|
|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ضحكي بلا سبب، وعدم تنفيس أحزاني
ضحكي بلا سبب، وعدم تنفيس أحزاني د. ياسر بكار السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, يُسعِدني وجودي في هذا الموقع المُبارك، لديَّ سؤالٌ أوَدُّ منكم إفادتي بالإجابة عنه، وأسأل الله لي ولكم الأجر والمثوبة. مشكلتي هي أنَّني أُعاني من الكَبْت والقهر مِن أُسرتي، وخلف ذلك لديَّ نوعًا من الضَّحِك المتكرِّر لأتفَهِ المواقف، ولا أستطيع إيقافه، ويتعجَّب الكلُّ من هذا الضحك، ما الداعي إليه، وما سبَبُه؟ حتَّى إنَّني أتعجَّب من عدم قدرتي على إيقافه، وكمِثالٍ على ذلك: أكون مكبوتةً، وأشعر بضغطٍ شديد في صدري، وأرغب في الحديث لإحدى زميلاتي لأتنفَّس، لكن لا أحد يرغب في الاستماع؛ فالكلُّ لديه مشاكله وما يُعانيه، فأتنفَّس بصعوبةٍ، وإذا صادفتُ موقفًا عاديًّا، أو حتَّى كلمات عاديَّة تستدعي الابتسامة، أجد أنَّني أضحك بصورةٍ متواصلة، ولا أدري لِم؟ ولا أقدر على ضبطِ نفسي ألبتَّة؟ وقد أوقعَنِي ذلك في مشاكل مع صديقاتي ومعلِّماتي، ولا أحد يفهمني إن اعتذرتُ لهنَّ. أعلم أنَّ سؤالي غريب، لكنها معاناة، وأرجو من الله لَكُم الأجر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مرحبًا بكِ في شبكة الألوكة، وأهلاً وسهلاً. قرأتُ رسالتك، وأسأل الله لك التَّوفيقَ والسَّداد. دعيني أعترف بأنَّنِي لَم أُواجِهْ مثل هذه الشَّكوى من قبل، ولكنِّي سأقدِّم نظرتي، وأودُّ منك أن تأخذيها بِحذَر، وتتأكَّدي أنَّها في المسار الصَّحيح. يقرِّر العلماءُ أنَّنا عندما نتعرَّض لأزمةٍ ولضغطٍ نَفْسي، دون أن نَمتلك القدرةَ على التعامل مع هذه الأزمة؛ فإنَّنا نلجأ إلى وسائل كثيرة للتَّخفيف عن أنفسنا، ومنها الضَّحِك في غير موضعه المُناسب، أو التهوُّر والقيام بسلوكيَّات غريبة، أو ارتكاب بعض التصرُّفات غير المقبولة، مثل: إيذاء النَّفْس، وغير ذلك. ومهما كان تفسيرُ ما يَمُرُّ بك، إلاَّ أنني أجزم أنَّ الخطوة الأهمَّ التي يجب أن تقومي بها الآنَ هي العمل على تطوير مهاراتك في التَّعامُل مع الأزمات المختلفة التي تتعرَّضين لها، وستتعرَّضين لها طوال حياتك، إنَّها طبيعة الحياة الدُّنيا؛ فهي مليئةٌ بالضُّغوط، والمشاكل والتحدِّيات التي لا تنتهي. كثيرًا ما يلجأ الناس للتخفيف من الضَّغط النفسي إلى الحديث مع الآخَرين والتَّنفيس، وطلب الدَّعم النَّفْسي من الآخَرين، لكن - للأسف - هذا أمرٌ ليس متوفرًا طوال الوقت، كما أنَّ هناك وسائلَ أخرى أكثر فعاليَّة، ونمتلكها بأيدينا. المهارة المهمَّة التي أريدك أن تتعلَّميها، هي القدرة على توجيه الذَّات، وهو أنَّه عندما نتعرَّض لمشكلةٍ ما، في الواقع نحن نتحدَّث مع أنفسنا حول هذه المشكلة بشكلٍ مستمرّ؛ شِئْنا أم أبَيْنا، انتبَهْنا لذلك أم لَم ننتبه، وفي مُعظم الأحيانِ يَكون هذا التحدُّث سلبيًّا؛ مما يزيد من الألَم، والضغط النَّاتج عن هذه المشكلة. المهارة هنا أن نتعلَّم مراقبة ما نُحدِّث به أنفُسَنا، ومن ثَمَّ تغيير ذلك، ومحاولة النَّظر إلى المشكلة من زاويةٍ أخرى، والعمل على تخفيف وقْعِها علينا، عن طريق تغيير حديثنا مع أنفسنا عنها، والزَّاوية التي ننظر بها لهذا الحدث. سأضرب هنا بعض الأمثلة: عندما يسيء لي شخصٌ أكبر منِّي، أو عندما يؤذيني مَن له سُلطة عليّ، عندها أراقب حديثي السلبِي مع نفسي، وبسرعةٍ أقوم بتغيير هذا الحديث إلى حديثٍ مُطمئِنٍ أو حديث مخفّف، كأن أقول: "مهما كان تعليقُه سيِّئًا، فلن أجعله يؤثِّر عليَّ، أنا بخير، لن أجعل له سلطة علي"، كما سأقوم بالنظر للحدث من زاويةٍ مختلفة؛ كأنْ أقول لِنَفْسي عندما أخطئ: هذه فرصة للتعلُّم، ومَن لا يخطئ لا يتطوَّر. مثل هذه الوسائل نستخدمها للتَّخفيف عن النَّفس، وتغيير مجرى الحديث السلبِي عن الحدث الذي نُعايشه، وبالتَّالِي نُخفِّف من الألَم النَّفسي الذي نُعاني منه. تذكَّري أمرًا مهمًّا: يقول أحَدُ الحُكَماء: لا يُمكن لأحدٍ أن يُؤذيك دون رضاك؛ أيْ: دون أن تعطيه الفرصة لإيذائك عبر استرجاع كلماته والشُّعور بالألَم بسببها. ختامًا: للأسف، من الأخطاء الشائعة عند الفتَيات أنَّ تخفيف الألَم عن النَّفْس لا يتمُّ إلا عن طريق الحديث مع الآخرين؛ مِمَّا يُسمُّونه الفضفضة، أو التَّنفيس، وهذا ليس صحيحًا، يجب أن يطوِّر الإنسانُ مهارات التخفيف عن النفس بعيدًا عن الآخرين؛ لأننا نعلم أنَّ الآخرين ليسوا جاهزين دائمًا للاستماع لشكوانا، والتَّخفيف عنَّا، ومساعدتنا. أتمنَّى لك التوفيق, وأهلاً وسهلاً بك.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |