طواغيت العلم - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858568 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 392988 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215512 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2024, 11:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي طواغيت العلم





طواغيت العلم (1)

عبد الله بن محمد الشمراني



«طواغيت العلم» -الحلقة الأولى-
حَشَفًا وَسُوءَ كِيلَةٍ (1)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله...
وبعد؛ فقد تردَّدتُ كثيرًا في اختيار هذا العُنوانِ، لشِدَّتِه على قَلْبِي، قَبْلَ خَوْفِي مِن نَقْدِ قُرَّائِه، وهُو عُنوانٌ ـ وَلَوْ بالغتُ فِي صِياغَتِه - يُجسّدُ حَقِيقةً مُؤلِمةً، نُشَاهِدُها في الحَياةِ العِلميَّةِ «الجامعية».
فالعِلمُ بَركةٌ منَ الله -عز وجل- على صاحبه، وقد أثنى الله -عز وجل- على حامليه في غير آيـة؛ منها: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ۲۸].
ويحتاجُ العِلمُ إلى دراسة وجهد، فإذا مَلَكَه الشَّخصُ؛ وجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاتُه، وتكونُ زكاتُه بـ: بذله للنَّاسِ، والتّصنيف فيه، وتحقيقه، ونَشْرِه.
وقد بلينَا اليوم بمُتعلِّمينَ يَبذلونَ العِلمَ بِغرض المتاجرة فيه، وهم أصنافُ...
والذي يهمني في هذا الصدد، صنف واحد، وهو مَن يُؤلِّفُ ويَنشِرُ «المقرَّراتِ الجامعية»، وأخص بعضًا منهم، سيأتي بيانهم مع صُورِ أفعالهم، فالتعميم في هذا البابِ غير وارد البتَّة.
ومَنْ أَقْصُدُهم بمقالي هذا، أساتذة متخصصون في كِتَابَةِ وَإِعدادِ مُؤلَّفَاتٍ، تَتَضمَّنُ مفردات «المقررات الجامعية»، على كافة التخصصات، والمستوياتِ، مِن أَوَّلِ عَتباتِ «السَّنة التّحضيرية»، وحتَّى مُقرَّراتِ التَّخرُّج من «الجامعة»، بعد التنسيق مع بعض مُدرسي هذه المقرَّراتِ، وأحيانًا يكونُ المؤلّفُ ـ أو المعد - هو مُدرِّسُ هذه المادة، أو زميل لمن يُدرسها، أو باحِثُ مُتعاقد مع ناشر يُمرّر هذه الكتب كمُقرَّرات بطريقة «ما»، وفي حالاتٍ أُخرى يكونُ المؤلف هو النَّاشِر نفسه.
إنَّ هذه الطريقة المسعورة لكسب المال من خلال العلم، وعلى ظهورِ الطُّلاب المساكين، وسوء استغلال هؤلاء الأساتذة لسلطتهم على الطلاب، بإلزامهم بشراء هذه الكتب، وجَعَلِ المُقرَّر يدور عليها = فيه جنايةٌ على العِلم، وعلى الطلاب.

ونقدي لهذه الظاهرة السيئة، أجمله في أُمور منها:
أولاً: ضَعفُ المستوى العلمي:
عند إلقاء نظرة سريعة على هذه المقررات؛ نلاحظ ضعف المستوى العلمي لكثير منها، حيث صيغ كثير منها بطريقة الإنشاء، والكلام المرسل، دون توثيق علمي، أو سلوك لمنهج البحث العلمي، فلا تجد فيها: توثيقا لمعلومة، أو تحقيقًا لها، أو قائمة المصادر والمراجع، والفهارس العلمية، وخِطَّةَ البحث، ومنهج البحث، ومُشكلة البَحثِ، وحدودَ البَحثِ...
وهي أُمورٌ يُصر الأستاذ على التزامِها مِنْ قِبل الطلاب، في إعداد بحوثهم، بينما الأستاذ - نفسه - لم يلتزمها في مقرّره المطبوع، الذي ألزم فيه طلابه، وباعه عليهم بسعرٍ مُرتفع (كما سيأتي)، فكان عمله ـ مع طُلَّابِه - «حَشَفًا وَسَوءَ كِيلَةٍ».
بل بعضها بدأت فكرتُها من خلال جمع مُذكَّرات ومُلخّصاتِ الطُّلابِ الْأَذْكياء، الذينَ يكتبون وراءه، فقام بجمعها والنظر فيها، وجعلها أَصلَ عَمَلِه، الذي قام بطبعه وبيعه، ورُبَّما كلف غيره ـ بأجرة - لجمعها وتحريرها وصياغتها.
وهذه الكتب ـ باختصار - لا تُؤصِّلُ الطَّالب على منهج علمي، بل غايتها: الشراء بثمن مرتفع، وإمداد الطالب بمعارف مُعيَّنة، يقرؤها، ثم يختبر فيها، ثم ينجح، ثم يبيعهـا بعـد انتهاء الفصل الدراسي بثمن بخس في حراج (الكتاب المستعمل)، ثم ينسى معارفها بعد ذلك... وهكذا إلى أن يتخرج !

