وصف القرآن الكريم لحال أكثر الناس بأنهم لا يعلمون - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854888 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389763 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-07-2020, 12:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي وصف القرآن الكريم لحال أكثر الناس بأنهم لا يعلمون

وصف القرآن الكريم لحال أكثر الناس بأنهم لا يعلمون
د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي




تمهيد
اهتمت وأكدت الشريعة الإسلامية على طلب العلم ومدح أهله والثناء عليهم، والآيات الكريمات والأحاديث الشريفة في هذا الباب كثيرة جداً فمن ذلك: قال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18].

وقد أشار ابن عادل رحمه الله في تفسيره: بأن هذه الآيةُ دلّت على فَضْل العلم وشرف العلماء؛ فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنه الله تعالى باسمه واسم ملائكته كما قرن الله سبحانه اسم العلماء، وقال تعالى لنبيه صلى عليه وسلم: ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [طه: 114]، فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيَّه المزيد منه كما أمره أن يستزيد من العلم [ابن عادل، اللباب، ج 3، ص 480 ].

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].

وأوضح البيضاوي رحمه الله في تفسيره عند تفسير هذه الآية: ويرفع العلماء منهم خاصة درجات بما جمعوا من العلم والعمل؛ فإن العلم مع علو درجته يقتضي العمل المقرون به مزيد رفعة [البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج 5، ص 277].

وجاء في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " [سنن ابن ماجه، حديث رقم: 224]، وقال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ " [صحيح البخاري، حديث رقم: 71].

وقوله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ " [سنن أبي داود، حديث رقم: 3157].

وجاء في معجم الأدباء عدة أقوال لشرف العلم ومنها: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كفى بالعلم شرفاً أنه يدعيه من لا يحسنه، ويفرح إذا نسب إليه من ليس من أهله، وكفى بالجهل خمولاً أنه يتبرأ منه من هو فيه، ويغضب إذا نسب إليه.

ونظم بعض الشعراء فقال:
كفَى شَرَفاً لِلْعِلْمِ دَعْوَاهُ جَاهِلٌ وَيَفْرَحُ أَنْ يُدْعَى إِلْيهِ وَيُنْسَبُ

وقال علي كرم الله وجهه: كل شيء يعز إذا نزر ما خلا العلم فإنه يعز إذا غزر [انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء، ص 1].

وللأسف الشديد ومما يحز في النفوس جداً عزوف الكثير من الناس اليوم عن طلب العلم وخصوصاً العلم الشرعي الذي به يعرف الإنسان ربه عز وجل ويعرف تعاليم دينه وماله وما عليه، ولذلك تجد جهلاً مطبقاً في كثير من أمور الحياة والذي يجب أن تُعرف من الدين بالضرورة.

والقرآن الكريم ذكر في عدد من الآيات قوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾؛ مما يجعلنا بحاجة إلى تأمل هذه الآيات والتعرف على أهم المضامين التربوية التي تضمنتها.

أ- الآيات التي ورد فيها أن أكثر الناس لا يعلمون.
المتأمل في الآيات الكريمات التي اختتمت بأن الأكثرية لا يعلمون؛ يجدها في مجملها ست وعشرين آية؛ منها إحدى عشرة آية اختتمت بقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾، وهناك خمس عشرة آية اختتمت بعبارات مختلفة؛ قوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾، وقوله تعالى ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾.

ولذلك رأيت من المناسب تقسيم الآيات هنا إلى قسمين فقط؛ القسم الأول: آيات مباشرة اختتمت بأن أكثر الناس لا يعلمون وعددها إحدى عشرة آية، والقسم الثاني: آيات غير مباشرة اختتمت بأن أكثر الناس لا يعلمون وعددها خمس عشرة آية.

القسم الأول: آيات مباشرة اختتمت بأن أكثر الناس لا يعلمون.
1- قال تعالى: ﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف:187].

2- قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف:21].

3- قال تعالى: ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف:39-40].

4- قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف:68].

5- قال تعالى: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل:38].

6- قال تعالى: ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم:6 – 7 ].

7- قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم:30].

8- قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ:28].

9- قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ:35-36].

10- قال تعالى: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [غافر:57].

11- قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية:26].

القسم الثاني: آيات غير مباشرة اختتمت بأن أكثر الناس لا يعلمون.
1- قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام:37].

2- قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾ [الأنعام:111].

3- قال تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف:131].

4- قال تعالى: ﴿ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال:34].

5- قال تعالى: ﴿ أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس:55].

6- قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل:75].

7- قال تعالى: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل:101].

8- قال تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء:24].

9- قال تعالى: ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص:13].

10- قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص:57].

11- قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [لقمان:25].

12- قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر:29].

13- قال تعالى: ﴿ فَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر:49].

14- قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الدخان:38 - 39].

15- قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الطور:47].

ب– المضامين التربوية للآيات الكريمات المشار إليها في القسمين.
بعد الاطلاع على بعض كتب التفسير لمعرفة أقوال العلماء وتأويلاتهم وما خلصوا إليه في فهم الآيات المشار إليه، وبالنظر والتأمل في هذه الأقوال وجدتها تضمنت مجموعة من المضامين التربوية، ومن أهمها ما يلي:
أولاً: إن تكرار قوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ يؤكد أن الأمر كله بيد لله عز وجل ولا أحد كائناً من كان يعلم لطائف صنعه وخفايا فضله، قال تعالى: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة: 55]، وقال تعالى: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه:110]، وأشار القرطبي رحمه الله عند تفسير هذه الآية: أي لا أحد يحيط به علماً إذ الإحاطة مشعرة بالحد، ويتعالى الله تعالى عن التحديد [القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 11، ص 248].

وزد على ذلك ففي قول الله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ توجيه وإرشاد حول الآتي:
1- عدم تقدير الله تعالى حق قدره لجهل أكثر الناس بكمال قدرة الله تعالى وعموم علمه ونفاذ إرادته وسمو حكمته؛ وكل صفات الكمال المستحقة له سبحانه وتعالى، وقد تقرر ذلك في أكثر من آية، قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأنعام: 91]، وقال تعالى: ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 74]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

2- أهمية طلب العلم والسعي الجاد إليه والحرص على اختيار أهله الذين بصحبتهم والتعلم على يديهم يبتغون وجه الله تعالى، وليس لديهم أهواء وشبهات، أو فساد في التصور والسلوك.

3- العناية التامة باختيار الوسائل والأساليب المتجددة والمتنوعة التي تعين على نشر دين الله تعالى وتقبل شرعه والعمل به.

4- إن كثيراً من الناس يجهلون العلم الشرعي النافع الذي يعود عليهم بالخير في الدنيا والآخرة.

5- الاستمرار في طلب العلم وعدم التوقف عند مرحلة معينة، فالعلم بحر زاخر لا ساحل له، فالواجب على الجميع دون استثناء مواصلة العلم واستغلال الأوقات في كل ما يفيد وينفع.

6- وأوضح محمد سيد طنطاوي - حفظه الله - عند تفسير قوله تعالى: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 38]، وقوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]: وهنا يتضح مدح الله تعالى للقلة من الناس الذين يعطيهم الله تعالى من فضله ما يجعلهم لا يندرجون في الكثرة التي لا تعلم؛ بل هو سبحانه يعطيهم من فضله ما يجعلهم يعلمون مالا يعلمه غيرهم [طنطاوي، التفسير الوسيط، ج 1، ص 2298].

ثانياً: أهمية ومشروعية السؤال عما يحتاج إليه المسلم في كل أمور دينه ودنياه، ولكن يجب عليه أن يقف عند بعض الموضوعات التي استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمها؛ كالسؤال عن الساعة لأنه خال من المصلحة الموجبة تعلمها، ولأنه لا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب، حيث قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [لأعراف:187]، ولو كانت هناك مصلحة لكان الله تعالى أوضحها وأعملها لخلقه الحريص على هدايتهم ونفعهم وبيان ما يصلحهم قال تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك:14].

ثالثاً: إن استئثار الله تعالى بعلم الساعة لحكمة بالغة بحيث تأتي فجأة ﴿ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ﴾ [الأعراف:187]؛ حتى يستعد الناس وتهيئوا لها بالعمل الصالح ويبتعدوا كل الابتعاد عن المعاصي والذنوب التي أمر الشارع الحكيم باجتنابها لينال المجد ثواب اجتهاده جنة عرضها السموات والأرض، وينال الكسول جزاء كسله وإعراضه العقاب الذي يستحقه وما أعده الله له، كما ورد في الحديث القدسي الطويل ومنه: " يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ " [صحيح مسلم، حديث رقم: 4674، ج 12، ص 455].

وقال أبو الحسن الخازن رحمه الله في تفسيره حول سبب إخفاء الساعة: " وسبب إخفاء علم الساعة ووقت قيامها عن العباد ليكونوا على خوف وحذر منها لأنهم إذا لم يعلموا متى يكون ذلك الوقت كانوا على وجل وخوف وإشفاق منها، فيكون ذلك أدعى لهم إلى الطاعة والتوبة وأزجر لهم عن المعصية " [الخازن، لباب التأويل في معاني التنزيل، ج 2، ص 140].

