مؤسساتنا وثقافة الإهانة والتحقير - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12410 - عددالزوار : 208958 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 167 - عددالزوار : 59562 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 757 )           »          الأعمال اليسيرة.. والأجور الكثيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          خواطر متفرقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وإفساد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          القذف أنواعه وشروطه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 61 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 15874 )           »          الضلع أعود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-06-2020, 05:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,380
الدولة : Egypt
افتراضي مؤسساتنا وثقافة الإهانة والتحقير

مؤسساتنا وثقافة الإهانة والتحقير


علي حسن فراج







هذه الكلمات ليستْ دراسةً اجتماعية أو نفسية كما يوحي بذلك العنوان؛ إذ هذه أو تلك محتاجةٌ إلى دارسٍ متخصص ولستُ به؛ ولكنها وقفةٌ قصيرة مع قضية مهمة تتعلَّق بواقعٍ مؤلم نعيشه في مجتمعنا العربي، كانت ولم تزل لها دورٌ كبير في تخلُّفنا العلمي والمدني الذي نعانيه في هذه الحقبة من الزمن.

وليس يخفى على أحد أن اعترافنا بأخطائنا وعيوبنا هُوَ الخطوة الأولى نحو تصحيحها وتجاوزها.

أما القضية التي ستتناولها هذه الكلماتُ، فهي هذه الحالة التي تعيشها مجتمعاتنا من الشغف بممارسة ثقافة الإهانة وتحقير الآخرين بشتَّى السُّبل، مما يستتبع هدم شخصية الفرد ومحْوها، تحت أي مسمًّى من المسميات، أو غرض من الأغراض؛ كتقويم الأشخاص، أو تربيتهم، أو مجرد إخضاعهم والسيطرة عليهم.

ومما يؤسف له أن كثيرًا من الآباء والأمهات يقعون في هذا المنزلق بوعيٍ وبغير وعي، فتجد الوالدَ يعمد إلى الإفراط في ضرْب ولده، وإهانته بسيلٍ من السباب والشتم - وعلى أعيُن الناس أحيانًا - مما يولد شعورًا بالنقص والمهانة عند الابن، لا يستطيع التخلُّصَ منه بقية حياته.

ولكثيرٍ من مدارسنا نصيبٌ كبير في هذه الثقافة المتخلفة - ثقافة الإهانة والتحقير - فكثيرٌ من المدارس يتفنَّن مدرِّسوها في ممارسة هذه الجريمة؛ بحجة السيطرة على النظام، وضبط الطلاب.

وليس عيبًا أن يمارس المدرس الضربَ أحيانًا - بالطريقة السليمة في استعماله - لكن المشكلة حينما يصبح الضربُ غايتُه الإهانةُ لا التأديب.

إنْ أنْسَ شيئًا لا أنسَ تلك المشاهِدَ القبيحة التي ما زالتِ الذاكرةُ تحتفظ بها من سني المرحلة الابتدائية، حيث كان مشهورًا في مدرستنا نوعٌ من العقاب قبيح، حيث يطرح المعلم المسألةَ ويكتبها على (السبورة)، ثم يُخرِج أحدَ الطلاب لحلِّها، فإن فشِل، أخرج آخرَ، فإن نجح في حلها، أمَرَه أن يلطم الأولَ على وجهه.

ولستُ أنسى أيضًا قيام بعض المدرسين بسبِّ جميع مَن في الفصل، وسب آبائهم وأمهاتهم؛ من أجل ضوضاء فعَلَها بعضُ الطلاب.

ولم تختفِ إلى الآن في كثير من المدارس وصايةُ المدرسين بعضهم بعضًا بالظهور بمظهر "عنترة بن شداد" عند أول لقاء له مع فصْله؛ تطبيقًا لقاعدة علم النفس في "دوام الانطباعات الأولى"، فإذا استطاع المعلِّم أن يبثَّ الرعب في قلوب طلابه في أول لقاء، بقوا على مهابته دائمًا حتى يتركوا المدرسة، حتى إن من طريقة بعضهم أن يعمد في أول لقاء له بطلابه إلى أطول طالب في الفصل، وأقواهم جسمًا، فيعطيه "علقة" أمام الجميع؛ فإذا رأى الضعفاءُ نحيفو الأجسام ما يُفعَل بصاحبهم "ماتوا في جلدهم".

