حقوق الزوجة على زوجها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191049 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2649 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 656 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 929 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1089 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 851 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 835 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 918 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 564 - عددالزوار : 92797 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-11-2019, 04:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي حقوق الزوجة على زوجها

سلسلة أركان الأسرة (3)









حقوق الزوجة على زوجها (1)

د. محمد ويلالي





الخطبة الأولى


عرفنا - ضمن الجزء الثاني - من سلسلة أركان الأسرة، مجموعة من الأخلاق الزوجية، التي تكفل تماسك الأسرة، وتحفظ بنيانها متينا، لا تؤثر فيه الخلافات الطارئة، ولا تضعفه المشاكل اليومية القائمة، فعرفنا أن الزوج الصالح لا يفرَك زوجته لخلل بدر منها، ولا ينسى الفضل بينه وبينها، ولا يتخونها ويتجسس عليها يبتغي عثراتها، ولا يفسح للغضب يستولي عليه لينتقم منها، كما عرفنا أن المرأة المسلمة ودود، عؤود، تعود على زوجها، وتمسك بيده، وتسترضيه حتى يرضى، تفعل ذلك تقربا إلى الله تعالى، وحفاظا على سلامة أسرتها، تعلم أنها لا تؤدي حقَّ ربَّها حتى تؤدَّي حقَّ زوجها.



وموعدنا اليوم - إن شاء الله تعالى - مع بيان مجموعة من الحقوق التي تتعلق بكل طرف تجاه الآخر، نستهلها بالقسم الأول من حقوق الزوجة على زوجها، ونقتصر فيه على حقين اثنين:

1- الإنفاق عليها بالمعروف، مع المساواة بينه وبينها في الحاجات الضرورية، من الطعام، والشراب، والكسوة، والتطبيب. فكما أنه لا يجوز له أن يتكلف ما ليس له في سبيل إرضاء زوجته، فكذلك لا ينبغي له أن يستأثر دونها بمتع الحياة ولذيذ عيشها. فعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: "أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ - أَو قال: إذا اكْتَسَبْتَ" صحيح سنن أبي داود.



فبعض الأزواج يذهبون إلى أصدقائهم، أو أقربائهم مرتين أو ثلاثا كل أسبوع، يمرحون، ويسعدون، ويتمتعون بلذيذ العيش، ثم هم يهملون زوجاتهم، ويقترون عليهن في النفقة. قال تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7]. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثماً أن يُضَيعَ مَنْ يَقُوت" صحيح سنن أبي داود. وفي رواية مسلم: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ".



ولا شك أن ما ينفقه الزوج على أهله من أعظم الأعمال المكسبة للحسنات الكثيرة، المدرة للأجر العظيم. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ" مسلم. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: "وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا، مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ، أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ وَيُغْنِيهِمْ؟".



بل إن اللقمة التي تضعها في فم امرأتك، وجرعةَ الماء تسقيها بها، يضاعف لك الله بهما الأجر والثواب. فعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت عليها، حتَّى اللُّقمةَ ترفعُها إلى في امرأتك (ما تطعمه زوجتك بيدك مؤانسة وحسن معاشرة)" متفق عليه.



وعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أُجر" صحيح الترغيب.



فإذا كانت نية الزوج في نفقته على أهله خالصة لله، كان له أجر المتصدق. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها (يريد بها وجه الله تعالى) فهو له صدقة" متفق عليه.



وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار. فقال: "تَصَدق به على نفسك". قال: عندي آخر. قال: "تَصَدقْ به على ولدك". قال: عندي آخر. قال: "تَصَدَّقْ به على زوجتك". قال: عندي آخر. قال: "تَصَدَّقْ به على خادمك". قال: عندي آخر. قال: "أنت به أبْصَرُ" صحيح سنن أبي داود.



والتقتير في نفقة الأهل لا يجتمع مع حقيقة الإيمان، الذي يبعث على الانشراح وحب الخير للناس. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان، والشح" صحيح سنن النسائي.



ولقد تبين - من خلال دراسة بإحدى الدول العربية - أن بخل الأزواج، وحرصهم الشديد على المال سبب في 45 % من حالات التشنج الأسري.





ذريني فإن البخل يا أم هيثم

لصالح أخلاق الرجال سَروق




ذريني وحظي في هواي فإنني

على الحسب العالي الرفيع شَفوق








2- الإحسان إليها:

إن المرأة أمانة في يد زوجها، أُمر بالمحافظة عليها، والاعتناء بها، والإحسان إليها. قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا ﴾ [النساء: 19].



ولقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - خير الرجال وسيدهم وأشرفهم من يحسن معاملة زوجته. قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ، خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا" صحيح سنن الترمذي.



وأصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة فقال: "لقد طاف الليلةَ بآل محمد سبعون امرأة، كل امرأة تشتكي زوجها (وفي لفظ: تشتكي زوجها الضرب)، فلا تجدون أولئك خياركم" ص. ابن ماجة.



وحتى إذا كان هناك من عقاب، فليكن على قدر الذنب، تأديبا لا انتقاما، وتحذيرا لا تشفيا، ويكفي أن تكون العقوبة إعراضا لبعض الوقت، وإظهارا لعدم الرضى يوما أو يومين، من غير شتم، ولا سباب، ولا تسفيه للأخلاق، ولا طعن في الأصول والأنساب. يقول أنس - رضي الله عنه -: "لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبابا، ولا فحاشا، ولا لعانا. كان يقول لأحدنا عند المعتبة: "ما له تَرِبَ جبينه؟ (أصابه التراب ولَصِق به، أو كناية على الدعاء له بالطاعة والصلاة)" البخاري.



