بعض المحظور والممنوع في التجارات والبيوع - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 390969 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856429 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-10-2022, 01:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي بعض المحظور والممنوع في التجارات والبيوع

بعض المحظور والممنوع في التجارات والبيوع
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين آمين.

قال الله سبحانه وتعالى في محكم آياته: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9]، فهذه الآية تحرم البيع والشراء أثناء الخطبة إذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة، أمرنا بأن نترك البيع، وأيضًا قال سبحانه: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، وقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].

وكلُّ البيوعِ والتجارات، وكلُّ المعاملاتِ الماليَّةِ جائزةٌ، والتعاملُ بها حلالٌ؛ إلَّا ما جاء الشرع بحظره وتحريمه، فالمعاملاتُ المحرَّمةُ محصورةٌ، منصوصٌ عليها، وأمَّا المعاملاتُ الجائزةُ فواسعةٌ وكثيرةٌ وغير محصورة.

وسأذكر في هذه الخطبة بعضَ البيوع المحرَّمة، وليس كلَّها، فالمجال لا يتَّسِع للجميع، فلنذكر بعض ما جاءت النصوص في تحريمه لنحذرَها ونبتعدَ عنها:
وأولها- والكلُّ يعرف هذا البيع المحرم، ألا وهو- الغِشُّ، بيعُ السلعةِ أو البضاعةِ المغشوشةِ لا يجوز، وذلك لما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عندما (مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ)؛ يعني: كومة من القمح- هذه الكومة في الظاهر أنها جيدة- (فَــــ) عندما دسَّ أصابعه فيها صلى الله عليه وسلم و(أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا)، والرجل البائع لم يقصد الغش، والشرع اعتبره غشًّا (فَقَالَ: ((مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟!))، (قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ)؛ أي: أصابه المطر؛ فلذلك غطاه بمثله لكن من الجاف، فـــ (قَالَ) صلى الله عليه وسلم: ((أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي))، (م) (102)؛ أي: ليس على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في عدم الغِشِّ، وبيانِ السلعةِ على ما فيها، وكم من الناس من يغش في الحيوانات، ويغش في السيارات، ويغش في البضائع، كلُّه حرام، والمال المتحصل عليه هذا مال محرَّمٌ، وهو يحسب أنه كسبه بشطارته ومهارته، وإنما سوَّل الشيطان له ذلك، إذا أردت أن تبيع بضاعةً أو دابَّةً معيبة؛ فبيِّن عيبَها حتى يكون مالُك حلالًا.

ثانيًا: ‌‌(بيع الغرر)؛ وَالْغَرَرُ: هُوَ الْمَجْهُولُ الْعَاقِبَةِ، فَإِنَّ بَيْعَهُ مِن الْمَيْسِرِ الَّذِي هُوَ الْقِمَارُ؛ كما في تقريب فتاوى ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه (4/ 148).

