أثر النحو في اختلافات الفقهاء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أخلاقيات الزواج في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          ماهو الوقف في الإسلام ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الحمية .. ما لها وما عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          آيات وأحاديث في فضل الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          غزوة بدر الكبرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-12-2019, 03:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,500
الدولة : Egypt
افتراضي أثر النحو في اختلافات الفقهاء

أثر النحو في اختلافات الفقهاء

*هاني إسماعيل

انبثقت العلوم اللغوية كلها من مشكاة واحدة هي القرآن الكريم، تدور في فلكه تبيانا لأحكامه، وضبطا لألفاظه، واتجهت كل جماعة وجهة في تفقهه، فباتت طائفة عاكفة على تصحيح متنه في عناية فائقة وإتقان بارع في الأخذ والأداء والتلقين والتلقي، وبرع من هؤلاء في الدراسات اللغوية جم غفير بفضلهم نشأ علم العربية[1] الذي أطلق عليه فيما بعد اسم النحو العربي.
«وكان أول من أسس العربية وفتح بابها وأنهج سبيلها ووضع قياسها أبوالأسود الدؤلي» [2]حرصا على القرآن الكريم من التحريف بعد أن تفشى اللحن، وصار المسلمون يلحنون في قراءة القرآن الكريم فأخطأ قارئ فقرأ {أن الله بريء من المشركين ورسوله} (التوبة-3) بجر لفظة «رسوله» بدلا من رفعها
ولم يكن الهدف من ذلك العمل حفظ النص القرآني من اللحن فحسب، بل كان بهدف إلى غاية أبعد وأسمى تتمثل في أن يقرؤوا القرآن وأن يفهموا معانيه ومقاصدة، لأنه هو الذي ينظم لهم شؤون حياتهم، و«من ثم نستطيع تفسير نشأة الحركة العقلية العربية كلها بأنها كانت نتيجة نزول القرآن الكريم، فهي كلها من نحو وصرف وبلاغة وتفسير وفقه وأصول وكلام تسعى إلى هدف واحد هو فهم النص القرآني[3] .
ولما كان الفقه يسعى إلى حصول «العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية» [4]ولن يتحقق له هذا إلا بفهم معاني ومقاصد النصوص الشرعية- كان اقتران النحو بالفقه قرانا لا انفصام فيه، ففي كتاب رياضة المتعلمين لأبي نعيم الحافظ «ذكر فيه مراتب أنواع العلوم وما ينبغي أن يقدم تعلمه منها، فذكر الفقه، وأورد عليه ما أورد، ثم قال: ثم يتلو الفقه من العلوم علم العربية والنحو، لأنه آلة لجميع العلوم، لا يجد أحد منه بدا، ليقيم به تلاوة كتاب الله، ورواية كلام رسول الله، لكي لا يخرجه جهل الإعراب إلى إسقاط المعاني»[5] ، وجعل علماء الأصول ذلك شرطا من الشروط الأساسية لمن يخوض غمار الفقه والإفتاء، فلا يتصدر فقيه أو مفت للفتيا إلا بعد إتقان النحو واللغة [6].
من ثم كان لكل من الخلافات الفقهية والنحوية أثرها البالغ ففي بعضها، حتى إننا نجد ابن مضاء القرطبي قاضي القضاة في دولة الموحدين لما أراد أن ينصر مذهبه الظاهري ويدعم ثورة الموحدين على مذاهب الفقه - خاصة الفقه المالكي- تصدى إلى النحو العربي بكتابه الرد على النحاة رغبة في هدم النحو المشرقي، وإن لم يكن يقصد هدم النحو لذاته، وإنما كان يهدف الى هدمه باعتباره وسيلة لفهم الفقه المشرقي
ينفي ابن مضاء من النحو كل ما لا يستقيم ومذهب الظاهرية، فينفي من النحو العلل الثواني والثوالث مثلما تنفي الظاهرية العلل من الشرع الحنيف، فالفقيه في المذهب الظاهري لا يحتاج الى تعليل ما حرم بالنص، كذلك النحوي لا يحتاج الى تعليل ما ثبت بالنص، وذلك مثل سؤال السائل عن «زيد» من قولنا «قام زيد» لم رفع؟ فيقال: لأنه فاعل، وكل فاعل مرفوع، ثبت ذلك بالاستقراء من الكلام المتواتر، ولا فرق بين ذلك وبين من عرف شيئا ما حرام بالنص، ولا يحتاج فيه الى استنباط علة، لينقل حكمه إلى غيره، فسأل لم حرم؟ فإن الجواب على ذلك غير واجب على الفقيه»[7]
ولأن المذهب الظاهري أيضا لا يعتد بالقياس في الفقه، فقد دعا ابن مضاء القرطبي إلى إلغاء القياس من النحو أيضا، وضرب لذلك مثالا بقياس إعراب الفعل المضارع على إعراب الاسم، فالاسم عند النحاة أصل والفعل المضارع فرع اكتسب إعرابه لعلتين: أولاهما كونه صالحا للدلالة على الحال والاستقبال كالفعل يقوم، فإذا قلت: سوف يقوم تخصص للاستقبال بعد أن كان شائعا.
وثانيهما دخول لام الابتداء عليه كما تدخل على الاسم كقولك: إن زيداً لقائم في الاسم وقولك: إن زيدا ليقوم في الفعل المضارع