الخطبة الثانية


إن الذين يفهمون من قول الله تعالى: ﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾ [النساء: 34] مطلق الضرب، فيتمادون فيه إلى حد الكسور والجروح، قد ارتكبوا خطأ فاحشا، ينم عن جهلهم بحقيقة الشريعة الإسلامية. فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول عنه عائشة - رضي الله عنها -: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلاَ امْرَأَةً، وَلاَ خَادِمًا، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" مسلم. وحتى إذا اضطر إليه الزوج، فهو ضرب تأديب، وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير المبرح، كما يفعل الأب بابنه. سُئل ابن عباس - رضي الله عنه -: ما الضرب غيرُ المبرِّح؟ قال: "السواك ونحوُه".، وهذا إنما يكون في النشوز الذي هو تمرد وخروج عن السوية، لا مجردَ خلاف تافه يمكن تجاوزه بأدنى سبب.



ومع ما نشاهده في مجتمعاتنا العربية من تعنيف الزوجات، مما لا تقره شريعتنا، فمن العدل أن نذكر أن ضرب الزوجات صناعة غربية، تحيل على تصرفات فظيعة، وممارسات بدائية. ففي كندا يوجد 411 جمعية، مهمتها مساعدة وعلاج الأزواج العدوانيين. وفي إيطاليا هناك امرأة من كل عشر نساء تتعرض للضرب المبرح، الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى غرف العناية الفائقة بالمستشفيات، وأثبتت الدراسات أن 79% من الأمريكيين يضربون زوجاتهم، وقرابة مليوني امرأة فرنسية تتعرض للضرب.



فإذا حسنت العشرة بين الزوجين، وكانت مبادئ الشرع حاكمة عليهما، لم يحتاجا إلى أن يؤدب أحدهما الآخر، ولا أن يزجر أحدهما الآخر. يقول الإمام أحمد - رحمه الله - في حق زوجته العبَّاسة بنت المفضّل: "أقامتْ أم صالح معي عشرين سنة، فما اختلفتُ أنا وهي في كلمة".



ومن باب الإحسان إلى الزوجة الصبر عليها، وتحمل أذاها، والتجاوز عن أخطائها، حفاظا على لَمِّ شمل الأسرة، وتماسك أركانها، وحفظها من أن تتلاشى تحت مغبة الخصومات، والأحقاد، والاتهامات المتبادلة. فقد يبدر منها ما يترجم عن تبدل مزاجها، وتغير أحوالها، فتنفلتُ منها كلمات غير مرضية، أو أفعال غير سليمة، فيقابلها الزوج الصالح بِحِلم الأصفياء، وعفو الأقوياء، واستحضار خلق سيد الأنبياء.



فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا أَتَتْ بِطَعَامٍ فِي صَحْفَةٍ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وكانت نوبته عند عائشة) وَأَصْحَابِهِ، فَجَاءَتْ عَائِشَةُ مُتَّزِرَةً بِكِسَاءٍ وَمَعَهَا فِهْرٌ (حَجَر ملء الكف)، فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ فِلْقَتَي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: "كُلُوا، غَارَتْ أُمُّكُمْ، غَارَتْ أُمُّكُمْ"، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَحْفَةَ عَائِشَةَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَعْطَى صَحْفَةَ أُمِّ سَلَمَةَ عَائِشَةَ" البخاري.



ولقد علمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف نبدد غضب الزوجة، بملاحظة نوع كلامها وتصرفاتها. تقول عَائِشَةُ - رضي الله عنها -: [قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى". فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ". قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ] متفق عليه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-11-2019, 04:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق الزوجة على زوجها

سلسلة أركان الأسرة (4)



حقوق الزوجة على زوجها (2)


حفظ دينها

د. محمد ويلالي




الخطبة الأولى


تحدثنا في الجمعة الماضية - ضمن الجزء الثالث من سلسلة أركان الأسرة - عن الحقوق الزوجية، التي ينبغي أن يعرفها الأزواج والزوجات، تفاديا لكثير من الأخطاء التي يمكن أن تعصف بالأسرة، وتذهب بتماسكها وسلامة بنيانها. ووقفنا على حقين من حقوق المرأة على زوجها، وهما: حق النفقة عليها بالمعروف، وحق الإحسان إليها. ونستأنف الموضوع بالحديث عن حق آخر هو: حفظ دينها.



إن الزواج في الإٍسلام ينبني على أساس الدين، ويدور حول الأخلاق الإسلامية، التي يجب أن تكون أس اختيار أحد الزوجين للآخر. فالله تعالى يقول: ï´؟ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ï´¾ [المائدة: 2]. والزواج مؤسسة، إكسيرها إشاعة التعاون على الخير بين مكوناتها، ولا يتم ذلك إلا بزاد من تقوى الله - عز وجل -. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه.. ثلاث مرات" ص. الترمذي. قال أهل العلم: "اشتراط المصلحة الدينية الكاملة، هو أفضل الشروط، وأحبها إلى الله -عز وجل-".



وإنما طولب ولي أمر الزوجة بأن يختار لوليته ذا الدين والخلق، لأنهما صفتان تجعلان الزوج مسؤولا عن تدين زوجته، حريصا على خلقها، مراعيا لحق الله فيها، موجها ومرشدا لأبنائها، معاقَبا على تفريطه في تربيتهم، فلكل حرث زارع، ولكل مال جامع. قال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ï´¾ [التحريم: 6]، والأهل، هم الزوجة والأولاد. قال بعض أهل العلم: "أَمَرَنا الله - جل وعلا - أن نقي أنفسنا وأهلينا نارًا وقودها الناس والحجارة، فمن ضيع هذا الحق، سَلبَ الله المهابة من وجهه، وسلب الله المهابة من قلب أهله وولده".