فبيعُ الغرر من الميسر، من القِمار أن تغرَّ غيرك بشيء مجهول، ما هو معروف صفةً وذاتًا، وكمالًا أو نقصًا في الكمال، فـعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ("نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ")، (قَالَ) أحد الرواة وهو (أَيُّوبُ: وَفَسَّرَ يَحْيَى بَيْعَ الْغَرَرِ)، وضرب لنا بعض الأمثلة، فـ (قَالَ: إِنَّ مِنَ الغَرَرِ ضَرْبَةَ الْغَائِصِ)؛ يعني: تقول لغوَّاصٍ أو صائدِ سمك: أول ما يخرج معك من السمك، أنا أشتريه بعشرة أو بمائة شيكل، أول ما تخرجه أنت في شبكتك هذه، والكيل والكم هذا مجهول، هذا البيع حرام حتى يكال ويوصف ويعرف، كذلك بيع الغرر إذا فرت دابة كثورٍ أو كبشٍ أو نحو ذلك، وما استطاعوا من اللحاق به، أتبيعه يا فلان؟ نعم أبيعك، وهو شارد، هذا لا يجوز حتى تملكه وتُسلِّمه، (وَبَيْعُ الْغَرَرِ الْعَبْدُ الْآبِقُ)، (وَ) كذلك (بَيْعُ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ)، أيضًا لا يجوز، (وَبَيْعُ الْغَرَرِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ)؛ كأن تقول: ما في بطن الدابة، أنا أشتريه، ما في بطن هذه الفرس، أو ما في بطن هذه الناقة، أو هذه البقرة أشتريه، تشتري ماذا؟! وهل تضمن أنه يخرج حيًّا؟! أو ما شابه ذلك، انتظر حتى تشتري ما هو ظاهر وواضح، (وَبَيْعُ الْغَرَرِ) بيعُ (تُرَابُ الْمَعَادِنِ)، تربة مليئة بمعدن الحديد، أو ذرَّات الذهب، أو ذرات الفضة، ويشتريها إنسان، هذه أيضًا منهيٌّ عنها حتى نعلم كم فيها من ذهب؛ لأنك لا تشتري التراب؛ وإنما تشتري المعدن، (وَبَيْعُ الْغَرَرِ) أيضًا بيع (مَا فِي ضُرُوعِ الْأَنْعَامِ) من لبن (إِلا بِكَيْلٍ)؛ (حم) (2752)، وقال الأرناؤوط: حسن لغيره.

فاللبن الحليب الذي في ضرع البقرة أو الناقة أو الشاة بيعه لا يجوز حتى يخرج، ثم يُكال.

كذلك ولا يجوز بيع الصوفِ في الظهر، والسمنِ في اللبن، ولا بيع الثمر حتى يصلح؛ يعني: يصلح للأكل.

ولا يجوز بيع الميتةِ، كما لو ماتت عندك شاة أو ناقة أو بقرة لا يجوز بيعها، إن ذكيتها جاز بيعها، وإن لم تذكِّها لم يجز بيعها، ولو جاءك إنسان وقال: أنا أشتريها ولو كانت ميتة، بيعها حرام، ودراهمها حرام، (و) كذلك بيع (الخنزيرِ) لا يجوز، (و) بيع (الكلبِ) لا يجوز؛ إلا ما استثناه النبي صلى الله عليه وسلم من كلاب الزرع والحرث والماشية والصيد ونحو ذلك، (و) كذلك بيع (السِّنَّورِ)؛ وهو القط، والناس يعرضون لها أسواقًا في هذه الأيام تعرض على صفحات الفسبكة ونحوها، قِطٌّ أو كلبٌ في صورة معينة يُباع للزينة، هذا حرام لا يجوز، (و) كذلك بيع (الدمِ) والمقصود أجرة الحجَّام، فثمن الحجامة حرام، وقال بعضهم: كانوا يشترون الدماء ليأكلوها، سواء هذه أو هذه؛ ولذلك التبرع بالدم جائز أما بيعه فلا، (و) كذلك ثمنُ (عسبِ الفحلِ)؛ كأن يكون عند بعض الناس بقرة يذهب بها إلى الثور، أو يأتي بالثور إليها، ثم يعطي صاحب الثور ثمنًا للعشار، فهذا أيضًا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمنه؛ ولكن إن أعطاه شيئًا من قِبَلِ نفسه كهدية جاز إن شاء الله، (و) كذلك بيع (كلِّ حرام)، فالمحرَّمات لا يجوز بيعُها.

(و) كذلك (لا يجوز بيع الخمر) وعائلتِها المقرَّبة؛ هل للخمرة عائلة؟ نعم، عائلتها من المخدرات، والأفيون، والحبوب المنوِّمة والحشيش، (وكلُّ ما) خدَّر وأسكر، هذه من عائلتها المقربة، ولا يجوز الاتِّجار فيها.

أما العائلة البعيدة فهي الاتِّجار والبيع في المسكنات والمفترات؛ مثل: الدخان، والتتن، والشيشة والأرجيلة ونحوها، فبيعها وشراؤها واستخدامها كُلُّه لا يجوز.

