|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الحياء شعبة من الإيمان
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: الحياء شعبة من الإيمان
الحياء شعبة من الإيمان أحمد عماري دخل أبو حامد الخلقاني على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فأنشده هذه الأبيات: إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني فما قولي له لما يعاتبني ويقصيني فأمره الإمام أحمد بإعادتها، فأعادها عليه، فدخل الإمام أحمد داره وجعل يرددها وهو يبكي. ♦ الحياء من الله؛ من أعظم صور الحياء: الحياء من الله. أخرج أحمد وأصحاب السنن عن بَهْز بن حَكيم عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» صحيح الترمذي. وأخرج الطبراني عن سعيدِ بنِ يَزيدَ الأزديِّ أنَّه قال للنَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أوْصني، قال: «أُوصيك أن تستحْييَ من الله عزَّ وجلَّ كما تستحيي منَ الرَّجل الصَّالح من قومك»؛ صحيح الجامع. والحياء من الله عز وجل، يكون بمقابلة نِعَمِه بالشُّكْر، وأوامره بالامتِثال، ونواهيه بالاجتناب. الحياء من الله: ألا يراك حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك. المسلم يستحي من ربه أن يراه على معصيته ومخالفته، وإذا فعل ذنبًا أو معصية، فإنه يخجل من الله خجلا شديدًا، ويعود سريعًا إلى ربه طالبًا منه العفو والغفران. المسلم يتأدب مع الله تعالى ويستحيي منه؛ فيشكر نعمة الله، ولا ينكر إحسان الله وفضله عليه، ويمتلئ قلبه بالخوف والمهابة من الله، وتمتلئ نفسه بالوقار والتعظيم لله، ولا يجاهر بالمعصية، ولا يفعل القبائح والرذائل؛ لأنه يعلم أن الله مُطَّلِعٌ عليه يسمعه ويراه. ♦ بواعث الحياء من الله؛ المحبة: فهل هناك أحب إلى المؤمن من الله؟ ï´؟ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ï´¾ [البقرة: 165]. فإذا كنت تحب الله حقا فما علامة حبك لله؟ فهل من المحبة أن تعصيه؟ هل من المحبة أن تقصر في حقه؟.. تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس شنيع لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع التعظيم: ومما يبعث على الحياء من الله: تعظيم الله وإجلاله، فكلما عظم الله في قلب العبد عظم حياؤه، أن يدرك العبد عظمة الله، وإحاطته، واطلاعه على عباده، وقربه منهم، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور. الحياء من الله يتولد من علم العبد بنظر الحق إليه، فيدفعه ذلك إلى مجاهدة النفس، وتحمل أعباء الطاعة واستقباح الجناية، والعبد إذا علم أن الله ناظر إليه أورثه هذا حياء منه تعالى. كيف لا يستحي العبد من ربه وهو يعلم أنه يسمع ويرى؟. ألا تعلم يا عبد الله وأنت تقدم على معصية من المعاصي أن الله يراك؟ قال تعالى: ï´؟ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ï´¾ [ البقرة:265] وقال تعالى: ï´؟ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ï´¾ [العلق: 14]. ألا تعلم يا عبد الله وأنت تخطط للوقوع في معصية من المعاصي أن الله يعلم سرك وعلانيتك؟ قال تعالى: ï´؟ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ï´¾ [ق:16]. ألا تعلم يا عبد الله وأنت تتكلم بما لا يرضي الله، أن الله يسمعك؟ قال تعالى: ï´؟ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ï´¾ [ الزخرف:80 ] وقال تعالى: ï´؟ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ï´¾ [ الملك: 13]. ألا تعلم يا عبد الله وأنت تنظر ببصرك إلى ما حرم الله النظر إليه، أن الله مطلع عليك؟ قال تعالى: ï´؟ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ï´¾ [ غافر:19 ] قال رجل للجنيد: كيف أستعين على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه. ألا تعلم يا عبد الله وأنت تلهث وراء الشهوات والمحرمات أن الله معك؟ مطلع عليك؟ ينظر إليك؟ قال سبحانه: ï´؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾ [المجادلة: 7]. وقال تعالى: ï´؟ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً ï´¾ [الأحزاب: 52 ]. فأين الحياء من الله؛ الحاضر الذي لا يغيب، الحي الذي لا يموت، الشهيد الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، السميع الذي يسمع جميع الأصوات على اختلاف اللغات والحاجات، البصير الذي يبصر النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء. يقول بَعْض السَّلَف: خَف الله عَلَى قَدْر قُدْرَته عَلَيْك. وَاسْتَحْيِ مِنْهُ عَلَى قَدْر قُرْبه مِنْك. ويقول ابن القيم "الحياء من الله نور يقع في القلب يريه ذلك النور أنه واقف بين يدي ربه عز وجل فيستحي منه في خلواته وجلواته". إِذَا لَمْ تَصُنْ عِرْضًا وَلَمْ تَخْشَ خَالِقًا وَتَسْتَحْيِ مَخْلُوقًا فَمَا شِئْتَ فَافْعَلِ فإلى من يعصي الله عز وجل: إذا كنت تعتقد أن الله لا يراك؛ فما أعظم كفرك بالله. وإذا كنت تعتقد أن الله يراك وأنت مصر على معصيته؛ فما أعظم جرأتك على الله، وما أقل حياءك من الله. وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني ♦ تذكرُ نعم الله وآلائه: ومما يبعث على الْحَيَاء مِن الله تَعَالَى أن يتذكر العبد تقَلُّبه فِي نِعَمِهِ وآلائه، فَيَسْتَحِي الْعَاقِل أَنْ يَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى مَعْصِيَة خالقه ومولاه. أخي الكريم؛ ألا تستحي أن تعصي الذي خلقك؟ ألا تستحي أن تعصي الذي يرزقك؟ ألا تستحي أن تعصي الذي يطعمك؟ ألا تستحي أن تعصي الذي يسقيك؟ ألا تستحي أن تعصي الذي يشفيك؟ ألا تستحي أن تعصي الذي يؤويك؟ ألا تستحي أن تعصي الذي يملكك ويملك الكون الذي تعيش فيه؟ ألا تستحي أن تعصي الله بنعمه؟ قال سبحانه: ï´؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ï´¾. ï´؟ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ï´¾. ♦ كيف يكون الحياء من الله؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ». قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ؛ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ المَوْتَ وَالبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ» أخرجه أحمد والترمذي والطبراني والحاكم، وصححه الذهبي، وحسنه الألباني. حق الحياء من الله أن تحفظ الرأس وما وعاه؛ فلا تضع رأسك لغير الله ساجدا، ولا ترفعه على عباد الله تكبرا، وأن تحفظ ما وعاه الرأس من النعم؛ كالفم، واللسان، والعين، والأذن. حق الحياء من الله أن تحفظ البطن وما حوى؛ وحفظه يكون باجتناب أكل الحرام وما فيه شبهة، وأما ما حواه البطن فيكون حفظه بحفظ الفرج من الوطء الحرام، والنظر الحرام، واللمس الحرام، وحفظ الرجلين من السعي بهما إلى الحرام، وحفظ اليدين من البطش بهما فيما حرمه الله. حق الحياء من الله أن تذكر الموت، لأن من ذكر أن عظامه ستصير بالية، وأعضاءه ممزقة، هان عليه ما فاته من اللذات العاجلة، وأهمه ما يلزم من طلب الآجلة، وعمل على إجلال الله وتعظيمه. حق الحياء من الله ألا تنشغل بالدنيا عن الآخرة "ومن أراد الآخرة - أي الفوز بنعيمها - ترك زينة الدنيا". فالمسلم يستحيي من الله عز وجل أن يراه مرابطاً على مفسدة، مقيماً على جيفة، عاكفاً على دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضه. فهل الَّذي يأكل أموالَ النَّاس بالباطل، ويَملأ بطنَه وبطن عِياله بالحرام يستحْيِي من الله؟! وهل الَّذي يشرَب الخمر، ويرتكب المنكرات يستحْيي من الله؟! وهل الَّذي يقع في أعراضِ النَّاس غِيبةً ونميمةً، وسبًّا وشتمًا، يستحْيي من الله؟! وهل الَّتي تخرج إلى الشَّوارع متعطِّرة متهتِّكة، مائلة مُميلة، تستحْيي من الله؟! فهل استحيا من الله حق الحياء من أنعم الله عليه بالصحة والمال والأولاد والحياة الرغيدة، ثم هو لا يعرف لله قدراً بأن يشكر نعمته عليه بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فيدعوه داعي الفلاح في اليوم خمس مرات ثم هو لا يستحيي ولا يستجيب؟. وهل استحيا من الله حق الحياء رجال ونساء يجاهرون بمعصية الله ليل نهار في الطرقات وفي مجامع الناس والحفلات والأفراح، فيقابلون نعم الله بمعصيته بلا حياء منه سبحانه ولا حياء من خلقه؟. وهل استحيا من الله حق الحياء من يدمن على مشاهدة الفضائح على الفضائيات التي ما عادت تخدش الحياء فقط وإنما تميته وتقتله. ينظر إليها هو وبناته وأبناؤه؟. وهل استحيا من الله حق الحياء من أنعم الله عليه بالمال الكثير ينفقه يميناً وشمالاً في شهواته، ثم حين يدعى للإنفاق في سبيل الله يبخل؟ {ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه}. وهل استحيا من الله حق الحياء ذاك الذي شغف بالأغاني الماجنة يزعج الناس في طرقاتهم ومنازلهم؟ أو ذاك المدخن الذي يدخن في مجامع الناس ينفث الدخان في وجوههم؟ أو ذاك الذي ضيع أبناءه بلا تربية ولا خلق، يسيحون في الأرض يؤذون المسلمين؟. إن الذي حمل هؤلاء وغيرهم على النزول إلى هذه المستويات الهابطة من الأخلاق، هو ذهاب الحياء. وصدق رسول الله: [[إذا لم تستح فاصنع ما شئت]]. فلنعد إلى الحياء، ولنرَبّ أنفسنا وأهلنا على الحياء. فما أجمل العودة إلى الحياء، وما أجمل التخلق بخلق الحياء، إنه السبيل إلى السعادة في الدنيا والآخرة.. يتبع
