خلاصة أحكام الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حكم المبيت بمنى ليلة التاسع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          عرض كتاب (دور أهل الذمة في إقصاء الشريعة الإسلامية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 21 - عددالزوار : 852 )           »          التوحيــــد أولاً.. شبهـــــات وردود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ديننا دين الذوق والنظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضى الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          شرف العبادة وحقيقتها وثمرتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          جبر الخواطر.. خلق الكرماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الحث عل التعجيل بالحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          لماذا تبكين ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-04-2024, 02:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,632
الدولة : Egypt
افتراضي خلاصة أحكام الصيام

خلاصة أحكام الصيام

د. محمد بن علي بن جميل المطري


قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

الصيام هو: الإمساك عن الأكل والشرب وسائر الْمُفْطِرات، مع نية الصيام، من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.

ويجب صيام شهر رمضان على كل مسلم بالغ، ويُؤمَر الأولاد الصغار إذا بلغوا سبع سنين بصيام ما تيسَّر لهم من أيام رمضان؛ ليعتادوا على الصيام.

ويثبُت دخول شهر رمضان برؤية الهلال، وتكفي شهادة مسلم عَدْلٍ برؤية هلال رمضان، فإن لم يُر الهلال وجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ))، وفي رواية: ((فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ))[1]، ويثبت انقضاء شهر رمضان برؤية هلال شهر شوال بشهادة مُسلِمَينِ عَدْلَين، فإن لم يُرَ الهلال وجب إكمال عدة رمضان ثلاثين يومًا[2]، والأصل أنه إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد فعلى جميع المسلمين أن يصوموا بتلك الرؤية، وإن ثبتت رؤية الهلال في بلد ولم يُثبِته الحاكم أو القاضي الشرعي في بلد آخر، فعلى أهل كل بلد الصومُ والإفطار مع أهل بلدهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ))[3].

ولا يصح الصيام إلا بالنية، ولا يُشرع التلفظ بها، فمن تسَحَّر ليصوم فقد نوى، ومن خطر بقلبه ليلًا أنه سيصوم في الغد فقد نوى[4]، ويجب في الصيام الواجب - كصوم رمضان والكفَّارة والقضاء - أن ينوي الصيام من الليل ولو قبل الفجر بلحظة، ويجوز في صوم التطوع أن ينوي الصيام من النهار قبل الزوال إذا لم يَطعَم شيئًا، وقيل: يصح ولو نواه بعد الزوال، وأكثر العلماء أنه لا بد في صيام رمضان من تجديد نية الصيام لكل يوم، وقيل: تكفي نية واحدة في أول ليلة من رمضان لجميع الشهر.

ولا يجب الصوم على المسافر، ولا على المريض الذي لا يُطيق الصيام، فيُفطران ثم يَقضيان ما أفطراه من الأيام بعد انتهاء السفر أو الشفاء من المرض؛ قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، والمسافر في رمضان مُخيَّرٌ بين الفِطْرِ أو الصوم، وأكثر العلماء على أن الأفضل للمسافر أن يصوم رمضان في سفره إن لم يشُقَّ عليه الصيام، فإن شقَّ عليه الصيام فيُستحب له الفطر؛ لقول الله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].

والسفر الذي يُرخَّص للمسافر معه في الفطر هو السفر الذي يُباح فيه قصر الصلاة، وهو ما يسمى سفرًا عُرفًا، وقيل: يُقَدَّر بثمانين كيلومترًا تقريبًا.

ولا يجوز التحايل لتَرْكِ الصيام في شهر رمضان بالسفر، والسفر المبيح للفطر هو السفر المباح، فإن كان سفرَ معصية فأكثر العلماء أنه لا يُبيح له الفطر، وقيل: يجوز الفطر في سفر المعصية وإن كان آثمًا بسبب سفره.

والأصح أنه يجوز لمن أصبح مقيمًا ثم سافر أن يُفْطِرَ يوم سفره، لكن لا يجوز له الفِطْرُ حتى يخرج من مدينته أو قريته ويفارق البُنيان.

ولا يُفْطِر المريض حتى تصيبه مشقةٌ غير محتملة، أو يخاف زيادة المرض بصيامه، وأما المرض اليسير فلا يجوز الفطر بسببه، والمرض نوعان: مرض يُرجى بُرؤه، يُفْطِر صاحبه ويقضي ما أفطره، ومرض لا يُرجى بُرؤه، يُفطر، ولا يجب عليه القضاء، وإنما تلزمه الفدية عند أكثر العلماء، ومثله الكبير العاجز عن الصيام عجزًا مستمرًّا، والفدية هي أن يُطْعِم عن كل يوم مسكينًا، لكل مسكين قدرُ مُدٍّ من الطعام من البُرِّ أو الأرز أو غيرهما من الأقوات، والـمُدُّ ملء الكفين المتوسطتين، وهذا قول أكثر العلماء، وقيل: لكل مسكين نصف صاع يعني مُدَّين من الطعام، واختلف الفقهاء المعاصرون في تقدير الـمُد بالموازين العصرية، وهو يختلف باختلاف الطعام الموزون، فقيل: المد من الأرز نصف كيلو تقريبًا، وقد يكون أكثر من 2 كيلو بحسب نوع الأرز، ومن البُر نصف كيلو وخمسة جرامات، فإن أفطر ثلاثين يومًا يخرج خمسة عشر كيلو من الأرز لثلاثين مسكينًا، لكل مسكين نصف كيلو، وقدَّر بعض الفقهاء المد بـ750 جرامًا، فإن أفطر ثلاثين يومًا يُخرج 22 كيلو ونصف من الأرز لثلاثين مسكينًا، والقول الأول أيسر، والقول الثاني أحوط، ومن أخذ بأحد هذين القولين أو بالقول الآخر الذي يجعل قدر إطعام المسكين نصف صاعٍ لا مدًّا فلا حرج، ويجوز في الإطعام أن يجمع ثلاثين مسكينًا فيُطعمهم طعامًا مطبوخًا وجبة واحدة بعد دخول شهر رمضان، ويجوز أن يعطي مسكينًا واحدًا ثلاثين مُدًّا عن الثلاثين يومًا، بخلاف أمداد الكفارة يجب صرف كل مد منها إلى مسكين، وجمهور العلماء أنه لا يُجزئ عن الكفارة قيمتها، فلا بد من الإطعام، وهو الأحوط والأفضل؛ لموافقة ما أمر الله به في قوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾ [البقرة: 184]، فإن أخرج أكثر من مدٍّ عن كل يوم أو أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم، فهو تطوع وزيادة خير، ولا يُعطي الفدية أقاربه الأصول، وهم الآباء والأمهات، والأجداد والجَدَّات، ولا أقاربه الفروع، وهم الأبناء والبنات وأولادهم من الذكور والإناث، ويجوز أن يعطيها لغيرهم من الأقارب إذا كانوا مساكين؛ كالإخوة والأخوات، والأعمام والعمَّات، فإن كان العاجز عن الصيام لكِبَرِ سنِّه أو لمرضٍ لا يُرجى برؤه شديد الفقر، لا يستطيع الإطعام فلا يجب عليه الإطعام، ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7]، فإن استطاع أن يُطعِم عن بعض الأيام وجب عليه ما يستطيع؛ لقول الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

واختلف الفقهاء في حكم الحامل والمرضع على ثلاثة أقوال؛ القول الأول: إذا كانت المرأة حاملًا أو مرضعًا، وخافت على نفسها أو على ولدها بسبب الصوم أفطرت، ثم تقضي الأيام التي أفطرتها، ولا إطعام عليها مطلقًا، والقول الثاني فيه تفصيل: إن خافت الحامل على جنينها أو المرضع على رضيعها، أطعمتا مع القضاء عن كل يوم مسكينًا، وإن خافتا على نفسيهما فقط فعليهما القضاء بلا إطعام، والقول الثالث: عليهما الإطعام بلا قضاء مطلقًا، والقول الثاني أحوط وأكثر أجرًا.

ومُفطرات الصيام هي:
1- الأكل أو الشرب عمدًا، ومن أكل أو شرب ناسيًا في صيام رمضان أو غيره فصيامه صحيح، وعليه أن يُتم صومه بلا قضاء، وكذلك كل من فعل شيئًا من الْمُفطرات ناسيًا أو جاهلًا، والأصح أن الإبر المغذِّية تُبْطِل الصوم، وأما الإبر غير المغذية فلا تُبْطِل الصوم، سواء كانت في الوريد أو العضل، أو تحت الجلد أو في الفم؛ كالإبر المهدِّئة، وإبر الأنسولين، وإبرة التخدير الموضعي، وحَقْنُ الصائم بالدم يُبْطِل صومه، وجمهور العلماء أن الحُقنة الشرجية (التحاميل - اللبوس) التي تُؤخَذ من الدبر تُفطِّر الصائم، وقيل: لا تُفطِّر الصائم[5]، وكذلك التحاميل الـمِهْبَلية الخاصة بالنساء لا تُفطِّر، ومن طلع الفجر الصادق وفي فمه طعام يجب عليه إخراجه من فمه، فإن ابتلعه بطل صومُه[6]، ومن تعمَّد ابتلاع بقايا الطعام أفطر ولو بقدر حبة سمسم، ويُفْطِر مَنْ تعمَّد ابتلاع ما لا يُؤكَل عادة كحصاةٍ أو خيطٍ، أو فتاتِ السواك، أو رطوبةِ السواك، ولا يضر ما يجري به ريق الصائم من بقايا طعام بين أسنانه لا يمكنه ردُّه، فإن أمكنه رده وابتلعه بطل صومه، والأفضل أن يتمضمض بعد السُّحور، وإذا تمضمض الصائم يلزمه مجُّ الماء من جميع فمه، ولا يُفطِر بما بقِيَ في فمه من آثار ماء المضمضة، ولا يلزمه تنشيف الفم بعد المضمضة بلا خلاف بين أهل العلم، ومَن خرج مِن فمه دمٌ فابتلعه متعمِّدًا أفطر، فإن وصل منه شيء إلى حَلْقِه بلا تعمُّدٍ، لا يُفطِر، والأصح أن مَن ابتلع نُخامةً بعد وصولها إلى فمه وأمكنه إخراجها يُفْطِر، وإن لم تصل إلى ظاهر فمه ولم يمكنه إخراجها لا يُفْطِر، فإن كان جاهلًا أو ناسيًا أو غير متعمِّدٍ لا يُفْطِر.

