{ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} (البحر..) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-05-2023, 10:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} (البحر..)

{ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} (البحر..)
أ. منى مصطفى


﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]

(البحر)


في خلسةٍ مِن صَخَبِ الحياة، وبعد فِراق طويل، أخذت صغيرتي بيدي لنجلس معًا نستعيد ذكريات السعادة فيما مضى من أيامنا، فكانت جلستنا على شاطئ البحر، وبعد أن آنستْ مني حبورًا بقربها، وعلى عادة عقلنا تدور فيه الأحداث في آن واحد، همَّت أن تسألني عن أحداث المدة التي انقطع لقاؤنا فيها، ثم فطنت أن ذلك روتينًا بيننا ربما يفقد اللقاء بهجته، فقالت: كيف ترين هذا البحر؟! كان سؤالها مادة أتوكأ عليها لأُطيل معها حديث ودٍّ انقطع لأشهرٍ، فقلت لها: البحر عظيم السلطان، صاحب الأسرار، عميق القرار، مبعث فرح للمبتهج، ومنبع خوف للمرتبك، وآية عظيمة للمتأمل، وصديق يصون سرَّ العاشقين، ومبعث أمل بلقاء للغرباء، خلق عجيب من مخلوقات الرحمن جل في علاه، فهو ذلك الجندي العظيم من جنود الله الذي يسخره لمن يشاء ويسلِّطه على من يشاء، فكما كان معينًا للفاتحين كان كذلك مَهلكة للظالمين، وكما حمل صقر قريش أهلَك فرعون وجنده.

البحر صورة لنا في هذه الفانية نتسابق كأمواجه ظانين أننا اقتربنا من الهدف، وما إن نتوهم الوصول حتى نفاجأ بانتهاء العمر كانتهاء الموجة على صخرة تُحطمها أو رمال تَبتلعها، ومن عجب أن الأمواج اللاحقة لا تتعظ ولا تتوقف، بل تكمل اندفاعها حتى تلقى نفس المصير، أو ليس لها في سابقتها عبرة؟!

قالت: هي سنة الله في الكون، لا بد أن نتلاحق، ويفنى جيل ليسلم جيلًا، أيُرضيك ألا آخُذ شيئًا من خبراتك وصفاتك؟ قلت: نعم هو ذاك، ولكن الأسد ما زال يسكن العرين، والضب ما زال يسكن الجحر، أما الإنسان فقد انتقل من الكهف للخيمة والبيت والقصر والعمارة، فلماذا لا نطوِّر عقولنا كما طوَّرنا سكننا؟ قالت: أوَلم يكفكِ تطورًا هذه الفورة في عالم التكنولوجيا والتواصل والفضاء والصناعات؟! قلت لها: ذلك العلم المادي يا حبيبة يُكشَفُ عنه الله بقدرٍ، وسيظل يتطور تدريجيًّا بما تحتمله عقولنا حتى نظنَّ بجهلنا أن الدنيا أصبحت تحت سطوتنا عندها يتحقق قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].

قالت: إذًا ماذا تقصدين بقولك: (لماذا لا نطوِّر عقولنا كما طوَّرنا سكننا؟ قلت: ألا ترين العالم كله يحارب بالريموت كنترول، ونحن ما زلنا نحارب بسيف من خشب، العالم كله يتحد - وما بينهم من حب ولا ولاء، فقلوبهم شتى - لكن وحَّدهم همُّ القضاء على دين الله - لا مكَّن الله لهم - ونحن نتباعد ونتشتت في معارك هلامية لا نتيجة لها إلا مزيد من الضعف والخيبة والانتكاس، ألم تسمعي بما يحدث من تشريد للمسلمين في كثير من البلدان، وفي كل مكان تُظله شجرة التوحيد، ويسقيه نبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالت: سألتك عن البحر لا عن تاريخ الأمم المعاصرة!

قلت: وما البحر إلا مطية نصر المسلمين بإذن الله، ما إن أراه حتى ترتسم لي صورة عبدالله بن سعد بن أبي سرح قائد معركة ذات الصواري وهو يربط السفن بعضها ببعضٍ؛ ليحول البحر إلى يابسة؛ كي يحارب قسطنطين وجيشه، حتى فرَّ جريحًا وشُرِّد جيشه، ما البحر يا حبيبة إلا طارق بن زياد الذي سخر الله له البحر لتعبر منه سفن المسلمين، فتُفتح الأندلس، ليبقى فيها الإسلام ثمانية قرون منارة للعلم والجهاد والرقي الإنساني.

ترى يا حبيبتي أنعود نركُبه في سبيل الله، أم أننا لم يبق لنا منه غير هذه المناظر التي تنتشر على شواطئه؛ لتثبت يومًا بعد يوم أننا أمة تائهة فاقدة للهوية، انظري لذلك الكائن الذي يجلس على مقربة منا، حتى الآن لا أعرف إن كان ذكرًا أم أنثى، وهذه الأغاني التي تلوث الأذان لا أعلم بأي لغة شيطانية سافلة كُتبت، وبأي حركات ماجنة يتراقصون على أنغامها، في تمتمة قالت: ليتني ما سألتك!

أضحكني ردُّ فعلها، وكما قيل: (من لم يهتم بأمر المسلمين ليس منهم)، ثم سألتها عما أرادت أن تسألني عنه في بداية اللقاء: ماذا حدث لك في المدة التي انقطع لقاؤنا فيها؟

فبدأت في ثرثرة أحبها واستشارات لا نهاية لها، حتى كادت تسألني عن عدد النجوم في السماء، يتخلل ذلك ضحكات تملأ سماء قلبي سعادةً!

فاللهم لك الحمد على نعمة الصحة والولد والبحر والسماء، وهذا الخلق المحكم المسخر لبني آدم، اللهم ارزُقنا تحقيق الغاية التي أوجدتنا لأجلها، واجعل الدنيا ممرًّا آمنًا لنا حتى نلقاك راضيًا عنا، وعن أمة حبيبك كلِّها.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.96 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (3.53%)]