في مفهوم الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 324 - عددالزوار : 90302 )           »          آفات دعوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          رحمة النبي في التعامل مع المخطئ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الحكمة الإدارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فضل العشر الأواخر من رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 5155 )           »          آذن الشــهر بالرحـيــل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          التلفاز وتقاعد الأبوين عن التربية..!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          عوِّد طفلك على الصيام بطريقة آمنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          ألا إن نصر الله قريب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-04-2019, 04:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,745
الدولة : Egypt
افتراضي في مفهوم الصيام

في مفهوم الصيام

د. محمد بن سعد الدبل
الحمد لله المحمود بالجلال والكمال، الحمد لله الذي أنعم علينا بشريعة الإسلام، وزاد في الفضل بأن شرع لنا فريضة الصيام، وتجاوز بعفوه وكرمه عن تقصيرنا ووعد بالإجابة والقبول. فنشهد أن لا إله إلا الواحد الحي القيوم.

ونشهد أن رسولنا ونبينا محمد عبد الله ورسوله إمام الأولين والآخرين وسيد أهل الأرض أجمعي صلى الله وسلم وبارك عليه مع عبد رسول نصح الأمة، وبلغ الرسالة وعبد الله حق عبادته، وجاهد في الله حق جهاده.

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون الصائمون ها هو شهركم ودع ثلثه الأول بما لكم وبما عليكم. وابتدأ ثلثه الثاني، العشر الأواسط. في هذه الأيام من شهركم يبدأ التواني ويداخل الكسل أهل الكسل من العباد، فحذار من التقصير في عبادة الله بالصيام والقيام، فإن شهركم هذا شهر عظيم، وفرصة يجب أن تغتنم، فأوله رحمة، ووسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.

أيها العباد المسلمون الصائمون:
قد علمنا أن الصوم الحقيقي يورث الصائم غنى النفس، وغنى النفس يورث السخاء والجود والمحبة الفائضة للجميع، وفي المحبة وفي غنى النفس وفي الصيام المتفق مع صيام محمد - صلى الله عليه وسلم -، وصيام صحابته والصالحين من عباد الله، في ذلك كله تنحسر أسباب المشكلات الاجتماعية بين الناس أقارب وأقاصي، فلا حسد ولا ضغينة ولا كبر ولا مسابة ولا نميمة ولا غش ولا غيبة. وهذا كله بفضل الله ثم بفضل شريعة الإسلام التي لا شريعة مثلها في الارتقاء بالنفس الإنسانية إلى أوج محامدها وسعادتها وطمأنينتها، فضلا عما يورثه الصوم من الألفة والرغبة في العبادة عن رضا وطواعية وامتثال وطيب نفس، لأن الصوم زكاء للنفوس، إذ هو يكبح جماح النفس العاتية، ويزيد في رغبة ورهبة النفس المطمئنة، ويشحذ مع عزيمة النفس اللوامة، ويحمل على تقوى النفس الأمارة بالسوء.

ومن أجل هذا- أيها الإخوة- بلغ الرسول الأمر عن ربه جل وعلا، بلغ الأمة الإسلامية بالصوم، وتكفل في سنته بتدريب المسلمين على تصحيح الصوم من خلال وأقع عملي في السلوك، فدلتنا سنته الرشيدة إلى أن الصوم ليس بمجرد الإمساك عن الطعام والشراب وشهوة الفرج طوال نهار رمضان، وإنما الصوم صوم الجوارح والقلب والحواس عن المنهيات.

يقول - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم". أو كما قال - صلى الله عليه وسلم.

ويحسن بنا أيها الإخوة أن نقف هنيهة قصيرة عند هذا القول النبوي الشريف لندرك الغاية والمقصد منه فيما يتعلق بالصوم. إن النهي عن الرفث والفسوق والصخب والشجار والسباب نهي خاص أثناء صوم اليوم الواحد، وهو عام في صيام أيام رمضان كلها. بل النهي عن هذه الأخلاق الذميمة نهي عام في أيام رمضان وغير أيام رمضان طول العام وطوال حياة المسلم، ولكن النهي عن ذلك في رمضان أكد احتسابا للأجر والمثوبة.

وهل كان المسلم إلا شخصا لين العريكة، سمح الأخلاق، جواد اليد، عف اللسان، طاهر الباطن جميل الظاهر. يدل عليه إسلامه الذي ارتضاه الله له.