وليس الحال في الجامعة بأحسنَ منه كثيرًا في المدرسة، وإن كانت الجامعة لا ضرب فيها ولا سبَّ للآباء والأمهات؛ ولكن كثيرًا من الدكاترة يتسلَّط على طلابه، ويعمل على قهرهم وإذلالهم، عن طريق استغلال نفوذه في ترسيب الطلاب في المواد التي يقوم بتدريسها لهم.

ولا شيء أسهل على بعض هؤلاء الدكاترة - ذوي الشخصية المشوهة نفسيًّا - من تهديد الطالب بالرسوب في مادته عند أول "سوء تفاهم" يقع بينهما.

ولا تقف هذه الثقافةُ عند حدود البيت، أو المدرسة، أو الجامعة؛ بل تخرج إلى غير ذلك من مؤسسات المجتمع، التي يتمكن أفرادُها من ممارسة نوع السلطة على الجمهور.

الخدمة العسكرية في بلادي إجبارية بعد التخرج في الجامعة أو التعليم المتوسط، إلا إذا حدث اكتفاء، وكنت أتمنى - لظروفٍ ما - أن ألتحق بها، مع أن كثيرًا من الناس لا يحبِّذ ذلك أبدًا، كنت أظن القضية قضيةَ انضباطٍ؛ فعامةُ الناس يميلون إلى التفلُّت، أو شيئًا من بذل المجهود والتعب؛ فعامة الناس يريدون الدعة، لكن لما لم يصبني الدور، جاءتْني التهاني؛ لأن الأمر لم يكن كما حسبتُه فقط؛ بل هو لون من الذلِّ والهوان قد أُعفيتُ منه، فمصيرُك - كما قد علمتُ بعدُ - عند أول مخالفة تقع منك، ليس لفْتَ نظرٍ، أو حتى محاكمة، أو تحقيقًا، أو سجنًا؛ بل هذا قد يأتي إذا تطوَّر الأمر وخرج إلى الجانب القانوني.

أما العقاب العاجل والشائع استعمالُه،
فهو إهانة المخطئ بأي وسيلة من وسائل الإهانة، أيسرُها ضربُه على وجهه، وركله بالقَدَم على ملأ من زملائه، وقد يكون نصيب سيِّئ البخت هذا: أن يعاقب بعقوبة الزحف، حيث يؤمر أن ينبطح على بطنه، ويضع يديه خلف ظهره، ويأتي إلى رئيسه زاحفًا!

والغريب أن هذه الممارسات ليس حقُّ ممارستها مخولاً إلى ذوي الرتب فحسْبُ؛ بل يمارسها الضباطُ المتخرجون، والمجندون المتطوعون؛ بل وزملاؤك الذين سبقوك إلى الخدمة العسكرية!

وليس الحال في أقسام الشرطة بأحسنَ منه في الخدمة العسكرية؛ فإن المترددين على أقسام الشرطة متَّهمون، أو في حُكم المتهمين، وهذا كفيل بأن يقعوا فريسة لكل ما لذَّ وطاب من ألوان الإهانات الموجودة في العالم، ما دام الواحد منهم مُدانًا أو في حكم المدان، أو حتى بريئًا تُعلم براءته بيقين، لكن مِن العرف الجاري أن يحتفظ قسم الشرطة بهيبته، وأنه مركز للرعب، لا بد أن يخفق قلبُ الذاهب إليه، وحتى لا تضيع هذه الهيبة؛ فكلُّ ما خطر ببالك من ألوان الإهانة يمكن أن تتعرض له في المؤسسة المنوطة بحفظ "الأمن"!

وسلاح التبرير الذي يستعمله كلُّ أولئك، الذين يتَّخذون من إهانة الآخرين سبيلاً إلى السيطرة عليهم: أنْ لا وسيلة أنجع من هذه الوسيلة، وأنه لا يصلح مع مجتمعنا شيءٌ إلا هذا.

وكانت المحصلة - بجانب تفشِّي الكذب والخداع بين الناس - تفشي الإحساس بالدونية بين شرائح المجتمع المختلفة، ومن ثم يعمد كلُّ واحد من هؤلاء المهانين الذين أُزهقتْ نخوتُهم، وذُبحت أنَفَتُهم، إلى ممارسة القهر والإهانة لغيرهم ممن هم تحت سلطتهم.

فالمدير يهين موظفيه، والموظفُ يهين المواطنَ إن أمكنه، و(اللواء) في الشرطة يهين الضابط، والضابط يهين الجندي، والجندي يهين المواطن إن أمكنه، وهلم جرًّا، حتى وصلنا إلى مرحلة من الرقِّ والعبودية والذل، وإن كان في صورة الواقع لا عبيد ولا سادة!

ولا أظن القارئَ يختلف معي في أن كثيرًا من العاملين في المؤسسات التربوية والخدمية وغيرها، يريد ممن تحت سُلطتِه وإدارته أن يعظِّموه كما يُعظَّم الملوك والأكاسرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن المحزن
ألاَّ نرى هذه المآسيَ والمخازي في بلاد الكفر، التي لا دِينَ لها، ولا شرع يحكمها، وأن العلاقة بين التلميذ ومدرِّسه، والطالب وأستاذه في الجامعة، والضابط وجنوده، والشرطي والمواطن، كلُّها يحكمها الاحترام المتبادل، و"العفوية"، و"السهولة"، وعدم التكلف الزائد، كما أنه ليس بإمكان أي واحد من هؤلاء - قانونًا أو واقعًا - أن يعرِّض الطرف الآخر للذلِّ، فضلاً عن تهديده بتدمير مستقبله، أو ألا يريه الشمس... إلخ قائمة التهديدات الموجودة عندنا.

وإذا رجعنا إلى ديننا الحنيف، وجدْنا أنه يحفظ كرامةَ الشخص، ويحرص عليها كل الحرص؛ فقد أذِنَ القرآنُ للشخص في الاقتصاص ممن ضربه أو سبَّه، مع إشارته إلى أن العفو أفضلُ وأكمل، وهو لا يكون إلا مع القدرة على الاقتصاص، وبمثل هذا جاءت السُّنةُ المطهَّرة، وجاء النهي فيها صريحًا عن مظهرٍ من مظاهر الإهانة في كل العصور، وهو ضرب الوجه، حيث يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا قاتَلَ أحدُكم، فليجتنبِ الوجه))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((بحسب امرئٍ من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم))، ولما عيَّر أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - أحدَ الناس بأمِّه قائلاً: "يا ابن السوداء"، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنك امرؤ فيك جاهلية))، والنصوص في هذا الموضوع كثيرة، ومقصودنا هنا الإشارة فحسب.

وإذا كان هذا هو هدْيَ الكتاب والسنة، فقد كان هذا الهدي أيضًا واقعًا معيشًا على الأرض في عصر النبوة والسلف الصالح، فلستَ ترى وجودًا لتلك الممارساتِ المتسلطة القبيحة من أصحاب الولايات والمناصب مع الجمهور؛ بل ترى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو على رأس الدولة المسلمة، ينهى أصحابَه عن القيام له عند مجيئه إليهم، وكان يجلس بينهم كواحد منهم لا يتميز في مجلسه عنهم، حتى إن الغريب ليسأل: أيكم محمد؟

جاء في "سنن أبي داود" مرويًّا عن أبي هريرة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس معنا في المجلس يحدِّثنا، فإذا قام قمنا قيامًا، حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه، فحدَّثنا يومًا فقمنا حين قام، فنظرنا إلى أعرابيٍّ قد أدركه، فجبذه بردائه فحمَّر رقبتَه، قال أبو هريرة: وكان رداءً خشنًا، فالتفت فقال له الأعرابي: احملْ لي على بعيريَّ هذين، فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا وأستغفر الله، لا وأستغفر الله، لا وأستغفر الله، لا أحملُ لك حتى تقِيدَنِي من جبذتك التي جبذتني)).

فكلُّ ذلك يقول له الأعرابيُّ: والله لا أقِيدُكَهَا، فذكر الحديث قال: ثم دعا رجلاً فقال له: ((احمل له على بعيريه هذين، على بعيرٍ شعيرًا، وعلى الآخر تمرًا))، ثم التفت إلينا فقال: ((انصرفوا على بركة الله - تعالى)).

وبال أعرابي آخر في المسجد، وتكلم رجل ثالث في الصلاة جاهلاً بتحريم الكلام في الصلاة، فلم نسمع أي إهانة أو تشهير أو تنكيل، أو إيعاد بالويل والثبور، وعظائم الأمور، وقع بهؤلاء أو غيرهم ممن كانت تقع منهم الأخطاء والهفوات.

وأخيرًا أقول:
إنه من غير المعقول أن تنهض أمَّةٌ من رقدتها، وتفيق من غفلتها، قبل أن تقضي على هذه الثقافةِ المأفونة، التي نشأ عليها الصغير، وشاب فيها الكبير، فأنتجتْ شخصياتٍ ممسوخةً منهزمة في داخلها، تشعر بالنقص والحقارة، ولا تكاد تصل إلى غاياتها إلا بالخنوع للآخرين وتعظيمهم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.70 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]