ثانيا : سُوء الإخراج الفني:
كل من اطلع على هذه المقرَّرات، لا يشك في سوء الصورة الشكلية والفنية للكتاب، من جهة: الصَّفِ، والتنسيق، والإخراج، والطباعة، وكثير منها يُطبع على غلافٍ ورقي، وليس مجلدا فنيا، زيادةً على سُوءِ الصُّورة الموضوعية والعلمية للكتاب، كما تقدَّم في العنصر الأول.
وكلُّ هذا السُّوء في الصُّورتين الموضُوعيَّة والشَّكليَّة؛ لا يتناسب البتة مع سعرها المبالغ فيه! إنَّ هذه الكُتبَ يُعدُّها ويَطْبَعُها غني بتكلفة منخفضة؛ ثم يشتريها محتاج بتكلفة مُرتفعة، وهذا جورٌ وحيفٌ، لا يتناسب مع شرفِ العِلمِ، وعُلو أهله.


ثالثًا: ارتفاع سعرها:
من الأمور الموجعة لـ «طلاب الجامعات»، التي يُعانون ـ بـل ويصرخون ـ منها، هـو الارتفاع المبالغ فيه في ثمن هذه الكتبِ محلّ الحديث، مما يعجز عنه الطلاب، وغالبهم يجد حَرجًا في شرائها، فيضطر كثير منهم للبحث عنها في سوق الكتاب المستعمل»، علما بأنه يشتري نسخةً تالفة، وعليها تلوث بصري قلمي، وذكريات ومغامرات، بقلم مالكها الطالب السابق، ثم هو يشتريها مِنهُم بِسعرٍ مُرتفع، وإنْ كان أقل مِنْ سِعرها جديدة؛ وذلك لكون أصحاب هذه السُّوق الأخيرة، قد عرفوا اللُّعبة»، واشتركوا فيها، فغالوا في سعرها.
والغريب في أسعار هذا النوع مِنَ الكُتبِ، أَنَّك تشتري لابْنكِ كِتَابًا جَامِعيًّا مُؤقتًا، بإخراج سيء، وتجليد ورقي وليسَ مُجدّدًا، وبطرح يُقاربُ أُسلوبَ مُذكَّرَاتِ الطُّلابِ، ثُمَّ تدفع قيمته بما يُعادِلُ كِتابًا عِلميًّا من ثلاثِ مُجلدات فنية، مطبوعةٍ في «بيروت»!

و «الكتاب الجامعي» الباهظ تشتريه لِفَصْلِ دِرَاسي واحد، والآخرُ ذُو المجلدات الثلاثةِ "البيروتيَّة"، تشتريه باليسير مِنَ المالِ، لتقتنيه مرجعًا في مكتبتك، وتستفيد منه لسنواتٍ!

ومما أدهشني ـ بل وأضحكني - في هذا الباب، أنَّ أحدَهُم عَملَ مُقرَّرًا لطُّلابِه، ثم باعه على «الجامعة»، ثم اسْتَلَمَهُ مِنَ «الجامعة» بعد شرائهم منه، ليقدمه مجانًا لطلابه، هَديةً منه!


رابعا: الإلزام غير القانوني:

بعد كل السُّوء الذي اجتمع في المقررات التجارية المطبوعة، التي مرَّ وصفها سابقا، يأتي الأستاذ فيُلزمُ الطَّلاب بشرائها، وإحضارها إلى القاعاتِ الدراسية، ومِنهُم مَنْ يتورع عن الإلزام القولي الصريح، ولكنَّه يُلزِمُ بشرائها وإحضارها تلميحا، بوجهِ لا يُمكنُ أنْ يُفْهِم مِنه إلا ضرورة شرائها، بدليل إخبارِ الطُّلابِ ـ عَلى سَبيلِ النُّصْحِ! ـ بِأَنَّهُ سَيُرتِّبُ عَلَى إِحْضَارِهَا -بطبعتها الجديدة! ـ دَرجةً في المشارَكَةِ الفَصلِيَّة، فأَيُّ إجبارٍ بعدَ هَذا؟!
وهذا ظلم للطُّلابِ، وغَبنٌ لهم، وإلزامهم بِشِراءِ بِضَاعَةٍ فَاسدة، بسعرٍ مُرتفع، والأساتذةُ يعلمون ـ بهذا الإلزام - أنَّ مؤلَّفاتهم هذه - بهذا الطَّرح، وهذا السعر ـ لنْ يَشتريها أَحدٌ غيرُ - الطُّلابِ، ولن يجرأ باحث في الرجوع إليها كمصدرٍ عِلمي، لينقلُ منها، ويعزو إليها، لأنها - باختصار - ليست مصادر عِلمية أصيلة.
إنَّ هذه الطريقة المسعورة، التي تفتقدُ إلى «المروءَةِ» في التَّعاطي مع العِلم، تَسبَّبت في إثراء مؤلفين، ومُدرّسين، ودور نشر، أثْقَلَهُمُ المال، على أكتافِ طلبة أثقلتْهُمُ الحاجةُ.

حتَّى أَنَّ إِحْدَى دُورِ النَّشِرِ الشَّهِيرَةِ، التي كانتْ مُتخصصةٌ فِي طَبْعِ وَنَشِرِ وَتَوزِيعِ -الكُتُبِ التراثية-، انتقلت إلى طباعة ونشرِ. وتوزيع «المقررات الجامِعيَّة»، بعد أنْ أعجبتها اللعبة، وأيقنَتْ سُهولة أمرِها، وضَمان الربح الكبير فيها؛ فاستكتبَتْ بَعضَ «أَسَاتذة الجامعات»، وأكثرهم من أخواننا "المقيمين"، فصنعوا لها كتبا في أوراق يسيرة، لتبيع الكتاب الواحد بأضعاف تكلفته!

ورأيتُ لدَيْهِم كُتبا تُكلّف طباعتها خمسة ريال، وتباع لديهم بخمسين ريالاً، وصياغتها أشبه بـ «الملخصات» و «المذكرات»، التي تُباع بسعر زهيد، في مراكز «خدمات الطالب»، ويصنعها الطُّلاب - احْتِسَابًا ! - لزُمَلائِهِمْ.
بل إنَّ بعض «الملخصات» -أجودُ- وأهم من هذه المقررات التي تباع بسعر غال؛ لذا يعتمدها الطلاب في مُذاكراتهم فيَنجَحُوا، ولا يَرْجِعُوا إلى هذه المقرَّرات، لأَنَّهُم إِنَّهَا اشْتَرَوْهَا للمُبَاهَاةِ بِها أَمامَ أُستاذ المادَّةِ، ولِكَسْبِ ودّه، ولجني «درجاتِ» المشاركة، المُخَصَّصة لشراء الكتاب، وتأكيد شرائه عبر إحضاره إلى "القاعة"؛ لتقرَّ عَيْنُ الأستاذ برؤية أحد أبنائه من غيرِ صلبه!
والطُّلابُ لا يستطيعونَ مُقاومة هذا «الجشع»، وليس لهم إلا الشّراء، إمّا جَديدًا كأَبْناءِ الأسر المترفة، أو مُستعملاً كأبْناءِ الأُسرِ المَسْتُورةِ.
وإِنَّكَ لَتَعْجَبُ حِينَ تَقرأُ عَلى أَغْلِفةِ بعض هذه الكُتُبِ (الطَّبعةُ العِشرونَ)، ولم يمض على طبعتها الأولى سوى مُدَّةٍ يَسيرةٍ، فيُخيَّل إليكَ أنه مَرجِع هام ومطلوب، جَمعَ بينَ جَودةِ الطَّرحِ وجمال الطباعة، بينما الأَمْرُ لا يعدو عن كونِهِ كِتَابا مُلْزِما لَآلَافِ الطُّلابِ، وَهُمْ مُرْغمون على شرائه، على قاعدة: «مكره أخاكَ لا بطل».
ومما أَذْكُرهُ مِما له صلةٌ في مَوْضُوعِنا، أنَّ أحدَ الأَسَاتذة لَه كِتابُ ذُو مُجلَّدَيْنِ، يُبَاعُ بِسعِرٍ مُرتفع جدًّا، وهو مَرْجِع لمقرَّر في «الجامعة»، وبَاعَ مِنهُ نُسخا كثيرةً للطلابِ، ثُمَّ أصبحَ هذا الأستاذ مسؤولاً كبيرًا في «الجامعة» نفسها، فلم يجرؤ أستاذ ـ مِمَّنْ أَتى بعـده ليدرس المادة نفسها ـ على التأليف في الموضوع نفسه، فاستمر إقرار الكتاب على الطُّلابِ، لعِدَّة سنوات، مُجاملة لمؤلفه المسؤول.

صورة مشرقة لبذل العلم:
لقد كتبتُ ما كتبتُ، مِن شواهد حيَّةٍ أعرفُها بأسمائها، ومِنْ مُراقبة لهذا الموضوع عن قُربِ، فلم أكتبْ عَبَثًا، أو تخيلاً.
ومعَ هَذا؛ فيُوجدُ مِنْ أساتذة الجامِعاتِ، مَنْ يُشكِّلُونَ صَفحةٌ مُشرقةٌ، في بَذْلِ العِلمِ، حيثُ يُؤلِّفُونَ لِطُلابهم مُقرَّرات عِلمِيةٍ، ويطبعونَها ، ثُمَّ يَبيعُونَها بِسعرٍ مُعتدل، مع غلافٍ مجلد، وبإخراج جميل، دونَ إلزامِ الطلاب بها.
ومنهم مَنْ يُشيرُ على طلابه بشراء مراجع لقدماء الأساتذة، من «المصريين»، و «العراقيين»، و «السوريين»، والتي تُعدُّ كُتبهم - بحقِّ ـ مراجع أصيلة، تخرج منها علماء، وهي ـ على قوتها العلمية ـ تُباع بسعر معقول.
ومنهم مَن يُعدُّ مُقرّرهُ، ثُمَّ يجعله في ملفٍ مُصوّرٍ بصيغة (PDF)، ويُرسله إلى «البريـدِ الإلكتروني» لـ «رائد القاعة»، طالبًا مِنه تَعْمِيمه على زُمَلائه الطُّلاب، وإخبارُهم أَنَّ هَذا هو مَنْهجهم المُعتَمَدُ.
ومِنْهُمْ مَنْ يَحرصُ عَلَى تَربية طلابه على التنوع المعرفي، فيَطْلُبُ مِنْهُمُ الذَّهَابَ إِلى «مكتبةِ الجامعة»، وتصويرَ صَفَحاتٍ مُحدَّدةٍ مِنْ كُتبٍ مُعيَّنة، تُشَكِّلُ ـ بِمَجْمُوعِها - المَنْهِجَ الْمُعْتَمَدَ، فيكون قد اعتمد لهُمْ عِدة مَراجِعَ أَصِيلةً، مُوفرة بالمجان، دون تكليفهم بشرائها. وأحدهم اتصل به صاحب دارِ نشرِ مَعْنِيَّةٍ بِمَقَالي هذا؛ لكونه مُدرِّسًا فِي عِدَّةِ جَامِعَاتٍ، وطَلبَ منه إعدادَ مُقرَّرٍ لِبَعْضِ المواد «القانونية»، ليَضُمَّها لمبيعاته «الجامعية»، ذاتِ السعر المُرتَفِعِ، عَلَى أَنْ يَتَقاسَمَ مَعَهُ الأَرْبَاحَ، فَرَفَضَ هَذا الأستاذُ الأَصِيل، رَغْمَ فَقْرِه، واحتياجه للمال؛ لأنَّه لا يُقرُّ مَبْدَأَ «المتاجَرَةِ بالعِلمِ».
- انتهى المقال ويليه بإذن الله تعالى: "طواغيت العلم (2)"
__________________________________________________ __________
(1) مثل مشهور يجمع بين خصلتين مكروهتين، وللأمر المكروه من جهتين، ولمن يجمع على آخر ضربين من الخسران ونوعين من القصان!. ونصبت (حَشَفًا) بفعل مضمر (أتَجْمَعٌ).
أنظر "جمهرة الأمثال" للعسكري (1 - 101)، و"مجمع الأمثال" للميداني (1- 207)








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-02-2024, 07:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: طواغيت العلم





طواغيت العلم (2)

عبد الله بن محمد الشمراني


«طواغيت العلم» -الحلقة الثانية-
"التنمر على الطلاب والصعود على أكتافهم" (2)



للمختص بالتعليم شخصية أخلاقية وعلمية، يجب عليه التحلي بها، وهي ليست نفلاً، له التحلي بها إن أراد، وتركها إن أراد، ومن ذلك الدين، والورَعُ، والتقوى، والمروءة، والتفاني، والحرص على الإفادة، والبعد عن الظلم والبَطْشِ، وأن يكون قدوةً حسنةً لمن يُعلمهم.

ولكن مع الأسف؛ يجد من ينظر إلى ساحة التعليم، قصورًا في الجانب العلمي والمعرفي للمعلم، وعدم تطويره لنفسه، وتفشّي أخلاقيات سلبية لدى بعضهم. ومن الصور السلبية، تنمر بعض الأساتذة على طلابهم، وتعاليهم عليهم، ورفض خططهم العلمية دون قراءتها، بينما تُقبل بمرونة في مواقع أُخرى (دون شفاعة)، والصعود على أكتافِ طلابهم، عبر تكليفهم بإعداد بحوث ترقيتهم، وبحوث المؤتمرات والندوات التي يُشاركون فيها بمقابل مادي! وأشدهم ـ ظلما ـ من يُلزمهم بذلك، دون رضى منهم، بل تهديدا وقَهْرًا، واستغلالاً سيئًا لسلطته عليهم، والقصص في هذا الباب كثيرة، وأعرفُ منها عدة وقائع، سمعتها من أصحابها مباشرةً، وأكتفي بقصة واحدة منها:
كان أحد الطلاب في مرحلة «الدراسات العليا»، وهو ممن ساهم في التأليف، وله عدة مؤلّفات مشهورة ومتداولة، وهي محل رضى من الباحثين، فاختاره أُستاذه ليكتب له بحثا في أحد المواضيع العِلمية، ورفض الطالب فعل ذلك، لأسباب؛ منها:
1- أنّ هذا الموضوع لا يدخل ضمن مقررات الدراسة.
2- شعوره بأن الأستاذ يحتاج هذا الموضوع لأمر ما.
3- كٌره الطالب ـ نفسه - للكتابة العلمية للغير، ولو بمقابل، وليس هذا من عادته.
4- كُره هذا الطالب لـ «مَن يتشبع بما لم يُعطَ».
5- رغبة الطالب في بحث هذا الموضوع بنفسه، في فُسحة من وقته.
لم يُعجب الأستاذ رفض الطالب، فمارس عليه ضغطا لكتابة الموضوع وبحثه، وللهروب من هذا الإكراه الدنيء بحيلة؛ طلب الطالب من أستاذه تغيير الموضوع إلى موضوع يدخل ضمن مفردات المقرر الدراسي، حسب العرف الجامعي، وأسوة بزملائه الطلاب. ولكن الأستاذ رفض وأصر على كتابة البحث المحدد، بل وعلق عليه درجة البحث الموضوعة من قبل الجامعة.
ومع ذلك أصر الطالب على الرفض، وصار يتهرب من الأستاذ، وقدم له بحثًا آخرًا تعِبَ عليه جدا، وموضوعه يدخل ضمن مفردات المنهج، فأخذه الأُستاذ وأعجبه وأثنى عليه، ثم قال له: (هذا البحث جيد، ولكنه لن يعفيك من البحث الذي كلفتك به).
ولازال الطالبُ يُسوِّف ويتهرّب حتى اقترب موعد الامتحانات الفصلية النهائية، ولكونه منضبطا ولا يغيب، قرر الغياب عما بقي من محاضرات هذا الأستاذ وهي أربع محاضرات، للهروب منه، ولكونها لا تبلغ به درجة الحرمان من المادة، مكتفيا بما أداه من اختبار الأعمال الفصلية، والبحث الذي قدمه ـ سابقا - لأستاذه، وهو داخل ضمن مفردات المنهج، فيكون الطالب قد أنهى المطلوب منه نظاميا.
ومع كل هذا؛ لم يرضَ هذا الأستاذ الظالم الجائر، فأضحى يُلاحق هذا الطالب، عبر الاتصالات وعبر الرسائل، بل بلغ من ظلمه، أنَّ قام بإبلاغ رائد القاعة أنْ يُبلغ الطالب بأنه إن لم يحضر له البحث، فسيقوم بحرمانه من المادة ومن دخول الاختبار، وبالتالي رسوب الطالب، مع أن غياب الطالب لديه لم يكن قد بلغ حد الحرمان.
فبلغ ذلك للطالب، فعاش قهرا وغبنًا، لم يعشه في حياته العلمية كلها حتى وصــــولـه لمرحلة الدكتوراه؛ فاضطر ــ حينها ــ للمواجهة، فواجه أستاذه، وطال بينهما النقاش.. لكن دون جدوى.

غلب الطالب، فاضطر ـــ مكرها لإعداد البحث المطلوب منه، فأعده ولكن ليس بالصورة العلمية المطلوبة، وسلَّمه لأستاذه فلم يعجبه، وقال له بصفاقة وجه:
لن أقبله منك، فليس كبحثكِ الذي استلمته منك، وأريده بحثًا عِلميًا مكتملاً كسابقه). حينها كاد الطالب أن يبكي من شدة القهر والغبن، ولما رآه من خسة ونذالة لدى هذا الأستاذ، فطلب منه قبول البحث بصيغته الحالية، وإعفاءه من البحث، أو على الأقل تأجيله لما بعد الاختبارات النهائية.
وكان مما فعله الطالب ـ وهو يشعر بالظلم والقهر ـ أن مد يمينه إلى «ذقن» أستاذه وقبض عليه ثم نزعه فقبله، على طريقة الذليل المستجدي، قائلاً:
(سألتك بوجه الله أرجه إلى ما بعد الاختبارات، وأعدك بإنجازه على نحو يرضيك، ونحن ـ الآن ـ في وقت الاختبارات النهائية، ومذاكرة دروسي أهم من البحث)! لكن الأستاذ رفض! وقال له بلُؤم:
(والله إنَّ درجتك النهائية ـــ لدي ــــ مُعلقة، ولن أرصدها لك في النظام، حتى تُسلم لي البحث مكتملا العناصر، وبصورة علمية).
حينها تقبل الطالب الهزيمة، ورضي بالأمر الواقع، ووالله إنَّه كان يُعد البحث المطلوب في أيام الاختبارات النهائية، والتي لا تكون إلا لمذاكرة المنهج وحفظه وفهمه، فأنهى البحث بطريقة علمية ومنهجية، مكتمل العناصر، وجمع فيه من الأدلة والنصوص والأقوال، والمواد القانونية ـ المتعلقة بالموضوع ـ من عدة دول، ليكون البحثُ دراسة علمية مقارنةً، على أمل أن يفرغ له الطالب بعد الامتحانات، ويُراجعه، ويقوم بطبعه ونشره باسمه.
ثم أرسله للأستاذ مُصوَّرًا بصيغة Pdf، ولكن الأستاذ رفض، وطلبه بصيغته الأصلية (Word)، ليتمكن من التعديل عليه، وإضافة اسمه على غلافه ومقدمته.
ففعل الطالب مكرها، وبعد مُدَّة علم أنَّ الأستاذ قام بالمشاركة بهذا البحث في إحدى "المجامع العلمية"، ناسبًا الفضل إليه على أنَّه من كده وجده، بعد أن أضاف إليه شيا يسيرًا في أوَّلِه، وكلمتين في آخره، لعلها بقصد إبراء الذمة، وأنَّ له دورًا فيه!
ثم قامت الجهة المسؤولة بطباعته ونشره على عبر موقعها الإلكتروني، ثم تداوله القُضاة والقانونيون والباحثون على أنَّه من وضع الأستاذ، دون أن يكون للطالب أي ذكرٍ أو إشارة، ولو من بعيد، ولك أن تتخيل وقتها شعور هذا الطالب المظلوم، وهو يرى الناس تشير إلى هذا الأستاذ بالفضل والجدة والابتكار دونه.
لم يرضَ الطالب بهذا الصنيع من أوله، فكيف يقبله في آخره، وتعجب كيف يتشبع هذا الأستاذ بما لم يُعطَ، متجاهلاً قول رسول الله: «المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ». فقرر اللجوء للقضاء !!
ذهب الطالب إلى الجهة المختصة، وقدم دعوى على الأستاذ، وحين اطلاع الأستاذ على الدعوى أنكر مضمونها جُملةً وتفصيلاً، وكذب الطالب، وأنَّ دعواه كيديه، وطلب من الطالب - لو كان صادقًا - إحضار «البيئة»، فأحضرها الطالب، وبين أسبقيته بالتأليف، وملكيته للبحث، والتطابق شبه التام بين البحثين، حتّى في الحواشي، والإحالات، والتشكيل، وعلامات الترقيم، وقائمة المصادر والمراجع هي هي سطرا بسطر وكلمةً بكلمةٍ وحرفًا بحرف، بل حتى الأخطاء الإملائية والمطبعية، والأخطاء في الإحالات هي هي في البحثين، حيث أن الأستاذ لم يكلف نفسه عناء القراءة والمراجعة، بل لم يزد على أن حذف اسم الطالب ووضع اسمه بدلاً عنه، مع إضافات يسيرة جدًا.
حينها تغير موقف الأستاذ أمام الجهة المختصة، فتحوّل من الإنكار الكُلِّي إلى القبولِ الجزئي والإنكار الجزئي، ولكن بأسلوب ماكر، فدفع بأنه احتاج إلى كتابة هذا البحث لأنَّ جهةً علمية طلبته منه، وطلب من مجموعة من الطلاب إعداده، وأنَّ الطالب المدعي كان أحدهم، فهو ليس الذي أعد البحث بمفرده، بل مع مجموعة من الطلاب، وأنَّ ما أخذه من بحث الطالب المدعي لا يتجاوز (۳۰٪) فقط !
وهذا إقرار منه بـ «السرقة العلمية»، التي أنكرها ـ سابقا ـ جملة وتفصيلاً. فرد الطالب عليه بأنَّ هذا الكلام غير صحيح، ولو كان صحيحا فأين بصمة الطلاب الآخرين على البحث المذكور، فهو لم ير فيه إلا بحثه، وكلامه، واستدلاله، وتحليله، ونقده، وخاتمته، ومراجعه وإحالاته، وأخطاءه سوى إضافات يسيرة جدا.
فدفع الأستاذ بدفع ثاني مختلف عن سابقه، متناسياً ما قاله أولاً، وثانيًا، فقال في المرة الثالثة:
إنَّ هذا الطالب ذو مستوى ضعيف وكثير الغياب، بدليل أنه تم طي قيده لضعف مستواه العلمي، وقد كلفته بهذا البحث، على طريقتي التي أفعلها مع الطالب الضعيف أنّي أكلفه بإعداد بحث لأرفع به معدله ومستواه!
ولك أن تعجب من هذه الجرأة في الكذب والمراوغة، فمرَّة ينكر الدعوى جملةً وتفصيلاً، ومرة يعترف بسرقة بعض البحث، ويقول إنَّه كُلّف بالبحث من جهة علمية، فكلّف مجموعة من الطلاب، والمدعي أحدهم، والآن يقول إنَّ الطالب ذو مستوى ضعيف فكلَّفه ببحث ليرفع به مستواه...
لقد تاه عقله في جلسات المرافعة، وقالَ كُل شيء، إلا اعترافه ! والأعجب من هذا كُلَّه أنَّ الأستاذ قد استند في كلامه الأخير، على مستندات تخصُّ الطالب، حصل عليها بطريقة غير شرعية في مخالفة صريحة للأنظمة، وهي تحتوي على معلوماتٍ مُزَّورة، تُظهر طي قيد الطالب لضعف مستواه، بينما الطالب قد تخرج بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، حسب الوثائق الرسمية الصحيحة، وفي السنة نفسها التي زُعم أنه تم طي قيده فيها لضعف مستواه العلمي، مع أنَّ الطالب معروفة بتميزه وحصوله على تقدير «ممتاز» لدى غالب الأساتذة، ويعرفه ويثني عليه كلُّ من درسه أو درس معه، وكذلك في مرحلة «الدكتوراه حصل على درجة الامتياز في جميع المواد، وكيف يتخرَّج الطالب من الماجستير» بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وفي السنة نفسها يُطوى قيده لضعف مستواه العلمي ؟! ثم صدر أخيرا حكم الجهة المختصة بالنظر في مثل هذه المخالفات، وكان حكمها:
1- ثبوت نسبة الكتاب إلى الطالب.
2- إدانة الأستاذ بـ «السرقة العلمية».
3- إلزام الأستاذ بدفع تعويض مالي للطالب.
4- إيقاع عقوبة مالية على الأستاذ.
أكتب ـــ الآن ـــ هذه القصة وأنا متيقن من فصولها، أكتبها وأنا أتعجب كيف أنَّ أستاذًا جامعيًا بدرجة (أ. د) ، يصعد على أكتاف الطلاب، ليتميّز بكدهم وجهدهم قهرا عنهم، ويتلبس في مقابل ذلك كُلَّ هذا الظُّلم، والغش، والكذب، والتزوير، والاحتيال.
هذه قصةٌ واحدةٌ من قصص عِدة، أعرِفُها وربي - بيقين، فما هذا البطش والجبروت والاعتداء السافر، من قبل أستاذ عين براتب مُرتفع ليدرس الطلاب الأدب والخلق والقدوة، والعلم وأصوله ومسالكه.
وحتى لا تكون هذه القصة شاذة في بابها، فريدة في موضوعها، أُثني بأخرى باختصار؛ حيث درسنا في مرحلة "البكالوريوس" أستاذ بدرجة (أ. د) ، وكان الزمانُ ـ حينها - مشتعلاً بمسألة «الاستنساخ»، وأراد أن يكتب فيها بحثًا ويُقدمه لإحدى «المجامع العلمية».
فاختار من قاعتنا أربعة طلاب متميزين كان قد سأل عنهم مُسبقًا، وطلب منهم قَهْرًا كتاب البحث، وسلمهم خطة البحث، وحدد لهم المراجع، وسلمهم بعض ما كُتب في الموضوع نفسه، وتوعدهم ـ علننا - أمامنا، فيما لو أخلوا بالبحث، أو اعتمدوا مراجع غير أصيلة، أو نقلوا دون توثيق....
ففعلوا فنشر البحث باسمه، وكان هذا الأستاذ ـ على جرمه ـ ألطف من صاحب القصة الأولى، لأنه ساعد الطلاب بتقديم خطة البحث، والتي تعد خارطة الطريق للبحث، وحدد لهم المراجع، وأمدهم ببعضها، وشَرحَ لهم طريقة إعداد البحث، بينما الجاني الأول، لم يقم بكل هذا، ومع هذا فقد كان أكثر تجبُّرًا وظُلما وتدليسًا من الثاني.
وبعد كُلِّ هذا؛ فأرجوا من قراء هذه المقالات أن يغضوا عني ويتسامحوا في عنوانها (طواغيت العِلم)، فما وَضَعْتُ هذا العنوان إلا بحقه.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.55 كيلو بايت... تم توفير 2.11 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]