شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 19 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4441 - عددالزوار : 873608 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3973 - عددالزوار : 405440 )           »          السيرة النبوية لابن هشام 1 كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          القهار - القاهر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          أوليات أشعرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 31 )           »          مع اسم الله (الوكيل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          القوي - المتين جل جلاله، وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          اسم الله تعالى: القيوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بيان خطورة التنكيت بآيات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #181  
قديم 15-12-2022, 10:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [093]
الحلقة (124)


شرح سنن أبي داود [093]


الصلاة في الإسلام خطرها عظيم وشأنها كبير، والمصلي واقف بين يدي ربه يناجيه، فهو بحاجة إلى الابتعاد عن كل ما يشغله في صلاته ويحول بينه وبينها، ومن هنا شرع للمصلي دفع المار بين يديه، وجاءت نصوص تفيد أن المرأة والكلب والحمار تقطع الصلاة بمرورها، ولكنها محمولة على النقصان والتشويش لا على الإبطال.

ما يقطع الصلاة


شرح حديث (يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود والمرأة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقطع الصلاة: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة ، ح: وحدثنا عبد السلام بن مطهر و ابن كثير -المعنى- أن سليمان بن المغيرة أخبرهم عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه، قال حفص : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقطع صلاة الرجل)، وقال عن سليمان : قال أبو ذر : (يقطع صلاة الرجل -إذا لم يكن بين يديه قيد آخرة الرحل- الحمار والكلب الأسود والمرأة) فقلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟! فقال: يا ابن أخي! سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: (الكلب الأسود شيطان) ]. يقول الإمام أبو داود رحمه الله: [باب ما يقطع الصلاة] أي: ما الذي يقطع الصلاة؟ أو: ما الذي ورد بأنه يقطع الصلاة؟ والذي ورد في الأحاديث الصحيحة المرأة والحمار والكلب، وفي بعض الروايات: الكلب الأسود. وهذه الثلاثة ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تقطع الصلاة، فمن أهل العلم من قال: إن قطعها، بمعنى أنه يستأنفها، وأكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم على أنه لا يحصل القطع بمرور شيء، ولكن هذه الأشياء التي ورد أنها تقطع الصلاة يكون فيها تشويش على المصلي ونقصان للخشوع في الصلاة بسبب ما يحصل له مما يمر بين يديه، وهذه الأنواع الثلاثة هي المرأة، والحمار، والكلب. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقطع صلاة الرجل -إذا لم يكن بين يديه قيد آخرة الرحل- الحمار والكلب الأسود والمرأة) ]. وقوله: [ (قيد آخرة الرحل) ] القيد هو القدر يعني: قدر آخرة الرحل. أي: سترة، يعني: فإذا كان له سترة ومر من دونها حصل القطع، وإن كان مر من ورائها فإنه لا يؤثر، وإذا لم يكن له سترة ومر من مكان بعيد فإن ذلك -أيضاً- لا يؤثر. ثم إن عبد الله بن الصامت سأل أبا ذر رضي الله تعالى عنه عن الكلب الأسود وتمييزه عن غيره من الكلاب فأخبره أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأجابه بأن الكلب الأسود شيطان، وفسر بأن المقصود من ذلك أن الشياطين تتصور وتتمثل على هيئة الكلاب السود. والمقصود من ذلك -كما قاله جمهور أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أنه يحصل التشويش ويحصل إضعاف الخشوع وانشغال الإنسان في صلاته بسبب ما شاهده وما مر بين يديه من هذه الأصناف الثلاثة.
تراجم رجال إسناد حديث (يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود والمرأة)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحدثنا عبد السلام بن مطهر ]. عبد السلام بن مطهر صدوق، أخرج حديثه البخاري و أبو داود . [ و ابن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن سليمان بن المغيرة ]. سليمان بن المغيرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد بن هلال ]. حميد بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الصامت ]. عبد الله بن الصامت ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي ذر ]. هو جندب بن جنادة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
بيان طريقي رواية حديث (يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود والمرأة)

قوله: [ قال حفص: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. يعني أن حفصاً الذي هو شيخه الأول في إسناده الأول رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ وقال عن سليمان قال أبو ذر ]. يعني أن الطريق الثاني الذي فيه محمد بن كثير وفيه عبد السلام بن مطهر فيه أن الحديث موقوف على أبي ذر ، وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمشايخ أبي داود ثلاثة: حفص و ابن كثير و عبد السلام بن مطهر ، فحفص يروي عن شعبة ، والآخران يرويان عن سليمان بن المغيرة ، ولذلك في النسخة الهندية (وقالا عن سليمان: قال أبو ذر ).
شرح حديث (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما -رفعه شعبة - قال: (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب) . قال أبو داود : وقفه سعيد و هشام و همام عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب). وهذا فيه بيان أن المقصود بالمرأة التي تقطع هي الحائض، والمقصود بالحائض البالغة، فمعناه أن الصغيرة لا تكون كذلك، وإنما يكون ذلك في شأن الحائض، وهي البالغة، والمرأة البالغة يقال لها: حائض، وفي الحديث: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار). يعني: صلاة امرأة بالغة. وهنا قال: (يقطع الصلاة المرأة الحائض والحمار)، وإنما خصت الحائض -أي: المرأة البالغة- لأن الفتنة تكون في المرأة التي قد بلغت، أما البنت الصغيرة فلا يكون فيها فتنة، ولعل السبب في ذلك هو ما يحصل من التشويش في فكر الإنسان وهو في صلاته عندما تمر به امرأة بين يديه فينشغل بها أو يفتتن بها، فذكر المرأة الحائض إشارة إلى أن النصوص التي وردت في ذكر المرأة وهي مطلقة يراد بها من كانت حائضاً؛ لأن الفتنة إنما تكون فيمن كانت بالغة، ومن المعلوم أن المقصود بالحائض البالغ.
تراجم رجال إسناد حديث (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة حدثنا قتادة ]. شعبة مر ذكره، و قتادة هو ابن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال سمعت: جابر بن زيد ]. هو جابر بن زيد أبو الشعثاء ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ يحدث عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ رفعه شعبة ]. أي: رفعه شعبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وجماعة وقفوه على ابن عباس . [ قال أبو داود : وقفه سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة . [ و هشام ]. هو هشام الدستوائي . [ و همام ]. هو همام بن يحيى العوذي . [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدودسي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقوله: [ عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس ]. يعني: وقفوه على ابن عباس ولم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم البصري حدثنا معاذ حدثنا هشام عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: -أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال-: (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة، ويجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر). ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة ويجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر). قوله: (ويجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر) معناه أنهم إذا مروا وبينه وبينهم مسافة فإنهم لا يقطعون صلاته؛ لأن الإنسان الذي ليس له سترة لا يكون كل ما أمامه ولو كان بعيداً قاطعاً لصلاته، وإنما يقطع أحد هؤلاء صلاته إن مر دون مقدار ثلاثة أذرع أمام المصلي. ومعنى (قذفة حجر) بمسافة قصيرة، فلو قذفت حجراً فإنه يجزئ إذا مروا من وراء موضع سقوطه. والقطع لا يكون مقصوراً على ما إذا لم يكن له سترة، بل لو كان له سترة ومروا بيته وبينها حصل القطع، وأما إذا مروا من ورائها فليس هناك إشكال، وإذا كان المصلي ليس له سترة ومروا من وراء مسافة بعيدة فإن ذلك لا يؤثر، وإنما يؤثر إذا كان المرور قريباً منه، وكذلك إذا كان له سترة وحصل المرور بينه وبين السترة.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة...)

قوله: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم البصري ]. هو محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم البصري، وهو ابن أبي سمينة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود . [ حدثنا معاذ ]. هو معاذ بن هشام ، صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى ]. هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. قد مر ذكره.
كلام أبي داود على الحديث وبيان نكارته

[ قال أبو داود : في نفسي من هذا الحديث شيء، كنت أذاكر به إبراهيم وغيره فلم أر أحداً جاء به عن هشام ولا يعرفه، ولم أر أحداً جاء به عن هشام ، وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة -يعني محمد بن إسماعيل البصري مولى بني هاشم-، والمنكر فيه ذكر المجوسي، وفيه (على قذفة بحجر) وذكر الخنزير، وفيه نكارة، قال أبو داود : ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة ، وأحسبه وهم؛ لأنه كان يحدثنا من حفظه ]. ذكر أبو داود أن في نفسه من الحديث شيئاً، وأن الإشكال فيه من جهة شيخه محمد بن إسماعيل البصري بن أبي سمينة مولى بني هاشم، قال: إنه كان يحدث من حفظه. وفيه -أيضاً- شك في رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال: [أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]. وفيه -أيضاً- يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو مدلس ويرسل، فاجتمع فيه عدة أمور. و أبو داود رحمه الله جعل الحمل فيه على شيخه محمد بن إسماعيل ، وقال: إنه ما أحد رواه غيره، وإنه كان يحدث من حفظه. فيظن أنه قد وهم في ذلك. قوله: [ في نفسي من هذا الحديث شيء، كنت أذاكر به إبراهيم وغيره فلم أر أحدًا جاء به عن هشام ولا يعرفه ]. لا أدري من هو إبراهيم هذا الذي كان يذاكره أبو داود ، وهشام هو الدستوائي الذي مر في الإسناد. ثم إنه ذكر فيه الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة، والحمار والكلب جاء ذكرهما في أحاديث أخرى، لكن هذا الحديث فيه ذكر أشياء زائدة على ما جاء، فهو غير صحيح من جهة كون أبي داود يقول: إن الحمل فيه على شيخه محمد بن إسماعيل . ومن جهة الشك في رفعه إلى رسول صلى الله عليه وسلم، ومن كون إسناده فيه يحيى بن أبي كثير وهو مدلس وقد عنعن، وفي المتن نكارة، وهي ذكرا الخنزير والمجوسي. وكذلك قوله: (على قذفة بحجر) فإذا كانت الرمية بعيدة فهذا واضح أنه في غاية النكارة، لكن إذا كان المقصود بقذفة الحجر بمقدار ثلاثة أذرع فهذا قد جاء ما يدل عليه.

شرح حديث (... اللهم اقطع أثره...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سعيد بن عبد العزيز عن مولى ليزيد بن نمران عن يزيد بن نمران قال: رأيت رجلا بتبوك مقعدا فقال: (مررت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على حمار وهو يصلي فقال: (اللهم! اقطع أثره) فما مشيت عليها بعد). ]. أورد أبو داود حديث رجل مقعد في تبوك روى عنه يزيد بن نمران ، يقول: إن سبب كونه مقعداً أنه مر بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على حمار وهو يصلي فقال: (اللهم! اقطع أثره) فحصل له أن حيل بينه وبين المشي فصار مقعداً لا يتمكن من المشي، فقطع الله أثره، أي سيره ومشيه على قدميه، حيث قطعه الله فصار مقعداً على هذه الهيئة التي رآها يزيد بن نمران . هذا الرجل المقعد هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإشكال في الحديث من جهة أن فيه مجهولاً، وأيضاً من جهة المعنى، فهو غير مستقيم من جهة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو عليه بهذا الدعاء، وأن الله تعالى يقطع أثره ويحصل له ذلك بمجرد مروره، ففي متنه شيء بالإضافة إلى كون إسناده فيه من هو مجهول، وهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (... اللهم اقطع أثره...)

قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي البصري الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن عبد العزيز ]. سعيد بن عبد العزيز هو الشامي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن مولى ليزيد بن نمران ]. قيل اسمه سعيد . مجهول أخرج له أبو داود . [ عن يزيد بن نمران ]. يزيد بن نمران ثقة، أخرج له أبو داود .
طريق ثانية لحديث (... قطع الله أثره...) وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا كثير بن عبيد -يعني المذحجي - حدثنا أبو حيوة عن سعيد بإسناده ومعناه، زاد: فقال: (قطع صلاتنا قطع الله أثره). قال أبو داود : ورواه أبو مسهر عن سعيد قال فيه: (قطع صلاتنا) ]. قوله: [ حدثنا كثير بن عبيد -يعني المذحجي - ]. كثير بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو حيوة ]. هو شريح بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن سعيد بن عبد العزيز ]. [ قال أبو داود : ورواه أبو مسهر عن سعيد قال فيه: (قطع صلاتنا) ]. أبو مسهر هو عبد الأعلى بن مسهر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
طريق ثالثة لحديث (... قطع الله أثره...) وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني . ح: وحدثنا سليمان بن داود قالا: حدثنا ابن وهب أخبرني معاوية عن سعيد بن غزوان عن أبيه أنه نزل بتبوك وهو حاج فإذا هو برجل مقعد فسأله عن أمره فقال له: سأحدثك حديثاً فلا تحدث به ما سمعت أني حي، (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بتبوك إلى نخلة فقال: هذه قبلتنا، ثم صلى إليها، فأقبلت وأنا غلام أسعى حتى مررت بينه وبينها فقال: قطع صلاتنا قطع الله أثره). فما قمت عليها إلى يومي هذا ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن ذلك الرجل المقعد في تبوك، وفيها أنه كان غلاماً يسعى، وليس أنه كان على حمار، وقال: (قطع صلاتنا قطع الله أثره)، قال: فما قمت عليها إلى يومي هذا. يعني أن الله قطع أثره فما كان له أثر وراءها، أي: انتهى مشيه وانقطع وصار مقعداً، وهو مثل الذي قبله، فالمتن فيه نكارة من جهة كون النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عليه بهذا الدعاء ويعاقبه بهذه العقوبة لمجرد أنه حصل منه ذلك المرور. وقوله: [ سأحدثك حديثاً لا تحدث به ما سمعت أني حي ]. هذا مما يزيده غموضاً، فكيف لا يحدث به؟! قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني صدوق، أخرج له أبو داود . [ وحدثنا سليمان بن داود ]. هو سليمان بن داود المصري ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني معاوية ]. هو معاوية بن صالح بن حدير ، صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن غزوان ]. سعيد بن غزوان مستور، أخرج له أبو داود . [ عن أبيه ]. هو غزوان الشامي ، وهو مجهول، أخرج له أبو داود .
سترة الإمام سترة من خلفه


شرح حديث (... فجاءت بهمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب سترة الإمام سترة من خلفه. حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر فحضرت الصلاة- يعني: فصلى إلى جدر- فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بهمة تمر بين يديه، فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه) أو كما قال مسدد ]. أورد أبو داود هنا [باب سترة الإمام سترة من خلفه]، ومعناه أن من خلفه لا يحتاج إلى سترة؛ لأن المأمومين سترة الإمام سترة لهم، وعلى هذا فالذي يتخذ السترة هو الإمام والمنفرد، الإمام الذي يصلي بالناس و المنفرد الذي يصلي وحده، هذان هما اللذان يتخذان السترة، وأما المأمومون فلا يتخذون سترة؛ لأن سترة الإمام سترة لهم. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنه صلى إلى جدار. قوله: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر ). الثنية فجوة بين الجبلين. قوله: (فحضرت الصلاة) -يعني: فصلى إلى جدر- . يعني: إلى جدار، أي: اتخذه سترة له. قوله: (فجاءت بهمة) وهي الصغيرة من أولاد الغنم، سواءٌ أكانت من الضأن أم من المعز، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل يدرؤها ويريد أن يمنعها من أن تأتي أمامه، حتى قرب من ذلك الجدار فمرت من ورائه، فما مكنها من أن تأتي أمامه، فمرت من ورائه، وهذا هو وجه الشاهد لكون سترة الإمام سترة للمأمومين، إذ إنها مرت أمام المأمومين من وراء الإمام، وذلك لا يضر؛ لأن سترة الإمام سترة لهم، والرسول صلى الله عليه وسلم منع هذه البهمة، وهذا يدل على أن المصلي يمنع ما يمر بين يديه، سواءٌ أكان إنساناً أم حيواناً.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #182  
قديم 15-12-2022, 10:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب و حفص بن عمر قالا: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس ، وهو مثل الذي قبله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فمر جدي -وهو الصغير من أولاد الغنم- فجعل يتقيه، أي: يدرؤه ويمنعه.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. مر ذكره. [ عن عمرو بن مرة ]. هو عمرو بن مرة الهمداني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن الجزار ]. يحيى بن الجزار صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن . [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
من قال المرأة لا تقطع الصلاة


شرح حديث (كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة) قال شعبة : أحسبها قالت: (وأنا حائض). قال أبو داود : رواه الزهري و عطاء و أبو بكر بن حفص و هشام بن عروة و عراك بن مالك و أبو الأسود و تميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة ، و إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، و أبو الضحى عن مسروق عن عائشة ، و القاسم بن محمد و أبو سلمة عن عائشة لم يذكروا: (وأنا حائض) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها في [باب: من قال المرأة لا تقطع الصلاة]. والحديث الذي مر فيه أن المرأة تقطع الصلاة، وهذا فيه أن المرأة لا تقطع الصلاة، وهو يدل على أن المقصود بالقطع ليس إبطال الصلاة، بل المراد ما قاله أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين، كما ذكر ذلك الترمذي في جامعه أن أكثر الصحابة وأكثر أهل العلم من الصحابة ومن التابعين لا يرون قطع الصلاة بمرور شيء، فعائشة رضي الله عنها وأرضاها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهي في قبلته أمامه فتمد رجليها، فإذا سجد غمزها فكفت رجليها، فكون رجليها أمامه، وكونها معترضة أمامه وهو مستمر في الصلاة، وإذا سجد غمزها فكفت رجليها لضيق المكان يدل على أن المرأة لا تقطع الصلاة. وأما زيادة: (وأنا حائض)، فهي غير ثابتة؛ لأن شعبة قال: [أحسبها قالت: وأنا حائض). ثم إن أبا داود ذكر الذين رووه غير شعبة -وهم كثيرون- لم يذكروا زيادة (وأنا حائض). فهذا القيد أو هذا الوصف غير ثابت، ومعنى ذلك أن المرأة في جميع أحوالها إذا حصل منها مثل ذلك فإنه لا يحصل قطع الصلاة بذلك، أعني كونها تمتد أمام الرجل وهو يصلي.

تراجم رجال إسناد حديث (كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم ]. سعد بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي الصديقة بنت الصديق ، من أوعية السنة وحفظتها، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الرواة المخالفون لما شك فيه شعبة وتراجمهم


قوله: [ قال أبو داود : رواه الزهري و عطاء و أبو بكر بن حفص و هشام بن عروة و عراك بن مالك و أبو الأسود و تميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة ، و إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، و أبو الضحى عن مسروق عن عائشة ، و القاسم بن محمد و أبو سلمة عن عائشة لم يذكروا: (وأنا حائض) ] يقصد أبو داود رحمه الله تعالى أن الإسناد الذي جاء عن عروة من طريق شعبة فيه شك، حيث قال: (أحسبها قالت: وأنا حائض)، ثم ذكر أن هؤلاء الكثيرين الذين رووه لم يذكروا هذا القيد وهو كونها حائضاً، فدل على أن هذا القيد لا عبرة به، وأن المرأة في جميع أحوالها إذا كانت كذلك فهذا شأنها، ولا يختص ذلك بكونها حائضاً، بل في حالة كونها حائضاً وكونها غير حائض. قوله: [ رواه الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الستة. [ و أبو بكر بن حفص ]. هو أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص ، اسمه عبد الله ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عراك بن مالك ]. عراك بن مالك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و أبو الأسود ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و تميم بن سلمة ]. تميم بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ كلهم عن عروة ]. عروة مر ذكره. [ و إبراهيم عن الأسود ]. أي: إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وكل منهما ثقة، أخرج لهما أصحاب الكتب الستة. وهذه طريق أخرى غير طريق عروة . قوله: [ و أبو الضحى عن مسروق عن عائشة ]. أبو الضحى هو مسلم بن صبيح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسروق ]. هو مسروق بن الأجدع ، ثقة، أخرج له أصحاب الستة. [ و القاسم بن محمد ]. هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين. [ و أبو سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (أن رسول الله كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة راقدة على الفراش الذي يرقد عليه، حتى إذا أراد أن يوتر أيقظها فأوترت) ]. أورد أبو داود رحمه الله تعالى هنا حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة على فراشه في قبلته، فإذا أراد أن يوتر أيقضها.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة...)

قوله: [حدثنا أحمد بن يونس ]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ]. هؤلاء جميعاً مر ذكرهم.

شرح حديث (... لقد رأيت رسول الله يصلي وأنا معترضة بين يديه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (بئسما عدلتمونا بالحمار والكلب! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتها إلي ثم يسجد) ]. أورد أبو داود هنا حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي معترضة في قبلته، فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت رجليها فيسجد عليه الصلاة والسلام. وفي أول الحديث أنها قالت: (بئسما عدلتمونا بالحمار والكلب)، أي: ساويتمونا بالحمير والكلاب في قطع الصلاة.

الأسئلة



حكم شراء جلود الأنعام قبل دبغها


السؤال: هل يجوز شراء جلود الأنعام قبل دبغها، سواءٌ أذبحت بطريقة شرعية أم كانت ميتة؟

الجواب: نعم يجوز شراؤها؛ لأنها أما طاهرة وإما أن يطهرها الدباغ، فكون الإنسان يشتريها من أجل أن يدبغها لا بأس به. وهي إذا ذبحت بطريقة شرعية طاهرة، والميتة هي التي يطهرها الدباغ، فشراؤها -سواءٌ أكانت مذبوحة أم ميتة من أجل دبغ جلدها- لا بأس به .

زيادة ابن خزيمة (تعاد الصلاة) في قطع الصلاة بمرور المرأة والحمار والكلب


السؤال: جاءت رواية في صحيح ابن خزيمة بلفظ: (تعاد الصلاة) بشأن مرور المرأة والحمار والكلب الأسود بين يدي المصلي، فهل هذه الرواية ترجح قول من قال: تعاد الصلاة، وليس المعنى أنه ينقص الأجر؟

الجواب: هذه الرواية في صحيح ابن خزيمة لا أدري بثبوتها، لكن أكثر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم -وكذلك التابعون- يرون ذلك ليس قطعاً للصلاة، بحيث تعاد، وإنما معناه نقص الخشوع وحصول التشويش على الإنسان في صلاته، ويدل على عدم القطع ما جاء في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي مضطجعة نائمة على فراشها معترضة بين يديه، فإذا سجد غمزها فكفت رجليها.

حكم قول (وإياك) للقائل جزاك الله خيراً


السؤال: ما حكم قول القائل: (وإياك) لمن قال له: جزاك الله خيراً؟

الجواب: هذا لا بأس به، فقوله: (وإياك) معناه: وأنت جزاك الله خيراً. فهو كلام صحيح لا بأس به.

الثناء بقول (جزاك الله ألف خير)

السؤال: ما حكم قول من يقول عند الثناء: جزاك الله ألف خير؟

الجواب: إذا قال: (جزاك الله خيراً) كفى، فإذا حصل له الخير من الله عز وجل كفاه، أما قول (ألف خير) فمن الألفاظ المحدثة.

حكم السترة

السؤال: هل السترة واجبة أم ركن أم سنة؟

الجواب: الركن جزء من الماهية، فالأركان تكون داخل الصلاة، ولا تكون خارجة عنها، والشرط يكون خارجاً عن الماهية، مثل استقبال القبلة، وأما السترة فقد قال بعض أهل العلم بوجوبها، وجمهورهم قالوا باستحبابها.

حكم التهنئة في أول العام

السؤال: ما الحكم في قول الرجل لمن يقابله عند بداية العام الجديد: كل عام وأنتم بخير؟

الجواب: هذا لا ينبغي، فلا تنبغي التهنئة بأول العام، لكن إذا أحد دعا وقال: جعله الله عام خير أو نحو ذلك فلا بأس بذلك، أما أن يتخذ أوله موسماً من المواسم التي يهنأ بها فلا نعلم دليلاً يدل عليه.

حمل حديث قطع المرأة والحمار والكلب الصلاة على الحقيقة

السؤال: ألا يمكن حمل القطع في حديث قطع المرأة والحمار والكلب الأسود على الحقيقة، وهو أنه تستأنف الصلاة، وما هو الصارف؟

الجواب: قال أبو داود رحمه الله في آخر تفريع أبواب السترة: إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده. يعني أنه يحصل الترجيح بذلك، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرهم على أنه لا يقطع الصلاة شيء.

أفضل شروح أبي داود غير عون المعبود


السؤال: ما هو أحسن شرح لسنن أبي داود غير (عون المعبود)؟

الجواب: هناك شرح طيب لكنه غير كامل، وهو (المنهل العذب المورود) وهو لمصري من أهل السنة يدعى السبكي ، وهو من المتأخرين، وقد توفي في سنة ثلاثمائة وألف للهجرة.

قول الإمام النووي في المار بين يدي من ليس له سترة


السؤال: قلتم: إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة فلا يجوز المرور بين يديه. لكن قال الإمام النووي في مجموعه: إذا لم يكن بين يديه سترة فالأصح أنه ليس له الدفع لتقصيره بترك السترة؟

الجواب: المصلي حين ينبه المار في المسافة القريبة منه لا حرج عليه ولو لم يكن هناك سترة؛ لأن المار عليه أن يترك مقدار ثلاثة أذرع ويمشي من ورائها، فلو لم يكن للمصلي سترة فإنه يمشي المار من وراء ثلاثة أذرع ابتداءً من قدم المصلي.

حكم التفريق بين مرور المرأة أمام المصلي واعتراضها في قبلته


السؤال: هل يؤخذ من حديث عائشة التفريق بين كون المرأة نائمة عند ابتداء الصلاة وكونها تمر بين يدي المصلي، وكذلك الحكم بقطع الصلاة بالمرور أمام المصلي دون الجلوس أمامه؟

الجواب: النتيجة واحدة، فالحكم هو بكون المرأة أمام المصلي، سواءٌ أكانت مارة أم كانت معترضة، فكون الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وعائشة أمامه يدل على أنه سائغ. ويمكن أن يقال: إن هذا للحاجة. أي: كونها تعترض في قبلته هو لكون المكان ضيقاً، وأما إذا كان هناك سعة أو صلى في مسجد ورأى إنساناً فلا يصل وراءه ويتخذه سترة، بل يستتر بشيء آخر كعمود أو جدار.

الجمع بين أحاديث قطع المرأة الصلاة وأحاديث عدم قطعها


السؤال: كيف نوفق بين الأحاديث التي تدل على أن المرأة تقطع الصلاة والأحاديث التي تدل على أنها لا تقطع الصلاة؟

الجواب: يحمل قطع الصلاة الذي ورد على أنه ليس المراد به القطع الذي يجب به استئناف الصلاة، وإنما هو قطع فيه تشويش وفيه شغل للذهن ونقص من أجر الصلاة.

التخطي فوق كتب العلم الشرعي

السؤال: هل يجوز للمرء أن يخطو من فوق كتب أهل العلم؟

الجواب: لا يجوز له أن يتخطاها.

حكم زيارة مدائن صالح
السؤال: ما حكم زيارة مدائن صالح لغرض المشاهدة والترويح على النفس؟

الجواب: هذا لا ينبغي، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما مر بها أسرع فكيف بالإنسان يقصدها؟! قلا يشغل المرء باله بهذه الآثار التي لما مر عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أسرع، أما المرور بها في طريق سفر فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مر بها في الطريق، ولكنه أسرع.

تحية المسجد عند تكرر الدخول إليه

السؤال: إذا تكرر دخول وخروج المسلم من المسجد فهل يشرع له أن يصلي تحية المسجد في كل مرة؟

الجواب: نعم، فإذا خرج ثم رجع فإنه يصلي التحية.

حكم صلاة المنفرد خلف الصف


السؤال: هل لا تصح صلاة المنفرد خلف الصف إذا كان الصف كاملاً؟

الجواب: إذا كان عدد المصلين محصوراً، وعرف أنهم لا يزيدون، و أنه دائر بين أمرين: إما أن يصلي مع الناس وإما أن يصلي وحده فإنه يصلي مع الناس؛ لأن هذا هو الذي يستطيعه، وهو مأمور بصلاة الجماعة، ولكن إذا تمكن من أن يدخل ويصلي عن يمين الإمام فهذا هو الأولى، وإن كان الأمر لا يتم إلا بكونه يصلي وحده وليس هناك أحد ينتظره فإنه يصلي وتصح صلاته.

المتأخر وصلاته عن يمين الإمام

السؤال: إذا دخل المتأخر وصلى عن يمين الإمام فماذا يفعل من جاء متأخراً؟ هل يصف وحده، أو يصف عن يمين الإمام؟

الجواب: يصف مثل الذي صف قبله عن يمين الإمام، ولا يصلي وحده."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #183  
قديم 15-12-2022, 11:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [094]
الحلقة (125)

شرح سنن أبي داود [094]


وردت جملة من الأحاديث تدل على قطع مرور المرأة والحمار والكلب صلاة المرء، كما أن هناك أحاديث أخرى تفيد أنه لا يقطع الصلاة شيء، وللعلماء في ذلك كلام وخلاف ينبغي معرفته.

من قال الحمار لا يقطع الصلاة



شرح حديث (أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله يصلي بالناس بمنى ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (جئت على حمار). ح: وحدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وآله سلم يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك أحد)]. قوله: [باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة]. ذكر فيما مضى الأحاديث التي فيها أن المرأة والحمار والكلب الأسود يقطعون الصلاة، ثم ذكر بعد ذلك [باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة] وهنا ذكر [باب من قال إن الحمار لا يقطع الصلاة]. وأورد حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: [أقبلت راكباً على أتان] والأتان أنثى الحمار، والحمار يقال للذكر والأنثى، والأتان اسم لأنثى الحمار، فجاء وهو راكب على الأتان حتى كان بين يدي بعض الصف، فنزل ودخل في الصف وترك الأتان ترتع، أي: أطلقها وتركها ترعى، وكان ذلك بمنى في حجة الوداع، قال: [وقد ناهزت الاحتلام] يعني: قد قاربت البلوغ. والحديث ليس واضح الدلالة على أن الأتان مرت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما فيه أنها مرت بين يدي بعض الصف، ومن المعلوم أن سترة الإمام سترة للمأمومين، فمرور نحو هذه بين المأمومين لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر المرور بين الإمام وسترته وبين المنفرد وسترته، فهذا هو الذي يكون فيه التأثير. وأما بالنسبة للصف وكونه يمر بين يدي الصف أو بعض الصف -سواءٌ أكان المار حماراً أم غيره- فإن ذلك لا يؤثر شيئاً؛ لأن العبرة بالإمام، والإمام لم يثبت في هذا الحديث أنه مر بين يديه شيء، لا حمار ولا غيره. فهذا الحديث -في الحقيقة- يصلح لأن يكون تحت الترجمة السابقة، وهي أن سترة الإمام سترة للمأمومين.

تراجم رجال إسناد حديث (أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله يصلي بالناس بمنى...)


قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا سفيان بن عيينة ]. هو سفيان بن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن عبد الله ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ح: وحدثنا القعنبي ]. قوله: (ح) هو للتحول من إسناد إلى إسناد. والقعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، المحدث الفقية، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ]. هؤلاء قد مر ذكرهم.

التعليق على قول مالك: (وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة)


[قال أبو داود : وهذا لفظ القعنبي وهو أتم، قال مالك : وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة] قوله: [ قال أبو داود : وهذا لفظ القعنبي وهو أتم قال ]. يعني أن هذا السياق الذي ساقه أبو داود هو بلفظ القعنبي ، وهو شيخه في الإسناد الثاني. وقوله: [ قال مالك : وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة ]. مقصود مالك رحمه الله تعالى غير ظاهر؛ إذ إن المراد في الحديث هو إذا قامت الصلاة، وإذا كان الناس يصلون، وأما إذا لم يدخلوا في الصلاة فليس هناك إمام ولا مأموم ولا سترة. ثم إن كان مراده الدخول بين يدي الصف فهذا هو مقتضى الحديث، وأما إذا كان يقصد أن حصول ذلك واسع بين يدي الإمام فهذا فيه إشكال.

شرح حديث ابن عباس (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله يصلي ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن منصور عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن أبي الصهباء أنه قال: تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال: (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فنزل ونزلت، وتركنا الحمار أمام الصف فما بالاه، وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب فدخلتا بين الصف فما بالى ذلك) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس ، وهو مثل الذي قبله، ففيه دلالة على أن سترة الإمام سترة للمأمومين، وأنه لا يؤثر المرور بين يدي الصف، سواء أكان من حمار أم من جارية أم من غيرهما، وإنما المحذور هو المرور بين يدي الإمام وسترته. والحديث فيه أن ابن عباس رضي الله عنه جاء هو وغلام من بني عبد المطلب على حمار فنزل وترك الحمار بين يدي الصف، يعني الصف الذي وراء الرسول صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (فما بالاه)] يعني: ما اكترث لذلك. ولاشك في أن ذلك لا يؤثر لكونه بين يدي الصف؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين، وإنما الذي يؤثر المرور بين الإمام وسترته، أو المرور بين المنفرد وسترته، أما المأمومون فإن سترة الإمام سترة لهم.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله يصلي ...)


قوله: [حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو عوانة ]. هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن الجزار ]. يحيى بن الجزار صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الصهباء ]. هو صهيب ، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن ابن عباس ]. قد مر ذكره.

طريق ثانية لحديث (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله يصلي ...) وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة و داود بن مخراق الفريابي قالا: حدثنا جرير عن منصور بهذا الحديث بإسناده، قال: (فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا فأخذهما) قال عثمان : (ففرع بينهما) وقال داود : (فنزع إحداهما عن الأخرى فما بالى ذلك) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه أن الجاريتين من بني عبد المطلب اقتتلتا، أي: اختلفتا وتنازعتا وتضاربتا، فنزع إحداهما عن الأخرى وفرق بينهما وما بالى ذلك، أي: ولم يؤثر ذلك على صلاته ولم يكترث به. وهذا إنما يتعلق بمرور المرأة، ولا تعلق له بمرور الحمار، وقد سبق في الباب الذي قبل هذا أن عائشة كانت رجلاها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت رجليها. قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة مر ذكره. [ وداود بن مخراق الفريابي ]. داود بن مخراق صدوق، أخرج له أبو داود وحده. [ حدثنا جرير ]. هو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. منصور مر ذكره.
من قال الكلب لا يقطع الصلاة


شرح حديث (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال الكلب لا يقطع الصلاة. حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن محمد بن عمر بن علي عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ومعه عباس ، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا وكلبة تعبثان بين يديه، فما بالى ذلك) ]. أورد أبو داود [باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة] وأورد حديث الفضل بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي، وكان هناك حمارة وكلبة تعبثان، أي: حصل منهما عبث بين يديه، فما بالى بذلك، أي أن ذلك لم يؤثر، وهذا فيه ذكر الحمار والكلب، لكن الحديث ليس بصحيح، بل هو ضعيف.

تراجم رجال إسناد حديث (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ...)


قوله: [حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ]. عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [حدثني أبي] أبوه هو شعيب بن الليث ، ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن جدي ]. هو الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمر بن علي ]. محمد بن عمر بن علي صدوق، أخرج له أصحاب السنن . [ عن عباس بن عبيد الله بن عباس ]. عباس بن عبيد الله بن عباس مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ عن الفضل بن عباس ]. الفضل بن عباس هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
من قال لا يقطع الصلاة شيء


شرح حديث ( لا يقطع الصلاة شيء ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من قال لا يقطع الصلاة شيء. حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب من قال لا يقطع الصلاة شيء] يعني: مطلقاً، فأي مار بين يدي المصلي لا يقطع صلاته، وأورد حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان)]. يعني: الذي يحاول المرور ادرءوه وحاولوا منعه من المرور، وإذا لم ينفع فيه الدرء فإنه شيطان، كما مر في بعض الأحاديث: (فليقاتله فإنه شيطان) وفي بعضها أنه قال: (معه قرين) أي: القرين من الجن. كما جاء في الحديث: (ما منكم من أحد إلا وله قرين من الجن وقرين من الملائكة).

تراجم رجال إسناد حديث (لا يقطع الصلاة شيء ...)


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ] هو محمد بن العلاء بن كريب ، أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو أسامة ]. هو حماد بن أسامة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مجالد ]. هو مجالد بن سعيد ، ليس بالقوي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الوداك ]. هو جبر بن نوف ، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث ضعفه الألباني ، وصنيع أبي داود في آخر الحديث يشعر أنه ثابت عنده؛ فإنَّه قال: (إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده) وقد حكى الترمذي وغيره أن أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الصلاة لا يقطعها شيء.

شرح حديث (... ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا مجالد حدثنا أبو الوداك قال: مر شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهو يصلي فدفعه، ثم عاد فدفعه -ثلاث مرات-، فلما انصرف قال: إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان). قال أبو داود : إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد رضي الله عنه أنه مر بين يديه شاب وهو يصلي فدفعه، فأراد أن يمرَّ فدفعه، وقال أبو سعيد رضي الله عنه: [إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان )] يعني: ادرءوا من يحاول أن يمر بين يدي المصلي -سواءٌ أكان إماماً أم منفرداً- فإنه شيطان، وقال أبو سعيد : إنه لا يقطع الصلاة شيء. ثم إن أبا داود -رحمه الله- أتى بجملة من الكلام فيما يتعلق بشأن تعارض الأحاديث في قطع الصلاة، فقد جاءت أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الصلاة يقطعها المرأة والحمار والكلب الأسود، وجاءت أحاديث بأنه لا يقطعها شيء، فقال: [إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني اختلفا وتعارضا- نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده]. وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرهم على أن الصلاة لا يقطعها شيء، كما حكى ذلك الترمذي وغيره.
تراجم رجال إسناد حديث (... ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مجالد حدثنا أبو الوداك قال: مر شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري ]. قد مر ذكر الثلاثة."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #184  
قديم 15-12-2022, 11:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [098]
الحلقة (126)

شرح سنن أبي داود [095]

من الأحكام العملية المتعلقة بالصلاة رفع اليدين إلى الأذنين أو إلى المنكبين فيها، وهو ثابت بجملة من النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وله مواطن في الصلاة يفعل فيها، ولذا ينبغي للمسلم أن يهتم بمعرفة هذا الحكم الشرعي وتطبيقه ليحوز الأجر والثواب من الله تعالى.

رفع اليدين في الصلاة



شرح حديث ( رأيت رسول الله إذا استفتح الصلاة رفع يديه ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أبواب تفريع استفتاح الصلاة. باب رفع اليدين في الصلاة. حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله سلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعدما يرفع رأسه من الركوع)وقال سفيان مرة: (وإذا رفع رأسه) وأكثر ما كان يقول: (وبعد ما يرفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة العامة، وهي [ أبواب تفريع استفتاح الصلاة ] ويقصد بذلك الأعمال التي تكون في أول الصلاة؛ لأنه سيأتي بعد ذلك تفريع أبواب الركوع والسجود. ومعنى ترجمة الباب أنه كأنه يريد استفتاح الصلاة، يعني الأعمال التي تكون في أول الصلاة وفي بداية الصلاة وفي الدخول في الصلاة، وما يتبع ذلك إلى حين الركوع والسجود. ثم أورد أبو داود رحمه الله أول هذه الأبواب، وهو [ باب رفع اليدين في الصلاة ]. ويعني بذلك عندما يريد المصلي أن يكبر أي تكبيرة أو يفعل غير التكبيرة؛ لأن الرفع من الركوع فيه تسميع وليس فيه تكبير، والمقصود من ذلك رفع اليدين حذو المنكبين أو إلى الأذنين، هذا المقصود برفع اليدين، والإمام البخاري رحمه الله ألف في ذلك جزءاً خاصاً سماه (جزء رفع اليدين) يعني: في الصلاة. وهو الذي يرمز له بحرف الياء. وهنا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أنه كان يرفع يديه في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. فأورد المصنف حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع يعني أنَّ هذه المواطن الثلاثة كان النبي عليه الصلاة والسلام يرفع فيها، ودل هذا على أن السنة هي رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع عندما يقول: (سمع الله لمن حمده). وقوله: [ ولا يرفع بين السجدتين ]. يعني به عندما يقوم من السجدة إلى الجلوس، فهذه الحالة ما كان يرفع بعدها.

تراجم رجال إسناد حديث ( رأيت رسول الله إذا استفتح الصلاة رفع يديه ... )


قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل ، الإمام المحدث الفقيه المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان هو ابن عيينة ، وقد مرَّ ذكره هو والزهري . [ عن سالم ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر ، وهو ثقة فقيه، وأحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وهم سالم بن عبد الله بن عمر ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، و أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . فهؤلاء الثلاثة اختلف في السابع منهم على ثلاثة أقوال. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم عبد الله بن عمر ، عبد الله بن عباس ، عبد الله بن الزبير ، عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المصفى الحمصي حدثنا بقية حدثنا الزبيدي عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكون حذو منكبيه، ثم كبر وهما كذلك، فيركع، ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه، ثم قال: سمع الله لمن حمده. ولا يرفع يديه في السجود، ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع حتى تنقضي صلاته) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله أنه يكبر في المواضع الثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. وهذا في جميع أحوال الصلاة، وتكبيرة الإحرام في أول الصلاة، والركوع والرفع في جميع ركعات الصلاة.

تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه ... )


قوله: [ حدثنا محمد بن المصفى الحمصي ]. محمد بن المصفى الحمصي صدوق له أوهام ، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة. [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا الزبيدي ]. هو محمد بن الوليد الزبيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر ]. قد مر ذكر هؤلاء جميعاً.

شرح حديث ( صليت مع رسول الله فكان إذا كبر رفع يديه ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي حدثنا عبد الوارث بن سعيد حدثنا محمد بن جحادة حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي. قال: فحدثني وائل بن علقمة عن أبي - وائل بن حجر - رضي الله عنه أنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فكان إذا كبر رفع يديه. قال: ثم التحف، ثم أخذ شماله بيمينه وأدخل يديه في ثوبه. قال: فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه، وإذا رفع رأسه من السجود -أيضاً- رفع يديه، حتى فرغ من صلاته). قال محمد : فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن فقال: هي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله من فعله وتركه من تركه. قال أبو داود : روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود ]. أورد أبو داود -رحمه الله- حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الذي قبله في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. ثم اختلف عنه صلى الله عليه وسلم في الرفع عند القيام من السجود بين السجدتين، فجاء في بعض الطرق أنه كان يرفع يديه ، وجاء في بعضها أنه كان لا يرفع يديه، وجاء في حديث ابن عمر المتقدم أنه كان لا يرفع يديه بين السجدتين. وقوله: [ ( كان إذا كبر رفع يديه. قال: ثم التحف ) ] معناه أنه كان في ثوب، فيلتحف به وتصير يداه داخله. قوله: [ قال محمد : فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن فقال: هي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله من فعله وتركه من تركه ]. يعني أنَّ هذا الذي ذكره في الحديث من الرفع في هذه المواطن هو صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث ( صليت مع رسول الله فكان إذا كبر رفع يديه )


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي ]. عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الوارث بن سعيد ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جحادة ]. محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر ]. عبد الجبار بن وائل بن حجر ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن . [ حدثني وائل بن علقمة ]. قال الحافظ ابن حجر : الصواب ( علقمة بن وائل ) . يعني أنَّ فيه قلباً وتقديماً وتأخيراً، وأن الصواب أنه علقمة بن وائل الذي هو أخوه، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه، و أما علقمة بن وائل فقد ذكر الحافظ في التقريب أنه لم يسمع من أبيه، ولكن الصحيح أنه سمع من أبيه، وجاء ذلك في صحيح مسلم ، وكذلك في غيره، فسماعه من أبيه ثابت، وكذلك ذكره الصنعاني في شرح بلوغ المرام عند زيادة (وبركاته) في السلام، فعند ذكر زيادتها ذكر سماع علقمة بن وائل من أبيه، أما عبد الجبار فالصحيح أنه لم يسمع من أبيه. و علقمة بن وائل صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي وائل بن حجر ]. هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. قوله: [ روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة ]. همام هو ابن يحيى العوذي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث وائل أنه أبصر النبي حين قام إلى الصلاة رفع يديه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه: (أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه ثم كبر) ]. أورد المصنف هنا حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام حتى تكونا حذاء منكبيه. والحديث فيه انقطاع، وذلك لأن عبد الجبار يروي عن أبيه وهو لم يسمع منه، ولكن ذلك ثابت في الرواية الأخرى التي مرت، وهي روايته عن أخيه علقمة بن وائل ، والحديث موافق لما جاء في حديث ابن عمر المتقدم.

تراجم رجال إسناد حديث وائل أنه أبصر النبي حين قام إلى الصلاة رفع يديه


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ]. عبد الرحيم بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن بن عبيد الله النخعي ]. الحسن بن عبيد الله النخعي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه ]. قد مر ذكرهما.
شرح حديث وائل أنه رأى رسول الله يرفع يديه مع التكبيرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - حدثنا المسعودي حدثني عبد الجبار بن وائل قال: حدثني أهل بيتي عن أبي رضي الله عنه أنه حدثهم (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبيرة) ]. أورد أبو داود هنا حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبيرة. والمقصود بذلك تكبيرة الإحرام، فهو مثل الذي قبله، فالحديث الذي قبل هذا فيه أنه كان يرفع حين يريد أن يكبر، أي: في الدخول للصلاة. والحديث فيه هؤلاء الذين أبهموا، وهم أهل بيته، ويمكن أن يكون المبهم أخاه علقمة بن وائل الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا. والحاصل أن رفع اليدين عند التكبير للدخول في الصلاة ثابت عن ابن عمر وعن وائل بن حجر وعن غيرهما، والحديث وإن كان فيه هذا الإبهام إلا أنه يمكن أن يكون المبهم أخاه علقمة بن وائل الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا أو يكون علقمة ممن أبهم. وعلى كل حال فالرفع عند تكبيرة الإحرام ثابت، سواءٌ صح هذا الإسناد أو لم يصح.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #185  
قديم 15-12-2022, 11:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث وائل أنه رأى رسول الله يرفع يديه مع التكبيرة

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد -يعني ابن زريع- ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المسعودي ]. هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الجبار بن وائل قال حدثني أهل بيتي عن أبي ]. قد مر ذكر عبد الجبار وأبيه.

شرح حديث ( لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم كيف يصلي. قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول هكذا -وحلق بشر الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة-) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث وائل بن حجر من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه في التكبير في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. قوله: : [ (قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه) ] فيه أن رفع اليدين إلى محاذاة الأذنين، ويشرع -كذلك- محاذاة المنكبين، وكل ذلك صحيح وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه. قوله: [ (ثم أخذ شماله بيمينه) ] معناه أنه لما كبر تكبيرة الإحرام وقد رفع يديه حذو أذنيه وضع اليمين على الشمال على صدره. قوله: [ (فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك)]. يعني أنه رفع يديه عند التكبير للركوع. قوله: [ (ثم وضع يديه على ركبتيه) ]. يعني: في حال ركوعه وضع يديه على ركبتيه وهو راكع. قوله: [ (فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك) ]. أي: رفع يديه مثل ذلك، يعني: مثل ما تقدم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع. قوله: [ (فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه) ]. يعني: بين يديه، فيد من جهة اليمين ويد من جهة الشمال والرأس بينهما. قوله: [ (ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى)]. معنى: [( ثم جلس )] أي: بين السجدتين [( فافترش رجله اليسرى )] يعني أنه جلس عليها وجعل إليته عليها، فلم يجلس على الأرض، وإنما جلس على رجله اليسرى التي افترشها، وهذا يسمى الافتراش، وهو يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، وكذلك في الصلاة الثنائية كالنوافل والجمعة والعيدين وغيرها، وأما التورك -وهو الجلوس على الورك- فإنه لا يكون إلا في الصلاة الرباعية أو الثلاثية، ويكون في التشهد الأخير، والصلاة الثلاثية هي المغرب، والرباعية الظهر والعصر والعشاء، فهذه الصلوات الأربع في التشهد الأخير منها يتورك، وهنا ذكر الافتراش لأنه بين السجدتين. قوله: [ (ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى) ]. يعني: في التشهد بين السجدتين يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى. قوله: [ (وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى) ]. حد المرفق هو طرفه. قوله: [ (وقبض ثنتين وحلق حلقةً) ]. معناه أنه قبض الخنصر والبنصر، وحلق بالإبهام مع الوسطى، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض الثلاثة بدون تحليق، فهذا ثابت وذاك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الذي ذكر إنما هو في التشهدين، وليس فيما بين السجدتين، فحال كونه بين السجدتين تكون اليدان على الفخذين. قوله: [ (وحلق حلقةً ورأيته يقول هكذا) ] يعني أنه كان يشير بالسبابة.

تراجم رجال إسناد حديث ( لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي ... )

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن مفضل ]. بشر بن مفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه هو كليب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء رفع اليدين وأصحاب السنن. [ عن وائل بن حجر ]. قد مر ذكره.

ذكر زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو الوليد حدثنا زائدة عن عاصم بن كليب بإسناده ومعناه، قال فيه: (ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد) وقال فيه: (ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب) ]. أورد أبو داود حديث وائل من طريق أخرى وفيه [ ( ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ) ]. ويعني بذلك أنه لما كبر وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، أي أن يده اليمنى تكون على ثلاثة أعضاء: على الساعد، وعلى الرسغ الذي هو المفصل، وعلى الكف، فتكون يده اليمنى جاءت على هذه المواطن الثلاثة، فلا يقلب يده، ولا يمسك الساعد، وإنما يضع اليمنى على الساعد والرسغ والكف. قوله: [ ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب ]. يعني أنهم كانوا يلتحفون بالثياب.

تراجم رجال إسناد زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا أبو الوليد ]. أبو الوليد هو الطيالسي هشام بن عبد الملك ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زائدة ]. هو زائدة بن قدامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. الملقي: [ عن عاصم بن كليب بإسناده ]. عاصم بن كليب وأبوه ووائل قد مر ذكرهم.

شرح حديث ( رأيت النبي حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه .... ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وآله سلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه. قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية) ]. هذا الحديث مثل الذي قبله، وقوله: [ عليهم برانس وأكسية ]. البرنس قطعة من الثياب متصلة بالثوب من خلفه يغطى بها الرأس، والأكسية يراد بها هنا الثياب التي رآهم يلتحفون بها من البرد. وقوله: [ (يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة) ] يعني به رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام. قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك ]. شريك هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ]. قد مر ذكر الثلاثة.

الأسئلة



الاختلاف في موضع رفع اليدين في الصلاة وحكمه

السؤال: هل الصحيح هو رفع اليدين إلى الأذنين عند مواضع رفعهما في الصلاة أم رفعهما إلى حذو المنكبين؟

الجواب: كل منهما ثابت، وهذا الاختلاف من اختلاف التنوع، فالاختلاف إذا وجد في مثل هذا فهو دال على التنوع، وكلا الأمرين ثابت، وللمصلي أن يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ لأن ذلك كله ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

نقل الإمام البخاري ولادة عبد الجبار بن وائل بعد وفاة أبيه

السؤال: ينقل عن الإمام البخاري أنه قال في التاريخ الكبير في ترجمة علقمة بن وائل : سمع أباه. وفي ترجمة عبد الجبار قال: ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر. فما صحة هذا القول؟

الجواب: هذا غير واضح؛ لأن عبد الجبار نفسه قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي. وكونه لا يعقل صلاة أبيه معناه أنه موجود في زمن أبيه.


حكم الانحناء لكبار السن


السؤال: اعتاد الناس في بعض البلاد الإسلامية على أنهم إذا رأوا أحداً من كبار السن فإنهم ينحنون له بما يشبه الركوع، ثم يجلس الواحد منهم إذا كان هذا الشيخ الكبير قائماً، ويعتبرون ذلك من الاحترام الواجب، وبعضهم -أيضاً- يسجد للسلطان، فما حكم هذا العمل؟

الجواب: كل هذه الأعمال لا تسوغ ولا تجوز وكلها حرام، ولا يجوز الانحناء لأحد إلا لله عز وجل، فالإنسان يصلي لله عز وجل بركوعه وسجوده، وأما فعل ذلك مع المخلوقين فذلك غير جائز، لا الانحناء، ولا السجود.

المراد بالميسر والأنصاب والأزلام

السؤال: ما المراد بالميسر والأنصاب والأزلام؟

الجواب: الأزلام جمع (زلم)، وهي سهام كانوا يضربونها ثم يستخرجون أحدها فإن كان فيه (افعل) فعل الضارب ما هو مقدم عليه، وإن كان فيه (لا تفعل) ترك ما هو مقدم عليه، وإن خرج الثالث فهو سهم ليس مكتوباً عليه شيء، فيعيد الضرب مرة أخرى. والأنصاب هي التي كان يذبحون عليها؛ لقوله تعالى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3]، والميسر هو القمار.

معنى قاعدة ( لا قياس في العبادات )


السؤال: ما المراد بقولهم: (لا قياس في العبادة)؟

الجواب: معناه أن العبادة يعول فيها على النصوص، فليس فيها قياس.

حكم سماع الرجل إذاعة الأخبار بصوت المرأة


السؤال: ما حكم سماع الأخبار التي تلقيها امرأة؟

الجواب: لا بأس به إذا لم يترتب على السماع فتنة، لكن لا يصلح أن تكون المرأة تلقي أخباراً في البلاد الإسلامية، وإن كان هذا قد وجد في بلاد الكفار، فإن احتاج الإنسان إلى أن يسمع الأخبار فله أن يسمع إذا لم يكن هناك افتتان بالصوت.


طالب العلم والدعوة إلى الله تعالى


السؤال: متى يكون طالب العلم أهلاً للدعوة؟ وما المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية)؟

الجواب: يكون الإنسان طالب العلم أهلاً للدعوة إذا كان متمكناً من الشيء الذي يدعو إليه، فالإنسان إذا كان غير متمكن وغير عالم بالذي يدعو إليه فقد يأمر بما هو منكر وينهى عما هو معروف، ولكن لا بد من أن يكون عالماً، أن يكون عنده علم وعند معرفة، فإذا أتقن شيئاً أو تحقق من شيء أو عرف أمراً من الأمور فإن له أن يدعو إلى هذا الذي عرفه وتحقق منه، ولا يُدخل نفسه في أمور أخرى لا يعرفها ولا يدركها ولا يعقلها، وإنما الشيء الذي أتقنه وعرفه يدعو إليه ويرشد إليه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فمعناه أن الإنسان لا يتساهل في شيء، بل الإنسان يبلغ ولو كان ما عنده إلا شيء يسير، فإنه يبلغ ما عنده، ولكن لا بد من التحقق بأن ما يدعو إليه هو على بصيرة فيه، كما قال الله عز وجل قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، فالشيء الذي لا يعرفه ولا يعقله يتركه، ولا يدخل نفسه في أمور لا يدركها ولا يعقلها، فإن ذلك يكون من القول على الله بغير علم.

الطاعنون في تنصيف دية المرأة

السؤال: ظهر في بعض البلدان الإسلامية أناس يقولون إن القول بأن دية المرأة نصف دية الرجل غير صحيح، وإن الأحاديث في ذلك غير صحيحة. فما رأيكم؟

الجواب: هذا كلام غير صحيح، وهذا القول الذي يقوله هؤلاء هو من التخبط، والعلماء -رحمهم الله- المشهور عنهم أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وقد جاء في ذلك بعض الأحاديث، وأظن أنَّ المسألة فيها إجماع، وقد ذكر ابن القيم أن المرأة على النصف من الرجل في خمسة أشياء: في الدية، وفي الشهادة، وفي العقيقة، وفي العتق، وفي الميراث.

الجمع بين كون ترك ابن عباس الأتان ترتع ودخوله الصلاة حصل في منى وكونه حصل في عرفة


السؤال: ورد في سنن أبي داود أن ابن عباس ترك الأتان وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في منى، وفي رواية النسائي أنه كان يصلي بعرفة، فما هو الجمع بينهما؟

الجواب: يمكن أن تكونا قصتين، أو تكون واحدة، وهذا هو الأرجح، والأرجح أنه كان في منى، وفي بعض الروايات أنه كان ذلك في يوم النحر، ويوم النحر إنما هو في منى.

توجيه ترك أبي داود إخراج حديث صلاته صلى الله عليه وسلم في منى إلى غير جدار


السؤال: ما هو توجيه فعل أبي داود في ترك إخراج حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام صلى في منى إلى غير جدار، مع أن أبا داود من منهجه في كتابه أن يسوق أدلة الفريقين؟ وما التوجيه لهذا الحديث؟

الجواب: كون المؤلف يلتزم بأن يورد كل حديث هذا ليس من شأن المصنفين، فليس من شأن أبي داود ولا غيره، وليس المقصود أنهم يجمعون كل الأحاديث، وإنما يأتون بجملة من الأحاديث، فالبخاري و مسلم لم يلتزما إخراج كل صحيح. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #186  
قديم 15-12-2022, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [096]
الحلقة (127)

شرح سنن أبي داود [096]


حرص الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم على معرفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حرصاً بالغاً، وروي عنهم عدة من الأحاديث في بيان صفتها، ومن جملة من حكى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أبو حميد الساعدي في حديث عظيم نقل فيه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً كثيراً من أركانها وواجباتها وسننها.

افتتاح الصلاة


شرح حديث ( أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب افتتاح الصلاة. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن شريك عن عاصم بن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب افتتاح الصلاة ]. والترجمة السابقة العامة هي [ تفريع أبواب استفتاح الصلاة ] والمقصود من ذلك هو بيان الأمور التي تتعلق بأول الصلاة، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك؛ لأنه يشمل ذلك ويشمل غيره، وسيأتي بعد هذه الترجمة تفريع أبواب الركوع والسجود، وقد اشتملت هذه التراجم التي أوردها أبو داود في تفريع أبواب استفتاح الصلاة على ما يتعلق بالركوع والسجود وغير ذلك، ولكن المقصود هو ما يكون في أول الصلاة، وقد يسوق الحديث وهو مشتمل على ذلك وعلى غيره، فلا يلزم أن يكون كل ما فيه مقصوراً على استفتاح الصلاة، لكن ما فيه مشتمل على استفتاح الصلاة، وقد يكون مع استفتاح الصلاة أشياء أخرى من أفعال الصلاة غير استفتاح الصلاة، فيكون تبعاً في هذه الترجمة. وقد أورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه أنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة). يعني أنهم عندما يكبرون تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه يحركون أيديهم ويرفعونها وهي داخل الثياب، والمقصود من ذلك أن الصلاة تفتتح بالتكبير ويكون التكبير على حسب الحال، سواء أكانت اليدان داخل الثياب أم خارج الثياب.
تراجم رجال إسناد حديث ( أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم)

قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري ، صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شريك ]. هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم بن كليب ]. هو عاصم بن كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن علقمة بن وائل ]. هو علقمة بن وائل بن حجر ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين و مسلم و أصحاب السنن. [ عن وائل بن حجر ] هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ، ح: وحدثنا مسدد حدثنا يحيى -وهذا حديث أحمد - قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر - أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي رضي الله عنه في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة رضي الله عنه، قال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم. قالوا: فلم؟! فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعةً ولا أقدمنا له صحبة. قال: بلى، قالوا: فاعرض. قال: (كان رسول الله صلى الله عليه و آله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ، ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع، ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده. ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر. ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد، ويسجد ثم يقول: الله أكبر. ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر. قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه و آله وسلم) ].
توجيه مدح أبي حميد الساعدي نفسه ودلالته

أورد أبو داود حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه كان في جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرهم عشرة أشخاص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا فيه جواز مدح الإنسان نفسه ليؤخذ عنه العلم وليحرص على أخذ ما عنده، هذا هو مقصود أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر مثل هذا الكلام، وأنهم يريدون أن يؤخذ ما عندهم، وأن يهتم بأخذ ما عندهم حتى يعرف الآخذون عنهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعملون بها، وفي ذلك تحقيق وتطبيق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (نضرَّ الله امرأً سمع مقالتي فوعاها و أداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه). فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم حريصين على الأخذ من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا -أيضاً- حريصين على أن يؤخذ عنهم العلم وأن تتلقى عنهم السنن، ويأتون بالكلام الذي يرغب في ذلك ويحفز الهمم على تلقي الحديث عنهم، كما فعل أبو حميد رضي الله عنه حيث قال: [ أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. يريد من ذلك أن يعتنى بأخذ ما عنده؛ لأنه يتحدث عن علم وعن بصيرة وعن معرفة تامة، حيث قال: [ أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فلم يكن من الحاضرين إلا أن قالوا: ولم ذلك؟ لست أكثرنا له صحبة ولا أكثرنا له اتباعاً. ثم قالوا: اعرض علينا ما عندك. فعرض عليهم صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقروا له بذلك، وقالوا: إن هذه هي كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح ألفاظ الحديث


قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه) ]. يعني: عند التكبير حال الدخول في الصلاة. قوله: [ (ثم يكبر) ]. يعني أنه عند هذه الهيئة يحصل منه التكبير وهو رافع يديه، وليس معنى ذلك أنه يرفع يديه ثم ينزلهما ثم يكبر، وإنما يكون التكبير مع رفع اليدين مصاحباً لهما، فيكبر تكبيرة الإحرام التي يكون بها تحريم الصلاة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). قوله: (حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ) ]. يعني أنه يكبر وقد رفع يديه ثم يضعهما حتى يقر كل عظم في موضعه، ثم يبدأ بالقراءة، فعندما يرفع ثم يضع يديه ويكون قد استقر كل عظم على ما هو عليه عند ذلك يبدأ بالقراءة. قوله: [ (ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه) ]. يعني أنه يقرأ الفاتحة وما تسير من القرآن، ثم بعد ذلك يرفع يديه ويكبر وهو يهوي إلى الركوع، فيكون معنى هذا أنه عند تكبيرة الإحرام يرفع يديه، وكذلك عند الركوع يرفع يديه. قوله: [ (ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه) ]. يعني: في حال ركوعه يضع راحتيه على ركبتيه. قوله: [ (ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع) ]. معنى: [ (ثم يعتدل) ] أي: في ركوعه [ (فلا يصب رأسه) ] يعني: لا يخفضه [ (ولا يقنع) ] أي: لا يرفعه. وقيل: إن ذلك -أيضاً- يأتي بمعنى الخفض، فتقنيع الرأس يطلق على الرفع وعلى الخفض، وأما قوله: [ (يصب رأسه) ] أو (يصوب رأسه) -كما جاء في بعض الألفاظ- فإن المقصود به الخفض، ومعنى ذلك أن رأسه مع امتداد ظهره ليس نازلاً ولا مرتفعاً، وإنما هو مع امتداد ظهره صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده. ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا) ]. أي أنه يرفع من الركوع ويقول: (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه مع ذلك عندما يقوم، فيكون بهذا جاء الرفع في ثلاثة مواضع: في تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه. قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر. ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه) ]. أي: أنه يكبر عند السجود، وقوله: (فيجافي يديه عن جنبيه) يعني: لا يلصقهما بجنبه، وإنما يجافيهما بحيث يكون معتمداً عليهما، ولا يكون معتمداً على فخذه، وإنما يعتمد على يديه مجافياً لهما عن فخذيه وعن جنبه. قوله: [ (ثم يرفع رأسه ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها) ]. هذا الذي يسمى الافتراش في الصلاة، يعني أنه يفترش رجله اليسرى، وافتراش الرجل اليسرى يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، أما التشهد الأخير ففيه تورك، وهو الجلوس على وركه وإخراج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى، ونصب قدمه اليمنى مستقبلاً بأصابعها القبلة.. قوله: [ (ويفتح أصابع رجليه إذا سجد) ]. يعني أنه يلينها إذا سجد، بحيث تكون أطرافها إلى القبلة. قوله: [ (ويسجد ثم يقول: الله أكبر. ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه) ]. معناه أنه يطمئن في جلوسه، ويعتدل في جلوسه، لا أنه يجلس ثم يترك الجلوس بسرعة، وإنما لا بد من الاطمئنان، فيطمئن جالسا. قوله: [ (ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك) ]. يعني بذلك السجود، أي: سجد في الأخرى مثل ذلك. قوله: [ (ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. هذا فيه الموضع الرابع من مواضع رفع اليدين في الصلاة، وهو عند القيام من التشهد الأول؛ لقوله: [ (ثم إذا قام من الركعتين) ] ومعناه: إذا قام التشهد الأول. قوله: [ (ثم يصنع ذلك في بقية صلاته) ]. أي: مثلما عمل فيما مضى يعمل في بقية صلاته كذلك. قوله: [ (حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر) ]. يعني بذلك الثلاثية أو الرباعية؛ لأنه ذكر أنه يقوم من الركعتين و يكبر. فالصلاة الثنائية كالفجر ليس فيها إلا الافتراش، وكذلك النوافل ليس فيها إلا الافتراش، ولكن الصلاة الرباعية أو الثلاثية التشهد الأول منها فيه افتراش والتشهد الأخير فيه تورك، فلهذا ذكر القيام من التشهد الأول، والقيام من الركعتين، وأنه يرفع يديه عندما يقوم، وأنه يفعل في صلاته مثلما فعل في الأول، ثم إذا قام من السجدة التي بعدها السلام في الثلاثية أو الرباعية فإنه يتورك، أي: يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى ويجعل وركه على الأرض، بخلاف ما مضى فإنه يفترش رجله ويجلس عليها، فلا يجلس على الأرض وإنما يجلس على رجله، أما التورك فهو الاعتماد بالورك على الأرض، والافتراش هو الجلوس على القدم مفترشاً لها، والتورك إنما يكون في الصلاة الثلاثية أو الرباعية في التشهد الأخير، كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي هذا. قوله: [ (حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر) ]. قوله: [ (أخر رجله اليسرى) ] معناه أنه قدمها، فبدلاً من أن يجلس عليها مثل التشهد الأول وما بين السجدتين أخرها إلى جهة اليسار بحيث تخرج من تحت ساقه، ويجلس على وركه معتمداً عليه. قوله: [ (قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم) ]. يعني: أقروا له بأن هذا الذي حكاه موافق للشيء الذي يعلمونه ويعرفونه من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فهذه الكيفية جاءت عن أبي حميد ، وكذلك أقره جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذه الكيفية هي كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أصحابه الكرام.

تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه ... )


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ]. أبو عاصم الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم النبيل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من كبار شيوخ البخاري ، ويروي عنه البخاري جملة من الثلاثيات؛ لأنه من أتباع التابعين. [ ح: وحدثنا مسدد ]. قوله: (ح) هو للتحول من إسناد إلى إسناد. ومسدد هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو ابن سعيد القطان البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وهذا حديث أحمد ]. يعني: هذا السياق حديث أحمد ، أي: في الإسناد الأول. قوله: [ قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر - ]. عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء ]. محمد بن عمرو بن عطاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أبا حميد الساعدي هو عبد الرحمن بن سعد بن المنذر رضي الله تعالى عنه، وقد اختلف في اسمه, أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ( ... فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد -يعني ابن أبي حبيب - عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري أنه قال: كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فتذاكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقال: أبو حميد رضي الله عنه... فذكر بعض هذا الحديث وقال (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه، ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده، وقال: فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه أخصر مما تقدم. قوله: [ (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه) ] يعني أنَّه وضع كفيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه. قوله: [ (ثم هصر ظهره) ]. يعني أنه خفضه حتى يكون مساوياً لرأسه. قوله: [ (غير مقنع رأسه) ] يعني: غير رافع له، ولفظ (مقنع) يصلح للرفع وللخفض؛ لأنه من المشترك المتضاد. [ (ولا صافح بخده) ] معناه أنه غير مبين لصفحته، والمراد أن رأسه مستقيم ليس مائلاً بحيث تكون صفحة منه نازلة وصفحة مرتفعة. قوله: [ وقال: (فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى) ]. يعني: في التشهد الأول، أي: جلس مفترشاً. قوله: [ (فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة) ]. يعني الركعة الرابعة، فإنه يفضي بقدمه اليسرى إلى جهة يمينه ويعتمد على وركه، وتصير الرجلان كلتاهما من جهة اليمين، فاليمنى هي في الأصل من جهة اليمين، واليسرى -أيضاً- صارت من جهة اليمين؛ لأنها خرجت من تحت الساق اليمنى؛ لأنه إذا كان جالساً عليها صارت تحته، ولكن إذا جلس على وركه أخرها إلى جهة اليمين حتى تخرج من تحت الساق اليمنى.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعيه ... )


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن لهيعة ] هو ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق اختلط لما احترقت كتبه ، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة. أما النسائي فما كان يحدث عنه. وقد روى عنه قتيبة بن سعيد ، وقتيبة كان من المعمرين فأدركه إدراكاً بيناً، وذكر الشيخ الألباني في السلسلة أن قتيبة روى عن ابن لهيعة قبل الاختلاط. فعلى هذا تكون رواية ابن لهيعة هنا ليس فيها شيء. [ عن يزيد -يعني ابن أبي حبيب - ]. يزيد بن أبي حبيب ثقة يرسل ويدلس، وحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو بن حلحلة ]. محمد بن عمرو بن حلحلة ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن محمد بن عمرو العامري ]. محمد بن عمرو العامري هو محمد بن عمرو بن عطاء الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا عن أبي حميد .

شرح حديث ( ... فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما .... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن محمد القرشي و يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء نحو هذا، قال: (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة) ]. أورد هنا حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أنه ذكره مختصراً. قوله: [ (إذا سجد وضع يديه غير مفترش) ]. يعني: (وضع يديه) على الأرض معتمداً عليهما غير مفترش لهما، بمعنى أنه لا يفرشهما على الأرض مثل افتراش الكلب الذي جاء النهي عنه، فالمصلي لا يفترش يديه، وإنما يضعهما على الأرض معتمداً عليهما مع مجافاتهما عن جنبيه بحيث يكون معتمداً عليهما. قوله: [ (ولا قابضهما) ]. يعني: ليس مفترشاً ولا قابضاً لهما، ويمكن أن يكون المراد بالقبض أنَّه يقبض يديه بدلاً من أن يبسطهما، أو أنه يقبضهما إلى جنبه. فعلى الساجد أن يجافي بينهما وبين جنبيه، بحيث يكون معتمداً عليهما، أي: معتمداً على الكفين لا على الكفين والذراعين، وهي هيئة افتراش الكلب. قوله: [ (واستقبل بأطراف أصابعه القبلة) ]. يعني أصابع اليدين، فعند سجوده تكون أطرافهما مستقبلة القبلة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #187  
قديم 15-12-2022, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما ... )

قوله: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري ]. عيسى بن إبراهيم المصري ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الليث بن سعد ]. هو الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن محمد القرشي ]. يزيد بن محمد القرشي ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي. [ و يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء ]. قد مر ذكرهم جميعاً.

شرح حديث ( ثم رفع رأسه .... فقال سمع الله لمن حمده )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم حدثنا أبو بدر حدثني زهير أبو خيثمة حدثنا الحسن بن الحر حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس -أو عياش بن سهل الساعدي - أنه كان في مجلس فيه أبوه -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- وفي المجلس أبو هريرة و أبو حميد الساعدي و أبو أسيد بهذا الخبر يزيد أو ينقص، قال فيه: (ثم رفع رأسه -يعني: من الركوع- فقال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد. ورفع يديه ثم قال: الله أكبر. فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد، ثم كبر فجلس فتورك ونصب قدمه الأخرى، ثم كبر فسجد، ثم كبر فقام ولم يتورك) ثم ساق الحديث، قال: (ثم جلس بعد الركعتين، حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبيرة، ثم ركع الركعتين الأخريين) ولم يذكر التورك في التشهد ]. قوله: [ بهذا الخبر ] يعني: عن أبي حميد . قوله: [ عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي ]. يعني أن محمد بن عمرو بن عطاء بينه وبين أبي حميد في هذا الإسناد واسطة، وأما في الأحاديث التي مرت فكان يروي عن أبي حميد ، بل إنه صرح بالسماع منه فقال: سمعت أبا حميد الساعدي يحدث. وعلى هذا فهذه الواسطة التي ذكرت هنا إما أن تكون من المزيد في متصل الأسانيد، وإما أن يكون محمد بن عمرو بن عطاء رواه بواسطة وبغير واسطة. ويمكن أن يكون حصله أولاً نازلاً ثم ظفر به عالياً، وهذا إذا لم يكن من المزيد في متصل الأسانيد، وأما إذا كان من المزيد في متصل الأسانيد فمعناه أن محمد بن عمرو بن عطاء يروي عن أبي حميد مباشرة، وتكون تلك الزيادة وهماً، وهي التي هي يسمونها (المزيد في متصل الأسانيد) فيحتمل هذا ويحتمل هذا، يحتمل أن يكون من المزيد ويحتمل أن يكون مما حصله نازلاً أولاً ثم ظفر به عالياً. [ (ثم رفع رأسه -يعني من الركوع- وقال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد) ] المراد بذلك التسميع والتحميد. قوله: [ (ورفع يديه ثم قال الله أكبر. فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد) ]. أي أنَّه اعتمد على ستة أعضاء، ومع ذلك العضو السابع الذي هو الجبهة والأنف. قوله: [ ( ثم كبر فجلس وتورك ) ] معناه أنه بين السجدتين تورك، وهذا يخالف الروايات السابقة التي فيها الافتراش، وليس التورك، وأن التورك إنما يكون في التشهد الأخير كما مر في الرواية السابقة حيث قال: (فلما كان من السجدة الرابعة أخر رجله اليسرى وجلس على وركه) فهذا مخالف لما تقدم من الروايات التي فيها أنه بين السجدتين يفترش ولا يتورك. قوله: [ (ثم كبر فسجد) ]. أي: السجدة الثانية. وقوله: [ (ثم كبر وقام ولم يتورك) ] معناه أنه ما جلس، لكن جاء في بعض الأحاديث الجلسة التي يسمونها جلسة الاستراحة، وهي بعد الوتر في الصلاة، بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى أو الثالثة، فقوله: [ (ولم يتورك) ] يعني جلسة الاستراحة بعد السجود، يعني أنه قام ولم يتورك إذا كان يقصد الاستراحة؛ لأنه لا يزال في الركعة الأولى، ومن المعلوم أنه ليس هناك في الأولى إلا جلسة الاستراحة، والتشهد لم يذكر بعد. قوله: [ (ثم جلس بعد الركعتين) ] يعني التشهد الأول. قوله: [ (حتى إذا هو أراد أن ينهض إلى القيام قام بتكبيرة) ] يعني أنه يقوم من التشهد الأول مكبراً، ويرفع يديه كما سبق أن مر بنا. قوله: [ (ثم ركع الركعتين الأخريين) ولم يذكر التورك في التشهد ]. لعله يعني التشهد الأخير، وكذلك في التشهد الأول ما ذكر شيئاً فيما مضى، ولكن التورك ثابت في التشهد الأخير، والافتراش في التشهد الأول وبين السجدتين.

تراجم رجال إسناد حديث ( ثم رفع رأسه ... فقال سمع الله لمن حمده )


قوله: [ حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم ]. علي بن الحسين بن إبراهيم صدوق، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . : [ حدثنا أبو بدر ]. هو شجاع بن الوليد السكوني ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني زهير أبي خيثمة ]. هو زهير بن معاوية أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الحسن بن الحر ]. الحسن بن الحر ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك ]. عيسى بن عبد الله بن مالك مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك ]. امحمد بن عمرو بن عطاء مر ذكره. [ عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي ]. هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . والحديث فيه عيسى بن عبد الله ، وهو مقبول، ففي حديثه ما وافق الروايات السابقة وله شواهد، وما كان مخالفاً لها لا يعول عليه، مثل ذكر التورك بين السجدتين.

شرح حديث ( ... ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الملك بن عمرو أخبرني فليح حدثني عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد و أبو أسيد و سهل بن سعد و محمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم. فذكر بعض هذا، قال: (ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتر يديه فتجافى عن جنبيه. قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه، ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه، حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه). قال أبو داود : روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل لم يذكر التورك، وذكر نحو حديث فليح ، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. قوله: [ (وضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما) ] يعني: كأنه ممسك بهما. قوله: [ (ووتر يديه فتجافى عن جنبي)]. يعني: جعلهما كالوتر فيه ميلان، أي: لم يكن ملصقاً إياهما على بطنه أو على فخذيه، وإنما كان مجافياً لهما عن ذلك. قوله: [ (ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه) ]. يعني: اعتمد على يديه وجافى بين يديه وجنبيه فلم يعتمد على فخذيه، وإنما اعتمد على يديه مجافياً لهما عن جنبيه. قوله: [ (ووضع كفيه حذو منكبيه) ]. يعني: في السجود. قوله: [ (ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه) ]. يعني أنه رفع رأسه من السجود وجلس بين السجدتين حتى استقر واعتدل واطمأن. قوله: [ (حتى فرغ ثم جلس فافترش رجله اليسرى) ]. يعني: حتى فرغ من الركعتين أو من الصلاة إذا كانت ثنائية كالفجر وكالسنن. قوله: [ (ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى) ]. يعني أنه جعل صدر رجله اليمنى إلى القبلة بحيث جعل أصابعها إلى القبلة. قوله: [ (وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه) ]. أي: وضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى، واليمنى على الفخذ اليمنى، وأشار بأصبعه، يعني: في التشهد.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ... )


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن حنبل مر ذكره . [ حدثنا عبد الملك بن عمرو ]. هو أبو عامر العقدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني فليح ] هو فليح بن سليمان ، وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عباس بن سهل ]. عباس بن سهل قد مر ذكره.

الرواة المخالفون لمن روى التورك في الجلوس بين السجدتين وتراجمهم


[ قال أبو داود : روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل لم يذكر التورك ، وذكر نحو حديث فليح ، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. قوله: [ روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم ] . عتبة بن أبي حكيم صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عيسى ]. هو ذاك الأول عيسى بن عبد الله بن مالك ، قال ابن حجر في ترجمته: عيسى بن عبد الله وقيل فيه: عبد الله بن عيسى ، ففي اسمه تقديم وتأخير. [ عن العباس بن سهل ] . مر ذكره. قوله: [ لم يذكر التورك ]. التورك -كما هو معلوم- هو في التشهد الأخير، لكن في الرواية السابقة التي فيها ذلك المقبول ذكر التورك بين السجدتين، لكن هنا ما ذكر التورك، بل ذكر الافتراش. قوله: [ وذكر نحو حديث فليح ]. وهو الحديث الذي بين أيدينا الذي فيه ذكر الافتراش. قوله: [ وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. الحسن بن الحر مر ذكره. وقوله: [ نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. عتبة بن أبي حكيم صدوق يخطئ كثيراً.
شرح حديث ( ... وإذا سجد فرج بين فخذيه ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثني عتبة حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد رضي الله عنه بهذا الحديث قال: (وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه) ]. قوله: [ (غير حامل بطنه على شيء من فخذيه) ]. معناه أنه يجافي بطنه عن فخذيه، بحيث لا يكون معتمداً ببطنه على فخذيه، وإنما يكون معتمداً ساجداً على ركبتيه ومجافياً بطنه عن فخذيه، بحيث يكون الاعتماد على الركبتين واليدين، ولا تكون اليدان ملصقتين بالفخذين، ولا يكون البطن -أيضاً- معتمداً على الفخذين.
تراجم رجال إسناد حديث ( .... وإذا سجد فرج بين فخذيه .... )

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ]. هو عمرو بن عثمان الحمصي ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [ حدثنا بقية ] هو بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني عتبة حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد ]. هؤلاء جميعاً قد مر ذكرهم. [ قال أبو داود : رواه ابن المبارك : حدثنا فليح سمعت عباس بن سهل يحدث فلم أحفظه، فحدثنيه -أراه ذكر عيسى بن عبد الله - أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد الساعدي ... بهذا الحديث. قوله: [ رواه ابن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا فليح سمعت عباس بن سهل ]. مر ذكرهما. [ فحدثنيه -أراه ذكر عيسى بن عبد الله - ]. عيسى بن عبد الله مر ذكره كذلك. [ أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد ]. قد مر ذكرهما.
الأسئلة



اتخاذ المصلي المسبوق السترة بعد سلام الإمام


السؤال: هل على المصلي المسبوق بعد سلام الإمام أن يقرب إلى الجدار أو شيء غيره سترةً له؟

الجواب: نعم له ذلك، فإذا كان المكان قريباً وقرب فلا بأس بذلك.

حكم الاستتار في الصلاة بالجالس


السؤال: هل يجوز لأحد أن يجعل الشخص الجالس أمامه سترة له؟

الجواب: يمكن؛ لأن الصف الثاني سترتهم الصف الأول، وإذا ذهب الجالس يبقى بدون سترة.

النيابة في الحج عمن ليس عنده قدرة مالية

السؤال: والديّ ليس عندهما قدرة مالية على الحج والعمرة، فهل يجوز لي أن أعتمر عنهما أو أحج؟

الجواب: الحي لا يحج عنه إلا في إحدى حالتين: أن يكون هرماً كبيراً لا يستطيع السفر والركوب، الثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه. فهذان هما اللذان يحج عنهما ويعتمر، وإذا كانا غير قادرين وأنت غير قادر فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإذا يسر الله لهما القدرة المالية فعليهما أن يؤديا ما فرضه الله تعالى عليهما.

معنى الظلم في قوله تعالى (وقد خاب من حمل ظلماً)


السؤال: ما المقصود بالظلم في قول الله جل وعلا: وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا [طه:111] هل هو الشرك أم الظلم عامة؟

الجواب: الشرك لا شك في أنه أبلغ الظلم وأبطل الباطل، وكذلك الظلم خطير، أعني ظلم الناس، فيبدو -والله أعلم- أنه يشمل الظلم الأكبر، ولكن الخيبة العظيمة التي ليس وراءها سلامة هي دخول النار والخلود فيها، وهذا لا يكون إلا للكفار، وأما غيرهم فإنهم إذا عوقبوا على ظلمهم وعلى ما حصل منهم فإنهم لا بد من أن يخرجوا ويدخلوا الجنة.

حكم تقبيل يد الوالد ووضعها على الجبين


السؤال: جرت العادة في بعض البلاد الإسلامية بأن يقبل الابن يد أبيه أو أمه ثم يضعها على جبينه، فما الحكم؟

الجواب: تقبيل اليد ووضعها على الجبين لا نعلم له أصلاً، فلا يفعل.

ضابط الحكم باستحلال المعصية

السؤال: الاستحلال الذي يعد به العاصي مستحلاً للمعصية هل هو بمجرد الدعوة إليها أو بالمجاهرة بها؟

الجواب: المجاهرة ليس فيها استحلال، فإذا كان الإنسان يجاهر بالمعصية فلا يقال: إنه مستحل لها. ولكن الاستحلال هو كونه يقول: إنها حلال ليس فيها مانع. أما مجرد كونه يفعل الشيء وهو لم يصدر منه أو يسمع منه ما يدل على استحلاله فلا يعتبر مستحلاً؛ لأن المجاهرة ليست استحلالاً، ولكن المجاهرة زيادة في المعصية، وزيادة في قلة الحياء وقلة المبالاة. وكذلك لو دعا إلى هذه المعصية وهو غير مستحل لها، وإنما أعجبه ذلك الأمر المحرم ودعا غيره إليه، فلا يقال: إن هذا استحلال. وإنما هو ذنب، اللهم إلا إذا قال: هذا حلال ليس به بأس، فافعلوه فإنه لا بأس به. فهذا هو الاستحلال.

حكم قول طالب العلم (الله أعلم) مع علمه بالمسألة


السؤال: إذا سئل طالب العلم عن مسألة وكان عنده علم بها فكتمها وقال: (الله أعلم) مع علمه أن المسألة المسئول عنها غير متعينة عليه، وذلك لوجود من هو أعلم منه، أو أن السائل إنما يسأل من باب زيادة المعلومات، فهل يدخل في الوعيد على من كتم العلم؟

الجواب: كون طالب العلم يحيل إلى غيره لا بأس به، وإذا كان قد احتيج إليه والأمر متعين عليه فلا يجوز له ذلك، وأما إذا كان يوجد من يقوم بالفتوى وأراد طالب العلم أن يكون في عافية فلا بأس بذلك، ما دام أن هناك من يتحمل عنه ومن يقوم بذلك عنه، أما إذا تعين عليه فليس له أن لا يجيب. فإذا كان عنده علم وقال: (الله أعلم) فقد قال كلمة صحيحة، لكن كلمة (لا أدري) هي التي لا تكون مستقيمة إذا كان يدري، ولكن قوله: (الله أعلم) هو جواب صحيح؛ لأنه وإن كان عنده علم فالله أعلم، ولكن كونه يقول لغيره: اذهب إلى فلان واسأله حين يتعين عليه لا يجوز له.

معنى تشدد أئمة الحديث في أحاديث الأحكام وتساهلهم في أحاديث الترغيب والترهيب


السؤال: ما معنى قول بعض الأئمة المتقدمين من علماء الحديث: إذا تكلمنا في الحلال والحرام شددنا في الأسانيد، فإذا كان الترغيب والترهيب تساهلنا. ومعلوم أنه يحتج بالحسن لغيره في الأحكام، فهل يعني هذا أنهم يذكرون في الترغيب والترهيب ما دون مرتبة الحسن لغيره من الأحاديث الضعيفة؟

الجواب: الذي يبدو ويظهر أن الأحاديث الضعيفة لا يعول عليها في ترغيب ولا في غيره؛ لأن التعويل عليها معناه إقرار بإضافة الشيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لم يثبت، والإمام مسلم رحمه الله في المقدمة ذكر أن الأحاديث الضعيفة لا يعول عليها في الترغيب ولا في الترهيب ولا في غير ذلك، وإنما يعول على ما يصح وما يثبت في جميع هذه الأشياء، ومن ذلك الترغيب والترهيب، فالعمل بها على اعتبار أن هذه سنة جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز، أما إذا كان الحكم ثابتاً بنص آخر وجاء الحديث الضعيف شاهداً أو موافقاً لشيء قد صح فالعبرة بما صح، ويكون الحديث الضعيف قد وافق ما هو صحيح، فيكون له أصل، لكن ليس التعويل عليه. مثل صلاة الجماعة، فالأحاديث التي دلت على وجوبها كثيرة وصحيحة، وجاءت أحاديث ضعيفة تدل على وجوب الجماعة، فهناك أصل لهذا الضعيف والمعول على الحديث الصحيح، أما إذا كان الحديث ما وجد إلا من طريق ضعيف، مثل صلاة الرغائب أو تخصيص أول جمعة من رجب ببعض الأفعال التعبدية، فإنها ما جاءت إلا من طريق ضعيف، فهذه لا يعمل بها ولا يجوز العمل بها لأن إضافة ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معناها إضافة شيء غير ثابت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعمل به على أنه جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو لم يثبت عنه. ولعل المقصود بالجملة المنقولة عن السلف أن مسألة الحرام والحلال كانوا يعتنون بها؛ لأنه يترتب عليها تحليل فروج وتحريم فروج، وإحلال شيء وتحريم شيء وما إلى ذلك، بخلاف أحاديث الترغيب والترهيب، فإنهم لا يولونها من العناية مثلما يولون تلك التي يترتب عليها تحليل وتحريم، لكن لا يعني ذلك أنهم يستجيزون العمل بحديث ضعيف لم يأت موضوعه الذي دل عليه الحديث إلا من ذلك الطريق الضعيف."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #188  
قديم 15-12-2022, 11:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [097]
الحلقة (128)


شرح سنن أبي داود [097]


في الصلاة أحكام عظيمة مهمة ينبغي للمسلم العناية بها، ومن تلك الأحكام ما يتعلق بموضع الاعتماد حال النهوض من السجدة الثانية إلى الركعة الأخرى، ومنها ما يتعلق برفع اليدين إلى الأذنين أو إلى المنكبين ومواطنه في الصلاة، وغير ذلك من الأحكام العملية التي لا يليق بمسلم جهلها.

تابع افتتاح الصلاة



شرح حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه، قال: فلما سجد وضع جبهته بين كفيه، وجافى عن إبطيه) قال حجاج : وقال همام : وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما -وأكبر علمي أنه حديث محمد بن جحادة - (وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه) ]. يذكر المصنف رحمه الله تعالى تحت ترجمة افتتاح الصلاة في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه ما يتعلق ببيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يقول فيما حدث به من حديثه: [ (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه) ] أي أنه قدم ركبتيه على يديه حين سجوده، وحديث وائل بن حجر رضي الله عنه يدل على تقديم الركبتين، وقال به جماعة من أهل العلم، وقال جماعة منهم بتقديم اليدين على الركبتين أخذاً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) فمن أهل العلم من رجح حديث وائل بن حجر ، ومنهم من رجح حديث أبي هريرة فقدم اليدين على الركبتين. والذين قالوا بتقديم الركبتين على اليدين قالوا: إن حديث أبي هريرة فيه قلب. وقد ذكر ذلك ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) قال: والأصل أن يكون: وليضع ركبتيه قبل يديه. فحصل القلب بالتقديم والتأخير. والعلماء -كما ذكرت- اختلفوا فمنهم من صحح أو قوى حديث أبي هريرة وهو فيه كلام، ومنهم من قوى حديث وائل بن حجر -وفيه كلام- فقدم الركبتين على اليدين. وقوله في هذه الرواية: [ (وقعتا ركبتاه) ] هذا فيه جمع بين الضمير والاسم الظاهر، مع أن الأصل أن لا يذكر الضمير مع الاسم الظاهر، بل الصواب المعروف (وقعت ركبتاه) لكن هذه الصيغة هي لغة مشهورة، وهي التي يسمونها لغة (أكلوني البرغيث) وقد جاء مثالها في القرآن وكذلك في السنة، فمما جاء في القرآن: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء:3] ففيه الاسم الظاهر الذي هو (الَّذِينَ) وفيه الضمير الذي هو الواو في قوله: (وَأَسَرُّوا)، وفي الحديث: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار). قال: [ (فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن أبطيه) ]. قوله: [ (بين كفيه) ] معناه أن رأسه بين كفيه، فلم تكن يداه تحت رأسه ولا كان مباعداً لهما، ولا كان مفترشاً، وإنما وضع جبهته أو رأسه بين كفيه وجافى بين عضديه، بمعنى أنه لم يلصق عضده بجنبه ولم يعتمد على فخذيه بمرفقيه، بل اعتمد على يديه وعلى ركبتيه وعلى قدميه وعلى جبهته مع أنفه، فهذه الأعضاء السبعة مكنت من الأرض.

شرح حديث الاعتماد على الركبتين عند القيام


قوله: [ قال حجاج : وقال همام : وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا ]. أي: جاء الحديث من طريق أخرى مروياً عن عاصم بن كليب عن أبيه بمثل هذا اللفظ، وذكر أمراً آخر، وهو عند القيام من الركعة الثانية، فإنه يقوم معتمداً على ركبتيه وليس على يديه، وقال الراوي: يحتمل أن يكون هذا اللفظ من شقيق أو من محمد بن جحادة ، لكن أكبر علمي أنه من محمد بن جحادة . ولفظ هذا الحكم هو قوله: [ (وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه) ]. فهذا هو اللفظ الذي قال عنه: أكبر علمي أنه لفظ محمد بن جحادة . لأنه ذكر من طريقين: الطريق الأولى التي أسندها طريق محمد بن جحادة . والطريق الثانية التي علقها طريق شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه، فالحجاج بن منهال يروي عن همام عن شقيق ، و الحجاج بن منهال كذلك يروي عن همام عن محمد بن جحادة ، فهو قال: أكبر علمي أنه حديث محمد بن جحادة . يعني هذا اللفظ الذي هو كونه يقوم معتمداً على ركبتيه واضعاً يديه على فخذيه. وقوله: [ حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. أبوه هو كليب بن شهاب الجرمي الكوفي ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدركه. وعليه فإن الحديث الذي ليس فيه ذكر وائل بن حجر حديث مرسل.
تراجم رجال إسناد حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)

قوله: [ حدثنا محمد بن معمر ]. هو محمد بن معمر البحراني ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [ حدثنا حجاج بن منهال ]. حجاج بن منهال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. هو همام بن يحيى ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جحادة ]. محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الجبار بن وائل ]. عبد الجبار بن وائل ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في (جزء القراءة) و مسلم وأصحاب السنن. وهذا الحديث منقطع ليس بمتصل؛ لأن عبد الجبار لم يسمع من أبيه، ولكن الذي سمع منه علقمة . فهذا الحديث نفسه بهذا الطريق لا يصح، لكنه جاء من طريق أخرى متصلاً من غير طريق عبد الجبار .
تراجم رجال إسناد حديث الاعتماد على الركبتين عند القيام

قوله: [ قال حجاج : وقال همام : وحدثنا شقيق ]. شقيق هو أبو ليث ، وهو يروي عن عاصم بن كليب . [ حدثني عاصم بن كليب ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.

شرح حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يرفع إبهامه إلى شحمة أذنيه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن فطر عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهاميه في الصلاة إلى شحمة أذنيه) ]. أورد أبو داود حديث وائل بن حجر من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إبهاميه إلى شحمة أذنيه، وهذا موافق لما جاء في الأحاديث الأخرى أنه كان يرفع إلى أذنيه وكان يرفع إلى منكبيه، وكل ذلك ثابت. والذي ذكر هنا هو من طريق عبد الجبار بن وائل عن أبيه وفيه انقطاع، ولكنه موافق للأحاديث الأخرى التي فيها الرفع إلى الأذنين. ومعناه أن إبهامية تكونان عند شحمة الأذنين، وهي اللحمة الرقيقة المتدلية أسفل الأذن.

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهامه في الصلاة إلى شحمة أذنيه)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عبد الله بن داود ]. هو عبد الله بن داود الخريبي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن فطر ]. هو فطر بن خليفة ، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه ]. قد مر ذكرهما.

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه الرفع في المواضع الأربعة التي مرت في حديث أبي حميد الساعدي ، وهي عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، فهذه المواضع في حديث أبي هريرة قد جاءت في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنهما، وهو موافق لما تقدم. قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه) ]. يعني: رفعهما حتى حاذا المنكبين. وقوله: [ (وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك) ] يعني: إذا قام من الركوع ليسجد فعل مثل ذلك، وليس المقصود منه أنه قام للسجود، فالعبارة هذه معناها أنه قام من ركوعه ليسجد، والسجود -كما هو معلوم- ليس فيه قيام له، وإنما فيه نزول، فيكون معنى العبارة: وإذا قام من ركوعه ليسجد فعل مثل ذلك. فهو مطابق لحديث أبي حميد الساعدي المتقدم. الملقي: [ (وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك) ]. يعني: إذا قام من التشهد الأول، سواء أكانت الصلاة ثلاثية أم رباعية.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه)


قوله: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ]. عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثني أبي ]. أبوه شعيب كذلك ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن جدي ]. هو الليث بن سعد ،ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب ، صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ]. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ]. أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. والحديث ضعفه الألباني ، ولكن ابن القيم يقول: إنه على شرط مسلم . يعني أن هذا الحديث على شرط مسلم ، وذلك لأن الرواة كلهم خرج لهم الشيخان إلا عبد الملك و شعيباً فقد انفرد مسلم عن البخاري في إخراجه لهما.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #189  
قديم 15-12-2022, 11:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث صلاة ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما -وصلى بهم- يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع وحين يسجد وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحدا يصليها، فوصفت له هذه الإشارة فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير ]. أورد أبو داود حديث ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير -وصلى بهم- يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع، يعني: حين يقوم للصلاة. أي: حين يكبر في الدخول في الصلاة، وقوله: [ (وحين يركع) ] يعني: للركوع. قوله: [ (وحين يسجد، وحين ينهض للقيام) ] يعني: حين سجوده وحين نهوضه للقيام. قوله: [ (فيقوم فيشير بيديه) ]. معناه أنه يرفعهما. قوله: [ فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاةً لم أر أحداً يصليها. فوصفت له هذه الإشارة ]. معناه أنه أخبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بما رأى فأقره على ذلك وقال: إن سرك أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير . وهذا معناه أن الحديث عن ابن الزبير وعن ابن عباس ؛ لأن ابن عباس قال: إن هذه صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم. لكن الحديث في إسناده من هو ضعيف.

تراجم رجال إسناد حديث صلاة ابن الزبير

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن لهيعة ]. هو عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق، اختلط بعد احتراق كتبه، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي هبيرة ]. هو عبد الله بن هبيرة السبئي ، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. وقد ذكر في (عون المعبود) أن أبا هبيرة هو محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي الدمشقي القلساني ، قال ابن أبي حاتم : صدوق. ونحن نقول: إن أبا هبيرة هو عبد الله بن هبيرة السبئي ، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. وما ذكره صاحب عون المعبود ليس بصحيح؛ لأن محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي أبو هبيرة الدمشقي القلساني من الحادية عشرة، مات سنة ست وثمانين. [ عن ميمون المكي ]. ميمون المكي مجهول، أخرج له أبو داود . [ أنه رأى عبد الله بن الزبير ] هو عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عباس ، وأيضاً الحديث عن عبد الله بن عباس أيضاً، فيكون فيه اثنان من العبادلة.

شرح حديث رفع ابن عباس يديه بين السجدتين


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد و محمد بن أبان المعنى قالا: حدثنا النضر بن كثير -يعني السعدي - قال: صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه، فأنكرت ذلك فقلت لوهيب بن خالد فقال له وهيب بن خالد : تصنع شيئا لم أر أحداً يصنعه! فقال ابن طاوس : رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه. ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وآله سلم يصنعه ]. أورد أبو داود الحديث الذي فيه أن النضر بن كثير السعدي صلى إلى جنب عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف، قال: [ فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه ]. أي أنه إذا سجد السجدة الأولى ورفع منها يرفع اليدين وهو جالس بين السجدتين. قال: [ فأنكرت ذلك، فقلت لوهيب بن خالد فقال له وهيب بن خالد : تصنع شيئا لم أر أحدا يصنعه! ] يقوله لعبد الله بن طاوس . قال: [ فقال ابن طاوس : رأيت أبي يصنعه وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وآله سلم يصنعه ]. أي أنه شك في رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عبد الله بن طاوس حكى فعل أبيه، وكذلك أبوه حكى فعل عبد الله بن عباس ، وقال: [ ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه ] فَرَفْعُه غير مجزوم به.