(ولا يجوز بيع الأصنام، و) لا بيع (الأوثان)، ولا صور ما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، ولا تجوز التجارة في كتب الكفر والضلال، وكتب الإلحاد، ولا يجوز أيضًا بيع المجلات الإباحية ونحوها.

(ولا يجوز بيعُ حَبَلِ الحَبَلَة)، وهذا يوضِّحه حديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ»، قال: (وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ - أي: الناقة- إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا)؛ (خ) (2143)، (م) 5- (1514).

"حَبَل الحَبَلة"؛ الحَبَلة؛ أي: الجنين في داخل بطن الدابَّة، وهو يبيع إلى حبل ما في داخل البطن؛ يعني: تولد، ثم تكبر، ثم تحمل، ثم تلد، هذا اسمه بيع حبل الحبلة، هذا لا يجوز.

(و) كذلك (نهى عن المحاقلة)؛ والمحاقلة مأخوذة من الحقل، وهي اكتراء الأرض بالحنطة؛ يعني: أعطيك هذين الدونمين على أن تعطيني عشرة أكياس من القمح، تعطيني إياها الآن، هذا ما ينبغي؛ لأنه ربما يزرعها قمحًا فلا تأتي لا بالعشرة أكياس ولا أقل، وربما تأتي بأكثر، أما اكتراء الأرض بالدراهم والدنانير؛ فهذا لا بأس به، أمَّا بالطعام من القمح والشعير فلا.

وقيل: المحاقلة: هي بيع الطعام والقمح وهو في سنبله يبيعه بالبر؛ النهاية (1/ 416).

كم ثمن هذا الحقل؟ فيشتريه وهو أخضر، يشتريه بالبر هذا لا يجوز، أما الاشتراء بالنقود فهذا جائز.

(و) كذلك (نهى) صلى الله عليه وسلم (عن المزابنة)؛ وهي بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر؛ النهاية (2/ 249)، يقدرها كم عليها من رطب؟ ويقول: أشتريها منك، والثمن يدفع تمرًا يابسًا، لا يجوز.

(ونهى عن) بيع (المعاومة)؛ وهي بيع تمر النخل والشجر عمومًا سنتين وثلاثًا فصاعدًا؛ النهاية (3/ 323)، بيع للمستقبل إذا كان كيلًا في وقته جاز، أما يبيعه جزافًا فلا يجوز.

(ونهى عن العربون)؛ العربون معروف؛ يدفع من الثمن الإجمالي درهمًا معينًا لشراء بضاعة، فإن أتم البيع كان من الثمن، وإن لم يتم البيع لم يرده عليه، ولا يرجعه إليه، وهذا لا يجوز؛ إلا في حالة واحدة، يجوز فيها أخذ العربون، وذلك عند يكون تراجع هذا الرجل الذي دفع العربون قد سبب له خسارة في التأخير، ونحو ذلك فتقدر الخسارة بهذا الدرهم، أو بزيادة عليه يدفعها ذاك المشتري الذي ترك البضاعة، أو يرد عليه شيئًا من الدرهم إذا كانت خسارته أقل.

(و) كذلك (نهى عن) بيع (العنب إلى من يتخذه خمرًا)، تعرف أناسًا معينين أو مصنعًا معيَّنًا يتخذه خمرًا لا يجوز لك أن تبيعه العنب، (ونهى عن بيع السلاح)؛ كالسكاكين في الفتنة بين المسلمين، ترى عائلات من المسلمين تقتتل فيما بينها، وجاء أحدهم يشتري منك سكينًا ونحو ذلك، لا تبعه، حرام عليك بيعه؛ لأنك تساعد على الحرام والقتل.

(و) كذلك (نهى) صلى الله عليه وسلم (عن بيع ما اشتراه قبل قبضه) فعلًا أو حكمًا، اشتريت من إنسان شيئًا ولم تقبضه، ثم تبيعه، وتقول للمشتري: اذهب إلى البائع الذي اشتريت منه، وخُذ منه بضاعتي، لا يجوز حتى تقبضه عندك، حتى يكون بيعًا حلالًا مباركًا فيه.

