الدجاجة وعنق الزجاجة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7821 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 48 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859389 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393701 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215917 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 77 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-10-2022, 03:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي الدجاجة وعنق الزجاجة

الدجاجة وعنق الزجاجة
د. علي أحمد الشيخي


قصة وعبرة

كان معلمُ لغةٍ عربية في إحدى المدارسِ الثَّانوية يُلقي درسًا في مادة النَّحو لطلابه أمام مشرفٍ تربويٍّ جاء لتقييم أداءِ ذلك المعلِّم قبيل نهاية العام الدراسي، وفي أثناء الدَّرس قاطع أحدُ الطلاب شرحَ المعلم، وقال: يا أستاذ، إن مادة النحو صعبةٌ جدًّا، وأنا غيرُ فاهمٍ، وما كاد الطالبُ يُتمُّ حديثَه حتى ثار بقيةُ طلابِ الصفِّ بنفس الشَّكوى، بل وانقلب الصفُّ إلى فوضى عارمةٍ من الشَّكوى والاعتراضات على المعلِّم، مما كاد يحمل المشرف التربويَّ إلى تبنِّي حكمًا مسبقًا على المعلِّم بعدم صلاحيته لتعليم هذه المرحلة.

سكت المعلمُ برهة في هدوءٍ ورويَّة، ولم يقابلِ احتجاجاتِهم بدفاعٍ ينفي الشُّبهة عن نفسه، بل قال لهم: حسنًا يا أولادي، طالما الأمر فيه صعوبةٌ كما تقولون، وبما أنه لا فائدةَ من إضاعة وقتكم في إعادة شرحِ درس النحو الصعبِ على الفَهم كما تقولون، فما رأيكم في استبدال هذا الدَّرس بلعبةٍ فيها تسليةٌ لنا جميعًا؟ فرح الطلاب وتهلَّلت وجوهُهم، وقالوا جميعًا: موافقون يا أستاذ، وهنا كاد المشرف التربويُّ يتدخل معترضًا، لولا إشارةُ المعلِّم له بالانتظار قليلًا!

قام المعلِّم برسم قارورةٍ زجاجية ذاتِ عنق ضيِّق، ورسم داخلها دجاجةً، ثم قال للطلاب: من يستطيعُ منكم أن يُخرِجَ هذه الدجاجةَ من هذه القارورة بشرط ألَاّ يكسِر الزجاجة أو يقتل الدجاجةَ؟! بدأ الطلاب في محاولات حلِّ اللغز، ولكن دون فائدة، ومعها كانت ابتسامةُ المشرف التَّربويِّ وإعجابه وانسجامه مع الحوار في محاولات الطلاب حلَّ اللغز، الذي تأكَّد له مغزاه التربويُّ فيما بعد، وبعد محاولات عِدَّة، وبعد أن أعياهم الجهد في وصولهم لحلِّ اللغز، صاح أحدُ الطلاب يائسًا: يا أستاذ، يا أستاذ، والله لا يمكنُ أن نُخرج الدَّجاجة إلا بإحدى طريقتين: إما بكسر الزجاجة، أو قتل الدجاجة! فقال المعلم متهكمًا: لا يا بُني، لا يجوز لنا خرقَ الشرطِ الذي وضعناه مسبقًا لحل اللغز! فقال الطالب مستغربًا: إذًا يا أستاذ، قل لمن وضَع الدجاجة داخل القارورة أن يُخرِجَها كما أدخَلَها! ضحك الطلاب ثم صاحوا بصوت واحدٍ، فعلًا يا أستاذ، قل لمن أدخل الدجاجة أن يأتيَ ليُخرِجَها دون أن يكسر الزجاجة، فلا حلَّ بهذا الشرط!


ولكن لم تدُم ضحكاتُ الطلاب طويلًا، فقد قاطعها المعلم بقوله: هذا صحيح يا أولادي، هذه هي الإجابة الصحيحة لهذا اللغز! فمن وضع الدجاجةَ في الزجاجة هو وحده من يستطيعُ إخراجَها، كذلك أنتم يا أولادي،قد وضعتم مفهومًا في عقولكم أن مادةَ النحو صعبة، فمهما شرحتُ لكم وحاولتُ تبسيطَ موضوعاتِها، فلن أُفلح إلا إذا أخرجتم مفهومَ صعوبةِ النحو بأنفسكم من عقولكم، كما وضعتموه بأنفسكم دون مساعدةِ أحد!