رابعاً: إن بعض الناس تجده مغرم بالسؤال والبحث والتنقيب عن بعض الأمور التي ليس له مصلحة إطلاقاً في السؤال عنها، ولا هو مطالب بها سواء في بعض أمور دينه أو دنياه، ولذلك يجب على المسلم العاقل الحصيف أن يتنبه إلى ذلك ويحرص كل الحرص على السؤال المفيد الذي بالجواب عنه يجد له منفعة وفائدة مرجوة تقربه إلى الله تعالى، وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ " [صحيح البخاري، حديث رقم: 1383، ج 5، ص 328].

وأوضح ابن حجر رحمه الله: أَنَّهُ نهَي عَنْ الْإِكْثَار بِمَا لَا فَائِدَة فِيهِ مِنْ الْكَلَام [انظر: ابن حجر، فتح البارئ شرح صحيح البخاري، ج 18، ص 297].

خامساً: لله تعالى حكمة بالغة في تدبير شؤون العباد؛ فقد رفع بعضاً على بعض فمنهم من يكون نبياً، ومنهم من يكون عالماً، ومنهم من يكون مهنياً، ومنهم من يكون ذا جاه، وهكذا؛ فالله سبحانه دبر أمور عباده بعلمه بقلوبهم قال تعالى: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32].

ويعلق سيد قطب رحمه الله هنا بقوله: ليس التسخير هو استعلاء طبقة على طبقة، أو استعلاء فرد على فرد كلا! إن هذا معنى قريب ساذج، لا يرتفع إلى مستوى القول الإلهي الخالد لأن مدلول هذا القول أبقى من كل تغير أو تطور في أوضاع الجماعة البشرية، وأبعد مدى من ظرف يذهب وظرف يجيء.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-07-2020, 12:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وصف القرآن الكريم لحال أكثر الناس بأنهم لا يعلمون

ثم يضيف رحمه الله إن كل البشر مسخر بعضهم لبعض ودولاب الحياة يدور بالجميع، ويسخر بعضهم لبعض في كل وضع وفي كل ظرف، المقدر عليه في الرزق مسخر للمبسوط له في الرزق، والعكس كذلك صحيح، فهذا مسخر ليجمع المال فيأكل منه، ويرتزق ذاك وكلاهما مسخر للآخر سواء بسواء، والتفاوت في الرزق هو الذي يسخر هذا لذاك، ويسخر ذاك لهذا في دورة الحياة العامل مسخر للمهندس ومسخر لصاحب العمل والمهندس مسخر للعامل ولصاحب العمل وصاحب العمل مسخر للمهندس وللعامل على السواء؛ وكلهم مسخرون للخلافة في الأرض بهذا التفاوت في المواهب والاستعدادات والتفاوت في الأعمال والأرزاق [قطب، في ظلال القرآن، ج 6، ص 352].

سادساً: البعد كل البعد عن إتباع الهوى والشهوة في أمور الحياة وخصوصاً ما له علاقة مباشرة من قريب، أو من بعيد بأمور الدين لأنه يترتب عليها تحريف وتغيير ما شرع الله تعالى ليوافق الأهواء والشهوات والرغبات، وأن يكون الإنسان دائماً متبع لا مبتدع ويسعى لمرضاة الله تعالى.

سابعاً: الحرص كل الحرص على تطبيق حكم الله تعالى في ما أمر ونهى وخصوصاً في حسن التوجه والانقياد لله تعالى، والبعد عن الإشراك به والعناية بتوحيده في أسمائه وصفاته قولاً وفعلاً، ولذا قال تعالى: ï´؟ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ï´¾ [المائدة: 44]، وقال تعالى: ï´؟ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ï´¾ [المائدة: 45]، وقال تعالى: ï´؟ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ï´¾ [المائدة: 47].

ثامناً: أهمية القول الحسن واختيار العبارات اللطيفة الرقيقة، وضرب المثل عند دعوة الآخرين، فقد أشار أبو السعود رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى: ï´؟ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ï´¾ [يوسف: 39] ما نصه " ناداهما بعنوان الصحبة في دار الأشجانِ ودارِ الأحزان التي تصفو فيها المودةُ وتخلُص النصيحةُ ليُقبِلا عليه ويَقبَلا مقالتَه "، ولذلك يجب على المربين والدعاة والمصلحين مراعاة جانب الرفق واللين والقول الحسن في النصيحة والدعوة إلى الله تعالى [أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، ج 3، ص 437].

