التلوث الغذائي والأمراض الناجمة عنه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836892 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379405 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191257 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 661 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 947 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1099 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الطبخ والاطباق المتنوعة > ملتقى الحمية والتغذية

ملتقى الحمية والتغذية قسم يختص بالرجيم وانواعة والاطباق المتنوعة الخاصة بالحمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-03-2019, 10:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي التلوث الغذائي والأمراض الناجمة عنه

التلوث الغذائي والأمراض الناجمة عنه (1)
د. غنية عبدالرحمن النحلاوي



(الحلقة الأولى)




مقدمة


يجد المتأمِّل في إبداع البارِئ الذي فطَرنا وصوَّرنا في الأرحام كيف يَشاء - أنَّه سبحانه خلَق جسمَنا ليتناسَب مع البِيئة المحيطةِ بنا والمسخَّرة لنا.



وإنَّ الاستثناءات عن حالة الصِّحَّة والسَّلامة التي تظهر كأمراضٍ أو حوادث أو تشوُّهات - ترجع لأسبابٍ تَطرأ من داخل الجِسم وخارجِه بين حينٍ وآخر؛ ومن أهمِّها عَبثنا بتِلك البيئة عمدًا أو جهلاً؛ بما فيها الغذاء والدَّواء...، وهي كالكشَّاف الذي يُظهِر لنا بجلاء عظَمة الخالِق وإعجاز الخَلق في أنفسنا، وأهميَّة التوازن الحيوي وضَرورة الحفاظ عليه، سبحان الله!



وكنَّا أشرنا في حديثنا عن "أخطاء المداواة" إلى "التلوُّث الدوائي"؛ فماذا عن التلوُّث الغذائي، وهو الأكثر شيوعًا وانتشارًا؟! مع ما يَحمله من أمراض قد تَأخذ شكلَ "فاشيات"[1]؛ مثل التسمُّم الغذائي، والتِهاب الكَبد الوبائي، والحمَّى التيفية (التيفوئيد)، والإنتانات المعويَّة...، وكافَّة الأمراض المرتبِطة بالغذاء الملوَّث!



"الأمراض المتولدة عن الغذاء: foodborne diseases "

تتزايَد مع تبدُّل الحرارة بين الفصول (الربيع والخريف) إصابات مفاجِئة ومزعِجة، ساحَتُها جهاز الهَضم، ولكنَّها قد تؤثِّر على جميع أَجهزة الجسم، وتنتشر إن تزامنَت مع وجود كثافة بشريَّة؛ كالحجِّ، والعمرةِ في رمضان، أو مع المناسبات الموسميَّة كالأعياد....



وربَّما أخذَت شكلاً جائحيًّا في أماكن التجمعات:

الطَّارئة منها؛ كالمخيَّمات، ومناطق الإيواء خلال الكوارث مثلاً.



أو التجمُّعات المعتادة؛ كالمدارس، ودور رعاية الرضَّع والمسنِّين...



وأَشيَعها: حالات تسيطِر فيها إقياءات شديدة مع أو بدون إسهالٍ مائيٍّ، وتستمرُّ بضعة أيام يعانِي خلالَها المصابُ من تعبٍ وإزعاج ووَهن، طوال فترة المرض...



ولهذه الحالات تَسميات عديدة، وكلُّها تقع تحت العنوان العِلمي الشامل: "الأمراض المتولدة عن الغذاء: foodborne diseases"، ويشيع في الثَّقافة الطبِّيَّة العامَّة عنوان: "إِسهال المسافرين"! وهو أحد أَفراد المجموعة الطبيَّة الأوسع والأشمل، التي تسمى: "التسمُّم الغذائي"!



كيف أصبحَت سلامة الغذاء هاجسًا عالميًّا؟!

أرقام في حَجم المشكلة: تمَّ إحصاء وتحديد (31) عاملاً ممرِضًا رئيسًا على الأقل، تَنتقل بالغذاء، وتتسبَّب في آلاف الوفَيَات سنويًّا في العالَم المتقدِّمِ صحِّيًّا! وبِضعة ملايين وَفاة في العالَم أجمع!



ولقد ورد على سبيل المثال عن الـ (س د س) - مركز السَّيطرة على الأمراض في أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية[2] - في أواخر عام (2013) أنَّه في كلِّ عام تُـحدِث "الأمراضُ المتولدة عن الغِذاء" إصابةً مرضيَّة عند واحدٍ من كل ستَّة أمريكيين، وهذا يعادل 48 مليون شخص سنويًّا، يحتاج (128) ألفًا منهم للرِّعاية في المستشفيات، ويقضي ثلاثة آلاف منهم نَحْبَه!



وعالميًّا؛ تتغيَّر الأرقام كلَّ بضعة أَعوام؛ فعلى سبيل المثال: من أصل(30 - 70) مليون إصابة تَحدث سنويًّا في العالَم الصِّناعي بسبب تلوُّث الأطعِمة والمشروبات، هنالك (325) ألف إنسانٍ مصاب يَحتاج للقبول في المشافِي، وخمسة آلاف حالَة وفاة.. والرَّقم الأخير مؤشِّر خَطِر؛ لأنَّه يتضاعَف مِئات الأضعاف في دول العالَم الأقل نماءً وتطوُّرًا؛ حيث تؤدي الإسهالات الناتِجة عن تلوُّث الأغذية والمياه سنويًّا إلى وفاة (3,8) مليون نسمة تقريبًا، أَغلبهم من الأطفال.



ذلك وغيرُه جعل قضيَّةَ سلامة الغذاء تُمثِّل واحدةً من الأولويَّات العشر الأكثر إلحاحًا لمنظَّمة الصحَّة العالميَّة...، كما أنَّها إحدى القضايا الهامَّة المحوريَّة التي تشغل بالَ العالَم أَجمع؛ كونها تمثِّل كُلفةً عالية لميزانيَّات الدُّول من خلال دراسات جادَّة منذ التسعينيَّات؛ حيث كان مِن أوائل الأرقام المتداولة عن كُلفة مكافحة مَشاكل التلوُّث الغِذائي في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة رقم (35 مليار دولار) أمريكي على شَكل نفقاتٍ طبِّيَّةٍ، وقدرات وكفاءات إنتاجيَّة مَفقودة ومُهدَرَة خلال عامٍ واحد (1997)!



أصل المشكلة: التلوث.