وعلى الزوجة المسلمة أن تكون منصاعة لأوامر زوجها الشرعية، لا تتأخر في تنفيذها ما دامت في طاعة الله، كأن يأمرها بالاعتناء بصلاتها، وصيامها، وسائر عباداتها، والتستر باللباس الشرعي عند خروجها، وقيامها بحسن تربية أبنائها، وتقويم أخلاقهم، ومراقبة سلوكهم، لا أن تتواطأ مع الأبناء بالتستر على فساد سلوكياتهم، والتكتم على اعوجاجهم وحماقاتهم، وربما التشجيع على انحرافهم بدعوى حاجتهم إلى الحرية، والاستمتاع بالطفولة، وتفريغ مكبوت المراهقة.. فكلم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته. يقول تعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى". فما علاقة أمر الأهل بالعبادة والرزق؟ قالوا: "إنه ما من زوج يقوم بحق الله، وما فرض الله عليه في أهله وزوجه، ويعظها ويذكرها حتى يقوم البيت على طاعة الله ومرضاة الله، إلا كفاه الله أمر الدنيا.. كأن إقامته لأمر الله طريقٌ للبركة في الرزق".



يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. ورَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ" صحيح سنن أبي داود.



ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ" صحيح سنن أبي داود.



بل يقول - صلى الله عليه وسلم - في حق زوجاته أمهات المؤمنين: "أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ" البخاري. قال ابن حجر: "أي ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة، ويعتمدن على كونهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -"، فإذا أُمِرْنَ بذلك وهن من هن في ميزان الله - تعالى -، فكيف بغيرهن؟.



ومن عجب، رضا بعض فتياتنا بالزواج من غير المسلمين، الذين يتظاهرون بنطق الشهادتين، والتسمي بأسماء المسلمين، وهم على ملة أخرى، حتى إن 95% من الفتيات المتمدرسات - عندنا - أكدن أنهن يركزن لدى إبحارهن في شبكة الأنترنت على مواقع الدردشة، بهدف إيجاد زوج مناسب يساعدهن على الهجرة، أو يقدم لهن الدعم المالي لتحسين وضعهن المالي، واستطاعت 5000 فتاة أن تتزوج من أجنبي في سنة واحدة (2008).



ونحن نتساءل: كيف تستقيم حياتهن معهم، وهم لا يعرفون للمسلمات قدرا، ولا يحفظون لهن خلقا، إلا أن يجبروهن على التشبه ببنات بلدهم، وسلوك عاداتهن، والسير على منوالهن؟.



ومن الحقائق الواقعية، أن أحدهم رفض أن ينشأ أبناؤه من مسلمة على الإسلام، والآخر اقترح ترك الأبناء يختارون دينهم عند بلوغهم، والثالث صرح بأن تظاهره بالإسلام قبل الزواج لم يكن إلا مسرحية لتجاوز عقدة الدين، والرابع أرغمها على الردة عن الإسلام ودخول في دينه وإلا طردها. وبينت الدراسة أن أغلب الفتيات المسلمات اللواتي اقتحمن هذه المخالفة الشرعية الجسيمة، يعيشن حياة الضنك، والألم، والحيرة، والندم الشديد، يجعلهن يفكرن في الانفصال والعودة إلى أهليهن، بل إن إحدى المغررات بهن هربت مع زوجها النصراني إلى بلده، بعد أن رفض أبواها هذا الزواج، ثم اكتشفت أن هذا الزوج يجبرها على تنصير ابنها منه، وأنه يخونها، ولا يقيم لها وزنا، فما استطاعت البقاء معه في ظل هذه الحياة التعيسة البئيسة، وما استطاعت الرجوع إلى أبويها الغاضبين من فعلتها الشنيعة. قال تعالى: ï´؟ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ï´¾ [البقرة: 221].



وإن من حفاظ الزوج دينَ زوجته وأبنائه، منعَهم من متابعة القنوات الفضائية المشبوهة، ومراقبةَ استعمالهم للأنترنت، وشغلَ أوقاتهم بالمفيد، كتخصيص ما بين العشاءين لحفظ القرآن وتجويده، وتنظيم جلسة يومية أو نصف أسبوعية، لمدارسة بعض الكتب المفيدة، ككتاب شرح رياض الصالحين، أو كتاب منهاج المسلم، أو كتاب عقيدة المؤمن.. وإجراءِ مسابقة تحفيزية للتنافس في حفظ القرآن، والعمل بالأخلاق والآداب الإسلامية، فيشعُّ بذلك جو القرآن في البيت، ويحاطُ بتوجيهات السنة النبوية، ويتعلمُ الأهل الانضباط في الزمان والمكان، ويزيدُ علمهم، وتقوى صلتهم ببعضهم، وتزيدُ ثقتهم بولي أمرهم، وينفعُ الله بهذه الذرية الصالحة الوالدين في الدنيا والآخرة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث بريدة - رضي الله عنه -:"من قرأ القرآن، وتعلمه، وعمل به، أُلبس والداه يوم القيامة تاجا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما الدنيا، فيقولان: بم كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن" رواه الحاكم، وهو في صحيح الترغيب.



الخطبة الثانية


ومما يقوي تدين الزوجة، انخراطُها في حلقة من حلقات تحفيظ القرآن، وتعليمِ الآداب الشرعية، وهي متوافرة في مدن بلدنا ولله الحمد، في المساجد، والجمعيات، والبيوت. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِذَا اسْتَأْذَنُوكُمْ" مسلم، ففيها تلتقي الزوجة بأخوات لها صالحات، يتنافسن في طلب العلم الشرعي، ويتبادلن تجارب تربية الأولاد، ونقل خبرات التعامل مع الأزواج، وهذا - والله - خير من مخالطة مريضات القلوب، فارغات العقول.



حتى الركوب الجماعي في السيارة، يستثمر للمراجعة، وتصحيح التلاوة، وسماع الأشرطة المفيدة.



ولا بأس بتعليق سبورة في مدخل المنزل، أو في مكان بارز، توضع عليها بعض الآيات، والأحاديث، والأذكار، والأدعية، والحكم.



ولا بأس أن يشغل الزوج وقت الغذاء يوم الجمعة بتلخيص ما سمعه في خطبة الجمعة، ومناقشتِه مع زوجته وأولاده، حتى تعم الفائدة، وتستخلص العبرة.



ويحسن التعاون على صيام النوافل، والأيام الفاضلة، كالاثنين والخميس، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وتعويد الأبناء على ذلك. تقول الرُّبَيِّعُِ بِنْتُ مُعَوِّذِ - رضي الله عنها - في عاشوراء: "..كنا.. نصومه، ونُصَوِّمُ صبياننا الصغار، ونذهب إلى المسجد، ونصنع لهم اللعبة من العهن، فنذهب بها معنا، فإذا سألونا الطعام، أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يتموا صومهم" مسلم.



وكل ذلك لن يتأتى إلا إذا حَفِظ الزوج دينه ودين زوجته، ومن تنكب هذه الطريق توقع الحسرة، وتجرع الندامة.



ترجو السلامة لم تسلك مسالكها

إن السفينة لا تجري على اليبس






ولقد أخبرتني امرأة أن زوجها يهددها بالفراق، إذا هي أصرت على الخروج معه بالحجاب. يريدها متبرجة، سافرة، متزينة، متعطرة، متشبهة بالرجال في لباسها، ومشيتها، ولا يرضى بشرع الله، بل ربما جعل الحجاب سمة تخلف، ودليل تأخر. يقول الله - تعالى -: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ï´¾.



المال يفنى والجمال وديعة

والجاه يبلى كل ذاك غرور



ليس الزواج لشهوةٍ وغريزةٍ

إن الزواج تعفف وطهور


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-11-2019, 04:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق الزوجة على زوجها

سلسلة أركان الأسرة (5)

حقوق الزوجة على زوجها (3)


الغيرة عليها

د. محمد ويلالي


الخطبة الأولى

مضى معنا في الجمعة ما قبل الماضية - ضمن الجزء الرابع من سلسلة أركان الأسرة - الحديث عن الحق الثالث من حقوق المرأة على زوجها، وهو حق حفظ دينها، بعد أن وقفنا على حق النفقة عليها بالمعروف، وحق الإحسان إليها. وموعدنا اليوم - إن شاء الله تعالى - مع حق آخر من حقوق الزوجات على أزواجهن، غفل عنه الكثيرون، ولم يحفظوه حق حفظه، في دوامة المدنية الحديثة، وفي ظل التأثر بالعادات الغربية، واتباع صيحات الحضارة المعاصرة. يتعلق الأمر بحق الغيرة المحمودة على الزوجة، بما يجعل الزوج حريصا على زوجته، منتبها إلى المؤثرات الداخلية والخارجية التي يمكن أن تعصف بأخلاقها، وتذهب بجمال سلوكها، وحسن تدينها.

قال ابن حجر - رحمه اللّه -: "الغيرة: مشتقّة من تغيّر القلب وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشدّ ما يكون ذلك بين الزّوجين".

وقال الكفويّ - رحمه الله -: "الغيرة: كراهة الرّجل اشتراكَ غيره فيما هو من حقّه".

وعرَّف أحد المتأخرين الغيرة التي نقصدها فقال: "الغيرة: هي ما ركّبه الله في العبد من قوة روحية، تحمي المحارم، والشرف، والعفاف، من كل مجرم وغادر".

والغيرة تكريم للمرأة، وحفظ لها من نظرات العابثين، وألسنة المفسدين، وليس فيها تضييق على المرأة كما يزعم بعض مقلدة الغرب من الرجال، وبعض المغرر بهن من النساء، بل هي من صميم حقوق المرأة على زوجها: أن يحبها، ويكرمها، ويتعلق بها، فيحفظها من نظرات الذئاب الجائعة، ويحميها من مغبة الضواري المفترسة.

يقول أحد الأزواج مفصحا عن صدق غيرته على زوجته:
أغار عليكِ من عيني ومني
ومنكِ ومن زمانكِ والمكان

ولو أني خَبَأْتُكِ فِي عيونِي
إلَى يوم القيامة ما كفانِي



بل إن العرب كانوا يفخرون بغَضِّ البصر عن الجارات، ويرون ذلك من صميم الغيرة التي ركبت في فطرهم. يقول عروة ابن الورد:
وإن جارتي ألْوَتْ رياحٌ ببيتِها
تغافَلْتُ حتى يسترَ البيتَ جانبُهْ



يقصد أن الرياح إذا حركت باب جارته، يغض طرفه، ويصرف بصره حتى ينغلق الباب كما كان. وقال عنترة:
وأغضُّ طَرفي ما بدَتْ لي جارَتي
حتَّى يواري جارتي مأْوَاها




ومن جميل ما ينسب إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، أنه دخل على زوجته فاطمة - رضي الله عنها -، فوجَدَها تَسْتاكُ (تستعمل السواك)، فقال ممازحًا يخاطب السواك:
ظَفِرْتَ يَا عُودَ الأَرَاكِ بِثَغْرِهَا
مَا خِفْتَ يَا عُودَ الأَرَاكِ أَرَاكَا

لَوْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ قَتَلْتُكَ
مَا فَازَ مِنِّي يَا سِوَاكُ سِوَاكَا



يعلمون أن إرسال البصر في مفاتن النساء خيانة لأزواجهن، ومجلبة لذل النفس، وقتل النخوة، مما يجب أن يتنزه عنه كل غيور صادق الغيرة.

من أجل الغيرة على النساء، فرض الله على المسلمات الستر، وعدمَ إبداء الزينة. قال - تعالى -: ï´؟ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ï´¾ [النور: 31]. وقال - تعالى -: ï´؟ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ï´¾ [النور: 31].

