إهداء القرب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من صام رمضان ثم أتبعه ستا.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847707 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384681 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59483 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 596 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-02-2020, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,302
الدولة : Egypt
افتراضي إهداء القرب

إهداء القرب



الشيخ أحمد الزومان







إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل الله فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

أمَّا بعدُ:
عن أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مات الإنسان، انقطعَ عنه عملُه إلاَّ من ثلاثة؛ إلاَّ من صدقة جارية، أو علم يُنْتَفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ رواه مسلم (1631).

فالواحد منَّا وهو حيٌّ يسعى في تحصيل ما ينفعُه في دِينه ودُنياه، وإذا مات لا يمكنُ أنْ يعملَ، لكن يجري عليه ما تسبَّب به من أوْقاف ووَصايا أو علم يُنتفع به؛ من كتب أوقفَها أو ألَّفها، أو طلاب تعلَّموا العلم الشرعي منه أو دعوة أولاده الذكور والإناث، فهو مُتسبِّب في إيجادهم، فهم من عَمله، لكن هل هناك أبواب أخرى ينتفع بها الميِّت المسلم غير هذه الأشياء الثلاثة؟! الجواب: نعم، فينتفع بعمل غيره على ما يأتي تفصيله، والحديث خاص بعمله الذي يستمرُّ بعد وفاته، ولم يتعرَّضْ للثواب من عمل غيره الذي دلَّت النصوص عليه، ومثل الحديث قول ربِّنا - تبارك وتعالى -: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39]، فدلَّت الآية على أنَّ الشخص لا يستحقُّ عملَ غيره، لكن ليس فيها أنَّه لا ينتفع بعمل غيره إذا أهداه له، أو اقتصَّ منه.

فممَّا ننتفع به بعد وفاتنا دعاءُ المسلمين لنا من الأقارب والأباعد، حينما يُصَلوا علينا صلاة الجنازة، أو بعدما نُدْفَن من دعاءٍ بالتثبيت والمغفرة، أو بعد ذلك إلى قيام الساعة.

وممَّا ننتفعُ به بعد وفاتنا الصَّدَقة عنَّا؛ سواء من أولادنا أو من غيرهم، فإذا تصدَّق مُتصدِّق عن الميِّت نفعَه ذلك، وكان أجرُ الصَّدَقة للميِّت، فمِن برِّ الوالدين الصَّدَقة عنهما بعد الوفاة؛ سواء كانتْ صدقة مُنقطعة غير مستمرَّة كمَن أعْطَى فقيرًا مالاً، ونوى ثوابَها لوالديه أو أحدهما؛ فعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أبي ماتَ وترَك مالاً، ولم يوصِ، فهل يُكَفِّرُ عنه أن أتصدَّقَ عنه؟" قال: ((نعم))؛ رواه مسلم (1630).

أو كانتْ صَدَقة دائمة كالوقف للوالدين أو أحدهما؛ أحياءً وأمواتًا؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ سعد بن عبادة - رضي الله عنه - تُوفِّيَتْ أُمُّه وهو غائب عنها، فقال: يا رسول الله، إنَّ أُمِّي توفِّيَتْ وأنا غائبٌ عنها، أينفعها شيءٌ إنْ تصدَّقتُ به عنها، قال: ((نعم))، قال: فإنِّي أشهدُك أنَّ حائِطِيَ الْمِخْرَاف صَدَقة عليها"؛ رواه البخاري (2657).

فالميِّت يَنتفع بالصدَقَة عنه بإجماع أهل العلم.

وممَّا ننتفع به بعد وفاتنا قضاءُ الحقوق الواجبة علينا لخالقنا، فتبرأ الذمة ونؤْجَر عليها ونحن في قبورنا.

فمَن مات وعليه صيام؛ سواء كان واجبًا بأصْل الشرع - كرمضان أو كفَّارة - أو نذرًا، فمات ولم يقْضِه مع قُدرته على القضاء، فصام عنه أولادُه - برأتْ ذِمَّتُه، وحصل له ثواب الصيام، وللصائم ثواب الإحسان للميِّت؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن مات وعليه صيام، صام عنه وَلِيُّه))؛ رواه البخاري (1952)، ومسلم (1147).