2- الجِماع، ومَنْ جامع وهو صائم في نهار رمضان فعليه القضاء والكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطْعَمَ ستين مسكينًا، لكل مسكين مُدٌّ، فيكون قدر ما يطعم خمسة عشر صاعًا؛ لأن الصاع أربعة أمداد، وتقدم ذكر اختلاف الفقهاء المعاصرين في تقدير المد، فالخمسة عشر صاعًا على بعض الأقوال السابقة في تقدير الصاع = 30 كيلو من الأرز أو 36 كيلو من البُر؛ لأن الصاع من الأرز 2 كيلو تقريبًا، والصاع من البُر 2.40 كجم تقريبًا، ويجوز في الكفارة أن يُطعِم المساكين طعامًا مطبوخًا، وله أن يطعمهم مع الأيام والليالي ولو في كل يوم مسكينًا، وجمهور العلماء أن الزوجة إذا طاوعت زوجها على الجماع في نهار رمضان، فعليها القضاء والكفَّارة مثل زوجها، وإن أكرهها على الجماع فالكفَّارة عليه وحده، والأحوط أن تقضي الزوجة المكرهة صيام ذلك اليوم، ومن جامع في يومين لزِمه كفَّارتان، ومن عجز عن الكفَّارة بَقِيَت في ذِمَّتِهِ، وإنما تجب الكفارة بانتهاك حرمة نهار رمضان بالجماع ولو كان مُحرَّمًا كزنًا ولواط، ولا تجب الكفارة إذا أفسد بالجماع صومًا في غير رمضان؛ كصوم القضاء والنذر وغير ذلك.

3- إنزال الْمَنِيِّ في اليقظة، فإذا تسبَّب الصائم في إنزال المني بفعلٍ منه كتقبيلٍ أو لمسٍ أو استمناءٍ، فسد صومُه، وعليه القضاء دون الكفارة، وإذا أنزل المني في حال نومه لا يبطُل صومه، والأصح أن خروج الْمَذْيِ لا يُبْطِل الصوم، لكن يُنقص أجر الصائم، ويُكره للصائم تقبيل زوجته إذا خشِيَ على نفسه تحرُّكَ الشهوةِ التي قد تجر إلى فساد صومه بالجماع أو الإمناء، أو إنقاصِ أجر صومه بنزول المذي، وقيل: تحرم القُبْلَةُ إذا خشِيَ فساد الصوم، فإن أمِن الصائم على نفسه وعلى زوجته من فساد الصوم ونقص الأجر، فلا بأس بالقُبْلة، وقيل: تُكره القُبْلَةُ للصائم مطلقًا، أما الاسترسال في التقبيل والملاعبة والاستمتاع بالمباشرة من غير جماع، فهو من الرَّفَثِ الذي يجب على الصائم تجنُّبُه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ))[7].

4- التقيؤ عمدًا، وإذا غلبه القيء بغير اختياره فلا يُفْطِر إذا لم يتعمَّد إرجاع شيء منه إلى جوفه، وهذا قول جماهير العلماء، وهو المشهور عند علماء السلف، والقَلَس - وهو القيء الحامض الذي يكون مِلء الفم أو دونه - إذا خرج من معدة الصائم إلى فمه يجب عليه بصقُه، فإن تعمد ابتلاعَه بطل صومُه، وإن رجع إلى جوفه بغير اختياره فلا شيء عليه.

5- الحيض والنفاس، فإذا خرج من المرأة دم الحيض أو النفاس أفطرت، ولا يصح صومها، وإذا أسقطت الحامل مضغةً فيها خَلْقُ إنسان ولو خفيًّا، فهي نِفاس، ويَبْطُل صيامُها، وإذا أسقطت نطفةً أو علقةً أو مضغةً ليس فيها خلق إنسان، فليست نفاسًا، ولها حكم المستحاضة، تصلي ولا يَبطُل صومها، وقيل: يَبطُل صومها بإسقاط النطفة والعلقة، ويجوز للمرأة استعمالُ حبوب منع الحيض ونحوها لأجل الصيام إن كانت تلك الوسائل لا تضرها ضررًا بيِّنًا، والأولَى لها ترك استعمالها، فقد نُهينا عن التكلُّف، وربما ضر التكلفُ أهلَه.

6- الرِّدة عن الإسلام، فمن ارتد عن الإسلام وهو صائم بقولٍ كأن يسب الله سبحانه، أو فعلٍ كأن يرمي المصحف استهانة به، أو اعتقادٍ كأن يُنكِر بقلبه البعث بعد الموت ،أو يشك في قدرة الله على بعث عباده - فقد بطل صومُه، فإن تاب ورجع إلى الإسلام فعليه قضاء ذلك اليوم.

مسائل مهمة:
لا يُفطِّر الصائمَ قلعُ الضرس، وعليه التحرز من بلع الدم، ولا يُفطِّر الصائمَ خروجُ الدم بالرُّعاف أو من جُرحٍ، وجمهور العلماء أن الحِجامة لا تُفَطِّر الصائم، وقيل: تُفَطِّره، وقيل: الحجامة للصائم مكروهة، والأولَى ترك الحجامة للصائم خروجًا من الخلاف القوي في الفِطْرِ بها، ولأنها قد تُضعِف الصائم عن إتمام صومه، فإن احتاج إلى الحجامة ونحوها فَعَلَ ذلك ليلًا، وفي معنى الحجامة: التبرع بالدم، ففيه إخراج دم كثير يُضعِف الصائم، أما إخراج دم قليل لإجراء تحاليل طبية، فليس في معنى الحجامة.

والمريض الذي يحتاج إلى غسيل الكُلى يُفْطِر بسبب مرضه، ثم يقضي الأيام التي أفطرها بعد شفائه، فإن كان مرضه لا يُرجى شفاؤه أطعم عن كل يوم مسكينًا، وإن أمكنه الصيام بلا مشقة وأجرى عملية غسيل الكُلى أثناء صومه فإنه يُفْطِر بذلك؛ لأنه يُعطَى أثناء الغسيل محلولَ الجلوكوز، وهو مغذٍّ للجسم.

والأصح أنه لا يُفْطِر من داوى جُرحًا في بطنه أو رأسه، فوصل الدواء إلى داخل الجرح، ولا يُفْطِر بتقطير شيء في أذنه أو عينه، ولا بالكحل وإن وَجَدَ طعمَه في حَلْقِهِ، والأولَى ترك ذلك إن كان يجد أثره في حلقه، وفي الفطر بقطرة الأنف خلاف قوي بين الفقهاء، والأصح أنها لا تُفطِّر الصائم إذا كانت في طرف الأنف أو دخلت أقصاه، وتجنب ابتلاع ما نفذ منها إلى الحلق، فإن وصلت القطرة إلى حلقه فالقضاء أحوط، والأولى فعل ذلك ليلًا خروجًا من الخلاف، ولو طارت ذبابة فدخلت فم الصائم ووصلت جوفه لا يُفْطِر، ولا يُفْطِر الصائم بغبار الطريقِ وغربلةِ الدقيق، ولا يتعمد إدخاله فمَه ولا بلعَه، ولا يُفْطِر بدخان الحطب ورائحة الطعام، ولا بأس بشم الصائمِ العطورَ والروائحَ الطيبةَ ودُهنَ الفِكسِ المعروفَ برائحتِه القوية، ويجوز للصائم شمُّ البَخور من غير مبالغة في استنشاقه، فإن بالغ في استنشاق البَخور أفطر عند كثير من أهل العلم[8]؛ لأن البَخور له جِرمٌ يصل إلى الجوف، ويعلق أثرُه بالرئتين، فيكون مُفطِّرًا كشُرب الدخان (التِّبغ)، وجميع أنواع التبغ يحرم تناولُها بأي طريقة؛ لثبوت ضررها الخطير على جسم الإنسان، ومن ذلك ما يُسمى البُردقان والشَّمة، وهما مفسدان للصوم، فإذا وُضِعا في الفم أو الأنف يتحللان، ويدخل منهما أجزاءٌ إلى الجوف، والصحيح أن بخاخ الرَّبْوِ والأُكسجين الصناعي لا يُفَطِّران الصائم.

ومن طلع عليه الفجر قبل أن يغتسل من الجنابة، فصومُهُ صحيح، وكذلك الحائض أو النُّفَساء إذا طهُرت في الليل، وطلع الفجر قبل أن تغتسل، فتغتسل بعد طلوع الفجر، وتصوم ذلك اليوم.

وجمهور العلماء أنَّ مَن أصبح مُفطِرًا في أول يوم من رمضان ظانًّا أنه في آخر يوم من شعبان، وقامت البيِّنة أنه أول أيام رمضان، وجب عليه الإمساك عن الْمُفْطِرات بقية يومه، ثم عليه القضاء.

واختلف الفقهاء فيمن أكل أو شرب ظانًّا عدم طلوع الفجر أو ظانًّا غروب الشمس، وتبيَّن خطؤه، فأكثر الفقهاء أن صومه باطل، وعليه القضاء، وقال بعض الفقهاء: صومه صحيح ولا قضاء عليه، سواء كان الخطأ في السحور أو في الفطور؛ لقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، وأما إن أكل أو شرب شاكًّا في طلوع الفجر أو في غروب الشمس، فلا قضاء عليه إن كان الخطأ في السُّحور؛ لأن الأصل بقاء الليل، وعليه القضاء إن كان الخطأ في الفُطور؛ لأن الأصل بقاء النهار.

ومن أفطر يومًا من رمضان بلا عذر، فقد وقع في كبيرة من كبائر الذنوب، فيجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ويجب عليه إمساكُ بقية النهار عن المفطرات لحرمة رمضان، والمبادرة إلى القضاء بعد رمضان بلا تأخير، ومن جحد فرضية الصيام فقد كفر، ووجب على القاضي الشرعي استتابتُه، والحكم بقتله لردَّتِه.

ومن أفطر في رمضان بعذرٍ كمرض أو سفر، أو حيض أو نفاس، فيجب عليه القضاء على التراخي إلى قبل دخول شهر رمضان الثاني، ويستحب التعجيل بالقضاء، فإن أخَّر القضاء حتى دخل رمضان الثاني بغير عذر، أثِمَ لتأخير القضاء بلا عذر، وعليه القضاء مع التوبة والاستغفار، وقال أكثر العلماء: يجب عليه مع القضاء الكفَّارة، وهي إطعام مسكين مُدًّا من الطعام عن كل يوم، وقيل: لا تجب عليه كفارة.

ويصح قضاء الصوم متتابعًا أو متفرقًا، والتتابع أفضل، ولا يجوز لمن يصوم القضاء أن يُفْطِر بلا عذر، ويجوز للصائم المتطوع أن يُفْطِر إن شاء، والأولَى للمتطوع ألَّا يُفْطِر إلا لعذر، ويُستحَبُّ قضاء ما أفطره من صيام التطوع.

ومن أفطر أيامًا من رمضان بعذرٍ من الأعذار التي تُبيح الفطر؛ كالسفر، أو المرض الذي يُرجى برؤه، أو الحيض والنفاس، واستمر العذر حتى مات، ولم يتمكَّن من قضاء تلك الأيام قبل موته، فلا إثم عليه، ولا يجب على أوليائه في حقه شيء، لا صيام ولا كفارة، أما إن انقطع العذر، وتمكَّن من القضاء فأخَّره، ثم مات قبل أن يقضي، فلْيَصُمْ عنه أقاربُه أو يُخرجوا عنه الكفارة عن كل يوم إطعام مسكين مُدًّا من الطعام، وقال أكثر العلماء: لا يُصام عنه بل يُطعم، وقيل: يُصام عنه إن كان الصيام نذرًا، ويُطعم عنه إن كان الصيام غير نذر، والأقرب أن الأمر واسع، فيُخيِّر أقاربه بين الصيام عنه أو الإطعام عنه مطلقًا، أما الحي فلا يجوز الصيام عنه إجماعًا.

ومن رأى صائمًا يأكل أو يشرب ناسيًا في نهار رمضان، فيجب عليه تنبيهه، وهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والأصح أنه إذا قدم المسافر في نهار رمضان مُفطِرًا، أو طهرت الحائض أثناء النهار، فَلَهُمَا أن يأكلا بغير حضرة الناس، وقيل: يُستحب لهما أن يُمسكا عن المفطرات بقية النهار، وقيل: يجب عليهما الإمساك.

وإذا قدم المسافر في نهار رمضان صائمًا، فيلزمه إتمام صومه، فإن جامع زوجته، فعليه الكفَّارة عند جمهور العلماء.

ويجوز الفِطر للمجاهد في سبيل الله ولو في الحَضَرِ ليتقوَّى على قتال الكفار، ثم عليه القضاء، والصوم في الجهاد أعظم أجرًا، إلا إذا كان يُضعفه عن القتال، ولا يجوز الفِطْرُ لأجل القتال في فتنة بين المسلمين، ويجوز الفطر لإنقاذ غريق ونحو ذلك إذا احتاج المنقذ إلى الفطر، ثم عليه القضاء، ولا يجوز الفطر لأجل العمل ولو كان عملًا شاقًّا؛ فأصحاب المهن الشاقة داخلون في عموم المكلفين بالصوم، ومن أجهده الجوع أو العطش حتى خشِيَ الموت أو الضرر والمرض، فيحرُم عليه مواصلة الصيام، وعليه أن يُفْطِر ذلك اليوم بقدر حاجته بما يدفع المشقة فقط، ثم يمسك بقية اليوم إلى الغروب، وعليه قضاء اليوم الذي أفطر فيه.

ومن نام جميع النهار صحَّ صومُه، وعليه التوبةُ من ترك الصلوات في أوقاتها، وقضاءُ الصلوات التي فاتته، ومن زال عقلُه بالتخدير بالبَنْجِ، أو أُغمي عليه جميع النهار لا يصح صومُه، فإن أفاق بعض النهار صح صومُه إن كان نوى الصيام من الليل، وإن بقي في غيبوبةٍ جميع شهر رمضان ثم أفاق بعد رمضان وأمكنه الصيام، فعليه قضاءُ صوم شهر رمضان، وإن استمر في الغيبوبة أو المرض حتى مات، فلا إثم عليه في ترك الصيام، ولا يلزم ورثته شيء، لا صيام ولا كفارة.

ومن تغير عقلُه وأصابه الخَرَفُ بسبب الكِبَر أو مرضٍ أو حادثٍ، فلم يعد يضبط الصوم ولا الصلاة، فلا تجب عليه الصلاة ولا الصيام، ويكون كالمجنون مرفوعًا عنه القلم.

ومن صام رمضان ولم يحافظ على الصلوات الخمس، فويلٌ له من عذاب الله؛ كما قال الله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، وهو فاسق يُخشى عليه النفاق، وقال بعض الفقهاء بكفره، وعدمِ قبولِ صومِه؛ لحديث: ((العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ))[9]، وحديث: ((مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ))[10]، والواجب على المسلم أن يحافظ على الصلوات كما يحافظ على الصيام، فكلاهما من أركان الإسلام، وتارك الصلاة والصيام أعظم شرًّا ممن صام وترك الصلاة.

ويجب الصوم مِن طلوع الفجر حتى غروب الشمس أينما كان الصائم، سواء طال النهار أو قصر، ما دام أنه في أرض فيها ليل ونهار يتعاقبان خلال أربع وعشرين ساعة، ومَن كان في مكانٍ لا يتعاقب فيه الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة، كأن يكون النهار في ذلك المكان يومين أو شهرًا أو أكثر من ذلك، فإنه يُقدِّر للنهار قدره ولليل قدره اعتمادًا على أقرب بلاد منه، بحيث يكون مجموع النهار والليل 24 ساعة، وكذلك يُقدِّر الوقت للصلوات الخمس في كل يوم وليلة.

ويُستحَبُّ للصائم ما يلي:
1- السُّحُور، ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله، ولو بجُرْعَةِ ماء، ويُستحب أكل التمر في السُّحور.

2- تأخير السُّحُور ما لم يُخشَ طلوع الفجر، وجمهور العلماء أنه يجوز للشاكِّ في طلوع الفجر أن يأكل ويشرب حتى يستيقن أو يغلُب على ظنه طلوع الفجر؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، والأفضل للشاك في طلوع الفجر ألَّا يأكل احتياطًا للصيام، ويجب عليه ألَّا يصلي الفجر حتى يستيقن أو يغلُب على ظنه دخول وقت صلاة الفجر احتياطًا للصلاة.

3- تعجيل الفطور متى تحقق غروب الشمس وإقبال الليل؛ قال الله سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187]، ولا يجوز للصائم تأخير الفطر بعد دخول الليل حتى يرى نجمًا تنطُّعًا وخلافًا للسنة النبوية[11]؛ فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ))[12].

4- الإفطار على رُطَبَاتٍ أو تمرات، فإن لم يجد فعلى ماء، وله أن يُفطِر بما شاء.

5- الدعاء أثناء الصيام وعند الفِطر.

6- الإكثار من ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم.

7- التبكير إلى المسجد لأداء الصلوات في الجماعة، والْمُكْث في المسجد إن تيسَّر له الاعتكاف ولو بعض النهار.

8- استعمال السواك قبل الزوال وبعده، سواء كان السواك رطبًا أو يابسًا، مع التحرز من ابتلاع شيء من فتات السواك أو رطوبته، وقيل: يُكرَه السواك بعد الزوال.

9- الإكثار من الصدقات، وتفطير الصائمين، وسائر أعمال البر.

10- السَّكِينة والوقار، وترك الصخب والمشاجرة، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم.

11- ترك الغِيبة والنميمة واللغو، وتجنب إضاعة الوقت باللهو واللعب وإن كان لعبًا مباحًا، وعلى المسلم أن يغتنم أوقاته فيما ينفعه في دينه ودنياه، فإذا فرغ من أمور دنياه اجتهد في الرغبة فيما يرضي ربه، ولا سيما في حال الصيام الذي هو من أعظم أسباب تحقيق التقوى وتزكية النفوس.

وتجوز السباحة للصائم، فهي كالاغتسال، مع الاجتهاد في التحرز من وصول الماء إلى جوفه، فإن كان لا يمكنه التحرز من ذلك، فلا تجوز له السباحة حتى لا يُعرِّض صومه للفساد.

ويُكره للصائم المبالغةُ في المضمضة والاستنشاق، فإن بالغ في المضمضة والاستنشاق فوصل الماءُ إلى جوفه بطل صومُه لتعديه بالمبالغة، وقيل: لا يَبطُل صومُه لعدم تعمُّدِهِ، والأولى ترك استعمال معجون الأسنان للصائم، وهو لا يُفطِّر الصائمَ إذا لم يصل شيءٌ منه للحلق والجوف، ويُكره للصائم ذوق الطعام إلا لحاجة، كطَبَّاخٍ يحتاج إلى تذوق ملح الطعام وما أشبهه، مع الحذر من وصول شيء من أثر الطعام إلى حلقه.

والأيام التي يُستحَبُّ صيامها:
1- صيام ستة أيام من شوال لمن صام رمضان كاملًا، ويشرع صومها متتابعة أو متفرقة، ومن أفطر شيئًا من رمضان، فعليه أن يبدأ أولًا بصيام القضاء الواجب، فإن صام الست من شوال قبل قضاء رمضان صحَّ صومه التطوع قبل القضاء عند كثير من أهل العلم؛ لجواز تأخير صوم القضاء، وقيل: يصح صوم التطوع قبل صوم القضاء مع الكراهة؛ لأن المبادرة بإبراء الذمة بصوم القضاء أولى من النافلة[13]، وقيل: لا يصح صوم التطوع قبل صوم القضاء[14]، فالأحوط والأفضل أن يبدأ بصوم القضاء ثم النافلة، حتى ولو فاته صوم الست في شهر شوال، والمشهور عند أهل العلم أن صوم الست لا يكون إلا في شهر شوال؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ))[15]، وأجاز بعض العلماء صوم الست في غير شوال، واستدلوا بحديث ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ، فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ))[16]، فصوم ستة أيام أجرها كشهرين؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، وصوم رمضان بعشرة أشهر، فيُرجى لمن صام رمضان كاملًا أداء أو قضاء ثم صام ستًّا بعد الفطر في شوال أو بعده، إذا لم يستطع صوم الست في شوال؛ لانشغاله بقضاء ما عليه أن يكون أجره كمن صام الدهر، وفضل الله واسع[17].

2- صيام يوم عرفة لغير الحاج.

3- صيام تسع ذي الحجة.

4- صيام يوم تاسوعاء وعاشوراء، وهما اليوم التاسع والعاشر من شهر محرم، ولا بأس بصيام اليوم العاشر وحده، والأفضل صوم يوم قبله أو بعده.

5- صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء من أوله أو أوسطه أو آخره، وسواء كانت متتابعة أو متفرقة، والأفضل أن تكون أيام البيض، الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.

6- صيام الاثنين والخميس.

ويستحب الإكثار من الصيام في شهر مُحَرَّم وشهر شعبان.

ويحرم صوم يومي العيدين، وأكثر العلماء أنه يحرم صوم يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا صامه لاحتمال أن يكون أول رمضان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ، إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ))[18]، فصوم يوم الشك من التكلف والتنطُّع، وليس من الاحتياط المشروع، ففيه مخالفةٌ لجماعة المسلمين، والسنة للمسلم أن يصوم مع الناس الذين في بلده؛ كما في الحديث: ((الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ))[19]، ويجوز صوم يوم الشك لمن كان يصوم القضاء أو وافق عادة له كمن كان يصوم يومًا ويُفطِر يومًا أو كان يصوم الاثنين والخميس أو كان يصوم شهر شعبان.

ويحرم صوم أيام التشريق، وهي الثلاثة الأيام بعد عيد الأضحى: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، ويجوز صيامها في الحج لمن لم يجد الهَدْيَ.

ويُكره صوم الدهر، وأجاز أكثر العلماء صوم الدهر لمن أفطر يومي العيدين وأيام التشريق، إذا لم يشق عليه سرد الصيام، ولم يضيِّع به حقًّا، وأفضل الصيام صوم يوم وإفطار يوم، لمن أطاقه ولم يشق عليه.

ويُكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، إلا أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده.

وكره بعض العلماء إفراد يوم السبت بصيام، وحديث النهي عن صيامه مختلف في صحته لاضطرابه، وقيل: إنه منسوخ، وأكثر الفقهاء أنه لا يكره إفراد يوم السبت بالصيام.

ولا بأس بإفراد يوم الجمعة أو يوم السبت بالصيام إذا وافق عادة له كمن يصوم يومًا، ويُفْطِر يومًا، أو وافق يومًا يُسْتَحب صيامُه كيوم عرفة أو عاشوراء.

وكرَّه بعض العلماء الصيام بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادةٌ بالصيام أو عليه قضاء، وحديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان مختلف في صحته، وأكثر أهل الحديث على ضعفه.

واستحب بعض الفقهاء صوم شهر رجب؛ لأنه من الأشهر الحرم، وكره بعض الفقهاء تحري صيام شهر رجب كله[20]؛ لأنه لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام حديث في الترغيب في تخصيص رجب بالصيام، وقيل: تزول الكراهة بإفطار بعض رجب، أو صيامه كله مع غيره، حتى لا يخصصه بصوم.

ولا يجوز للمرأة أن تصوم نافلة وزوجها حاضر إلا بإذنه.

[1] رواه البخاري (1909)، ومسلم (1081).

[2] فائدة: روى الخطيب البغدادي أن الناس صاموا في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 28 يومًا، وذلك أن شهري شعبان ورمضان كانا 29 يومًا، ولم يرَوا الهلال آخر شعبان لغَيمٍ، فأتموا شعبان ثلاثين يومًا، ثم صاموا رمضان حتى رأوا هلال شوال، فكان صيامهم رمضان 28 يومًا، فأمرهم عليٌّ رضي الله عنه أن يقضوا يومًا بعد رمضان ليتم صيامهم 29 يومًا؛ [يُنظر: المجموع للنووي (6/ 431)].

[3] رواه الترمذي (697)، وأبو داود (2324)، وابن ماجه (1660) بثلاثة أسانيد عن أبي هريرة، وحسنه الترمذي والنووي، وصححه الألباني والوادعي، قال الترمذي: "فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة"، وقال الخطابي في معالم السُّنن (2/ 95): "معنى الحديث أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قومًا اجتهدوا فلم يَرَوا الهلال إلا بعد الثلاثين، فلم يُفطروا حتى استوفَوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعًا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماضٍ، فلا شيء عليهم من وِزرٍ أو عتب، وكذلك هذا في الحج إذا أخطؤوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادته، ويجزيهم أضحاهم كذلك".

[4] نقل النووي في المجموع (6/ 298) "عن أبي العباس الروياني أنه لو قال: أتسحر للصوم أو أشرب لدفع العطش نهارا أوِ امْتَنَعَ من الأكل والشرب والجماع مخافة الفجر، كان ذلك نيةً للصوم، قال الرافعي: وهذا هو الحق إن خطر بباله الصومُ بالصفات المعتبرة".

[5] ممن اختاره القاضي حسين الشافعي وابن عبدالبر المالكي وابن تيمية الحنبلي، ومن المعاصرين ابن باز وابن عثيمين؛ [يُنظر: ملخص فقه الصوم من الموسوعة الفقهية - الدرر السَّنية (ص: 41)].

[6] حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه))؛ [رواه أبو داود (2350)]، هو حديث مختلف في صحته، له إسنادان حكم أبو حاتم الرازي على أحدهما بالضعف، وعلى الآخر بالوقف؛ [يُنظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (3/ 137، 138)]، أحاديث معلة ظاهرها الصحة للوادعي (ص: 437)، وعلى القول بصحته حمله البيهقي في السنن الكبرى (4/ 369) على الأذان الأول الذي يكون قبل طلوع الفجر، جمعًا بينه وبين حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم))؛ [رواه البخاري (62)، ومسلم (1092)]، والله الموفِّق.

[7] رواه البخاري (1904) ومسلم (1151)؛ قال الزجاج في معاني القرآن (1/ 255): "الرَّفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من المرأة"، وقال ابن عبدالبر في التمهيد (5/ 112): "(فلا يرفث) دخل فيه رفث القول وغشيان النساء وما دعا إلى ذلك وأشباهه"، ويُنظر: المفردات في غريب القرآن للراغب (ص: 359)، فتح الباري لابن حجر (3/ 382).

[8] هذا مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وأفتى به من المعاصرين ابن باز وابن عثيمين، وعليه فتوى الشبكة الإسلامية - إسلام ويب، وموقع الإسلام سؤال وجواب، وأما الشافعية فلا يرون استنشاق البَخور مفطرًا للصائم، ورجحه ابن تيمية؛ [يُنظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (2/ 395)، شرح مختصر خليل للخرشي مع حاشية العدوي (2/ 249، 250)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي مع حاشية الشرواني (3/ 401)، شرح منتهى الإرادات للبهوتي (1/ 487)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/ 242)، مجموع فتاوى ابن باز (15/ 266، 267)]، وقال ابن عثيمين كما في مجموع فتاواه (19/ 221، 222): "البخور إذا وصل إلى باطن الجوف بالاستنشاق فهو مفطِّر لمن كان يعلم أنه محرم، وأنه يُفطِّر الصائم، وأما إن كان جاهلًا لا يدري فإنه لا يُفْطِر بذلك... لا تستنشق البخور وأنت صائم، ولكن تبخَّر ولا حرج... إذا كنت لا تدري أنه مفطر، وكنت من قبل تستنشق البخور حتى يصل إلى جوفك فلا شيء عليك؛ لأن جميع مفطرات الصوم لا تُفطِّر إلا إذا كان الإنسان عالمًا بها، وعالمًا بتحريمها، ذاكرًا لها".

[9] رواه الترمذي (2621) من حديث بريدة رضي الله عنه، وصححه الترمذي وابن حبان، والألباني والأرنؤوط.

[10] رواه البخاري (594) من حديث بريدة رضي الله عنه.

[11] فائدة: قال أبو عُبيدة في مجاز القرآن (1/ 198): "﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا ﴾ [الأنعام: 76] أي: غطَّى عليه وأظلم عليه"، في هذه الآية دلالة على أن الليل يدخل قبل رؤية الكواكب؛ لأنه لم يقل: فلما دخل عليه الليل رأى كوكبًا، بل قال: فلما جَنَّ، أي: فلما ستره الليل بظلامه، قال الواحدي في التفسير البسيط (8/ 239): "يقال: جنَّ عليه الليل وأجنَّه الليل، ويُقال لكل ما سترته: جنَّ وأجنَّ، هذا قول جميع أهل اللغة، ومعنى جَنَّ: ستر، ومنه: الجَنَّة، والجِنُّ، والجُنون، والجانُّ، والجنين، والْمِجَنُّ، والمجنة، كل هذا يعود أصله إلى الستر والاستتار"، فدخول أول الليل يكون بغروب الشمس في جهة المغرب، مع إقبال الليل من جهة المشرق، حتى وإن كان هناك ضوء منتشر في جهة غروب الشمس، كما أن النهار يدخل بطلوع الفجر من جهة المشرق، حتى وإن كان هناك ظلام في جهة المغرب، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن الليل يدخل ظلامه شيئًا بعد شيء لا مباشرة؛ قال الله سبحانه: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ [الليل: 1]، فعبَّر عن غشيان الظلام بالفعل المضارع المفيد الحدوث والتجدد، فالليل يغشى الخلق بظلامه شيئًا فشيئًا حتى يشتد الظلام، ويستر الأنام.

[12] رواه البخاري (1957)، ومسلم (1098).

[13] قال قليوبي في حاشيته على شرح المنهاج للمحلي (2/ 95): "يُكره الصوم تطوعًا لمن عليه قضاء".

[14] قال مرعي الحنبلي في دليل الطالب (ص: 96): "ويُسن القضاء على الفور، ولا يصح ابتداء تطوع مَنْ عليه قضاء رمضان"، ويُنظر: الروض المربع بشرح زاد المستقنع للبهوتي (2/ 37).

[15] رواه مسلم (1164).

[16] رواه أحمد (22412)، والدارمي (1796)، وابن ماجه (1715)، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والألباني والأرنؤوط.

[17] ممن أجاز صوم الست من شوال بعد شهر شوال: ابن العربي المالكي، والخرشي المالكي، وابن حجر الهيتمي الشافعي، وابن مفلح الحنبلي، وأجازه ابن عثيمين إذا لم يتمكن من صيامها في شوال لعذر؛ [يُنظر: أحكام القرآن لابن العربي (2/ 321)، شرح مختصر خليل للخرشي (2/ 243)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر مع حاشية الشرواني (3/ 457)، الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين (6/ 466)]، قال ابن مفلح في الفروع (5/ 86): "يتوجه احتمال تحصُّل الفضيلة بصومها في غير شوال وفاقًا لبعض العلماء، ذكره القرطبي؛ لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها كما في خبر ثوبان، ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده رخصة".

[18] رواه البخاري (1914)، ومسلم (1082).

[19] رواه الترمذي (697) وغيره عن أبي هريرة، وحسنه الترمذي والنووي، وصححه الألباني والوادعي.

[20] روى ابن أبي شيبة (9758) وصححه الألباني عن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر يضرب أكف الناس في رجب، حتى يضعوها في الجفان، ويقول: "كلوا، فإنما هو شهر كان يعظِّمه أهل الجاهلية".








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.96 كيلو بايت... تم توفير 1.52 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]