ومن أجل الغيرة على النساء، حرم الإسلام دخول الحمو - وهو أخو الزوج أو أحد أقاربه من غير المحارم، كعمه، أو خاله، أو ابن عمه، أو ابن خاله - على النساء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟. قَالَ: "الْحَمْوُ: الْمَوْتُ (أي: هلاك)" متفق عليه.

ومن أجل الغيرة على النساء، حرَّمَ الإسلامُ سَفَرَ المرأة بلا محرم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ". فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا. فقَالَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ" مسلم.

ومن أجل الغيرة على النساء، أمر الله - تعالى - المؤمنات الصالحات أن يغضضن أبصارهن، حتى لا يكنَّ عرضة لأقاويل الظانين، وكلام المتأولين، ولسان الفارغين. قال تعالى: ï´؟ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ï´¾ [النور: 31].

إن المجتمع الذي تنتشر فيه غيرة رجاله على أزواجهم، لهو مجتمع طهر وعفاف، ورجولة حقيقية.

قال المناوي في الفيض: "أشرف الناس وأعلاهم همة، أشدهم غيرة".

وقال الإمام الذهبي: "لا خير فيمن لا غيرة له".

وأثر عن عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "لأن يزاحمني بعير مطلى بقطران، أحب إلي من أن تزاحمني امرأة".

فما بال بعض الرجال قد ماتت الغيرة في نفوسهم، فلا يلحظون تزين زوجاتهم عند خروجهن بأبهى أنواع اللباس، وتجملهن بأحدث أنواع المساحيق، واستعطارهن بأثمن أنواع الطيب والعطور؟ وكيف يرضون بحضور أزواجهن قصورَ الأفراح، ومنازلَ المناسبات، وسُرادِقاتِ الحفلات، مع ما فيها من غناء، ورقص، وتصوير ظاهر وخفي؟، ثم نتساءل - بعد ذلك - لماذا تنتشر تصاوير النساء والفتيات في بعض المواقع الاجتماعية، وهن سافرات، متبرجات، وربما في أوضاع مخلة بالآداب، مما يسبب في الخصومات بين الزوجين، وقد يكون سبيلا إلى الطلاق.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خير نسائكم: الولود، الودود، المواسية، المواتية إذا اتقين الله. و شر نسائكم: المتبرجات، المتخيلات، وهن المنافقات" صحيح الجامع.

قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مخاطبا الرجال الأزواج: "ألا تستحيون أو تغارون؟ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج (وهم الرجال الفحول من الأعاجم)" رواه أحمد، وقال شاكر: إسناده صحيح.

إن التساهل في مراقبة أخلاق الزوجة من أعظم أنواع خيانة الأمانة، التي وكلها الله - تعالى - للرجال. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" مسلم.

وأي غش أعظم من تدمير البيت المسلم، بتمكين أهله من الفضائيات ما حسُن منها وما قبُح، وتزويدهم بالشبكية بعجرها وبجرها، دون تقنين، أو احتياط، أو مراقبة، ونثر مجلات الموضة وتصاوير نساء الأزياء العالمية مكشوفات متهتكات؟.

الخطبة الثانية

بينت دراسة نشرت في موقع إلكتروني غربي، أن أزيد من أربعة عشر ألفاً متزوجاً ومتزوجة، انضموا إلى هذا الموقع، من أجل تكوين علاقة خارج إطار الزواج، قرابة 40% منهم من المثقفين والمثقفات، أصحاب الوظائف المرموقة.

وتبين من خلال دراسة أخرى أن الزوجات البريطانيات أكثر إقداما على الخيانة الزوجية، بمعدل سبع مرات مقارنة مع نظيراتهن الفرنسيات.

وخلصت دراسة أخرى إلى أن 12% من الزوجات البرازيليات اعترفن بخيانتهن لأزواجهن.

وأثبت المختصون أن مسلسلا مدبلجا تدور أحداثه حول العشق والغرام، مكونا من 165 حلقة، زاد من نسب الطلاق بشكل ملحوظ في بعض المجتمعات العربية.

أيها الغرب الذي يبعثُ فينا
كلَّ يوم موجةً تطوي منارا

أسَفي يا غرب أنْ أبصر جيلا
مِن بني قومي على نهجك سارا



يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَالله مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ" متفق عليه.

وتعظم الجريمة إذا كانت في صفوف المحصنات، بتساهل من الأزواج. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا: الدَّيوث، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر". قالوا: يا رسول الله، أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث؟. قال: "الذي لا يبالي من دخل على أهله". قلنا: فما الرجلة من النساء؟. قال: "التي تَشَبَّهُ بالرجال" صحيح الترغيب.

ولقد اشمأز سعد بن عبادة من مجرد افتراض وجود زوجته مع أجنبي عنها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتعجبون من غيرة سعدٍ؟ واللهِ لأنا أغير منه، والله أغير مني" متفق عليه.

قال في الإحياء: "وإنما خُلقت الغيرة لحفظ الأنساب، ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب، ولذلك قيل: كل أمة وضعت الغَيرة في رجالها، وضعت الصيانة في نسائها".

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات، عاريات، مائلات، مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" مسلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18-11-2019, 04:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق الزوجة على زوجها

سلسلة أركان الأسرة (6)









حقوق الزوجة على زوجها (4)


التحبب إليها


د. محمد ويلالي





الخطبة الأولى


انتهينا في الجمعة الماضية - وضمن سلسلة أركان الأسرة - إلى الحق الرابع من حقوق المرأة على زوجها، وهو حق الغيرة عليها، بعد أن عرفنا حق النفقة عليها بالمعروف، وحق الإحسان إليها، وحق حفظ دينها. ونحاول اليوم - إن شاء الله تعالى - معالجة حق آخر مهم، ربما استنكف عنه بعض الأزواج، ورأوه نقطة ضعف في الرجال، قد تؤدي إلى نوع من الدلال الزائد للزوجة، تركبه لتبسط كلمتها داخل البيت، ولتتكبر على زوجها، فيفقد السيطرة عليها، والتحكم فيها. وهذا تصور مغلوط، مبني على الفهم غير السليم للقوامة، التي أفردنا معناها الحقيقي بخطبة مستقلة، إنه حق التحبب إليها، والتلطف معها، وإظهار اللين لها.





