قصّتي مع المهدويّة بين عالم الملائكة وعالم الشياطين 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11943 - عددالزوار : 191457 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 92950 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 118 - عددالزوار : 56999 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 81 - عددالزوار : 26305 )           »          شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 745 )           »          كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 41 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الفتاوى والرقى الشرعية وتفسير الأحلام > ملتقى الرقية الشرعية

ملتقى الرقية الشرعية قسم يختص بالرقية الشرعية والعلاج بكتاب الله والسنة النبوية والأدعية المأثورة فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-08-2018, 12:42 AM
الحائر-التائه الحائر-التائه غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
مكان الإقامة: holland
الجنس :
المشاركات: 7
الدولة : Netherlands
افتراضي قصّتي مع المهدويّة بين عالم الملائكة وعالم الشياطين 2

القسم الاوّل من الجزأ الثّاني
أبتدأ هذا الجزأ بالتّنبيه إلى استعمالي في كتابة مذكّراتي لبعض المصطلحات كأن أقول : أردكت أنّ أخي هو من كان وراء اختفاء مفاتحي ثمّ أقول أيظا في فصل أخر وأخبرني صديقي أنّه هو من أخذ مفاتحي, فعندما أقول أدركت فأنا أتحدّث عن فترة الحدث وأكتب عن فهمي و قناعاتي حسب حدود تلك الفترات ولا اُعبّر عمّا وصلت إليه الأن, كي يعيشها قارئ قصّتي كما عشتها ويفهمها كما فهمتها عبر فصولها ومراحلها,
يبدأ هذا القسم الأوّل من الجزأ الثّاني بعودة كابوس المخابرات من جديد؟.
وهو لغز سينكشف عند إكتمالي 40 عاما واللّقاء بالشّيخ الغريب في القسم الثّاني من هذا الجزأ ويكتمل إنكشاف اللّغز في الجزأ الثّالث والأخير.
وبعد انتهاء كابوس المخابرات الأوّل أمضيت فترة شهر في راحة وطمأنينة لا اُلاحظ أيّ مراقبة أو ملاحقة فظننت أنّ المحنة قد انتهت, ولكن فضّلت البقاء على حذر لفترة اُخرى وكنت أقضي معظم أوقاتي بين المسجد والبيت, وفي البيت كنت أصرف أوقاتي بين المطالعة والكمبيوتر, وكان من هواياتي في البيت دراسة علوم البرمجة وانحرفت منها إلى البحث في ثغرات نظام التّشغيل وعيوبه, وكنت اُحب تجربة استغلال تلك الثّغرات في اختراق أجهزة عشوائيّة على شبكة الإنترنت, ونجحت تجربتي وتمكّنت من اختراق أجهزة لأناس حول العالم, وكنت أتصفّح أجهزتهم وأتحكّم فيها تحكّم كامل وكأنّها لي, وكان هذا الفعل يسلّيني في أوقات فراغي وأشعر بالمتعة والإثارة به, وذات يوم كعادتي في أوقات فراغي قمت باختراق جهاز لشخص فتبيّن لي من محتوياته أنّه عربيّ مسلم, وكنت اُلاحظ من خلال مراقبتي لشاشته أنّه يتعمّد التّحدّث والتعارف مع النّساء فقط رغم أنّه يبدو عليه شخص ملتح وملتزم, فغاضني هذا الفعل منه وقرّرت تجربته باستدراجه باسم امرأة مستعار على برنامج البال تاك للمحادثة, وقام على الفور بمراسلتي وطلب منّي التعارف وبدأت أتحدّث معه ونجحت خطّتي في استدراجه إلى الفخّ كي أكشف له حقيقتي واُواجهه بعيبه, وأثناء الحديث أخبرني أنّه مقيم في دولة الدّنمارك وأنّه يبلغ 53 سنة وأنّه يبحث عن امرأة للزّواج من خلال شبكة الإنترنت لأنّه مطلوبٌ أمنيّا خارج الدّنمارك ولا يستطيع مغادرتها وهو لاجئ فيها وله حصانة داخل الدّولة فقط, فأشفقت على حالته وأنهيت الحديث معه دون الكشف عن حقيقتي, وبعدها شدّني فضول شديد على معرفة سرّ ذلك الرّجل واخترقت جهازه مرّة اُخرى وقمت بفحص كلّ محتوياته إلى أن دخلت على اُلبوم لصوّره وصدمت بما رأيت, لقد وجدت صوّرا يظهر فيها صاحب الجهاز بصحبة الشّيخ الكفيف عمر عبد الرحمن المصري المتّهم في تفجيرات منهاتن, وتبدو تلك الصوّر أنّها صُوّرت في بيت صاحب الجهاز, وأدركت أنّها ليست مجرّد صدفة بل هي محطّة جديدة لإنزلاق في قعر المحن, والصوّر تحمل علامة العمى, والعمى لغز في قصّة حياتي كلّها, تختلف هذه العلامة باختلاف المواقف والأحداث, ودائما تذكّرني بقصّة طفولتي وحديث جدّي مع اُمّي عن الجنّ والعمى والنّسب, ودون شعور منّي تواصلت معه مرّة اُخرى واستدرجته بحديثٍ حتّى أخبرني أنّه كان بعلاقة مع الشّيخ عمرعبد الرّحمن المصري قبل أن يعتقل, وكان الشّيخ عمر يزوره في الدّنمارك وأخبرني أنّه شارك في حرب البوسنة وبسبب ذلك أصبح مطلوبا أمنيّا في بلده وأنهيت الحديث معه وتناسيت هذه الصدفة كي لا تعكّر صفو نفسي من جديد, لأنّي كنت أتوقّع أن يكون جهازي وشاشته تحت مراقبة أجهزة الأمن, وإذا كان الأمر كذلك, كيف سيكون فهمهم لما شاهدوه على شاشتي, هل سيعتبروا ذلك مجرّد صدفة غير مقصودة, أم سيعتبروه من الطرق التّمويهيّة للتواصل المشفّر,
وبعد فترة قرّرت الخروج من حذري والعيش بشكل طبيعيّ فبدأت ألتقي بأصدقائي وأخرج دون خوف ولا حذر إلاّ أنّني غيّرت من هيئتي وحلقت لحيتي فأحسست بحياة طبيعيّة وقرّرت أن أبقى حالقا للحيتي فترة من الزّمن تمويها لأيّ مراقبة جديدة إذا حصلت, فالموادّ الّتي ضبطت معي تكمن خطورتها في معتقد الشّخص وانتمائاته ودرجة تديّنه, لذا قرّرت تغيير هيئتي وتحديد علاقتي,
وذات يوم كنت اُشاهد قناة الجزيزة ففاجأني فيلم وثائقيّ عن امرأة أمركيّة أنشأت شبكة خاصّة إستخبارتيّة, تابعة لمركز الإستخبارات السي أي ئي الأمريكيّ وجنّدت عربا في مساعدتها لصيد ضحاياها, ومن أساليبها وضع ملفّات إلكترونيّة بعناوين تجذب الجهاديّين وغيرهم إلى تحميلها على أجهزتهم لقرائتها, وتلك الملفّات تمّ دمجها بسيرفرات لا تكشفها أنظمة الحماية تمكّنُ تلك المرأة وفريقها باختراق كلّ جهاز يتمّ فتح تلك الملفّات عليه وفحص ما بداخله وتحديد مكان الضّحيّة والتّبليغ عنه في بلده إذا تبيّن أنّه يمكن أن يشكّل خطرا ما, ومن الملفّات الّتي اُشير إليها في الفيلم الوثائقيّ أحد الملفّات الّتي قمت بتحميلها على جهازي,
وذات يوم وصلني طلب إضافة من شخص على الماسنجر فقبلت الطّلب وبدأت أتحدّث معه وأخبرني أنّه من اليمن ويحبّ التعارف على العرب المقيمين في البلد الّذي اُقيم فيه ومنطقته, وبدأ يسألني أسألة عاديّة واستمرّ التواصل بيننا لعدّة أيّام ثمّ فاجأني يوما بسؤال وقال : أوّد أن تعمل معي فسألته في أيّ شيء فأجابني في الذّهب, وأخبرني أنّ لديه كميّة كبيرة من الذّهب المختلط بالرّمل ويبحث لها عن زبائن, وسألته كيف الحصول عليه فقال لدينا طرق مختلفة لإيصالها إلى زبائننا من الإيمارات إلى أيّ بلد عربيّ أخر, وأعجبتني الفكرة رغم أنّي لا أعلم عن تفاصيلها شيء و وافقت وقلت سأفعل كلّ ما في وسعي للبحث عن زبائن ثمّ اُخبرك, وكان يسألني باستمرار هل وجدت شيئا فأردّ عليه ليس بعد, وذات يوم سألني وقال هل وصلت إلى شيء فقلت أمهلني مزيدا من الوقت فالموضوع يحتاج إلى أكثر من سفر وأنا كما تعلم مقيم في بلد خارج المنطقة الّتي يصلح فيها بيع بضاعتك, وفاجأني بعرض جديد وقال : ما رأيك في تجارة اُخرى تصلح أيظا في البلد الّذي تقيم فيه, فسألته في ماذا وأجابني بجواب صاعق و قال : في مادّة البلوتنيوم, قلت له وما هذه ؟ فقال : الزّئبق الأحمر ! وقال عندي منه 30 غراما, فضربني الشّك في قلبي مباشرة أنّ موضوع الذّهب لم يكن سوى استدراج إلى هذا الّذي يتحدّث عنه, فأنهيت المحادثة معه دون استأذان وحذفت حسابه مع حضره, وبدأ الخوف يصحو من جديد في نفسي وأحسست أنّ خطبا ما قادم لا محالة, ولكن مرّت فترة لم يحدث فيها شيء فبدأت نفسي تهدأ من فزعها إلاّ أنّ هذا الهدوء كان الهدوء الّذي يسبق العاصفة,
و ذات يوم كان أحد ما يتّصل بي على الماسنجر وأنا أرفض الردّ عليه فكتب لي جملة كانت بداية الكابوس الجديد, كتب لي : هل تريد أن تترك على راحتك, هذا ليس جميلا, أحسست بضيق في نفسي وحاولت أن أتناسى ملاحظاتي ولكنّها كانت تتكرّر دون توقّف,
وذات يوم حدث معي أمر غريب, سافرت مع صديقي في سيّارته إلى بلد مجاور وأثناء الطّريق والوقت كان وقت الغروب بينما كنّا نسير بسرعة تصل إلى 120 كيلو في السّاعة لاحظنا شيئا عجيبا على الطّريق, لاحظنا غرابا أسودا بحجم إنسان بالغ يطير فوق سيّارتنا مباشرة وبارتفاع منخفض لا يتعدّى 9 أمتار منّا, صرخت عند رُأيته وقلت لصديقي هل ترى هذا, إنّه يطير فوقنا فقال يا إلاهي إنّه غراب ضخم ثمّ انحرف إلى يمين السيّارة وكأنّها علامة أنّني أنا المقصود بظهوره, وكان يطير بنفس سرعتنا ثمّ انحرف إلى جهة اُخرى واختفى, وكانت لهذه الحادثة علاقة بولادة الفتنة القادمة سيأتي ذكرها في الجزأ الثّالث,
وبعد تلك الحادثة بدأت محنتي تشتعل من جديد, وكأنّ ذلك الغراب كان نذير بلاء عظيم, وأثناء عودتنا بدأت اُلاحظ أنّني ملاحق في كلّ مكان, صدف مع أشخاص وسيّارات تتكرّر بشكل رهيب ففتحت عليّ باب تسائلات أدّت إلى خلق وساوس في نفسي لا تتوقّف, لا أجد منطقا يساعدني على وقف تلك الوساوس والمخاوف بل كلّ الأحداث والوقائع تؤيّدها وتغذّيها, وذات يوم جلست في خلوة وقلت لابدّ أن أجد في نفسي منطق أحسم به الفصل بين وساوسي الكاذبة والحقائق الّتي تستحقّ أن تجعلني في حالة حذر وترقّب مستمرّ, وبحثت في مذكّراتي فوجدت أنّ قضيّتي تثبت أنّه من الطبيعيّ أن تبقى أجهزة الأمن حذرة من شخصي, فالموادّ الّتي ضبطت عندي أثناء اعتقالي تفرض على المنطق الأمنيّ مراقبتي ولو كنت مريضا نفسيّا, ولكن ليس من المنطق في البلد الّذي اُقيم فيه مواصلة المراقبة لسنين طوال دون إيقاف وتحقيق, فالمراقبة لابدّ أن تنتهي بتركي وإغلاق ملفّي أو إيقافي للتأكّد من شبهتي, وبينما أنا غارق في وساوسي وتساؤلاتي إذا بهاتفي يرنّ دون إظهارٍ لرقم المتّصل, ففتحت المكالمة وإذا بشخص يقول أنا أمريكا ويغلق المكالمة وكأنّه كان يتابع معي وساوسي فأراد أن يزيد في بعدها ويوسّع حدودها, وبدأت نفسي توسوس لي أنّ أجهزة الأمن المحليّة ليس من المستبعد أن تشارك جهة خارجيّة في ملفّ قضيّتي, فالقانون في البلد الّذي اُقيم فيه لا يمكن أن يسمح بمراقبتي إلى أجل غير معلوم دون إيقافي والتّحقيق معي وخصوصا إذا ثبت للقاضي أنّ المتّهم مريض نفسيّ, لذا وجدت من المنطقيّ جدا تحويل ملفّ قضيّتي إلى بلدي الأصل أو إلى أمريكا, هذا إن لم يكن ذلك الملفّ الّذي قمت بتحميله من شبكة الإنترنت على جهازي وتبيّن لاحقا أنّه طعم وضعته أجهزة الإستخبارات الأمريكيّة, أيّا يكن السبب فهو كابوس جديد و خطر وشيك,
قبل اعتقالي بفترة كنت أهتمّ كثيرا بدراسة كتب فنون التجسّس وأسراره, وكان أكثر اهتمامي في ذلك الباب هو في عالم التّشفير والتّمويه, وقمت باختراع أكواد تشفير خاصّة بي, وكتبتها في دفاتر واحتفظت بها في خزانة كتبي, وعند اعتقالي ومداهمة منزلي تمّ أخذ كلّ الدفاتر والكتب والأقراص, من بينها الدفتار الّذي يحتوي على الأكواد والتّشفير, وبها بدأت تصلني رسائل مشفّرة بأكواد تشفير أنا من وضعها واخترعها, وكانت تحتوي تلك الرّسائل على تهديدي بالسّجن ومن تلك التّهديدات : لا يمكنك الفرار من عدالة القضاء مهما طال الزّمن وإنّ يوم تحقيق العدالة فيك لقريب, بلغة بلد الإقامة وبالإنجليزيّة والعربيّة, وقلت في نفسي أوّل الأمر يجب أن اُبلّغ المحامي أو جهة حقوقيّة بهذه الرّسائل التّهديديّة ولكن ماذا سأقول لهم ؟ لابدّ أن يطلبوا رؤية تلك الرّسائل بأعينهم في أماكنها وليس نقلا, فإن كشفت لهم عن تلك الرّسائل وكيف وصلت سيسألونني عن تشفيرها ومفتاحه, هل أقول لهم أنّ التّشفير أنا من قام بوضعه بخطّي يدي وضبط عندي وبه وصلتني رسائل التّهديد, فأنا أنكرت أمام المحقّق النّفسيّ أنّ الدفاتر الّتي كتبت فيها تلك الأشياء ليست لي إنّما هي لشخص أخر, والمحقّق النّفسيّ صدقّني بسهولة وكذلك القاضي, وذلك لسببين اثنين أوّلهما أنّ تلك الدفاتر كتبت باللّغة العربيّة الفصحى ويظهر فيها أنّ كاتبها لابدّ أن يكون قد درس اللّغة العربيّة في بلدٍ عربيّ ليحصّل ذلك المستوى الّذي كتبت به الدفاتر, ولم يثبت قطعا أنّني غادرت البلد أو منطقة سكني لمدّة طويلة فدّل هذا عند القاضي والمحقّق النّفسيّ أنّ الكاتب شخص أخر, والسّبب الثّاني هو عمليّة غسيل الأموال فقد تبيّن أنّني كنت واثقا تماما أنّها صحيحة وأنّني سأكسب منها أموالا طائلة وهي لم تكن سوى خدعة لشبكة نصب واحتيال وأنا صدّقتها فدّلت هذه القصّة لدى القاضي أنّني شخص ساذج ومريض نفسيّ يمكن أن يستغّل من قبل النّاس إذا لم يكن معه من ينبّهه ويرشده,
إذن لم يكن ذلك الشّخير الّذي كنت أسمعه في السّجن وقبله قصّة شبكة غسيل الأموال المحتالة مجرّد صدف فقط, بل كانت محطّات تحدّد مسار حياتي في المحن والإبتلائات, أعود إلى رسائل التّهديد, أدركت أنّ المهدّد ليس قصده التّهديد فقط إنّما الإستدراج إلى فخّ الإعتراف بمفتاح شفرة الرّسالة فإن أبلغت جهة حقوقيّة أو قضائيّة وسيكون الغرض من ذلك تقديم شكوى وطلب تحقيق في جهة المهدّد هل هو فعلا تابع لجهة أمنيّة أم لا, فإن حدث هذا التّحقيق سيكون كافيا لإصدار مذكّرة من القاضي لإيقافي, ولا يمكن إيقافي إلاّ بمذكّرة والمذكّرة لا يمكن أن تبنى إلاّ على تهمة أو شبهة, وأنا كما أسلفت كنت حذرا و متجنّبا لكلّ الشّبهات الّتي يمكن استغلالها من طرف الشّرطة لإصدار مذكّرة أو استدعاءٍ للتّحقيق معي في ما ضبط عندي سابقا, فالقضاء قد ألغى التّحقيق في ذلك بسبب مرضي النفسيّ حسب رؤية القاضي للقضيّة, وهذا هو السبب المنطقيّ لرسائل التّهديد الّتي وصلتني فتجاهلتها, ولكنّها استمرّت فترة طويلة واستمرّ معها حذري وعزلتي في البيت حتّى بدأت نفسي تضيق من وضعي وتعبت أعصابي وبدأت اُحسّ بالغضب وبرغبة في الإنتقام وخصوصا عندما تصلني رسائل تهديدٍ واستفزاز جديدة, وقلت في نفسي لا يدفع رجال الشّرطة إلى تهديدي واستفزازي إلاّ فشلهم في إيجاد شبهة تمكّنهم من اعتقالي, فوثقت أنّني عصيّ عليهم إمساك شيء عنّي بسبب عزلتي وحذري, وبما أنّني مرغم على البقاء في هذا الوضع لا يمكنهم الوصول إليّ أبدا, وسأردّ على تهديداتهم واستفزازاتهم بالمثل, لعلّها تتعبهم وتغيضهم كما يحصل معي برسائلهم,
وذات يوم فتحت مواقع الأخبار وبدأت اُشاهد صوّر قتلى و دبّابات وعربات مدمّرة للأمريكان في العراق, فكتبت فوق المتصفّح : موتوا بغضيكم. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. ولعباده : الله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. وبعد هذه الكتابات توقّفت تلك الرسائل والحركات الإختراقيّة على جهازي مرّة واحدة, فهدئت نفسي وضيقي, وبدأت أخرج من عزلتي مرّة اُخرى وألتقي بأصدقائي وأخرج معهم, ثمّ بدأت اُلاحظ أشخاص يلاحقونني في كلّ مكان إلاّ أنّ تلك الرّسائل الإستفزازيّة لم تعد,
وذات يوم خرجت مع أحد من اعتقلوا معي فأخبرني أنّه تمّ استدعائه من المخابرات وسألوه عدّة أسألة عاديّة ثمّ طلبوا منه أن يبلّغهم بالأماكن الّتي أرتدي عليها وبالأشخاص الّذين ألتقي بهم وأكّدوا له أنّهم على قناعة بمرضي النفسيّ ويريدون البحث في الأسماء الّتي يمكن أن تكون سبب في ما حدث لي, فهم يخشون أن يكون أحد ما يستغّل مرضي ويستعملني, فزاد يقيني أنّ الأمر لم ينتهي بعد وأنّ هذا الخبر محطّة جديدة لخريطة محنتي,
وبعد فترة ليست بالطّويلة زارني صديق قديم انقطع لقائي به منذ وقت طويل وأخبرته ببعض ما اُعاني فطلب منّي أن أصحبه إلى مدينته وأمكث معه هناك عدّة أيّام كي أرتاح عنده وينتبه معي إذا كانت تلك الملاحظات الّتي أخبرته بها صحيحة أم لا, فذهبت معه وهناك لم اُلاحظ شيئا بتاتا فارتاحت نفسي قليلا من كابوسي, وقبل عودتي إلى مدينتي بيوم واحد طلب منّي صديقي أن أصحبه إلى بلدنا الأصل كي أرتاح أكثر هناك من وساوسي, ولكنّي رفضت وكان يصرّ ويلحّ وحاول معي عدّة مرّات وكنت اُخبره أنّ نفسي ليست مطمأنّة لذلك السّفر, وأعادني بسيّارته إلى مدينتي وفي الطّريق نصحني بتغيير هاتفي المحمول ورقمه ثمّ أخبرني أنّه يتاجر في الهواتف المحمولة وأنّ لديه عدّة قطع منها وراء سيّارته, توقّف في الطريق وأراني بعضا منها وقال خذ واحدًا واعتبره هديّة منّي لك, رفضت ولكنّه أصرّ على ذلك فأخذت واحدا من تلك المجموعة وطلب منّي أن لا اُخبر احدا,
وعند وصولي للبيت بدأت تهاجمني وساوس لا أقوى على إيقافها أينما كنت تلاحقني حتّى في الصّلاة لا أسلم منها, وبدأت أستسلم للإسترسال معها ثمّ بدأت التّسائلات في نفسي, قد تجرّأت الشّرطة على محاولة تجنيد أحد أصدقائي ففشلت في تجنيده, ألاَ يعني هذا أنّهم قد حاولوا مع غيره أو بالأحرى مع صديقي الأخر الّذي كنت في ضيافته, وإذا فعلوا؟, أيعقل أن يقبل وهو كأخي من أبي واُمّي, ولم أعد اُميّز بين المنطق والوساوس فقد جمعتهم المحن في خط واحد لا يمكن تعطيل الوساوس إلاّ بتعطيل المنطق وصاروا في نفسي صوتا واحدا, فاستسلمت لأفكاري وقلت في نفسي : للمخابرات ألف سبب إقناع من لا يقتنع, أنا على يقين أنّ صديقي سيرفض كما رفض صديقي الأوّل, ولكن لنفرض جدلا أنّ أجهزة الأمن المحليّة أخبروه أنّهم ليسوا وحدهم من يلاحقونني وأنّ المخابرات الأمريكيّة هي أيظا تريد التّحقيق معي بسبب ما ضبظ عندي من موادّ خطيرة, فإمّا أن يختلقوا سببا يسمح لهم بإصدار مذكّرة اعتقالٍ أو استدعاءٍ وإمّا أن يعلنوا فشلهم ويتصرّف الأمريكان بطرقهم الخاصّة باعتقالي في بلدان اُخرى إذا غادرت البلد الّذي اُقيم فيه أو بتصفيتي جسديّا إذا لم اُغادر وفشلوا في اختلاق شبهة ما, فهذه حجّة مقنعة يمكن أن تقنع أخي من أبي واُمّي وليس صديقا فقط, فحتما سيوافق وفي نيّته مساعدتي بدفع مصيبة كبرى عنّي بمصيبة أصغر, فبدأت وساوسي تزيد وتفتح أبواب تساؤلات في نفسي, لِمَا طلب منّي صديقي أن أصحبه إلى بلدنا الأصل, أيكون تمّ تجنيده وطلِبَ منه ذلك كي يُسهّل اعتقالي في بلد لا يتقيّد بقوانين حقوق الإنسان, ألاُ يكون ذلك الهاتف المحمول الّذي أهداني إيّاه ليس إلاّ فخّ لإعتقالي,
وزادتني هذه الوساوس حذرا وعزلة وتكرّرت معي مثل هذه المواقف كثيرا بأشكال مختلفة حتّى فقدت الثّقة في كلّ النّاس واعتكفت في البيت وامتنعت عن الخروج فحكم عليّ أهلي بأنّي مصاب بوساوس قهريّة, وأنا لم أكن اُنكر ذلك ولكن ما كانت وساوسي إلاّ نتيجة لما يحدث أمامي من حقائق كإنسان حكم بالإعدام وجلس ينتظر ساعة التّنفيذ الغير المحدّدة أو غير المعلنة, فهل يكون هذا الإنسان في حالة نفسيّة طبيعيّة هكذا كانت حالتي, لا حكم الإعدام أستطيع إنكار صدوره بحقّي, ولا تلك الوساوس الّتي تتحرّك مع كلّ حركات السّجّان وأصوات مفاتحه.
قرّرت يوما أن اُسجّل كلّ أرقام لوحات السّيّارات الّتي أشكّ فيها تلاحقني فقضيت فترة وأنا اُسجّل تلك الأرقام حتّى أحسست بأنّ أصحابها بدأوا يلاحظون عليّ ذلك وبعدها بدأت تختفي تلك السيّارات ولا اُلاحظ إلاّ ملاحقة مشيا, وبعدها بأيّام قليلة حدثت معي حادثتين في فترة واحدة أكدّت لي أنّ بعضا من تلك السيّارات إن لم تكن كلّها ممّن كنت اُسجّل أرقام لوحاتها فعلا تابعة للشّرطة, وتلك الحادثتين هي : قمت بتسجيل تلك الأرقام على قرص واحتفظت به في البيت, وذات يوم أصرّ عليّ والدي أن أخرج معهم فخرجت مع والديّ ولم نترك أحدا ورائنا في البيت, وتمّ اقتحام بيتنا وكَسرِ بابه تمويها وتلميحا إلى أنّ الفاعل سارق وليس شرطيّ, وسرق ذلك القرص مع جهاز الكمبيوتر ولكنّي كنت أحتفظ بتلك الأرقام في مذكرتي وقمت بتسجيلها على قرص أخر وذهبت إلى أحد أقاربنا وطلبت منه الإحتفاظ بذلك القرص في بيته وبعد مرور بضعة أيّام فاجأني قريبي بأنّ بيته تعرّض للسّرقة وكان قرصي أيظا من الأشياء الّتي اختفت, فأكّدت لي هذه الحادثتين صحّة التّهديدات الّتي تصلني على جهازي وبقيت مسجونا في بيتي إلى سنة 2007,
وفي أخر سنة 2007, حدث معي أمر غريب أرغمني على السّفر رغم حذري وخوفي, لديّ اُخت عادت مع أطفالها إلى بلدنا الأصل لتدرّس أطفالها هناك, لديها خمس بنات وولد واحدٍ وتحمل في بطنها طفلها السّابع, و ذات يوم اتّصل بي أحد أقربائي وسألني هل اتصلت باُختك فأجبته بلا, ثمّ أحسست بقشعريرة في جلدي كأنّ مصيبة ما حدثت هناك, وسألته ما اّلذي تعلمه ؟ هل حدث شيء هناك فأجابني : إتّصل وستعرف بنفسك فأكّد لي اُسلوبه هذا أنّ أمرا جللا قد حدث, وأسرعت بالإتّصال وردّت عليّ اُختي وسألتها هل أنت بخير, أجابتني نعم أنا بخير وكلّ الأولاد بخير والحمد لله, فهدأت نفسي واتّصلت بقريبي وسألته لِمَا سألتني بذلك الأسلوب وأجابني لا أدري فقط أحببت الإطمئنان على اُختك وهل وضعت طفلها أم ليس بعد, وبعد يومين كنت متكأ على ظهري بين اليقظة والنّوم فجأتني رؤية عجيبة رأيت فيها اُختي واقفة عند رأسي وكنت أشعر في نومي أنّه حلما, والعجيب أنّ إحساس في قلبي يقول اُختك لم تعد على قيد الحياة, فسألتها هل أنتي بخير, إبتسمت وقالت نعم ثمّ قالت أبنائي ينتظرونك إذهب إليهم بسرعة وسألتها وهل سأراك إذا أسرعت ثمّ تغيّر وجهها وهزّت رأسها ولمّحت : أنّك لن تراني, ثم جلست بجانبي وأنا أنظر في وجهها ثمّ بدأ يتغيّر تدريجيّا إلى وجه طفلها الّذي ما يزال في بطنها وانتهت الرؤية, منعني خوفي من الإتّصال باُختي مرّة اُخرى و ركبت أوّل طائرة إلى بلدي وعندما وصلت ودخلت بيت اُختي لم أجدها ونظرت في وجوه أطفالها ولاحظت عليها حزنا ودموعا فاتّضح لي معنى تلك الرؤية الّتي رأيتها, لقد فارقت اُختي الحياة بعد يوم واحدٍ من اتّصالي بها وتركت ورائها 7 أطفالٍ بعد أن تعسّر عليها ولادت طفلها قرّر الطّبيب إجراء عمليّة قيصريّة للاستخراج الطّفل من بطنها ولكن تمّ حقنها بحقنة تخدير أكثر ممّا يتحمّل قبلها فسبّبت لها سكتة قلبيّة وفارقت الحياة دون أن ترى طفلها وتمّ استخراجه بعد وفاتها مباشرة, وزوجها اُصيب بصدمة زعزعت عقله ولم يعد بعدها قادرٌ على تحمّل مسؤليّة أطفاله وحده, فاكتمل لي معنى الرؤية كاملا,
أمضيت في بلدي مع أطفال اُختي ما يقارب السّتة أشهر, وفي الشّهر الأوّل كان الوضع طبيعيّا لم اُلاحظ أيّ حركات مشبوهة ولكن بعد الشّهر الاوّل بدأت اُلاحظ نفس الحركات وسيّارات تقترب منّي كأنّ من فيها يريدون خطفي فأفرّ كمجنون وكنت دائما أحمل معي سلاحا إستعدادا لأيّ مواجهة إذا لاحظت أنّ القصد خطفي وليس اعتقالي, فقد سمعت عن حالات خطف كثيرة دون محاكمة, عشت حالة رعب هناك لا يستطيع تصوّرها إلاّ من ذاقها وجرّبها, وبقيت وسط أبناء اُختي في بيتها عالقا لا أستطيع الخروج ولا العودة إلى بلد إقامتي خوفا من الإعتقال بتهمة ما أثناء مغادرتي للبلد, فقرّرت كتابة مذكّراتي وسلّمتها لبعض المحامين والصّحافيّين وطلبت منهم إذا تمّ اعتقالي أن يظهروا سرّ قضيّتي قبل جلسة المحكمة الأولى, وفي الشّهر الخامس وقف رجل عند باب البيت وأخذ يدقّ على الباب, أرسلت ابن اُختي البكر لفتح الباب وحذّرته أن لا يخبره أنّي موجود إن كان يسأل عنّي فأنا لا أعرفه وقد ظهر لي وجهه من النّافذة, وعندما فتح له ابن اُختي الباب سلّم عليه وعرّف على نفسه وقال : أنا ضابط مخابرات جأت لمقابلة خالك, لديّ رسالة يجب أن اُسلّمها له, وردّ عليه ابن اُختي : خالي ليس موجودا, فقال له بل هو موجود, أنا لم أأتي إلا ّوأنا أعلم أنّه في البيت أخبره أنّي اُريد رؤيته, فصعد ابن اُختي وكان مرعوبا وقال لي إنّه يعرف أنّك في البيت إنزل إليه إنّه ضابط مخابرات ويريد أن يسلّمك رسالة, ففهمت أنّه عرّف عن نفسه كي يكسر الحذر في نفسي ويكسب ثقتي, فنزلت إليه وسلّمت عليه ثمّ أقسم لي أنّه لم يفعلها في حياته إلاّ معي, أيّ شخص يحتاج التحدّث معه يرسل له استدعاء أو يرسل له من يحضره وقال : وأنت جأتك بنفسي وتركتني عند بابك أنتظر, وأقسم أنّه ما جأني إلاّ في خير ولا يريد أذيّتي وطلب منّي الخروج معه إلى مقهى قريب نشرب هناك فنجان قهوة ثمّ يسلّم لي الرّسالة ويذهب, فأخبرته أنّ اُختي قد توفّيت وأنّي لا أستطيع ترك البيت في ذلك الوقت فلديّ صبيّ أرعاه, وألحّ أن يُسلّمني الرّسالة في المقهى ولكنّني أصررت أن يدخل هو معي للبيت فدخل مكرها وعندما جلس سألته ما الرّسالة الّتي تريد تسليمها لي شخصيّا, وبدأ يتلعثم في الكلام ثمّ قال لقد وصلتني رسالة من العاصمة تطلب منّي التّأكد من وجودك في هذه المدينة أم لا, لقد نزلت في مطار عند دخولك البلد وكتبت في استمارة الدّخول عنوانا لم نجدك هناك وبحثنا عنك فترة حتّى وصلنا لأحد أقربائك فدلّنا على مكانك هنا وجأت لأطمئنّ إن كنت فعلا هنا أم لا فنحن نخشى أن يكون قد حدث لك مكروه و وصلت وثائقك الثّبوتيّة إلى أحد 9 مجرمين سبعة منهم حكموا بالإعدام وقد فرّوا من السّجن ولم نعثرعليهم بعد فيستعملوها في الشّر, ثمّ قال قبل أن ينصرف هل تحسّ بأحد ما يلاحقك ويضايقك, إذا كنت تعاني من أيّ مشكلة فأنا في خدمتك وأتمنّى أن تزورنا في مركز الشّرطة وتشرب معي هناك فنجان قهوة ونتحدّث قليلا, فقلت له سأفعل إذا وجدت وقتا لذلك وانصرف وبعد يومين عاد مرّة اُخرى وقال : أحسست في زيارتي السّابقة أنّك تتألّم بسبب مشكلة غير مشكلة أطفال اُختك, فقلت له صحيح وطلب منّي أن نخرج ونذهب إلى مقهًى ونتحدّث هناك أفضل من البيت, فقلت له اُفضّل أن نتحدّث هنا فكما ترى لديّ هنا من اُساعد, فقال لي لابأس وبدأ يسألني واُجيب ثمّ سألني هل تلاحظ أحدا ما يلاحقك, فأجبته نعم وقال أشخاص أم سيّارات فقلت له كلاهما وقال هل سجّلت أرقام لوحات تلك السيّارات فقلت له نعم وسألني أسألة اُخرى وأنا كنت اُجيبه فقط بما يجعلني الأقوى في عينه, فهذا الرّجل ظاهره كاذب وغلب على ظني أنّه جاء فقط ليتحقّق من دفاعاتي إذا تجرّأوا على اعتقالي, وكانت من أسألته المريبة هل اتّصلت بأيّ جهات حقوقيّة أو قضائيّة, هل كتبت أيّ مذكّرات وقمت بتسليمها إلى أيّ جهة كالصّحافة والمحامي, وفي نهاية حديثه طلب منّي كتابة تقرير شامل بكلّ ملاحظاتي في عدّة صفحات وأنّه سيمرّ عليّ بعد خمسة أيّام واُسلّمه التّقرير, ففهمت أنّهم على حذر وخوف من اعتقالي وأرادوا البحث في نقاط ضعفي وثغراتها واستدراجي إلى الكتابة بخطي يدي كي يثبتوا أنّ كاتب الدفاتر الّتي ضبطت عندي أثناء اعتقالي أنا من كتبها وليس غيري كما أنكرت ذلك أمام القاضي والمحقّق النّفسيّ ثمّ عاد بعد خمسة أيّام وسألني إن كنت قد أتممت كتابة التّقرير فأجبته بأنّي قرّرت زيارة طبيب نفسيّ أوّلا لإستشارته في ملاحظاتي قبل كتابتها وتسليمها لأيّ جهات قانونيّة أو قضائيّة, وطلب منّي للمرّة الثّالثة أن أخرج معه إلى مقهى لنشرب فنجان قهوة فتعجّبت في نفسي من هذا الإلحاح منه على شرب القهوة في المقهى, وكأنّ الرّجل له غاية خفيّة في فنجان القهوة, فأوحت لي وساوسي أنّ مخابرات بلدي هدفها محاولة اعتقالي بتهمة مزوّرة أو تسميمي إذا فشلوا قبل مغادرتي للبلد, وكانت هذه محطّة تحوّلٍ في مسار التّهديد, فتحوّل التّهديد بالإعتقال إلى تهديد بالإغتيال,
وعدت إلى بلد الإقامة سالما, وبعد مرور سنة إلتحق بي أطفال اُختي بعد أن فشل والدهم في رعايتهم وتربيتهم فتحمّلتها أنا رغم صعوبتها, و وجدت فيها اُنسا وتخفيفا لأحزاني ومخاوفي وأمضيت فترة وسطهم في هدوء ثمّ بدأت رسائل التّهديد بالإغتيال تصلني فحسبتها كسابقاتها ليست سوى استفزازا واستدراجا للتّبليغ عنها,
وقضيت فترة وسط أبناء اُختي على حذر وترقّب مستمرّ لا يتوقّف, وتغيّرت قواعد الحذر عندي فصارت أصعب تنفيذا ممّا كانت عليه قبل تَغَيّرِ التّهديد إلى الإغتيال, وكان من تلك القواعد أن لا أترك دواءا أو أيّ أشياءٍ خاصّة بي عند خروجي من البيت, وكانت فترة عصيبة شديدة لا يهدأ لي فيها بال ولا راحة نفس, قضيت أيّامها بيوم كشهر وشهر كسنة إلى أواخر سنة 2009, وفي رمضان وبالتّحديد يوم 29 منه, اضطررت للخروج مع ابن اٌختي لقضاء بعض الأمور وفي الطّريق توقّفت سيّارة سوداء بداخلها شخصين خرج أحدهم بدا عليه لاَبسا لباس جلد أسود وقفّازات سوداء جلديّة أيظا, فاتجه نحوي ببطئ ثم توقّف وكأنّ أحدا يتّصل به وأخرج هاتفه ليكلّمه وأكملت طريقي وبعد لحظات أحسست بأحد ورائي فالتفت إليه بسرعة فرأيت شخصا بيده شيء غريب كأنّه يرشّ منه سائلا على وراء فخذي ثمّ أكمل طريقه بسرعة ولحقت به السيّارة الّتي نزل منها وأخذته, لم أفهم معنى تلك الحركة وحسبتها مزحة ما وأكملت طريقي إلى وجهتي ثمّ عدت إلى البيت,
وبعد الفطور وصلاة العشاء مالت نفسي لقرائة القرأن وجاء في قلبي أن أقرأ سورة الكهف, وقرائتي لسورة الكهف مع بداية كابوس الإغتيال كانت محطّة مهمة في كشف لغز الفتنة العظيمة القادمة,
وأثناء قرائتي لسورة الكهف بدأت اُحسّ بتسارع نبضات قلبي وعرق على جبيني فخلوت بنفسي لعلّى حالتي تهدأ ولكنّها ظلّت تتضاعف حتّى بدأت اُحسّ كصعق كهربائيّ يضرب قلبي وبدأت أتذكّر ذلك الشّخص الّذي شككت في أمره فاعتقدت أنّي قد تعرّضت للإغتيال وأنّ سمّا ما بدأ مفعوله في جسمي وشدّني شيئ في نفسي إلى فتح جهاز الكمبيوتر ففتحته وظهرت لي رسالة على الشاشة تقول : ها قد جأتك العدالة يا تافه ثمّ اختفت الرّسالة, وكانت رسالة اختراق فتيقّنت أنّني مسموم وقد أموت, وخفت أن يغشى عليّ وسط أطفال اُختي فلم يمرّ على وفاة اُمّهم سوى سنة ونصف ولم يجدوا من يعطيهم من الحنان المفقود غيري, وقلت إن كان الموت هو الّذي يقترب منّي بهذه الأعراض فإنّي اُفضّل أن أموت في المسجد وحيدا بعيدا عن أحبابي, وذهبت مسرعا إلى المسجد وفي الطّريق كنت اُحسّ بصعقات كهربائيّة تضرب قلبي وتنقطع أنفاسي ولكنّي قاومت إلى أن وصلت المسجد وبقيت هناك اُعاني وأترقّب بداية الإحتضار إلى أن دخل وقت الضّحى وبدأت حالتي تتحسّن ونبض قلبي يعتدل ولكن بقي الألم في قلبي, وعدت إلى البيت واُغمي عليّ وقبل استقاضي رأيت رؤية وكأنّي في مكان مجهول تائه وخائف أبحث عمّن يدلّني لطريق العودة إلى بيتي وإذا بي أرى مسجدا وكأنّه مسجد رسول لله صلّى الله عليه وأله وسلّم يحيطون به اُناس وإذا بي أسمع مناديا يقول : تقدّم فإنّ فيهم رجل لا يبيع دينه وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وأله وسلّم في الداخل يطلبك فتقدّمت برويّة وكلّي خشوع وفي الدّاخل جأني رجل لا أعرفه وأخذني إلى حجرة صغيرة ثمّ وقف عند بابها وقال : لبّي نداء الرّسول صلّى الله عليه وأله وسلّم وكان طول باب تلك الحجرة لا يتعدّى المتر الواحد فدخلت منحنيا في هدوء ورويّة وإذا بي اُفاجأ برسول الله صلّى الله عليه وأله وسلّم على فراش المرض يتألّم وتبدو شحوب على وجهه ودموع على عينه فأسندت ركبتيّ إلى ركبتيه ووضع كفّيه على كفيّ وقلت له إني أتألّم كثيرا لم ينطق بكلمة واحدة, فقط كان ينظر في وجهي وتزيد دموعه في عينه دون أن تسيل ثم يحرّك وجهه ويلّمح لي أن اصبر و لا تيأس و انتهت الرّؤية وأنا مازلت نائما, وعند استقاضي لم أفهم ما الّذي حدث لي وما الّذي يحدث ففكّرت في فتح جهاز الكمبيوتر لأرى ماذا أجد فوجدت رسالة جديدة تقول : يأخذ فترة طويلة ويعمل ببطئ فانتظر, واستمرّت الأعراض تعاودني وكلّ فترة تتراوح بين اُسبوع أو اُسبوعين تبدأ أعراض وألام جديدة فأعود إلى الطّبيب فيقول لي حالتك تبدو جيّدة وقلبك ونبضك في أحسن حال, وبعد أربعة أشهر لم أذق فيها راحة ولا نوما طبيعيّا بدأت أتحسّن شيئا ما, وأحسست أنّ كلّ ما حدث كان مجّرد أوهام لا أكثر, وتعاودني أعراض جديدة مختلفة حتّى شككت أنّ ما أصابني هو سمّ تمريضٍ ليوهموني أنّني سأموت ويروا إن كنت اُخفي أسرارا إرهابيّة ولي علاقة بتنظّيمات جهاديّة فاُحاول الإنتقام قبل أن يقتلني سمّهم, وكان هذا منطقيّ جدا خفّف عنّي ما أجده من الألم الفضيع,
وأمضيت سنة كاملة اُعاني من تلك الأعراض المختلفة, وقبل نهاية سنة 2010 بأسابيع بدأت أرى رؤية غريبة تتكرّر معي كثيرا بنفس المشاهد وهي : أرى نفسي قريبا من شاطئ البحر وتحت جبل عريض وسط اُناس كثيرون ثمّ يظهر في السّماء كوكوب ضخم يقترب من الأرض ببطئ ثمّ يصطدم بها ويدفع بالبحر على اليابسة فأفرّ إلى أعلى الجبل كي لا أغرق في المياه القادمة على شكل تسونامي وأسيتقظ فزعا, ثمّ تتكرّر معي هذه الرؤية وكأنّها تريد أن تأكّد لي أنّها ليست من أضغاث أحلام وأنّ زلازل قادمة عمّى قريب, وهذه الرّؤية تكرّرت معي مرّة اُخرى بعد 7 سنين بنفس المشاهد عند اشتداد الفتنة الّتي أصابتني, وعند دخول السّنة الجديدة 2011 بساعة واحدة بدأت تنتشر على جسمي بقع حمراء رهيبة مع حكّة شديدة لا تتوقّف, وفي غد صبيحة أوّل يوم من يناير سنة 2011 انتشرت تلك البقع الحمراء في كامل جسمي ما عدا الوجه والكفّين وكان هذا سبب في إخفاء ما أصابني على أهلي ومن حولي إلى يومنا هذا, وما أخفيت تلك المصيبة إلاّ كما أخفيت كلّ مواجعي ومصائبي, وكلّ كتماني لأحداث حياتي ورائه ذلك الشّيخ الغريب الّذي سيحلّ ألغاز قصّتي كلّها عند اكتمالي 40 عاما ثمّ يفتح عليّ باب لغز جديد بفتنة في الدّين أعظم وأشرس من فتنة المسيح الدّجّال, وفي نفس اليوم الّذي انتشرت فيه البقع الحمراء على جسدي, ظهرت رسالة تقول مرحبا بك في عالم الإيدز, وكانت تصلني أكثر الرّسائل بالإشارة والتّلميح على شاشة جهازي كرسائل اختراق للجهاز, ومن أهمّ ما وصلني فيها هو : لست وحدك من يُتقن الهروب من العدالة, يمكنك أن تنفي التّهمة عن نفسك بذكائك ولكنّك لا يمكنك أن تثبت التّهمة على من هو أذكى وأدهى منك, لقد مارست التّمويه في أماكن قاتلة فقتلك, وبعد فترة بدأت تظهر على جسمي بقع قيح كبيرة مع ألم شديد وأعراض مفزعة اُخرى و وصلتني رسالة استفزاز مع بداية تلك الأعراض الجديدة فيها تذكير بتلك الأيات الّتي كنت أردّ بها عليهم كما أسلفت سابقا, منها : والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. وبعدها هههههه ورسالة اُخرى تقول, يا غبي ما تلك الصغائر إلاّ لتكتشف العلّة وتذهب وحدك ولكنّك غبيّ ومنحوس فأخذت معك معظم خرفانك إن لم يكونوا كلّهم, ففهمت من هذه الكلمات أنّ تلك الأمراض الّتي كانت تعذّبني في بداية إصابتي بفيروسهم ما قصدوا بها سوى دفعي لتكرار زيارة الطّبيب حتّى يضطر لإرسالي إلى المستشفى لإجراء فحص الدّم فيكتشفوا فيروس الإيدز في دمي وبهذا يسلم من معي في البيت من انتقال الفيروس إليهم وبهذا أصابني ذعر شديد وتيقّنت أنّني فعلا مصاب بذلك الفيروس اللّعين فأصابني أعظم كابوس مرّ عليّ في حياتي, وعشت أيّام رُعب لا يمكن وصفها بالكلمات, شهر كامل 24 ساعة في اليوم لا تغادرني حكّة شديدة على كلّ جسدي حتّى خروج الدّم وظهور بقع جديدة, وبعد الشّهر بدأت الأعراض تقلّ وكانت الحكّة تهدأ ليلا ولكنّها توقذني فجرا بألم شديد ثم تهدأ وتعود, هكذا طوال اليوم لمدّة شهرين اُخرى فمرّت ثلاثة أشهر على تلك الحال ثمّ بدأت تهدأ وكلّ الفترة وأنا اُخفي ما اُعاني ولا أقوى على إخبار أحدٍ وكان أمل صغير في نفسي أن تكون تلك الأعراض من جنس الّتي مرّت سابقا, أيّ ليست مرضا حقيقيّا إنّما تجربتي فقط كما أسلفت, ولكنّ الأعراض الّتي كانت تظهر كانت أقوى من ذلك الأمل, وبعد الثّلاثة الأشهر بدأت تظهر التهابات وقروح داخل فمي وعلى لحم أسناني و أصابتني أيظا أعراض غريبة في وسط كفّي الأيسر حتّى بدا و كأنه يتعفّن فزاد يقيني بأنّي فعلا مصاب بداء الإيدز, عشت رعبا عظيما في ذلك الوقت, كنت أنتظر كلّ يوم متى يبدأ جهاز المناعة عندي بالإنهيار الشّامل فتبدأ الإتهابات والسّراطانات بالإنتشار والأرعب من هذا كلّه هو أن تظهر أعراض الفيروس في أحدٍ أخر ممّن هم حولي, يا له من كابوس عظيم لم يعد يهمّني كيف سينهش الفيروس اللّعين جسمي وكيف ستكون الألام الّتي سأموت بها إنّما الهمّ الوحيد الّذي سيطر على نفسي وعقلي هو : هل من أحدٍ من أحبابي وأقربائي انتقل إليه الفيروس اللّعين وهو لا يدري, كيف سأستحمل اكتشاف الفيروس في من هم حولي وبالأخصّ طفل اُختي رحمها الله فهو الأقرب إليّ من سواه ينام جنبي ويأكل ممّا اُعدّه له بيدي من الطعام ويشرب من نفس كأسي وهو الأكثر عرضة للانتقال الفيروس إليه من غيره وهو أحبّ خلق الله إلى قلبي كيف سأستحمل هذا البلاء إن حدث, وبينما أنا شارد في ذلك كلّه أشفقت عنّي نفسي وقاطعتني كي تخفّف عنّي همّي وقالت هدّء من روعك ليس ما أصابك إلاّ كسابقه, وليس مرضا حقيقيّا إنّما أرادوا تجربتك بما هو أشدّ ممّا