تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213433 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-12-2019, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم

تصريف الرياح وهدي النبي صلى الله عليه وسلم

حسين بن علي بن محفوظ



إخوة الإسلام والإيمان:
يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164] ويقول جل ذكره: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الروم: 46] ويقول عز وجل: ﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 5].

لقد مرت بنا الأيام الماضية رياح صرَّفها الله بقدرته، وأجراها بقدَرِه وحكمته، وقد يتأذى بعض الناس بهذه الرياح ولكن فيها من الآيات الباهرة، والحجج العظيمة، والدلائل الدالة على عبادة الله وتوحيده، فهُبُوبُ الرِّيحِ وَرُكُودُهَا آيَةٌ، وَاخْتِلَافُ مَهَابِّهَا آيَةٌ، فَلَوْلَا الصَّانِعُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَوْدَعَ أَسْرَارَ الْكَائِنَاتِ لَمَا هَبَّتِ الرِّيحُ أَوْ لَمَا رَكَدَتْ، وَلَمَا اخْتَلَفَتْ مَهَابُّهَا بَلْ دَامَتْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا مَوْضِعُ الْعبْرَة، وفي آيتي البقرة والجاثية ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ قَدِ اخْتِيرَ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ التَّصْرِيفِ هُنَا دُونَ لَفْظِ التَّبْدِيلِ أَوِ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُ اللَّفْظُ الَّذِي يَصْلُحُ مَعْنَاهُ لِحِكَايَةِ مَا فِي نفس الْأَمْرِ مِنْ حَالِ الرِّيَاحِ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيفَ تَفْعِيلٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْمُبَالَغَةِ ومعلوم أَنَّ مَنْشَأَ الرِّيحِ هُوَ صَرْفُ بَعْضِ الْهَوَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَصَرْفُ غَيْرِهِ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ تُقَدِّرَ: وَتَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الرِّيَاحَ.

وَمِنْ فَوَائِدِ الرِّيَاحِ الْإِعَانَةُ عَلَى تَكْوِينِ السَّحَابِ وَنَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَتَنْقِيَةِ الْكُرَةِ الْهَوَائِيَّةِ مِمَّا يَحِلُّ بِهَا مِنَ الْجَرَاثِيمِ الْمُضِرَّةِ، وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ مَوْضِعُ عِبْرَةٍ وَنِعْمَةٍ لِأَهْلِ الْعِلْمِ.

فَلَوْلَا الرِّيَاحُ تُسَخِّرُهُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ لَكَانَ الْمَطَرُ لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي الْبِحَارِ، وَمَوْضِعُ الْمِنَّةِ فِي هَذَا فِي تَكْوِينِهِ حَتَّى يَحْمِلَ الْمَاءَ لِيُحْيِيَ الْأَرْضَ، وَفِي تَسْخِيرِهِ لِيَنْتَقِلَ، وَفِي كَوْنِهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَهُوَ مُسَخَّرٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى يَتَكَامَلَ مَا فِي الْجَوِّ مِنَ الْمَاءِ فَيَثْقُلُ السَّحَابُ فَيَنْزِلُ مَاءٌ إِذَا لَمْ تَبْقَ فِي الْهَوَاءِ مَقْدِرَةٌ عَلَى حَمْلِهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ﴾ [الرعد: 12].

يقول العلامة السعدي -رحمه الله - في تفسيره: (في ﴿ تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾ باردة وحارة، وجنوباً وشمالاً، وشرقاً ودبوراً وبين ذلك، وتارة تثير السحاب، وتارة تؤلف بينه، وتارة تلقحه، وتارة تُدرُّه، وتارة تمزقه وتزيل ضرره، وتارة تكون رحمة، وتارة ترسل بالعذاب.

فمَن الذي صرّفها هذا التصريف، وأودع فيها من منافع العباد، ما لا يستغنون عنه؟ وسخرها ليعيش فيها جميع الحيوانات، وتصلح الأبدان والأشجار، والحبوب والنوابت، إلا العزيزُ الحكيمُ الرحيم، اللطيفُ بعباده، المستحق لكل ذل وخضوع، ومحبة وإنابة وعبادة؟.