(ولا يصح الاستثناء في البيع؛ إلا إذا كان معلومًا، ومنه استثناء ظهر المبيع)، تقول: أبيعك كذا، ولا أسلمك المبيع إلا بعد كذا، إلا في حالة واحدة أو أكثر؛ وهي أن تبيعه هذه الدابَّة، وأنت في مكان بعيد عن المنزل، وتشترط أن تركبها بعد البيع لتوصلك إلى البيت، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع جابر رضي الله عنه، اشترى منه بعيره، وقال: يا رسول الله، حتى أصل إلى البيت، قال: حتى تصل إلى البيت، فقد قَالَ صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: ((بِعْنِيهِ))؛ أي: بعني جملك، وكانوا في سفر، قال جابر رضي الله عنه: (فَقُلْتُ: بَلْ، هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((بَلْ بِعْنِيهِ، قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الـمَدِينَةِ))؛... (خ) (2309). وهذا جائز.

وكذلك استثناء سكنى البيت لمدة معلومة، كالذي يبيع بيته، ويستثنى السكنى فيه لمدة معلومة؛ ستة أشهر أو أكثر حتى يخليه أيضًا هذا من النوع الجائز.

(و) نهى صلى الله عليه وسلم عن النجش و (التناجش)؛ فقال: ((ولا تناجشوا))، والنجش؛ هو أن يمدح السلعة لينفِّقَها ويروِّجَها، أو يزيدَ في ثمنها وهو لا يريد شراءها؛ ليقع غيره فيها؛ النهاية (5/ 21)؛ يعني: يزيد في السلعة ولا يريد الشراء فقط ليغُرَّ غيره.

(والبيع على البيع)، على بيع أخيك المسلم، رأيت أخًا لك قد اشترى وتمت الصفقة، والآن تقبيض المبلغ، وإذا بك تدخل وتقول: بكم هذا؟ قالوا: بعشرة، قال: أشتريه بخمسة عشر، فهذا منك لا يجوز، حتى يتم بيعه، ويشتريها من ذاك الرجل فتشتريها منه، أو يدعها، فقد ثبت أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((... وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ،...))؛ (خ) (2150)، (م) 11- (1515).

(ولا يجوز الاحتكار)؛ وهو حبس السلع عن البيع ومنعها، وتخزينها؛ إرادة غلائها؛ النهاية (1/ 417).

وكذلك الرِّبا من المعاملات المحرَّمة، فليستعد المتعامل بالرِّبا لحرب من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، (فيَحرم بيع الذهبِ بالذهب، والفضةِ بالفضة، والبُّرِّ بالبر، والشعيرِ بالشعير، والتمرِ بالتمر، والملحِ بالملح؛ إلا مثلًا بمثل، ويدًا بيد)، ولو كان هذا من نوع، وهذا من نوع آخر، وهذا جيد، وهذا رديء؛ لكن بع الرديء بالدراهم، واشترِ ما شئت من الجيد، (وفي إلحاق غيرها بها خلاف، فإن اختلفت الأجناس جاز التفاضل)، والبيع (إذا كان يدًا بيد)، تشتري تمرًا بملح جاز؛ لكن يدًا بيد يكون في الحاضر، ليس في المستقبل، (ولا يجوز بيع اللحم بالحيوان)، عنده عشرون كيلوجرامًا من اللحم لا يجوز أن يشتري بها خروفًا، أو عنزًا أو نحو ذلك، ميت بحي، هذا لا يجوز، (ويجوز بيع الحيوان) الكبش باثنين، البعير باثنين أو أكثر من جنسه أو غير جنسه؛ انظر الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (5/ 2505).

ويجوز بيع الجمل باثنين، أو بقرة ببقرتين أو ثلاث بقرات، هذا جائز، أما اللحم بالحيوان فلا يجوز.

(ولا يجوز بيع العينة)؛ هو أن يبيع أو يشتري من رجل سلعة بثمن معلوم، إلى أجل مسمَّى معلوم، ثم يشتريها منه سُجِّلت عليه بعشرة، فيشتريها البائع منه بثمانية، فأخذ الفلوس وبقي في ذمته عشرة، هذا بيع العينة لا يجوز، بأقل من الثمن الذي باعها به؛... انظر النهاية (3/ 333- 334).

أما إن اشترى رجلٌ سلعةً بثمن معلوم، إلى أجلٍ مسمَّى، ثم باعها لغير بائعها بأقل من الثمن الذي باعها به فذلك جائز، اشتراها بعشرة، ثم ذهب إلى تاجر وباعها بأقل من عشرة جاز؛ لأنه لم يبعها لنفس الرجل.

وهذه الأمور بعض ما ذكر في كتب الفقه ونحوها من البيوع المحرمة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الآخرة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
هذه الدنيا وما فيها من بيوع، وما فيها من غِشٍّ وغررٍ وتناجش، وما فيها من احتكار وربا، وما فيها من مخالفات ومحرَّمات، هذه البيوع وأمثالها لا وجود لها في الآخرة، ما في الآخرة بيوع مثل هذه البيوع؛ لذلك قال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254]، يوم القيامة لا بيع فيه، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ ﴾ [إبراهيم: 31].

لكن هناك من يتاجر مع الله سبحانه وتعالى في الدنيا تجارةً رابحةً لن تبور، يجد ربحها العظيم يوم القيامة، فالله المشتري، وأنت البائع، والسلعة عبادتك وطاعتك لربِّك، وعملك الصالح الذي تقدِّمه إلى الله، والربح الجنة ورضا الله يوم القيامة، قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].

والجنة فيها أسواق لغير ما نعلمه من أسواق الدنيا، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ فِي الْجَنَّةِ سُوقًا يَأتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ))، ((فِيهَا كُثْبَانُ))؛ جمع كثيب؛ أَيْ: تلال ((الْمِسْكِ))، والمسك من أجود العطور، وهو عبارة عن شيء دقيق يذر ذرًّا ليس سائلًا؛ وإنما هو كالدقيق والطحين يدخل تحت الثياب ونحوها، ((فَإِذَا خَرَجُوا إِلَيْهَا هَبَّت)) خرجوا إلى السوق، هبت عليهم ((رِيحُ الشَّمَالِ، فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهمْ وَثِيَابِهمْ)) ((وَبُيُوتِهمْ مِسْكًا))، ((فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا))، انظر إلى هذه السوق، وانظر إلى تلك البضاعة، وانظر إلى ما اشتروه من الله عز وجل، فيزدادون حسنًا وجمالًا ((قَالَ: فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ))؛ يعني: النساء لا تخرج للسوق في الجنة، الرجال يخرجون، والنساء والأهل تبقى في بيوتهن مقصورات في الخيام، لا يخرجن ولا يراهن إلا أزواجهن، فيقول لهم أهلوهم: ((وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ)) هذا كلام الأهل والنساء، الآن كلام الرجال الذين جاءوا من السوق فيقولون: ((وَأَنْتُمْ وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا))؛ الحديث بزوائده عند: (م) 13- (2833)، (حم) (14035)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

فهذه السوق التي في الجنة لا يوجد فيها ما يوجد في أسواق الدنيا، وأسواق الدنيا فيها الخير الكثير، وفيها الربح الوفير، وفيها المحرمات، وفيها كثرة الأيمان والحلف، وما شابه ذلك، فهذه سوق الدنيا تحتاج إلى تقوى الله سبحانه وتعالى، في البيع والشراء، وتذكُّر ما عند الله من عقاب لكل من يخالف، وتذكُّر ما عند الله من أسواق الآخرة، التي هي أفضل وأجمل، وأعلى وأعظم، ولا مقارنة بينها وبين أسواق الدنيا بأكملها.

صلوا على رسول الله فقد صلى الله عليه في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عن الخلفاء الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وارْضَ عنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَينًا إلا قضيتَه، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا إلَّا رددته إلى أهله سالمًا غانمًا يا رب العالمين.

اللهم كُنْ معنا ولا تكنْ علينا، اللهم أيِّدْنا ولا تخذلنا، اللهم أيِّدْنا ولا تخذلنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.79 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]