|
|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
معنى كلمة (أوزعني) وأقوال المفسرين فيها
معنى كلمة (أوزعني) وأقوال المفسرين فيها حامد شاكر العاني المدلول اللغوي لكلمة ﴿ أَوْزِعْنِي ﴾: تشير كلمة (أوزعني) إلى كل ما هو كامن في وجدان وقلب وعقل سليمان عليه السلام لأجل أن يشكر الله عز وجل على نعمائه عليه، واختار القرآن هذه الكلمة للدلالة على أن سليمان عبر عن كوامنه بهذه اللفظة التي تعد من جوامع الكلم، وبهذه يتحقق الإعجاز البلاغي للقرآن في مضمون ما كان يختلج في صدر هذا النبي حينما سمع قول النملة وهي تخاطب قومها محذرة إياهم من المجزرة التي ستقع عليهم إن بقوا في بطن الوادي مكشوفين. قال الرازي: (وزع) (وَزَعَه) يَزَعُه (وَزْعاً) مثل وضَعَه يَضَعَه وَضْعاً أي كفَّه (فَاتَّزَع) هو أي كَفّ. و(أَوْزَعَه) بالشيء أَغْرَاه به. و(ٱسْتَوْزَعْتُ) الله شُكْرَه (فأَوْزَعَني) أي ٱسْتَلْهَمْتُه فأَلْهَمَني[1]. أقوال المفسرين في مدلول كلمة ﴿ أَوْزِعْنِي ﴾: قال الطبري: (قال ابن زيد: في كلام العرب أوزع فلان بفلان، يقول: حرض عليه، وقال ابن زيد: أوزعني: أي ألهمني وحرضني على أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي، وقوله: ﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحَاً تَرْضَاهُ ﴾ يقول: وأوزعني أن أعمل بطاعتك وما ترضاه)[2]. وقال ابن كثير: (أوزعني: أي ألهمني)[3]. وقال القرطبي: (أوزعني: ألهمني أي ألهمني ذلك وأصله من وزع، فكأنه قال: كُفَّنِي عما يُسْخِط)[4]. وفي فتح القدير: (قال في الكشاف: حقيقة أوزعني: أي اجعلني أزع شكر نعمك عندي، وأكفه وأرتبطه لا ينفلت عني حتى لا أنفك شاكراً لك، قال الزجاج: امنعني أن أكفر نعمتك)[5]. وقال سيد قطب: (واتجه إلى ربه في إنابة يتوسل إليه: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ ﴾ [النمل: 19].. (رب) بهذا النداء القريب المباشر المتصل.. (أوزعني) اجمعني كلي. اجمع جوارحي ومشاعري ولساني وجناني وخواطري وخلجاتي وكلماتي وعباراتي وأعمالي وتوجهاتي. اجمعني كلي. اجمع طاقاتي كلها أولها على آخرها، وآخرها على أولها (وهو المدلول اللغوي لكلمة أوزعني) لتكون كلها في شكر نعمتك عليّ وعلى والدي..)[6]. فكلمة (أوزعني) فيها من الإعجاز البلاغي ما يبهر البلغاء، فهي جامعة لكل تعبير يعبر به عن الإلهام النفسي للكف عن شكر غير الله المنعم المتفضل بكل أنواع الفضل، وقد تكررت هذه اللفظة في القرآن مرتين. في النمل وقد ذكرناها، وفي الأحقاف في قوله تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبَّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التِّي انْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾[7]، ومعنى أوزعني هنا: أي ألهمني ووفقني ورغبني[8]. قال السيد في الظلال: ... ﴿ رَبَّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التِّي انْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ ﴾ دعوة القلب الشاعر بنعمة ربه المستعظم المستكثر لهذه النعمة التي تغمره وتغمر والديه قبله فهي قديمة العهد به المستقل المستصغر لجهده في شكرها، يدعو ربه أن يعينه بأن يجمعه كله (أوزعني).. لينهض بواجب الشكر، فلا يفرق طاقته ولا اهتمامه في مشاغل أخرى غير هذا الواجب الضخم الكبير)[9]. إذن الآيتان اتفقتا لنفس المعنى، فمدلولهما واحد، لأن الجو واحد، وهو الطلب الكلي من الله سبحانه على شكران النعمة بكل ما تقتضيه هذه اللفظة من أن يلهمه ذلك، والتي هي من جوامع الكلم. فقد يعدد المرء الوسائل الكثيرة ويستغرق في اختيار الألفاظ المناسبة على شكران النعمة من أجل أن يصل إلى ما تتوق به نفسه، وقد لا يصل إلى تحقيق ذلك، بينما نجد القرآن الكريم قد عبر عن جميع هذه الوسائل بلفظة (أوزعني)، وهي الجامعة لذلك. ومثل هذه الكلمات قد لا تصدر إلاَّ من أهل الصلاح وخالصي التقوى، ففي الآية الأولى صدرت من نبي الله سليمان عليه السلام، وقلوب الأنبياء أطهر القلوب ولا يعدلها قلب، فقلوبهم مفعمة بالإيمان والتسليم المطلق لله رب العالمين، فهم أكثر الناس معرفة بأنفسهم وبربهم، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَنَا أَعْرَفُكُمْ بِاللهِ وَأَشَّدُكُمْ لَهُ خَشْيَةً))[10]، وفي الثانية قد تصدر من قلب عبد صالح متجرد لخالقه يريد أن يشكره على نعمه وآلائه، ومن تلك النعم نعمة الوالدين المُسْلِمَينِ، ونعمة التدرج بتكوينه في رحم أمه – أي الأطوار التي مر بها – حتى خرج إلى هذه الدنيا طفلاً، ثم بلوغه ما بين الثلاثين إلى الأربعين. والأربعون هي غاية النضج والرشد، وفيها تكتمل جميع القوى والطاقات، ويتهيأ للتدبر والتفكر في اكتمال وهدوء، وفي هذه السن تتجه الفطرة المستقيمة إلى ما وراء الحياة، وما بعد الحياة، وتتدبر المصير والمآل[11]. [1] ينظر: مختار الصحاح: 719، مادة (وزع). [2] ينظر: تفسير الطبري 9/504. [3] ينظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/347. [4] ينظر: تفسير القرطبي 13/159. [5] ينظر: فتح القدير 4/187. [6] ينظر: في ظلال القرآن 6/268. [7] سورة الأحقاف الآية 15. [8] ينظر: تفسير كلمات القرآن الكريم ص 504. [9] ينظر: في ظلال القرآن 7/416. في معرض تفسيره لسورة الأحقاف. [10] صحيح البخاري 10/437، وصحيح مسلم (2356)، وسنن أبي داود 2/788 برقم (5265)، ومسند أحمد 2/212 و 449 برقم (8115)، (9800)، وصحيح ابن حبان 12/463 برقم (5647)، مسند أبي يعلى: 11/194 برقم (6304)، وسنن البيهقي الكبرى 5/214 و 183 برقم (9849) و (8615). [11] ينظر: في ظلال القرآن 7/416.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |