أدلة وجود النظم في القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         "إنا لله" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الشباب وفساد المجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          غيرة هدهد أطاحت بمملكة كفران فحولتها إلى عرش توحيد وإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          بناء العقيدة في النفوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح حديث: «إذا سقَى الرجلُ امرأتَه الماءَ أُجِرَ » (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح حديث: فالتمِسوها آخرَ ساعةٍ بعدَ العصرِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          لامية ابن الوردي في الأخلاق والحكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ألفاظ قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 94 )           »          العفو وإقالة العثرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تهافت أحاديث دخول عبدالرحمن بن عوف الجنة حبواً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-12-2020, 09:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,629
الدولة : Egypt
افتراضي أدلة وجود النظم في القرآن

أدلة وجود النظم في القرآن


الشيخ مسعد أحمد الشايب










أولًا: الأحرف المقطعة وتوزيعها في سور القُرْآن الكريم، وكذلك توزيع أنواع فواتح السور القُرْآنية؛ فقد جاءت الأحرف المقطعة كما تقدم في تسع وعشرين سورة من سور القُرْآن الكريم، وجاءت على حرف أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة، ولم تزد على ذلك؛ لتألف كلام العرب من ذلك، وقد جاءت أيضًا على أربعة عشر حرفًا من حروف المعجم، جمعت في قولهم: (نص حكيم قاطع له سر)، وقد جاءت بعض هذه الفواتح متفقة في الصيغة؛ فقد افتتحت البقرة، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة بقوله تعالى: ﴿ الم ﴾، ولم تتعاقب وراء بعضها البعض، بل تعاقبت البقرة وآل عمران في أول القُرْآن، وتعاقبت العنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة في النصف الثاني من القُرْآن، وافتتحت يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحِجر بقوله تعالى: ﴿ الر ﴾، ولم تتعاقَبْ كذلك، بل فصل بينها بسورة الرعد، فافتتحت بقوله تعالى: ﴿ المر ﴾، وافتتحت الشعراء والقصص بقوله تعالى: ﴿ طسم ﴾، وفصل بينهما بالنمل التي افتتحت بقوله تعالى: ﴿ طس ﴾ وافتتحت غافر، وفصلت، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف بقوله تعالى: ﴿ حم ﴾، وفصل بينهم بالشورى التي افتتحت بقوله تعالى: ﴿ حم * عسق ﴾ [الشورى: 1، 2]، وتفردت الأعراف في أول الربع الثاني من القُرْآن بفاتحة خاصة، فقال تعالى: ﴿ المص ﴾ [الأعراف: 1]، وتفردت مريم في أول الربع الثالث من القُرْآن بفاتحة خاصة، فقال تعالى: ﴿ كهيعص ﴾ [مريم: 1]، وسميت سور: طه، ويس، وص، وق، ون بأسماء الحروف المقطعة التي افتتحت بها، وجاءت متباعدة في النصف الثاني من القُرْآن، فهذا الترتيب وهذا التوزيع له حِكم وأسرار لم تصل إلينا بعد، وهو مما يدل على وجود النظم في القُرْآن، وإلا لتوالت كل مجموعة من السور اتفقت في فاتحة معينة من الأحرف المقطعة وغيرها كالسور التي بدئت بالنداء، أو السور الخمس التي بدئت بحمد الله، أو السور التي بدئت بالتسبيح والتنزيه أو التمجيد وهي سبع، أو السور التي بدئت بالظروف المستقبلية... إلخ.




قال السيوطي: (ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاءً، وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات ولاءً، بل فصل بين سورها، وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس النمل مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديًّا لذكرت المسبحات ولاءً، وأخرت طس عن القصص)[1]؛ اهـ.




قلت: ولو كان الترتيب اجتهاديًّا لأُخرت الرعد عن الحِجر، وأُخرت الشورى عن الأحقاف، وذكرت السور المفتتحة بالنداء ولاءً، وكذا المفتتحة بالحمد، والمفتتحة بالظرف المستقبلي (إذا).




ثانيًا: مِن الأدلة أيضًا على وجود النظم في القُرْآن: التشابه والتقارب بين الكثير من مقاصد وموضوعات بل وآيات السور القُرْآنية المرتبة ترتيبًا مصحفيًّا؛ فالقُرْآن يشبه بعضه بعضًا، وقد ثنيت موضوعاته وصرفت مرة بعد أخرى، فما أُجمِل في مكان فُصِّل في آخر، وإن نبه على حقيقة ما بأسلوب ما في سورة ما نبه عليها بأسلوب أو أساليب أخرى في سورة أخرى، وصدق الله إذ يقول: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا ﴾ [الزمر: 23].

يقول الفراهي: (في القُرْآن آيات متجانسات مشتركات في مضامينها، ولكن في بعض منها تفصيل أمر وإجمال أمر، وفي بعضها تفصيل ما أجمل في مثلها، وإجمال ما فصل في غيرها، فاستقصِ المماثلات تجد معناها وربطها)[2]؛ اهـ.




ولنأخذ مثالًا على ذلك سورتين من أكبر السور في القُرْآن الكريم البقرة وآل عمران (الزهراوين)[3]؛ فقد تشابه كل منهما في الآتي:

أولًا: الافتتاح بالأحرف المقطعة، والثناء على القُرْآن الكريم، ومدحه، ونفي اختلاقه، وأنه هدى، فقال تعالى في مفتتح البقرة: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 1، 2]، وقال في مفتتح آل عمران: ﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [آل عمران: 1 - 4].




ثانيًا: وكما تشابهتا في الافتتاح كذلك تشابهتا في الختام؛ فقد ختمت سورة البقرة بطائفة من الدعاء، وكذلك جاء الدعاء في أواخر آل عمران قبل نهايتها بقليل، فقال تعالى في البقرة: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]، وقال تعالى في آل عمران: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 191 - 194].




ثالثًا: كذلك تقابلت السورتان في بيان مساؤى ورذائل أهل الكتاب عمومًا - وخصوصًا كتمان الحق الذي تفردت السورتان ببيانه، كالآتي: البقرة الآيات (42 - 146 - 159 - 174)، آل عمران الآيات (71 - 187)[4]، وبيان ضلالتهم والرد عليها.فاختصت سورة البقرة أو كان غالب تناولها لليهود، واختصت آل عمران أو كان غالب تناولها للنصارى، كما سيتضح عند الكلام عن نظم السور في القُرْآن الكريم إن شاء الله.




رابعًا: كذلك اتفقت السورتان على تحريم الربا والتحذير من أكله، وهذا مما تفردتا[5]به أيضًا في القُرْآن الكريم، فقال تعالى في البقرة: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 275، 276]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279]، وقال تعالى في آل عمران: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 130، 131].




قلت: الحكمة من هذا التفرد - والله أعلم - أن البقرة أول سورة نزلت بالمدينة بعد الهجرة، وقيل: الثانية نزلت بعد المطففين، وكان التعامل بالربا متفشيًا بالمدينة، وخصوصًا عند اليهود، فجاء التحذير في البقرة أولًا؛ لأول نزولها بالمدينة، ولاختصاصها ببيان فضائح وضلالات اليهود كما تقدم، ثم أكد هذا التحريم والتحذير من أكل الربا بآل عمران ثانيًا، ثم لوحظ ثانية أن الأمر بالتقوى سبق تحريم الربا في البقرة، وجاء تاليًا له في آل عمران، مما يدل على أن من فوائد التحلي بالتقوى الامتثال للأوامر الربانية، وهكذا جاءت أغلب الأوامر في القُرْآن الكريم، إما مسبوقة بالأمر بالتقوى أو متبوعة به، والله أعلم.




خامسًا: كذلك تشابهت السورتان في الحديث عن البيت الحرام وحجه؛ فقد أفاضت سورة البقرة في الحديث عن قصة بناء البيت، وتعظيمه وتطهيره، والأمر بحَجِّه في العديد من آياتها، كما أنها تطرقت خلال هذه الآيات إلى الحديث عن القبلة وتحويلها، وموقف اليهود من ذلك وكتمانهم الحق الذي بعث به إبراهيم عليه السلام، وجاءت سورة آل عمران وأشارت إلى ذلك إشارة سريعة، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96، 97].




سادسًا: كذلك تشابهت السورتان في الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله ترغيبًا وترهيبًا؛ فقد تفردت سورة البقرة بأكبر عدد من الآيات المتوالية التي تدعو إلى الانفاق في سبيل الله ترغيبًا وترهيبًا، من الآية (261) وحتى نهاية الآية (274) أربع عشرة آية، بخلاف الآيات المتفرقة الأخرى، ثم جاءت سورة آل عمران وأكدت هذه الدعوة في العديد من آياتها؛ ككفالة زكريا عليه السلام لمريم آية (37)، وكقوله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92]، وكقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180].




سابعًا: كذلك تشابهت السورتان في بيان بعض أوصاف المتقين؛ ففي سورة البقرة يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 3، 4] بيانًا للمتقين في قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، وجاءت سورة آل عمران وبينت أوصافًا أخرى للمتقين، فقال تعالى: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 15 - 17]، وقال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 133 - 135].




ثامنًا: كذلك تشابهت السورتان لفظًا ومعنى في بيان مهام النبي صلى الله عليه وسلم صراحةً، فقال تعالى في البقرة: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 129]، وقال أيضًا: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151]، وقال في آل عمران: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]، وأضافت آل عمران مهامَّ أخرى للمصطفى صلى الله عليه وسلم، منها: القيام بالجهاد في سبيل الله، وما يتبعه من تثبيت المؤمنين، والحث على الصبر، والالتجاء إلى الله بالدعاء، وقسمة الغنائم وغيرها، وهذا يتمثل في الآيات التي تحدثت عن غزوة بدر في السورة، من الآية (123)، والآيات التي تحدثت عن غزوة أحد من الآيات (139) إلى آخر الآيات.




تاسعًا: كذلك تشابهت السورتان في الدعوة إلى الإيمان بالكتب والرسالات السماوية أجمع بصيغ مختلفة وطرق تعبيرية متنوعة؛ ففي البقرة يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 4]، ويقول: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136]، ويقول: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، وفي آل عمران يقول تعالى: ﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [آل عمران: 3، 4].

قلت: انظر إلى طريقة التعبير عن وجوب الإيمان بالكتب والرسالات السماوية؛ فقد عبر الله بإنزالها، وهذا يقتضي وجوب الإيمان بها، ثم رهب بالعذاب الشديد والانتقام ممن كفر بها.




ويقول تعالى: ﴿ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 84].

قلت: هكذا تنوعت طرق الخطاب والدعوة إلى الإيمان بالكتب والرسالات السماوية السابقة أجمع في السورتين، فمن الإشارة إلى ذلك عن طريق وصف المتقين به، إلى خطاب أهل الكتاب بذلك، إلى تقرير أن ذلك من عقيدة المصطفى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، وهذا في البقرة، وفي آل عمران كان التعبير بإنزالها والتحذير من الكفر بها، ثم خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان بذلك، وعدم التفريق بين أيٍّ من رسل الله وأنبيائه.




عاشرًا: كذلك تشابهت السورتان في اشتمالهما على اسم الله الأعظم.

والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163] وفاتحة سورة آل عمران: ﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 1، 2]))[6]؛ اهـ.

قلت: ولعل هذا هو السر في وصفه صلى الله عليه وسلم لهما بالزهرواين، كما تقدم.




حادي عشر: كذلك تشابهت السورتان لفظًا ومعنى، وتفردتا ببيان العقوبة الدنيوية التي ضربها الله على أهل الكتاب؛ مِن ضرب الذلة والمسكنة عليهم، والرجوع بغضب الله نظير تكذيبهم وكفرهم وجحودهم بنِعم الله وآياته، فقال تعالى عن اليهود في البقرة: ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61]، وقال تعالى في آل عمران عنهما جميعًا: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 112].




