أحيوا العشر واغتنموا ليلة القدر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كيفية التعامل مع الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 1162 )           »          التربية على الإيجابية ودورها في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          زخرفة المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 70 - عددالزوار : 16831 )           »          لماذا نحن هنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          يغيب الصالحون وتبقى آثارهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الهواتف الذكية تحترف سرقة الأوقات الممتعة في حياة الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن تحويل القبلة أنهى مكانـة المسـجد الأقصى عند المسلمين»!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-03-2019, 11:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي أحيوا العشر واغتنموا ليلة القدر

أحيوا العشر واغتنموا ليلة القدر
عبد الله بن محمد البصري


الخطبة الأولى
أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عز وجل - فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى -وَأَحسِنُوا العَمَلَ ( إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ)
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَقَد خَصَّكُمُ اللهُ - عز وجل - بِخَصَائِصَ وَجَعَلَ لَكُم مَزَايَا، وَمَنَحَكُم كَثِيرًا مِنَ الفَضَائِلِ وَنَوَّعَ لَكُمُ العَطَايَا، وَمِن ذَلِكَ أَنَّهُ - تعالى -لَمَّا قَدَّرَ أَعمَارَكُم في هَذِهِ الدَّارِ الفَانِيَةِ بِسِنِينَ قَلِيلَةٍ، عَوَّضَكُم عَن ذَلِكَ بِأَوقَاتٍ ثَمِينَةٍ وَمَوَاسِمَ جَلِيلَةٍ، أَوقَاتٌ تُضَاعَفُ فِيهَا الحَسَنَاتُ وَتُمنَحُ الأُجُورُ، وَمَوَاسِمُ تَزدَانُ فِيهَا العِبَادَةِ وَتَحلُو الطَّاعَةُ، فَالسَّعِيدُ مِنكُم مَن بَادَرَ أَيَّامًا تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، وَاغتَنَمَ لَيَاليَ سَرِيعَةَ الانقِضَاءِ وَالذَّهَابِ.
لَقَد قُمتُم في خَيرِ الشُّهُورِ تِسعَ عَشرَةَ لَيلَةً، وَصُمتُم مِن أَيَّامِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَومًا وَأَنتُم في التَّاسِعَ عَشَرَ، وَمَا هِيَ إِلاَّ لَيلَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَومٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ تَدخُلُونَ في أَفضَلِ لَيَالي العَامِ عَلَى الإِطلاقِ، وَتَلِجُونَ في لَيَالي العَشرِ الأَخِيرَةِ مِن رَمَضَانَ، تِلكَ اللَّيَالي الَّتي فِيهَا لَيلَةٌ عَظِيمَةُ الفَضلِ جَلِيلَةُ القَدرِ، جَعَلَ المَولى - عز وجل - العِبَادَةِ فِيهَا خَيرًا مِن عِبَادَةِ أَلفِ شَهرٍ، إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ في السَّنَةِ بِأَمرِ اللهِ مِن أَقدَارٍ، قَالَ - تعالى-: ( فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيمٍ) إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي يَنزِلُ فِيهَا مَلائِكَةٌ ذَوُو