تاسعاً: على الإنسان أن يُحَكَّمَ عقله ويحسن النظر والتأمل في حقيقة عباداته، ولا يكون إمعة وتابعاً لغيره دون تبصر فيقع في أمور تخالف حقائق الأشياء لأن هذا الدين دين عظيم من وهبه الله تعالى عقلاً نيراً وبصيرة صافية فإنه يجد مبتغاه، ويتحقق له بالبرهان العقلي والسلطان النقلي أن هذا الدين هو الدين الحق الذي جاء به النبي الخاتم صلى الله تعالى وسلم عليه وآله من الله سبحانه وتعالى.

عاشراً: الحرص والعناية التامة بتقوى الله تعالى في السر والعلن فهي خير زاد، وهي سفينة النجاة للإنسان في الدنيا والآخرة وهي مفتاح كل خير، وهي سبب رئيس في الحصول على مرضات الله تعالى وتعليم الله له قال تعالى: ï´؟ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾ [البقرة: 282].

الحادي عشر: اللجوء بعد الله تعالى إلى أهل العلم والحكمة والرأي السديد في ما يحصل من عوارض ورزايا؛ فهم أقدر الناس على إبداء الرأي والمشورة من خلال ما اكتسبوه من خبرة علمية وعملية، ومن خلال ما حباهم الله تعالى من حكمة وبعد نظر.

الثاني عشر: العناية والاهتمام بأخذ الحيطة والحذر في كل الأمور؛ وخصوصاً الأمور المهمة التي يترتب عليها حوادث ونتائج، قال الله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ï´¾ [النساء: 71]، وقوله تعالى: ï´؟ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ï´¾ [النساء: 102].

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه [انظر: القاضي عياض، الشفا، ط 3، ص 81].

الثالث عشر: يجب أن يحرص الإنسان المسلم أن يعمل بما عمل؛ فهذا دأب الأنبياء والعلماء الربانيين وعباد الله الصالحين، كقول شعيب: ï´؟ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ï´¾ [هود: 88]، ولعامة المؤمنين: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ï´¾ [الصف: 2- 3].

الرابع عشر: اليقين التام الذي لا يسايره أدنى شك بقدرة الله تعالى وعظمته في نصر عباده المؤمنين إذا ما أحسنوا التوجه إلى الله تعالى وعملوا بما علموا، وأخذوا بالسنن والأسباب المادية التي عن طريقها تتحقق الأشياء، فإنه بإذن الله تعالى يأتي بعد ذلك عون الله ونصره، قال تعالى: ï´؟ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ï´¾ [الحج: 40].

الخامس عشر: إن سبب بُعد الكثير من الناس عن الله تعالى وعدم الالتزام بشرعه غفلتهم؛ فهم كما قال الله تعالى: ï´؟ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ï´¾ [الروم: 7].

وقال السعدي رحمه الله في تفسيره حول هذه الآية كلاماً جميلاً ما نصه: " ومن العجب أن من الناس قد بلغت بكثير منهم الفطنة والذكاء في ظاهر الدنيا إلى أمر يحير العقول ويدهش الألباب وأظهروا من العجائب الذرية والكهربائية والمراكب البرية والبحرية والهوائية ما فاقوا به، وبرزوا وأعجبوا بعقولهم ورأوا غيرهم عاجزاً عما أقدرهم اللّه عليه فنظروا إليهم بعين الاحتقار والازدراء، وهم مع ذلك أبلد الناس في أمر دينهم وأشدهم غفلة عن آخرتهم وأقلهم معرفة بالعواقب، قد رآهم أهل البصائر النافذة في جهلهم يتخبطون وفي ضلالهم يعمهون وفي باطلهم يترددون نسوا اللّه تعالى فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون، وهذه الأمور لو قارنها الإيمان وبنيت عليه لأثمرت الرُّقِيَّ العالي والحياة الطيبة ولكنها لماّ بُني كثير منها على الإلحاد لم تثمر إلا هبوط الأخلاق وأسباب الفناء والتدمير [السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج 1، ص 636].

ولا شك أنه لا يوقظ هذه الغفلة عند الإنسان ويحي القلوب إلا طلب العلم الشرعي، والعناية بمجالس الذكر فهي تزيد حرارة الإيمان وتذكر الغافل كما قال تعالى: ï´؟ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [الذاريات: 55]، وقال تعالى: ï´؟ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ï´¾ [الأعلى: 9-10].

السادس عشر: العناية التامة بتوحيد الله تعالى ولزوم فطرة الله عز وجل التي تعني توحيده سبحانه؛ وهي التي فطر الناس عليها، قال تعالى: ï´؟ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ï´¾ [الأنبياء:24].