العوامل المسبِّبة:

يتلوَّث الطَّعام بعناصر مجهريَّة مُنتشرة في البيئة من حولنا كالجراثيم (البكتريا) والفيروسات، والطفيليَّات والفطور...، وهي تتكَاثر فيه عندما تَبدو الظُّروف ملائِمة لها، مثل: الحرارة والرُّطوبة، ونقص الحُموضة في المعدة (أي: ارتفاع مستوى عامل pH)... وغيرها، وحسب منظَّمة الصحة العالميَّة فإنَّ تضاعُف تِلك الحالات المرضيَّة في السنوات العشر الأخيرة يعبـِّر عن تزايُد وتكاثر الكائنات المجهريَّة الممرِضة في طَعامنا خِلسة، رغم عدم ظُهور الأعراض عند عَدد كبيرٍ من الناس، وأنَّ الأرقام المَذكورة هي رأس جبل الثلج[3].



ثمَّ إنَّها تمرِض بطريقتين:

هي تؤذي بذاتِها.

أو بالذيفانات (أي: السُّموم) التي تفرِزها خِلال تكاثرها في الوجبة الملوَّثة.



وتتميَّز السُّموم بأنَّها تستمرُّ بالإِمراض حتى لو قُتلَت الجراثيمُ التي أَفرزَتها، وبأنَّها سَريعة المفعول؛ حيث تَظهر أعراض الإصابة بها بعد سَاعات من تناول الغذاء الملوَّث وليس أيامًا: وسطيًّا (1 - 6) ساعات، وأشيعها ذيفانات الجراثيم المسمَّاة "العنقوديات المذهبة"، بينما أخطرها ذيفانات العصيات النقانقية التي تُوجد في الأطعمة المعلَّبة سيِّئة الحِفظ وقليلَة الحُموضة (لا سيما اللحوم)، وتِلك قد تكون قاتِلة!



وتُضيف المصادِر العلميَّة للأسباب: الملوِّثات والسُّموم الكيميائيَّة، الطبيعية منها؛ (كالموجودة في بعضِ الأسماك أو الفِطر السام)، أو الصناعيَّة كالمبيدات الحشريَّة أو أدوية النَّبات والحيوان، أو المواد الحافِظة المخالِفة لمواصفات هيئات الأمن الغِذائي...



وعمومًا فإنَّ فترة الكُمون أو الحَضانة بين تَناول طعامٍ ملوَّثٍ وظهور أول أعراض المرَض، تتراوَح من ساعاتٍ إلى أيامٍ (ونادرًا ما تكون أشهرًا، أو حتى سنواتٍ، ومثال على ذلك: الإصابة بِداء الليستريات)؛ وإذا ظهرَت الأعراض المرضيَّة خلال (1 - 6) ساعات بعد تناول الطَّعام الملوَّث، فالسَّبب غالبًا إمَّا ذيفان (سمٌّ) جرثومي (بكتيري)،أو مركَّب كيميائي؛ (كما في الفطور والمأكولات البحريَّة السامَّة)، في حين تدلُّ فَترة الحضانة الطويلة على التلوُّث بالكائن الممرض الحي ذاتِه؛ (فيروسات، وجراثيم، وطفيليَّات).



كيفية حدوث التلوث وانتشاره:

أمَّا متى يضرُّ تعرُّض الطَّعام لما ذُكر، فقد ثبتَ أنَّ الضَّرر قائم في جَميع مراحل إعداد الطعام؛ بدءًا من تلوُّث المصدَر الأول النَّباتي أو الحيواني، وانتهاءً بالوصول للمستهلِك، وحتى المُعَد منه منزليًّا قد يتلوَّث في أيِّ مرحلة من مراحل تَحضيره إذا أُسيء التعامُل معَه.



وقد توصَّل تَقرير المنظمة العالميَّة للصحَّة لعام 2003 م إلى أنَّ نحو 40% من حالات تفشِّي التسمُّم الغذائي، التي تمَّ التبليغ عنها في منطقة الدُّول الأوروبية التابعة للأمَم المتَّحدة - تقع في المنازل الخاصَّة لأصحابها! رغم أنَّ الوقاية التامَّة من كافَّة "الإصابات المنزليَّة" أمرٌ مؤكَّد التَّحقق نظريًّا حسب تَقرير المنظمة؛ ممَّا يدلُّ على انتشار الإهمال عمليًّا في منازلهم، لا سيما المطابخ!



وهو عكس الحَال عندنا حتى الآن على الأقل، فالمشكِلة في مَنطقتنا غالبًا من الطَّعام خارج المنازل، وإن كان نقص الرقابة داخِل المنزل قد بدأ يَشيع لأسبابٍ، منها: نَقص إشراف ربَّة المنزل - المنشغِلة جدًّا! - على من يحضرها، ونقصُ الثَّقافة العامَّة بهذه الشؤون، والزُّهد في هذه الثَّقافة عند الجيل الجديد.



ولقد رأيتُ بين الإفراط والتفريط:

أمَّهات شابَّات متردِّدات يسألنَني عن أبسط المعلومات رغم كثرة ما يعرفن.

وأخريات يَتركن الأمورَ تسير عشوائيًّا، وعندما يمرض الطفل فأسهل شيء الهَرَع للطَّبيب وحتى للمستشفى.

والفريقان جانَبَا الصَّواب!



ولكن أحيانًا لا يمكننا لَوم المتلقِّي مع الازدِحام الشديد في المنشورات الصحيَّة والطبِّيَّة غير الممنهَج وغير العِلمي غالبًا، والذي قد يُربِك ويعقد الأمورَ، ناهِيك عن الأخطاء الكَثيرة (عبر الميديا والنِّت)، والتي نكتشف نَحن الأطباء صدفةً بعضَها! وما لا يتبيَّن أكثر!



وهذه أهم مصادر التلوث مع أخطاء شائعة ونقاط عملية لتجنبها تفيد الأهل في الحالتين:

مياه الشرب: إنَّ تَأمين طَهارة المياه من أولويَّات المنظمات والدُّول، وتنصب الجهود العالميَّة على تأمين مياه شربٍ نظيفة، وتلوُّث الماء يحتاج لمقالٍ منفصل، وأُشير أنَّه على مستوى التجمُّعات الصغيرة والأفراد في الظُّروف الاستثنائيَّة يطبق تعقيم المياه بالأشعة فَوق البنفسجيَّة من الشمس، ولكنَّها عمليَّة معقَّدة، والأقرب تناولاً إضافة الكلور بمعدَّل ثلاث قطرات لكلِّ لتر ماء رائق، وستِّ نقط للتر الماء العَكِر، ويترك مكشوفًا لمدَّة ساعة قبل الشرب.



إنَّ انتقال العامِل المؤذِي من مادَّة أو سطح ملوَّثٍ لسطحٍ آخر غير ملوَّث هو أَشيَع مصادر وطُرق التلوُّث، ويَحدث بين الأطعمة النيئة وتِلك الجاهِزة للأكل؛ كالسَّلَطات والبيض واللُّحوم، والمثال الموصوف عادَةً تلوُّث قِشرة البيض أو اللحم بروث الحيوان الملامِس له، ثمَّ تناوله نيئًا أو ناقص الطَّهو...، والنَّمط الآخر تلوُّث الأدوات المستعمَلة في التحضير، وهي عادةً السكِّين ولوح التَّقطيع وفوطَة المطبخ... وغيرها.



نسيان المادة الغذائية في حرارة تناسب تكاثر الجراثيم:

قاعدة هامة: لا بدَّ من حِفظ الأطعمة القابِلة للفساد في الثلاَّجة بعد شرائها أو تحضِيرها مباشرة، والمدَّة القصوى بين الشراء والحفظ أو الطَّهو والأكل ينبغي ألاَّ تتجاوز السَّاعتين؛ ولكن إذا كانت حَرارة المنزل تعادِل أو تزيد عن (32.2 درجة مئويَّة) فيجب أن يتمَّ الحفظ خلال ساعة على الأكثر، وما نُسِي لفترات أَطول فيفضَّل إتلافُه حيث يحتمل حَمله لجراثِيم ممرِضة، أو لسمومٍ لا يمكن التخلُّص منها بالطَّهي.



أهمية العامل البشري:

(عمَّال أطعِمة مصابون أو حامِلون للعامِل الممرِض المسبب)؛ وهنا يبرز دَور الأيدي الملوَّثة عمومًا؛ في المنازل والمدارس والمخيَّمات، وبصورةٍ خاصَّةٍ في أماكن الصِّناعات الغذائيَّة أو محلاَّت الطعام الجاهز التي تتعامَل - مثلاً - مع اللُّحوم وأيضًا مع الفطائر وما شابه؛ حيث يحمِل العاملُ "البيض" بيده العارِية أو المغطَّاة بكفٍّ بلاستيكي، ثمَّ يحمل بعده الجبنة مباشرةً دون غَسل يده أو تغيير الكف!



تلوُّث الأوساط الحافظة والمضافات: يُعَدُّ الماء أو التراب الملوَّثان من النواقل الهامَّة للجراثيم والفيروسات الممرِضة، وكذلك الحَليب ومشتقَّاته؛ كالأجبان والقشدة (الكِريمة) غير المبسترة أو الملوَّثة بعد البسترة، والتي علاوة على تناولها منفردَة فهي تَدخل في صناعة الكَثير من الأطعمة والحلويَّات التي توزَّع على نطاقٍ واسِع؛ كما في الفنادق، والمعسكرات، والمدارس.



عدم إنضاج الطَّعام (الطبخ غير الكافي)، والعجَلَة سِمة العصر! ويُعَـرِّفُ علمُ سلامة الغذاء الطبخَ الجيد بأنَّه: رَفع حرارة الطَّعام لمدَّةٍ كافيةٍ ولدرجة حرارةٍ عاليةٍ بما يكفي لقَتل العوامل الممرِضة، وهذا بالنِّسبة للحوم والدَّجاج؛ يعني: ضرورة تجاوز حرارة الطهي 74 درجة مئوية، والتأكُّد بأنَّ الحرارة وصلَت إلى الأقسام الداخليَّة من الطَّعام؛ فاللَّحم المدخن وما شابهه خطر؛ لعدم طهارة الأجزاء الدَّاخلية منه من الجراثيم.



كذلك يجب طهي البيض حتى نَصل إلى بياض وصفار بقوام متماسِك، فالنِّيءُ جزئيًّا أو "البرشت" خَطر للغاية لهذا الاعتبار، سواء بعينه (في تَغذية الرضع)، أو الأطعمة الدَّاخل في تركيبها؛ مثل: "المايونيز".



أمَّا السمك، فينضج عندما يدكن لونُه، ويصبح من السَّهل إزالة قِشرته.



إعادة التَّسخين لعدَّة مرَّات: إجراء قد يترافق بتلوُّث إذا لم يتم بشكلٍ صحيح، فعند إعادة تسخين الحساء وما يشبهه يجب أن يَصل إلى دَرجة الغليان؛ ولدى تَسخين الطَّعام المتبقي يجب الاستمرار بِضع دقائق بعد بلوغ درجة كافِية (وسطيًّا 75 درجة مئوية).



إزالة التثليج غير الآمن: قاعدة هامة: يمنع وضع الطَّعام المثلَّج في حرارة المطبخ وتركه لساعات: وأسلم طريقة لإذابة الجَليد عن الغذاء هي نَقله من مكان التثليج إلى البرَّاد العادي، كما أنَّ وضعه تحت تيَّار ماء بارِد يزيل الجليد عنه بأمان.



وبناء على ما سبق؛ من الأسلَم في مناطق انقطاع التيَّار الكهربائي العودة لطُرق الحفظ القديمة؛ كالتَّجفيف، والتخليل، والمربيات، وكذلك الطَّبخ قَدر الحاجة أولاً بأول.



ولا ننسَ أنَّه غالبًا ما يكمن أكثر من سببٍ ممَّا ذُكر وراء وقوع التلوُّث وحالة التفشِّي المرَضي التالية له، فعلى سبيل المثال: قد يُتْرَك الطَّعام في درجة حرارة المنزل لساعاتٍ عديدةٍ، ممَّا يسمح بتكاثر الكائن الممرِض كالجراثيم (البكتريا)، التي تتجمَّع بالألوف أو الملايين، ثمَّ يأتي دور الطهي الناقص غير القاتِل لها، الأمر الذي يسبِّب إصابة مَن يتناولها! (وسيتَّضح المزيد عن عوامل التفشِّي في حديثنا عن الوقاية).



وإنَّ ما سبق شَرحه يَنطبق على جميع الأمراض المنتقلة بالغذاء الملوَّث، فيرجع له القارئ مع كلِّ حلقة من حلقات البَحث؛ لصعوبة تكرار تلك المعلومات، ونبدأ بأوَّلها بعون الله:

أولاً- التسمُّم الغذائي:

أ- الشكل العام للإصابة: يكون البدء غالبًا بنوبٍ متكرِّرة من الإقياء، قد تشتدُّ وتتواصل لدرجَة مرهِقة، وتلفِظ المعدةُ المتشنِّجة أيَّ سائل يُبتلَع؛ ويحدث إسهالٌ متكرر، وهو غالبًا مائي القوام يسبقه أو يترافَق معه ألَم بطني شديد، وقد ترتفع الحرارة وتتجاوز (38.5 درجة مئوية)، وكل ذلك عندما يستمر أكثر من يومين قد يؤدِّي لنقص سَوائل وأملاح الجِسم وللجفاف بأعراضه المعروفَة؛ كالعطش، وجفاف الأغشية المخاطيَّة، والوهن العام، ونقص طَرح البول...



ب- الشكل الشَّديد: عندما تكون الخسارة سرِيعة وبالِغة في الماء والأملاح والمعادِن لا سيما عند الأطفال الرضَّع والمسنِّين، يعاني المصابُ - مع ما سبق - من الدوخة والشعور بخفَّة الرَّأس، وصعوبة البَلع والكلام، مع الرؤية المزدوجَة (الشفع)... ومن ثمَّ ضعف العضلات ليقَع مغشيًّا عليه، وفي بعض الحالات يصبح الإقياء مدمى، وكذلك البراز...



وتكون الأعراض أسوأ في الفئات عالِية الخطورة التي ذَكرناها، فالإنسان الصَّحيح عادة يَشرب بشكل جيِّد معوِّضًا الخسارة، ولكن المسنِّين والأطفال (الرضَّع والمدنفين) والحوامل لا يَفعلون، وتكون آليات المعاوَضة لديهم ناقِصة الكفاءة؛ لذا قد يكون الجفاف مميتًا للأطفال لا سيما وأنَّ الأهل لا يمكنهم تَقدير حقيقة وَضع الطفل! كما أنَّ بعض التسمُّمات تُحدث إسقاطًا عند المرأة الحامِل أو تأذيًا للجنين.



لذلك لا بدَّ من التقويم الطِّبي المبكِّر عند تلك الفئات، وهو لازمٌ حتمًا منذ البدء كلَّما كان الطِّفل أصغر.



وقد ينتشر التلوُّث من المصاب للسَّليم بالمفرغات والمفرزات (البول والبراز والإقياء)، فيجب التَّركيز على تطهير الأيدي.



التدبير:

يوصى المصابُ بالتسمُّم الغذائي بالتوقُّف عن أيِّ طعامٍ أو شراب لساعات قَليلة، يمصُّ خلالَها قطعَ الماء المثلَّج أو يبتلعها؛ ثمَّ يشرع بتناول السَّوائل المتنوعة المنزليَّة (الخالية من الكافيين)، وبكمِّيات تزاد تدريجيًّا: وأحسنها الماء، والعسل السائل (المخلوط بالماء الصَّافي)، ومغليُّ النعناع المحلَّى بقليل من العسل، وعصير التفَّاح الممدد بالماء، والحساء الخالي من الدَّسم؛ بمعدَّل (8 - 16) كأسًا في اليوم للإنسان العادي... ويفضَّل إعطاء المحالِيل الملحيَّة الطبيَّة (محاليل الإماهة) المتوفِّرة صيدلانيًّا والمزوَّدة بالأملاح وسكَّر العنب (الغلوكوز)، لا سيَّما للأطفال، وبالنسبة للرضَّع الذين هم على إرضاع والدي، فيجب الاستمرارُ عليه، بل والإكثار منه؛ فحليب الأمِّ أنجع حمية على الإطلاق، وهو غذاءٌ، ودواء، وحياة لهم...



ويمكن الاكتفاء بالسَّوائل لبضع ساعاتٍ بعد بدء الأعراض، تتناوب الحُلوة منها؛ كعصير التفاح أو الماء المحلَّى بالعسل، والمالِحة (كالمرق أو الحساء)، ولا يحسن إطالة الحمية، بل يبكِّر المصاب المتحسِّن بتناول الطَّعام الخفيف، ولكن يتوقَّف عنه إذا عاوده الغثيانُ.. ويفيد اللَّبن الرَّائب كثيرًا في هذه المرحلة، كذلك يجب الاستمرار في تجنُّب الأطعِمة الثَّقيلة حتى التحسُّن الصَّريح، وتؤكِّد المصادر الغربيَّة أنَّه من المهمِّ جدًّا تجنُّب الكحول والنيكوتين والكافيين لمَنع التطوُّر للأسوأ... بينما نؤكِّد نحن على ضرورة الامتناع التَّام عن تناول الأولين، وقطعيًّا عن تناول الكحول ليس فقط لعلاج هذا المرَض؛ بل طاعة لمَن هو أعلم بما يداوينا وما يمرِضنا على جميع أحوالنا.. سبحانه وله الحمد!



ومن التوصيات العامَّة الرَّاحة بالسَّرير، وعدم تناوُل الأدوية الموقِفة للإسهال التي تُبطئ انفراغ الأمعاء وطرح الجراثيم والسُّموم من الجسم، ممَّا يسيء للحالة العامَّة للمريض ويؤخِّر الشِّفاء.



ويقتضي تَدبير بعض الحالات الإشراف الطِّبي المبكِّر في المشفى بما فيه إعطاء سوائل وريديَّة وأملاح، ومعالجات نوعيَّة كالمضادَّات الحيويَّة، وتدبير الاختلاطات، ومنها الفشل الكلوي الحادُّ الذي قد يتطوَّر في الحالات الخَطِرة.. وتحديد أَدوية وتغذية ما بعد التحسُّن.. كما تُجمِع المصادرُ على ضرورة تَبليغ الجهات المختصَّة عن حوادث التسمُّم والمصدر المرجح للتلوث لاتِّخاذ ما يلزم.



الوقاية:

نظريًّا فإنَّ التسمُّم الغذائي - لا سيَّما داخل المنازل - يمكن الوقاية منه بنسبة 100%، حسب المراجع العلميَّة المعتمَدة.



وأركِّز على التعليمات الوقائيَّة العامَّة التي قد تُنسى رغم بداهتها:

ضرورة غسل اليدين بالماء الحارِّ والصَّابون: قبل وبعد تناول الطَّعام (والأول أهم)، أو التعامُل به بيعًا، وتحضيرًا، ونقلاً، وغَسلهما بعد الخروج من بَيت الخلاء، وبعد تَنظيف الأطفال، وبعد مُلامسة الحيوانات الألِيفة.



عدم خَلْط عبوَّات الأطعمة خِلال النَّقل والحفظ؛ حيث يَنبغي فصل الطعام النيء الذي نَنوي طبخه؛ (كاللَّحم النيء ومنتجات الدَّواجن والأسماك والبيض) وما يُشبه هذه الأصناف، وما يسيل منها - عن الطعام الذي يُؤكل مباشرة (كالسَّلطات).. حتى أثناء التسوُّق أو على منضدة تحضير الطَّعام.



غسل لوح تَقطيع اللَّحم أو الخضار، وغسل الأَواني وبقيَّة أدوات تَحضير الطَّعام بالماء السَّاخن والصَّابون بعد كلِّ عمليَّة تحضيرٍ لنوعٍ من أنواع الطَّعام، وقبل تَحضير النَّوع التالي، وبالأخص عند الانتقال من تَحضير اللَّحم والبيض إلى تَحضير الخضار والفواكِه التي تُؤْكَل دون طَهي؛ والأفضل استخدام لَوحين؛ لوح لتقطيع اللَّحم، وآخر للخُضَر.



من المهمِّ نَقْعُ الخضار والفواكه التي تُؤكل نيئةً في الماء النَّظيف (الجاري من الصنبور)، ويمكن إضافة الملح له، ومن الممكن استخدام فرشاةٍ صغيرةٍ لإزالة ما علق عليها من تراب.



وتُنصح ربَّة المنزل والطُّهاة بعدم الطهي باستخدام الميكرويف؛ حيث تبقى مناطِق غير ناضِجة من محتوى وعاء الطَّهي، وبتجزئة الطَّبخة الكبيرة إلى أوعيةٍ أقل عُمقًا لتبرد بسرعة في البراد؛ وبألاَّ تكثر من الأشياء في البراد كي يمرَّ الهواءُ البارد وينتشر بين الأرفُف والأقسام ويضمن برودَة الطَّعام وسلامته؛ لأنَّ تبريد الطَّعام بسرعة عَمل مهمٌّ لمنع التلوُّث.



وبعد:

ففي الختام: نحمد اللهَ تعالى على أنَّ الطَّهارة العامَّة بما فيها طَهارة الأيدي هي من سِمات المسلِم طَوالَ يومه من خلال عباداته المتكرِّرة، وأنَّ التنزُّه من التلوُّث بالمفرغات والمفرزات هو من أركان تِلك العبادات، والتي تبرز أهميَّتها عندما نَعلم أن مقدارًا ضئيلاً (غرام واحد) من البول أو البراز لإنسانٍ عاديٍّ فيه وسطيًّا عشرة ملايين فيروس، ومليون من الجراثيم.



ونذكِّر أنفسنا:

أنَّه من غير المستحبِّ حفظُ الأغذية بكَثرة فوق طاقة الاستهلاك للأسرَة، وجعلها تتراكَم وقد تَفسد، ويُنصح في مناطق تكرُّر انقطاع التيَّار الكهربائي لمدد طويلة بالعَودة للطُّرق القديمة للحِفظ كما أشرتُ.



وأنَّ المشكلة قد تَتجاوز الأفرادَ لتأخذ شكلَ إصابة جماعيَّة حينما تتعلَّق بالصناعات الغذائيَّة؛ سواء من المَنشأ، أو خلال النَّقل والعرض، أو الحفظ العام والتقديم؛ وهذا كلُّه مناطُ الجودة والصلاحِية فيه خوفُ وتقوى الله تعالى، وهو الضَّمانة لعدم الغشِّ.



وهو أمضى من القوانين الوضعيَّة، والتواريخ المطبوعة على العبوَّات، والتي لا تبين مثلاً تلوثًا حصل لمنتَجٍ غذائيٍّ خلال التعبئة مثلاً وتمَّ السكوتُ عليه، كما سنرى في الحلقات التَّالية من البحث بإذن الله.



وسبحان الله العليم الخبير...





[1] تطلق كلمة "outbreak = الفاشية" عادة على حالات التسمم الغذائي - مالم يشر لغير ذلك - وهي تعني وباء محليًّا في منطقة محددة وفي زمن محدد، بينما يستعمل مصطلح الوباء epdemic لجميع الأمراض المعدية، ويطلق على انتشار المرض عندما ترتفع معدلات حدوثه بوضوح عن الوضع المعتاد في منطقة معينة مقارنة بالفترات السابقة.




[2] منشورات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية في أتلانتا في الولايات المتحدة


the US Centers for Disease ******* and Prevention=CDC




[3] منشورات إدارة سلامة الغذاء التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

Each year, foodborne diseases cause illness in 1 in 6 Americans (or about 48 million people), resulting in about 128,000 hospitalizations and 3,000 deaths



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31-03-2019, 10:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التلوث الغذائي والأمراض الناجمة عنه

التلوث الغذائي والأمراض الناجمة عنه (2)
التهاب الكبد الوبائي (أ)
د. غنية عبدالرحمن النحلاوي


مقدمة

تحت الظروف البشرية الكارثية ينتشر التلوث الغذائي، وما قد ينجم عنه من الأوبئة، وهذا المرض هو أحدها، بل إنه من أشيعها، حسب الإحصاءات العالمية[1]، وهو مرض فيروسي يصيب الكبد، ويمكن أن يسبب أعراضًا تتراوح بين البسيطة والوخيمة، وهو ينتقل بتناول الملوث من الطعام والمياه، أو بالاتصال المباشر بشخص مصاب بعدواه، ويتعافى غالبية المصابين بالالتهاب الكبدي A بصورة تامة، ولكن نسبة صغيرة من الوَفَيَات تحدث بسبب الشكل الخاطف أو الصاعق منه والشائع في الأكباد المرهقة لسبب أو لآخر، بينما هو نادر جدًّا بين الأصحاء.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا في ظهور اليرقان الفيروسي عمومًا، وهذا النوع - خصوصًا - في عدة مناطق، من بينها منطقة الشرق الأوسط، وحسب م ص العالمية يُرد سبب تزايد الإصابات بالالتهاب الكبدي A شديد السراية إلى قلة توفر المياه المأمونة، وتردي الخدمات الصحية.

ونشير إلى وجود طيف عريض من اليرقانات غير الوبائية؛ لننبه لكونها تختلف تمامًا عن موضوعنا، أشهرها وأشيعها يرقان الأطفال حديثي الولادة، الذي ينتج الشكل الوظيفي منه (أو الفيزيولوجي) عن تخريب الدفعة الزائدة من كريات الدم الحمراء في جسم الوليد، وهو سليم بشكل عام، باستثناء بعض أشكاله الخطرة، أما ما نحن بصدده وهو: "التهاب الكبد الفيروسي الوبائي"، فينتج عن غزو البدن بفيروسات ممرضة عديدة، تصنف على أنها ذات اصطفاء كبدي، دُرس وحُدد منها خمسة أنماط أخَذت الأحرف الخمسة الأولى في الأبجدية اللاتينية، وعلى رأسها النوع: "أ"، والنوع: "ب"، وهما الأقدم تصنيفًا والأكثر شيوعًا، والنوع: (س) الذي تزداد حديثًا التحذيرات من خطره وسرعة انتشاره[2].

علاقة اليرقان الوبائي بالحالة النفسية بين الحقيقة والتهويل:
يمكن أن يتفشى هذا المرض على نطاق واسع ويسبب خسائر اقتصادية كبيرة، ولكنه يحدث كذلك بشكل فردي، وفي الحالين فإن العلوم الطبية والصحية لم تجد ربطًا بين حدوث التهاب الكبد والحالة النفسية للإنسان، وذلك رغم تأكيد الموروثات الشعبية - طبية كانت أو غير طبية - على هذا الارتباط في العديد من المجتمعات، وأكثر من تعاملت معهم - أنا وزملائي - لديهم قناعة بأن حصول الإصابة باليرقان (أو الريقان أو أبو صفار) لديهم أو لدى قريب كبير أو صغير تلا حدثًا جلَلًا، أو رعبًا طارئًا، أو حزنًا شديدًا!

وفيما عدا القانون العام الذي ينتظم جميع الأمراض والقاضي بنقص مقاومة أجهزة الجسم واستشراء المرض مع الشدائد والكروب والهبوط النفسي للإنسان، فإنه ليس ما يثبت وجود خصوصية لعلاقة مرض اليرقان الوبائي بالشدة النفسية، اللهم إلا انتشاره في الحالات المفاجئة والأقرب للكارثية، وما يحكمها من ظروف؛ كالزحام الشديد، وغياب المرافق الصحية، ونقص المياه النقية للشرب والطبخ، كما هو الحال في الحروب والحصار، ومخيمات التشرد والنزوح، وما يرافق ذلك حتمًا من الضغوط النفسية الهائلة؛ كالخوف والجوع، ونقص الأموال والأنفس والثمرات!

فعن الخوف والذعر في تلك الظروف حدِّثْ ولا حرج:
ولعل الناس قديمًا عمموا هذا القياس المدعم بالتجربة والمشاهدة على الإصابات الفردية التي تحدث بشكل غير وبائي، فربطوا حدوثها برعب مفاجئ، أو مشكلة نفسية قد تخفى حتى على صاحبها!

أما الجوع - لا سيما عند الأطفال لفترات زمنية تتجاوز الأيام - فمن المعروف أنه من عوامل الخطورة بالنسبة لكبدهم؛ حيث يُضعف سوءُ التغذية الخليةَ الكبدية خاصة، ويضاف لذلك في الظروف المذكورة تأذي الخلية الكبدية لاستنشاق الغازات والأبخرة السامة (على سبيل المثال من مخلفات القصف الحربي والحرائق)، أو لتناول الأطعمة الملوثة بالسموم المتطايرة؛ فكلها أعداء للكبد، تجعله أقل ثباتًا أمام هجوم الفيروسات المسببة للداء الذي يكون وبيلًا بسببها، كذلك تم ربط كثرة الإصابات وسوئها بتدخين النرجيلة في العام الجاري في بعض الدول غير المستقرة، علمًا أن التبغ (والكحول بداهة)من أعدى أعداء الكبد، في جميع الظروف، سلمًا أو حربًا.

وتكمن أهمية العوامل السابقة في أن الكبد الضعيف سلفًا قد لا يصمُدُ أمام الإصابة، حتى بالفيروسات غير الشرسة عادة، كالنوع (أ)، المعروف بأنه أشيع سبب لالتهاب الكبد السليم نسبيًّا!

السراية والتفشي:
للدلالة على سرعة وصول المرض لكل منا، اتخذت عبارة: "أقرب لك مما تظن" شعارًا لليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي[3]، ويصنف الالتهاب الكبدي (A) مع الأمراض المنتقلة بالأغذية والمياه الملوثة المشاهدة في حالات فردية متفرقة، وعلى شكل أوبئة بأنحاء العالم كافة، فهو يمكن أن يستشري على نطاق واسع جدًّا في مناطق التلوث؛ كالحالة الوبائية التي اجتاحت شنغهاي في عام 1988 وأصابت بعدواها نحو (000 300) ثلاثمائة ألف شخص - حسب منظمة الصحة العالمية.

وإن فيروس التهاب الكبدي A منتشر في البيئة المحيطة بنا، وهو مقاوم لإجراءات التطهير غير الدقيق في المطاعم، ومراكز تصنيع الأغذية، والموجهة عادة لتعطيل ومكافحة مسببات الأمراض الجرثومية البسيطة نسبيًّا، وهو ينتشر في المقام الأول عندما يتناول شخص ليس لديه مناعة من إصابة سابقة أو تطعيم باللقاح المضاد مياهًا أو أغذية ملوثة بالفيروس، لا سيما الأطعمة النيئة أو ناقصة الطهو (وتشير المصادر للمحار كمثال)، والمثلجة (كالتوت المثلج)، أو الخضار المزروعة التي رويت ورشت بماء ملوث، أو غسلت به قبل أكلها (سلطات المطاعم)، (وانظر الحلقة الأولى لكيفية التلوث)، وكذلك تنقله الأيدي الملوثة بمفرغات ومفرزات المصاب، التي لم تغسل قبل تناول الطعام، أو بعد دخول دورات المياه؛ (إذ يغلب العدوى من تلوث مقابض الأبواب والصنابير في الحمامات العامة، لا سيما في المدارس)، وتختصرها المصادر بعبارة: العدوى البرازية الفموية، وقد تنتقل العدوى - نادرًا - عن طريق سوائل الجسم الأخرى، مثل: الالتهاب بالفيروس (ب)، وغالبًا ما تؤدي إصابة أحد أفراد العائلة إلى إصابة فرد آخر على الأقل في حال عدم التزام المصاب بتعليمات الطبيب المشرف على العلاج، وتتزايد الإصابات بالمرض بسبب ظروف الاكتظاظ السكاني في المدارس ودور الرعاية، وحتى البيوت في المناطق المنكوبة.

2] وتضيف منظمة الصحة العالمية الانتقال بسبب تعاطي المخدرات عن طريق الحقن.
العدوى والحضانة: يصيب هذا المرض البشر تحديدًا، وهو كثير الحدوث عند الأطفال؛ لهشاشتهم، ولنقص تقديرهم خطورة التلوث، وأهمية النظافة، لا سيما في ظروف الأوبئة المذكورة، حيث ينشغل الراعي أو المربي عن الطفل، وقد يغيب.

وتتراوح فترة الحضانة للمرض - الممتدة منذ لحظة دخول الفيروس للجسم (أو منذ التماس الأول مع المصاب) وحتى بدء ظهور الأعراض -: تتراوح بين (1 - 3) أسابيع، (وقد تبلغ الشهر، أو تتجاوز الخمسين يومًا باختلاف المصادر)، وهي فترة خالية من أعراض المرض.

والمشكلة أن المصاب يطرح الفيروس في برازه، وبالتالي يكون مُعديًا خلال فترة الحضانة المذكورة، وقبل أن يعرف أحد أنه مُعْدٍ؛ ولهذا هو مرض شديد السراية، كما ذكرنا! وقدرت البحوث المخبرية الدقيقة مدة طرح الفيروس بالبراز بأسبوعين قبل ظهور الأعراض، وأسبوع بعد ظهورها، وخلال تلك الأسابيع الثلاثة يكون الإنسان مُعْدِيًا بشدة لمن حوله، وهو ما يفسر لنا نوعًا ما المعلومة الإحصائية بأنه في 45% من الحالات الظاهرة لا يمكن تحديد مصدر العدوى! (خاصة إذا تذكرنا وجود إصابات معظمها عند الأطفال تستمر خفية بعد انتهاء الحضانة، نسميها تحت سريرية، أو لايرقانية، كما أشرنا، يُعدي أصحابها من حولهم دون أن يتبين أنهم المصدر، ولا يكشفون إلا مخبريًّا)[4].

الأعراض والعلامات: عندما يصطبغ جلد الطفل باللون الأصفر، فإن المرض يكون قد قطع شوطًا بعيدًا، ويكون الأهل قد تأخروا في التنبه للمرض، والطبيب قد تأخر في التشخيص!

فما هي الأعراض المبكرة؟
يبدو المصاب كئيبًا مرهقًا، ويعاني من حمى متوسطة أو خفيفة، وآلام مفصلية، ومن المؤكد أنه سيفقد شهيته للطعام، كما يكون الطفل المصاب خاملًا، ويفقد رغبته باللعب والحركة، ويلي ذلك أو يرافقه ألم البطن والغثيان، وعندما يبدأ القيء يكون الفيروس قد نال من الخلية الكبدية، وانتشرت أذيته للشجرة الصفراوية، وهنا تبرز خطورة تأخر التشخيص، أو الوقوع في فخاخ تشخيصية، فكثيرًا ما يلتبس المرض مع التهاب معدة وأمعاء حاد، أو مع الإنفلونزا، أو مشاكل كلوية وبولية!

وإن نسبة من يُصاب باليرقان (اصفرار الجلد وبياض العين) دون عمر السادسة هي 10% فقط، وترتفع النسبة لتبلغ عند الأطفال الأكبر سنًّا والبالغين أكثر من 70%.

وغالبًا يراجعنا الأطفال بعد إعطاء علاجات قد تبدو بسيطة مثل خافض الحرارة والمسكن من زمرة "الباراسيتامول"، ومثل مضادات القيء، وبعض الأهل قد لا يعتبرها دواءً!

حسنًا هي لن تكون دواءً لهذه الحالة، ولكن أكثر من ذلك ما يجهله الأهل وينساه بعض الأطباء أن كلًّا منها في الواقع قد يمثل سمومًا للخلية الكبدية المصابة، وهي تؤدي لتفاقم تأذي تلك الخلية، واشتداد الإقياء، ونقص الشهية، وبالتالي لظهور التجفاف والوهن الشديد! وهو ما يدخل المصاب في حلقة مفرغة (أو معيبة) لا بد لكسرها من قبوله في المشفى.

يتم وسم التشخيص بالتحاليل المخبرية، وبربطها مع بقية الموجودات، ولكننا بمجرد الشبهة نكون قد أوقفنا الأدوية السابقة الضارة، وبدأنا بالتدبير العام.

سير المرض:
ما لم تحدث الاختلاطات، وبخلاف الالتهاب الكبدي B والالتهاب الكبدي C، فإن عدوى الالتهاب الكبدي A لا تسبب مرضًا مزمنًا في الكبد (تليفه وفشله)، ونادرًا ما تكون قاتلة.

ويمكن أن يلحق المرض أضرارًا اقتصادية واجتماعية في المجتمعات المحلية؛ إذ قد يستغرق شفاء المصاب منه أسابيع أو أشهرًا لكي يعود إلى عمله أو مدرسته، أو ممارسة حياته اليومية، كما قد يخلف آثارًا سلبية على المؤسسات الغذائية المتهمة بنشره عبر منتجاتها.

الوقاية والعلاج:
وسنوجز العلاج ثم نفصل الوقاية لأهميتها لعموم القراء:
أهم أهداف العلاج: المحافظة على وضع مستقر للمريض ريثما تترمم الخلايا الكبدية المتأذية، ويستعيد الكبد وظيفته، فهذا الفيروس ليس له علاج نوعي.

ولتحقيقها: نبدأ بالراحة التامة لأسبوع على الأقل، يلي ذلك تحرك تدريجي لأسبوعين لكسر الحلقة المفرغة التي دخل المصاب بها في الحالات الشديدة كما ذكرنا، ويتلازم ذلك مع الإماهة الجيدة بالوريد للمدنفين، وللأطفال المصابين بقيء شديد وتجفاف، وذلك لمدة قصيرة، ثم نتابع الإماهة بالفم، يلي ذلك التغذية التدريجية المناسبة، وعمومًا تضم الحمية غذاءً بسيطًا للخلايا الكبدية، يقوم على تجنب المواد الدسمة والبروتينات الثقيلة التي ترهق الكبد، وإعطاء السكريات التي لا تستدعي جهدًا للهضم، وعلى رأسها العسل ومشتقاته، ففيها غذاء وشفاء بإذن الله، وعادة أنصح الأهل بحلِّ العسل في ماء دافئ، وتفك الحمية تدريجيًّا مع تراجع الأعراض.

أما الأدوية فهي عدوة للكبد المريض، ولا يعطى أي دواء إلا بإشراف ومسؤولية الطبيب.

الوقاية من أنجع أساليب الوقاية من المرض بإجماع المصادر العلمية والمنظمات الدولية:
1) تحسين الخدمات الصحية.
2) التزام قواعد النظافة الشخصية.
3) واللقاحات المضادة للفيروس "أ".
4) والامتناع عما يؤذي الكبد؛ كالتدخين والكحول.

وقد مر فيما سبق بعض تفاصيلها، وتتوزع المسؤولية الوقائية على كل من: الفرد (الصحة والنظافة الشخصية)، والأسرة، والمدرسة (لانتشار العدوى بين الطلاب)، وبلديات القرى والمدن، والحكومات والمؤسسات الدولية.

وفي التفاصيل:
1) الخدمات الصحية: هنالك إجراءات هي من أسس الصحة العامة، ومع ذلك قد تهمل حتى خارج إطار الجوائح مع الأسف، بينما الأَوْلى تحقيقها في كل حين، وبصرامة أشد بوجود الحروب والكوارث، وأهمها: توفير إمدادات كافية من مياه الشرب المأمونة، والسلامة الغذائية، والتخلص بطرق سليمة من مياه الصرف الصحي داخل المجتمعات المحلية، حتى لو ابتليت بالجائحة دولة مجاورة، فالعالم اليوم قرية صغيرة، وقد يحمل العدوى - كما رأينا - شخص يبدو لك سليمًا لمدة كافية لتنقله بين المدن والبلدان قبل أن تظهر عليه علامات المرض.

2) قواعد النظافة الشخصية: وتشتد أهمية اتباعها والتعود عليها في الظروف الكارثية، وبعضها لبساطتها أعجبُ هل علي الحديث عنها وما ألبث أن أفعل لكثرة ما ألمس من مخالفات لها ليس سببها الجهل ولا الفقر! بل ربما التجاهل، ونقص الوعي بأهميتها، والولع بالمخالفة عند البعض، من قبيل الانتظام في غسل اليدين بمياه مأمونة قبل تناول الطعام (وهو أهم من غسلها بعده كما هو دأبنا)، وغسلها بعد الخروج من دورات المياه بالماء والصابون! ورغم بداهة ذلك لنا كمسلمين فإنه قد يهمل، لا سيما في سن الطيش في المدارس والمعسكرات، ويهمله العاملون بالأطعمة، والعاملات المساعِدات في المنازل، لا سيما من غير المسلمين، رغم التعليمات!

ومنها: حسن التخلص من مفرغات وفضلات الشخص المصاب، لا سيما الأطفال الذين تستعمل لهم الحفاظات.

ومنها: غسل الخضر والفواكه بشكل جيد قبل وضعها في الثلاجة، ويفضل بالصابون والماء النقي والطهو الجيد، وتجنب تناول النيء أو ناقص الطهي، لا سيما خلال الأوبئة.

وتعليقًا على البندين السابقين (1، 2) نبين أن الفيروس يصمد في المياه المالحة والحلوة لأشهر، بينما يُقْتَلُ عادة بالوصول لحرارة (85) درجة مئوية لمدة دقيقة على الأقل، وهو مقاوم للحرارة أقل من ذلك، ويقاوم الجفاف والمطهرات والأحماض الخفيفة كالخل، ولكن الكلور يقتله، فيضاف للمياه المعدة للأغراض الغذائية[5]، وتؤمن المياه المكلورة بجهود الهيئات الأهلية والمتبرعين في الكوارث من أجل الشرب، وتفريش الأسنان، ولتحضير المشروبات الباردة والساخنة، وإعداد حليب الأطفال وغسل الخضار، وهذه الكلورة فعالة بإذن الله تعالى للوقاية من أمراض عديدة إضافة لفيروسات التهاب الكبد A، مثل الجراثيم المعوية الكولونية والطفيليات؛ كالمتحول الزحاري وغيره، وجراثيم الحمى التيفية التي ستكون موضوع الحلقة التالية بإذن الله.

3) لقد أصبح اللقاح (التطعيم) ضد فيروس التهاب الكبد (أ) متوفرًا عالميًّا منذ عدة سنوات، ولكن كلفته عالية نسبيًّا، لا سيما بالنسبة للمنكوبين في الجوائح، ما لم يتم دعمهم به من قبل "المنظمات الدولية"، ولقد لوحظ تراجع نسبة الإصابات السريرية في الدول التي عممته بين الأطفال، إلا أن ظهور الجائحات في دور رعاية الصغار لا زال مشاهدًا!

وفي الظروف العادية يعطى اللقاح على جرعتين، يفصل بينهما (6 - 12) شهرًا: ويدرج على جداول اللقاح بعمر السنة، ثم بعمر سنة ونصف من العمر، ولقد عمم من قبل وزارات الصحة في الكثير من الدول، ومنها دول منطقتنا، وثبتت فائدته في تقليص الإصابات[6].

4) ولا يقل أهمية عن كل ما سبق التوصيات العامة بالحرص على البيئة الكونية والنفسية والأخلاقية، وسلامة خلية الكبد، ابتداء بتجنيبها السموم كالكحول والتبغ، بل هي تحمل الفائدة الوقائية الأوسع والأثبت بعون الله، لالتهابات الكبد بالفيروس (أ)، ولالتهاباته الفيروسية عمومًا، وتلك السموم محرمة بداهة ممن هو أعلم بنا وبأكبادنا من أنفسنا، الحمد لله.

حمى الله أطفالنا وجميع أفراد الأمة من الداء والوباء.


[1] التهاب الكبد "أ": منشورات منظمة الصحة العالمية: http: //www.who.int/mediacentre/factsheets/fs328/ar

[2] كتاب طب الأطفال نلسون: Kliegman: Nelson Textbook of Pediatrics

[3] وتتولى أيضًا منظمة الصحة العالمية تنظيم اليوم العالمي للالتهاب الكبدي في يوم 28 تموز/ يوليو من كل عام، بهدف إذكاء الوعي بمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي وفهمه؛ (الرابط في الهامش الأول).

[4] الكتاب الأحمر في الأمراض الخمجية عند الأطفال - (من منشورات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال) Red Book - (والخمج هو نزول العامل الممرض في ساحة البدن).

[5] وللمزيد عن كلورة المياه على نطاق ضيق، انظر الحلقة السابقة من هذه السلسلة: التلوث الغذائي والأمراض الناجمة عنه (ح 1)

[6] هذا الفيروس الذي اقتصرت عدواه تاريخيًّا على جهاز الهضم قد ينتقل اليوم - كما أشرت - عن طريق جميع سوائل الجسم، ومن قباحات هذه "الحضارة" بدلًا من التوصية بنظافة الأخلاق لإغلاق أبواب المرض: التوصية بتلقيح الشاذين أخلاقيًّا ضده، ليضاف لعشرات العوامل الممرضة التي تتربص بهم؛ كالإيدز والبابيلوما وغيرها!
وبينما هم يوصون بإصلاح قذارة الجسم والبيئة، وجعل المبتلَيْنَ بها يهتمون بالنظافة الشخصية؛ كغسل الأيدي والخضر والفواكه إلخ - تجد في أحدث توصيات منظمة الصحة العالمية بالحرف: "عوامل الخطر تشمل ممارسة الجنس مع شخص مصاب بعدوى الالتهاب الكبدي A"، وأنه "يوصى في بعض البلدان بإعطاء اللقاح للمعرضين بشكل أكبر لخطورة الإصابة بالمرض، ومنهم الرجال الذين يمارسون الجنس مع مثليهم"http: //www.who.int/mediacentre/factsheets/fs328/ar

حضارة تحمل بذور تلفها وهلاكها في أحشائها، ولنا في التاريخ عبرة!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 97.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 95.59 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]