كلمات قاتلة (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213403 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-11-2019, 02:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي كلمات قاتلة (قصة)

كلمات قاتلة (قصة)


مبارك عامر بقنه






خرج وتركها وحدَها حين رآها لم تستطع أن تكمل حديثها؛ فقد كانت العبرات والتنهُّدات أقوى من أن تتغلَّبَ عليها، أجهشت بالبكاء بشدة، وانسكبت دموعُها بغزارةٍ دون توقُّف، أسكتَتْها دموعُها عن الحديث، كان بكاءً مريرًا، لم يحدث لها أن بكَتْ هكذا، فلم تكن تعرف حرارة الدمع إلا في هذه اللحظة، تشعُر أن كل ذرَّةٍ من جسدها النحيل تتمزَّق وتحترق، استرسلت في البكاء حتى قاربت على الانهيار والسقوط أرضًا، لا تعلم كم مكثت وهي تجهش بالبكاء، تبكي دون وعي، ولم تتوقَّفْ لحظةً حتى أسكتَها الإعياءُ، أنهكتْها العبراتُ، وأحرقت الدموع وجنتيها؛ فالموقف أشعلَها وأضرَمَها وآلمها بشدَّةٍ.



لم يكن يدر في خَلَدِها يومًا أن يُساورَ زوجَها الشكُّ فيها ولو لحظة واحدة؛ فضلًا عن أن يتَّهِمَها ويُؤنِّبَها ويُوبِّخَها ويشتمها، لم تتمالك نفسَها من الصدمة؛ فانهارَتْ من البكاء دون أن تقول حرفًا واحدًا، لم تتصوَّر أن يظنَّ بها زوجُها ظنًّا كهذا، إنه أمر مريع ومعيب ومخجل أن تستمع لزوجها وهو يصرخ في وجهها ويجرحها في شرفها، ويُؤثِّمها في أخلاقها، كانت دموعها هي سلاحها التي دافعَتْ بها عن نفسها لترُدَّ هذا الاتِّهام المشين، كانت دموعها تحرقها قبل أن تحرق زوجها، لقد تحوَّلت إلى قطعة من اللهب؛ فكل شيء فيها يحترق، فأنفاسها تشتعل في داخلها، أفكارها يأكل بعضُها بعضًا من شدَّة توقُّدها وسعيرها، تشعُر أن دمها قد تحجَّر وتحوَّل جمرةً ملتهبةً في بدنها، تهاوت وانهارت، فجثت على ركبتها كقطعة لظى لا حَراكَ لها.



مرَّت ساعات وهي في ذهول، ولم تفق من دهشتها وصدمتها إلا على يدي طفلها الصغير وهو يلمسها بأنامله الصغيرة، فأطفأت لمساتُه البريئةُ الحانيةُ لهيبَ جسدِها، وأعادَتْ إليها رُوحَها، فأفاقت من صدمتها ولم تفق! فهي بين المصدِّق والمكذِّب، احتضنت طفلها الصغير الذي لم يتجاوز العامين من عمره، احتضنته بشدة؛ فهي كانت تريد أحدًا يُطفئ حرارة جسدها ولوعة قلبها، كانت هي أشد حاجة لطفلها من حاجته لها، انسكبت الدموع مرة أخرى، وعاد نحيبُها دون وعي؛ ولكن هذه المرة كانت تشعُر بصوتها وبتنهُّداتها الحرَّى، كان طفلها كالبلسم على صدرها، تشعُر به يمتصُّ ما بها من جوًى وألمٍ، أخذت تنظر لصغيرها بشجن واشتياق، كأنها فقدت صغيرها أعوامًا ولم تجده إلا اللحظة، فجعة الموقف جعلتها تشعُر بتوقٍ وصبابةٍ إلى صغيرها، تنظر إليه لحظات، ثم تذهب تُقبِّله وتحتضنه معاودةً هذا الفعل دون شعور، حتى لمس طفلُها بعفوية خدَّيها، فهدأت قليلًا وسكنت حركتُها، توقَّفت لتنظر لصغيرها وعيناها تنسكب دمعًا، لم تَقْوَ على إمساكه، تحاملت على نفسها، وذهبت بطفلها لتجلس على الأريكة؛ لعلَّ نفسَها تسكن ويذهب ما بها من إعياء.



