|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
شهقة (قصة قصيرة)
شهقة (قصة قصيرة) أحمد كمال أحمد محمد وجهٌ معبق بعبق الهمِّ، وجلبابٌ أكل عليه الزمانُ وشرب، وعكَّاز يقيه ذلَّ المساعدة، تضرب برأسه حمَّى الجحود، فيهيمُ على وجهه في الأزقَّة، أولادُه بعد أن أكلوا رغيفَ عمره، كسروا له آنيةَ جهده، دمعات تخترق مآقيه، يُخفيها عن زوجته المكلومة، آهٍ حين تجثم على صدرك الزفرات، قطرات الإفاقة كانت تنبعثُ من ميكروفون المسجد، صديقُه الحاج صالح سيَلقى ربَّه اليوم بعد رحلةٍ من المرض، نفسه القابعة بين ركام الألمِ تُخبره أن الحاجَّ صالحًا أسعدُ حالاً منه، كان المرض ينخرُ في جسده، لكنَّ أولاده كانوا يطهِّرون السوس بعطفِهم، أمَّا هو فقد قسَّموا جسدَه على مائدة جُحودهم، جرجر قدمَيه إلى بيته؛ مدخَلٌ بباب خشبيٍّ وسورٍ وطيء، مسقوف من الخوص، كانت عيناه تتحسَّس بيتَ ابنِه الشاهق، أحسَّ برعشة قلبه، حين جاءته ذكرى طرْدِه هو وزوجته من البيت، شعور الكلب المُقْعِي على أرصفة الكِبَر، كان سُعال زوجته إثر جلوسها أمام الفرن يقطعُ الذِّكرى، عقدت بين حاجبيها كي تدقِّق في وجهه الذي يمشى تحت ناصيته الهمُّ: تماسَكْ قليلاً كي لا تشمت بنا الجيران، سياحتُك في طرقات الهمِّ لا تجدي، والمتخَمون بالبلادة يفقدون شعورَ الرأفة، كانت بسمةٌ تلوح في الأفق حين رأى أسطوانةَ غازٍ قابعة في ركن الحجرة، استفهم من زوجته بنظرةٍ، فطَأْطأَت رأسَها وقالَت في خِزي: ابنُك محمود تركها لك هنا، كي تذهب للمستودَع تغيِّرها له، ازدرد ريقَه، ومضغ مِلحًا سال من نهر دمعه، آهٍ حين يسجنك قانون الأبوَّة في سجن العطف، استجدى عروقَه كي تقوى على حملها، ليتني أحمل الجبالَ الراسيات، وما حملتُ حصاةَ الاضطهاد، أصواتٌ مختلطة، وسباب يعفر الجوَّ أمام المستودع، ربض بأسطوانته في آخر الصفوف، يزحف بها كلَّما سمحت مسافةٌ، وحين وقف أمام العربة التي تحمل الأسطوانات، جاءه سهمٌ مارق من نظرة ابنه، وهو يمضغ العلكةَ ويضحك ساخرًا، مع شاب آخر في سيارته، كان تفكيرُه يحاول أن يتفادَى ضربةَ السهم، لكنه التفكير: لم يمهله، الولد الموزِّع فوق العربة ألقى له الأسطوانةَ بقوةٍ فارتطمَت بصدره، كانت روحُه تشعر بالتلاشي، وتفقد قيمةَ الأشياء، حاول الزحف وراء مروق الأسطوانة، لكنَّ أنفاسه تضغط عليه، أرسل زفرةً إلى السماء حين تذكَّر زوجتَه، تمتم بكلمات لم يُفهم منها إلا: لعلَّ لنا لقاء قريبًا في قبرٍ يدثِّرنا من صقيع المهانة.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |