جماليات يوم القيامة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إلى الدعاة المخلصين…لا تنازعوا فتفشلوا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 391109 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856618 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-10-2020, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,976
الدولة : Egypt
افتراضي جماليات يوم القيامة

جماليات يوم القيامة (1)
د. أكرم محمد زكي





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
أضع بين يدي القارئ مقالًا بعنوان (جماليات يوم القيامة)، أضع فيه الجانب الآخر ليوم القيامة، الجانب الذي يغفُل عنه الكثيرون، وهو جانب مرافقٌ لجانب الفزع، (الذي لا يخفى على الكثيرين، والذي يشفق منه السالكون، والذي يُحذِّر منه المنذِرون).

كثير منا يعلم أن يوم القيامة هو يوم عسير (وهو كذلك على الكافرين)، والكل يخاف من ذلك اليوم الذي يستحق بالفعل منا أن نخاف منه، لكن مع ذلك هناك جوانب مضيئة تشوقنا إلى ذلك اليوم، وأهمها هو لقاء الله، وتستحق منا هذه الجوانب أن نُلقي عليها بعض الأضواء.

﴿ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 5]، فمحبة لقاء الله هدف سامٍ، يسعى له المؤمن في حياته؛ ((مَن أحَبَّ لقاء الله، أحب الله لقاءه، ومَن كرِه لقاء الله، كره الله لقاءه))؛ البخاري.
﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41].

فهذه الحياة الدنيا أشبه بمستنقع من الظلم والاستعباد، وبيئة للجريمة وسفك الدماء، ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ [البقرة: 30]، وأشبه بغابةٍ موحشة لا أمان فيها، فيها من التعب والمرض، والنكد والضنك - ما الله به أعلم، ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]؛ أي: في تعب.

ويمكن أن نمثل حياتنا الدنيا كقاعةٍ فيها مجموعة من المجرمين عاثوا فيها فسادًا، وقتلوا وسلبوا واغتصبوا، وتمنى جميع مَن في القاعة وصول الشرطة، وإذا بالشرطة قد أحاطوا بالمبنى، ودخلوا من كل مكان، فعم الهدوء، ودخل السرور، وتم عقاب المجرمين، فهذا تمامًا ما سيحدث في ذلك اليوم:
فبعد كل هذا الفساد الذي عمَّ، والظلم الذي استشرى، جاء اليوم الذي لا ظُلم فيه[1].
وبعد كثرة الرِّشا والوساطات بغير حق، جاء اليوم الذي لا تُقبل فيه الوساطات والرِّشا [2].
وبعد أن كثُر الكذب في وسائل الإعلام، جاء اليوم الذي يكتم فيه على الأفواه[3].
وبعد أن سعى المفسدون في الأرض[4]، وأكثروا فيها الفساد[5]، جاء اليوم الذي لا فساد فيه.
وبعد أن تكلم في الدنيا مَن هو ليس أهلًا للكلام، جاء اليوم الذي لا أحد يتكلم إلا بإذن الواحد الأحد[6].
وبعد أن تلوَّثت البيئة بمخلفات البشر، جاء اليوم الذي الذي لا ترى فيه عوجًا ولا أَمْتًا[7].
وبعد أن عمَّ الظلام، جاء اليوم الذي أشرقت فيه الأرضُ بنور ربها[8].
وبعد أن قُضي بين الناس بغير الحق، جاء اليوم الذي يُقضَى فيه بينهم بالعدل[9].
وبعد أن تعالَتِ الأصوات والضجيج، جاء اليوم الذي خشَعَت فيه الأصوات للرحمن[10].

وعندما صُنف الناس في هذه الحياة على أساس العِرق واللون، والشكل والجنسية، جاء التفريق يوم القيامة على أساس الإيمان: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾ [السجدة: 18].

وعندما تفاضل الناس على متاعِ الحياة الدنيا؛ كالمال والجاه، والمنصب والشهادة، كان التفاضل في القيامة على أساس التقوى؛ ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].
وعندما حكم الملوك بغيرِ ما أنزل الله، جاء اليوم الذي لا مُلك فيه إلا للواحد الأحد[11].

