الخيانة الزوجية: أسبابها وكيفية الوقاية منها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7820 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 45 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859363 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393679 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215898 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-09-2019, 06:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي الخيانة الزوجية: أسبابها وكيفية الوقاية منها

الخيانة الزوجية: أسبابها وكيفية الوقاية منها


د. أنس محمد الغنام



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الزواج آيةٌ من آيات الله عز وجل؛ حيث جعل فيه السكن والمودَّة والرحمة بين الزوجين؛ لكي تتكوَّن الأسرة، وتعمر الحياة عن طريق هذا التزاوج؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].



وكلما كانت المودة والرحمة متأصِّلةً بين الزوجين، كانت حياتهم أسعدَ، والمعيشة فيما بينهم أجمل؛ ولكن قد يحدث ما يُعكِّر صفو هذه الحياة، ويذهب بالمودَّة منها، ويحل محلَّها النزاع والشقاق، حتى تصل إلى حافة الهاوية، ثم إلى الانهيار.



إنها الخيانة الزوجية التي تحيل السعادة إلى حزن وشقاء، والمودَّة والرحمة إلى كراهية وبغضاء، والاستقرار إلى شقاق ونزاعات يترتَّبُ عليها ضياعُ الأسرة، وضياع الأولاد من ورائها.



إن هذه الجريمة النكراء قد كثرت في زماننا بين الأزواج والزوجات؛ وذلك بسبب ضعف الوازع الديني، وقلة خشية الله عز وجل في القلوب، بالإضافة إلى وجود وسائل الاتصالات الحديثة؛ مثل: التليفونات المحمولة، والإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، كل ذلك له أكبر الأثر في شيوع هذه الجريمة، وكثرة وقوع الأزواج فيها؛



لذلك ينبغي أن يُوجِّه العلماء والدُّعاة والمصلحون جهودَهم لتوعية الأزواج من مخاطر هذه الجريمة في الدنيا والآخرة، وأن يُبيِّنوا أسبابها، وكيفية الوقاية من الوقوع فيها حتى نُجنِّبَ أُسرَنا ومجتمعاتنا التفكُّكَ والانهيارَ.



أسباب الوقوع في الخيانة الزوجية:

1- ضعف الوازع الديني:

وهو أكثر الأسباب وأهمُّها، فكثيرٌ من الأزواج قلَّتْ مراقبتُهم لله عز وجل، وخشيتُهم منه، حتى استهانوا بالوقوع في الخيانة، وأخذوا يبحثون لها عن مُبرِّرات للوقوع فيها، وكل ذلك من تلبيس الشيطان عليهم، وضحكه على عقولهم، ولو أنهم اتقوا الله حقَّ تقاته، وخشوه حقَّ الخشية، لسهل عليهم أن يتجنَّبوا هذه الخيانة.



وعلاج ضعف الوازع الديني: إنما يكون باستحضار عظمة الله عز وجل وكثرة مُراقبته، وأن يعلم أن الله عز وجل مُطَّلِعٌ على خيانته، عالمٌ بها، مهما استخفى بها واستتر؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61]، كما قال أيضًا: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]، كما عليه أن يستحضر أن هناك ملائكة يحصون عليه أعماله، ويرقبون أفعاله؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]، وأن هناك كتابًا سيُدوَّن فيه كل ما عمله، وسوف يُجازى به، وعندها سيندم وقت لا ينفع الندم؛ قال تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].



وعليه أيضًا أن يعلم خطورة الوقوع في الزنا، ومدى العذاب الأليم الذي يلحقه من وراء ذلك، فلقد وعد الله الزناة بالنار إذا لم تقع منهم التوبة النصوح؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70]، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن عقاب الزناة، فيما رآه في منامه، حين أتاه ملكان: ((فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ، وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا، حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا))، ثم قالا له بعد ذلك: ((وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ، وَالزَّوَانِي)) [1].



وتشتدُّ العقوبة، وتتضاعف إذا كان الزنى مع زوجة الجار، وقد بيَّن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال يومًا لأصحابه: ((مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟))، قَالُوا: حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: ((لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ)) [2]؛ وإنما ذكرت هذا الحديث؛ لأن كثيرًا من جرائم الخيانة الزوجية إنما تقع بين الجيران، وذلك لقُرْب الجيران فيما بين بعضهم البعض، ولقوَّة العلاقة فيما بينهما.



وأخيرًا: فكل من استحضر عظمة الله عز وجل، واستحضر خطورة الوقوع في الخيانة، وما يترتَّب عليها من عقوبات، سهل عليه البُعْد عنها وعدم الوقوع فيها.



2- عدم مُراعاة الحقوق بين الزوجين:

إن من دعائم الأسرة المستقرَّة تأدية الحقوق بين الزوجين، فكل من الزوجين له حقوق، وعليه واجبات، وكلما كانت المحافظة على تأدية الواجبات كبيرةً، كانت الأسرة أكثر استقرارًا وهدوءًا، وبالتالي ستنمو مشاعر الحبِّ بين الزوجين، أما إذا فرَّطَ أحدُ الزوجين في واجباته تجاه الآخر، فإن الحياة ستتحوَّل إلى جحيم لا يُطاق من المنازعات والشِّجارات، وبالتالي تكون فرص الوقوع في الخيانة أكبر، والتلبُّس بها أعظم.



فكلا الزوجين إذا لم يجد حقوقه مرعية داخل الأسرة، وإذا لم يجد السكن والطمأنينة وراحة البال، فإنهما بالطبع سيبحثان عنها خارج نطاق الأسرة، فهذا السبب من الأسباب التي قد تُؤدِّي إلى الوقوع في الخيانة الزوجية.



وعلاج هذا إنما يكون بمعرفة كل من الزوجين واجباته تجاه الآخر، فيُؤدِّيها على أكمل وجه، فالزوج يعلم أن لزوجته حقوقًا يجب مُراعاتها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لزوجك عليك حقًّا)) [3]، وقال أيضًا: ((واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن خلقْنَ من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبْتَ تُقِيمُه كسَرْتَه، وإن تركتَه لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا)) [4].



وهذه الحقوق تتمثَّل في إكرامها وعدم إهانتها، ومعاملتها بالحسنى ومعاشرتها بالمعروف؛ قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، والإنفاق عليها، والتوسعة عليها في هذه النفقة، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقوق في الحديث الذي رواه أبو داود؛ فعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: ((أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ))، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "((وَلَا تُقَبِّحْ)) أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَكِ اللَّهُ" [5].



كما أن للرجل أيضًا حقوقًا تجاه زوجته، وهي من أعظم الحقوق على الزوجة، وهي طاعته في المعروف، وعدم الخروج من بيته إلَّا بإذنه، وألَّا تدخل أحدًا بيتها إلَّا بإذنه؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:)) لا يحلُّ للمرأة أن تصومَ وزوجُها شاهدٌ إلَّا بإذنه، ولا تأذَنْ في بيتِه إلَّا بإذنه)) [6]، وعليها ألَّا تمتنع منه في الفراش، حتي يعفَّ نفسه، ولا يكون عرضة للوقوع في المحرَّمات، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي تمتنع من زوجها، فقال: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح)) [7].



وعلى العموم كلما أدَّى كلٌّ من الزوجين واجباته تجاه الآخر، قويت المحبَّةُ، ونمَتْ الأُلْفةُ بينهما، وهذا يُشكِّل سياجًا منيعًا يحمي من الوقوع في الخيانة.



3- نضوب العواطف بين الزوجين:

من أجمل المشاعر الإنسانية في هذه الحياة هو الحبُّ العفيف الطاهر، وكلما كانت المحبة بين الزوجين كبيرةً، والعواطف بينهما متواصلة، أبعد عن الانجراف إلى الخيانة؛ لذلك يجب على الزوج أن يغمر زوجته بحبِّه، ويظهر لها عاطفته الجيَّاشة نحوها باستمرار، وكذلك الزوجة تفعل الشيء نفسه، ولا حدود في التعبير عن هذه العواطف إلى درجة أن الإسلام أباح الكذب بين الزوجين في التعبير عن العواطف والمحبة حتى تتماسَكَ الأسرة، وتقوى رابطتُها؛ فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ)) [8].



إما إذا حُرمت الزوجة من مشاعر الحب من زوجها، وكذلك الزوج إذا حُرم من هذه المشاعر، فإن الحياة تصبح جافَّةً، خاليةً من هذه المشاعر الجميلة، وبالتالي سيبحث كلا الزوجين عن هذه المشاعر خارج نطاق الأسرة، ومحاولة إروائها بأي وسيلة كانت؛ لذلك ليس من العيب أن يغمر كلٌّ من الزوجين بعضهما البعض بكلمات الحب والغزل، فهذا من الحلال الذي رغب الله عز وجل فيه، فعلى كلا الزوجين ألَّا يتحرَّجا من هذا الأمر، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعبِّر عن حُبِّه لعائشة رضي الله عنها، ليس أمامها فقط؛ بل بين أصحابه كذلك؛ فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته، فقلت: أي الناس أحبُّ إليك؟ قال: ((عائشة))، فقلت: من الرجال؟ فقال: ((أبوها)) [9].



وهكذا كان يُصرِّح صلى الله عليه وسلم بحبِّه لعائشة حتى انتشر ذلك بين الصحابة، وكان يُعاملها معاملة تظهر مدى عاطفته الجيَّاشة نحوها، وفي هذا يقول ابن القيم: "وكان صلى الله عليه وسلم إذا هويتْ شيئًا لا محذور فيه، تابعَها عليه، وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمَه في موضع فمِها وشرب، وكان إذا تعرَّقَتْ عَرْقًا - وهو العظم الذي عليه لحم – أخذه، فوضع فمَه موضع فمِها، وكان يتَّكئ في حجرها"[10].



وكان يسبقها وتسابقه؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: ((هذه بتلك السبقة))، وفي لفظ: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني، فقال: ((هذه بتلك)) [11].





إن هذه العواطف الجيَّاشة والمحبَّة الخالصة كفيلةٌ بحفظ الحياة الزوجية من كل عوامل النزاع والشقاق، الذي بدوره يؤدي إلى الوقوع في الخيانة.



4- بُعْد أحد الزوجين عن الآخر:

كلما بعد الزوجُ عن زوجته، ضعفت عاطفةُ الحبِّ بينهما، والبعيدُ عن العين بعيدٌ عن القلب - كما يقال - لذلك لا بُدَّ من حرص كل من الزوجين ألَّا يبعد أحدهما عن الآخر، فكلما بعد الزوجين كلٌّ منهما عن الآخر، كانت فرصة الوقوع في الخيانة أكبر.



فالزوج الذي يسافر للعمل ويترك زوجته وحيدةً، يقع في خطأ كبير، فالمال ليس كل شيء في هذه الحياة، إن المحافظة على زوجتك، وحرصك على إعفافها بوجودك بجانبها أهمُّ من المال، وإذا اضطررت للسفر إلى العمل، فعليك أن تأخذها معك، ولا تتركها عرضةً لإنسان متهتِّك يستميل قلبَها، ويستغل بُعْدك عنها، فيُوقِعها في الخيانة، وكذلك الزوجة التي تترك بيت الزوجية، وتذهب للعيش عند أهلها، وخاصة عند وجود مشاكل في بيت الزوجية، فهي مُخطئةٌ خطأً كبيرًا؛ لأنها تترك زوجَها فريسةً لامرأة مُتهتِّكة قد تستميل قلبه، وتُغريه للوقوع في براثنها؛ لذلك كان من عظمة تشريعنا الإسلامي أنه أمر المرأة ألَّا تخرج من بيتها، ولا يُخرجها زوجُها كذلك من البيت حتى عند وقوع الطلاق؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1]، يا له من تشريع حكيم من رب حكيم يُراعي طبائع الإنسان، ويعرف أين يكمن الخلَل فيسد بابه، ويمنع أسبابه!

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 103.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 101.40 كيلو بايت... تم توفير 2.39 كيلو بايت...بمعدل (2.30%)]