وفي تسخير السحاب بين السماء والأرض على خفته ولطافته يحمل الماء الكثير، فيسوقه الله إلى حيث شاء، فيحيي به البلاد والعباد، ويروي التلول والوهاد، وينزله على الخلق وقت حاجتهم إليه، فإذا كان يضرهم كثرته، أمسكه عنهم، فينزله رحمة ولطفاً، ويصرفه عناية وعطفاً، فما أعظمَ سلطانَه، وأغزرَ إحسانَه، وألطفَ امتنانه، أليس من القبيح بالعباد، أن يتمتعوا برزقه، ويعيشوا ببره وهم يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه؟ أليس ذلك دليلاً على حلمه وصبره، وعفوه وصفحه، وعميم لطفه؟ فله الحمدُ أولاً وآخراً، وباطناً وظاهراً.

والحاصل، أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات، وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات، وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة، علم بذلك: أنها خلقت للحق وبالحق، وأنها صحائفُ آيات، وكتبُ دلالات، على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته، وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر، وأنها مسخرات، ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها.

فتعرفُ أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون، وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا الله، ولا رب سواه).

فهذه الرياح تارة تأتي بالرحمة، وتارة تأتي بالعذاب، تارة تأتي مبشرة بين يدي السحاب، وتارة تسوقه، وتارة تجمعه، وتارة تفرقه، وتارة تصرفه، ثم تارة تأتي من الجنوب وهي الشامية، وتارة تأتي من ناحية اليمن وتارة صبا، وهي الشرقية التي تصدم وجه الكعبة، وتارة دبور وهي غربية تفد من ناحية دبر الكعبة، فالرياح تسمى كلها بحسب مرورها على الكعبة.

ويقول العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -: (ولو أن الخلقَ اجتمعوا كلهم على أن يصرفوا الريح عن جهتها التي جعلها الله عليها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولو اجتمعت جميعُ المكائنِ العالميةِ النفاثةِ لتوجدَ هذه الريح الشديدةَ ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولكن الله عز وجل بقدرته يصرفها كيف يشاء وعلى ما يريد).

معشر المؤمنين:
إن حياةَ ما على الأرضِ من نباتٍ وحيوانٍ بالرياح؛ فإنه لولا تسخيرُ الله لها لعبادِه لذوى النبات، ومات الحيوان، وفسدتِ المطاعم، وأنتن العالَم وفسد، فسبحان من جعل هبوبَ الرياح تأتي بروحه ورحمته ولطفه ونعمته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الريح من رَوْحِ الله تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فلا تَسُبُّوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا من شرِّها) رواه الحاكم و ابن حبان وصححه الألباني.

الرياح تلقحُ الشجرَ والنبات، وتسيِّر السفن، ومن منافعِها أنها تُبرِّد الماء، وتُضرمُ النارَ التي يُراد إضرامها، وتجفِّفُ الأشياءَ التي يحتاج إلى جفافها، وهو الحاملُ لهذه الروائحِ على اختلافها ينقلُها من موضعٍ إلى موضع، فتأتي العبدُ الرائحةُ من حيث تهُبُّ الريح، وهو أيضًا الحاملُ للحر والبرد اللذَينِ بهما صلاحُ الحيوان والنبات.

وتأملوا الحكمةَ البالغةَ في كونِ الريح في البحر تأتي من وجهٍ واحدٍ لا يعارضها شيء؛ فإنَّ السفينة لا تسير إلا بريحٍ واحدة، من وجهٍ واحد لسيرها، فإذا اختلفت عليها الرياحُ وتصادمت وتقابلت فهو سببُ الهلاك، فالمقصودُ بها في البحر غيرُ المقصود بها في البر؛ في البر جعل لها ريحًا أخرى تقابلُها وتكسرُ سَورتَها وحدّتَها فيبقى لينها ورحمتها، فرياحُ الرحمة متعددة، وأما ريحُ العذاب فإنها ريح واحدة ترسلُ من وجهٍ واحد لإِهلاك ما ترسلُ بإهلاكه، فلا تقوم لها ريحٌ أخرى تقابلها وتكسر سورتها وتدفع حدتها.