السابع عشر: العناية التامة بالإخلاص لله تعالى في جميع الأحوال وإقامة دينه وفق ما شرع من أوامر ونواه، وأشار السعدي رحمه الله عند قوله تعالى فقال: ï´؟ فَأَقِمْ وَجْهَكَ ï´¾ [الروم: 30] أي: " انصبه ووجهه إلى الدين الذي هو الإسلام والإيمان والإحسان بأن تتوجه بقلبك وقصدك وبدنك إلى إقامة شرائع الدين الظاهرة كالصلاة والزكاة والصوم والحج ونحوها، وشرائعه الباطنة كالمحبة والخوف والرجاء، والإنابة والإحسان في الشرائع الظاهرة والباطنة بأن تعبد اللّه تعالى فيها كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " [السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج 1، ص 640].

الثامن عشر: يجب أن يحرص المربون في كافة مواقعهم وعلى مختلف مستوياتهم بالمحافظة على فطرة الناشئة من أن تكدر أو تشوبها شائبة، أو تتأثر بالمؤثرات السلبية التي تفسدها، ولذلك قال السعدي رحمه الله عند تفسير قول الله تعالى: ï´؟ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ï´¾ [الروم: 30]: إن جميع أحكام الشرع الظاهرة والباطنة قد وضع اللّه تعالى في قلوب الخلق كلهم الميل إليها فوضع في قلوبهم محبة الحق وإيثار الحق، وهذا حقيقة الفطرة ومن خرج عن هذا الأصل فلعارض عرض لفطرته أفسدها كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ " [صحيح البخاري، حديث رقم: 1296، ج 5، ص 182] ï´؟ لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ï´¾ أي: لا أحد يبدل خلق اللّه فيجعل المخلوق على غير الوضع الذي وضعه اللّه تعالى، ï´؟ ذَلِكَ ï´¾ الذي أمرنا به ï´؟ الدِّينُ الْقَيِّمُ ï´¾ أي: الطريق المستقيم الموصل إلى اللّه وإلى كرامته فإن من أقام وجهه للدين حنيفاً فإنه سالك الصراط المستقيم في جميع شرائعه وطرقه ï´؟ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ فلا يعرفون الدين القيم وإن عرفوه لم يسلكوه [السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج 1، ص 640].

التاسع عشر: الجهل المركب لدى الكثير من غير المسلمين بأن الدين الإسلامي ليس خاتم الأديان، وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ليس آخر الرسل، وأنه لم يبعث للناس كافة بشيراً ونذيراً، فحينئذ لا غرابة أن يجد المسلمون هجمات شرسة على الدين الإسلامي وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا مشاهد وملموس اليوم.

ولهذا كان لازماً على المسلمين اليوم كل حسب موقعه أن يسعى إلى بيان هذه الحقيقة التي بينها وأكد عليها القرآن الكريم في غير ما آية، قال تعالى: ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [سبأ:28]، وقال تعالى: ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ï´¾ [الأنبياء: 107].

العشرون: إن الله تعالى تكفَّل بتوزيع الأرزاق وبسطها على الناس حسب علمه تعالى وحكمته، وليس مجرّد بسط الرزق يدل على أنه قد رضي عنهم ورضي عملهم، ولا قبضه عمن قبضه عنه يدل على أنه لم يرضه، ولا رضي عمله، ولكن أكثر الناس يجهلون الحكمة في ذلك فمنهم من يزعم أن مدار البسط الشرف والكرامة، ومدار التضييق الهوان والحقارة؛ فأكثر الناس تلتبس عليهم الأمور فيخلطون بينها ولا يضعونها في مواضعها قال تعالى: ï´؟ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [سبأ:36] [انظر: الشوكاني: فتح القدير، ج 6، ص 113].

وأضاف محمد سيد طنطاوي - حفظه الله - في تفسيره عند قوله تعالى: ï´؟ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [سبأ:36]: ولم يدركوا لجهلهم وانطماس بصائرهم أن بسط الرزق قد يكون للاستدراج، وأن تضييقه قد يكون للابتلاء والاختبار ليتميز قوي الإِيمان من ضعيفه [طنطاوي، التفسير الوسيط، ج 1، ص 3483].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-07-2020, 12:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وصف القرآن الكريم لحال أكثر الناس بأنهم لا يعلمون

وقال الألوسي رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى: ï´؟ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [سبأ:36]: وقد يوسع على شخص مطيع أو عاص تارة ويضيق عليه أخرى يفعل كل ذلك حسبما تقتضيه مشيئته عز وجل المبنية على الحكم البالغة، فلوكان البسط دليل الإكرام والرضا لاختص به المطيع، وكذا لو كان التضييق دليل الإهانة والسخط لاختص به العاصي قال الشاعر:
ومن الدليل على القضاء وحكمه ♦♦♦ بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
[الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج 16، ص 318].