ثالثًا: من الأدلة أيضًا على وجود النظم في القُرْآن: القصص وتوزيعه في القُرْآن مع تنوع الدلالة والهدف، فقد نرى قصة واحدة تتكرر في عدة سور، وتأتي بأساليب متنوعة، وصياغات مختلفة؛ كقصة آدم عليه السلام التي ذكرت في القُرْآن في سبع سور[7]، وقد نرى سورة واحدة وقد جمعت عددًا من قصص الأنبياء المختلفة بحيث يعمها لون واحد وطابع واحد وأسلوب واحد، على رغم ما يفصل بينها من فترة هائلة، وقرون متطاولة؛ كسورة الشعراء التي تصور لنا مصارع الطغاة من الأمم السابقة بحيث يلون جميعها لون واحد، وتصاغ بأسلوب واحد، فكل واحد من تلك المصارع يبدأ غالبًا بالأمر بالتقوى أو الأمر بالعبادة؛ كما في قصة إبراهيم عليه السلام، وينتهي بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 67، 68]، فهذا الأسلوب أسلوب عرض القصة الواحدة بأساليب متنوعة وصياغات مختلفة، وصياغة قصص متعددة بلون واحد وأسلوب واحد وطابع واحد، هذا الأسلوب يدل على أن القُرْآن الكريم جاء على نظم رصين دقيق، وصدق الله إذ يقول: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1].




ولنضرب مثالًا على تكرار القصة الواحدة في سور مختلفة وصياغتها بأساليب متنوعة يناسب سياق وجو السورة القُرْآنية بقصة سليمان عليه السلام؛ فقد ذكر اسمه عليه السلام سبع عشرة مرة في القُرْآن في سبع سور[8]، والذي يعنينا هنا مشاهد القصة في سور الأنبياء، والنمل، وسبأ، وص؛ لأنه في سور البقرة والنساء والأنعام مجرد ذكر للاسم بدون إشارة إلى أي من مشاهد القصة.




مشهد القصة في سورة الأنبياء:

يقول الله تعالى: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ * وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ * وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾ [الأنبياء: 78 - 82].



ملحوظتانِ على المشهد والسورة:

1- السورة لم تراعِ الترتيب الزمني في ذكرها للأنبياء والمرسلين، فبدأت بذكر موسى وهارون، ثم ثنَّتْ بذكر إبراهيم ولوط، ثم داود وسليمان، ثم أشارت إشارات خاطفة لكل من أنبياء الله: أيوب، وإسماعيل، وإدريس، وذي الكفل، ويونس، ثم ذكرت زكريا ويحيى، فالسورة اشتملت على ستة عشر نبيًّا عليهم جميعًا الصلاة والسلام.



2- المشهد الذي أمامنا يختلف عن بقية مشاهد قصة سليمان عليه السلام؛ فهو لا يتعلق بسليمان عليه السلام وحده، بل يتعلق أيضًا بأبيه داود عليه السلام، والسر في وجود هذا المشهد هنا في تلك السورة هو اصطباغه بصبغة السورة وتلونه بطابعها العام؛ فسورة الأنبياء قرنت بين موسى عليه السلام وهارون عليه السلام، وقرنت بين إبراهيم عليه السلام ولوط عليه السلام، وقرنت بين زكريا عليه السلام ويحيى عليه السلام، والذي يؤكد لنا ذلك أن سورة النمل - وهي أكثر السور القُرْآنية تعرُّضًا لقصة سليمان عليه السلام - لم تقرن بين داود عليه السلام وابنه سليمان عليه السلام، وقد ذكرت طرفًا من قصة موسى عليه السلام، ولم تقرن معه هارون عليه السلام، وكذلك ذكرت طرفًا من قصة لوط عليه السلام ولم تقرنه بإبراهيم عليه السلام، وسورة سبأ لم تذكر إلا داود عليه السلام وسليمان عليه السلام ولم تقرن بينهما في المشهد أيضًا، وكذلك سورة (ص) لم تقرن بينهما في المشهد بالرغم من ذكرها للعديد من الأنبياء والمرسلين، والله أعلم.



وفي سورة النمل:

يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ * وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 15 - 44].

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-12-2020, 09:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,629
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أدلة وجود النظم في القرآن

أدلة وجود النظم في القرآن


الشيخ مسعد أحمد الشايب



ملحوظات على المشهد والسورة:


1- هذا هو أكبر المشاهد في قصة سليمان عليه السلام وعدد آياته ثلاثون (30) آية؛ أي: ما يقرب من ثلث آيات السورة الكريمة[9]، ومن حيث الجمل والكلمات فالمشهد يزيد عن ثلث السورة؛ فهو تقريبًا تسعة وثلاثون (39) من عشرة ومائة (110) سطر تقريبًا؛ ولذا فهو حاكم على الطابع العام للسورة وليس محكومًا عليه، وقد قرن بهذا المشهد - في ثناياه - الحديث عن ملكة سبأ ودعوة سليمان لها ولقومها إلى توحيد الله.



2- مشهد القصة في معظمه يتحدث عن نعم الله تعالى على سليمان عليه السلام والمعجزات والغرائب والخوارق التي حباه الله بها من تعليم منطق الطير، واتخاذ الإنس والجن والطير جنودًا، ومعرفة منطق الحشرات، والكلام مع النملة، والحديث مع الهدهد وتكليفه بالمهمة الدعوية لمملكة سبأ، ونقل عرش ملكة سبأ، وبناء الصرح الممرد من قوارير.


3- اصطبغت السورة بالجو العام لمشهد قصة سليمان عليه السلام، فجاء الحديث بعد مطلع السورة عن موسى عليه السلام وبعض معجزاته من كلام الله سبحانه وتعالى له، وانقلاب عصاه ثعبانًا، وخروج يده من جيبه بيضاء من غير سوء، وبعد مشهد قصة سليمان عليه السلام ومشهد قصة صالح عليه السلام ومشهد قصة لوط عليه السلام نجد السورة تسير على نفس النهج من ذكر الغرائب والعجائب والخوارق التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى، فتشير إلى الدابة التي تكلم الناس يوم القيامة، وإلى خروج الناس وحشرهم من قبورهم فزعين بالنفخ في الصور يوم القيامة، ثم الإشارة إلى زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة، والله أعلم.