وجعل - سبحانه - الريحَ للسفن بقدَرٍ لو زاد عليها لأغرقها، ولو نقص عنه أعاقها.

والرياح تحمل الصوت عند اصطكاكِ الأجرامِ وتؤديه إلى مسامع الناس، فينتفعون به في حوائجهم ومعاملاتهم بالليل والنهار، كالبريد والرسول الذي من شأنه حملُ الأخبار، وتَحْدُثُ الحركاتُ العظيمة من حركاتهم فلو كان أثرُ هذه الحركاتِ والأصوات يبقى في الهواء كما يبقى الكتابُ والقرطاس لامتلأ العالم منه، ولعظُم الضرر به واشتدت مؤنته، واحتاج الناس إلى محوه من الهواء، والاستبدال به أعظم من حاجتهم إلى استبدال الكتاب المملوءِ كتابة، فاقتضت حكمةُ العزيز الحكيم أن جعل هذا الهواء.

وصدق ربنا تبارك وتعالى إذ يقول: ﴿ أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[النمل: 63].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أرسل الرياح بقدرته، وسخرها للناس بفضله ورحمته، نحمدُه تعالى على أن جعلها للناس عذاباً ولآخرين بشارة، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، أعلمُ الناس بربه، وأشدُهم تعظيماً وتسبيحاً واعترافاً بمنته، وعلى آله وأصحابه وعترته.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبعهم إلى يوم لقاه، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:
عباد الله:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.

عرفنا أن الرياح يصرفها الله تعالى، ويسخرها لعذابه أو رحمته، وقد كان لنبيكم صلى الله عليه وسلم هدياً للتعامل مع الريح، من ذلك:
أنه نهى عن سب الريح، لكونها تهب عن إيجاد الله لها وأمره إياها، فلا تأثير لها إلا بأمر الله، ففي الحديث عن أبيِّ بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ" رواه الترمذي والنسائي وأحمد وصححه الألباني، فشرع الله لعباده أن يسألوه ما ينفعهم، ويستعيذوا به من شر ما يضرهم، ففيه عبودية الله وحده، والطاعة له، والإِيمان به، واستدفاع الشرور به، والتعرض لفضله ونعمته، وهذه حال أهل التوحيد.

وروى أبوداود والترمذي عن ابن عباس أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ وَقَالَ مُسْلِمٌ - أحد رواة الحديث -إِنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَنَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْه".

أي: لا تشتموها ولا تلعنوها للحوق ضررٍ منها، فإنها خلقٌ من خلقِ الله مقهورٌ مدبر، وإنما تهب بمشيئة الله وقدرته، فلا يجوز سبُّها فيرجعُ السبُّ إلى من خلَقها وسخرها.

وكان عليه الصلاة والسلام إذا هبت الرياح عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِه فعن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ رَحْمَةٌ) رواه مسلم، وفي رواية في مسلم أيضاً قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتْ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24] قال الإمام النووي - رحمه الله -: (فِيهِ الِاسْتِعْدَاد بِالْمُرَاقَبَةِ لِلَّهِ وَالِالْتِجَاء إِلَيْهِ عِنْد اِخْتِلَاف الْأَحْوَال وَحُدُوث مَا يُخَاف بِسَبَبِهَا، وَكَانَ خَوْفه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَاقَبُوا بِعِصْيَانِ الْعُصَاة، وَسُرُورُه لِزَوَالِ سَبَب الْخَوْف).

ومن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر الناس بالصلاة في بيوتهم إذا اشتدت الريح وكانت عاصفة باردة فعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) رواه مسلم.

هذا بعض هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ما ترك خيراً إلا ودلنا عليه، ولا شراً إلا وحذرنا منه، وعلّمنا كيف نتعامل مع الخالق سبحانه وتعالى وكيف نتعامل مع الخلق، بل والحيوانات وبعض الجمادات والظواهر الكونية.. فكلُّ خير في اتباعه عليه الصلاة والسلام، والاهتداءِ بهديه، والتمسكِ بسنته، وكلُّ شر في مخالفة أمره،


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.68 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]