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنَّ أُمِّي ماتتْ وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها، قال: ((نعم))، قال: ((فدَينُ الله أحقُّ أن يُقْضَى))؛ رواه البخاري (1359)، ومسلم (1148).

وفي روايةٍ لهما قالت امرأةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أُمِّي ماتتْ وعليها صوم نذر".

وكذلك تبرأ ذمَّته ويؤْجَر بصيام غير أولاده؛ لأنَّ النبي شبَّه حقَّ الله بالدَّيْن، وتبرأُ ذِمَّة الْمَدِين إذا قضَى دينَه أولادُه أو غيرُهم، فكذلك الصيام، والله أعلم.

لكن لو أنَّ الميِّت لم يستطع القضاءَ حتى مات، كرجلٍ مَرِضَ قبل دُخول رمضان أو في أثنائه، فلم يصمْ ثم استمرَّ به المرضُ حتى مات، فلا يجب أنْ يُقْضَى عنه، ولا يُطْعم.

وكذلك الحجُّ، فمَن استطاع الحجَّ بماله وبدنه أو بماله، فمات قبل أنْ يحجَّ، أصبحت ذِمَّتُه مشغولةً بالحجِّ، وتبرأ ذِمَّتُه بالحجِّ عنه مِن تَرِكَتِه، وإذا تبرَّع متبرِّع بالحجِّ عنه من أولاده أو من غيرهم، فتَبْرأ ذِمَّتُه بذلك، ويحصل له أجر الحجِّ؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاءت امرأة من "خَثْعَم" فقالتْ: يا رسول الله، إنَّ فريضة الله على عبادِه في الحجِّ، أدركتُ أبي شيخًا كبيرًا، لا يثبتُ على الراحلة؛ أفأحجُّ عنه، قال: ((نعم))، وذلك في حَجَّة الوداع"؛ رواه البخاري (1513)، ومسلم (1334).

وكذلك لو كان الحج نذرًا تَبْرأُ ذِمَّتُه ويُؤْجَر بالحَجِّ عنه؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ امرأة من "جُهَينَة" جاءتْ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: إنَّ أُمِّي نذرتْ أن تحجَّ فلم تَحُجَّ، حتى ماتتْ؛ أفأحجُّ عنها، قال: ((نعم، حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أُمِّك دَينٌ؟! أكنتِ قاضيةً؟ اقضوا الله؛ فالله أحقُّ بالوفاء))؛ رواه البخاري (1852).

فالواجب من الصيام والحج ورَدَ الدليلُ بمشروعيَّة قضائهما عن الميِّت.

وممَّا ننتفع به بعد وَفاتنا الأُضْحيةُ، فإذا أشركْنا أولادَنا أو غيرهم في أضحيتِهم، انتفعنا بها وحصَل لنا الثواب؛ فعن عائشة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بكبشٍ أقرنَ، يطأُ في سواد ويَبْرُك في سواد، وينظرُ في سواد، فأُتِي به ليضحِّي به، فقال لها: ((يا عائشة، هَلُمِّي الْمُدْيَة))، ثم قال: ((اشْحَذِيها بحجرٍ))، ففعلتْ ثم أخذَها وأخَذَ الكبشَ فأضجعَه ثم ذَبَحه، ثم قال: ((باسم الله، اللهم تقبَّل من محمد وآل محمد، ومِن أُمَّة محمد، ثم ضحَّى به))؛ رواه مسلم (1967).

فالنبي أشرك آل بيته وأُمَّته في أضحيته، وفيهم الأحياء والأموات.