وفي سورة سبأ:
يقول الله تعالى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ * فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾ [سبأ: 12 - 14].

ملحوظتانِ على المشهد والسورة:
1- مِن أهم أغراض تلك السورة العظيمة إبطال أحوال أهل الشرك من اتخاذهم أصنامًا آلهة من دون الله سبحانه وتعالى، وتكذيبهم بالبعث، وباليوم الآخر وما فيه من أهوال وأحوال، وجحودهم بنعم الله عز وجل عليهم؛ لذلك كان من أهم أغراضها الحث على شكر نعم الله عز وجل، ولعل ما يرشد إلى ذلك ابتداؤها بحمد الله عز وجل وتعليل هذا الحمد بأنه سبحانه وتعالى له ما في السموات وما في الأرض، وعلمه بما يلج في الأرض وما يخرج منها وبما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وتخلل ذلك إثبات الحمد له سبحانه وتعالى في الآخرة أيضًا، ويرشد إلى ذلك أيضًا ذكر قصة أهل سبأ وما كان من فتح الله عليهم، ثم ما كان من تبدل نعمهم بسبب جحودهم وعدم شكرهم الله سبحانه وتعالى؛ فقد كانوا مثلًا عظيمًا لسلب النعمة عن الجاحدين الكافرين؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 17] إشارة إلى ما كان من تبدل جنتيهم، وما كان من إرسال سيل العرم عليهم.


2- وقد جاء مشهد قصة سليمان عليه السلام ومن قبله مشهد قصة أبيه داود عليه السلام ومن بعده مشهد قصة أهل سبأ معترضًا بين إبطال أحوال أهل الشرك، وجاء مشهد قصة داود وسليمان عليهما السلام مصطبغًا بهذا الغرض، ألا وهو الحث على شكر نعم الله؛ فقد كانا مثلًا عظيمًا على إسباغ النعمة على الشاكرين؛ قال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، والله أعلم.

وفي سورة (ص):
يقول الله تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [ص: 30 - 40].

ملحوظات على المشهد والسورة:
1- سبب نزول السورة ما رواه ابن عباس رضي الله عنه: (مرض أبو طالب، فأتته قريش، وأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، وعند رأسه مقعد رجل، فقام أبو جهل فقعد فيه، فقالوا: إن ابن أخيك يقع في آلهتنا، قال: ما شأن قومك يشكونك؟ قال: ((يا عم، أريدهم على كلمة واحدة، تدين لهم بها العرب، وتؤدي العجم إليهم الجزية))، قال: ما هي؟ قال: ((لا إله إلا الله))، فقاموا، فقالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا؟ قال: ونزل: ﴿ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴾ [ص: 1]، فقرأ حتى بلغ: ﴿ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 5])[10].


2- مِن أغراض تلك السورة الكريمة توبيخ المشركين على تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكبرهم على قبول ما أرسل به، وتهديدهم بمثل ما حل بالأمم المكذبة قبلهم، وأنهم إنما كذبوه لأنه جاء بتوحيد الله عز وجل، ولأنه اختص بالرسالة من دونهم، كما هو في سبب النزول، وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عن تكذيبهم، وأن يقتدي بالرسل من قبله.


3- ابتدئ بذكر داود عليه السلام من الأنبياء الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم؛ لأن الله أعطاه ملكًا وسلطانًا لم يكن لآبائه؛ ففي ذكره إيماء إلى أن شأن النبي صلى الله عليه وسلم سيصير إلى العزة والسلطان، ولم يكن له سلف ولا جند؛ فقد كان حال النبي صلى الله عليه وسلم أشبه بحال داود عليه السلام، وأدمج في خلال ذلك الإيماء إلى التحذير من الضجر في ذات الله تعالى، واتقاء مراعاة حظوظ النفس في سياسة الأمة، إبعادًا لرسوله صلى الله عليه وسلم عن مهاوي الخطأ والزلل، وتأديبًا له، وكان داود عليه السلام أيضًا قد صبر على ما لقيه من حسد شاول (طالوت) ملك إسرائيل إياه على انتصاره على جالوت ملك فلسطين[11].


4- جاءت قصة سليمان عليه السلام مكملة وتابعة لقصة داود عليه السلام؛ فهي بيان لنعمة أخرى من نعم الله عز وجل على داود عليه السلام، ومما يشهد لذلك أن جميع قصص السورة المجمل منها والمفصل بدأ بقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ ﴾، بينما بدأت قصة سليمان عليه السلام بقوله تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 30]، قال العلامة أبو السعود: (وعدم تصدير قصة سليمان بهذا العنوان (أي: اذكر)؛ لكمال الاتصال بينه وبين داود عليهما السلام)[12]؛ اهـ.


5- جاءت فاتحة السورة مناسبة لجميع أغراضها؛ إذ ابتدئت بالقسم بالقُرْآن الذي كذب به المشركون، وجاء المقسم عليه أن الذين كفروا في عزة وشقاق، وكل ما ذكر فيها من أحوال المكذبين سببه اعتزازهم وشقاقهم، ومن أحوال المؤمنين سببه ضد ذلك، والله أعلم.

رابعًا: مِن الأدلة أيضًا على وجود النظم في القُرْآن: العود على البدء (الختام بما كانت به البداية): فكثيرًا ما نرى السور القُرْآنية تبدأ بفاتحة ما، أو بقضية ما، أو معنى ما، ثم تنتقل من معنى إلى آخر، ومن قضية إلى أخرى، ثم نراها تعود إلى الفاتحة الأولى والمعنى الأول والقضية الأولى، وهذا التنقل بين المعاني والقضايا ثم العود إلى البداية ليس إلا لرابطة تجمع تلك القضايا؛ كسورة الحشر بدأت بالتسبيح وانتهت به، وكسورة الممتحنة بدأت بالنهي عن موالاة غير المسلمين وانتهت به أيضًا، والأمثلة كثيرة.