ألقت بنفسها على الأريكة وطفلها بين ذراعيها، لا تريد أن تتخلَّى عنه؛ فهو لم يعد طفلها بل هو الآن ترياق لأدوائها وبلسمٌ لجراحها الملتهبة، تناولت مناديل بجوارها ومسحت دموعها التي تنهمر دون توقُّف، ألقت برقبتها للخلف، وألقت بعينيها للأعلى، وأخذت تتنفَّس بعمق ماسكة طفلها بيدها على صدرها، مكثت هكذا حتى تراخت أطرافُها، وسكنت نفسُها، وخفتت أنفاسُها، شعرت وكأن الحياة عادت تسري مرة أخرى في جسدها، أخذت تنظر إلى طفلها وتحتضنه وتُقبِّله بشوق، محاولة أن تنسى جرحها؛ كي لا يهلكها الأسى، تُقبِّل طفلها وهي تتنهَّد وتئنُّ بين الفينة والأخرى.



لا تعلم كم مضى من الوقت وهي تبكي، وضعت صغيرها بجوارها ونهضت بثقل شديد، وذهبت لتغسل وجهها وتشرب ماء؛ فلعل ذلك يبرد حرارة ما تجد، وقفت أمام المرآة تنظر فيها فعادت تنهمر دموعُها مرةً أخرى؛ ولكنها تحاملت على نفسها، وغسلت وجهها بماء بارد، محاولة عدم الالتفات مرة أخرى للمرآة، تناولت كوبًا من الماء وشربت بعض القطرات وتركته جانبًا، عادت لصغيرها والحزن يملأ قلبَها، جلست بجوار صغيرها وهي لا تعلم ما تفعل؛ ولكن بعفوية الأُمِّ حملت صغيرها واحتضنته مرة أخرى، وأجلسته في حضنها، وأخذت تُحدِّثه وقد اغرورقت عيناها بالدموع، قالت له بصوت أجش لا يكاد يُسمَع:

"ابني، حبيبي، قرة عيني، هل ترضى ما جرى لأُمِّك؟ هل سمِعتَ ما قال أبوك لي؟" حين قالت هذه الكلمات لم تتمالك نفسها، فخرجت منها زفرةٌ خشنةٌ قاسيةٌ أسكتَتْها لحظات، مسحت دموعها، وعادت لتُحدِّث طفلها: "حبيبي سامحني، أعلم أنك تتألم مثلي؛ ولكني يا ولدي أنا أحترق من داخلي، أشعر أن دمي يلتهب في عروقي، أحسُّ أن جسدي يتمزَّق، أني أتعذَّب يا بني، أنني أحترق بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى "عندها ألقت بظهرها للوراء، احتضنت صغيرها؛ كي يخفِّف ما بها من ألم، وهي تشعُر أنها بين نارين: نار زوجها التي أحرقتها، ونار رقَّتها على ابنها، فهي لا تريد أن تُعذِّب صغيرها؛ فهو لا زال زهرةً يانعةً، لا يقوى على رياح الحياة القاسية.



عادت مرة أخرى تكلم طفلها بحرقة شديدة؛ فهي تريد أن يسمع أحدٌ كلامَها، تريد أن تُخرِج ما في صدرها، تريد أن تصرخ بأعلى صوتها، وتقول: أنها مظلومة.



عادت تحدِّث ابنها: "ابني حبيبي، أُمُّك شريفةٌ طاهرةٌ نقيةٌ، أُمُّك لم تُدنِّس عرضَها، لو يحرقوني ويقطِّعوني ما لوَّثْتُ عرضي، ولا أُدنِّس سُمْعتي"، قالت هذه الكلمات وشعرت كأنها في محكمة أمام القاضي تثبت له براءتُها، وتعلن للعالم أجمع أنها إنسانة طاهرة من نجس المومسات.