سبق ثمّ استفزازك وإغضابك كي يروا إن كنت على علاقة بتنظيمات إرهابيّة فيغلب غضبك حذرك فتحاول الإتّصال بهم بطريقة ما لطلب المساعدة في الإنتقام فيكتشفوا سرّك وسرّ من ورائك إن وجد, فقلت هذا منطقيّ لا يردّه عقل ولكن يردّه رعب الإحتمال مهما كان ضعف نسبته إنّه أقوى من كلّ منطق, ولكنّ منطق نفسي أصرّ على إقناعي أنّ ما يحدث لي مجرّد لعبة تحقيق لا أكثر, والدّليل هو أنّ فيروس نقص المناعة لا ينشط بسرعة وأنا ما حدث معي كان من سنة فقط فلا يمكن للفيروس أن ينشط في الجسم بهذه السّرعة إلاّ إذا تمّ انتقال فيروس أخر من جنس أخر إلى جسمي حينئذ فقط سيزيد إحتماليّة التّنشيط الّذي يمكّنه من ضرب جهاز المناعة أو بداية إضعافه بسرعة, فاستسلمت لهذه المعلومة وجعلتها الأكثر إحتماليّة ولكن بعد هدوءٍ نفسيٍّ فترةً تذكّرت أنّني لاحظت وكأنّ شخصا لاحقني عن قرب وأنا في طريقي إلى الطّبيب في فترة الأعراض الغريبة فغلبت نفسي شكوكا أنّ الشّخص حاول أن يرشّ عليّ شيئا إن لم يكن قد فعل وبهذا الشّك فتح على نفسي باب احتمالٍ أن أكونَ قد تعرّضت لأكثر مرّة لنفس الأذى دون أن أدري, فتساوى عندي ألم الفيروس أو الأعراض المؤلمة الّتي تنهش جسمي وألم الوساوس ومنطق نفسي, كلّ شيء صار في خطّ واحد وهو خطّ الألم والفزع, فالأعراض تنهش جسمي وتألمني و وساوس نفسي ومنطقها تعذّبني بالحيرة وبه تغلق كلّ أبواب الأمل في وجهي, فاستسلمت لقضاء الله وأعلنت له أنّي صابر وأحتسب عنده بلائي, وبعد 4 أشهر بدأت تلك البقع الحمراء تهدأ ويسكن ألمها وتتقلّص إلى أن اختفت إلاّ أنّها شوّهت جسمي ببقع يختلف لونها عن لون جلدي لمدّة سنة كاملة, وتلك الأعراض الّتي صحبتها اختفت أيظا ولكن ظلّت تعاود الظّهور بشكل أخفّ لمدّة طويلة, وقبل انقضاء سنة ذلك البلاء لاحظت أنّ شعر لحيتي بدأ الشّيب ينتشر فيه بشكل رهيب, وبعد 7 سنوات أصبح الشّيب يشكّل في لحيتي أكثر من 65 في المئة على أقلّ تقديرٍ,
وبعد مرور سنة كاملة قلت في نفسي لقد سجنتني تلك الملاحقات 7 سنين في البيت لا أخرج إلاّ نادرا وفي وسط أهلي أو أقرب الأقربين إليّ ممّن أثق فيهم, ولم يكن أيّ فرق في كلّ تلك الفترة الّتي أمضيتها على تلك الحال وبين سجن حقيقيّ إلاّ قرب أهلي منّي فلم أكن أذهب للمسجد ولا أحضر صلاة الجمعة ولا أخرج إلاّ نادرا وبالطّريقة الّتي أسلفت, بل إنّ السّجن الحقيقيّ أرحم وأهون من سجني في البيت مع الخوف والفزع والمصائب الّتي لا تتوقّف, فالسّجناء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون إلاّ انتظار انقضاء مدّة عقوبتهم, أمّا سجني فقد كان حرمانا من حريّة أملكها ولا أستطيع مُمارستها, وكان تعذيبا جسديّا ونفسيّا وعصبيّا, وتهديدا مع انتظار مصير مجهول, وكان كلّ هذا في فترة دامت 7 سنين كاملة و 11 سنة بين كرّ وفرّ, أيّ بين تحدّي التّهديدات بالخروج وممارسة الحياة الطبيعيّة وبين هروب من شبح أجهزة الأمن ومكرها, ولم تكن محاولاتي للعدوة إلى الحياة الطبيعيّة أكثر من شهر إلى ثلاثة, ثمّ تعود الملاحقات لتطاردني فأعود إلى سجن بيتي,
فقلت في نفسي أيّ شيء أخشاه بعد الّذي أصابني, إن كنت أحمل فيروسا حقيقيّا فإنّني هالك لا محالة, وأيّ هلاك أخر أخشاه أكثر من الّذي أنا فيه, وإن كان ما أصابني ليس إلاّ خدعة فإنّها كافية لإثبات أنّني شخص مسالم لا علاقة لي بأيّ عنف ولا بمن يحسبون فيه, فقرّرت الخروج من سجني وخرجت متوكّلا على الله ولم اُلاحظ أيّ شيء بتاتا, ومرّت ثلاث سنوات وأنا في حالة هادئة أخرج كيف أشاء دون خوف ولا حذر ولكن داخل مدينتي فقط لا أأمن مغادرتها, والغريب في هذا الجزأ من قصّتي هو أنّني لم أذهب إلى الطّبيب مطلقا بعد ظهور أعراض نقص المناعة في جسمي كأنّ شيء خفيّ يمنعني بأسباب أو بغيرها تماما كما عشت طفولتي و أوّل شبابي كاتما أسراري وألامي لا اُخبر بها أحدا, إنّه طبع في نفسي بل شيء أخر هذا ما ستأكّده الأحداث القادمة, وأمضيت ثلاث سنوات في هدوء نسبيّا لا يلاحقني أحد ولا تصلني أيّ رسائل استفزاز جديدة إلاّ كلمة واحدة وهي : الإيدز أو كلمة في جملة انجليزيّة ( إيتس), في البداية كنت أظنّها مقصودة للإستهزاء منّي وفهمت أنّها تلمّح إلى أنّني خدعت لسنين طويلة وبذلك سجنوني في بيتي بخوفي وألامي فتحقّق لهم مرادهم بسجني دون محاكمة وبذلك تمّ لهم معاقبتي على ما ضبط عندي ولم اُحاكم عليه بسبب ادّعائي عدم المسؤليّة تمويها بالمرض, ولكن مع مرور الوقت اعتبرت تلك الكلمة الّتي تستحوذ على عينايّ في كلّ مكان مجرّد صدف تتحسّس بها أعصابي بسبب قسوة محنتي الطّويلة, فقرّرت تجاهلها وعدم الإتفات إليها ولم أكن أدري أنّها أهمّ محطّة بعد المحطّة الأولى في قصّة حياتي كلّها, وأكملت حياتي دون التّأثر بتلك الكلمة الّتي لا تفارقني, وكأنّ تلك الثّلاث سنوات الهادئة كانت تهيّئني للفتنة العظيمة عند لقائي بالشّيخ الغريب, فتوقّفت المحن والإبتلائات القاسيّة لكي أخرج من سجن بيتي و أخالط النّاس من جديد بعد عزلة دامت 11 سنة,
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.28 كيلو بايت... تم توفير 1.86 كيلو بايت...بمعدل (2.35%)]