَّحيحُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ[9].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ ذَوْقَ الطَّعامِ لِلْحَاجَةِ مَكْروهٌ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الْمالِكِيَّةِ[10].

الْقِسْمُ الثَّانِي: ذَوْقُ الطَّعامِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَهَذَا يُكْرَهُ.
قَالَ ابْنُ عُقَيلٍ –رَحِمَهُ اللهُ-: "يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ حَلْقَهُ فَأَفْطَرَ، وَلَا بَأْسَ بِهِ لِحَاجَةٍ"[11]. وَقَالَ الْإِمامُ أَحْمَدُ –رَحِمَهُ اللهُ-: "أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَوْقَ الطَّعامِ؛ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَضُرَّهُ"[12].

الْمَكْروهُ الثَّالِثُ: مَضْغُ الْعِلْكِ الْقَوِيِّ الَّذِي لَا يَتَحَلَّلُ:
ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ- بِقَوْلِهِ: (وَمَضْغُ عِلْكٍ قَوِيٍّ، وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَفْطَرَ، وَيَحْرُمُ الْعِلْكُ الْمُتَحَلِّلُ إِنْ بَلَعَ ريقِهِ).

أي: وَمِمَّا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ مَضْغُ الْعِلْكِ، وَالْعِلْكُ نَوْعانِ[13]:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: عِلْكٌ قَوِيٌّ يَصْلُبُ بِالْمَضْغِ وَلَا يَتَحَلَّلُ، بَلْ كُلَّمَا مَضَغْتَهُ قَوِيَ.
فَهَذَا يُكْرَهُ مَضْغُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[14]؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْلُبُ الْفَمَ، وَيَجْمَعُ الرِّيقَ، وَيُورِثُ الْعَطَشَ. فَإِذَا مَضَغَهُ الصَّائِمُ فَفِيهِ حَالَانِ:

الْحَالُ الْأولى: أَنْ يَمْضَغَهُ، وَلَا يَجِدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ، وَهُنَا لَا يُفْطِرُ.

الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمْضَغَهُ وَيَجِدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ.

وَفِي هَذِهِ الْحَالِ قَوْلانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ:أَنُّهُ يُفْطِرُ، كَالْكُحْلِ إِذَا وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ.
وَهَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجيزِ[15].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنُّهُ لَا يُفْطِرُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُجودِ الطَّعْمِ لَا يُفَطِّرُ.
وَهَذَا وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيِّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[16].

وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ: الْقَوْلُ الثَّانِي، بَلْ إِذَا كانَ هَذَا الْعِلْكُ لَيْسَ لَهُ طَعْمٌ؛ فَإِنَّ الْكَراهَةَ لَا وَجْهَ لَهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْنَعَهُ الْإِنْسانُ أَمامَ النَّاسِ؛ لِئَلَّا يُساءَ بِهِ الظَّنُّ بِأَنُّهُ غَيْرُ صائِمٍ.

النَّوْعُ الثَّانِي: عِلْكٌ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ أَجْزاءُ بِمَضْغِهِ، وَهُوَ الرَّديءُ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِالْمَضْغِ، فَهَذَا قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي حُكْمِ مَضْغِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ:أَنَّهُ لَا يَـجوزُ مَضْغُهُ مُطْلَقًا.
وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ[17]، وَفِي الْإِنْصافِ: "وَهَذَا مِمَّا لا نِزاعَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ بَلْ هُوَ كَالْإِجْماعِ"[18].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا لَـمْ يَبْلَعْ ريقَهُ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى جَوْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَجوزُ، وَإِلَّا فَلَا.
وَهَذَا الْقَيْدُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَهَكَذَا قَالَ بِهِ ابْنُ قُدامَةَ فِي الْمُقْنِعِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[19]؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ دُخولُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى جَوْفِهِ، وَهَذَا لَـمْ يوجَدْ.

فَإِذَا كانَ الصَّائِمُ يَمْضَغُ الْعِلْكَ فَإِذَا تَحَلَّلَ لَفَظَهُ، أَوْ كانَ يَعْلِكُهُ وَيَجْمَعُهُ ثُمَّ يَلْفِظُهُ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحرامٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَالصَّحيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالهُ فِي الْإِنْصافِ: "أَنَّهُ يَحْرُمُ مَضْغُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَبْتَلِعْ ريقَهُ"[20].

الْمَكْروهُ الرَّابِعُ: الْقُبْلَةُ لِمَنْ تُحَرِّكُ الْقُبْلَةُ شَهْوَتُهُ:
وَهَذَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ- بِقَوْلِهِ: (وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ).


الْمُقَبِّلُ لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ:
الْحَالُ الْأُولَى: أَلَّا تَتَحَرَّكَ شَهْوَتُهُ بِالْقُبْلَةِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ:أَنَّهُ لَا إِشْكالَ فِيهَا وَلَا تُكْرَهُ فِي حَقِّ الصَّائِمِ؛ لِمَا سَيَأْتِي مِنَ الْأَدِلَّةِ.
وَهَذَا الصَّحيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ[21]، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، والشافعيةِ[22].

الْقَوْلُ الثَّانِي:أَنَّ الْقُبْلَةَ مَكْروهَةٌ لِلصَّائِمِ مُطْلَقًا.
وَهَذَا مَذْهَبُ الْمالِكِيَّةِ[23].

الْقَوْلُ الثَّالِثُ:أَنَّ الْقُبْلَةَ تُفَطِّرُ الصَّائِمَ.
وَهَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعودٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -[24]، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ[25]، وَاخْتارَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ[26].

الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تُـحَرِّكَ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ، وَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ نَوْعَيْنِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: أَنْ تُـحَرِّكَ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ، وَيَغْلُبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِذَا قَبَّلَ أَنْزَلَ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَـحْرُمُ عَلَيْهِ الْقُبْلَةُ؛ لِأَنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِصَوْمِهِ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ، وَالْمالِكِيَّةِ، وَالصَّحيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[27].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْقُبْلَةُ.
وَهَذَا رِوايَةٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[28].

النَّوْعُ الثَّانِي:أَنْ تُـحَرِّكَ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ، وَلَا يَغْلُبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِذَا قَبَّلَ أَنْزَلَ.

وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلانِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ:كَراهَةُ ذَلِكَ.
وَهَذَا هُوَ الصَّحيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمالِكِيَّةِ[29].

قَالُوا: لِأَنَّهُ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْهَا شابًّا، وَرَخَّصَ لِشَيْخٍ كَمَا فِي حَديثِ أَبي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبو داودَ[30]، وَلِأَنَّهُ يُعَرِّضُ صَوْمَهُ لِلْفِطْرِ، وَلَا يَأْمَنُ عَلَيْهِ الْفَسادَ.


الْقَوْلُ الثَّانِي: الْإِباحَةُ وَلَا يُكْرَهُ.

وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا يلي:
- بحَديثِ عائِشَةَ –رضي الله عنها- الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ»[31].

- وَبِحَديثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: «أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: سَلْ هَذِهِ -لِأُمِّ سَلَمَةَ-؛ فَأَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: أَمَا وَاللهِ، إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ»[32].

وَبِناءً عَلَى مَا سَبَقَ فَالرَّاجِحُ -واللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ- أنْ يُقَالَ: الْقُبْلَةُ مُباحَةٌ لِمَنْ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ إِفْسادِ الصَّوْمِ بِالْإِنْزالِ، أَوِ الْوَطْءِ.

فَإِذَا كانَ الْإِنْسانُ يَمْلِكُ نَفْسَهُ؛ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ أَوْ يُباشِرَ، وَإِذَا كانَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ كَالشَّابِّ الْقَوِيِّ الَّذِي يَتَوَقَّدُ غَريزَةً، وَيَخْشَى أَلَّا يَسْتَطيعَ السَّيْطَرَةَ عَلَى نَفْسِهِ؛ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُفَّ وَيَبْتَعِدَ عَنْ هَذَا.

فَالْعِبْرَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ: قَائِمَةٌ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى كَبْحِهَا.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ –رَحِمَهُ اللهُ-: "لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ إِلَّا وَهُوَ يَشْتَرِطُ السَّلامَةَ مِمَّا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا، وَأَنَّ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَوَلَّدُ عَلَيْهِ مِنْهَا مَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ اجْتِنابُهَا"[33].