والرفث أيها الإخوة فحش الكلام، والصخب اختلاط الأصوات وارتفاعها، وحاشا المسلم أن يكون فيه من هذه الصفات. ولا علاج لمن ابتلي بها إلا الصوم ومما يزيد في النهي عن هذه المحظورات المفسدات للصوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).

ثم إنه على المسلم أن يسأل نفسه: لماذا صام؟ أصيامه لمجرد الامتثال؟ فإن ذلك لا يكفي، بل مع الامتثال التطبيق لما أمر به الشارع الحكيم ونهى عنه.

لماذا؟ لأن صيامك أيها العبد عبادة تصرفها إلى إله يستحقها، لأنه هو الذي فرضها عليك، وطلب أن تكون على نحو ما كان عليه رسول الإسلام في صلاته وقيامه وصيامه وجميع أعماله، وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا.

فحري بالمسلم أن يحافظ على صيامه من كل ما يسيء إليه ويفسده، وأن يحمد الله على أن وفقه لصيام كل يوم ينقضي من شهر الصوم دون خلل أو عائق.

وهذا مفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه. فافهم المعنى أخي المسلم الصائم من هذا الحديث، فإن فرحتك الأولى حين فطرك تعني توفيقك إلى صيام كل يوم على حدة دون أن يحصل لك عائق ما ودون أن يحصل لك ما يفسد عليك صيامك، وتعني فرحتك حين توفق لصيام الشهر كله إلى تمام الشهر دون عائق أو مفسد.

وبهذه الفرحة يتم لك ما ادخره الله لك. وهو الفرحة الكبرى حين لقائه تبارك وتعالى وأعظم بفرح العبد من مولاه وخالقه.

وبعد أيها الإخوة:
علينا أن نفهم الواقع العملي في الصوم الذي حث على كيفيته رسولنا - صلى الله عليه وسلم - إنه واقع عملي بدأه - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إلى الإقلال من الطعام والشراب، وطبق ذلك الواقع مع نفسه - صلى الله عليه وسلم -، فكان صلوات الله وسلامه عليه ينفطر على تمرات وترًا فإن لم يجد أفطر على الماء. فهل هذا عن قلة أو فقر؟.

لا والله، كيف يكون واقعه في إفطاره على هذا النحو ناتجًا عن قلة أو فقر، تواترت الأحاديث الصحاح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان من أجود الناس؟ وكان أجود ما يكون في رمضان، فإذا جاءه جبريل عليه للسلام كان أجوي من الريح المرسلة.

فبماذا يكون جوادًا إن لم يجد ما يفطر عليه. إنها القناعة وغنى النفس والامتثال والاحتساب وحب الإيثار على النفس، وحملها على الإنفاق في هذا الشهر، الإنفاق على الفقراء والأرامل واليتامى، وكل أهل الصدقات الثمانية. وهذا هو التدريب العملي الذي هو من أسمى الغايات المنبثقة عن الصوم.

فالإقلال من الطعام والشراب والنفقات الخاصة والعامة في رمضان هو ما نعبر عنه بالحد من الاستهلاك. والحد من الاستهلاك أيها الإخوة الصائمون - يؤثر تأثرا كبير في رخص الأسعار، لأن الغرض يكون أكثر من الطلب. فيجد الغني ومتوسط الحال والفقير بغيته أيا كانت.

أما إذا تسابقنا أيها الإخوة بلغ إلى دكاكين الباعة وبقالاتهم، وتنافسنا في شراء كميات من الأطعمة والأشربة والأقمشة مما لا حاجة إليه ولا ضرورة له فإننا نفتح أبواب العسر على الفقراء، ونحمل أنفسنا ما لا طاقة لها به من الإنفاق الذي الغرض منه المباهاة والمفاخرة والمنافسة والتقليد.

هذا التصرف مخالف لأخلاق الصائم المسلم، لأنه واقع عملي ضار بك وبالآخرين.

أما كونه مضرًّا بك فلأنه مدعاة إلى الترف، والترف مدعاة إلى الإخلاد والراحة والكسل عن أداء الواجب نص الصيام من صلاة ودعاء وقيام.

وأما كونه مضرًّا بغيرك من المسلمين فلأن فيه عسرًا عليهم فقد لا يكونون مثلك في يسر وغناء فلا يحصلون على شراء ما يريدون، والذي ينبغي في حقك وحقهم أن يقلل الجميع من هذا المشتريات التي لا ضرورة لها في هذا الشهر ولا في غيره. صحيح أن الاستمتاع بما أباح الله من الرزق مشروع للمسلم. ولكن في حدود لا سرف ولا تقتير.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من العظات والأحكام والتوجيهات والذكو الحكيم. أقول هذا القول وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو التواب الرحيم.