الواحد والعشرون: أهمية استخدام البرهان والدليل العقلي لغير المسلمين لتوضيح حقائق وأحكام الدين الإسلامي، قال تعالى: ï´؟ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [غافر:57].

وقال الإمام الرازي رحمه الله: أن يقال لما قدر الله تعالى على الأقوى الأكمل فبأن يقدر على الأقل كان أولى، وهذا الاستدلال في غاية الصحة والقوة، ولا يرتاب فيه عاقل ألبتة، ولكن المشكلة تكمن في قصُورِهم في النظرِ والتأملِ لفرطِ غفلتِهم وإتباعهم لأهوائِهم [الرازي، مفاتيح الغيب، ج 13، ص 348].

الثاني والعشرون: العمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الكثير من الناس والتي شاعت من خلال الفهم الخاطئ لنصوص الشريعة، أو من خلال الاعتماد على أحاديث ضعيفة، أو موضوعة، أو من خلال أقوال لبعض أناس ليس لهم حظ وافر من العلم الغزير والفهم السليم.

الثالث والعشرون: اليقين أن ما أصاب الإنسان من خير وشر من الله تعالى، وما أصابهم من المصائب والبلايا ليس إلا بما كسبتْ أيديهم، قال تعالى: ï´؟ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الأعراف:131]، لكن أكثرهم يجهلون هذه الحقيقة، فيقولون ما يقولون مما تمليه عليهم أهواؤهم وجهالاتهم عِناداً واستكباراً.

الرابع والعشرون: التفكر في ملكوت الله تعالى وما أودعه الله عز وجل فيه من المخلوقات والأجرام السماوية، وأن ذلك مدعاة للإيمان وحسن التوجه إلى الله سبحانه بأنه الخالق المدبر المعبود الذي لا يُعْبد سواه، قال تعالى: ï´؟ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الدخان: 38 - 39].

وقال السعدي رحمه الله: وفي هذه الآية يخبر الله تعالى عن كمال قدرته، وتمام حكمته، وأنه ما خلق السماوات والأرض لعباً ولا لهواً أو سدى من غير فائدة، وأنه ما خلقهما إلا بالحق، وخلقهما مشتمل على الحق، وأنه أوجدهما ليعبدوه وحده لا شريك له، وليأمر العباد وينهاهم ويثيبهم ويعاقبهم، ï´؟ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾، فلذلك لم يتفكروا في خلق السماوات والأرض [السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج 1، ص 774].

الخامس والعشرون: بيان أهمية وفضيلة توحيد الله تعالى، وشرف العبودية لله سبحانه على عكس عبودية البشر وعبودية الدنيا وملذاتها؛ فهي مذلة فشتان بين عبودية المخلوق وعبودية الخالق سبحانه، قال تعالى: ï´؟ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [النحل:75]، وقال تعالى: ï´؟ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [لقمان:25]، قال تعالى: ï´؟ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الزمر:29]، قال تعالى: ï´؟ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ï´¾ [الأنبياء:24].

وقال أبو الحسن الخازن رحمه الله عند تفسير قول الله تعالى: ï´؟ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الزمر:29]: هذا مثل ضربه الله تعالى للكافر الذي يعبد آلهة شتى، والمؤمن الذي يعبد الله جل وعز وحده، فكان حال المؤمن الذي يعبد إلهاً واحداً أحسن وأصلح من حال الكافر الذي يعبد آلهة شتى [الخازن، شتى لباب التأويل في معاني التنزيل، ج 5، ص 312].

ولو نظرنا إلى عبد يؤله البشر، أو يكون عبداً للدينار والدرهم وشهواته المتعددة لاتضح مدى الإهانة والمذلة التي عليها هذا العبد نسأل الله تعالى السلامة.

لذلك يجب على الإنسان المسلم أن يحرص كل الحرص على عبودية الله تعالى، والالتجاء إليه بالكلية في كل حوائجه صغيرها وكبيرها قليلها وكثيرها فليس لأحد مطلق القدرة والإرادة إلا الله سبحانه فهو الخالق المدبر؛ وأمره بين الكاف والنون، فكيف بعد ذلك نعبد غيره، أو نرجو سواه نعوذ بالله من الغفلة وقلة التوفيق.

السادس والعشرون: اليقين الجازم بأهمية القرآن الكريم وأنه كتاب هداية وإرشاد وبيان لكافة مناحي الحياة أنزله الخالق المدبر العليم بمصالح العباد وما يصلح لهم وما لا يصلح، ومع هذا الاعتقاد الجازم يجب على المسلم أن يوليه عناية واهتمام كاملين من حفظ وتدبر وتطبيق.

