علاج المشكلة الاقتصادية في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12410 - عددالزوار : 208984 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 167 - عددالزوار : 59566 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 758 )           »          الأعمال اليسيرة.. والأجور الكثيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          خواطر متفرقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وإفساد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 35 )           »          القذف أنواعه وشروطه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 65 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 15883 )           »          الضلع أعود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-11-2019, 11:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,380
الدولة : Egypt
افتراضي علاج المشكلة الاقتصادية في الإسلام

علاج المشكلة الاقتصادية في الإسلام
أحمد محمد عاشور


لقد تصدَّى الإسلام لحلِّ المشكلة الاقتصاديَّة آخذًا في الاعتبار أمرين أساسيِّين هما: الإنسان نفسه من ناحية، والنَّظرة الشَّاملة للموارد من ناحية أخرى [1].

ويرى الدُّكتور مُحَمَّد شَوْقِي الفَنْجَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ أنَّ هناك حلًّا نهائيًّا للخروج من بوتقة المشكلة الاقتصاديَّة، حيث يقول: "إنَّنا لا نقول مع الاشتراكيِّين: إنَّ أساس الخروج من المشكلة هو الدَّولة، ولا مع الرَّأسماليِّين بأنَّ أساس الخروج من هذه المشكلة هم الأفراد، والجهود الذاتيَّة، ولكنَّنا نقول بما يقرُّه الإسلام من ضرورة التَّعاون بين الدَّولة والأفراد، وأنَّ لكلٍّ منهما مجالَه، بحيث يكمِّل كلٌّ منهما الآخر.

والواقع أنَّ الدولة لا تستطيع القيام بكلِّ شيء، وأنَّ تدخُّلها المطلق، أو إحجامها المطلق، يؤدِّي إلى مساوئَ عديدةٍ، والمناط في الاقتصاد الإسلاميِّ هو تحقيق التَّعاون والتَّكامل بين الدَّولة والأفراد" [2].

فالقضاء على هذه المشكلة كما يقرِّر الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ يتمثَّل في: "ضرورة تنمية الإنتاج مع عدالة التَّوزيع، وأنَّ أحدهما لا يغني عن الآخر، فوفرة الإنتاج مع سوء التَّوزيع هو احتكار، واستغلال لا يسلِّم به الإسلام، كما أنَّ عدالة التَّوزيع إنتاج كافٍ، وهو توزيع للفقر والبؤس، وهذا ما يرفضه الإسلام" [3].

أضف إلى ذلك التخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية.

ويؤكِّد الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ على أنَّ الإسلام في حلِّه للمشكلة الاقتصاديَّة لا يقف بالنِّسبة للفقراء موقف الأثرة، واللَّامبالاة شأن الاقتصاد الرَّأسماليِّ، كما لا يقف بالنِّسبة للأغنياء موقف الكراهية، وتغذية الصِّراع ضدَّهم شأن الاقتصاد الاشتراكيِّ، وإنَّما هو يعمل على التَّقريب بين الفئتين، وبالتَّالي إحلال التَّعاون، والتَّكامل بينهما لا التَّناقض والصِّراع [4].

ولقد طرح الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ العديد من العناصر الرَّئيسيَّة، والَّتي يقوم عليها الحلُّ الإسلاميُّ للمشكلة الاقتصاديَّة، وهي [5]:
أ‌. المَالُ مَالُ اللهِ، وَالبَشَرُ مُسْتَخْلَفُونَ فِيهِ:
فحيازة، أو ملكيَّة الفرد، أو الدَّولة للمال في الإسلام ليست امتلاكًا بالمعنى المطلق، وإنَّما هي وديعة، أو وظيفة شرعيَّة، أو هي ملكيَّة مجازيَّة، أي: ملكيَّة الفرد، أو الدَّولة في الظَّاهر بالنِّسبة للآخرين؛ إذ المالك الحقيقيُّ لكلِّ الأموال هو الله تعالى. وأنَّه - سبحانه - سيحاسب المكتسب للمال، أو الحائز المتصرِّف فيه حسابًا عسيرًا بقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8].

وقد ترتَّب على تكييف الإسلام للملكيَّة خاصَّة كانت أو عامَّة: أن أصبحت أمانة، واستخلافًا، ومسئوليَّةً، ويجب الالتزام في شأنها بتعاليم الإسلام، فلا يجوز مثلًا تمكين السُّفهاء والمبذِّرين من هذا المال؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 5].

أو حرمان العاجزين المحتاجين من هذا المال؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 33]، أو أن يكون المال متداولا بين فئة قليلة من النَّاس؛ لقوله تعالى ﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [الحشر: 7].

بل، وأكثر من ذلك، فإنَّ شرعيَّة الملكيَّة خاصَّة كانت، أو عامَّة تسقط إذا لم يحسن الفرد، أو الدَّولة استخدام هذا المال استثمارًا، أو إنفاقًا في مصلحته، أو مصلحة الجماعة.

ب‌. لِكُلِّ حَدٍّ الكِفَايَةُ أَوَّلًا، ثُمَّ كُلٌّ تَبَعًا لِعَمَلِهِ:
بمعنى أنَّه في الظُّروف غير العادِّيَّة "الاستثنائيَّة" كمجاعة، أو حرب حيث تقلُّ الموارد، ولا تتوافر الحاجيَّات يتساوى المسلمون من حيث توفير حدِّ الكفاف، وفي الظُّروف العادِّيَّة يتساوى المسلمون من حيث توفير حدِّ الكفاية، وما فوق ذلك يكون لكلٍّ تبعًا لعمله وجهده.

ويترتَّب على ذلك في نظر الدُّكتور الفَنْجَرِيِّ ما يلي:
1- الإِسْلَامُ لَا يَحْتَرِمُ المِلْكِيَّةَ الخَاصَّةَ إِلَّا بَعْدَ ضَمَانِ "حَدِّ الكَفَافِ":
فحرمة الملكيَّة الخاصَّة في الإسلام مشروطة بأن يتوافر لكلِّ فرد حدَّ الكفاف أي: الحد الأدنى اللَّازم لمعيشته.

بمعنى أنَّه إذا وجد في المجتمع الإسلاميِّ جائعٌ واحد، أو عارٍ واحد؛ فإنَّ حقَّ الملكيَّة لأيِّ فرد من أفراد هذا المجتمع لا يجب احترامه، ولا تجوز حمايته. ومؤدَّى ذلك أنَّ هذا الجائع الواحد، أو المضيع الواحد يسقط شرعيَّة سائر حقوق الملكيَّة إلى أن يشبع.

2- الإِسْلَامُ لَا يَسْمَحُ بِالثَّرْوَةِ، أَوِ الغِنَى إِلَّا بَعْدَ ضَمَانِ حَدِّ الكِفَايَةِ:
أي المستوى اللَّائق للمعيشة بحسب ظروف الزَّمان والمكان، والواجب توافره لكلِّ مَنْ يتواجد في مجتمع إسلاميٍّ أيًّا كانت ديانته، وأيًّا كانت جنسيَّته، وهو ما يوفِّره لنفسه بجهده وعمله، فإن عجز عن ذلك بسببٍ خارجٍ عن إرادته كمرض، أو شيخوخة، وانتقلت مسئوليَّة ذلك إلى بيت مال المسلمين أي خزانة الدَّولة.

وقد روى أبو يوسف في كتابه الخراج، وأبو عبيد في كتابه الأموال كيف أنَّ الخليفة - عمر بن الخطاب - في تفقُّده للأنصار، دُهِشَ حين رأى شيخًا يتكفَّف النَّاس فسأله: مِنْ أَيِّ أَهْلِ الكِتَابِ أَنْتَ؟، فَقَالَ: يَهُودِيٌّ، فَسَأَلَهُ: وَمَا أَلْجَأَكَ إِلَى هَذَا؟، قَالَ: الجِزْيَةُ، وَالحَاجَةُ، وَالسِّنُّ؛ فَأَمَرَ عُمَرُ بِطَرْحِ جِزْيَتِهِ، وَأَنْ يُعَانَ مِنَ الزَّكَاةِ بِاعْتِبَارِهِ مِسْكِينًا، وَأَرْسَلَ إِلَى خَازِنِ بَيْتِ المَالِ بِقَوْلِهِ: "انْظُرْ إِلَى هَذَا وَضُرَبَائَهُ، فَوَ اللهِ مَا أَنْصَفْنَاهُ إِنْ أَكَلْنَا شَبِيبَتَهُ ثُمَّ نَخْذُلُهُ عِنْدَ الهَرَمِ" [6].

3- الإِسْلَامُ لَا يَضَعُ حَدًّا أَعْلَى لِلمِلْكِيَّةِ أَوِ الاغْتِنَاءِ:
وأنَّه متى توافر لكلِّ فردٍ في المجتمع الإسلاميِّ "حدُّ الكفاية" أي المستوى اللَّائق للمعيشة، والَّذي تضمنه الدَّولة لكلِّ مواطن إذا عجز هو عن تحقيقه لسبب خارج عن إرادته، فإنَّه يكون لكلٍّ تبعًا لعمله، وسعيه في الأرض دون قيد، أو حدٍّ أعلى للملكية، أو الثَّروة والاغتناء، فالقرآن يقول: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 32].