توقَّفت لحظات، وكأنها تقاوم ألَمًا شديدًا كان يسري بسرعة في جسدها، حاولت معاودة الحديث والألم يعصرها، قالت بصوت متقطع: "ابني، لم أكن أتوقَّع يومًا أن يشُكَّ أبوك فيَّ، لم أكن أتخيَّل أن يقول عني: أنني امرأة ساقطة"... سكتَتْ قليلًا بعد هذه الكلمة، وأجهشت بالبكاء؛ لكنها تحاملت على نفسها، واستمرَّت في حديثها لابنها: "أنا ساقطة، يقول عني ذلك؟! تخيَّل يا بني، لماذا؟ ما الذي رأه مني حتى يتهمني هذا الاتِّهام الشنيع، ويظنَّ بي السوء؟! لا أعلم. لقد أحببت أباك حبًّا أشدَّ ما تحبُّ النساء الرجال، لقد أحبَبْتُه من كل قلبي وجوارحي، أحبَبْتُه حتى درجة الهيام، أحبَبْتُه بكل عفوية وصدق، منذ اللحظة التي رأيت أباك فيها، سكن قلبي، ووضع رحاله في فؤادي، لم يسكن معه أحد، وإلى هذه اللحظة التي أراني أفقد فيها حُبِّي؛ أفقد حياتي، لم أعرف أحدًا سوى أبيك، لم يكن زوجي فقط؛ بل كان رُوحي، يا ألله! يا ولدي، كيف عذَّبني أبوك! كيف يقول لمن أعطته حياتها وملَّكَتْه قلبَها: إنها خانته! لا أُصدِّق ما سمِعتُ! أشعُر كأنني في كابوس فظيع، أشعُر أنني أتخيَّل وأحلم، لا يمكن أن يقول عني ذلك!"، انقطع صوتُها تمامًا، أخذت تبلع ريقها بصعوبة، وشعرت بدوار شديد، أمسكت رأسها؛ كي تخفِّف الألم، اشتدَّ عليها التنفُّس، وزاد ضيق صدرها، فلا تقوى على تَتَابُع التنفُّس؛ لكنها لا تريد أن تسكت، تريد أن تُخبر ولدها الصغير بكل شيء، تريد أن تقول له: أنها عفيفة طاهرة نقية، تشعُر أن لحظات حياتها انقضَتْ، فقد قتلها زوجُها، تحاملت على نفسها، وقالت بصعوبة بالغة: "ابني، قرة عيني، لا تشُكَّ فيَّ يا بني؛ أنا إنسانة عفيفة شريفة، ابني حبيبي، الإنسانة الطاهرة لا تتحمَّل أحدًا يقول عنها ذلك، المرأة الشريفة تموت حين يتَّهِمُها أحدٌ بذلك، المرأة النقية أعزُّ ما تملك هو شرفُها، شرفُها هو حياتُها، ابني حبيبي، إذا كبرت غدًا وسمِعتَ أحدًا يتَّهِم أُمَّك فلا تُصدِّقه، أُمُّك لا يمكن أن تُدنِّس عرضَها، أُمُّك تبيع كل شيء إلَّا عرَضها وكرامتَها، الرجال لا يعرفون المرأة، يظنُّونها خائنةً، يشكُّون فيها، يعيشون معها وهم مرتابون منها، يظنُّون أنهم لو يغفلون عنها لحظة لدنَّسَت شرفَها، لا يا بني، المرأة تموت من أجل شرفها، المرأة تُضحِّي بكل شيء إلا عِفَّتها".



هنا توقَّفت تمامًا، وشعرت أنها ستسقط على الأرض، فالدوار اشتدَّ عليها، وتشعُر بثقل جسدها؛ فلسانها ثقل للغاية، شعرت أنها تفارق الحياة، فقلبها الضعيف لم يَقْوَ على الصدمة، فهي رقيقة كل الرقة، مرهفة الحسِّ، لا تتحمَّل خدوش الحياة، فقد اجتمع فيها أمران: حبُّها لزوجها لدرجة الجنون، وضعفُ قلبها ورقته لدرجة التحطُّم والانكسار مع أدنى خدش، ضاق عليها التنفُّس، فأخذت تتنفَّس بصعوبة وبصوت عالٍ، خشيت على صغيرها إن هي فارقَتِ الحياةَ أن يموت صغيرُها، أخذت هاتفها وهي لا تكاد تمسكه، كانت ترفض الاستسلام والانهيار، كانت تقاوم بكل قوة، فتحت جوَّالها، وكتبت ويداها ترتجفان، لا تعلم لماذا اختارت زوجَها لتكتب إليه كلمات الوداع، انسكبت دموعُها بشدَّةٍ حين رأت اسمه، ازدادت رعشةُ يديها، قاومت بصعوبة؛ فهي ترى أنها اللحظات الأخيرة في حياتها، وكتبت: "زوجي، حبيبي، لقد قتلتني كلماتُكَ المتوالية، اتِّهاماتُك المتكرِّرة لي، كانت سهامًا ترسلها لتُمزِّق قلبي، لم أخُنْكَ يومًا ولا لحظة واحدة، لم أحبب أحدًا سواك، سأرحل عن هذه الدنيا وأنت الحبيب فيها، أشعُر أنها آخر كلماتي، صدِّقني لم أخُنْكَ لحظةً في حياتي، صدِّقْني، إنني امرأة طاهرة شريفة، ولو لم أكن كذلك ما قتلتني سهامُ كلماتِكَ. أرجوك: أخبر ابني أنني طاهرة نقية، دع ابني يفتخر بي؛ بل أنت افتخر بي، وأرجوك أن تصون عرضي بعد وفاتي، إنني أموت الآن؛ فلا تترك ابني وحده".




هنا سقط الجوَّال من يديها، وتراخَتْ أنامِلُها، ونظرت لصغيرها نظرةَ وداعٍ، وعيناها تسكبان الدمع، لم يمكث الدمع طويلًا؛ فقد توقَّف انسكابُه من عينيها، وتوقَّفَتْ أنفاسُها، ورحلت بحبِّها وجرحها.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.05 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]