قال تعالى: ï´؟ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [النحل:101]، وقال الرازي رحمه الله عن معنى قول الله تعالى: ï´؟ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ï´¾ التي اختتمت بها الآية المشار إليها أي: لا يعلمون حقيقة القرآن الكريم، وفائدة النسخ والتبديل، وأن ذلك لمصالح العباد كما أن الطبيب يأمر المريض بشربة ثم بعد مدة ينهاه عنها ويأمره بضد تلك الشربة [الرازي، مفاتيح الغيب، ج 9، ص 416].

السابع والعشرون: اليقين الجازم بأن علم الله تعالى وقدرته محيطة بكل الأمور الكونية والاجتماعية قال تعالى: ï´؟ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [القصص:13].

وقال محمد سيد طنطاوي - يحفظه الله - عن معنى قول الله تعالى: ï´؟ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ï´¾ [القصص:13] أي: ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقيقة حق العلم، ولذا يستعجلون الأمور دون أن يفطنوا إلى حكمته سبحانه في تدبير أمر خلقه [الطنطاوي، التفسير الوسيط، ج 1، ص3251].

وقد تأكد هذا المعنى المهم والجميل في كثير من الآيات بصورة إجمالية فمن ذلك، قال تعالى: ï´؟ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ï´¾ [آل عمران: 29]، وقال تعالى: ï´؟ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ï´¾ [الطلاق: 12].

الثامن والعشرون: الصبر على المصائب والرزايا والنكبات، وعدم اليأس فإن النصر والتمكين على الأعداء وعلى الظالمين واقع بإذن الله تعالى للمؤمنين الموحدين، قال تعالى: ï´؟ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ï´¾ [إبراهيم: 42]، وليحذر كل الحذر كل إنسان من ظلم أخيه الإنسان بأي نوع من أنواع الظلم.

التاسع والعشرون: قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره عند قول الله تعالى: ï´؟ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [القصص:13]: إن ذلك تعليم بأن الله بالغٌ أمره بتهيئة الأسباب المفضية إليه، ولو شاء الله لأهلك فرعون ومن معه بحادث سماوي، ولمَا قدّر لإهلاكهم هذه الصورة المرتبة ولأنجى موسى وبني إسرائيل إنجاء أسرع، ولكنه أراد أن يحصل ذلك بمشاهدة تنقلات الأحوال ابتداء من إلقاء موسى في اليمّ إلى أن رَدّه إلى أمه فتكون في ذلك عبرة للمشركين الذين قال عنهم الله تعالى: ï´؟ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ï´¾ [الأنفال: 32] [ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 10، ص 363].

الثلاثون: عناية الإنسان بإصلاح نفسه والحرص كل الحرص على إتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه؛ لأن ذلك بعون الله تعالى دليل خير في المجتمع المسلم، فلعل الله تعالى بصلاحه وإخلاصه ودعائه يكون سبباً في صلاح مجتمعه، أو التخفيف من عقوبة الله تعالى للعاصين، وحول ذلك قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره عند قول الله تعالى: ï´؟ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [القصص:13]: إن العبرة بأن وجود الصالحين من بين المفسدين يخفف من لأواء فساد المفسدين؛ فإن وجود امرأة فرعون كان سبباً في صد فرعون عن قتل الطفل مع أنه تحقق أنه إسرائيلي، فقالت امرأته: ï´؟ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ï´¾ [القصص: 9]، كما يؤكد ذلك على أهمية الدعاء من قبل الصالحين، وأنه من الأسلحة القوية والسهام الفتاكة للنيل من الأعداء بإذن الله تعالى [ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 10، ص 364].

الواحد والثلاثون: لا يحقق الأمن الحقيقي في البلاد والعيش الرغيد ويبعد عن عذاب الله ومقته وغضبه إلا توحيد الله سبحانه وطاعته في القيام بأوامره واجتناب نواهيه، قال تعالى: ï´؟ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ï´¾ [الأنعام: 82]، وقال تعالى: ï´؟ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ï´¾ [الأعراف: 96]، وقال تعالى: ï´؟ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ï´¾ [المائدة: 65: 66]، ï´؟ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ï´¾ [القصص: 58]، وقال ابن الجوزي رحمه الله في تفسيره عند هذه الآية: والبطر: الطُّغيان في النِّعمة، قال عطاء: عاشوا في البطر؛ فأكلوا رزق الله تعالى وعبدوا الأصنام [ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، ج 5، ص 54].

الثاني والثلاثون: أهمية التذكير والاتعاظ بما في القرآن الكريم من أمثال كثيرة متعددة ومتنوعة، قال تعالى: ï´؟ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الزمر:29].

وقال الألوسي رحمه الله في تفسيره: بأن إيراد المثل من الأمثال القرآنية بعد بيان أن الحكمة في ضربها هو التذكر والاتعاظ بها وتحصيل التقوى [الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج 17، ص 463].

