هلك العبد وباغ في نعمة الفراغ! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 28 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859154 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393474 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215762 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-01-2020, 06:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي هلك العبد وباغ في نعمة الفراغ!

هلك العبد وباغ في نعمة الفراغ!




عبدالله لعريط





إن الحمدَ لله تعالى نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.

باغَ فلانٌ: هلك.

يظنُّ كثير من الناس أن الفراغ نقمة يَضيقون بها ذرعًا، فتراهم يتحسَّرون ويَضطربون ويصابون بالملل والضجر وقت فراغهم، فيلتجئون لملْء فراغهم بما لا فائدة فيه، بل ربما إلى ما يعود بالضرر عليهم في دينهم ودنياهم، كما يفعل غالبية الناس في وقت عطلتهم حينما يُسافرون إلى بلاد الكفر ويَقصدون أماكن المنتجعات الصيفية وغيرها من الأماكن التي ترتكب فيها المنكَرات، أو تراهم يلتجئون إلى البحار والأنهار والمنتزهات والملاهي وغيرها دون تقيُّد بضوابط الشرع! قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾ [مريم: 83]، (أزَّ الرَّجلَ: أغراه وهيَّجه وأثاره وأزعجه)، قيل: تُقلقهم فتدفعهم لارتكاب المعاصي.


فهذا - عياذًا بالله - درب الكافرين الذين ليس لهم همٌّ في هذه الحياة سوى الشهوات والملذات، فإذا فاتتهم أو افتقدوها اضطربت وتهيَّجت طباعهم فيُسكِّنون حسراتهم بالمُسكرات والمخدرات والمنكرات.

والفراغ إن لم يبادر العبد لملئه بما ينفعه، فإنه لما يَضرُّه سيدفعه.

من الناس - مِن كثرة الفراغ القاتل - مَن يشرب المسكرات ويتعاطى المخدرات ويبيت ليله في المُنكرات، ولجهله وغبنه يظن أن ذلك يُخفِّف عنه هذه الآهات والحسرات وهيهات هيهات! فالمسلم مطالب أن يقيِّد نفسه بقيود الشرع، وليُجنِّب نفسه فخ الفراغ المهلك.

نعمة الفراغ:
ففي حقيقة الأمر: إن الفراغ نعمة ينعم به الله على من يشاء من عباده؛ روى الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((نِعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ))، (الغبن: غبن رأيه: نَقَص وضَعُف، وقلَّت فطنتُه وذكاؤه)، فالمغبون هو المحروم الذي يُحرم من الخير ويفوته نفعه لضعفِه وقِلَّة فِطنته، وهكذا المغبون في وقت فراغه يفوته منفعته ويُحرم خيره؛ لجهله بهذه النعمة التي لو شغلها بما ينفعه لنال بها ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.

مثال من الواقع:
وقت رمضان الفضيل مِن ذهب، وليلة القدر خير من ألف شهر، لكن من الناس مَن تضيع منه هذه الأوقات في السهرات ومُؤانسة الملذات، وهو من أعظم الحرمان؛ فالمحروم من حُرم خير هذه الليالي المباركة.

الحديث الشريف بيَّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الفراغ نعمة كنعمة الصحة تمامًا، لكن القليل من يستغلها في المنافع، والكثير من يُضيِّعون أوقات فراغهم في المجون وملء البطون، وتتبع العوْرات والعثرات، والقيل والقال، وإضاعة المال، فينبغي للعبد استغلال وقت فراغه واستثماره بما يعود عليه بالنفع في معاشه ومعاده.

من طرق استثمار وقت الفراغ:
تنظيم الوقت ومِلؤه بالمنافع: يجب أن يقسم الإنسان وقت يومه فيجعله ساعة وساعة؛ روى مسلم عن أبي عثمان النهدي عن حنظلة الأسيدي قال: وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله! ما تقول؟! قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى عليه وسلم يُذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافَسْنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلتُ: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما ذاك؟)) قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرُشِكم، وفي طرُقِكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة)) ثلاث مرات.

فمثلاً:
يشتغل الإنسان بشيء يتكسَّب منه؛ كتعلُّم حرفة أو مهنة، أو يتعلم شيئًا فيه منفعة كالسياقة مثلاً.

أو يشتغل الإنسان ببيع كتب أو مجلات أو أشرطة أو ملابس وغيرها من الطيبات ولا يستحي من ذلك؛ فقد رعى نبي الله صلى الله عليه وسلم الغنم على دريهمات لأهل مكة، ودعا إلى الشغل والعمل بدل القعود والجمود والكسل؛ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم))، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: ((نعم؛ كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة))، القيراط الذي هو جزء من الدينار أو الدرهم، ثم يحث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك؛ فقد ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يأخذ أحدكم حَبله، ثم يغدو إلى الجبل فيَحتطب، فيَبيع فيأكُل، ويتصدَّق - خيرٌ له من أن يسأل الناس)).


يسعى المسلم وقت فراغه في طلب العلم والزيادة منه؛ قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، كلمة زدني: تبيِّن أنه ليس للمتعلم فراغ، بل هو دومًا مشغولٌ بطلب الزيادة، ومهما بلغ طالب العلم من العلم ما بلغ فإنه لن يبلغ ما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم، واللهُ يطلب منه الزيادة، وقد سافر نبي الله موسى عليه السلام في طلب العلم والزيادة منه بوحي من ربه - سبحانه وتعالى - فهكذا ينبغي لطالب العلم ألا يركن ولا يخلد للراحة التي قد تدفعه للشرور، كفاه فخرًا أن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يفعل؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يفعل))؛ صحيح أبي داود للألباني.

كذلك إن كان الإنسان متعلمًا لشيء فيه منفعة يسعى ليُعلِّم غيره هذا العلم.

يسعى الإنسان وقت فراغه في حفظ القرآن، وإن كان حافظًا يُعلمه غيره؛ أخرج البخاري عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

ملاحظة: مَن بيده وسيلة كالإنترنت مثلاً يشغل وقته بنشر ما لديه من علم على صفحاتها، أو يُخصِّص وقتًا يجتمع فيه بالصالحين في هذه المجموعات التي يتواصل من خلالها بأهل الخير فيُعلِّم ويتعلَّم.

كذلك يسعى وقت فراغه ليَزور أقاربه وأرحامه خاصة المرضى منهم؛ روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سرَّهُ أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره فليَصِل رحمه))، (من سرَّه: وهو السرور الذي يجده العبد أثناء قيامه بهذا العمل الشريف).


وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله - عز وجل - يقول يوم القيامة: يا بن آدم، مرضتُ فلم تعدْني، قال: يا ربِّ، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تَعُدْه؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟!))، لوجدتني: بالفضل والعطاء والخير والثناء.


يسعى وقت فراغه للسفر، وفي السفر منافع عديدة؛ منها: تغيير الأجواء، وربما يجد المحروم أو المهموم ضالته في سفره؛ قال الله تعالى: ﴿ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ﴾ [النساء: 97]، ﴿ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ ﴾ [التوبة: 2].

يقول الإمام الشافعي - رحمه الله - في فوائد السفر:
تغرَّب عن الأوطان في طلب العُلا
وسافر؛ ففي الأسفار خمس فوائد

تفرُّج همٍّ، واكتساب معيشةٍ
وعلم، وآداب، وصحبة ماجد



يشغل الإنسان نفسه وقت فراغه برياضة البدن بشتى طرقها المشروعة؛ أخرج السيوطي في الجامع الصغير: "علموا أبناءكم السباحة، والرماية، ونِعمَ لهْو المؤمنة في بيتها المغزل".

الخلاصة: إن الإنسان لو اشتغل بهذه المنافع لم يجد في يومه وقتًا للراحة سوى وقت خلوده للنوم.

حديث عظيم الفائدة: روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أصبح منكم اليوم صائمًا؟)) قال أبو بكر: أنا، قال: ((فمَن تبع منكم اليوم جنازة؟)) قال أبو بكر: أنا، قال: ((فمَن عاد منكم اليوم مريضًا؟)) قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله: ((ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة)).

فائدة الحديث: فانظر، فهي أعمال لا علاقة لها بدنانير الدنيا ودراهمها، ولكن هو الاشتغال بالآخرة ونعيمها.

هنا نقول: فمن فاتته الدنيا وربما غُلقت في وجهه أبوابها، فليفتح أبواب آخرته فقد أقبلت عليه بخيرها وبرها.

في الحقيقة: إن المؤمن لا فراغ له في دنياه حتى يلقى ربه ويدخل قبره، ومستراحه في جنته ودار مقامته؛ قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ﴾ [عبس: 23]، فالكافر لم يؤدِّ ما فُرض عليه من الفرائض لربه - عزَّ وجلَّ - فلو أداها لانشغل بها عن الكفر، وبالتالي لا يستوي الكافر مع المؤمن المنشغل طوال وقته بعبادة ربه بين الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من الواجبات، هذه الفرائض الموقوتة والمحددة بأوقات معلومة ومع العمل لدنياه مِن تكسُّب وتعلم وتريُّض وترويح عن النفس مما تجعل المسلم منشغلاً طوال وقته، لا يَستسلِم للملل ولا يركن للكسل، فحياته شغل وعمل وانتظار للآخرة دار المستراح والأمل.

المُجاجة: يقول الإمام الشافعي - رحمه الله -:
سافر تجد عوضًا عمَّن تُفارقه
وانصَبْ؛ فإن لذيذ العيش في النصَبِ

إني رأيت وقوف الماء يُفسده
إن ساح طاب وإن لم يَجرِ لم يَطبِ

والأسدُ لولا فراق الأرض ما افترسَت
والسهم لولا فراق القوس لم يُصِبِ

والشمس لو وقفت في الفلك دائمةً
لملَّها الناس من عجم ومِن عرَبِ

والتِّبر كالتُّربِ مُلقًى في أماكنه
والعود في أرضه نوع مِن الحطَبِ

فإن تغرَّب هذا عزَّ مطلبُه
وإن تغرب ذاك عزَّ كالذهبِ



اللهم اشغل أوقاتنا بما يعود علينا بالنفع في العاجلة والآجلة، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أَغنِنا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، ومتِّعنا بأسماعنا وأبصارنا، واجعله الوارث منا، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.02 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]