يقول الشيخ الفراهي: (إنى رأيتُ في ترتيب كلام الله - وله الحمد على ما أراني - أن الكلام ينجر من أمر إلى أمر، وكله جدير بأن يكون مقصدًا، فيشفي الصدور، ويجلو القلوب، ثم يعود إلى البدء فيصير كالحلقة... من عادة العرب وفطرة البلاغة أن ينجر الكلام من أمر إلى أمر، ومنه إلى أمر آخر، ثم يعود إلى الأول أو إلى الوسط حتى يعود للأول أو إلى ما يتصل به، وإذا كان المخاطب عالمًا بأسباب الكلام لم يشكل عليه نظمه)[13]؛ اهـ.


ولنضرب مثالًا على ذلك بسورة المزمل؛ فقد بدأت بنداء النبي صلى الله عليه وسلم وحثه على قيام الليل، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 1 - 4]، ثم خُتمت بخطابه صلى الله عليه وسلم وصحابته بقيام الليل أيضًا بعد أن خفف الله سبحانه وتعالى القيام والقراءة فيه للأغراض والظروف الحياتية والمعيشية، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المزمل: 20]، وبين البدء والختام كانت هناك قضايا، الهدف منها هو الهدف من قيام الليل، وهذا هو الرابط الذي يجمعها ويربطها بقيام الليل.


فقد كان بين البدء والختام الأمر بقراءة القُرْآن الكريم وترتيله؛ قال تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، ولعل المقصود بذلك قراءته وترتيله في قيام الليل، ويشهد لذلك عطف ترتيل القُرْآن على قيام الليل (بالواو) التي هي لمطلق الجمع، ويشهد له أيضًا قوله تعالى: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [المزمل: 6] على قراءة ابن عامر وأبي عمرو ﴿ وِطَاءً ﴾ بكسر الواو مع المد[14]، وهو مصدر واطأت فلانًا على كذا مواطأة، والمعنى أن القراءة في الليل يتواطأ فيها قلب المصلي ولسانه وسمعه على التفهم للقُرْآن والإحكام لتلاوته، ويشهد له أيضًا قوله تعالى في آواخر السورة: ﴿ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ [المزمل: 20].


ثم كان الأمر بذكر الله، والانقطاع عن كل ما يَشغَل ويُلهي عن ذكره سبحانه وتعالى، وعن الأعمال التي تمنعه من قيام الليل ومهام النهار في نشر الدعوة ومحاجة المشركين، فقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾ [المزمل: 8].
ثم كان الأمر بالصبر على الأذى القولي للمشركين والمكذبين بالرسالة، والهجر الجميل لهم (ترك المخالطة بدون إيذاء أو انتقام، وليس ترك الدعوة إلى الله) فقال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10].
ثم كان الأمر بعدم شَغْل البال بهم، وبعدم الرد عليهم، وانتظار عقوبتهم من الله سبحانه وتعالى، فقال تعالى: ﴿ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 11].
وكل هذه الأوامر القُرْآنية مع الأمر بقيام الليل في أول السورة وختامها هدفها واحد وغايتها واحدة؛ هي تربية النبي صلى الله عليه وسلم وتقوية قلبه، وتزكية رُوحه وسريرته؛ ليقوى على القيام بأعباء النبوة وتكاليف الوحي والرسالة، وهكذا كان العودُ على البدء علَمًا من أعلام وجود النظم في القُرْآن.


خامسًا وسادسًا: مِن الأدلة على وجود النظم القُرْآني: التآلف والتعاضد بين آيات السورة الواحدة، كما تآلفت وتعاضدت وتشابهت السور القُرْآنية، كما بينت في الدليل الأول، وكذلك تكرار تعبير خاص في السورة القُرْآنية.
ولنضرب مثالًا على هذين الدليلين بسورة المرسلات:
فأقول: سورة المرسلات سورة مكية على رأي جمهور المفسرين؛ فقد نزلت خطابًا للكفرة والمشركين المكذبين بدعوته صلى الله عليه وسلم، وكان من أغراضها الاستدلال على وقوع البعث وإعادة الخلق يوم القيامة، ووعدت منكري ذلك بعذاب الآخرة، وتطرقت إلى شيء من أهواله؛ لذا نراها بدأت بقسَمٍ بمخلوقين من المخلوقات العلوية (الرياح والملائكة)[15] على أن ما توعدهم به الله سبحانه وتعالى من العقاب والجزاء بعد البعث لواقعٌ يوم القيامة؛ قال تعالى: ﴿ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا * وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا * فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا * فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴾ [المرسلات: 1 - 7]، ولما أفاد سبحانه وتعالى وقوع البعث، وكان المشركون ينكرون وقوعه مستدلين على ذلك بعدم التعجيل بوقوعه - بيَّن لهم سبحانه وتعالى ما يسبقه من أهوال وأحوال زيادة في تهويلهم وإرعابهم، وإعلامًا لهم أن وقوع عقابهم وجزائهم مؤخر إلى حصول تلك الأهوال والأحوال العظيمة، وهذا الإخبار عن أمارات وقوع وحلول ما يوعدون هو تأكيد لوقوع وحلول ما يوعدون من العقاب والجزاء؛ ولذا عطفت هذه الآيات بالفاء التفريعية على القسم وجوابه، وختمت تلك الطائفة من الآيات بتهديد ووعيد، وهو قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 15]؛ أي: عذاب وهلاك حاصل للمكذبين بالقُرْآن ونبي القُرْآن إذا النجوم طُمست، وإذا السماء فُرجت، إلى آخر ما جاء من أهوال وأحوال، أمارات على الوقوع، وهي على ذلك جواب (إذا)، ومن المفسرين من جعل هذه الآية متأخرة وكان حقها التقديم، فتجعل استئنافًا (ابتداء الكلام) بقصد التهديد والوعيد للمشركين الذين يسمعون القُرْآن، وتهويلًا ليوم الفصل في نفوسهم ليحذروه، وهي متصلة في المعنى بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴾ [المرسلات: 7]، وإنما قدم قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴾ [المرسلات: 8] وما بعده ليؤذن بمعنى الشرط؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ * وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ * لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ * لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 8 - 15]، وتكررت (إذا) بعد حرف العطف (الواو) - مع إمكانية إغناء حرف العطف عنها - في أوائل الجُمل المعطوفة على قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴾ [المرسلات: 8]؛ لإفادة الاهتمام بمضمون كل جملة من هذه الجمل؛ ليكون مضمونها مستقلًّا في جعله علامة على وقوع ما يوعدون[16].


ثم توجَّهت الآيات بخطاب مستأنف للمشركين الموجودين كله تهديد وتحذير معترض بين ما تقدم وبين خطاب أهل الشرك يوم الحشر، حيث ذكَّرهم سبحانه وتعالى بما أصاب به الأمم السابقة المكذبة، وأن ما أصاب السابقين سيقع أيضًا بالآخرين، وتلك سنَّتُه سبحانه وتعالى في عقاب المجرمين المكذبين، فقال تعالى: ﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 16 - 19].


وقد تكرر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ في هذه الطائفة من الآيات أيضًا، فقيل: إن ذلك لمعنى التأكيد فقط، وقيل: بل في كل آية منها ما يقتضي التصديق، فجاء الوعد على التكذيب بذلك الذي في الآية.
قلت: وأنا أميل إلى الرأى الثاني وأرجحه، وإن كان التأكيد حسنًا شائعًا في كلام العرب، والقول في إعرابها كالقول في سابقتها، فإما أن تكون متأخرة وحقها التقديم والهدف من هذا التأخير أن تصير بمعنى التذييل، ويكون المعنى: عذاب وهلاك للمكذبين يوم يقال لهم: ﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴾ [المرسلات: 16]، وإما أن تكون جوابًا لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴾ [المرسلات: 8]، فتكون الآية تأكيدًا لفظيًّا لنظيرتها المتقدمة.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-12-2020, 09:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,629
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أدلة وجود النظم في القرآن

ثم انتقلت الآيات على طريقة التنويع في الخطاب إلى التوبيخ والتقريع بعد التهديد والتحذير مقررة ومذكرة إياهم بكيفية خلقهم، ومنبهة على إمكان البعث والإحياء بعد الموت؛ لأن البدء أهون من الإعادة، فقال تعالى: ﴿ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 20 - 24].
وقد تكرر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 24] في هذه الطائفة من الآيات أيضًا، والقول في توجيه هذا التكرار وفي إعرابه كالقول في التكرار السابق.
ثم انتقلت الآيات مرة أخرى - وعلى طريقة التقريع والتوبيخ أيضًا - إلى تقرير ما أنعم الله به عليهم من ضم الأرض وجمعها لهم أحياء وأمواتًا، وتثبيت الجبال المرتفعات لها، وسقيهم الماء المنحدر من تلك الجبال؛ لعل ذلك يكون دافعًا لهم للإيمان بالله عز وجل، ودليلًا على تفرده سبحانه وتعالى بالألوهية، فقال تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 25 - 28].
وقد تكرَّر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 28] في هذه الطائفة من الآيات أيضًا، والقول في توجيه هذا التكرار وفي إعرابه كالقول فيما تقدم.


ثم انتقلت الآياتُ إلى خطاب أهل الشرك في أرض الحشر (وهذا تصوير لما سيحدث، والغرض منه تأكيد وقوع ما يوعدون به وزيادة في التهديد والتهويل والترويع لهم) آمرة إياهم بالانطلاق إلى ما كانوا به يكذبون في الدنيا، والمقصود به النار، ثم أخذت الآيات في بيان هذا الذي كانوا يكذبون به في الدنيا بذكر شيء من أوصافه، وهو الدخان الكثيف الذي يخرج من جهنم ثلاث شعب من ثلاث نواحٍ؛ لشدة انضغاطه فيها، مكررة فعل الأمر: ﴿ انْطَلِقُوا ﴾ زيادة في التوبيخ والإهانة ومعبرة عن الدخان بالظل، والمراد بذلك التهكم، حيث لا يرتجى من الدخان إظلال، وهذا ما قررته الآيات، وبالتالي فهو لا يغني من اللهب، ثم زادت الآيات ما كانوا يكذبون به إيضاحًا، وأن تلك النار التي كذبوا بها ترمي بشرر (جمع شررة: وهي القطعة المشتعلة من دقيق الحطب يدفعها لهب النار) كالقصر؛ أي: عظيم ضخم خلاف المألوف والمشاهد، سواء كان هذا القصر هو البناء المعروف أو كان أصول النخلة المقطوعة أو كان أعناق الإبل أو كان نوعًا من أنواع الخشب، وأن هذا الشرر في تفرقه وحجمه ولونه كالإبل السوداء، وهذا مما يرجح أن القصر غير أعناق الإبل، والغرض من كل ذلك الزيادة في الترويع والتهويل كما تقدم؛ قال تعالى: ﴿ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ * إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 29 - 34].


وقد تكرَّر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 34] في هذه الطائفة من الآيات أيضًا والقول في إعرابها كالقول في سابقتها، فإما أن تكون متأخرة وحقها التقديم، والهدف من هذا التأخير أن تصير بمعنى التذييل، ويكون المعنى: عذاب وهلاك للمكذبين يوم يقال لهم: ﴿ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المرسلات: 29]، وإما أن تكون جوابًا لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴾ [المرسلات: 8] فتكون الآية تأكيدًا لفظيًّا لنظيرتها المتقدمة، يقصد به المبالغة في التهديد والوعيد.


ثم انتقلت الآيات إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه إنذارًا للمشركين وإنعامًا على المؤمنين، مبينة وموضحة أن يوم القيامة تسكتهم الهيبة وذل الكفر، وأنه لا يسمح لأحدهم أن ينطق بحجة تنفعه، وهذا بعد أن تكلموا واختصموا، ثم ختم على أفواههم، فتكلمت أيديهم، وأرجلهم، وأسماعهم وأبصارهم وجلودهم، فحينئذ لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون، فلا تعارض، والآيات على ذلك معترضة بين قوله تعالى: ﴿ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المرسلات: 29] وقوله تعالى: ﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ﴾ [المرسلات: 38]؛ قال تعالى: ﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 35 - 37].


وقد تكرر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 37] في هذه الطائفةِ من الآيات أيضًا، وهو وارد؛ لمناسبته قوله تعالى: ﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ﴾ [المرسلات: 35]، فيكون تكريرًا لنظيره الواقع بعد قوله تعالى: ﴿ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المرسلات: 29] إلى قوله تعالى: ﴿ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴾ [المرسلات: 33] اقتضى تكريره عقبه أن جملة ﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ﴾ [المرسلات: 35]... إلخ تتضمن حالة من أحوالهم يوم الحشر لم يسبق ذكرها، فكان تكرير ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 37] بعدها لوجود مقتضي تكرير الوعيد للسامعين[17].


ثم انتقلت الآيات إلى خطاب المشركين ثانية في أرض المحشر وقد جمعهم الله وجميع الخلائق للعرض والحساب والفصل في يوم الفصل، فيثيب المحسنين ويعاقب المسيئين، ثم وبختهم وعجَّزتهم وذكرتهم بسوء صنيعهم في الدنيا من الكيد لدين الله ولرسوله وأنهم لا يستطيعون ذلك في الآخرة كما كانوا في الدنيا، والآيات - كما تقدَّم - تصوير لما يحدث يوم القيامة، والغرض منه تأكيد الوقوع لما يوعدون؛ قال تعالى: ﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ * فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 38 - 40].


وقد تكرر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 40] في هذه الطائفة من الآيات أيضًا، وهو وارد؛ لمناسبته قوله تعالى: ﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ﴾ [المرسلات: 38] فيكون تكريرًا لنظيره الواقع بعد قوله تعالى: ﴿ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المرسلات: 29] إلى قوله تعالى: ﴿ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴾ [المرسلات: 33] اقتضى تكريره عقبه أن جملة ﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ﴾ [المرسلات: 38]... إلخ تتضمن حالة من أحوالهم يوم الحشر لم يسبق ذكرها، فكان تكرير ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 40] بعدها لوجود مقتضي تكرير الوعيد للسامعين.


ثم انتقلت الآيات للحديث عن بعض نعيم المؤمنين في الجنة من ظلال الأشجار وأطايب الفواكه، وأن ذلك يعرض عليهم عرضًا، مع الإخبار أنه هنيء أكله محمود عاقبته، لا يطلبونه، وهذا من تمام كرامتهم على الله، وأن السبب في ذلك النعيم هو عملهم الصالح في الدنيا، كذلك قرر الله هذا النعيم للمحسنين، فكما تحدثت السورة عن بعض عذاب الكافرين في النار تحدثت عن بعض نعيم المتقين في الجنة، فيكون ذلك من باب المقابلة، والكلام مستأنف، ويكون المراد به التنويه بشأن المؤمنين، والتعريض بترغيب المشركين أن يقلعوا عن تكذيبهم رجاء أن ينالوا كرامة المتقين، ويجوز أن يكون الكلام ختام الكلام الذي يقال للمشركين في أرض المحشر المراد به زيادة التوبيخ والتقريع، وتنديمًا وتحسيرًا لهم، حيث حكى لهم ما فرطوا فيه من النعيم وبادر إليه المؤمنون؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 41 - 45].


وقد تكرر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 45] في هذه الطائفة من الآيات أيضًا، والقول في إعرابها إذا كانت الآيات من ختام الكلام الذي يقال للمشركين في أرض المحشر إما أن تكون متأخرة وحقها التقديم، والهدف من هذا التأخير أن تصير بمعنى التذييل، ويكون المعنى: عذاب وهلاك للمكذبين يوم يقال لهم: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴾ [المرسلات: 41]، وإما أن تكون جوابًا لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴾ [المرسلات: 8]، فتكون الآية تأكيدًا لفظيًّا لنظيرتها المتقدمة، يقصد به المبالغة في التهديد والوعيد، وإذا كانت الآيات مستأنفة فقوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 45] متصل بجملة: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴾ [المرسلات: 41]... إلخ لمقابلة ذكر نعيم المؤمنين المطنب في وصفه بذكر ضده للمشركين بإيجاز حاصل من كلمة: ﴿ وَيْلٌ ﴾ [المرسلات: 45] لتحصل مقابلة الشيء بضده، ولتكون هذه الجملة تأكيدًا لنظائرها[18].


ثم انتقلت الآيات إلى خطاب المشركين الموجودين الذين خوطبوا بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴾ [المرسلات: 7] بإمهال وإنظار لهم، ومبينة أن أكلهم وتمتعهم قليل في هذه الحياة الدنيا، ثم هددتهم بسوء المصير، وهذا مستفاد من وصفهم بالإجرام في مقابلة وصف المؤمنين بـ: ﴿ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المرسلات: 41]؛ قال تعالى: ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 46، 47]، وقد تكرر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 47] هنا أيضًا، والقول في إعرابها كالقول في نظيرتها المذكورة ثانيًا، فإما أن تكون متأخرة وحقها التقديم، والهدف من هذا التأخير أن تصير بمعنى التذييل، ويكون المعنى: عذاب وهلاك للمكذبين يوم يقال لهم: ﴿ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المرسلات: 29]، وإما أن تكون جوابًا لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴾ [المرسلات: 8]، فتكون الآية تأكيدًا لفظيًّا لنظيرتها المتقدمة، يقصد به المبالغة في التهديد والوعيد، ويزيد على ذلك بأن لها ارتباطًا خاصًّا بجملة: ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا ﴾ [المرسلات: 46]؛ لِما في ﴿ وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا ﴾ مِن الكناية عن ترقب سوء عاقبة لهم، فيقع قوله: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 47] موقع البيان لتلك الكناية؛ أي: ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا ﴾ [المرسلات: 46] الآن، وويل لكم يوم القيامة[19]، ثم انتقلت الآيات إلى تهديدهم مرة أخرى؛ حيث عطف قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴾ [المرسلات: 48] على قوله: ﴿ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 47]، والتقدير: ويل يومئذ للمكذبين الذين إذا قيل لهم: اركعوا، لا يركعون.


ويجوز أن تكون معطوفة على قوله تعالى: ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ ﴾ [المرسلات: 46]، وتكون الآية بذلك التفاتًا من الخطاب إلى الغَيبة.
والعطف على التكذيب أو الإجرام كلاهما سبب للتهديد بسوء المصير يوم القيامة، وعلى كلا الوجهين فالآية من الإدماج[20]؛ لينعَى عليهم مخالفتهم المسلمين في الأعمال الدالة على الإيمان الباطن؛ فهو كناية عن عدم إيمانهم؛ لأن الصلاة عماد الدين؛ ولذلك عبر عن المشركين بقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 5][21].


ثم تكرَّر قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 49] هنا أيضًا للمرة العاشرة والأخيرة، وهي متصلة بقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴾ [المرسلات: 48]، ويكون التعبير بـ: (المكذبين) إظهارًا في مقام الإضمار؛ لقصد وصفهم بالتكذيب، والتقدير: ويل يومئذ لهم أو لكم؛ فهي تهديد ناشئ عن جملة: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴾ [المرسلات: 48]، وتفيد مع ذلك تقريرًا وتأكيدًا لنظيرها المذكور ثانيًا في هذه السورة[22].


ثم خُتمت السورة بقوله تعالى: ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [المرسلات: 50]، الفاء رابطة بين الجواب والشرط المقدر، والتقدير: إن لم يؤمنوا بهذا القُرْآن فبأي حديث بعده يؤمنون، وقد دل على تعيين هذا المقدر ما تكرر في آيات: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾؛ فإن تكذيبهم بالقُرْآن وما جاء فيه من وقوع البعث.
والاستفهام مستعمل في الإنكار التعجيبي من حالهم؛ أي: إذا لم يصدقوا بالقُرْآن مع وضوح حجته فلا يؤمنون بحديث غيره[23].
هكذا تعاضدت وتآلفت وتشابكت آيات سورة المرسلات - كما رأينا - تآلف وتعاضد وتشابك سورتي البقرة وآل عمران، ورأينا كيف كان تكرار قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ الذي تكرر عشر مرات تكرارًا موظفًا يخدم الأغراض التي سيق وتكرر معها، وفي هذا دلالة على وجود النظم في القُرْآن الكريم.
... وبعد، فهذه بعض الأدلة على وجود النظم في القُرْآن الكريم، ولا أدعي أني جمعت كل هذه الأدلة؛ فالقُرْآن مليء بالأدلة على وجود النظم به. والله أعلم.


[1] "الإتقان" (1/ 219).

[2] "دلائل النظام" (ص: 59).

[3] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة، وسورة آل عمران))؛ رواه مسلم في صحيحه، كتاب/ صلاة المسافرين وقصرها، باب/ فضل قراءة القرآن وسورة البقرة رقم (804) من حديث أبي أمامة الباهلي، قال النووي: سميتا الزهراوين: لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما، قلت: أو لاشتمالهما على اسم الله الأعظم، كما سيتضح بعد قليل.

[4] انظر: "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم" (ص: 596، 595).

[5] انظر: "المرجع السابق" (ص: 300).

[6] "المسند" مسند/ القبائل، من حديث أسماء بنت يزيد رقم (27611). "سنن ابن ماجه"، كتاب/ الدعاء، باب/ اسم الله الأعظم رقم (3855). "سنن أبي داود"، تفريع أبواب الوتر، باب/ الدعاء رقم (1496)، "سنن الترمذي"، أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب (3478) كلهم عن أسماء بنت يزيد، وقد حسن.

[7] هي: البقرة، الأعراف، الحِجر، الإسراء، الكهف، طه، ص.

[8] انظر: "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم" (ص: 358، 357) والسور هي: البقرة، النساء، الأنعام، الأنبياء، النمل، سبأ، ص.

[9] عدد آياتها خمس وتسعون في العد الحجازي، وأربع وتسعون في العد الشامي والبصري، وثلاث وتسعون في العد الكوفي. انظر: "بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" للفيروزابادي ت (817هـ)، تحقيق: محمد علي النجار، نشر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية القاهرة، (1/ 348).

[10] انظر: "المسند"، مسند/ بني هاشم، مسند/ عبدالله بن عباس رضي الله عنه رقم (2008) ورقم (3419)، "سنن الترمذي"، أبواب/ تفسير القرآن الكريم، باب/ ومن سورة ص رقم (3232)، "صحيح ابن حبان"، تابع كتاب التاريخ، باب/ إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، ذكر الأخبار عن أداء العجم الجزية إلى العرب رقم (6686)، "المستدرك"، كتاب/ التفسير، باب/ تفسير سورة ص رقم (3617)، "أسباب النزول" للواحدي (ص: 366)، وقد حسن.

[11] انظر: "التحرير والتنوير" (23/ 227، 226) بتصرف.

[12] "تفسير أبي السعود" (7/ 228).

[13] "دلائل النظام" (ص: 55، 54).

[14] "النشر في القراءات العشر" (2/ 393)، "إتحاف فضلاء البشر" (ص: 561).

[15] هذا ما أميل إليه، واختاره أبو حيان في "البحر المحيط"، ورجحه مستدلًّا بالعطف بالواو في قوله تعالى: {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} [المرسلات: 3]؛ لأن العطف بالواو يقتضي المغايرة، ووافَقه على ذلك الطاهر بن عاشور، ويرى الزمخشري ومن وافقه: أن تكون والمرسلات إلى آخر الأوصاف: إما للملائكة، وإما للرياح.

[16] انظر: "التحرير والتنوير" (29/ 424) بتصرف وزيادة.

[17] انظر: "التحرير والتنوير" (29/ 141) بتصرف.

[18] انظر: "التحرير والتنوير" (29/ 445) بتصرف وزيادة.

[19] المرجع السابق (29/ 446) بتصرف وزيادة.

[20] الإدماج: هو أن يدخل المتحدث غرضًا في غرض، أو بديعًا في بديع، بحيث لا يظهر في الكلام إلا أحد الغرضين، أو أحد البديعين. انظر: "الإتقان" (3/ 298).

[21] انظر: "التحرير والتنوير" (29/ 447، 446) بتصرف.

[22] المرجع السابق (29/ 447) بتصرف وزيادة.

[23] انظر: "الجدول في إعراب القرآن" (29/ 210)، "التحرير والتنوير" (29/ 447).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 144.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 141.35 كيلو بايت... تم توفير 2.85 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]