الثالث والثلاثون: على الإنسان المسلم أن يحمد الله تعالى على ما منَّ الله تعالى به عليه من نعمة التوحيد وعدم الشرك، وقد تكرر هذا المعنى مرتين هنا عند قوله تعالى: ï´؟ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [النحل:75]، وعند قوله تعالى: ï´؟ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الزمر:29].

الرابع والثلاثون: أهمية تذكر شكر الله تعالى على ما يُنعم به سبحانه من نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى مثل: نعمة المال ونعمة الزوجة ونعمة الأولاد والصحة، قال تعالى: ï´؟ فَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الزمر:49].

وعلق هنا سيد قطب رحمه الله بقوله: والآية تصور نموذجاً مكرراً للإنسان ما لم تهتد فطرته إلى الحق وترجع إلى ربها وتعرف الطريق إليه فلا تضل عنه في السراء والضراء.

وأضاف رحمه الله إن الضر يسقط عن الفطرة ركام الأهواء والشهوات ويعريها من العوامل المصطنعة التي تحجب عنها الحق الكامن فيها وفي ضمير هذا الوجود؛ فعندئذ ترى الله تعالى وتعرفه وتتجه إليه وحده حتى إذا مرت الشدة وجاء الرخاء نسي هذا الإنسان ما قاله في الضراء وانحرفت فطرته بتأثير الأهواء، وقال عن النعمة والرزق والفضل: ï´؟ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ ï´¾، قالها قارون وقالها كل مخدوع بعلم، أو صنعة، أو حيلة يعلل بها ما اتفق له من مال، أو سلطان؛ غافلاً عن مصدر النعمة وواهب العلم والقدرة ومسبب الأسباب ومقدر الأرزاق [قطب، في ظلال القرآن، ج 6، ص 239].

الخامس والثلاثون: المؤمن الموفق بتوفيق الله تعالى له لا يحتاج إلى طلب شواهد حتى يدخل في دين الله تعالى، أو تتحقق له الهداية إلى دين الله تعالى، فالدخول في الإيمان بداية مشيئة إلهية، ولذلك قال السعدي رحمه الله عند تفسير قول الله تعالى: ï´؟ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ï´¾ [الأنعام:111]: وإنما العقل والعلم أن يكون العبد مقصوده إتباع الحق ويطلبه بالطرق التي بينها الله تعالى، ويعمل بذلك ويستعين ربه في إتباعه ولا يتكل على نفسه وحوله وقوته ولا يطلب من الآيات الاقتراحية ما لا فائدة فيه [السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج 1، ص 269].

الخلاصة
من خلال ما سبق عرضه والذي تضمن وصف القرآن الكريم لحال أكثر الناس بأنهم لا يعلمون يمكن استخلاص أهم النقاط التالية:
أولاً: التأكيد على أهمية فَضْل العلم وشرف العلماء بما ورد من الآيات في القرآن الكريم، وما جاء في السنة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تسليم.

ثانياً: التأكيد على اليقين التام بقدرة الله تعالى وعظمته في نصر عباده المؤمنين إذا ما أحسنوا التوجه إليه سبحانه وعملوا بما علموا، وأخذوا بالسنن والأسباب المادية التي عن طريقها تتحقق الأشياء.

ثالثاً: بيان أن توزيع الأرزاق بين الناس حسب علم الله تعالى وحكمته، وليس بسط الرزق دليل على رضا الله تعالى، ولا قبضه يدل على عدم الرضا.

رابعاً: أهمية التفكر في ملكوت الله تعالى، وما أودعه الله سبحانه فيه من المخلوقات والأجرام السماوية، وأن ذلك مدعاة للإيمان وحسن التوجه إلى الله تعالى بأنه الخالق المدبر المعبود الذي لا يُعْبد سواه.

خامساً: اليقين الجازم بأهمية القرآن الكريم وأنه كتاب هداية وإرشاد وبيان لكافة مناحي، ويجب على المسلم أن يوليه عناية واهتمام كاملين من حفظ وتدبر وتطبيق.

سادساً: إن علم الله وقدرته محيطة بكل الأمور الكونية والاجتماعية قال تعالى: ï´؟ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ï´¾ [الطلاق: 12].

سابعاً: عناية الإنسان بإصلاح نفسه والحرص كل الحرص على إتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه؛ لأن ذلك بعون الله تعالى دليل خير في المجتمع المسلم، فلعل بصلاحه وإخلاصه ودعائه يكون سبباً في صلاح مجتمعه، أو التخفيف من عقوبة الله تعالى للعاصين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 121.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 118.67 كيلو بايت... تم توفير 2.81 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]