وممَّا ننتفع به بعد وفاتنا الاقتصاصُ ممَّن ظَلَمَنا واعتدى علينا، إذا لم نقتصَّ منه في الدنيا ولم نُحْلِله، فننتفع من الظالم بالاقتصاص منه، وذلك بالأخْذ من حَسَناته، أو الطرح عليه من سيِّئاتنا؛ فعن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أتدرون مَن المفلس؟))، قالوا: المفلس فينا مَن لا دِرْهم له ولا متاع، فقال: ((إنَّ المفلس من أُمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شَتَم هذا، وقَذَف هذا، وأكَل مالَ هذا، وسَفَك دَمَ هذا، وضَرَب هذا، فيُعْطَى هذا من حَسَناته، وهذا من حَسَناته، فإن فَنِيتْ حسَنَاته قبل أن يُقْضَى ما عليه، أُخِذَ من خَطاياهم، فطُرِحَتْ عليه، ثم طُرِح في النار))؛ رواه مسلم (2581).

وممَّا ننتفع به بعد وَفاتنا رِفْعةُ درجات الآباء، فتلحق الذريَّة في الجنَّة بمنزلة الأبوَيْن، وإنْ كانتْ أعمالهم لا تؤهِّلهم لهذه المنزِلة؛ تفضُّلاً من الله عليهم، وإحسانًا بآبائهم؛ ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 21].

ومثل ذلك المحبَّة الصادقة لأهْل الخير والصلاح، فيلحق المحبُّ بدرجتهم وإنْ لم يعملْ أعمالهم؛ فعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، كيف تقول في رجلٍ أحبَّ قومًا ولم يَلْحَقْ بهم؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المرْءُ مع مَن أحبَّ))؛ رواه البخاري (6169)، ومسلم (2641).

الخطبة الثانية


معاشر الإخوة، ممَّا مرَّ بنا في الخطبة الأولى نعلم أنَّ الذي نُقِل في نصوص الوَحْيَين هو الدعاء للأموات، وفي إهداء القُرَب والصدَقَة عنهم، وإشراك الميِّت في الأضحية، والأضحية فيها شبهٌ من الصَّدَقة، وكذلك قضاء ما وجَبَ عليهم من الصوم والحج الواجِبَيْن، ولم يُنقلْ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه حثَّ أُمَّتَه على قراءة القرآن والذكر، والصلاة والتنفُّل بالحج والعُمرة، وإهداء ثوابها للأموات، فلم يُنْقَلْ عنه من قوله ولا مِن فِعله، وقد مات في حياته بعض أقاربه؛ فماتتْ زوجتُه "خديجة" وبناته، واستُشْهِد عمُّه "حمزة"، ولم يُنْقَلْ عنه أنَّه كان يتقرَّب لله بعبادات ثم يجعل ثوابَها لهم، وكذلك سلفُ الأُمَّة من فُضَلاء الصحابة؛ كابن عباس، وابن عمر، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، لم يُنْقَلْ عنهم أنَّهم كانوا مثلاً يقرؤون القرآن، ثم يهدون ثوابَه لآبائهم الأموات، أو غير ذلك ممَّا يفعلُه البعضُ منَّا، فالأموات بحاجةٍ للأعمال الصالحة، ونحن كذلك بحاجةٍ للأعمال الصالحة، فعلينا الوقوفُ على ما ورد فيه النص، ونقتدي بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه ببرِّهم بأمواتهم؛ وذلك بالدعاء لهم، والصدقة عنهم، مع عدم إغفال الصدقة عن النَّفس، وإشراكهم في الأضحية، وقَضاء ما وجَبَ عليهم من صيام وحَجٍّ، وتنفيذ وصيَّتهم إنْ كان لهم وصيَّة بحَجٍّ أو عُمرة أو غير ذلك من الأعمال الصالحة؛ قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع الفتاوى"، (24 / 322 - 323): "الأمر الذي كان معروفًا بين المسلمين في القرون المفضَّلة أنَّهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة؛ فَرْضِها ونَفْلِها، من الصلاة والصيام، والقراءة والذِّكْر، وغير ذلك، وكانوا يدعون للمؤمنين والمؤمنات - كما أمرَ الله بذلك لأحيائهم وأمواتهم - في صلاتهم على الجنازة، وعند زيارة القبور... وغير ذلك، ولم يكنْ من عادة السلف إذا صلَّوا تطوُّعًا أو صاموا أو حَجوا، أو قرؤوا القرآن يهدون ثوابَ ذلك لموتاهم المسلمين، ولا لخصوصهم... فلا ينبغي للناس أن يَعْدِلوا عن طريق السلف؛ فإنَّه أفضل وأكمل، والله أعلم".

وفي الختام أنبِّه على أنَّ مسألة إهداء القُرَبِ مَحِلُّ خلافٍ بين أهل العلم قديمًا وحديثًا، فهم مختلفون: هل يَصِل ثوابُها للأموات، وينتفعون بها أو لا؟! فعلى سبيل التمثيل أذكرُ رأْيَين لإمامين من أئمَّة الهدى من علماء هذا الزمان؛ هما ابن باز، وابن عثيمين: فسأل سائلٌ سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - "الفتاوى" (13/259) - فقال: والدتي أُمِّيَّة، لا تقرأ ولا تكتب، فهل يجوز لي قراءة القرآن الكريم، وصلاة النوافل، وإهداء ثواب ذلك لها؟! وإذا كان لا يجوز فما هي الأعمال التي يُمْكن أن أهدي ثوابَها إليها؟!

فكان جواب الشيخ - رحمه الله -: "ليس هناك دليلٌ شرعي على شرعيَّة إهداء الصلاة والقراءة عن الغير؛ سواء كان حيًّا أو ميِّتًا، والعبادة توقيفيَّة، لا يشرع منها إلاَّ ما دلَّ الشرعُ على شرعيَّته، ولكن يشرعُ لك الدعاء لها والصَّدَقة عنها، والحج عنها والعُمرة، إذا كانتْ كبيرة السنِّ، لا تستطيع الحجَّ والعُمرة".

وقال الشيخ محمد بن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (17/255): "الصواب: أنَّ الميِّت ينتفع بكلِّ عملٍ صالحٍ جُعِلَ له، إذا كان الميتُ مؤمنًا، ولكنَّنا لا نرى أنَّ إهداء القُرَبِ للأموات من الأمور المشروعة التي تُطْلَب من الإنسان، بل نقول: إذا أهدى الإنسان ثوابَ عملٍ من الأعمال، أو نَوَى بعملٍ من الأعمال أن يكونَ ثوابه لميِّتٍ مسلم - فإنَّه ينفعه، لكنَّه غير مطلوب منه أو مُستحب له ذلك، والدليل على هذا أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُرْشدْ أُمَّته إلى هذا العمل، بل ثبَتَ عنه - صلى الله عليه وسلم - في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّه قال: ((إذا مات الإنسان انقطَعَ عمله إلاَّ من ثلاثة؛ من صَدَقة جارية، أو عِلم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، ولم يقلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: أو ولد صالح يعمل له، أو يتعبَّد له بصومٍ أو صلاة أو غيرهما، وهذا إشارة إلى أنَّ الذي ينبغي والذي يشرع هو الدعاء لأمواتنا، لا إهداء العبادات لهم، والإنسان العامل في هذه الدنيا مُحتاج إلى العمل الصالح، فليجعل العمل الصالح لنفسه، وليُكْثِر من الدعاء لأمواته؛ فإنَّ ذلك هو الخير وهو طريقُ السلف الصالح - رضي الله عنهم"؛ ا.هـ.

فالمشهور عن ابن باز عدم صِحَّة إهداء الثواب للأموات إلاَّ ما ورَدَ فيه دليل خاص، وابن عثيمين يخالف؛ فهو يرى أنَّ إهداء القُرب جائزٌ للأموات، وأنَّ ما ورَدَ فيه النصُّ قضايا أعْيَان لا تُفيد الخصوص، فاختَلَفا في أصْل المسألة، لكنَّهما يتَّفقان على أنَّ الأفضل عدم الإهداء، والترْك أفضل من الفِعل؛ لأنَّ هذا هو ظاهر السُّنة، والمنقول عن السلف.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.61 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]