ولا عجب، فقلد فعل هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو القائل: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" صحيح سنن ابن ماجة.





وليس مناط هذا التحبب خوفا، ولا دافع هذا التذلل ملقا، فالرجل حارس الأسرة، والمدافع عنها، وإليه المرجع - بعد الله تعالى - في حل مشاكلها، وتسوية أوضاعها، وقضاء حوائجها. والمرأة ضعيفة بطبعها، محتاجة إلى هذه العناية والرعاية من طرف زوجها، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أحرّج حق الضعيفين: اليتيمِ، والمرأةِ (أُضيق على الناس في تضييع حقهما)" صحيح سنن ابن ماجة.





وكان من آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع: "استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوانٍ عندكم" صحيح سنن الترمذي.





ومن ثم، يكون التودد إلى الزوجة من قبيل إكرامها، والإحسان إليها، لا من قبيل الإحساس بالخضوع والضعف والخنوع، الذي قد يرتد على النفس، فتستخفها العزة، وتميل بها الأنفة، فتستحيل الحياة الزوجية صخبا، ولغطا، وجدالا وخصاما. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصِم" متفق عليه.




وَأَلَدُّ ذي حَنَق عليَّ كأنما

تَغلي عداوةُ صدره في مِرجلِ











قال الغزالي - رحمه الله -: "اعلم أن الرفق محمود، ويضاده العنف والحدة، والعنف نتيجة الغضب والفظاظة، والرفق واللين نتيجة حسن الخلق والسلامة". والذي غاب عنه الرفق، حل به العنف، والغلظة، وسوء الخلق، الذي يفسد كل شيء.





روى يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: "السيئ الخُلُق، أشقى الناس به نفسُه التي بين جنبيه، هي منه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده، حتى إنه ليدخل بيته، وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته فينفرون عنه، فَرَقًا منه، وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار، حتى إن قطه ليفر منه".





فأيهما أحب إلى الله - تعالى -؟: هذا الصنف العنيف الجواظ المستكبر، أم الذين يدخلون بيوتهم، فتعمها البهجة، ويملؤها السرور؟


إن من مظاهر التحبب إلى الزوجة مشاركتَها في هواياتها، ومقاسمتَها ما يزرع دفء الزوجية في نفسها، إذا كان ذلك ضمن دائرة المباح.





تأمل فيما روته عائشة - رضي الله عنها - حين قالت: "خَرَجْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "تَقَدَّمُوا"، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: "تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ". فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقْتُهُ. فَسَكَتَ عَنِّى حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ، وَبَدُنْتُ، وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "تَقَدَّمُوا"، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: "تَعَاليْ حَتَّى أُسَابِقَكِ"، فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ: "هَذِهِ بِتِلْكَ" رواه أحمد وهو في الصحيحة.






ولقد شكا إليَّ - يوما - أحد الناس زوجته، قال لي: ظلمتني، حين أكثرَتْ الشكوى من تعب أشغال البيت، فقلت له: هل أخرجتها - يوما - في نزهة؟ قال: ما أخرجتها ولا مرة واحدة، فقلت له: أخشى أن تكون أنت الذي ظلمتها. ثم انصرف الرجل مقتنعا بأن عليه أن يشتري هدية لزوجته، وأن يسألها أن تسامحه. وقد قالوا: "من يَظلِم يُخرَب بيته". وقالوا: "من لم يعدل، عَدَلَ الله فيه، ومن حَكم لنفسه، حَكم الله عليه".





تأمل - مرة أخرى - فيما ترويه أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قَالَتْ: "وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي - وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ. فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ" متفق عليه.





وأثر عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله: "ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي، فإن كان في القوم كان رجلًا".





ولما اندفعت عائشة - مرة - في وجه اليهود، الذين أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: "السام عليكم (وهو دعاء عليه بالموت)، فقالت: "وعليكم، ولعنكم الله، وغضب عليكم"، لم يعنفها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما نبهها بلطف إلى ما تحتاجه المرحلة من رفق وتأن، فقال لها: "مهلًا يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش". فلما أرادت الدفاع عن موقفها، وتساءلت وقالت: "أو لم تسمع ما قالوا ؟" لم يخبرها بأنه نبي، وهو أعلم منها بما يفعل، بل قال لها:" أو لم تسمعي ما قلت؟"، وكان - صلى الله عليه وسلم - يرد عليه بقوله: "وعليكم". ثم بين وقال: "ردَدْتُ عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم فيّ" البخاري.





قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا" رواه الطبراني وقال في ص. الترغيب: حسن لغيره.




ورافق الرفق في كل الأمور فلم

يندم رفيق، ولم يذممه إنسانُ




ولا يغرَّنْكَ حظٌّ جَرَّهُ خُرُقٌ

فالخُرْق هدم ورفق المرء بنيانُ











ومن مظاهر التحبب إلى الزوجة، التزين لها، والظهور أمامها بأحسن مظهر، فهي تحب منك ما تحب أنت منها، فلا تدخل بيتك بلباس المهنة، ولا برائحة غير طيبة، ولا تظهر الزهادة الزائدة التي قد تمنعها من حقوقها الضرورية عليك. فقد آخَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً (تاركة للبس ثياب الزينة)، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فلما جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، أمره سلمان أن ينام ويقوم، وأن يصوم ويفطر، ثم قال له:"إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:"صَدَقَ سَلْمَانُ" البخاري.




وَارْفُقْ بِزَوْجِكَ يَا زُهَيْرُ فَحَقُّهَا

فَرْضٌ سَيَلْقَى الْغَامِطُوْنَ عَذَابَا




أَيْنَ الْوَصِيَّةُ بِالنِّسَاءِ فَهَلْ مَحَا

آثَارَهَا جَهْلٌ فَشَبَّ وَشَابَا











الخطبة الثانية


ومن مظاهر التحبب إلى الزوجة، مشاركتها في أعباء البيت كلما سنحت الفرصة. قال الأسود بن يزيد: "سألت عائشة ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة" البخاري. وبينت - رضي الله عنها - بعضا من هذه الخدمة فقالت: "كان بشرا من البشر: يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه" أحمد وهو في الصحيحة.





ومن مظاهر التحبب إلى الزوجة، الإقبال عليها بالوجه والكلام، كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع سائر الناس. قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: "كان (أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم" حسنه في مختصر الشمائل.





ومن مظاهر التحبب إلى الزوجة، نعتها بما فيها من جميل الأوصاف، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأشجِّ عبد القيس: "إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحِلم، والأناة" مسلم.





ولما جاء جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وقرأ السلام على عائشة، قال - صلى الله عليه وسلم - بأسلوب التلطف والترقق: "يَا عَائِشُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ" متفق عليه.





كما عليه ألا يذكر محاسن غيرها من النساء أمامها، لأن ذلك مظنة إغاظتها، والتقليل من شأنها.





ومن مظاهر التحبب إلى الزوجة، إكرام أهلها، والثناء عليهم أمامها، والإحسان إليهم، وصلتهم بالمعروف.





ومن ذلك كتمان عيوبها، والصبر على ذلك حفظا لقلبها، وهذا لا يستطيعه إلا جهابذة الرجال.





قيل لأبي عثمان النيسابوري: "ما أرجى عملك عندك؟". قال: "كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبى، فجاءتني امرأة، فقالت: يا أبا عثمان، إني قد هَويتك، وأنا أسألك بالله أن تتزوجني. فأحضرت أباها - وكان فقيرًا - فزوجني منها وفرح بذلك، فلما دخلَتْ إلي، رأيتها عوراء، عرجاء، مشوهة، وكانت لمحبتها لي تمنعني من الخروج، فأقعد حفظًا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئًا، وكأني على جمر الغضا من بغضها، فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي قلبها".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-11-2019, 04:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقوق الزوجة على زوجها

سلسلة أركان الأسرة (7)



حقوق الزوجة على زوجها (5)


الصبر عليها


د. محمد ويلالي



الخطبة الأولى


ما زلنا مع سلسلة أركان الأسرة، في جانبها المتعلق بحقوق الزوجة على زوجها، حيث انتهينا من الحديث على خمسة حقوق وهي: حق الإنفاق عليها بالمعروف، وحق الإحسان إليها، وحق حفظ دينها، وحق الغيرة عليها، ثم حق التحبب إليها، لنختم اليوم بحق آخر، لا يقل أهمية عما سبق من الحقوق، بل هو أسها الذي تركن إليه، وحجر الزاوية الذي تدور عليه، إنه ضرورة الصبر عليها، وتحمل ما قد يصدر عنها من أعمال وتصرفات قد تكون مجانبة لما ينبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة، المدركة بدورها لحقوق الزوج عليها، وما تتطلبه من حسن المعاملة، وجميل المطاوعة.



ولقد ختمنا خطبة الجمعة الماضية بذلك الصبر الجميل، الذي تحمله أبو عثمان النيسابوري مدة خمس عشرة سنة، في سبيل حفظ قلب زوجته التي كانت عوراء، عرجاء، مشوهة، ذلك العمل الذي وصفه ابن القيم رحمه الله فقال: "إن هذا من عمل الرجال".



ولقد وصف لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطبيعة التي جبلت عليها المرأة، التي لا تعد نقصا فيها، وإنما هي فطرة ركبت فيها، وجبلت عليها، وجب على الرجال أن يحسُبوا لها حسابها، فيعاملوا المرأة بحسبها.



يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" متفق عليه. ومعنى: "استوصوا": تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن، وذهب بعضهم إلى أن المقصود بأعلى الضلع: اللسان، أو الخلق، أو الفكر، فلو حاولت أن تجعله مستقيما تاما وأصررت على ذلك كسرته، وكسره طلاقها كما في حديث صحيح مسلم: "إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا".



وهذا ما يجعلها إذا اشتد غضبها على زوجها، ربما نسيت كل فعل جميل قدمه لها، وغفلت لحظات السعادة، ومَثُلت أمامها لحظات التشنج والخصومة، وهذا ما بينه النبي- صلى الله عليه وسلم - بقوله، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه: "أُرِيتُ النَّارَ، فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ". قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟. قَالَ: "يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ (الزوج)، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ (يغطينه وينسينه)، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ" متفق عليه.



والحديث مخرج على الغالب لا على التعميم. قال شارح عمدة الأحكام: "هذا وصف أغلبي، وليس عاماً لهن كلِّهن، بل فيهن ذوات الإيمان، وذوات التقوى، وفيهن من تخاف الله وتراقبه وتعبده، والرجال أيضاً فيهم كثير ممن هو جاحد للإحسان، وجاحد للمعروف، ولكنَّ وصف إنكار المعروف في النساء أغلب".



فإذا كان حال المرأة هكذا، فلا بد من مداراتها، وتحملها، وإلا لما استقامت حياة زوجين أبدا. يقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إن المرأة خلقت من ضِلَع، فإن أقمتها كسرتها، فدارها تعش بها" صحيح الترغيب. قال المناوي: "أي: لاطفها، ولاينها، فإنك بذلك تبلغ ما تريده منها من الاستمتاع بها، وحسن العشرة معها".