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: الحياء شعبة من الإيمان
الحياء شعبة من الإيمان أحمد عماري ♦ الحياء من الناس؛ الحياء من الناس خلق حسن جميل يمنع من المعايب، ويشيع الخير والعفاف، ويعوّد النفس ركوب الخصال المحمودة. الحياء من الناس: دليل على مروءة الإنسان؛ فالمؤمن يستحي أن يؤذي الآخرين سواء بلسانه أو بيده، فلا يقول القبيح ولا يتلفظ بالسوء، ولا يطعن أو يغتاب أو ينم على الآخرين، وكذلك يستحي من أن تنكشف عوراته فيطلع عليها الناس. ♦ قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: " لا خير فيمن لا يستحي من الناس" الحياء من الناس: يكون بحِفْظ ماء الوجْه لهم، ولا يتمُّ ذلك إلا بكفِّ الأذى عنهم، وترْك ما يُغضِبهم أو يزعجهم، قال أحدُ الحكماء: "مَن كساه الحياءُ ثوبَه، لم يرَ الناسُ عيبَه"، وقال بعض البلغاء: "حياة الوجه بحَيائه، كما أنَّ حياةَ الغَرْس بمائه". إِذَا قَلَّ مَاءُ الوَجْهِ قَلَّ حَيَاؤُهُ فَلا خَيْرَ فِي وَجْهٍ إِذَا قَلَّ مَاؤُهُ حَيَاءَكَ فَاحْفَظْهُ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى وَجْهِ الكَرِيمِ حَيَاؤُهُ ومنه أن يطهّر الإنسان فمه من الفحش ومعيب الألفاظ، وأن يخجل من ذكر العورات، فإن من سوء الأدب أن تفلت الألفاظ البذيئة من المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها. ومن الحياء القصد في الحديث في المجالس، فإن بعض الناس لا يستحيون من امتلاك ناصية الحديث في المحافل الجامعة، فيملئون الأفئدة بالضجر من طول ما يتحدثون. ومن الحياء أن يتوقى الإنسان ويتحاشى أن يؤْثَر عنه سوء، أو تتلطخ سمعته بما لا يليق، وأن يحرص على بقاء سمعته نقية من الشوائب، بعيدة عن الإشاعات السيئة. وإن من الحياء أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم ومراتبهم، فيؤتي كل ذي فضل فضله. فالابن يوقر أباه، والتلميذ يحترم المعلم، والصغير يتأدب مع الكبير. فلا يسوغ أن يرفع فوقهم صوته، ولا أن يجعل أمامهم خطوة. ♦ وتأمل في حياء الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرج مسلم في صحيحه عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَتَيْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ - قَالَ - فَقَبَضْتُ يَدِى. قَالَ « مَا لَكَ يَا عَمْرُو ». قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ « تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ». قُلْتُ أَنْ يُغْفَرَ لي. قَالَ « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ». وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ أَجَلَّ في عيني مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلأَ عينيَّ مِنْهُ إِجْلاَلاً لَهُ وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ لأَنِّى لَمْ أَكُنْ أَمْلأُ عينيَّ مِنْهُ وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. ♦ في زمن ضاع فيه الحياء؛ أيها المؤمنون: إن ما تعانيه المجتمعات اليوم من المحن وتتابع الفتن واستباحة المحرمات ومعانقة الرذيلة، ما ذاك إلا بسبب فقد الحياء، وذهاب الحياء. إن منزوع الحياء لا تراه إلا على قبح، ولا تسمع منه إلا لغوًا وتأثيمًا، عين غمازة، ونفس همازة، ولسان بذيء؛ يتركه الناس اتقاء فحشه، مجالسته شر، وصحبته ضُر، وفعله عدوان، وحديثه بذاء. إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي وَلَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ فَلا وَاللَّهِ مَا فِي العَيْشِ خَيْرٌ وَلا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الحَيَاءُ يَعِيشُ المَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ وَيَبْقَى العُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ من مظاهر ذهاب الحياء: ♦ المجاهرة بالذنوب والمعاصي وعدم الخوف من الله. فعديم الحياء لا يتأثّر بعلم النّاس بسوء حاله، ولا باطّلاعهم عليه، بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعل. في الصحيحين عن أَبي هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ». إذا حُرم المرء الحياء فإنه بكل قبيحٍ كان منه جديرُ يرى الشتمَ مدحاً والدناءةَ رفعةً وللسمع منه في العظات نفورُ ♦ إذاية الناس؛ في دينهم وفي طرقاتهم... رمي للأزبال في الطرقات. تبول وتغوط في الطرقات، أمام أعين الناس وأنظارهم... فانظر كيف تنزل قلة الحياء بالإنسان إلى مراتب الدواب والأنعام، التي تقضي حاجتها في كل