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله المتفرد بالجلال والكمال. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون الصائمون: اعلموا أنكم تعيشون شهرًا من أعظم شهور العام، بل هو أعظمها، خصه الله سبحانه وتعالى بفضائل كثيرة عظيمة، منها أن جعله أحد أركان الإسلام الخمسة، ولم يرخص في الإفطار فيه لأحد ممن يجب عليه الصوم إلا لمسافر أو مريض. على أن يقضي كل منهما عدد الأيام التي أفطرها منه في شهر آخر يقول تبارك وتعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، وكذلك أباح الفطر فيه للكبير الهرم الذي لا يستطيع الصيام، ومثله المريض الذي لا يرجى شفاؤه ولا يستطيع معه الصيام، على أن يطعم بدل كل يوم أفطره مسكينا، يقول جل وعلا: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، وفي هذه الأحكام- أيها الإخوة- دليل على عظمة هذا الشهر وعظم صومه، وأنه لا يسمح بترك صيامه إلا إلى بدل ولعذر شرعي. ومن خصائص وفضائل هنا الشهر الكريم مشروعية صلاة التراويح مع المسلمين جماعة في المساجد يقول - صلى الله عليه وسلم- - صلى الله عليه وسلم-:
"من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". والتراويح أيها الإخوة سنة مؤكدة سنها رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه، وأجمع عليها المسلمون، لا ينبغي للمسلم تركها؛ لأنه يحرم نفسه من ثوابها وما أحوجه إليه.

ومن خصائص وفضائل هذا الشهر الكريم مضاعفة الأجر والثواب في الأعمال الصالحة، فالفريضة الواحدة فيه تعدل سبعين فريضة فيما سواه، والنافلة فيه تعادل الفريضة في الأجر والثواب.

ومن خصائصه وفضائله إنزال القرآن الكريم فيه:
يقول تبارك وتعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185] وقد صح عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: "أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا- في شهر رمضان- ثم نزل بعد ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - منجما على حسب الوقائع". فهذا أيها الإخوة المسلمون الصائمون حدث عظيم اختص به هذا الشهر، ومدحه الله لندرك فضله، ونستفيد من ذكراه بكثرة الطاعة والعبادة والإلحاح في الدعاء. فقد أنزل فيه أعظم كتاب على أعظم نبي لهداية البشرية ودلالتها إلى الطريق الموصل لها إلى رضا الله وغفرانه وجنته، وفيه الدلالة والبيان لطريق الشر الموصل إلى عذاب الله لينصرف عنه المسلم ويحاذره ويرجو رحمة ربه.

من خصائص هذا الشهر وفضائله تصفيد مردة الشياطين من جن وإنس، أما تصفيد مردة الشياطين من الجن ففي الأغلال الموثقة، لئلا تؤذي أمة محمد وتفسد عليهم صيامهم وقيامهم.

وأما تصفيد شياطين الإنس فبكبح شهواتهم مع الصبر على الجوع والعطش.

ولا شك أن هذا مما يقلل إيذاءهم لأنفسهم ولغيرهم من الناس.

ومن خصائص وفضائل هذا الشهر اتحاد الأمة الإسلامية في وقت إمساكها، ووقت إفطارها، كل جماعة على حسب مناخها من حيث طلوع الفجر وإقبال الليل.

ومن فضائل هذا الشهر الكريم وخصائصه تميزه بصبر المسلمين جميعا، وتميزه بليلة القدر. ولهذين الموضعين حديث آخر فهما جديران بالوقوف والتأمل.

فنسأل الله تبارك وتعالى أن ينعم علينا بصيام شهرنا وقيامه وتمامه وقبوله، وأن لا يردنا خائبين ولا خاسرين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر الشرك والمشركين. اللهم قونا بإسلامنا وقوه بنا، واجعل النصرة والتأييد لنا على أعدائنا وأعدائك يا ذا القوة المتين.

اللهم خذ بأيدي قادتنا وولاة أمورنا بد الخير، ومكن لهم في الأرض ما مكنت لعبادك الصالحين. سبحانك اللهم و بحمدك نستغفرك ونتوب إليك. صلوا وسلموا على أكرم نبي وأشرف هاد، واذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم. ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.60 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]