رفض ابن مضاء هذا القياس لإعراب الفعل المضارع، وحكم بأن الإعراب في الفعل المضارع أصل كما هو أصل في الاسم[8]
إذن ليس من العجب أن نرى خلافات في الأحكام الفقهية تخرج من عباءة المسائل النحوية، والأمثلة على ذلك عديدة، حتى إن عالمين من علماء الشريعة يفردان كتابين كاملين في تخريج المسائل الفقهية على النحو، أولهما الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية للإمام الطوفي.
وثانيهما الكوكب الدري فيمايتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية لجمال الدين الإسنوي.
وسأكتفي بإعطاء مثال واحد لأثر النحو في الخلاف الفقهي

يقول تعالى {يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} (المائدة: 6)
اتفق الفقهاء على وجوب مسح الرأس ولكنهم اختلفوا في القدر الواجب، قال الشافعية: يجزئ مسح بعض الرأس، وقال الحنابلة، لا يجزئ إلا مسح جميع الرأس.
ومنشأ الخلاف الباء في قوله تعالى {وامسحوا برؤوسكم} فالباء عند الشافعي للتبعيض، كأنه قال امسحوا بعض رؤوسكم، «فقال الشافعي يجزئ مسح ما يقع عليه الاسم وأقله ثلاث شعرات وحكي عنه لو مسح ثلاث شعرات - وحكي عنه لو مسح شعرة- أجزأه لوقوع الاسم عليها» [9]
وعند الحنابلة الباء للإلصاق أي ألصقوا المسح بها من غير إسالة ماء، «فروي عن أحمد وجوب مسح جميع الرأس في حق كل أحد»[10]
كما اتفق الفقهاء على وجوب غسل اليدين ولكنهم اختلفوا في وجوب دخول المرفقين في الغسل، فعند الجمهور واجب، أما عند زفر من الحنفية، وداود الظاهري، وبعض المالكية فإنه لا يجب لأن معنى «إلى» في قوله {إلى المرافق} لانتهاء الغاية، فلا يدخل ما بعدها فيما قبلها كعدم دخول الليل في قوله {ثم أتموا الصيام إلى الليل}، أما الجمهور فيرون أن إلى كما ترد للغاية فإنها ترد بمعنى «مع» نحو قوله تعالى {ويزدكم قوة إلى قوتكم} أي مع قوتكم[11]
وهذا ينطبق على الكعبين في قوله {إلى الكعبين} إلا أن الفقهاء اختلفوا في غسل الرجلين، هل هو الواجب أم مسحهما؟ فعند الجمهور الواجب هو الغسل، وعند الإمامية الواجب هو المسح، بينما الطبري خير بين الغسل والمسح
وسبب الخلاف أن لفظة «أرجلكم» وردت في قراءة ابن كثير وحمزة وغيرهما بكسر اللام، فعطفها من قال بوجوب المسح على رؤوسكم معمول امسحوا، وتأول قراءة النصب على محل برؤوسكم، في حين من قال بوجوب الغسل فأخذ بقراءة نافع وحفص عن عاصم وغيرهما بنصب أرجلكم، على أنها معطوفة على الوجوه والأيدي معمولين اغسلوا، وتأول قراءة الجر على مجاورة «أرجلكم» لـ «برؤسكم»، ومن قال بالتخيير جمع بين القراءتين بلا تأويل[12].
أما الترتب بين الأعضاء في الآية السابقة فقال الشافعي وأحمد بوجوبه، وقال مالك وأبوحنيفة بأنه مسنون، تمسك من أوجب الترتيب، بأن الله تعالى أمر بالغسل بعد القيام الى الصلاة بالفاء فقال {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} والفاء تفيد الترتيب والتعقيب وإذا وجب الترتيب في غسل الوجه وجب في غيره.