وهنا انتهى زمن الدَّرس، بعد أن شدَّ المعلِّم انتباهَ الطلابِ وتفاعلوا معه بحماسٍ شديد وقربٍ وتودُّد، كما لم يفعلوا مثلَ ذلك من قبل، وصاحَبَ ذلك إعجابُ وثناء المشرفِ التربويِّ على طريقة وحكمة المعلِّم، بعد أن تأكَّد له أن الرسالةَ قد وصَلت واستُوعِبت جيدًا، وقد تبدَّل حالُ الطلاب بعد ذلك، فعلاقة الطلاب بمعلِّمهم تغيَّرت إلى وُدٍّ واحترام، وتفاعلوا معه، فأحبُّوا مادةَ النحو واستوعَبوها، بل وتحصلوا على درجاتِ نجاحٍ جيدة في امتحان نهاية العام الدراسي.


وبعد أن نجح هذا المعلمُ في إخراج الدجاجة من عقول طلابه بمهارة وبمنطق عقلانيٍّ، فهل ينجح في إخراج هذه الدجاجةِ كلُّ محتار عشَّشت في عقله دجاجةٌ داخل زجاجةٍ ذاتِ عُنق ضيِّقٍ؟!
فالموظفُ الذي يهاب البتَّ في المعاملات التي بين يديه، ويؤخِّر إنجازَها دونما توجيهٍ من رئيسه رغم خبرته الكافيةِ في مجال العمل، فهو يحتاج إلى إخراج الدَّجاجة من عقله حتى ينطلقَ في عمله بأمان.


وربُّ الأسرة الذي لا يستطيعُ ضبطَ مصروفاته التي أرهقته، حتى أدخلته في ديون لا نهاية لها، يحتاج إلى إخراج الدَّجاجة من عقله حتى يحصُل على التوازن في ميزانية الأسرة.
ومَن يرغبُ في البدء في مشروعٍ تجاري، لكنه يترددُ خوفًا من الفشل، فهذا بحاجةٍ إلى أن يُخرِج الدَّجاجةَ من عقله، ويُقدِم على مشروعه مستعينًا بالله، بعد أن يقومَ بدراسةِ جدوى لمشروعه التجاري لدى أحد المكاتب الاستشاريةِ الموثوقة.


والمجتمعُ الذي تحكمُه عادات وتقاليدُ أرهقت كاهلَه؛ كالتبذير في المناسبات الاجتماعية، والبذَخ في حفلات الزَّواج؛ حتى أصبحت خطًّا أحمرَ لا يمكنُ تجاوزُه، مع أن الكثير منهم لا يُقرُّها، إلا أنه لا أحد يمتلك الشجاعةَ في الخروج عليها، لكننا هنا - بلا شك - نحتاجُ إلى من يُخرج الدجاجة من زجاجة العقل، فمَن يعلِّق الجرس؟!


أما ثقافة العيب، فقد أرهقتنا كثيرًا؛ حيث صنَّف المجتمعُ بعضَ المهن في (خانة اليَكّ)، تلك الخانة المقفلة التي يصعُب الخروجُ منها، فزاد حجمُ البطالة بين شباب الوطن، بينما ذهبت طيورُ المغتربين بخيرات البلد، فزادت تحويلاتهم المالية إلى بلدانهم بمئات المليارات سنويًّا، إلا أنه بحمد الله بدأتْ هذه الثقافةُ في التَّلاشي شيئًا فشيئًا، لكننا بحقٍّ بحاجة إلى كسر زجاجة العقل؛ لتخرج بقية الدَّجاج المحبوسة من قارورة العقل.


ومضة: احرص على أن تتفقد خزَّان طاقتِك؛ لكي تحافظَ على ديمومة العطاء وأنت في حالة شعورية مُريحة، فخزان الطاقةِ هذا لا بدَّ له من مواردَ تَمُدُّه بالوَقود باستمرار، مع تنبهك ويقظتك للثقوب الصغيرة، التي يمثِّلُها تدنِّي الثقةِ بالذَّات في مواجهة المشكلات عندما تبدأُ صغيرةً ثمَّ تتراكم شيئًا فشيئًا حتى تصبحَ عقبةً كَأْدَاءَ يصعُب تجاوزُها، وعندها سوف تستسلمُ لسلطانِ العجزِ والاستكانة، والله المستعان.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 60.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.50 كيلو بايت... تم توفير 2.39 كيلو بايت...بمعدل (3.93%)]