وَأَمَّا حَديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنها- فِي التَّفْريقِ بَيْنَ الشَّابِّ وَالْكَبيرِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أبو داودَ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ»؛ فَهَذَا الْحَديثُ ضَعَّفَهُ بَعْضُ الْعُلَماءِ، وَحَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ[34]، وَلَا يُقاوِمُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحيحَةِ.

فَائِدَةٌ: قَدْ أَخَذَ الْإِمامُ ابْنُ حَزْمٍ -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْقُبْلَةَ مُسْتَحَبَّةٌ[35].

فائِدَةٌ أُخْرَى:دَواعِي الْوَطْءِ مِنْ مُعانَقَةٍ، وَلَمْسٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْقُبْلَةِ وَلَا فَرْقَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.


[1] وقد نقل الإجماع على هذا جمع من أهل العلم. ينظر: مراتب الإجماع (ص40)، والإقناع، لابن القطان (1/ 238)، والمجموع، للنووي (6/ 317).

[2] انظر: الإنصاف، للمرداوي (3/ 324، 325).

[3] انظر: تبيين الحقائق (1/ 325)، وحاشية العدوي (1/ 447)، والحاوي الكبير (3/ 419)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 324).

[4] انظر: الحاوي الكبير (3/ 419)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 324، 325).

[5] انظر: الروض المربع (ص: 234).

[6] انظر: النوادر والزيادات (2/ 42)، والحاوي الكبير (3/ 419)، والمغني، لابن قدامة (3/ 123).

[7] انظر: تبيين الحقائق (1/ 324)، والشرح الكبير، للدردير (1/ 525)، والحاوي الكبير (3/ 419)، والمغني، لابن قدامة (3/ 123).

[8] المقنع في فقه الإمام أحمد (ص: 104).

[9] انظر: مراقي الفلاح (ص:256)، وعمدة السالك (ص:118)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 326).

[10] انظر: المدونة (1/ 270).

[11] الشرح الكبير على متن المقنع (3/ 72).

[12] المغني، لابن قدامة (3/ 125).

[13] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 125).

[14] انظر: المبسوط للسرخسي (3/ 100)، والمهذب للشيرازي (1/ 341) والمغني لابن قدامة (3/ 125).

[15] انظر: الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد (ص: 124)، والمقنع (ص: 104).

[16] انظر: المبسوط، للسرخسي (3/ 100)، وبحر المذهب، للروياني (3/ 292)، والمغني، لابن قدامة (3/ 125).

[17] انظر: المبسوط، للسرخسي (3/ 100)، والهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 160).

[18] الإنصاف، للمرداوي (3/ 327).

[19] انظر: المهذب، للشيرازي (1/ 341)، والمغني، لابن قدامة (3/ 125).

[20] الإنصاف للمرداوي (7/ 482).

[21] انظر: الإنصاف، للمرداوي (7/ 483).

[22] انظر: مختصر اختلاف العلماء (2/ 13)، والأم، للشافعي (2/ 107)، والمجموع، للنووي (6/ 355).

[23] انظر: المدونة (1/ 268)، والتهذيب في اختصار المدونة (1/ 352).

[24] أخرجه عبد الرزاق (7426)، وابن أبي شيبة (9412).

[25] انظر: المجموع، للنووي (6/ 355).

[26] تأويل مختلف الحديث (ص: 354).

[27] انظر: مختصر خليل (ص: 61)، والمجموع، للنووي (6/ 355)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 483).

[28] انظر: العناية شرح الهداية (2/ 331)، والمجموع، للنووي (6/ 355)، والمغني، لابن قدامة (3/ 128).

[29] انظر: مختصر خليل (ص: 61)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 483).

[30] سيأتي تخريجه وذكره بلفظه قريبًا.

[31] أخرجه البخاري (1927)، ومسلم (1106).

[32] أخرجه مسلم (1108).

[33] الاستذكار (3/ 296).

[34] أخرجه أبو داود (2387)، وحسنه البغوي في مصابيح السنة (2/ 78، 79)، والنووي في المجموع (6/ 355)، وجوَّده ابن القيم في زاد المعاد (2/ 56)، وقال الهيثمي في المجمع (3/ 166): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عباد بن صهيب، وهو متروك".

[35] انظر: المحلى (4/ 338).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 63.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.45 كيلو بايت... تم توفير 2.32 كيلو بايت...بمعدل (3.64%)]