تراجم رجال إسناد حديث رفع ابن عباس يديه بين السجدتين


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، وقد مر ذكره. [ و محمد بن أبان ] هو البلخي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ قالا: حدثنا النضر بن كثير ]. النضر بن كثير ضعيف، أخرج له أبو داود و النسائي . [ صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس ]. هو عبد الله بن طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبوه هو طاوس بن كيسان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و ابن عباس قد مر ذكره.
شرح حديث رفع اليدين في مواطنه الأربعة في الصلاة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ويرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال أبو داود : الصحيح قول ابن عمر ، ليس بمرفوع. قال أبو داود : وروى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده، ورواه الثقفي عن عبيد الله وأوقفه على ابن عمر ، وقال فيه: وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه. وهذا هو الصحيح. قال أبو داود : ورواه الليث بن سعد و مالك و أيوب و ابن جريج موقوفا، وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب ، ولم يذكر أيوب و مالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره الليث في حديثه، قال ابن جريج فيه: قلت لنافع : أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن؟ قال: لا، سواء. قلت: أشر لي. فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان إذا صلى رفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من الركعتين، أي: عند القيام من التشهد الأول. ثم ذكر أبو داود رحمه الله الكلام حول رفعه ووقفه على عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، لكن ابن عمر رضي الله عنه جاء عنه مرفوعاً في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، ولا يفعل ذلك في غير هذا، فكونه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ثابتاً في صحيح البخاري وصحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهذا الاختلاف الذي ذكره أبو داود لا يؤثر؛ لأن ذلك ثابت عنه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في صحيح البخاري وصحيح مسلم .

تراجم رجال إسناد حديث رفع اليدين في مواطنه الأربعة في الصلاة


قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عبد الأعلى ]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

رواة رفع الحديث ورواة وقفه وتراجمهم والألفاظ الواردة فيه


قوله: [ قال أبو داود : الصحيح قول ابن عمر ، ليس بمرفوع ]. يعني أن الصحيح أنه موقوف على ابن عمر ، فقوله: [ قول ابن عمر ] يعني أنه موقوف عليه، وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: [ قال أبو داود : وروى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده ]. بقية هو بقية بن الوليد ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. وقوله: [ ورواه الثقفي عن عبيد الله وأوقفه على ابن عمر ]. الثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وقال فيه: وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه. وهذا هو الصحيح ]. هذا الرفع دون المنكبين، ولكن الذي ثبت أنه إلى المنكبين أو إلى الأذنين. قوله: [ وهذا هو الصحيح ]. لعله يقصد وقفه؛ لأن الصحيح في رفع اليدين هو ثبوته إلى الأذنين وإلى المنكبين. قوله: [ قال أبو داود : ورواه الليث بن سعد و مالك و أيوب و ابن جريج موقوفا ]. الليث مر ذكره، و مالك هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المعروف، و أيوب هو أبو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و ابن جريج مر ذكره. قوله: [ وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. وقوله: [ ولم يذكر أيوب و مالك الرفع إذا قام من السجدتين ]. أي: لم يذكرا الموضع الرابع الذي هو الرفع إذا قام من السجدتين، وإنما ذكرا الثلاثة الأول. قوله: [ وذكره الليث في حديثه ]. يعني: ذكر الرفع عند القيام من السجدتين، والسجدتان هنا المقصود بهما الركعتان؛ لأن الركعة يطلق عليها لفظ (سجدة). وقوله: [ قال ابن جريج فيه: قلت لنافع : أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن؟ قال: لا، سواء. قلت: أشر لي. فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك ]. الثابت هو إلى المنكبين أو إلى الأذنين.
شرح حديث فعل ابن عمر في رفع اليدين في الصلاة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك. قال أبو داود : لم يذكر رفعهما دون ذلك أحد غير مالك فيما أعلم ]. أورد أبو داود هنا حديث ابن عمر من طريق أخرى، حيث ذكر نافع أن ابن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه. وقال: [ وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك ]. يعني أن هناك فرقاً في كيفية الرفع، وأنه في الأولى يكون أعلى وفي الثانية يكون أنزل. [ قال أبو داود : لم يذكر رفعهما دون ذلك أحد غير مالك ]. أي أن مالكاً هو الذي جاء عنه أن الرفع دون ذلك، أي: دون المنكبين.
تراجم رجال إسناد حديث فعل ابن عمر في رفع يديه في الصلاة

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك عن نافع عن ابن عمر ]. قد مر ذكرهم جميعاً."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #190  
قديم 15-12-2022, 11:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [098]
الحلقة (129)

شرح سنن أبي داود [098]


من جملة أحكام الصلاة رفع اليدين فيها حذو المنكبين أو إلى شحمة الأذنين، وذلك عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول في الصلاة الثلاثية والرباعية، وهذا الفعل هو من جملة سنن الصلاة الواردة في عدد من الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ذكر رفع اليدين عند القيام من التشهد الأول



شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين. حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن عبيد المحاربي قالا: حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين ] يعني: من الركعتين الأوليين. وذلك في الصلاة الثلاثية أو الرباعية إذا قام من التشهد الأول، فهذا هو المقصود بقوله: [ قام من الثنتين ] يعني: بعد الثنتين الأوليين، فعندما يقوم من التشهد الأول يرفع يديه، وهذا أحد المواضع الأربعة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حميد الساعدي المتقدم، وكذلك من حديث غيره. فقوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه) ] يعني أن هذا أحد المواضع الأربعة التي ترفع فيها الأيدي.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و محمد بن عبيد المحاربي ]. محمد بن عبيد المحاربي صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ قالا: حدثنا محمد بن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار ]. عاصم بن كليب مر ذكره، و محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. قد مر ذكره.

شرح حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن بن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر). قال أبو داود : في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو مثل الأحاديث المتقدمة في ذكر الأربعة المواضع التي ترفع فيها اليدان، وهي عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول. قوله: [ (ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد) ]. أي أنه لا يرفع بين السجدتين؛ لأن الذي بين السجدتين هو جلوس. وقوله: [ قال أبو داود : في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. أشار إلى أن هذا الذي في حديث علي بن أبي طالب هو -أيضاً- ثابت في حديث أبي حميد المتقدم.

تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ]. سليمان بن داود الهاشمي ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ]. عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم في المقدمة، وأصحاب السنن. و عبد الرحمن بن أبي الزناد هذا هو ابن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، وبه يكنى، فكنيته أبو عبد الرحمن ، وأما أبو الزناد فهو لقب له وليس بكنية، ولكنه على صيغة الكنية، وهو يكنى بابنه هذا، والرواية هنا في الإسناد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد. [ عن موسى بن عقبة ]. هو موسى بن عقبة المدني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ]. عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن الأعرج ]. الصحيح: عبد الرحمن الأعرج ، وهو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، فإما أن تكون (ابن) زائدة، أو أن اسم (هرمز) سقط بعد لفظة (ابن). [ عن عبيد الله بن أبي رافع ]. عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن أبي طالب ]. هو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يبلغ بهما فروع أذنيه) ]. أورد أبو داود حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، وفيه رفع اليدين في المواضع الثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع من الركوع. قوله: [ (حتى يبلغ بهما فروع أذنيه) ]. قيل: المقصود بالفروع الأعالي، وقيل: المقصود بها الأسافل، أي: الشحمتان.

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نصر بن عاصم ]. نصر بن عاصم ثقة، أخرج له البخاري في (رفع اليدين) و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن مالك بن الحويرث ]. هو مالك بن الحويرث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن معاذ حدثنا أبي، ح: وحدثنا موسى بن مروان حدثنا شعيب -يعني ابن إسحاق ، المعنى -عن عمران عن لاحق عن بشير بن نهيك أنه قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: لو كنت قدام النبي صلى الله عليه و آله وسلم لرأيت إبطيه. زاد ابن معاذ - عبيد الله بن معاذ - قال: يقول لاحق أبو مجلز : ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود - يعني: إذا كبر رفع يديه ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [ لو كنت قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه ]. يعني: عندما يرفع يديه إلى أذنيه عند التكبير لو كنت قدامه لرأيت إبطيه صلى الله عليه وسلم، والمقصود من ذلك أن المكبر يرفع يديه إلى محاذاة الأذنين. فهو يقول: [ لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه ] إشارة إلى رفعه اليدين. وقال أبو مجلز : [ ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ]. والمعنى أنه يستطيع ذلك في النفل، أي: أن يكون قدامه ويراه يصلي النافلة ويرفع يديه، وأما بالنسبة للفريضة وهو وراءه فلا يمكنه ذلك، ولكن الذي يمكنه في النافلة، بحيث يكون أمامه فيرى إبطيه صلى الله عليه وسلم. قوله: [ وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود - يعني: إذا كبر رفع يديه ]. أي: يرفع يديه حال التكبير، فأبو هريرة رضي الله عنه يخبر أنه لو كان أحدٌ أمامه لرأى إبطيه من رفعه ليديه صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الرفع إلى الأذنين وإلى المنكبين ثابت، كل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)


قوله: [ حدثنا ابن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و النسائي و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحدثنا موسى بن مروان ]. موسى بن مروان مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا شعيب - يعني: ابن إسحاق ]. شعيب بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن عمران ]. هو عمران بن حدير السدوسي، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن لاحق ]. هو لاحق بن حميد أبو مجلز ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بشير بن نهيك ]. بشير بن نهيك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره.

شرح حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله رضي الله عنه: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فكبر ورفع يديه، فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه. قال: فبلغ ذلك سعداً فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك على الركبتين-) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأورد كلام سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، ومعنى كلام سعد أن التطبيق كان موجوداً من قبل، وبعد ذلك نسخ بوضع اليدين على الركبتين، فابن مسعود رضي الله عنه حدث بالشيء الذي كان يعلمه، والذي كان من قبل ثم نسخ، ولهذا قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: [ صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك على الركبتين- ].

تراجم رجال إسناد حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. مر ذكره. [ حدثنا ابن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس الأودي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود ]. عاصم بن كليب مر ذكره، و عبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو علقمة بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال عبد الله ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
من لم يذكر الرفع عند الركوع


شرح حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم -يعني ابن كليب - عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم؟ قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة. قال أبو داود : هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع ] أي: لم يذكر رفع اليدين إلى محاذاة المنكبين أو الأذنين عندما يركع. لأنه ذكر الأحاديث التي فيها الرفع عند الركوع، وعند القيام من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، ثم أتى بهذه الترجمة، وهي: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع ]. أي أنه ورد في بعض الأحاديث عدم ذكر الرفع عند الركوع، ولكن ما دام أنه قد ثبت في الصحيحين وفي غيرهما الرفع عند الركوع فإن هذا هو الذي يعتمد، وهو الذي يعول عليه، ومن لم يذكر الرفع عند الركوع فقد ذكره غيره، فيعول على رواية من ذكر، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ولا يتعارض ما ورد من عدم ذكر الرفع مع ما ورد من ذكر الرفع؛ لأن أكثر ما في الأمر أن تكون بعض الروايات جاء فيها الرفع عند التكبيرة الأولى ولم يذكروا فيها شيئاً وراء ذلك، لكن قد جاءت الروايات الكثيرة بزيادة على الموضع الأول الذي هو عند تكبيرة الإحرام، وذلك عند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [ ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ] فرفع يديه في أول مرة. ثم قال أبو داود : [ وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ] وقد تكلم جماعة من أهل العلم في هذا الحديث، وبعض أهل العلم قال: إنه صحيح أو حسن. ولكن لا يعارض الأحاديث الكثيرة التي جاءت مثبتةً للرفع عند الركوع؛ لأن هذه فيها زيادة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، لاسيما أنَّ الروايات موجودة في الصحيحين وفي غيرهما.

تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم -يعني ابن كليب - ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن الأسود ]. عبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو علقمة بن قيس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال عبد الله بن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وإسناد هذا الحديث مستقيم، فأقل راوٍ فيه هو عاصم ، وهو صدوق، فيكون الحديث حسناً. وقد يقال: إن عبد الرحمن لم يسمع من علقمة. فالجواب أن عبد الرحمن ذكر عنه أنه أدخل على عائشة ، و علقمة يروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فمن أدرك عائشة رضي الله تعالى عنها أولى به أن يدرك علقمة . والحديث -فيما أظن- حسنه الشيخ الألباني . ولا يصح أن يعتبر شاذاً؛ إذ إنما أثبت موضعاً واحداً للرفع، والأحاديث الأخرى أثبتت ما زاد على ذلك، فليس هناك تعارض حتى بحكم بشذوذه. وأما قول أبي داود : [ وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ] فكأنه يعني أنه ليس بصحيح لمخالفته الأحاديث الأخرى، لكن المخالفة -كما أشرت- لا تؤثر؛ لأنه أثبت موضعاً، والأحاديث الأخرى جاءت وأثبتت عدة مواضع. ومما أجيب به عن فعل ابن مسعود أن هذا الذي حصل من ابن مسعود يمكن أن يكون من قبيل التطبيق الذي كان عرفه أولاً ثم لم يعلم نسخه، وكذلك ما ذكر هنا يكون من جنسه، أي أنه كان عرف هذا الموضع ولم يعرف غيره، فلا ينافي عدم ذكره مواضع أخرى، كما أن ذكره التطبيق لا ينافي الأحاديث الأخرى؛ لأن ذاك منسوخ والذي جاء بعده ناسخ، وهو وضع اليدين على الركبتين، وأما هذا فليس بنسخ، وإنما فيه ذكر موضع واحد، وجاءت أحاديث أخرى فذكرت مواضع أخر، فيؤخذ بهذا وبهذا.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 262.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 256.83 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]