بالإضافة أنه أدخل ممسوحا بين مغسولات وقطع النظير عن نظيره، وكأن نظم الكلام كان يقتضي أن يقول فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برؤوسكم، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة، ولا فائدة هنا إلا الترتيب، كما قال من نصر هذا الرأي بأن الواو تفيد الترتيب.
ومن قال بسنية الترتيب أجاب بأن الواو في اللغة للجمع مطلقا وليست للترتيب، واتفق على أن العرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة، ولكن الفائدة هنا ليست وجوب الترتيب بل هي فائدة بلاغية تتمثل في اعتدال نظم الكلام في صدر الآية إذ قوله {اغسلوا وجوهكم وأيديكم} يقابل قوله {امسحوا برؤوسكم وأرجلكم} من حيث الزنة واشتمال كل منهما على فعل، ولو اختل من هذا الترتيب شيء لاختل النظم وزال كماله.
هذا قطرة من غيث الخلافات الفقهية التي كان للنحو أثر فيها، وأرى أن الأمر يستحق المزيد من الدراسة والبحث.

هوامش



[1] مقدمة في علوم اللغة: د.البدراوي زهران، الطبعة السابعة 1999م، ص 17

[2] طبقات فحول الشعراء: لمحمد بن سلام الجمحي، تحقيق: محمود محمد شاكر، دار المدني- جدة، ج 1 ص 12.

[3] دروس في كتب النحو: د.عبده الراجحي، دار النهضة العربية - بيروت، 1975م، ص 10.




[4] الفقه الإسلامي وأدلته: د.وهبة الزحيلي، دار الفكر- بيروت، الطبعة الثانية، 1985م، ص16.



[5] الصعفة الغضبية في الرد على منكري العربية، لأبي الربيع نجم الدين سليمان بن عبدالقوي بن عبدالكريم الطوفي، دراسة وتحقيق د.محمد بن خالد الفاضل، مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى، 1997م، ص241.

[6] انظر: علم أصول الفقه، لمحمد الخضري، دار الحديث- القاهرة، طبعة 2003، ص 359، وكذلك الجامع لأحكام وأصول الفقه المسمى حصول المأمول من علم الأصول للعلامة محمد صديق حسن خان القنوجي، تحقيق ودراسة أحمد مصطفى قاسم الطهطاوي، دار الفضيلة- مصر (د.ت) ص 366.

[7] الرد على النحاة، لابن مضاء القرطبي، تحقيق د.شوقي ضيف، دار المعارف- مصر، الطبعة الثانية، ص 130.

[8] انظر الرد على النحاة، ص 134

[9] المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، لأبي محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، ج1 ص 142.


[10] المغني لابن قدامة: ج 1 ص 141.


[11] انظر الصعقة الغضبية للطوفي: ص 407.


[12] انظر الصعقة الغضبية للطوفي: ص 432.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.24 كيلو بايت... تم توفير 1.91 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]