فاغتناء النَّاس، وتفاوتهم في أرزاقهم، ومعيشتهم، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، وتفضيل بعضهم على بعض، ليس اعتباطًا، وإنَّما هو بقدر ما يبذلونه من جهد، وعمل صالح، قال تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النجم: 39 - 41].

ج. الارْتِفَاعُ بالتَّنْمِيَةِ الاقْتِصَادِيَّةِ إِلَى مَرْتَبَةِ الفَرِيضَةِ وَالعِبَادَةِ:
اعتبر الإسلام تعمير الكون، وتنمية الإنسان -ليكون بحقٍّ خليفة الله في أرضه بقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30] - هو غاية خلقه ووجوده بقوله تعالى: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، أي كلَّفكم بعمارتها.

فلم يخلق الله تعالى الإنسان في هذه الدُّنيا عبثًا، أو لمجرَّد أن يأكل ويشرب، وإنَّما خلقه لرسالة يؤدِّيها، هي أن يكون خليفة الله في أرضه: يدرس ويعمل، وينتج، ويعمِّر، عابدًا لله، شاكرًا فضله.

ولقد بلغ حرص الإسلام على التَّنمية الاقتصاديَّة، وتعمير الدُّنيا، أن قال الرَّسول - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "إِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُم فَسِيلَةٌ "نَخْلَةٌ صَغِيرَةُ" فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فَلْيَغْرِسْهَا" [7].

وساوى الإسلام بين المجاهدين في سبيل الدَّعوة الإسلاميَّة، وبين السَّاعين في سبيل الرِّزق، والنَّشاط الاقتصاديِّ بقوله تعالى: ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].

ونخلص من ذلك أنَّ التَّنمية الاقتصاديَّة في الإسلام هي فريضة وعبادة، بل هي من أفضل ضروب العبادة، وأنَّ المسلمين قادَّة وشعوبًا مقربون إلى الله تعالى بقدر تعميرهم للدُّنيا، وأخذهم بأسباب التَّنمية الاقتصاديَّة، وذلك بمفهومها الإسلاميِّ الَّذي يميِّزها عن سائر المذاهب، والأنظمة الاقتصاديَّة السَّائدة، ذلك؛ لأنَّ التَّنمية الاقتصاديَّة الإسلاميَّة بحسب تحليلنا لها هي تنمية شاملة، ومتوازنة، وغايتها الإنسان نفسه؛ ليكون بحقٍّ خليفة الله في أرضه.

وأنَّ مبدأ الشُّمول في التَّنمية الاقتصاديَّة الإسلاميَّة يقتضي أن تضمن التَّنمية كافَّة الاحتياجات البشريَّة من مأكل، وملبس، ومسكن، ونقل، وتعليم، وتطبيب، وترفيه، وحرِّيَّة العمل، وحرِّيَّة التَّعبير، وممارسة الشَّعائر الدِّينيَّة... إلخ، بحيث لا تقتصر التَّنمية على إشباع بعض الضَّروريَّات، أو الحاجيَّات دون الأخرى، ومن هنا؛ لا يقبل الإسلام "تنمية رأسماليَّة" تضمن حرِّيَّة التَّعبير، ولا تضمن لقمة الخبز، كما لا يقبل "تنمية اشتراكيَّة" تضمن لقمة الخبز، وتقتل حرِّيَّة التَّعبير.

د. الجَمْعُ بَيْنَ الضَّمَانِ الاجْتِمَاعِيِّ، وَالتَّكَافُلِ الاجْتِمَاعِيِّ:
1- الضَّمَانُ الاجْتِمَاعِيُّ فِي الإِسْلَامِ:
ويُراد به التزام الدَّولة الإسلاميَّة نحو كافَّة المقيمين بها، أيًّا كانت ديانتهم، أو جنسيَّاتهم، وذلك بتقديم المساعدة للمحتاجين منهم في الحالات الموجبة بتقديمها كمرض، أوعجز، أو شيخوخة، متى لم يكن لهم دخل، أو مورد يوفِّر لهم حدَّ الكفاية، ودون أن يطلب تحصيل اشتراكات مقدَّمًا.

2- التَّكَافُلُ الاجْتِمَاعِيُّ:
وهو التزام الأفراد بعضهم نحو بعض، وهو لا يقتصر في الإسلام على مجرَّد التَّعاطف المعنويِّ من شعور الحب، والبرِّ، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، بل يشمل أيضًا التَّعاطف المادِّيَّ بالتزام كلِّ فردٍ قادر بعون أخيه المحتاج.

ويتمثَّل الضَّمان الاجتماعيُّ في الإسلام - حسب تصوُّر الدُّكتور الفَنْجَرِيِّ - في ضمان حدِّ الكفاية لكلِّ فردٍ يتواجد في المجتمع الإسلاميِّ، تكفله له الدَّولة الإسلاميَّة عن طريق مؤسَّسة الزَّكاة، ثُمَّ يأتي التَّكافل الاجتماعيُّ من جانب الأفراد كعنصر مكمل لالتزام الدَّولة، وجهودها في القضاء على الفقر.

ونخلص ممَّا تقدَّم أنَّ الإسلام هو دين الضَّمان الاجتماعيِّ من حيث التزام الدَّولة، وهو دين التَّكافل الاجتماعيِّ من حيث التزام الأفراد.

هـ. مِعْيَارُ تَقْوِيمِ الدَّوْلَةِ فِي نَظَرِ الاقْتِصَادِ الإِسْلَامِيِّ:
مِعْيَارُ الحُكْمِ فِي الاقْتِصَادِ الإِسْلَامِيِّ:
يرى الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ أنَّ معيار الحكم في الاقتصاد الإسلاميِّ على أيِّ دولة في العالم ليس هو بمقدار ما بلغته هذه الدَّولة من مستوى حضاريٍّ، أو تكنولوجيٍّ، أو ما تملكه تلك الدَّولة من ثروة مادِّيَّة أو بشريَّة، ولا هو بمقدار ما يخص كل فرد من الدَّخل القوميِّ... إلخ. وإنَّما هو بالمستوى المعيشيِّ اللَّائق الَّذي يتوافر، أو تضمنه الدَّولة لأقل، أو أضعف مواطن فيها؛ لتحريره بذلك من عبوديَّة الحاجة، ومشاعر الحقد والحرمان، ومستشعرًا نعمة الله، راضيًا متعاونًا مع مجتمعه، وكما عبَّر عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [8]، "إنَّ الله تعالى إنَّما خلق الأموال إعانةً على عبادته؛ لأنَّه خلق الخلق لعبادته" [9].

وعليه؛ فالدُّكتور الفَنْجَرِيُّ يرى أنَّ أساس الخروج من المشكلة الاقتصاديَّة هو ما أقرَّه الإسلام من ضرورة التَّعاون بين الدَّولة والأفراد، وأنَّ لكلٍّ منهما مجاله بحيث يكمل كلٌّ منهما الآخر.


[1] الإسلام والاقتصاد، عبد الهادي علي النَّجَّار، سلسلة عالم المعرفة (63)، الكويت، مارس، 1983، ص 19.

[2] الإسلام والتَّوازن الاقتصاديُّ بين الأفراد والدُّول، ص62، مرجع سابق.

[3] الإسلام والمشكلة الاقتصاديَّة، ص 104، مرجع سابق.

[4] الإسلام والمشكلة الاقتصاديَّة، ص 104.

[5] الإسلام والتَّوازن بين الاقتصاديِّ بين الأفراد والدُّول، ص63، بتصرف، مرجع سابق.

[6] الخراج، الإمام أبو يوسف بعقوب بن إبراهيم الأنصاري، المطبعة السلفية، القاهرة، 1436هـ، ص150، والأموال، أبو عبيد القاسم بن سلام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1968، ص46.

[7] الأدب المفرد، مُحَمَّد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري، تحقيق: مُحَمَّد فؤاد عبد الباقي، دار البشائر الإسلاميَّة، بيروت، ط3، 1989م، ص168، باب اصطناع المال، حديث رقم(479)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (1/195.)

[8] ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت728هـ): فقيه أصوليٌّ، ومفتي الدِّين الحصيف، وصاحب الآثار الكبرى في علوم الدِّين، والفكر الإسلامي، وُلِدَ بحرَّان بتركيا، ورحل إلى دمشق مع أسرته، كان قوي الذَّاكرة، سريع الحفظ، نهل من منهج النُّبوَّة، وقد كان صالحًا، مصلحًا، تربو مصنفاته على ثلاثمائة مجلد في علوم الإسلام المختلفة، انظر في: أعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس شمس الدِّين أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي (ت 681هـ)، دار صادر بيروت، ط1، 1974م، (4/386).

[9] مجموع الفتاوى، لابن تيمية، تحقيق: أنور الباز، وعامر الجزار، دار الوفاء، القاهرة، ط3، 2005م، (28/276).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.62 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]