وإن من ظلم الزوج لزوجته، أن يعاملها بالطبيعة نفسها، وهو المطالب بحضور العقل في المنازعة، والاتزان عند المخاصمة، فيوازن بين الحسنات الكثيرة، وبين ما قد يعكر صفو الحياة الزوجية من مزايدات كلامية، أو تشنجات عابرة، تحتاج إلى مجرد غض الطرف عنها لإذابتها، والتنزه عن مناقشتها لوأدها في مهدها، ولذلك قال تعالى: ï´؟ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ï´¾ [النساء: 19]. قال صاحب التحرير والتنوير: "وهذه حكمة عظيمة، إذ قد تكره النفوس ما في عاقبته خير.. فإنّ الصبْر على الزوجة المؤذية أو المكروهة، إذا كان لأجل امتثال أمر الله بحسن معاشرتها، يكون جَعْلُ الخيرِ في ذلك جزاءً من الله على الامتثال". وقَال ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله: "أَيْ: فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَبْرُكُمْ فِي إِمْسَاكِهِنَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، فِيهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، كَمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهَا فَيُرْزَقَ مِنْهَا وَلَدًا، وَيَكُونَ فِي ذَلِكَ الْوَلَدِ خَيْرٌ كَثِيرٌ".


وإذا عَرَتْكَ بليةٌ فاصبر لها

صبرَ الكريم فإنه بكَ أعلمُ





وفي الحديث: "لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" مسلم.



ولما قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟: الودود، الولود، العؤود، التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غُمضا حتى ترضى" ص. الجامع، علق المناوي في الفيض قائلا: "فمن اتصفت بهذه الأوصاف منهن، فهي خليقة بكونها من أهل الجنة، وقلما نرى فيهن من هذه صفاتها". يقول هذا رحمه الله، وهو من أبناء القرن الحادي عشر الهجري (توفي سنة 1031هـ).



وهذا يدلك على قلة الكاملات من النساء، كما هي قلة الكُمَّل من الرجال.


ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه





فمن ابتلي بشيء من ذلك فليصبر، وليحتسب ذلك قربة لله تعالى، فإن الصبر نصف الإيمان كما قال الإمام أحمد، وهو "تجرع المرارة من غير تعبس" كما قال الجنيد.



وليتأمل في نفسه هو، لعله يرتكب من الذنوب ما يسلط عليه زوجته، وقد قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "إني لأعصي الله، فأجد شؤم معصيتي في خلق دابتي وزوجتي".



وقال ابن الجوزي: "شكا لي رجل من بغضه لزوجته ثم قال: ما أقدر على فراقها لأمور، منها كثرة دينها علي وصبري قليل..". فقلت له: هذا لا ينفع، وإنما تؤتى البيوت من أبوابها، فينبغي أن تخلو بنفسك، فتعلم أنها إنما سلطت عليك بذنوبك، فتبالغ في الاعتذار والتوبة، فأما التضجر والأذى لها فما ينفع.. فعامل الله سبحانه بالصبر عليها، فإنك تثاب.. وقد روي عن بعض السلف، أن رجلاً شتمه، فوضع خده على الأرض وقال: اللهم اغفر لي الذنب الذي سَلَّطْتَ هذا به عليَّ".



الخطبة الثانية


ومن جميل ما ذكر في صبر الأزواج على زوجاتهم، قول ابن القيم رحمه الله: "تزوج رجل بامرأة، فلما دخلت عليه رأى بها الجدري، فقال: اشتكيتُ عيني، ثم قال: عميتُ، فبعد عشرين سنة، ماتت ولم تعلم أنه بصير (أعمى)، فقيل له في ذلك، فقال: كرهت أن يحزنها رؤيتي لما بها. فقيل له: سبقت الفتيان".



وذكر أحد الشيوخ المتأخرين قال: "إن زوجتي هذه مضى على زواجي منها أربعون سنة، وما رأيت يوماً سارَّاً، وإنني من اليوم الأول من دخولي بها، عرفت أنها لا تصلح لي بحال، ولكنها كانت ابنة عمي، وأيقنت أن أحداً لا يمكن أن يحتملها، فصبرت، واحتسبت، وأكرمني الله منها بأولاد بررة صالحين، وساعدني نفوري منها على الاشتغال بالعلم، فكان من ذلك مؤلفات كثيرة، أرجو أن تكون من العلم الذي ينتفع به، ومن الصدقة الجارية، وأتاحت لي علاقتي السيئةُ بها أن أقيم مع الناس حياة اجتماعية نامية، وربما لو تزوجت غيرها لم يتحقق لي شيء من ذلك".



وقال آخر: "إنني من الأيام الأولى لزواجنا لم أجد في قلبي مَيْلاً لهذه المرأة ولا حُبَّاً لها، ولكنني عاهدت الله على أن أصبر عليها، ولا أظلمها، ورضيتُ قسمة الله لي، ووجدت الخير الكثير من المال، والولد، والأمن، والتوفيق".



وابتلي أحد الصالحين بامرأة ناشز، لم يعرف معها إلا النكد والكدر، فصبر عليها ثلاثين سنة، فقيل له: "ما ضرك لو طلقتها؟". قال: "أخشى إن طلقتها أن يبتلى بها غيري فتؤذيَه".



ورحم الله أبا سليمان الداراني الذي قال: "من صفَّى صُفِّيَ له، ومن كَدَّرَ كُدِّرَ عليه، ومن أحسن في ليله، كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره، كوفئ في ليله".




علماً بأن اصطباري مُعْقِبٌ فرجاً

فأضيقُ الأمرِ إن فكَّرتَ أوسعُهُ


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 127.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 123.86 كيلو بايت... تم توفير 3.73 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]