موقف طريف من ثمَرات الفصحى - ملتقى الشفاء الإسلامي Ashefaa Forum
اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 25 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1189 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16900 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 11 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         
[حجم الصفحة الأصلي: 47.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.98 كيلو بايت... تم توفير 1.59 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-10-2020, 05:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي موقف طريف من ثمَرات الفصحى

موقف طريف من ثمَرات الفصحى


أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى


موقف بديعٌ طريفٌ جرى لي مع طفلي الصَّغير أحمـد حينما كان ابنَ سنتين من العمر، فيه آيةٌ من آياتِ الله سبحانه السَّاطعةِ، الدالَّةِ دلالةً جليَّةً واضحةً على إعجاز كتابه الكريم القُرآن، فقد نشأ أحمـد يكتسبُ اللسانَ العربيَّ المُبين، اكتسابًا فطريًّا؛ وذلك أنني كنتُ أخاطبه به مُذ أقبل إلى الدُّنيا، مطبقًا في ذلك نظريةَ أستاذنا الرَّائد د.عبد الله الدنَّـان حفظه الله، ومتبعًا طريقتَه في تعليم الأطفال اللغة الفُصحى بالفِطرة، وقد نجحت الطريقةُ نجاحًا عظيمًا باهرًا، وكان من أعظم ثمارها تعلُّقُ أحمـد الشديدُ بالقُرآن العظيم كتاب الله المُعجِز، فكان كثيرَ الأُنس به، تطمئنُّ نفسُه بالاستماع إليه والإصغاء لترتيله، لا يفتأُ يطلب إليَّ وإلى أمه أن نقرأَ له من آياته وأن نتلوَه على مِسْمَعَيه .

وكان أحمـد بلغته الطفوليَّة يسمِّي القُرآن: (أُوْدِّه)، فإذا سئم اللعبَ وملَّه قال لي: (بابا أُوْدِّه)، وإذا كان ضيِّقَ الصدر مُنـزعجًا قال لأمه: (ماما أُوْدِّه)، بل كان يذهبُ بمفرده إلى مكتبتي ويأتي بالمصحَف، تنوءُ بثقله يداهُ الغضَّتان، ليقولَ لي أو لأمه، بلهجة حانيةٍ فيها رجاءٌ وتضرُّع: (أُوْدِّه... أُوْدِّه) .





ذاتَ ليلة حُرْت (رجعتُ) إلى الدار متأخِّرًا، فألفيتُ أحمـد في ضيق وبكاء، يتقلَّب في سريره، لا يَقََرُّ له قرار، وأمه إلى جَنبه تحاول أن تهدِّئَ جَنانه لينام، ولكنْ عبثًا تحاول، وقد أعياها حالُه حتى مسَّها اللُّغوب، فعرضتُ عليها أن ترتاحَ وتنامَ، على أن أتولَّى بنفسي تهدئتَه وتنويمَه.







فتيقَّنتُ يقينًا تامًّا قاطعًا، لا ريبَ فيه ولا شكَّ، أن أحمـد بفطرته السَّوية، وبتلقِّيه الفِطري السليم للعربيَّة الفُصحى لغة القُرآن، قادرٌ أن يميِّزَ كلامَ الله المُعجِز من غيره من الكلام، أيًّا كان ذلك الكلام، ومهما علا في سماء الفَصاحة والبيان، ولو أُدِّيَ الأداءَ ذاته، ورُتِّلَ الترتيلَ عينه.

إنها لَلْمعجِزةُ الباقيةُ الخالدةُ لكتاب الله تعالى، لا يُبليها تعاقبُ الليل والنهار، حتى يرثَ الله الأرضَ ومن عليها، ولكن هيهاتَ أن يدركَها إلا من فُطِر على لغة القُرآن، تتشرَّبها نفسُه، وتجري بها عروقُه.

استلقيتُ على ظهري، ووضعتُ صفحةَ خدِّ أحمـد على صدري، وشَرعتُ أُرَبِّتُ ظهرَه وعاتقَه، وهو ماضٍ في بكائه، يبكي بكاءً مُرًّا غير عادي، ثم رفع رأسَه وقال لي بحزم: (بابا أُوْدِّه... بابا أُوْدِّه)، فأخذتُ أقرأ له من آيات القُرآن أطرافًا، حتى هدأت نفسُه، واطمأنَّ جسدُه، وظننتُه قد نام، وما إن هممتُ بالقيام إلى سريري - وكنتُ كالاًّ تعِبًا - حتى عاد إلى البكاء والنَّحيب، يرفعُ بهما عقيرَتَه، ويصرُخ بي بحدَّة: (بابا أُوْدِّه... بابا أُوْدِّه)، فرجعتُ إلى حدائق القُرآن أتخيَّر له من أزاهيرها، عساه يستنشي شَذاها فينامَ قَريرَ العين هانيها، وحقًّا سكن ونام، ولم أكن أشكُّ بتَّةً في أنه استغرق في نوم عميق.

وحينما تهيَّأتُ للقيام فاجأني ببكاء شديد، يكاد يبلغُ عَنان السماء، فقلتُ في نفسي: لعلَّ عينًا أصابته بسوء، وقد قال الصَّادق المصدوق: (( العينُ حَقٌّ ))، فوضعتُ يدي على رأسه أَرْقيه، وأدعو له: أُعيذُكَ بكلمات الله التامَّة، من كل شيطانٍ وهامَّة، ومن كل ... فرفع رأسَه وصاح بغضب: (بابا أُوْدِّه أُوْدِّه)، هو لا يريدُ عن القُـرآن بديلاً، حتى الدعاءُ لم يرضَ به، ولم يَطِب له، فعجبتُ لذلك أشدَّ العجب، ووقع في رُوعي أمرٌ، هو: كيف تسنَّى له أن يميِّزَ الدعاءَ من القُـرآن، وهل هو بحق قادرٌ على ذلك، فرأيتُها فرصةً سانحةً لأجرِّبَ أمرًا جديرًا بالتجريب، فرتَّلتُ له بعضَ السُّوَر القصيرة، مجوَّدةً، ملحَّنةً بلحن ما، وختمتُها بسورة الناس، موصولةً بالدعاء المأثور: اللهم ربَّ الناسْ، أذهب الباسْ، اشفِ أنت الشافي... متَّبعًا اللحنَ نفسه، والأداءَ ذاته، وهنا وقعَ ما لم يكن بالحُسبان، فوالله ما إن انتقلتُ من الآيات إلى الدعاء حتى انتفضَ كالمرَّات السابقة ليقولَ لي بحَنَق وغيظ: (بابا أُوْدِّه أُوْدِّه...بابا أُوْدِّه).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.98 كيلو بايت... تم توفير 1.59 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]