وعندما ترى كيف يتعامَل الناس مع بعضهم البعض، وما فيه من بخس الحقوق، تتطلع إلى اليوم الذي أمره بيدِ الله وحده[12].
فكم من وعدٍ قد أُخلف، وكم من عهد قد نُقض، وكم من دمٍ قد سُفك، وكم من مسجد قد هُدم، وكم من نسل قد قُطع، وكم من حرث قد أُهلِك، وكم من دين قد ضُيِّع! فما أحوجنا إلى يوم الحساب، إلى يوم الفصل، إلى يوم الدين، إلى يوم الجمع، إلى اليوم الذي يُقضَى فيه بالقسط، اليوم الذي يوفَّى فيه الصابرون أجرهم بغير حساب، اليوم الذي ينفع الصادقين صدقُهم، اليوم الذي يكون فيه مَن عفا وأصلح أجرُه على الله، اليوم الذي تنطق في آخرِه الخلائق بالحمد لله رب العالمين؛ ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الزمر: 75]، حتى الظالم سيعلم أنه لم يُظلَم في ذلك اليوم، وسيرضى بالعقاب؛ لأنه يعلم أنه يستحقه.

أخيرًا، فبالإضافة إلى جانب الرجاء الذي ذكرناه في هذه المقالة، فإننا يجب ألا نغفلَ عن الجانب الآخر، وهو الخوف والشفقة من ذلك اليوم العظيم، فالجانبان مترافقان متلازمان، ونتذكَّر قوله تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].


[1] ﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾ [غافر: 17].

[2] ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ﴾ [البقرة: 48].

[3] ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ ﴾ [يس: 65].

[4] ﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾ [المائدة: 33].

[5] ﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾ [الفجر: 12].

[6] ﴿ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [هود: 105].

[7] ﴿ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴾ [طه: 107].


[8] ﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ﴾ [الزمر: 69].

[9] ﴿ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [يونس: 47].

[10] ﴿ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ ﴾ [طه: 108].

[11] ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الحج: 56].

[12] ﴿ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [الانفطار: 19].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-10-2020, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,976
الدولة : Egypt
افتراضي رد: جماليات يوم القيامة

جماليات يوم القيامة (2)


د. أكرم محمد زكي






الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضع بين يدي القارئ الجزءَ الثاني مِن مقال: "جماليات يوم القيامة"، أضع فيه الجانبَ الذي يغفل عنه الكثيرون، ألا وهو جانب الرَّجاء، جانب التشويق للقاء الله، رغم أنَّ الخوف من ذلك اليوم ضَرورة لكلِّ بني البشَر، والشَّفقة منه مطلبٌ لكلِّ مؤمن؛ لكي نتَّقي أهوال ذلك اليوم، ونحاسِب أنفسنا قبل أن نُحاسَب، ونرد المظالمَ إلى أهلها قبل ألَّا يَنفع مالٌ ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم.

لكنَّ خوفنا هذا يجب ألَّا يسبِّب لنا كراهيةَ الموت؛ حيث إنَّ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ذمَّ كراهية الموت في حديث: "قالوا: وما الوَهنُ؟"، قال: ((حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت))؛ حلية الأولياء.

ومن هنا جاءت هذه المقالة لتركيز بعض الأضواء على جماليَّات يوم القيامة؛ حيث إنَّ ذلك اليوم يَحوي في طيَّاته مِن الجمال والرَّحمة ما لا يَعلمه إلَّا الله، والهدف الآخَر هو تذكُّر اليوم الآخر على الدَّوام[1]، وزيادة اليقين به[2]، كذلك الابتعاد قليلًا عن مشاغل الحياة الدنيا؛ فما الحياة الدنيا إلَّا متاع الغرور[3]، ولتركيز العمل نحو الآخرة[4].

إنَّ يوم القيامة يومٌ عظيم ومَهيب، تجتمع فيه الخلائق على بَكرة أبيهم؛ ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9]، فيجتمع فيه الأوَّلون والآخِرون جمعًا[5]، فالاجتماع صِفةٌ لذلك اليوم، وهو كذلك يومٌ مَشهود[6]، وهو يوم البُروز لله الواحدِ القهَّار[7]، وهو يوم يَحشر الله فيه الخلائقَ جميعًا[8]، ولا يتخلَّف عن ذلك اليوم أحدٌ[9].

وهو يوم الرَّحمة؛ فقبل أن يجمع الله الناسَ يومَ القيامة، نجده كتَب على نفسه الرَّحمة، فقال: ﴿ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [الأنعام: 12].

ويحوي ذلك اليوم مِن الترتيب والنِّظام ما الله به عليم، فنجده لا نرى فيه عِوجًا ولا أَمْتًا[10]، ونرى الخلائقَ يُعرضون على ربهم صفًّا[11]، ونرى الملائكةَ مصطفِّين صفًّا صفًّا[12]، وفيه أكبر عَرْض في الكون؛ حيث يَعرض الله جهنَّم على الكافرين عَرْضًا[13]، ففيه أكبر مَحكمة في التاريخ؛ ففيه يقوم الحِساب[14]، وفيه يُقضى بين الناس[15]، وفيه توزن الأعمال[16]، وفيه تُصبح الأعمال حاضرةً ومرئيَّة للعيان[17]، وفي ذلك اليوم يعترف فيه الكافرون بكُفرهم[18]، وفيه يقرُّون بغَفلتهم ولكن بعد فوات الأوان[19].

وفي ذلك اليوم العظيم يتمُّ تكريم الفائزين؛ ففي كثيرٍ من الدَّوائر والمؤسسات والجامعات والهيئات لديهم يومٌ سنوي لتكريم المثابرين، وهو يوم مفرِح لكثير من الموظَّفين، أو هو بالنِّسبة للطلَّاب كيوم التخرُّج، ويوم القيامة كذلك هو يوم تكريمٍ؛ فهو اليوم الذي يَنفع الصَّادقين صدقُهم: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].

وإنَّ ممَّا يُسعد العبدَ في ذلك اليوم أنَّ الله هو المتحكِّم في ذلك اليوم؛ فهو الملِك والمالِك لذلك اليوم[20]، ولا أحد يتكلَّم في ذلك اليوم إلَّا بإذنه[21]، ولا أحد يَحكم إلَّا هو، ونجد قولَه تعالى عن ملائكته: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]؛ أي: إنَّهم لا يَفعلون إلَّا ما يؤمرون به، وهذا من الفضل العظيم الذي يمُنُّ الله به على عباده؛ فالله هو وحده المتصرِّف والآمِر النَّاهي، وعندما نَعلم أنَّ الله هو الذي يَحكم بين العباد يومَ القيامة، نعلم أنَّنا خلصنا من جَوْر الحكَّام، ومِن مزاجيَّة البعض، ومن أهواء البعض، ومن عدم حيادية البعض، أو عدم مَعرفة البعض بالحُكم؛ ﴿ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141]، وفي ذلك اليوم يحلُّ اللهُ فيه مشاكلنا واختلافاتنا، ويبيِّن الرأي الصَّواب من الخطأ[22].
فما مِن آيةٍ من آيات يوم القيامة إلَّا وتستحق أن نفرح بها، ونحمدَ الله عليها؛ لأنَّنا في أمَسِّ الحاجة لها.

فهذا المعنى الذي ذكَرناه سيؤهِّلنا إلى التفكُّر في آيات يوم القيامة الجميلة؛ فلو نظرنا إلى يوم القيامة نظرةً شموليَّة من بعيد، سنتذوَّق جماليات ذلك اليوم، وهذا تمامًا هو موقف المؤمن عندما يَسمع قولَه تعالى: ﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 17]، وماذا يريد المؤمن غير ذلك؟ وعندما يسمع قولَه تعالى: ﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾[الزمر: 69]، وعندما يَسمع قوله تعالى: ﴿ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 25]، وعندما يسمع: ﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [الإسراء: 71]، وعندما يقرأُ قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾ [مريم: 85]، وعندما يقرأ قولَه تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 101 - 103]، نسأل اللهَ أن يجعلنا منهم.

﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].


[1] ﴿ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ﴾ [ص: 46].

[2] ﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 4].

[3] ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

[4] ﴿ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 145].

[5] ﴿ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴾ [الكهف: 99].

[6] ﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود: 103].

[7] ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48].

[8] ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾ [سبأ: 40].

[9] ﴿ وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 47].

[10] ﴿ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴾ [طه: 107].

[11] ﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا ﴾ [الكهف: 48].

[12] ﴿ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22].

[13] ﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴾ [الكهف: 100].

[14] ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [ابراهيم: 41].

[15] ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [يونس: 93].

[16] ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 8].

[17] ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ﴾ [الكهف: 49].


[18] ﴿ وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 130].

[19] ﴿ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأنعام: 172].

[20] ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4].

[21] ﴿ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [هود: 105].

[22] ﴿ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 92].





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26-06-2021, 04:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,976
الدولة : Egypt
افتراضي رد: جماليات يوم القيامة

لا اله الا الله
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.96 كيلو بايت... تم توفير 2.81 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]