شَرَفٍ وَقَدرٍ، إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي نَزَلَ فِيهَا كِتَابٌ ذُو مَنزِلَةٍ وَقَدرٍ، بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ كَرِيمٍ أَمِينٍ ذِي قَدرٍ، عَلَى رَسُولٍ ذِي قَدرٍ وَأُمَّةٍ ذَاتِ قَدرٍ ( إِنَّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) ( إِنَّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القَدرِ) إِنَّهَا لَيلَةٌ لِلَطَّاعَاتِ فِيهَا قَدرٌ، وَمَن أَقَامَهَا وَأَحيَاهَا صَارَ ذَا مَكَانَةٍ وَقَدرٍ، وَفِيهَا أَنزَلَ اللهُ - تعالى -سُورَةً كَامِلَةً هِيَ سُورَةُ القَدرِ، بَل أَنزَلَ - جل وعلا - القُرآنَ فِيهَا مِنَ اللَّوحِ المَحفُوظِ إِلى السَّمَاءِ الدُّنيَا، وَابتَدَأَ فِيهَا إِنزَالَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ - عليه الصلاة والسلام - مِنَ السَّمَاءِ الدُّنيَا إِلى الأَرضِ.فَخَّمَ - سبحانه - أَمرَهَا وَعَظَّمَهَا فَقَالَ - تعالى -: ( وَمَا أَدرَاكَ مَا لَيلَةُ القَدرِ) ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الأَعمَالَ فِيهَا خَيرٌ مِنَ الأَعمَالِ في أَلفِ شَهرٍ فِيمَا سِوَاهَا، وَأَلفُ شَهرٍ تُعَادِلُ مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ المَلائِكَةَ فِيهَا تَتَنَزَّلُ إِلى الأَرضِ، وَالمَلائِكَةُ عِبَادٌ مُكرَمُونَ، لا يَنزِلُونَ إِلاَّ بِالخَيرِ وَالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ، وَمِن ثَمَّ صَارَت تِلكَ اللَّيلَةُ سَلامًا؛ لِكَثرَةِ السَّلامَةِ فِيهَا مِن أَلِيمِ العِقَابِ، وَلِفِكَاكِ الرِّقَابِ فِيهَا وَنَجَاتِهَا مِنَ العَذَابِ ( لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ* تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطلَعِ الفَجرِ) أَلا فَشَمِّرُوا عِبَادَ اللهِ عَن سَوَاعِدِ الجَدِّ وَالاجتِهَادِ، وَاعقُدُوا العَزمَ عَلَى مُوَاصَلَةِ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَطَلِّقُوا التَّوَانيَ وَانبُذُوا الكَسَلَ، وَاعلَمُوا أَنَّ مَن قَامَ هَذِهِ اللَّيلَةَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، فَمَاذَا يُرِيدُ مُسلِمٌ أَفضَلَ مِن هَذَا؟! وَمَاذَا عَسَاهُ يَنَالُ أَكمَلَ مِنهُ أَو أَعظَمَ؟ يَعمَلُ يَسِيرًا وَيُؤجَرُ كَثِيرًا، وَيَقُومُ لَيلَةً وَاحِدَةً وَيُجزَى جَزَاءَ مَن قَامَ ثَلاثِينَ أَلفَ لَيلَةٍ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : (( مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَمَعنى: (( مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا)) أَي: تَصدِيقًا بِفَضلِهَا، وَتَصدِيقًا بِمَشرُوعِيَّةِ العَمَلِ الصَّالحِ فِيهَا‏، مِن صَلاةٍ وَقِرَاءَةٍ وَدُعَاءٍ، وَابتِهَالٍ وَخُشُوعٍ وَخُضُوعٍ. ‏ وَأَمَّا الاحتِسَابُ، ‏ فَمَعنَاهُ خُلُوصُ النِّيَّةِ وَصِدقُ الطَّوِيَّةِ، بِحَيثُ لا يَكُونُ في قَلبِ المُؤمِنِ شَكٌّ وَلا تَرَدُّدٌ، وَلا يُرِيدُ مِن صَلاتِهِ وَلا مِن قِيَامِهِ وَلا دُعَائِهِ شَيئًا مِن حُطَامِ الدُّنيَا، وَلا يُرِيدُ مُرَاءَاةَ النَّاسِ وَلا التِمَاسَ شَيءٍ مِن مَدحِهِم أَو ثَنَائِهِم عَلَيهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَجرَهُ وَثَوَابَهُ مِنَ اللهِ وَحدَهُ، فَهَذَا هُوَ مَعنى قَولِهِ - صلى الله عليه وسلم -‏: (( إيمانًا وَاحتِسَابًا))
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: لَقَد كَانَ نَبِيُّكُم - صلى الله عليه وسلم - يَجتَهِدُ في تَحَرِّي تِلكَ اللَّيلَةِ العَظِيمَةِ، حَتَّىَ لَقَد كَانَ يُعلِنُ النَّفِيرَ العَامَّ في بَيتِهِ في العَشرِ الأَوَاخِرِ، طَمَعًا في الفَوزِ بها وَحِرصًا عَلَى إِدرَاكِهَا، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَت: "كَانَ إِذَا دَخَلَ العَشرُ أَحيَا اللَّيلَ، وَأَيقَظَ أَهلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئزَرَ". هَكَذَا كَانَ - عليه الصلاة والسلام - يُحيِي اللَّيلَ وَيُوقِظُ أَهلَهُ، وَيَشُدُّ المِئزَرَ اجتِهَادًا في العِبَادَةِ وَانشِغَالاً بِالطَّاعَةِ، وَتَخلِّيًا عَنِ الدُّنيَا وَهَجرًا لِمَلَذَّاتِهَا، وَالتِفَاتًا عَن نِسَائِهَا وَزُهدًا في شَهَوَاتِهَا، لَقَد عَلِمَ - عليه الصلاة والسلام - أَنَّهَا لَيَالٍ فَاضِلاتٌ مَعدُودَاتٌ، تِسعٌ أَو عَشرٌ، وَمِن ضِمنِهَا لَيلَةٌ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، فَكَيفَ يَسمَحُ لِنَفسِهِ وَالحَالُ تِلكَ أَن تُفَرِّطَ في هَذَا الأَجرِ أَو تَزهَدَ في ذَلِكَ الفَضلِ؟! لم يَكُنْ - عليه الصلاة والسلام - يَترُكُ وَلا لَيلَةً وَاحِدَةً، بَل كَانَ يُحيِي العَشرَ كُلَّهَا، وَيَجتَهِدُ فِيهَا اجتِهَادًا عَظِيمًا، وَأَمَّا المُسلِمُونَ اليَومَ، فَنَسأَلُ اللهَ لَنَا وَلَهُمُ الهِدَايَةَ وَالتَّوفِيقَ، مَا تَكَادُ تَدخُلُ العَشرُ إِلاَّ وَقَد دَبَّ إِلى قُلُوبِ بَعضِهِمُ الضَّعفُ وَالخَوَرُ، وَدَاخَلَ نُفُوسَهُمُ العَجزُ وَالكَسَلُ، وَقَلَّ نَشَاطُهُم وَفَتَرَت مِنهُمُ العَزَائِمُ وَخَمَدَتِ الهِمَمُ، وَالمُجتَهِدُ مِنهُم مَن تَرَاهُ يُحَافِظُ عَلَى لَيَالي الأَوتَارِ خَاصَّةً، أَو يَقتَصِرُ عَلَى قِيَامِ لَيلَةِ سَبعٍ وَعِشرِينَ، وَتَرَاهُم يَتَسَاءَلُونَ عَن عَلامَاتِ لَيلَةِ القَدرِ وَيَبحَثُونَ عَنهَا، وَيَتَحَرَّونَ فِيهَا المَرَائِيَ المَنَامِيَّةَ أَوِ العَلامَاتِ الظَّنِّيَّةَ، وَيُجهِدُونَ أَنفُسَهُم فِيمَا لا يَحتَاجُونَ إِلَيهِ، لأَنَّهُم لَو قَامُوا تِسعَ لَيَالٍ أَو عَشرًا، لأَدرَكُوا لَيلَةَ القَدرِ قَطعًا، وَلَنَالُوا مِن قِيَامِ اللَّيَالي الأُخرَى نَصِيبًا مِنَ الأَجرِ مُضَاعَفًا، وَلَخَرَجُوا مِن شَهرِهِم وَقَدِ امتَلأَت قُلُوبُهُم إِيمَانًا وَانشَرَحَت صُدُورُهُم بِالطَّاعَةِ، وَلَتَزَوَّدُوا لأُخرَاهُم مِنَ زَادِ التَّقوَى الَّذِي هُوَ خَيرٌ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ وَاحرِصُوا عَلَى تَحَرِّي لَيلَةِ القَدرِ في كُلِّ هَذِهِ اللَّيَالي العَشرِ، وَأَكثِرُوا مِن تِلاوَةِ القُرآنِ وَاشتَغِلُوا بِالذِّكرِ، وَقُومُوا في المَسَاجِدِ وَلا تُفَوِّتُوا وَلا رَكعَةً مَعَ الإِمَامِ، وَصَلُّوا بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفشُوا السَّلامَ وَصِلُوا الأَرحَامَ، وَأَزِيلُوا مَا في القُلُوبِ مِنَ الشَّحنَاءِ وَالخِصَامِ، وَأَكثِرُوا مِنَ الصَّدَقَاتِ وَأَدُّوا مَا وَجَبَ عَلَيكُم مِن زَكَوَاتٍ، وَادعُوا رَبَّكُم وَأَنتُم مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاسأَلُوهُ - تعالى -العَفوَ وَالعَافِيَةَ، فَقَد صَحَّ في الحَدِيثِ عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَت لِلنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (( أَرَأَيتَ إِنْ وَافَقتُ لَيلَةَ القَدرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: " قَولي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِهَذِهِ اللَّيلَةِ عَلامَاتٌ مُقَارِنَةٌ لَهَا وَعَلامَاتٌ لاحِقَةٌ تَأتي بَعدَهَا، قَدِ اجتَهَدَ أَهلُ العِلمِ في تَعدَادِهَا وَذِكرِهَا، إِلاَّ أَنَّنَا وَرَبِّ البَيتِ لَسنَا بِحَاجَةٍ إِلى أَن نَتَتَبَّعَ هَذِهِ العَلامَاتِ وَنَذكُرَهَا وَنُفَصِّلَ فِيهَا وَنَشرَحَهَا، بِقَدرِ مَا نَحنُ بِحَاجَةٍ إِلى أَن نَقُولَ : يَا أُمَّةَ الإِسلامِ، اتَّقُوا اللهَ في أَنفُسِكُم وَقُومُوا لَيَاليَ العَشرِ جَمِيعًا، وَتَقَرَّبُوا إِلى رَبِّكُم واغَنمُوا عُمُرًا يَمُرُّ سَرِيعًا، وَاعلَمُوا أَنَّ في إِخفَاءِ اللهِ - عز وجل - لِلَيلَةِ القَدرِ عَنكُم لِتَتَحَرَّوهَا في العَشرِ الأَوَاخِرِ كُلِّهَا، إِنَّ في ذَلِكَ لَتَرغِيبًا مِنهُ - جل وعلا - لَكُم في عِبَادَتِهِ، وَحَثًّا عَلَى الاجتِهَادِ في طَاعَتِهِ، وَمَحَبَّةً مِنهُ لاستِكثَارِكُم مِمَّا يُقَرِّبُكُم إِلَيهِ، وَفي ذَلِكَ اختِبَارٌ لَكُم وَامتِحَانٌ؛ يَتَبَيَّنُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُم جَادًّا في طَلَبِهَا حَرِيصًا عَلَى إِدرَاكِهَا، مِمَّن كَانَ كَسلانَ مُتَهَاوِنًا مُتَبَاطِئًا. وَمَن حَرِصَ عَلَى شَيءٍ جَدَّ في طَلَبِهِ، وَهَانَ عَلَيهِ التَّعَبُ في سَبِيلِ الوُصُولِ إِلَيهِ، وَبَذلَ مَا في وُسعِهِ لِلظَّفَرِ بِهِ. فَهَنِيئًا لِمَن صَبَرَ وَصَابَرَ وَرَابَطَ، وَاتَّقَى رَبَّهُ وَجَاهَدَ نَفسَهُ وَعَمِلَ صَالِحًا، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ( إِنَّ المُتَّقِينَ في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُم رَبُّهُم إِنَّهُم كَانُوا قَبلَ ذَلِكَ مُحسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيلِ مَا يَهجَعُونَ * وَبِالأَسحَارِ هُم يَستَغفِرُونَ * وَفي أَموَالِهِم حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالمَحرُومِ)
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى -وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ الأَعمَالَ بِالخَوَاتِيمِ، وَالعِبرَةَ بِالنِّهَايَاتِ وَحُسنِ الثَّبَاتِ. وَإِنَّ مِمَّا يُلحَظُ في كُلِّ عَامٍ، أَنَّ أَعدَادَ المُصَلِّينَ في عَشرِ العِتقِ مِنَ النَّارِ تَقِلُّ، وَنَشَاطَهُم في ثُلُثِ البَرَكَاتِ وَالتَّجَلِّيَاتِ يَضمَحِلُّ، فَيَكثُرُ المُتَخَلِّفُونَ عَن صَلاةِ القِيَامِ بِالأَسحَارِ، بَل يَتَهَاوَنُ بَعضُهُم بِالمَكتُوبَاتِ وَالفَرَائِضِ، فَيَا مَعشَرَ الصَّائِمِينَ القَائِمِينَ، صُومُوا اليَومَ عَن شَهَوَاتِ الهَوَى لِتُدرِكُوا عِيدَ الفِطرِ يَومَ اللِّقَاءِ، لا يَطُولَنَّ عَلَيكُمُ الأَمَلُ بِاستِبطَاءِ الأَجَلِ، فَإِنَّ مُعظَمَ نَهَارِ الصِّيَامِ قَد ذَهَبَ، وَعِيدَ اللِّقَاءِ قَدِ اقتَرَبَ، وَاإِخوَتَاهُ! أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ، وَاطلُبُوا رَحمَةَ العَزِيزِ الغَفَّارِ، وَاإِخوَتَاهُ! خُذُوا نَصِيبَكُم مِن هَذِهِ الأَعضَاءِ في طَاعَةِ اللهِ قَبلَ أَن تُودَعَ اللُّحُودَ وَيَأكُلَهَا الدُّودُ، وَاإِخوَتَاهُ! اغتَنِمُوا أَوقَاتَكُم وَسَاعَاتِ أَعمَارِكُم، قَبلَ أَن يَقُولَ المُفَرِّطُونَ: ( يَا حَسرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطنَا فِيهَا) لَقَد كَانَ نَبِيُّكُم وَقُدوَتُكُم وَهُوَ المَغفُورُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، كَانَ يَجتَهِدُ في هَذِهِ العَشرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهَا، عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجتَهِدُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهِ". رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَعَنهَا - رضي الله عنها - قَالَت: " كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعتَكِفُ العَشرَ الآوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعتَكَفَ أَزوَاجُهُ مِن بَعدِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اعتَكَفَ العَشرَ الأَوَّلَ مِن رَمَضَانَ، ثُمَّ اعتَكَفَ العَشرَ الأَوسَطَ في قُبَّةٍ تُركِيَّةٍ، ثُمَّ أَطلَعَ رَأسَهُ فَقَالَ: (( إِنِّي اعتَكَفتُ العَشرَ الأَوَّلَ أَلتَمِسُ هَذِهِ اللَّيلَةَ، ثُمَّ اعتَكَفتُ العَشرَ الأَوسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لي: إِنَّهَا في العَشرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنِ اعتَكَفَ مَعِي فَلْيَعتَكِفِ العَشرَ الأَوَاخِرَ، فَقَد أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيلَةَ ثُمَّ أُنسِيتُهَا، وَقَد رَأَيتُني أَسجُدُ في مَاءٍ وَطِينٍ مِن صَبِيحَتِهَا، فَالتَمِسُوهَا في العَشرِ الأَوَاخِرِ، وَالتَمِسُوهَا في كُلِّ وِترٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. أَلا فَاقتَدُوا بِنَبِيِّكُم وَحَبِيبِكُم، وَأَقبِلُوا عَلَى رَبِّكُم وَخَالِقِكُم، وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَبِّكُم، وَنَوِّعُوا الأَعمَالَ وَتَحَرَّوا لَيلَةَ القَدرِ لَعَلَّكُم تُدرِكُونَهَا فَتَسعَدُوا وَتَفُوزُوا، فَإِنَّ المَحرُومَ مَن حُرِمَ مَا فِيهَا مِنَ الأَجرِ وَعَظِيمِ الثَّوَابِ، وَالخَاسِرَ مَن أَعرَضَ عَن فَضلِ الكَرِيمِ الوَهَّابِ
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.42 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]