مكان غير آبهة بمن يراها وينظر إليها، وهكذا يفعل كثير من الناس. في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ». قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الَّذِى يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ في ظِلِّهِمْ ». وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ الْبَرَازَ في الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ ». وروى الطبراني في الكبير بإسناد حسن عن حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم. أفعال وتصرفات لا تليق بإنسان أنعم الله عليه فخصّه بهذا الخلق خلق الحياء ـ دون سائر الحيوانات والمخلوقات، زينه الله بزينة الحياء ليمنعه من فعل القبيح. فمن لا حياء له، فليعلم أن فطرته مطموسة وقلبه ميت. ♦ الفُحْشُ في الكلام؛ في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ - أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ - اتِّقَاءَ فُحْشِهِ». وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ ». أخرجه الترمذي وابن حبان والبيهقي. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ، وَالْمُتَفَحِّشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ هِيَ الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ دَعَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ» أخرجه أحمد ابن حبان. وعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ ». أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة. ♦ العقوق؛ عندما لا يستحي الابن أن يسب أبويه، أن يسخر منهما، أن يؤذيهما، أن يقابل إحسانهما بالإساءة إليهم، فأي حياء عند هذا؟ والله تعالى يقول: ï´؟ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ï´¾ [الإسراء: 23، 24]. أخرج البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ ". ♦ التبرج، وكشف العورات أمام الملأ؛ حياؤك من الناس يقتضي أن تستر عورتك عنهم، فقد أخرج أحمد وأصحاب السنن عن بَهْز بن حَكيم عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا تُرِيَنَّهَا»، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» حسنه الألباني. فأين الستر؟ وأين الحياء؟ وديننا دين الستر والحياء. انظر رحمك الله إلى هذه النماذج، في التستر والحياء: ♦ فهذا الصّدّيق رضي الله عنه، خطب في المسلمين يوما فقال: " أيها الناس استحيوا من الله، فوالله ما خرجت لحاجة منذ بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم أريد الغائط، إلا وأنا مقنع رأسي حياءً من الله تعالى [ مكارم الأخلاق لابن أبى الدنيا صـ20]. ♦ وهذا عثمان رضي الله عنه، يقول عنه الحسن البصري رحمه الله: إنه ليكون في البيت والباب عليه مغلق، فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء يمنعه الحياء أن يقيم صلبه. عثمان الذي قال عنه النبي: [ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة]. ♦ وهذا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يقول: إني لأغتسل في البيت المظلم، فما أقيم صلبي حتى آخذ ثوبي حياءً من ربي عز وجل. وعن قتادة قال: كان أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم، تجاذب وحني ظهره حتى يأخذ ثوبه ولا ينتصب قائماً. ♦ وها هو ابن عباس يحكي عنه عكرمة فيقول: إنه لم يدخل الحمام إلا وحده، وعليه ثوب صفيق. وكان يقول: إني أستحي الله أن يراني في الحمام متجرداً. هذا عن حياء الرجال، فماذا عن حياء النساء؟ انظري أختي المسلمة إلى هؤلاء النساء العفيفات الطاهرات وكيف كان حياؤهن: ♦ ابنة الرجل الصالح الذي استضاف موسى - عليه السلام -: وهي مثال عال في الحياء والطهر للمرأة المسلمة، إنها ابنة رجل صالح تنحدر من بيت كريم ينضح بالعفاف والطهارة والصيانة وحسن التربية، وكفاها شرفاً ثناء الله عليها في كتابه، قال تعالى: ï´؟ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ï´¾ [القصص: 25]. مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال على استحياء، في غير تبذل ولا تبرج ولا تبجح ولا إغواء. ♦ حياء فاطمة رضي الله عنها، بنتِ محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرج أبو داود والبيهقي عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ثَوْبٌ، إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ». يتبع
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
رد: الحياء شعبة من الإيمان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |