لكل طفل كتاب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح النووي لحديث: افتح وبشره بالجنة على بلوى تكون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح النووي لحديث: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح النووي على مسلم: دعاء النبي لابن سلول على قبره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الخطوات الأربع للتدبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          قيام الليل يجعلك من الصالحين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حكمة بعض الابتلاءات والأقدار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          "إنا لله" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الشباب وفساد المجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          غيرة هدهد أطاحت بمملكة كفران فحولتها إلى عرش توحيد وإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          بناء العقيدة في النفوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-02-2020, 11:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,635
الدولة : Egypt
افتراضي لكل طفل كتاب

لكل طفل كتاب


شريف عبدالمجيد









"الطفل هو الشّمس التي تدور حولها المنظومة التربوية برمتها".

-جون ديوي-

الطفل العربي ذلك المجهول:
لعله من المستحسن - في مستهل هذه الورقة - التذكير بالكاتبة السويدية الشهيرة "آلن كي" وقد وقفت - في مستهل القرن العشرين - وقفة متفكرٍ متكهنٍ، واستعرضت من خلالها حاجات العصر ونزعاته، ثم خلصت إلى القول: (إنّ هذا العصر سيكون عصر الطفل)[1].

وإنّ السنين التي تلت هذه النبوءة لم تعمل إلا على تصديق مقولتها؛ فقد أخذت الحكومات الغربية تفكّر في حقوق الأطفال وتضع القوانين لصيانة هذه الحقوق.

وبينما كانت مدارسُ التربية والتعليم تتزايد وتتوسّع، أخذت طرق التربية تتنوّع وتتطوّر وتتكامل بصورة سريعة، حتى بلغت درجة من النضج على يد أساتذة ومربين وفلاسفة أكفاء، بحيث لم تعد هذه العملية مصطنعة قاسية، بل حرصت أن تكون مسايرة لعملية الحياة وأسلوبها، ومؤدية إلى حياة مرحة متناسقة طبيعية ومتناسبة مع عمر الطفل وموجهة لنشاطاته، بما يتّفق مع ميوله ورغباته حسب بيئته وعمره.

وانطلقت المعاهد وهيئات البحث والمربّون وعلماء النفس يخطّطون لهذه العملية الجوهرية - دراسة وتخطيطا وطرقا ومناهج - بحيث لم يكد ينتصف القرن الماضي حتى استحق ذلك العنوان الذي منحته إياه الكاتبة السويدية، فأصبح عصر الطفل بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى؛ ولا غرابة في ذلك لأنّ أطفال اليوم هم رجال الغد؛ فرعاية الأطفال وحمايتهم تعدّ صيانة للمستقبل، كما أن حقوق الأطفال تتضمن حقوق الجميع.

وفي الوقت الذي كان الغرب يقطع أشواطا في ميدان الاهتمام بالطفل، كنا نهدرُ أهمّ ثروة تزخر بها مجتمعاتنا العربية.

ففي الوقت الذي أصبح فيه من المقرر أنّ عملية تنمية الإبداع تبدأ في المنزل- في مرحلة ما قبل الدراسة- من خلال الرعاية الأوّلية للطفل تحت أنظار والديه، بإحاطته بمثيرات تعمل على تنمية إدراكه الحسّي والعقلي بتوظيف واستغلال ما في البيئة المحيطة به - طبيعيا واجتماعيا - وما تزخر به من وسائل وإمكانات خام وغير خام.

كما ويُدرَّبُ الطفلُ في الأسرة على تنظيم بعض الوظائف الحيوية في جو انفعاليّ حميميّ، فيه حبّ وتقبّل، مما يزرع الثقة في نفسه ويدفعه أكثر إلى الاكتشاف وإشباع فضوله ونهمه.

نلاحظ بالمقابل أنّ أغلب الأسر العربية لا تعرف عن كنه الطفولة شيئا، ناهيك عن جهلها لمختلف مراحلها وخصائصها، فضلا عن حاجات الطفل ونوعيتها في كلّ مرحلة، بما يجعل هذه الأغلبية تنتظر بفارغ الصبر موعدَ تمدْرُسِ أطفالها حتى تتخلّص من هرجهم ومرجهم وحركاتهم التي لا تنتهي.

وفي الوقت الذي تقرَّرَ فيه أنّ الطفل في حاجة إلى التواصل والحوار مع من هم أكبر منه سنّا، حتى ينمّي أسلوب التفكير الحرّ ويكتسب الثقة فيما يعرضه من أفكار، لاسيّما وقد أثبتت العديد من الأبحاث أنّ الأطفال الذين يتلقون الدّعم والتشجيع من آبائهم يكونون أكثر سعادة وأكثر تركيزا أثناء دراستهم وأثناء حياتهم الاجتماعية، نجد-عندنا- الحوار هو الغائب الأكبر بين الأبناء والآباء، الذين يعتبرون أطفالهم مخلوقات ناقصة العقل والتجربة والمعلومات.

وفي الوقت الذي أصبحت المدارس الحديثة تساير ميول واستعدادات الأطفال الفطرية، بما تبتكره من طرق تربوية: (كطريقة اللعب، وطريقة المشروع، وطريقة الجُمَل في تعليم القراءة، وطريقة البحث في العلوم والتاريخ والجغرافيا)، نجد نظم التعليم عندنا لا تزال تحتفظ بذات الطرائق التقليدية العتيقة، التي تقبر التلاميذ في الفصول وتخضعهم لجداول ثابتة، لا يملك الطفل إزاءها سوى السمع والطاعة، وبذل قصارى جهده لحفظ ما يمليه عليه مدرّسه، بحيث تجعله في النهاية عاجزا عن مواكبة عمليات التجديد وزاهدا عن الرغبة في الابتكار.

فكان من نتيجة كلّ ذلك أنّ الواقع العربي لم يضيّق الخناق على الطفل المبدع الذي يحمل بذرة العبقرية فحسب، بل لم يتح الفرصة - أصلاً - للأطفال العاديين بأن يأخذوا نصيبهم العادل من خبرات الطفولة، فالبيئة العربية الضاغطة تحرمهم من العديد من الحوافز التي تنمّي من درجة إدراكهم للوجود من حولهم، الأمر الذي عبر عنه الدكتور"سليمان إبراهيم العسكري"بكثير من المرارة: (يولد الطفل العربي بنفس الدرجة من الذكاء التي يولد بها الطفل في سائر العالم، ويمرّ مثله بمراحل النمو المختلفة، حتى تبدأ سنوات التفاعل بينه وبين البيئة التي تحيط به؛ عند هذا المنحنى يبدأ الافتراق الخطر، فيواصل الطفل الغربي -مثلا- مراحل نموه النفسي والبدني، وتتهيأ له كل ظروف الإبداع؛ بينما يتوقف منحنى الطفل العربي أو ينحو إلى الانحدار)[2].

الحديث شجون:
من المفارقات العجيبة والغريبة إجماع الأمة العربية المسلمة–من المحيط إلى الخليج - على وأد فعل القراءة، ولا أدلّ على ذلك من أنه في الوقت الذي احتفلت السويد بوفاة آخر أمّيٍّ فيها احتفل العرب بالأمّي رقم مائة مليون[3].

يحدث هذا وفي القرآن الكريم: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ؛ آية ٌ هي أوّلُ ما طرق العقول والأفئدة من كتاب الله الخاتم، وهي أوّلُ عهد النبي الأكرم بالوحي، وهي الواصلة التي وصلت أهل الأرض بخبر السّماء، وهي مِفتاح العلوم، وغذاء الفهوم، وباب الفقه في الدين، ووسيلة التدبر والتفكر.

وإنّ في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقراءة، أمرًا لأمته بها؛ لأنه قدوتها وإمامها[4]، وعليه فلا طريق لأمته للقبس من نور الحكمة إلا بالقراءة في مظانِّها.


ومن رُزقَ شمول النظر إلى حقائق القرآن والسنّة أدرك يقينًا أنّ أسس الحضارة متوافرة فيهما، وأن معايير الثقافة والتحضر من الآداب والأخلاق مبثوثة فيهما، فهي لم تتنزّل لترقّق القلوب فحسب، ولكنها- إلى ذلك- تخاطب العقل والعاطفة، وتحضّ الفكر والنظر.

على أنّ الإسلام لم يمنعنا أن نتتبع وجوه الحكمة من مظانهّا المتباعدة، ولا أن نقصر أفهامنا على ما فيهما من الآيات والحكم؛ فالحكمة ضالة المؤمن، أنّى وجدها فهو أحقّ بها.


إنّ القراءة مسبارٌ يؤشّر إلى درجة كلّ أمّة من التحضر، فأمّةٌ لا تقرأ لا يجدر بها أن تكون أمّةَ حضارة، وعقولٌ لا تتغذّى بالقراءة المتجدّدة أولى بها أن تعيش غريبة الفكر، أجنبية الشعور، وحشيّة الثقافة.


وإذا أردت أنْ ترى مبلغ أمّة من الأمم من الحضارة، وتقيسَ حظّها من الثقافة، فانظر إلى منزلة القراءة فيها، وموضعِها من سلّم اهتماماتها.

أقول هذا؛ وأقلّبُ الطرف ذات الغرب وذات الشّرق، فأرى القوم قد اتّخذوا القراءةَ متعة وفنـًّا وحضارة، وأرى بني جلدتي قد اتخذوها هجرا مهجورا[5]، فاستذكر قول الزيّات - رحمه الله -: (لو كنا نقرأ؟!)

فلو كنا نقرأ لأخصبنا حقول المعرفة، فأزهرت في كل مكان وأثمرت في كل نفس، ولو كنا نقرأ، لما كان بيننا هذا التفاوت الغريب، الذي تتذبذب فيه الأفكار، بين عقلية بدائية وعقلية نهائية.

وما دمنا لا نرى الكتاب ضرورة للرّوح كما نرى الرغيف ضرورة للبدن، فنحن مع الخليقة الدنيا على هامش العيش، أو على سطح الوجود.

وأستذكر حسرات الشاعر القائل:
وكنت كبازِ السوء قُصَّ جناحُه
يرى حسراتٍ كلما طار طائرُ!

يرى طائرات الجوّ تخفقن حوله
فيذكرُ إذ ريشُ الجناحين وافرُ!


من هنا نبدأ:
لنتفق بأن مفتاح الحضارة يكمن في "القراءة"، ولنجعل هدفنا الأسمى تحقيق مجتمع المعرفة المنشود؛ والحقيقة أن المسؤولية تشمل الجميع، فالأسرة لها دورها الكبير، والتعليم له أثره العظيم، والمجتمع له تأثيره البالغ، والدولة ومؤسساتها عليها العبء الأكبر.

وإن حاولت جلّ الدول العربية وعموم المؤسسات الثقافية التأسيس لفعل القراءة من خلال عدة شعارات، على غرار: "مهرجان القراءة"، "القراءة للجميع"، " كتاب الجيب"، "المكتبات المتنقلة"، "معرض الكتاب"، فإنّ كلّ ذلك مما يُحمدُ لها، غير أنّ الأجدى أن تنصرف المشاريع وتتكاتف العزائم وتتجه الجهود إلى الطفل.فمن جملة التصورات الباطلة الملتبسة بالحقّ اعتقاد بعضهم بأنّ "الطفل هو رجل صغير"، بينما الأصوب هو أن "الرجل طفل كبير"، فإنّ الهيكل العام لملامح الشخصية ولسلّم القيم لدى الإنسان يتشكّلُ خلال السنوات الأولى من عمر الطفولة، فهذه السنوات تشكل الأساس أو الهيكل الذي تتراكم عليه المعارف والمفاهيم والعلوم المكتسبة بقية العمر.

وبناءً على هذا فإننا حين نتحدث عن التغيير والنهضة والإصلاح والرقيّ، فإنّ الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي التركيز على الطفل وثقافته، وعلى تلك القيم والمعارف التي يُلقَّنُها خلال سنوات عمره الأولى، إذ من الصعب-إن لم نقل من المستحيل- تغيير أي شيء في ذهن الطفل بعد انقضاء تلك السنوات التأسيسية.

و لا يقلّ ضررا عن التصوّر السابق تصوّر البعض بأن قصارى ما يُطلبُ من الطفل هو اجترار تجارب والديه على منوال ما ذكر الشّاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوّده أبوهُ [6]



فطفل اليوم هو نصفُ الحاضر وكلُّ المستقبل، وليس من الحكمة في شيء أن يكون مستقبلنا نسخة من حاضرنا، والدول المتقدمة هي التي تؤسس لمجتمع الغد، والطفل هو حامل مشعل التنوير، وهذا ما أشار إليه "بياجيه" في إحدى توجيهاته الملفتة: (إنّ الهدف الأساسي من التربية هو خلق رجالٍ قادرين على صنع أشياء جديدة، ولا يقومون بتكرار ما صنعته الأجيال السابقة؛ رجالٍ مبدعين ومبتكرين ومكتشفين).

هذا وقد كشفت الدراسات المرتبطة بنمو الطفل وتطوره المعرفيّ؛ أن الطفل يولد ولديه الميل الفطري للاكتشاف والاستقصاء والتساؤل، غير أنه سرعان ما يكفّ عن كل هذا عندما تواجه جهوده بالرفض من طرف الكبار.

وبدلا من ذلك يصبحُ يوجّه الأسئلة مباشرة إلى الكبار، بعدما يقع في خَلَده أنّ الإجابات لا تعتمد على ما يفكر ويؤمن به الطفل، بل فيما يفكّر ويؤمن به الرّاشدون.

وابتداء من هنا يتصرّف الطفلُ بسلبية ويعتمد على سلطة الآخرين، بدلا من زيادة مهاراته في الاكتشاف والربط والمقارنة واستنباط المعلومات.

ومن هنا فإنّ التحدي الحقيقي لنا جميعا هو كيف نخلص أبنائنا من آفة التلقي السّلبيّ التي ترسّخت في نفوسهم وإبدالها بالتفكير الايجابي وتنمية دوافع المشاركة والمبادرة.

و لا ريب أنّ الكلمة السحرية في تنمية الإبداع لدى الصغير هي التوازن بين إطلاق حريته وإعطائه القدر المناسب من التوجيه، بين حثّه على فعل المزيد وفي ذات الوقت عدم التسرّع في إنضاجه خشية الاضطراب النفسي والعقلي، وهي أيضا التوازن بين الوقوف على أرض الواقع الصلبة والتحليق في عالم الرؤى الخيالية لعقل الطفل المبتكر الوثاب بحثا عن آفاق رحبة جديدة.

توفير البيئة المثالية:
مهما كانت قدرات الأطفال الإبداعية الكامنة، فإنها لن تؤتي أكلها ما لم تكن محاطة ببيئة حاضنة دافئة، تكشف عن هذه القدرات وتوجهها وتساعدها على النمو والتطور، ولن يتأتى ذلك إلا باتخاذ جملة من التدابير تجاه الطفل، منها:
تقبل الطفل كفرد ذي قيمة غير مشروطة.
الإيمان بالطفل بصرف النظر عن وضعه الحالي.
تجنب التقييم الخارجي، ودعم تقييم الذات.
التعاطف مع الطفل، ومحاولة رؤية العالم من وجهة نظره، وتفهمه وتقبله.

وبإمكان الشخص البالغ الذي يرشد الطفل، سواء أكان أحد الوالدين في البيت أو المربية في دار الحضانة أو المعلم في المدرسة، أن يقول للطفل "لا يعجبني تصرّفك"، بدل أن يقول له: "أنت سيئ، مخطئ، كسول".

ومع أن الفرق بين الأسلوبين دقيق، وقد لا يتنبّه له البعض، إلا أنه مركزيّ لبيئة الإبداع، فهناك فرق بين أن نقيّم أو ننتقد سلوك الطفل، وبين أن ننتقده أو نقيِّمه هو ذاته، فقد سبق أن ذكرنا أنه يجب علينا أن نتقبّل الطفل كما هو دون شروط؛ وقدرة الطفل الإبداعية تُغَذى بالاستحسان الإيجابي والدافئ من قبل البالغين المهمّين في حياته.

أما الحرية النفسية فإنها تقوّي الإبداع بإتاحة حرية التعبير لدى الأطفال، كما يجب أن يشعر الأطفال بدرجة كافية من الأمان تتيح لهم تجربة الأشياء الجديدة، وأن يعطوا الحرية للقيام بذلك ضمن حدود، بحيث لا تكون حريتهم عائقاً أمام حرية الآخرين.

وفي ظل مناخ مساند للإبداع يُقَدِّرُ الراشدون والأطفال عالياً الإبداع لا المسايرة لأفكار الآخرين، ويُثمّنون كذلك اختلاف الأفكار لا التشابه والتماثل.

ومن الممارسات التي تساند الإبداع تشجيع الذات الساعية إلى التجريب وليس الذات الساعية إلى حماية نفسها.

و للتعابير والألفاظ التي نقولها للأطفال أهمية في إضعاف ثقتهم بأنفسهم، أو دعم التفكير الإبداعي لديهم، وفيما يلي بعض الأمثلة على التعابير المحبطة: "من أين أتيت بهذه الفكرة السخيفة؟ - لا تسأل مثل هذا السؤال الغبي - ألا تستطيع أبداً أن تفكر بطريقة صحيحة- هل هذا كل ما تستطيع قوله/عمله/التفكير به؟"

ومن الأمثلة على التعابير التي تدعم التفكير الإبداعي: "هذه فكرة رائعة. - أخبرني المزيد عن ذلك.- كيف توصلت إلى هذه النتيجة؟- هلاّ فكرت ببدائل أخرى؟- جرب ذلك بنفسك، وإن احتجت إلى مساعدة أخبرني.- هذا سؤال جيد."

وعلينا أن نتقرب من الأطفال بتفهّم كبير، هادفين إلى تقليل أخطائهم، ومكافأة جهودهم؛ فتوقعات البالغين من الطفل، سواء الإيجابية أو السلبية تؤثر على استجابات الطفل إلى التفكير والتعليم.

ومن المهم أن نذكر أن البيئة المساندة للإبداع، هي بيئة تقدم الدعم والمساندة والتشجيع للإناث كما تقدمها للذكور، فكما يستطيع الابن أن يبدع، تستطيع البنت كذلك.

وبشيء من الترتيب والأولوية ننبّه إلى أنه على الرغم من كثرة الوسائط التربوية والتعليمية وتنوعها يبقى للأسرة دورها الأساس في تربية الأطفال وتعليمهم.

والعامل الأهمّ الذي يعطي البيت والأسرة دورهما الفعال، هو كون التربية الأسرية تسبق التربية المدرسية وترافقها وتستمرّ بعدها.

ولأنّ التربية الأسرية تسبق التربية المدرسية فإنها تتفوّق عليها، فهي تؤثّر في الطفل خلال مراحل نموّه الأولى، أي حين يكون الطفل ليّن العريكة قابلا للتطويع، ومعلومٌ أن تأثير الأسرة في الطفل يبدأ منذ تكوينه في رحم أمّه، والمثل القائل: "التعليم في الصغر كالنقش في الحجر" صحيح إلى حد بعيد.

فالمولود الجديد يكون أشبه بالصفحة البيضاء، وبواسطة التربية والتنشئة[7]والتثقيف يتبنى سلوكا وتصرّفا وفكرًا مُعيّنا.

ويتمثل دور الأسرة في تهيئة البيئة الصالحة لنمو شخصية أبنائها، بما تمنحهم من الدفء العاطفي والشعور بالأمن والطمأنينة.

وللأسرة دورها في تحفيز الأبناء وتشجيعهم بالكلمة الطيبة والتوجيه السّديد، ثم إنّ الأسرة الواعية تعمل على بناء الثقة في نفوس أبنائها، وإثارة التفكير الحرّ والعلمي لديهم عن طريق: الحوار والمحادثة والإقناع، فضلا عن تدريبهم على الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية ومواجهة الأمور الصعبة، وتعودّهم التعلّم الذاتي عن طريق البحث والاستكشاف والتجربة والملاحظة والتدريب، وتعلّمهم التخطيط لأهدافهم ومراجعة أعمالهم؛ كلّ ذلك بما يناسب الخصائص النّمائية لمراحلهم العمرية.

كما تقوم الأسرة بدور بناء الاتجاهات الإيجابية، والمشاعر النبيلة لدى أطفالها على غرار: احترام الكبير والعطف على الفقراء ومساعدة المحتاجين.

وللأسرة دورها في غرس القيم والمبادئ الإيمانية والأخلاقية في نفوس أطفالها، وفي تعليمهم أنماطاً من السّلوك الصّحيح في التغذية والنظافة والصّحة والمحافظة على البيئة والاتّصال الاجتماعي وممارسة الحرية في إطار المحافظة على حقوق الغير ونحو ذلك.

وعلى الأهل أن يحذروا ضرب الأطفال وتعنيفهم ولومهم وتأنيبهم، لما يُحدث ذلك عندهم من الشعور-المرَضيّ-بالذنب والخوف والعجز والإحباط، بما يؤدي إلى هدم شخصيتهم الاجتماعية، وضعف قدرتهم على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار، مع ما ينجرّ عنها من الانسحاب من المجتمع والانطواء والخجل.

وكذلك فإنّ الحرمان الذي يعيشه بعض الأطفال يترك آثاراَ نفسية خطيرة على شخصيتهم يجب الحذر منه.

ويعكس مستوى الأسرة الديني والأخلاقي والنفسي والعلمي والاجتماعي والاقتصادي آثاره في نفوس الأبناء.


كما أن التوافق المزاجي بين الأبوين له تأثيره الطيّب، إذ يعتبر الوالدان القدوة الصالحة والمثل الأعلى لأبنائهم، يتأثرون بأفعالهم أكثر من أقوالهم، لأن القدوة تعمل ما لا تعمل الكلمة، وهي أبلغ وأصدق عند المتأسّي من الكلمة.

وتخلّي الوالدين أو أحدهما عن دوره التربوي بسبب انشغالهما أو إهمالهما يتسبب عنه آثار سلبية وتشوهات تربوية خطيرة ابتداءً من ضعف مكانة الوالدين واحترامهما في نفوس الأبناء، وانتهاءً بانحراف الأبناء وضياع مستقبلهم[8].

وتستطيع الأسرة نقل ما تريد تعليمه للأطفال- غالباً - عن طريق اللعب الموجَّه، فهو فضلاً عن كونه متعة لهم وترويحاً لنفوسهم، يساعد في توجيههم ونموّ مداركهم ورفع مستوى خبراتهم.

وكذلك بأن تضع بين أيديهم مكتبة وتعودهم القراءة المبكّرة، وأن تترك لهم هامشاً من الحرية، يفكرون ويعملون بأنفسهم، فالمزيد من الحرية لأبنائنا يعني المزيد من التفوق والإبداع عندهم.

اقرأ (ي) لطفلك:
هناك تصور شائع بأنّ الطفل لا يحتاج إلى الكتاب إلا بعد دخوله المدرسة وتعلّمه القراءة بمعناها المتعارف عليه بين الكبار، غير أن هذا التصور يجافي الصواب، لأن الطفل الذي يُترك بدون كتاب حتى يدخل المدرسة، لن تكون بينه وبين الكتاب- في الغالب- ألفة ولا مودة.

وفي الحقيقة فإنّ الدراسات والأبحاث تشير إلى أن القراءة للأطفال قد تكون مفيدة وفعالة إذا بدأت في سنّ مبكرة، ولعلنا أن نثير استغراب البعض، إذا ذكرنا بأن الدكتور"ميخائيل ميقارلادو" قد كتب في مجلة "فوكس أون هيلث" في أحد أعدادها تحت عنوان "كيف تربط أبناءك بالكتاب"، وأشار إلى أن تعليم الأطفال للقراءة يبدأ منذ بلوغ الطفل سنّ ستة أشهر.

ولعل من أجمل ما يؤكد هذا المعنى ما ذكره الدكتور محمد الوهابي - وهو أديب وطبيب للأطفال -: (بينما أنا عائد من هولندا إلى بلجيكا في القطار، كان بجانبي سيدة هولندية بمعيَّة ابنها الصغير، فجأة طفق الطفل في البكاء، فتحت الأم حقيبةً في يدها وسلَّمت له كتابًا، وراح يقرأ بحيويَّة وارتياح، وانقطع عن البكاء، واستغربتُ من هذه الحادثة؛ لأنني ظننتُها ستعطي ابنها الحلوى، فإذا بها تعطيه زادًا نفسيًّا لا ينضب معينُه، وهو الزاد الفكري الذي يحتاجه أطفالنا كثيرًا.)

وحول أهمية القراءة المبكرة للطفل وتأثير السرد القصصي على حبّ الأطفال للمطالعة تقول" تغريد النجّار": (إنّ تنمية حبّ القراءة تبدأ مع الطفل منذ ميلاده، حتى إنّ بعض الخبراء ينصحون بالقراءة للطفل وهو في رحم أمّه، وطبعا اختيار الكتاب المناسب للمرحلة العمرية ضروري جدا، فالكتاب للأطفال -أقل من سنتين- يركز على صور واضحة للأشياء من المحيط، ويجب أن يكون حجم الكتاب صغيرا حتى يستطيع الطفل أن يمسكه، ومن الضروري أن يكون الكتاب من كرتون مقوّى، حتى يتحمل استكشاف الأصابع الصغيرة، فالطفل-أقل من سنتين-يجب أن يلمس الكتاب ويتحسّسه، وأحيانا يتذوّقه، ومع الزمن ومع تزايد فترة تركيزه يقضي الطفل وقتا أطول بالتفاعل مع صور وأحداث الكتاب، ويتعلم احترام الكتاب وذلك بتقليد والديه).

ومع بداهة الاعتراف بأن القراءة ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما هي الوسيلة الأولى للتعلم والمعرفة والتفاعل الايجابي.

وكما أن الحبوَ يمهّد للمشي، فإنّ الحكي هو التمهيد الطبيعي للقراءة؛ وقد أكدت العديد من الدراسات أن القراءة للأطفال تعد بمثابة مثيرٍ جيدٍ نحو توجيه اهتمامهم إلى عالم الكتب الرائع.

ويكون ذلك بملازمة الطفل للكتاب كأنه لعبة من ألعابه: يقلب أوراقه ويتصفح حروفه ويتأمل صوره ويرتبط به ارتباطا عضويا وثيقا ويحبه؛ إلى أن تتوالى المراحل المختلفة من عمره وهو مرتبط بهذا الصديق الحبيب، حتى يبلغ سنّ التمدرس، فنجد لدى هذا الطفل ما يشبه الزاد المكتسب: من الكلمات والجمل والأفكار والتعابير التي تساعده على التحصيل والنجاح في مدرسته، والتي تجعله قادرا على الفهم والاستيعاب لما يعرض عليه من مادة مكتوبة في كتابه المدرسي.

ولما كانت المسؤولية مشتركة بين الوالدين[9]، فإنّه من واجب الأب أن يخصص جزءا معتبرا من وقته لأبنائه، بدلا من إنفاقه في مشاغله أو مع أصدقائه في المقاهي والنوادي كما هو الحال في عموم البلاد العربية، لدرجة أن هناك عددا كبيرا من الآباء لا يعرفون أطفالهم حقّ المعرفة لسبب بسيط هو أنهم لا يقضون مع أطفالهم أوقاتًا كافية، فإنّ الأب الكثير المشاغل يحاول دائما أن يبعد أطفاله عن طريقه بحجة أنه مشغول، وأن وقته لا يتّسع لاصطحابهم في نزهة، أو حتى الجلوس معهم ومحادثتهم وملاعبتهم، فما بالك بمساعدتهم على القراءة والتعلّم، وهؤلاء الآباء يرتكبون خطيئة فاحشة عندما ينصرفون إلى أعمالهم ومشاغلهم ويُؤْثرونها على أطفالهم[10].

وإنّ في قدرة الأمهات أن تفعلن أكثر من أن ترقّصن وتهدهدن أطفالهن ب"أغاني المهد" و"حكايا قبل النوم"، بل من واجبهنّ أن تحبّبن وتغرسن حبّ القراءة في قلوب أبنائهنّ، ولن يتأتى لهن ذلك إلا إذا كنّ متعلمات قارئات[11]، فإنّه مما تقرر في الأمثال والحكم أنّ "فاقد الشيء لا يعطيه"، وأنه ليس في المستطاع قيادة الغيرِ إلا بإعطاء القدوة الحسنة من أنفسنا، فعلى كل من يتصدى للتربية أن يوفر القدوة بأن يقرأ أوّلاً، حتى يراه ابنُه يقرأ أمامَه فيقلده، وليحرص على أن يَتمّ فعل القراءة بوعي وتأمل، وإرادة نابعة من الدَّاخل لا مِن ردود أفعال؛ فـ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾[12].

و يؤكد هذا الطرح ما ذهب إليه جدسون كلبرث[13]: (إنّه بالرغم من أن المدرسة تلعب دوراً هاماً في تنمية حب القراءة لدى الأطفال إلا أنّ الوالدين يجب أن يكونوا قدوة لأبنائهم، فإذا لم يكن البيت غنياً ومفعماً بالقراءة مملوءاً بالكتب، فإنّ ارتباط الأطفال بالقراءة سيكون احتمالاً ضعيفًا، وتعويد الأطفال القراءة يجب أن يبدأ مبكراً وقبل وقت طويل من التحاق الأطفال بالمدارس).

وقد خلصت كثير من الدراسات التربوية في العالم الغربي والتي أجريت لبيان أهمية البيت والوالدين في تعزيز مفهوم القراءة لدى الأبناء أن البيت هو المعلّم الأول للطفل في عالم اللغة المكتوبة وهما المصدر الثريّ لتعلّم الطفل؛ وتعريض الأطفال لخبرات منزلية وبيئية واجتماعية متجددة تبني لديهم حصيلة لغوية من الكلمات والجمل أكثر من أقرانهم ممن لا يتعرضون لمثل هذه الخبرات.

ومتى آمنّا بأنه ما من شك في أن عادة القراءة تُغرَس في البيت قبل المدرسة، وما من شك في أن القراءة أفضل العادات على الإطلاق؛ فلنضع ما يشبه المشروع لتوفير الأجواء المناسبة لتنشئة أبنائنا على حبِّ القراءة، باتخاذ جملة من الإجراءات المنزلية البسيطة والهادفة، كأنْ:
1- نكون القدوة لأطفالنا؛ فإنّ الطفل متى وجد في بيته مكتبة عامرة بالكتب والقصص، ورأى أباه وأمه يمسكون بالكتاب من حين إلى حين؛ فإن ذلك سيدفعه على الأغلب لحبِّ القراءة والسير على طريق أبويه.

2- نشجِّع أطفالنا على تكوين مكتبة خاصة بهم مهما كانت صغيرة؛ فيها القصص المصوّرة، والمجلات المشوّقة، ولنقم باصطحابهم إلى المكتبات ليشتروا الكتب أو المجلات تحت إشراف أحد الوالدين.

3- نقدم للطفل الكتب المناسبة لسنِّه وطبيعته؛ كأن نختار القصص ذات الصُّور الجذَّابة الكبيرة الحجم، الواضحة الألوان، المعبِّرة عن الأحداث.

4- نختار للطفل القصص التي تدور حول ما يعرفه من حيواناتٍ وطيور ونبات، وكذلك الشخصيَّات المألوفة لديْه؛ كالأب والأمِّ والإخوة والأصدقاء.

5- نختار للطفل القصص القليلة الأحداث والأشخاص حتَّى يُمكِنه أن يُتابعَها ويتأثَّر بها، دون ملل وتشتُّت ذهني.

6- ننتبه إلى رغبات الطفل؛ فقد يهوى في البداية قصص المغامرات والبطولات؛ فلا نجبره على قراءة الكتب التي لا يرغب بها.

7- نجتنبُ التركيز على نوعية واحدة من القصص للطفلِ؛ بل نهتمَّ بتنويع موضوعات القصص، فهناك القصص الدينيَّة والخياليَّة، والاجتماعية والتاريخية، والفنية والعلمية المُيَسَّرة.

8- نقرأ لطفلنا - والكلام موجه للأمهات بالدرجة الأولى-من المراحل المبكِّرة من عمره؛ حتى ولو كان رضيعاً؛ بحيث يتفاعل مع حركاتنا وتعابير وجهنا.

9- نحاول أن نقرأ للطفل قصّةً كل ليلة قبل أن ينام في سريره، ولعل مفعول هذه القصة أن يكون أجدى بمشاركة الأم التي تحاول إضفاء نوع من التمثيل والتفاعل مع القصة.

10- نقدّم لأطفالنا الكتب المناسبة في الأعياد وعند النجاح وفي كلّ مناسبة.

ومتى التزمنا بهذه الخطوط العريضة يغدو السمع المرتبط بالقراءة فاتحة الطريق لدروب العلم، ولاكتشاف الحياة وسبر أغوارها؛ ولا تنحصر القراءة للطفل -كما هو الحال- في الاستعداد للتعليم وحلّ الواجبات المدرسية فحسب؛ بل إنّ لها أصولا وقواعد لو اتّبعت لغيّرت اهتمام الأطفال ونظرتهم إلى الحياة، هذا بالإضافة إلى التقدم العلمي المنشود.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-02-2020, 11:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,635
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لكل طفل كتاب

لكل طفل كتاب


شريف عبدالمجيد



فمن فوائد القراءة للطفل أنها
:


تزيد من الحصيلة اللغوية: فعندما يقرأ القارئ للطفل موجّهاً أصبعه إلى الكلمات المقروءة فإنّ الطفل يتعلم الكلمات مع كيفية استخدامها في الحياة اليومية.

تنمّي مدارك الطفل وخياله: فمن خلال الاستماع ومتابعة القارئ يتعرف الطفل على عالم لم تكن له دراية كافية به، ومن خلال القراءة يتعرف الطفل على تجارب الآخرين في حلّ المشكلات مما يعطي الطفل مجالاً للتفكير بصورة أوسع، كما أن القراءة للطفل تدربه على مهارة الانتباه؛ فالأطفال الذين يقرؤون أو يُقرأ لهم تكون فترة الانتباه والتركيز لديهم أطول من أقرانهم.

تعزز من ثقة الطفل بنفسه وقدراته، وحب الآخرين له، فبكثرة الاستماع تزداد الحصيلة العلمية واللغوية للطفل، ويعزز شعوره بالحب والأمان من قبل الأم القارئة، ويتعلم بعض المهارات السلوكية والأدائية، وكل ذلك يعمل متضافراً على تعزيز ثقة الطفل بنفسه وقدراته.

تعلم الطفل مهارات الإلقاء والتمثيل: فعندما يقرأ القارئ للطفل بصوت مسموع، فإن هذا يتعلم أن صوت البطل الشرير يختلف عن صوت العصفور المسكين في القصة، ويتعلم بالاستماع أن اختلاف نبرات الصوت معبرة عن الحالات النفسية المختلفة، فيكتسب الطفل من خلال ذلك الكم من التنويعات مهارات تمثيلية تساعده في الإلقاء.

تنمي العلاقة بين القارئ والطفل: فالقراءة ليست مجرد سردٍ لما هو مكتوب في النص، بل إنها تتجاوز ذلك إلى نقل الكلمات إلى الحياة بطريقة شائقة، فعندما تضع الأم الطفل في حضنها وتبدأ القراءة يحسّ الطفل بمتعة القراءة ومتعة الحنان والاقتراب من الأم، وكل ذلك يساهم في تقوية العلاقة بين القارئ (الأم) والطفل، وتأكيد شعور الأخير بالحب والأمان، مرتبطاً بحب العلم والقراءة.

توجه الطفل نحو القراءة بدلاً من التلفاز: فإن ذلك من العادات الحسنة التي يتعلمها الطفل منذ الصغر، لأنّ توجه إلى التلفاز لشغل وقته أو لانشغال الوالدين عنه، سيستمر في قتل وقته بالتلفاز طوال حياته، ولا مجال هنا لذكر أخطار التلفاز وآثاره السلبية على التنشئة.

تعلّم الطفل احترام الكتاب والعلم: فإذا شعر الطفل أن الكتاب له قيمة علمية وفائدة ومتعة، ورأى طريقة معاملة القارئ (الأب أو الأم) واحترامهم للكتاب، فإنه سيتعلم تلقائياً أن الكتاب ليس مجرد أوراق مرصوصة لتوضع على الرّفّ؛ بل يحتوى كنوزاً تنتظر مَنْ يكشف خباياها ويستفيد منها.

وأخيراً فإن القراءة للطفل وتعويده عليها ليست ترفاً أو نشاطاً يُستخدم لقتل الوقت، بل هي وسيلة تربوية لغرس مبادئ وقيم ديننا الحنيف، وتنشئته على حب العلم والكتاب، وهي أساس لتقدم علمي وذهني للطفل يتفوق به على أقرانه، وفرصة ثرية لزيادة حصيلته اللغوية وإخصاب خياله، وفرصة ثرية لتقوية علاقة القارئ (الأم أو المعلم) بالمستمع (الطفل)، والإجابة بصدر رحب عن جميع تساؤلاته التي ستقيه في المستقبل، وتعدّه لمواجهة مشكلات الحياة.

هذا وقد أثبتت الباحثة الأميركية "برنيس كلنيان" أن القراءة تعمل على:
زيادة رحابة عالم الطفل.
تنمي استقلاليته.
تثري خياله.
تؤسس لديه عادة القراءة طوال حياته.
تطور مفرداته اللغوية
تنمي عنده المقدرة على فهم الآخرين.
تزيد من الألفة العاطفية بين أفراد الأسرة.

للتلميذ الجديد معلم قدير:
من المُسَلّم به أنّ للمدرسة دورها في غرس حبّ القراءة وتثقيف وتربية الطفل، وهذا الدور يبدأ مع أوّل التحاق للطفل بالمدرسة ولا يستطيع أحد أن ينكر مثل هذا الدور، غير أنه ينبغي تصحيح اعتقاد البعض أنه بمجرد التحاق الطفل بالمدرسة فقد انتهى دور البيت في التربية والتثقيف، فكل منها يكمل الآخر، فالمدرسة تشارك المنزل في تكوين قارئ ناضج ينهض بمجتمعه ويلاحق التطورات الحديثة.

ولذا فإنّ دور المدرسة جدّ عظيم في تعليم الأطفال القراءة إلى جانب إثارة اهتمامهم وشغفهم بها، ويقرر المشتغلون بالقراءة -علماً وعملاً- أن نواحي الاهتمام التي تُنَمَّى في هذه المرحلة تتحكم إلى حد كبير في ألوان القراءة التي يقوم بها التلميذ بعد ذلك، ولذا ينبغي أن تتخذ من الخطوات ما يكفل وضع أساس سليم يقوم عليه الشغف الدائم بقراءة الكتب والمجلات التي تناسب التلاميذ.

ولتنمية الشغف نحو القراءة تتنوع الأدوار في المدرسة نحو تحقيق هذا الهدف؛ فمنها ما يرتبط بالمنهج المدرسي وشكل الكتاب ومحتوياته، ومنها ما هو مرتبط بالمعلّم، وأيضا المكتبة والنشاط المدرسي، كل ذلك له دوره في تعليم أطفالنا وتثقيفهم، وتنمية الميول والشغف نحو القراءة لديهم.

والحقيقة أنّ لكل عنصر من هذه العناصر دوره المهم في تنمية الميول القرائية لدى التلاميذ، لكننا سنكتفي بذكر العنصر الأساس من هذه العناصر وهو المعلّم، الذي يضطلع بأنبل المهام، حتى قال فيه أمير الشعراء شوقي:
قمْ للمعلم؛ وفِّهِ التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا

أعلمت أنبل أو أجلّ من الذي
يبني وينشئ أنفسا وعقولا؟!


ويتحمل أثقل الأمانات، حتى قال "جان جاك روسو": (إنني أشعر كثيرا بعظم واجبات المربيّ، ولن أجسر يوما على تحمل مسؤولية كمسؤوليته !)[14].

وبعد: فإنّ المعلم هو الموجّه الأول والأساس في تنمية قدرات ومواهب تلاميذه، ونظرا لثقل الأمانة الذي يضطلع بها، فإني أذكّر البعض من أولئك المربّين الذين يرمي إليهم الآباء والأمهات بفلذات أكبادهم، بأنه على الرغم مما يبدو لنا عندما نتحدث عن النشاط المدرسي والتعليمي من أنّ فعل القراءة هو نشاط محسومة ممارسته سلفا، بمعنى أنّ أبناءنا يُقبِلون على القراءة بكل تلقائية وعفوية، فإنّ العكس هو الصحيح، حيث نلاحظ أن أبناء المدارس يبدون نفورا من الكتب ومن القراءة، ويحاولون جهد الإمكان الابتعاد عن هذا النشاط التثقيفي الأساسي والجوهري.

إن القراءة التي نتحدث عنها هنا هي القراءة بمعناها الواسع الذي لا يقتصر على المقررات والمناهج، بل يتعدى ذلك إلى استهلاك كل أنواع المقروء المفيد في تكوين أطفالنا.

وعليه فإن القراءة-في الحقيقة- هي ولعٌ فعّالٌ ونشاط مثابرٌ وموهبة ساميةٌ، وهي كذلك مهارة تجعل الطفل القارئ يعمل على إدراك محتوى نص مكتوب، بناء على عمليتي الفهم والتأويل.

وبعدما يتعلم الطفل القراءة، يستوعب العملية تماما، لدرجة أن الكلمات- في الكتب - تبدو وكأنها اكتسبت وجودا يماثل -تقريبا-الأشياء أو الأفعال التي تمثلها أو ترمز إليها؛ ولذلك نجد المفكر والمربي السويسري "جان بياجيه" يتحدث عن مرحلة من حياة الطفل تسمى: (مرحلة الواقعية الاسمية)حيث يعتقد -خلالها-بأنه يستطيع امتلاك الأشياء عندما يصل إلى تعلم الكلمات والعلامات الدالـّة عليها.

ويظهر جليًّا أنه عندما نعوّد الأطفال القراءة فإننا نكون قد جعلناهم يحققون ألفة وحميمية تدفعهم إلى تصور امتلاك كل ما هم بصدد قراءته.

والأمر الذي يجب التأكيد عليه هو أنّ الطفل عندما يتعود القراءة فإنه سوف يكون مساعدا لنا ولنفسه على تيسير عملية تربيته، لأنّ التربية في عمقها هي مجموع المعارف والمعلومات والإرشادات المكتسبة.

ولن يتأتى للقراءة أن تكون ذات أثر ايجابي وفعّال إلا إذا كانت قراءة واعية، والوعي -هنا- ينصرف مباشرة إلى الإدراك، بمعنى أن يتبلّغَ الطفلُ- بتوجيه من الأسرة والمدرسة والمجتمع - بأنّ فعل القراءة يدعو بإلحاح إلى التغيير والتطوير، وعليه أن يقيم علاقة تفاعلية بينه وبين النص المقروء، حتى يصبح منتجا للنص-من جديد- من خلال تبنّي معطياته وأطروحاته.

وهنا تكمن أهمية توجيه المعلم المربي للطفل في أنشطة القراءة التي يمارسها -هذا الأخير- حتى تكون النصوص المقروءة منسجمة مع سنّ الأطفال ومداركهم وقدراتهم العقلية وطاقاتهم المعرفية.

ومن الطبيعي أن يؤكد الدارسون- فيما يشبه الإجماع- أنه على كلّ ما يتصّدى لهذه الرسالة النبيلة أن يسأل نفسه:
هل لديه الاستعداد والتضحية والإخلاص لتحمل هذه الأمانة؟
هل يشعر بميلٍ نحو الطفولة وحبٍّ أكيدٍ لها دون النظر لأية اعتبارات أخرى؟

وبالإضافة إلى هذا فإن المعلم الذي يدرك المعاني السالفة الذكر لابد له -حتى يُكتَبَ لعمله النجاح- من دعامتين هما:
أ) الموهبة الطبيعية.
ب) مكتسبات الإطلاع والمران [15]
فأما الموهبة الطبيعية فَتُلتمَسُ في أمور شتّى؛ كالعودة الاختيارية والإرادية إلى الطفولة، والقدرة الهائلة على التبسيط والتوضيح والتوصيل، بالإضافة إلى قوة الشخصية، التي نقصد بها براعة المعلم في استهواء الطفل القارئ وامتلاكه لانتباهه واستدراجه كي يقبل عليه[16].

وأما مكتسبات الإطلاع والمران فهي الإطلاع الدائم على المادة الصادرة في باب الأطفال سواء كانت كتبا مدرسية أو قصصّا هادفة أو أناشيد تربوية أو مسرحّا موجّها للأطفال، حتى يكون إلمامه واسعا ومتجدّدّا ومّتفتّحا، وحتى يتهيأ له النجاح في رسالته النبيلة.

فبدلا عن اعتماد أسلوب التلقين المملّ-الذي سقط فيه أغلب المعلمين-والذي يصرف الطفل عن متابعة القراءة، على المعلم اختيار الطريقة المناسبة لتقديم الكتب للأطفال، كأن يشير في دروسه–بطريقة غير مباشرة- إلى الكتب ويتكلم عنها وعن شخصياتها، ويقتطف مقاطعاً منها ويقرأها على تلاميذه، حتى يستلب إعجابهم، وليترك بعضاً من نسخ الكتاب بأيديهم حتى يتمكنوا من إكمالها بأنفسهم، ثم يشيرُ إلى أن نسخاً من هذا الكتاب أو هذه القصة هما في متناول اليد وتحت الطلب للاستعارة من مكتبة المدرسة.‏

كما أنه لا مانع أن يُخصّص المعلم الدقائق الأولى من حصَّة القراءة ليقرأَ لطلاَّبه شيئًا جديدًا، أو ليستمع منهم أجملَ ما قرؤوا خلال الأسبوع الماضي، فلقدْ أثبتتِ البُحوث والدِّراسات أنَّ الصَّفَّ الذي يلزم المعلم فيه القراءة الجهريَّة يُظهِرُ حبًّا أكثر للقراءة، وتتحسَّن مهارة القراءة لديه.

ولا بأس من أن ينظّم لطلابه جلسات للحوار فقد ذكرتْ بعضُ الدِّراسات أنَّ الإنسان لا يتذكَّر بعد شهرٍ سوى 13% من المعلومات التي حصل عليْها عن طريق السمع، في حين أنه يتذكَّر بعد شهر 70% من المعلومات التي حصل عليْها عن طريق البصر، أمَّا المعلومات التي حصل عليها عن طريق الحوار والنِّقاش والمشاركة فإنَّه يتذكَّر بعد شهر 95% منها.

وإذا أردنا أن نضرب مثلا، لمن يريد أن يتعرَّف على الطُّرُق السَّليمة للقِراءة القصصيّة، الموجّهة للأطفال، فليحرص أنْ:
يبدأ الكتاب أو القصَّة بِحوارٍ مع الأطفال، وأن يجعلْهم يستنبطون المعلوماتِ المختلفة.

يحاول إحضار أية أدوات أو أشياء ذُكرت في القصّة؛ من أجل ربْط القصَّة بالواقع.

ينفعل بحوادث القصّة، ويتقمَّص الشخصية عند الإلقاء، فعلى سبيل المثال: تغيُّرات الوجه ونبرات الصوت يجعلها تعبِّر عن مواقف الفرح والحزن، وكذلك أحداث القوَّة والشجاعة والتعاون تظهرها إشارات اليد.

يستخدم عند تقديم القصّة للأطفال لغة مناسبة، لا هي بالعربية الفصحى التي لا يستطيع فهمَها، ولا هي بالمبتذلة الدارجة، فلُغتنا العربية يسْرٌ لا عسرٌ، وبها الكثير من الألفاظ السهلة التي يُمكن أن يُعبَّر بها.

لا يقدِّم الهدف أو الموعظة من القصَّة بصورة مباشرة؛ بل يكمل سرد القصَّة، ثم يناقشهم ويستخرج معهم ما ينفعهم من القيم.

ينوِّع في أسلوب القراءة وان يجعلها نوعًا من المتعة، ويتعمَّد لفظ بعض الكلمات بطريقة خاطِئة حتى يصوِّبه الأطفال، ويستعمل أصواتًا مختلفة، ويجعل وقت القراءة وقت مرح وفرح وسعادة.

يكون الهدف الأخير جعل الأطفال يقرؤون بأنفسهم[17].

ولعل ارتفاع أسعار الكتب المناسبة أن يقف عائقا دون تمكن البعض من شرائها، وهكذا يُحرَم الأطفال من اقتنائها، وهذا أمر خطير يجب تداركه.

وهنا يأتي دور المعلم، فيأخذ الأطفال إلى قاعة مكتبة المدرسة ويعطيهم كتاباً ذا مظهر جذاب، فالإحصائيات تقول إنّ معظم الأطفال يختارون الكتب الجذابة، فعلى المعلم أن يستفيد من هذه النقطة، بأن يعطيهم-مثلا- كتاباً فيه قصص عن الحيوانات مليئة بالصور الملونة، وبعد أن يختار الطفل الكتاب الجذاب، يجب على المدرسة أن توفر له المكان الجذاب أيضاً، فالمكتبة كما يقول تقرير "كارنيجي" أعظم من مجرد مجموعة من الكتب، فيجب أن يتوفر في المكتبة الهدوء والسعة والأفراد والجمال، والمكتبة المدرسية يجب أن يكون جوّها منزلياً مريحا، وأن تكون معدّة خير إعداد.

التوظيف الإيجابي للرّسم:
بغضّ النظر عن المحتوى الكتاب المقدّم للطفل، والذي يجبُ أن يتوفّر على الكلمة الحلوة الجذّابة والأسلوب الواضح المؤثّر، بما يؤدّي إلى تهذيب الأخلاق وتقويم السّلوك، وإذاعة الآداب الراقية، ونشر الحكم الصالحة؛ فإنّه من الواجب على القادرين على التمام[18] أن يحسنوا الاستفادة من كل ما من شأنه أن يشكّل إضافةً للكتاب على العموم، وللقصة على الخصوص، وإسهاما في إقبال الطفل على قراءة هذه القصة بشغف ومحبة.

ولعل التفعيل الإيجابي لرسومات كتب وقصص الأطفال، بما تضفيه من مسحة جمالية -مع كل ما يلحقها- من الأهمية التي لا تقل عن أهمية النص.

ولتوضيح ذلك نعرض لجملة من النقاط المفيدة:
أهمية الرؤية عند الطفل: يقرّر علم النفس أنّ حاسّة البصر عند الطفل تأخذ تدريجيّا في النموّ والتطوّر تبعا لتطوّر الطفل ونموّه حتى تصبح الحاسّة الأولى التي يعتمد عليها في اكتسابه للمعرفة والخبرات، والرباط الذي يربط الطفل وعالمه الداخلي بالعالم الخارجي.

فالعين هي نافذته على الحياة الخارجيّة ذات المنطق الخاصّ، وهي أيضا نافذة هذا الخارج إلى بصيرة الطفل وعالمه الدّاخلي من العواطف والأحاسيس.

والرّسم فنّ بصريّ يخاطب العين عندما يحوّل الصّورة الواقعيّة المشدودة بمنطق الواقع إلى صورة بصريّة يكتسب وجودها من منطق آخر؛ هو منطق الخطوط والألوان والعواطف، النابع من الإحساس بالجمال واكتشافه ثمّ الاستمتاع به، والتعبير عنه.

والطفل عندما يستجيب لهذه الصورة البصريّة التعبيريّة فإنه يستجيب لتلك الحقائق التعبيريّة التي تقترب من منطق خياله الجامح وعواطفه المتدفقة.

كما يقرّر علم النفس أنه في مرحلة ما قبل المدرسة يتشكل ما يمثل 50% من التنمية الذهنية للطفل، لذلك فمن أهم خصائص الطفل في هذه السنّ حبّه للاستطلاع والمعرفة، وكثرة أسئلته عن كلّ ما يحيط به؛ بما يستوجب الاهتمام بكل ما يُقدَّم له من معارف ومفاهيم، من خلال وسائل الاتصال المختلفة حتى تثير اهتما ته وتجيب عن تساؤلاته، وتشبع نهم الاستطلاع لديه.

ومن هنا يمكن القول أنّ أطفال هذه المرحلة ليسوا أقل حاجة إلى الكتب الجيدة من أطفال بقية المراحل؛ ولعل أهم السمات البارزة في الكتب التي تتجه إلى هؤلاء الأطفال، الاعتماد على الرّسم والتصوير والألوان والطباعة الفاخرة التي تستهوي الصغار، فضلا على أنه يتفق مع خصائص الأطفال الذين لا يستطيعون عادة القراءة في هذه المرحلة من العمر، مما يجعل التعبير بالصور أحد البدائل الأساسية في هذا المجال؛ ولعلنا لا نبالغ عندما نقول أن تأثير الصورة قد يتجاوز تأثير الكلمة في هذه المرحلة.

فعندما يقول طفل الثالثة "أنه يقرأ"، فمعنى ذلك "أنه يتأمل صورة في كتاب"، ويعتبر عملية التطلع إلى الصورة قراءة، عندما يردد أسماء الأشياء المرسومة؛ وما ذلك إلاّ لأن حصيلته اللغوية لا تمكنه من قراءة الموضوعات التي تقدمها إليه الكلمات، في حين ينتقل المعنى-بشكل أيسر-من خلال الصور والرسوم.

وخلال هذه السنّ يميل الأطفال إلى الرسوم المبسّطة في الشكل واللون والفكرة، ويستمتعون بمشاهدة صور واضحة لأشياء يألفونها؛ تكثر فيها الحركة وتوحي بالحياة.

وابتداء من سن الرابعة تصدر عن الطفل تعليقات تنمّ عن المشاركة الوجدانية لما في هذه الصور من معنى، كما يتخذ من الصور أصدقاء يستمدّهم من الشخصيات المرسومة في الكتب التي قد لا تتضمن أية كلمات أو قد تحتوي النَزْرَ منها.

وعندما يبلغ الطفل سنّ المدرسة تأخذ الكلمات القليلة المكتوبة -بحروف كبيرة- حيّزًا صغيرا بجانب الصور، يقرأها الكبير للصغير، أو يتعلم الصغير قراءتها على شكل رسوم وصور تساعده على قراءة النصوص المطبوعة وفهمها، وذلك لأن الطفل عند تعامله مع الكتاب في سنواته الأولى من عمره يعتمد على الاتصال البصري بالدرجة الأولى.

الاستعداد الفنّي لدى الطفل: يضاف إلى ذلك، ملكة التعبير الفني لدى الطفل، والتعبير الفنّي سلوك فطريّ ولغة "تعبيريّة"رمزية يعّبر بها الطفل عن نفسه ليشبع رغباته وحاجاته، وكلّنا يعرف أن التعبير يسبق تعلّم اللّغة والكتابة.

فإذا كان الرّاشد يستخدم لغة الكلام-كلغة أولى-يستطيع التعبير من خلالها؛ فإنّ الطفل لا يستطيع أن يطوّع الكلمات وفق مقصده، وما يكتنفه من أحاسيس ومشاعر ورغبات؛ ومن ثَمَّ كان من الواجب البحث عن مدخل آخر لإقامة الحوار وتحقيق التواصل مع الطفل من خلال لغة بديلة يفصح من خلالها الطفل عن مكنوناته ألا وهي لغة الرسم.

فالطفل له نفسية تفوق نفسية الراشد في الحساسية والشعور، ويعبر عنها بشكل إرادي أو لا إرادي، وأهم وسيلة يعبر بها عن شعوره هي الرّسم.

ولا ريب أنّ الطفل حين يرسم إنما يعيد صياغة الأشياء وفقا لأحاسيسه ورؤاه، فيقوم-هذا الفنان الصغير-بتشكيل عوالمه الخاصة التي يراها بشكل مغاير لرؤية الراشدين، ويحاول بناء الأشكال وفقا لمقتضى تصوّره وخياله المتّقد الذي يتجاوز حدود خيال الكبار.

وهنا لا بد لنا من وقفة مع الأستاذ " تشيزك" الذي ولد في إحدى مدن النمسا سنة 1865 م، والتحق بـ"كليّة الفنون الجميلة "بفيينا.

لقد أتاح هذا الرّجل الفرصة للأطفال ليعبّروا عن أنفسهم بانطلاق وحريّة، حينما نادى باحترام تعبير الأطفال برسومهم.

ومن أقواله المشهورة: (أنا أرفع الغطاء عن فنّ الطفل).

كما قال: (إنّ للأطفال قوانينهم الخاصّة في رسومهم)[19]، وترك الحريّة للأطفال ليحقّقوا المعاني التي يريدون في رسومهم.

وبالفعل فقد اهتم الكثير من الدارسين بأعماله، وألقت هذه التجارب-التلقائيّة -للأطفال الأضواء للباحثين والفنانين حتى يستخرجوا أبعادا جديرة بالمراقبة والدراسة والبحث وراء الرمز الذي يرسمه الطفل.

وهكذا أصبحت رسومات الأطفال في العصر الحالي تلاقي اهتماما متزايدا من قبل المربين والفنانين فحين يتاح للطفل أن يرسم، فهو يعيد صياغة الأشياء وتشكيل عوالمه الخاصة التي يراها بشكل مغاير لرؤية الراشدين، ويحاول بناء الأشكال وفقا لمقتضى تصوره وخياله المتقد الذي يتجاوز حدود خيال الكبار.

كما أولت عديد المؤسسات التربوية في العالم الغربي أهمية خاصة للرسم، بل وأوجدت مؤسسات متخصصة في هذا المجال؛ مثل " المؤسسة العالمية لفن الطفل"، ومدرسة" تشارلوت ماسون" لتقييم الفن.

و لا ريب أن مثل هذه المؤسسات تتيح للأطفال فرصة المحاولة ومتعة التجريب، كي يكتشفوا هذا العالم المفعم بالإغراء والمترع بالنشوة والمليء بالغرائبية والدهشة.

هذا وقد رأى الباحثون أن ملامسة حياة الأطفال، والعناية بتوجهاتهم الإبداعية-الفنية لا تعزز نموهم الإبداعي وحسب؛ ولكنها -أيضا- تدفع بنموهم العاطفي والذهني والشخصي إلى الأمام.

وقد وصل الأمر يبعضهم إلى القول: (إن العلوم نفسها -رغم ما لها من أهمية- لا يمكن أن تقود إلى النفع إلا إذا تحولت إلى فنون، أي إلى تطبيق نتائج العلوم بأساليب فنية).

ونظرا لما في هذا الكلام من الصحة، فقد دأب العديد من فنّاني العصر الحديث على تذوّق فنون الأطفال لجمالها وصدق تعبيرها، فضلا عن الاهتمام بها واستغلال بعض ممّيزاتها.

وإن رأى بعض الناس أنّ الفنان الحديث والمعاصر نزل بمستواه الفني حينما قام بتقليد مفردات فنون الأطفال، فإنّ الحقيقة غير ذلك، إذ أن الفنان المعاصر لم يقلد تلك المعاني بقدر ما استوحى منها صدقها وطلاوة تبسيطها، وعمق تكوينها بعد أن أضاف إليها من ثقافته الفنية وخبرته ومهارته إيمانا منه بالتلقائية الصادقة في فنون الأطفال.

أما إذا تم تجاهل الإبداع الفني-أو كبته-في مرحلة الطفولة، فسوف نفقد فرصة فريدة لن تتكرر؛ ولسوء الحظ فإنّه في حدود السنة السابعة أو الثامنة -والتي تعتبر سنوات ساحرة في عمر الطفل- يفقد أغلب الأطفال مهاراتهم الفنية؛ وتصبح رسوماتهم واقعية، تفتقد التلقائية والخيال والإبداع.

وغالبا ما يحدث ذلك بسبب التغيرات الجوهرية التي تطرأ على أهداف الطفل وتوجهاته؛ إذ تعود اللغة المنطوقة-الكلمات-لتأخذ مكانها عند الأطفال كوسيلة للتعبير عن الذات، ولإنتاج ما يرونه وما يلاحظونه، وتأخذ الكثير من الحالات الإبداع في الانحدار والاضمحلال.

الإخراج الفني للغلاف: إنّ الإخراج الفني للقصص وجمال الغلاف هما أوّل ما يجذب الطفل إلى الكتاب، بل إنها على حدّ تعبير الفنّان المصري "حسين بيكار": (العامل المشهدي الأول الذي يغريه على اقتنائه وفضّ صفحاته وتقبّل مضامينه).

وهما من جهة ثانية عامل هام في تنمية التذوّق الفني لدى الطفل، فهو يطّلع عن طريق الرؤية البصرية وحدها على المذاهب الفنية فترسخ مزاياها في أعماقه بشكل غير مباشر.

لذلك فمن السمات البارزة لكتب الأطفال-في البلاد الأوروبية-الاعتماد على الرسم والتصوير والطباعة الفاخرة؛ ممّا يساعد على شدّ الانتباه؛ وتحقيق عنصريْ التشويق والجاذبية الذين يؤديان بدورهما إلى تحقيق تنمية القراءة والرغبة فيها.

فعلى سبيل المثال نجد كتبا تظهر فيها صور بارزة أو مجسمة عند فتح الصفحات المختلفة، وكثيرا ما تكون هذه الصور معدّة بحيث يستطيع الطفل أن يحرك أجزاء معينة منها بطريقة معبرة؛ مثل ما يحدث عندما يشد الطفل جزءا من الصور فيقفز القط من الكرسي أو يطير العصفور من الشجرة أو يهبط الدب على السلم، إلى غير ذلك من الأساليب المدروسة التي يتفنن في إخراجها ناشرو الكتب الأطفال الحديثة في الدول المتقدمة؛ في الوقت الذي تشير الإحصائيات أن ما نسبته 30% من رسوم وصور الأطفال عندنا لا تعبر عن الاحتياجات الفعلية لأطفالنا، لأسباب عدة لعل أهمها:
عدم توفر خاصية الوضوح والبساطة في اغلب رسوم الأطفال.
عدم ملائمة الصور والرسوم المقدمة في كتب الأطفال للبيئة العربية وللمجتمع العربي.
عدم مواكبة الرسوم والصور في أغلب كتب الأطفال للتقنيات الحديثة وللثورة التكنولوجية التي سايرت كتب الأطفال في الدول المتقدمة والتي أصبحت تتعامل مع حواس الطفل الخمس جميعا.
افتقار بعض الرسوم إلى الألوان، لدرجة أن بعضها يقدّم-إلى غاية يومنا هذا- رسوما باللونين الأبيض والأسود، وهو ما لا يتناسب مع أبسط رغبات الطفل في هذه المرحلة العمرية.

وبالفعل فإنّ أغلفة قصص الأطفال عندنا ما زالت متخّلفة، ذلك أنّ رسّامينا لم يعترفوا – في عمومهم – بعدُ بالفكرة القائلة أنّ الغلاف هو لوحة فنيّة، يحتاج كأية لوحة إلى جهد ووقت وإبداع، بل لعلّه أسرع انتشارا من اللوحات نفسها وأكثر فائدة منها لجمهور الأطفال.

والأمر نفسه ينطبق على الرسوم أو اللوحات الداخلية، التي تقوم بمهّمة مساعدة الطفل على القراءة، لأنها تلخّص زمرا عريضة من المعاني عن طريق الخطوط والألوان، ولهذا ينبغي وضعها إلى جانب الرموز الكتابية وإلاّ فقدت تأثيرها في الطفل.

كما ينبغي الالتفات إليها بمزيد من العناية الفنّية، لأنّ لها دورّا كبيرّا في تكوين الطفل وتثقيفه، فهي مدخل رحب لإدخال المعلومات إلى وعاء عقله المتفتح، وعامل من عوامل كشف شخصيته وبلورة ملكاته.

وتزداد أهمية الرسوم الداخلية والغلاف الخارجي في قصص الأطفال في المرحلة الأولى حتى ليطغى التعبير بالرسم على التعبير بالكلمات طغيانا واسعا؛ بحيث تغدو اللوحة أو الرسم العامل الأهم في فهم القصّة، إضافة إلى مهمتها الأخرى المتعلقة بتربية الذوق الفني للطفل.

يضاف إلى ذلك أن جودة الغلاف تساعد الطفل على الاحتفاظ بالقصة سليمة قبل قراءتها وبعدها وفي أثناءها، وهو أمر هام إذا أردنا تدريب الأطفال على إنشاء مكتباتهم الخاصة المستقلة عن مكتبات الكبار وبالتالي غرس قيمة الكتاب في أنفسهم وتعويدهم على تبادله وإهداءه في المناسبات ولم لا شراءه من مصروفهم الخاصّ.

الوظيفة الاجتماعية للرسم: بقيت نقطة أخيرة لا تقلّ أهمية عما سبق ذكره، وهي: هل تعكس الرسوم التي يشاهدها قارئنا العربي الصغير واقعه الاجتماعي وبيئته؛ من حيث الشخوص والملامح والملابس والعمارة وأدوات الحياة والطبيعة المحيطة به؟

هذا السؤال بالغ الأهمية وبالإجابة عليه نرجع قليلا إلى الوراء فنلاحظ أنّ القصص التي قرأناها في طفولتنا –وإلى وقت قريب- قلما كانت تحدّثّنا عن أنفسنا، وفيما كنّا نقرأه من القصص المكتوبة بالانجليزية أو بالفرنسية أو المترجمة، كانت توجد رسوم جميلة للغاية، تصف أطفالا صغارا شقرا، متنقلين في مدن لم يسبق لنا أن رأيناها قطّ، لها نمط حياة يختلف عمّا ألفناه؛ كنّا نعيش بين أشياء، وكانت القصص تصوّر لنا أشياء أخرى، كنّا نشعر بدمامتنا أمام تلك الشقرة، وكانت الطبيعة حوالينا تبدو جامدة، لأنّه لم يذكر منها أيّ شيء قطّ لا في النص ولا في الرسم.

وحتى الكتب المترجمة إلى العربية ظلّت محتفظة برسومها الأصلية، فكان النصّ قابلا للقراءة إلاّ أنّ الرسوم كانت تتحدّث عن عالم آخر وأطفال آخرين.

وعندما ظهرت بعض القصص بالعربية، كانت أجسام الأطفال سمجة وكانت هيئاتهم جامدة ووجوههم خالية من التعبير؛ كانوا راشدينَ صغارًا، يبعثّون على الضجر، وكانوا يتحرّكون بسبب عجز من الرسام داخل إطار يقتصر على الضروري، وليس فيه إلاّ القليل من المعالم بحيث كان ينبعث انطباع عامّ بضرب من الجفاف والجدب وضيق الأفق.

وإذن فقد كنا ممزقين بين عالم غريب يصفه النصّ وتصفه الصورة، عالم له حظّ وافر من الجمال، وعالمنا – نحن – الذي خانته رسوم سخيفة، وأحيانا خانه نصّ يفتقر إلى الخيال.

أمّا الآن، فثّمة جهودٌ تبذل لخلق كتب وقصص عربية، مرسومة على نحو أفضل، وزاهية الألوان، إلاّ أنها في بعض الأحيان تفتقر إلى مراجع تحيل إلى المجتمع الحالي - أي إلى الحداثة - فتسقط في (الفلكلور)، ولئن كان الأطفال يعرفون أكثر من ذي قبل ما ينطوي عليه ماضيهم من غنى وثراء، فقلّة من القصص تحدّثهم عن حاضرهم؛ وهذا ما يدفع إلى تشجيع الأطفال على تنمية ملكة الخلق والإبداع الكامنة فيهم، وأن يحبوا بلدهم ومناظره الطبيعية وأناسه، مهما يكن الوسط الذي ينتمون إليه، وأن نصوّر لهم حياتهم اليوميّة في مدينتهم أو في قريتهم، وحينذاك نتوصل إلى أساليب وأشكال فنية، يجد الطفل نفسه فيها، لما لها من علاقة سليمة بوجدانه ومزاجه ومحيطه؛ وعندها لن تخيفنا الكتب المترجمة، ولن تصيبنا بالفصام أو بازدواج الشخصيّة، لأنها ستكون انفتاحا على العالم واكتشافا لأطفال آخرين ولبلدان أخرى.





يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-02-2020, 11:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,635
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لكل طفل كتاب



الكتابة للطفل؛ ذلك السهل الممتنع:
(- لمن أكتب؟ - إنني أكتب للمستقبل، لأن الأطفال هم المستقبل الأحلى والأجمل، وإذا لم نكتب لمستقبل أمتنا العربية، ونتجه إليه بكل ما نملك من طاقات، فلمن نكتب؟ ولمن نتجه؟)[20].

بمثل هذه العبارات يلخص أحد رواد أدب الأطفال رسالته، ومادام الأمر كذلك فإنه لا ينبغي أن نجعل أطفالنا - أكبادنا التي تمشي على الأرض- بمثابة "حقل تجارب"، ولا أن نجعلهم عرضة لنزوات بعض المتطفلين على أدب الأطفال، استسهالا له أو لتحقيق أهداف تجارية، وهم أبعد ما يكونون عنه.

فقوام هذا الفن قاصّ ناجح مبدع، وبناء قصصيّ صحيّ، يثير الدهشة والإعجاب، في نفس طفل قارئ مستوعب.

وإذا كانت الكتابة للطفل في البداية مجرّد تجارب شخصية قوامها الاجتهاد الشخصيّ والنوايا الحسنة، وخبرة أصحابها، بعيدا عن تقويمات النقاد ودراساتهم الجادة؛ فقد حان الوقت للاستعانة بالدراسات التي تساعدنا في فهم هذا الطفل الذي نتوجه إليه بإنتاجنا.

وفي الحقيقة فإنّ الكتابة للطفل تعتبر من أصعب حالات الكتابة، خاصة وأنّ من يتعرّض للكتابة له يمثل جيلا مختلفا في ثقافته وخياله.

فالطفل ليس مجرّد رجل صغير كما كان يشاع من قبلُ، إذ أن الأطفال يختلفون عن الراشدين لا في درجة النمو فحسب، بل في اتجاه ذلك النمو أيضا؛ حيث أنّ حاجات الطفل وقدراتهم وخصائصهم الأخرى تختلف في اتجاهها عما يميّز الراشدين، فهناك صفات تختص بها الطفولة وحدها، وهي تزول أو تضمر عندما يشبّ أولئك الأطفال؛ لذلك فإنّ الزاد الأدبي الذي يقدّم للأطفال هو زاد متميز مادامت الطفولة مرحلة نموّ متميزة؛ وهذا الزاد لا يشكل بالضرورة تصغيرا أو تبسيطا لأدب الراشدين.

كما أنّ الأطفال يستمعون ويقرؤون من أجل أن يتعلموا، فكل شيء هو حقيقي بالنسبة لهم، لذا فإنّ على من يكتب للأطفال أن يتوخى الحذر، فهو يشكل عجينة طريّة تمتصّ كل ما يصل إليها وتصدّقه، ولأنّ مرحلة الطفولة تمتد إلى سنوات يظلّ الأطفال طيلتها في حالة من التعلم، فإنّ كل كتاب يتوجه إلى الطفل-سواء كان قصة أو قصيدة أو غير ذلك- يجب أن يحتوي على هدف ما، وعلى القارئ الصغير أن يخرج بحصيلة أو اتجاه لم يكن موجودا عنده قبل بدء القراءة، حتى وإن لم يستطع التعبير عنه بوضوح.

لذلك فإن مخاطبة الطفل تتطلب وعيًا دقيقًا بطبيعة المرحلة العمرية التي يتوجه إليها الكاتب، مع وعيه أيضا لقضية عدم الإغراق في التفاصيل والمعلومات بقدر أهمية التركيز على توفر عنصري البساطة والتشويق.

علينا أن نفكر في الابتعاد عن صورة العبر والنصائح التي ضجت بها عقول أطفالنا، وعلينا أن نبحر بعيدا عن المواعظ البالية باتجاه جماليات جديدة ومبتكرة تذهب إلى عالم الخيال والحرية.

والكُتَّابُ لا يعسُر عليهم ابتداع ذلك كما ابتدع الآخرون أدبهم في لحظتهم التاريخية، مع التوجه–أيضا- إلى مناطق خصبة وعذراء في أرض الأدب الرحيب.

ولأن الطفل يستخدم الرؤية والسمع واللمس وكافة الحواس، ويبتعد عن التجريد والمجاز والكناية، فإنه ينبغي أن تأتي الصورة كوسيلة للفهم ولتنمية عنصر هام آخر هو الخيال، وصياغة هذه العناصر في النص الطفلي يخلق المتعة، ويعمل على تنمية الذوق الفني وتربية الأحاسيس والعواطف.

إن من بين مشكلات الكتابة للأطفال أنها فنّ صعب، وتتأتى هذه الصعوبة من جوانب عدة أبرزها "البساطة" التي يقول عنها توفيق الحكيم عندما كتب بعض حكايات الأطفال عام 1977م: (إن البساطة أصعب من التعمق، وإنه لمن الصعب أن انتقي وأتخير الأسلوب السهل الذي يشعر السامع بأني جليس معه ولست معلما، وهذه هي مشكلتي مع الأطفال).

ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن الكتابة للأطفال -وخصوصا القصة - تستلزم الإلمام بالأبعاد النفسية للطفل، لأن ذلك يمثل أحد الشروط الجوهرية لولوج هذا الفن العسير، فالجهل بخصوصيات عالم الطفل قد يؤدي إلى كتابة قصصية تتنافى وأبسط قواعد هذه الكتابة.

فعالم الطفل يختلف تماما عن عالم الشابّ أو الكهل، لذا يجب مراعاة هذا الجانب، فلا نقدم للطفل أدبا قصصيا لا علاقة له بعالمه مما ينعكس سلبيا على مختلف مراحل حياته، فنكون بذلك قد أسأنا بناء تركيبته النفسية وبالتالي شخصيته المستقبلية.

إذن فمرحلة الطفولة هي أعقد مرحلة في حياة الإنسان وأدقها، ومن هنا وجوب تكثيف العناية بها، حتى نسهم في إنشاء جيل سليم نفسيا وأخلاقيا وعاطفيا.

وعليه فإن الكتابة للأطفال هي ذلك الأدب "السهل الممتنع"، وحتى نؤازر هذا التقرير فإننا نذكّر بأقوال بعض أقطاب التربية الذين اهتموا بميدان الطفل.

فقد قال أحدهم: (العبقرية هي العودة الإرادية للطفولة).

ومما ينسب إلى(بيكاسو) قوله وهو يشاهد معرضا لرسوم الأطفال: (لقد قضيت خمسين عاما من عمري لكي أرسم مثلهم).[21]

انطلاقا من هذا المفهوم يتحتمّ على الأديب الذي يكتب للأطفال أن يكون واسع الخبرة، متنبّها إلى معارف الطفل واهتماماته وميولا ته وأحلامه، حتى يلقى منه ذلك التجاوب والإقبال على ما يقدمه له من زاد ثقافي وعاطفي وأخلاقي، بل إن من يكتب للأطفال لا يبلغ ذروة نجاحه إلاّ إذا استطاع أن يحقق لهم السعادة، وأن يثير في نفوسهم -أيضا-الدهشة والعجب وهم يقرؤون.

و إذا أقررنا بأن أدب الأطفال قد ولد في البلاد العربية ولادة عسيرة، ، باعتبار أنه نشأ في إطار التقليد للأمم الغربية التي قطعت شوطا مهما في إبراز معالم هذا الجنس الأدبي وخصائصه النوعية، وإنْ كان دافع الرواد الأوائل من العالم العربي من وراء المحاكاة والترجمة عن الآداب الأوربية لم يكن نقل النموذج الغربي بحذافيره، واستنساخ أدب الطفل الغربي بقضاياه وهمومه، بل كان همهم التأسيس ووضع اللبنات الأولى لأدب الطفل العربي[22]، وإنْ أمكن وضع هذه التجربة ضمن إطار المغلوب المولع بتقليد الغالب على حد تعبير العلاّمة ابن خلدون.

وإذا كان لابد من الاعتراف بأن الجيل التالي لم ينظر إلى هذا الأدب بعين الرعاية، بل ساد لدى عموم الكتاب العرب أن الكتابة للطفل لا تصل بالمؤلفين إلى ما يسمونه بالمجد الأدبي[23]- كما عبر عن ذلك الدكتور"زكي مبارك"- وأنه لا يهتم بالتأليف للصغار سوى الذين لا يجدون ما يلقونه على الكبار[24].

غير أن الاهتمامات التالية بعالم الطفل التي ظهرت في العالم وفي البلاد العربية، سوف تعمل على إزالة تلك العقدة، وينزل الأدباء الكبار إلى عالم فسيح رحب يبنون فيه الأجيال ويكوّنون رجال الغد؛ ويبعدون عن ميدان أدب الأطفال دخلاء يضرون أكثر مما ينفعون.

ولذلك لم يعد هذا الأدبُ "يعدّ أدبا لا قيمة له، أو لا خطر منه، أو يمارس الكتابة فيه، من قصرت موهبته عن معالجة الأدب التقليدي للكبار، بل أصبح من فروع الآداب الجادة المؤثرة في حياة الإنسان والبشرية".

ولأن "الطفل"، الذي يعد حجر الأساس، هو أشبه بـ(رادار عجيب، وإنه يستطيع أن يلتقط ويحسّ ويدرك أكثر ممّا نظنّ بكثير)[25]، أي أن المتلقّي عنصر مطاوع، فإنّ هذه المطاوعة سلاح ذو حدّين فالطفل -وهو قارئ نهم - لا يستطيع أن يتخلّص من كلّ ما يقرأ، وهذا ما يزيد المشكلة تعقيدّا فقد يؤدي عمل أدبيّ غير ملائم إلى ترك أثر سيّئ جدّا في الطفل، قد لا تتّضح مضارّه حالا، ولكنها ستظهر–لا محالة – بعد أمد طال أو قصر.

فإذا ركّزنا مثلا على جانب الأسطورة والخرافة وهو ما تزخر به الكتابات الموجّهة للطفل، وحاولنا إهماله فإنّنا نلغي بعدا هامّا من أبعاد الطفل المتعّددة، ولا يعني ذلك أنّ كلّ ما يتعلّق بالخرافة والأسطورة ينبغي تغييبه في حياة الطفل، وإنّما يجدر حسن توظيفه والقدرة على إخضاعه لواقع الطفل المعيشي حتى يكون هذا الجانب عامل تكوين نفسي وخيالي وثقافي، لا عنصرّا يهمّش اهتمامات الطفل، ويهمل فيه ما يجب التركيز عليه وإثراؤه وتنميته؛ فالنظر إلى الطفل إذن في أبعاده المختلفة هو مهمة كلّ كاتب ناجح تتّجه عنايته إلى هذا الميدان.

كما أنّ الطفل يتعاطف مع شخصيات بعينها يراها في القصة، شخصيات تستحوذ على مشاعره وتشدّ انتباهه وتمتلك إعجابه [26]، فيحدث لون من " الوحدة " أو " الاندماج " مع هذه الشخصّية أو تلك، ويتّخذ الطفل منها قدوة ومثلا يحتذي به، ويحاول تقليدها في أقوالها وحركاتها وسلوكها ويتصوّرها بخياله تصوّرّا مثاليا؛ وبهذا الاندماج أو الوحدة مع بطل القصّة يؤسس الطفل شخصّيته ويبنيها، وهكذا تتطوّر شخصيته من خلال اندماجا ته واختياراته".

وهنا يجب أن نلاحظ ازدواجية الخير والشر في الحياة، والحياة مزيج من الرذيلة والفضيلة فلا يصحّ أن نخدع الطفل بأن نجعله يعيش في وهم كاذب؛ كأن نصوّر له الحياة مثالية فحسب بل من الأفضل تربويا أن يعرف اختلاط الخير والشّر في الحياة، ووظيفة القاص الناجح أن يجعله يتخذ موقفا إيجابيا، ويتأثر بالشخصيات الخيّرة ويقلّدها.

والطفل في صغره ذو خيال رحب [27] فهو يحادث الجماد والحيوان والدمى وكأنها بشر: تفهمه ويفهمها، والطفلة الصغيرة تتناول عروستها وتحتضنها وتناغيها تماما كما تفعل الأمّ مع وليدها.

والطفل يخترع الحكايات ويروي قصصّا لا تحدث في الواقع، ويستطرد في سرد تفاصيلها بحماس غريب، ويفرغ فيها ما يعتمل في نفسه من أحلام وأمنيات وخيال.

كما أنّه ذو عاطفة جياشة فتنتابه الشفقة، وربما تتملكه الحيرة من سقوط الأرنب الوديع بين أظافر كواسر الطير، كما يعطف على الديكة والدجاج والنعاج وهي تتعّرض إلى الاعتداء من طرف الثعالب أو الذئاب؛ كما أنه يفرح وتنشرح سريرته إذا تمكّن الغزال أو العصفور من التغلب - بواسطة الحيلة أو الذكاء – على الثعلب المعتدي أو الأفعى السامّة؛ (ولعلّ الذي مارس التدريس مع الأطفال قد لاحظ مرارا تلك العبرات وهي تترقرق في عيونهم وهو يحكي لهم عن اليتيم في العيد، أو عن الأرملة الفقيرة، أو عن الشهيد وهو يسقط مضّرجا في دمائه.)[28]

إن الطفل - كما يقول علماء النفس - يبني لنفسه عالما من الخيال ويحاول باستمرار تنميته، ويلحّ في طلب المزيد من القصص التي تساعده في ذلك، يتلّقفها في شغف ويستمع إليها بكلّ حواسه، فتفتح أمامه آفاقا واسعة غنية بالكثير من الصّور والمخلوقات والأحداث، وتفعل تلك الأشياء فعلها في نفسه ووجدانه وفكره، وتنعكس على ممارساته ومعتقداته ومشاعره.

وتلك سمة إيجابية، فما أكثر ما تحوّل الخيال إلى واقع أو حقيقة بل –يمكننا القول-إنّه بداية الإبداع الفني والعلمي، وكاتب قصص الأطفال لا يستطيع أن يتجاهل تلك الطبائع النفسية والعقلية لدى الطفل، وعليه أن يحاول تنمّية الخيال وحمايته من الزيغ والانحراف أو بمعنى آخر توظيف ذلك الخيال والعاطفة في تكوين "الشخصية" المتّزنة للطفل ومدّها بالزاد المعنوي الذي لا غنى عنه.

القراءة أمّ الإبداع:

من كل ما تقدّم من آراء في أهمية القراءة وأهدافها التعليمية والتربوية نستطيع أن نستخلص أن عملية التربية عملية تغيير أو تكييف، ونموّ مستمر في حياة الطفل؛ وإنها تعمل- دائما- على إيجاد التوازن بينه وبين البيئة التي يعيش فيها.

ومن هنا نفهم ما يقال من أن للتربية وظيفتين هما:
وظيفة فردية: تتمثل في مساعدة الطفل لينمو نموّا صحيحا كاملا بحسب قواه الطبيعية.
وظيفة اجتماعية: تتمثل في مؤازرة هذا النمو بحيث تتيح للطفل بأن يكون عضوا صالحا مفيدا في المجتمع الذي ينتمي إليه.

فالتربية الصحيحة -إذن- هي تلك التي تجمع بين الهدفين: الفردي والجمعي، وكما يقال: "إنّ الحذاء يستعمل لحماية القدمين، لا ليمنعهما من النموّ "، كذلك يجب أن تكون التربية المجدية، التي تعمل على إثارة قوى الطفل، عن طريق مطالب الظروف الاجتماعية التي يعيش فيها.

غير أنه لا يليق بنا التوقف عند هذا الحدّ، بالنظر إلى التأخّر الفادح الذي نعانيه في هذا المجال، وباعتبار أنّ أبرز ما يميز هذا العصر أنه عصر العولمة والمعلوماتية والتغير السريع في مجالات الحياة كافة، وفي ظل التدفق المعرفي لابد من تنمية مهارات أطفالنا وإطلاق قدراتهم لتمكينهم من التعرف على مصادر المعرفة المتنوعة وحسن التعامل معها، فالعنصر البشري هو العنصر المحوري في الحياة ولن يتأتى ذلك إلا من خلال الاهتمام بتنمية مهارات القراءة في المستوى الإبداعي، حتى يستطيع الأطفال أن يروا القضايا المختلفة في النصوص القرائية برؤية أكثر عمقاً وشمولية، وهذا يتطلب الاهتمام بالقراءة ذات المعنى لتنمية مهارات التفكير العليا، وأن تقوم المدرسة بتهيئة الظروف التعليمية المناسبة لإعداد جيل قارئ قادر على التعامل مع عصر متغير شديد التعقيد فبمقدار ما يقرأ الفرد يسمو فكره.

فالقراءة ليست مهارة آلية بسيطة، إنها أساسُ عملية ذهنية تأملية تُنمّى كتنظيم مركب يتكون من التحليل، والحكم، وحل المشكلات.

وتتصف القراءة بأنها عملية تحليلية بنائية تفاعلية لا يقصد بها مجرد معرفة الكلمة المكتوبة ونطقها بطريقة صحيحة، بل إنها تتعدى ذلك إلى فهم ما يقرأ، واستحضار معناه، والاستنتاج والتفكير النقدي أيضاً، وكل ذلك يتطلب من القارئ أن يربط ما يقرأ بخبرته السابقة، وأن يفسر المادة المقروءة، وأن يقوّمها مستعيناًً في ذلك بقدرته على التخيل والتفكير.

فهي ضرورة عصرية يحتّمها العصر الذي نعيشه، وتعقّد الحياة وتغيرها السريع المتلاحق، والحاجة إلى إيجاد حلول للمشكلات، والوفاء باحتياجات التنمية، وتكوين جيل من المبدعين يجعل المادة المقروءة مصدراً للتفكير، ويضيف إليها من تفكيره وإبداعاته أفكاراً متنوعة فريدة.

فالتنمية الإبداعية تتطلب توفير البيئة التعليمية المُتَّسِمة بالحريّة التي تفضي إلى نتائج جديدة واستدلالات من خلال الحوار والنقاش، واكتشاف العلاقات الجديدة بين الأفكار، وتوفير جوّ خلاق مبدع يطلق السلوك الإبداعي عند الأطفال ولا يخمده.
والقراءة كوظيفة تربوية تستهدف تنمية الإبداع بأشكاله الثلاثة:
إبداع معرفيّ يستوعب ثقافة العصر ويجعل منها ثقافة متجددة قادرة على تأصيل ذاتيتها وإثبات عالميتها.
إبداع مهاريّ ويتمثل في فهم واستخدام التقنيات المعقدة وإنتاجها وتطويرها.
إبداع سلوكيّ يرقى بالأفراد وبنوعية الحياة.

وتعد القراءة إحدى أدوات ترسيخ التفكير الإبداعي، فهي أداة من أدوات اكتساب المعرفة، ووسيلة من وسائل الرقي الاجتماعي والعلمي، فعن طريقها يُشبع الفرد حاجاته، وينمي فكره، ويثري خبراته، ولها أهميتها المركزية في العملية التعليمية، لأنها وسيلة التحصيل الدراسي، والوسيلة الأنجح في تطوير التفكير.

ويرى المختصون بأنّ القراءة الإبداعية عملية يتفاعل فيها القارئ مع النص المقروء بحيث يصبح حساساً للتناقض في المعلومات والبدائل المتاحة، ويولد علاقات وتركيبات جديدة معتمداً على المعلومات المتاحة له في النص وعلى خبراته السابقة وتخيله.

وترتبط مهارات القراءة الإبداعية بالتفكير وبمكوناته من حيث الطلاقة، وهي التدفق والسلاسة في الأفكار، وتدفق المعاني المتجددة في الذهن في أثناء القراءة، والقدرة على استحضار الأفكار والكلمات المتجددة في زمن محدد وموضوع معين.

وترتبط القراءة الإبداعية بالمرونة، وهي قدرة الفرد على التنوع في التفكير، وتغيير مساراته للتكيف مع المواقف المختلفة، كذلك ترتبط مهارات القراءة الإبداعية بالأصالة، وتعني قدرة الفرد على التوصل إلى أفكار غير شائعة ومختلفة ونادرة، مع تميزها بالجدة.

وربط موضوعات القراءة بالتفكير الإبداعي والاهتمام بتنمية مهاراتها لدى الأطفال له أهميته، نظراً لما تقدمه القراءة الإبداعية من تدريب للأطفال على حل المشكلات، وإدراك العلاقات بين أفكار النص، ومزج الأفكار بخبراتهم السابقة، وإضافة أفكار جديدة للنص.

إن القراءة الإبداعية تساعد الطفل القارئ على:
التعمق في النص المقروء، والتوصل على علاقات جديدة.
توليد فكر جديد، واقتراح حلول جديدة للمشكلات.
التوصل إلى استنتاجات جديدة.
تنمية القدرة على التنبؤ بأفكار النص من خلال المعلومات الواردة فيه.
تنمية مهارات الطلاقة والمرونة والتفاصيل والأصالة.

وإذا كان لابد من توضيحٍ للمهاراتِ-المذكورة آنفا- اللازمةِ لممارسة القراءة الإبداعية فإننا نقصد بـِ:
الطلاقة: القدرة على توليد عدد كبير من البدائل، أو المترادفات أو الأفكار أو المشكلات أو الاستعمالات عند الاستجابة لمثير معين، وأنها تمثل أيضاً القدرة على توليد أفكار متنوعة ليست من نوع الأفكار المتوقعة عادة بسرعة وسهولة.

المرونة: توجيه مسار التفكير أو تحويله مع تغير المثير أو متطلبات الموقف.

التفاصيل: القدرة على دمج أجزاء مختلفة في وحدة واحدة بشكل متقن، وتكون أساسا لبناء المعلومات المعطاة، بحيث يشكل نسقاً فكرياً معيناً ليصبح أكثر تفصيلاً.

الأصالة: الجدّة والتفرد بالأفكار، كأن يأتي الطالب بأفكار جديدة بالنسبة لأفكار زملائه.

خاتمة: ذات يوم في التاريخ كان العرب المسلمون يقرؤون للتعلم والتقدم فاخترعوا الكثير؛ مثل النظام العددي والصفر والنظام العشري والدورة الدموية، واكتشفوا الجاذبية والعلاقة بين الوزن والسرعة والمسافة-عدة قرون- قبل نيوتن، وقاسوا سرعة الضوء وعلو البحار، واخترعوا الإسطرلاب، ووضعوا أسس الكيمياء...

غير أنّ النّاظر لواقع العرب اليوم يرسم صورةً من التخلّف عن الرّكب والتأخّر عن السّبق، لأمّة لا يقرأ أبناؤها، ولا يحبون المطالعة، ويتذمرون من حمل الكتب، فضلاً عن تصفّحها والاطلاع عليها، في ذات الوقت الذي نشاهد الغربي يقرأ في القطار، ويقرأ عند انتظار الحافلة العامة، ويقرأ عند صفوف انتظار الطبيب، ويقرأ في المنتجعات، ويقرأ أمام النهر، فضلاً عن القراءة المستديمة في البيت، ونحن ننعم بالجهالة في سبات عميق.

إن ظاهرة عزوف السواد الأعظم من العرب عن القراءة يجب أن تؤرّق كل مهتمّ بالثقافة والفكر والمعرفة، وإنّ طريق الخلاص لن يتيسر إلا بتربية جيلٍ مُبدع، وهذا ما يتمنَّاه كلّ غيور على أمّته، ولكنّ الأمنيات وحدها لا تكفي؛ إذْ لا بدَّ من منهجٍ واضح، وجهد متواصل.

ولا شكّ أنَّ صناعة الأجيال ليستْ مرهونة بأمانٍ لا تعليها همَّة صادقة، وليست ضربةَ فأس في أرض سبخة مالحة غير صالحة للزِّراعة.

ولعله مما يجب الاعتراف به أن طفلنا العربي لا يلاقي الاهتمام المطلوب في هذا المجال، بعكس دول الغرب التي جندت كل الطاقات لبناء جيل واعٍ يحمل من العلم الكثير.

ولذا فإنه من الأهمية القصوى شعور المسؤولين بأنّ الطفولة عالم خاص متميز عن عالم الكبار، ويجب الاهتمام به وتوجيهه وجهة تربوية ونفسية واجتماعية سليمة، باعتبار أن الطفولة إذا ما أحسن استغلالها فسوف تكون ثروة وطنية مهمة، فأطفال اليوم هم رجال الغد.

كما أن حبّ المعرفة والإطلاع موجودان عند الأطفال منذ صغرهم وما علينا إلا أن ننمّي هذا الحبّ في نفوسهم ونجعلهم يقرؤون ويطالعون ويلعبون، والأطفال طاقة هائلة من الحيويّة والنّشاط وحب التّنقيب والإطلاع والاستكشاف ومن أهم أساليب تحقيق ذلك القراءة، فإن: "الطفل-كما يقول المثل-كالدّجاجة دائم البحث والتنقيب".

ومن هذا المنطلق على الآباء والأمهات أن يتعهدوا أبنائهم بالرعاية وأن يوفروا لهم التربة الخصبة وأن يعوّدوهم على فعل القراءة بالصور ثم بالقصص الهادفة، ونهاية بالكتب العلمية عند كبرهم، وذلك بتوفير مكتبة في المنزل بها عدد من الخيارات الجاذبة والهادفة.

ولاشك أن إنشاء مكتبات للأطفال معناه اعتراف الدولة بهم كأفراد في المجتمع لهم حقوقهم الكاملة، ولهم مكتباتهم التي تتوفر على شتى سبل التشويق للقراءة، بأشكالها البسيطة والرحبة والجذّابة بما تحتويه صفوف وطاولات وأركان مخصصة للأطفال، مدعومة بألعاب وأدوات رسم ووسائل صوتية ومرئية، وأركان أخرى لآخر الإصدارات الحديثة، سواء المسموعة أو المرئية أو المقروءة.

أما فيما يخص الكتابة للأطفال، فمن الأجدر بمن يضع كتاباً أو قصة للأطفال أن يدرس نفسية الطفل في مختلف مراحل عمره، وأن يدوّن بانتباه زائد المفردات والتعابير التي يستخدمها الأطفال، وعلى المؤلف أن يتابع الاكتشافات الحديثة في مختلف الحقول العلمية، وأن يهتم بغلاف الكتاب ويحرص على أن يكون جذاباً وجميلاً، وأن يستشهد برسم المواقف المعبرة عن القصة.

ويقع على المعلم العبء الأكبر في صياغة عقل التلميذ وتشكيل وجدانه الإنساني؛ فما لم يكن المعلم دافئ المشاعر رقيق الأحاسيس مفعم الوجدان بحب الإنسان وعشق الطفولة، فإنّ العملية التربوية برمتها يمكن أن تتعرض للإخفاق.

ولاشك أن المعلم الناجح هو القادر على تحويل المناهج الصلدة إلى مواقف تعليمية وأنشطة مؤثرة تهيّئ المجال لنمو الطفل في جميع النواحي: الوجدانية والمعرفية والنفسية والحركية، بما يضفيه من روح الثقة والانفتاح والاستماع وتشجيع الأطفال على إبداء آرائهم ومشاعرهم وأفكارهم، حتى ينهض جيلّ مبدعٌ ينبض بالحيوية والنشاط والثقة التي تبعثُ الحياة وتصنع الوجود.


[1] أحاديث في التربية والاجتماع، أبو خلدون ساطع الحصري، ص: 42

[2] ثقافة الطفل العربي –كتاب العربي 50- ص:4.

[3] يحدث هذا حسب إحصائيات 2008م

[4] كان عليه الصلاة والسلام أميًا لا يقرأ ولا يكتب؛ ولكن لم يكن ذلك لفضلٍ في الأمية، وإنما لحكمة تقتضيها رسالته: ﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، فلو كان قارئًا كاتبًا إذًا لشك المرتابون المبطلون أن يكون قد تلقّف ما في القرآن من القصص والنبوءات بالقراءة في كتب أهل الكتاب، أو بكتابةِ ما يملونه عليه من علومهم، فجعل الله أميّتُه آيةً على صدق رسالته التي حوت من القصص والغيبيات ما يشهد له بالصدق أهلُ الكتاب بما خبروه في التوراة والإنجيل وكُتبِ علمائهم، ولم تكن أميته عليه الصلاة والسلام لتحجبه عن معين العلم والحكمة؛ فقد حاز أشرف العلوم وأبلغ الحِكَم بما آتاه الله من الكتاب والحكمة، فلم يورِّث دينارًا ولا درهمًا ولكن ورَّث العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍ وافر.

[5] أظهرت التقارير والدراسات الميدانية أن البلاد العربية المسلمة قد انحدرت -في تصنيف الأمم الراعية للكتاب- إلى درجات متدنية جدا لا تستحق المقارنة مع اغلب دول العالم، سيما فيما يتعلق بعدد الكتب المطبوعة والأعمال المنشورة، كما هو موضح فيما يلي:
-يصدر كتاب لكل 12 ألف مواطن عربي، بينما يصدر كتاب لكل 500 إنكليزي.
- تترجم اليابان حوالي 30 مليون صفحة سنوياً، في حين أن ما يُترجم سنوياً في العالم العربي، هو حوالي خُمس ما يترجم في اليونان.
يصدر العالم العربي حوالي 1650 كتاب سنوياً، أما في دول الغرب لاسيما أمريكا فإنها تصدر ما يقارب 85 ألف كتاب سنويا.
- تكشف أحدث الإحصاءات في هذا الشأن أن الأوربي يقرأ بمعدل 35 كتابا في السنة، أما العربي فإن 80 شخصا يشتركون في قراءة كتاب واحد في السنة.
- كتاب واحد يصدر لكل 350 ألف مواطن عربي، في حين أن النسبة في أوروبا هي كتاب واحد لكل 15 ألف أوروبي.
- إن عدد الكتب التي تُرجمت إلى العربية منذ ثلاثة قرون (1970-2000) وصل إلى 6881 كتابا، وهذا ما يعادل ما نقل إلى اللغة الليتوانية التي يبلغ عدد الناطقين بها قرابة أربعة ملايين إنسان فقط.
- عدد النسخ من الكتب المطبوعة في الدول العربية يتراوح بين 1000-5000 نسخة مقابل 85 ألف نسخة في الدول الغربية.
- 400 كتاب هو حجم الكتب المخصصة سنويا للطفل العربي، مقابل 13260 كتاب للطفل الأمريكي، و5838 كتاب للطفل البريطاني.
مداولات سوق الكتاب العربي بيعا وشراء لا تتجاوز 4 مليون دولارا أمريكيا سنويا، في حين يصل هذا الرقم في دول الاتحاد الأوروبي إلى 12 مليار دولار.

[6]نستشهد هنا بما قاله العربي بن جلون في مقالة نشرت في كتاب العربي –رقم 50- تحت عنوان "ثقافة الطفل المغربي" حيث يقول: " إن ما يعتبر ثقافة طفلية تخلو من خصائص الطفولة ومكوناتها النفسية الفكرية، ليس إلا ثقافة للكبير أرغم الصغار على تلقيها، عبر مراحل تاريخية طويلة، كانوا يخالون الطفل رجلا صغيرا...وكمثال على يستشهد:
أولا- بالأدب الشعبي(الخرافات والأحاجي والألغاز والأمثال...)التي تحكيها الجدات والأمهات لأحفادهن وأولادهن الكبار والصغار.
ثانيا-بالمواسم والحفلات التي تشهد ألوانا من الرقص والغناء والإنشاد والحلقات التي تعرض ضروبا مختلفة من الغناء والتمثيل.
ثالثا-بالأدب الفصيح، إذ لا يخفى أن الكتاتيب والمدارس والمعاهد تنتقي لصغارها من مطبوعات الكبار." ص: 128-129

[7] إنّ قصة "الطفل المتوحش "الذي عثر عليه صدفة في غابة "لافيرون" في فرنسا، خير دليل على صحة هذه الفكرة.
إن هذا الطفل الذي عاش محروما من النماذج الإنسانية والاجتماعية في غابة نائية، لم يتعلم المشي الإنساني، بل كان يدب على يديه ورجليه مقلدا الحيوانات التي عاش بينها، ولم يتعلم الكلام بل كان يقلد أصوات الحيوانات.

[8]لعله من المفيد في هذا المقام أن نذكر ببيتي شوقي الشهيرين:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من
همّ الحياة وخلّفاه ذليلا

إنّ اليتيم هو الذي تلقى له
أمًّا تخلّت أو أبًا مشغولا


[9]كان النبيصلَّى الله عليه وسلَّمبِجميل خصاله وعذْب مقاله مثالا يحتذى في سيرته ومن أحاديثه في هذا الباب: (لأَنْ يؤدِّب الرَّجُل ولدَه خيرٌ من أن يتصدَّق بصاع)، والقائل: (الرَّجُل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجِها ومسؤولة عن رعيَّتها).

[10] أكتفي بهذا القدر في انصراف الآباء عن الأبناء، وإن كانت بعض الأسر ينعدم فيها الاتصال تماما، لدرجة هناك أعداداً من الآباء يأنفون من الاتصال بأطفالهم، فيشكو الأطفال من أنهم لا يستطيعون التحدث إلى والديهم أو التقرّب منهم..ونؤكد بأن الكثير من الأطفال في منازلهم يكونون في أحاديث حميمية، وألعاب وتوافق وانسجام وتلقائية فيما بينهم أو مع الأم، غير أنه بمجرّد دخول الأب يعمّ المنزل السكون والكل ينزوي وتتوقف الحركة والحياة.

[11] أود أن أشير في هذا المقام -وان من باب الإشارة الجانبية – إلى أهمية دور الأم المتعلمة في تنشئة وتعليم أبنائهن، هذا الدور الذي لم يتسنّ لهن القيام بت في عموم البلاد العربية المسلمة لعدة أسبابليس هذا مكان عرضها- فكان من نتيجة ذلك اكتفاء الأمهات بالنزر مما أتيح لهن في تربية أبنائهن.

[12] سورة الرعد؛ الآية: 11

[13] رئيس تحرير المجلة الطفلية الذائعة الصيت "Scholastic’s Parents and Child Magazine"

[14] انظر بتفصيل أكثر: " كيف أكتب إنشاء بيداغوجيا؟ " عبد السلام أمين ص: 194

[15]بتفصيل أكثر: " رائد التربية والتدريس "، عبد الحميد فايد. ص: 437 438

[16] يتحدث الأستاذ كامل الكيلاني، أحد رواد أدب الطفل في اللغة العربية، عن عينة من مثل هؤلاء المعلمين فيقول: "أذكر لكم- على سبيل المثال-أن مدرّسا فاضلا من مدرسي اللغة العربية كان يدرس لنا في مدرسة أم عباس الابتدائية، وكانت نتائجه أبهر النتائج وتلاميذه أقوى التلاميذ، وكان السر في ذلك هو إسرافه في حب القصص، وقد بلغ به ولعه بالأسلوب القصصي حدا مدهشا جعله يشرح لنا–في قواعد اللغة العربية – أثر" كان وأخواتها وإنّ وأخواتها" بأسلوب قصصي جذاب يحبب النحو.
إن هذا المدرس كان يقول: "المبتدأ والخبر أخوان، وهما دائما رافعا الرأس، ففي ذات يوم بينما هما جالسان في بيتهما إذ سمعا قرعا بالباب فأسرعا إلى زائرهما ففتحا الباب، ورحبا به، وأرادا أن يقدما له شيئا من الحفاوة، بعد أن سألاه عن اسمه، فقال لهما: اسمي (كان). فقالا: أهلا وسهلا ومرحبا، ماذا نستطيع أن نقدمه لك من قرى وإكرام؟ فقالت: أريد أن أصاحبكما، وأن تترك صحبتي أثراً ظاهراً، أكون معروفة به من بين رفاقكما جميعا؛ فقالا: وأي أثر تريدين؟ فقالت: أن أنصب أحدكما.فلا تكاد تتم قولها حتى يتقدم إليها الخبر مرحبا بشرطها هذا راضيا بحكمها.
وإنهم كذلك، إذ يسمعون قرعا عنيفا بالباب فإذا فتحوه وجدوا طائفة من الضيفان، فيسألونهم: من أنتم؟ فيقالون لهم: نحن أخوات (كان). وبعد أخذ ورد يظفرون بمثل ما ظفرت به (كان).
فإذا جاء اليوم التالي جاءت (إنّ) زائرة، وطلبت إليهم أن يمنحاها ميزة كما منحا (كان) بالأمس.فيتقدم المبتدأ في هذه المرة مرحبا بشرطها؛ ولا يكاد يفعل ذلك حتى تأتي جميع أخوات(إنّ) طالبات مثل طلبها ليظفرن به.
هكذا كان المدرس الظريف في شرح النحو وتحبيبه إلى نفوس الطلبة، وهي طريقة طريفة كانت تحبب الطلبة في معلمهم وترغبهم في الإفادة من علمه".
– مؤتمر الأدباء العرب العاشر ومهرجان الشعر الثاني عشر "بحوث ومقالات وقصائد"ج1 ص: 702.

[17] من القصص الطريفة التي في تعلق الأطفال بالقراءة ما روته الكاتبة (كاترين باترسون) من: (أنَّها قابلت طفلاً فسألها كيف أقرأ كلَّ كتُب العالم؟ وعندما بحثَتْ عن السَّبب الذي جعل هذا الطِّفْل يسألُها هذا السؤال، وجدتْ أنَّ معلمة هذا الطفل تقدِّم له القصص بطريقةٍ مشوقة جدًّا، ما جعله يحب القِراءة وهو في سنواته الأولى من عمره، ويريد أن يقرأ كلَّ كتُب العالم).

[18] استعارة من بيت المتنبي: ولم أرَ في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين عن التمام

[19] مجلة العربي عدد 380 ص: 186 (1990).

[20] من حوار الشاعر " سليمان العيسى " مع مجلة الأقلام " العراقية. عدد: 10، ص: 103

[21] مجلة العربي " عدد: 298، " حوار مع الطفل "، أحمد غانم، ص: 159

[22] من ذلك قول الأستاذ كامل الكيلاني-أحد الرواد الأوائل في أدب الطفل العربيمخاطبا الطفل: " وقد أخذت نفسي بتهذيبك وتثقيفك، وعنيت بتأديبك ورياضتك، وإبعادك عن هذا السبيل العامي الجارف، حتى إذا كبرت سنك صارت اللّغة العربية سليقة لك وطبعا، وأصبح البيان العربي عادة فيك وملكة".

[23] مؤتمر الأدب العربي العاشر ومهرجان الشعر الثاني عشر (بحوث ومقالات وقصائد). ج: 1، ص 661.

[24] وكانت الفكرة السائدة أن العديد ممن يكتبون للأطفال إنما يفعلون ذلك لأنهم لا يملكون الأدوات الكافية للكتابة للكبار، بمعنى أنهم كُتّاب درجة ثانية؛ إذا جاز لنا أن نستخدم هذا المجاز؛ أدواتهم بسيطة وموهبتهم متواضعة وتجاربهم قليلة، فكانت الكتابة للطفل قناعا مناسبا يخفون خلفه كل عورات الكتابة.
ولعب فراغ الساحة الأدبية من النقد العلمي البناء إلى ظهور طائفة من المتطفلين الذين ساعفهم تكالب بعض دور النشر على الربح والبحث عن الكاتب الرخيص بله المجاني، ليكتبوا أي شيء، وهكذا تراكمت الكميات لتضيع في داخلها بعض النوعيات.

كما ظهر كتاب يترجمون أو ينقلون أو يقتبسون عن الآداب الأجنبية؛ بما يغلب عليها من القيم المستوردة والشخصيات التاريخية والرمزية الأجنبية، دون مراعاة أدنى شروط الترجمة ومتطلباتها.

[25]مجلة "الموقف الأدبي " السورية حوار مع سليمان العيسى، ع، 10، ص: 72

[26]أدب الأطفال في ضوء الإسلام " د. نجيب الكيلاني. ص: 46

[27]بتفصيل أكثر أنظر "الأطفال في ضوء الإسلام " د.نجيب كيلاني ص: 121 وما بعدها.

[28]من قضايا أدب الأطفال د.محمد مرتاض ص 134


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 153.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 150.66 كيلو بايت... تم توفير 2.85 كيلو بايت...بمعدل (1.86%)]