العائن يحجر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12595 - عددالزوار : 218448 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 196 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 183 - عددالزوار : 62218 )           »          حديث قل آمنت بالله ثم استقم وقفات وتأملات كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          التغافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          الطريق يبدأ من هنا.... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          دور القائد المسلم في إدارة الأزمات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          يا بنيّ إنني أمك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          كيف تحاورين والديكِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          أخطاء بسيطة لكن مُميتة ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-03-2024, 02:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي العائن يحجر

العائن يحجر
أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز





الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاه وبَعْدُ:
فالْعَيْن حقٌّ، هَكذَا قال المعْصوم صَلَوات رَبِّي وسلامه عليْه؛ فعن ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابقَ الْقَدَرِ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا»[1].

وَهِي فِي طِبَاع بَنِي آدم إِلَّا مِن رَحِم اللَّه، وبيَّن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم طُرُق عِلاجِهَا لِلْفرْد كَيلَا يقع فِي المحْذور، ولا تَكُون لَه سَجيَّةٌ وتلازمه؛ فتؤدِّي إِلى إِيقَاع الضَّرر بِالنَّاس؛ فأخْرج الطَّبراني وغيْرهُ عن حَارِثة بْن النُّعْمان، قال: قال رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ لَازِمَاتٌ لِأُمَّتِي: الطِّيَرَةُ، وَالْحَسَدُ، وَسُوءُ الظَّنِّ». فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يُذْهِبُهُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّنْ هُوَ فِيهِ؟ قَالَ: «إِذَا حَسَدْتَ فَاسْتَغْفَرِ اللهَ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ، وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ»[2].

قال الصَّنْعاني: (ثَلَاث لازمَات)؛ أي: ثَابِتٌ فِي طِبَاع الأُمة مِن حَيْثُ هِي وَإِن خلَا عَنهَا بَعْض الأفْراد. (لِأمَّتي: سُوء الظَّن، والْحَسد، والطِّيَرة) بِكَسر الطَّاء وفتْح المثنَّاة التَّحْتيَّة وقد تُسَكَّن. (فَإذَا ظننْتَ فلَا تُحقِّق)؛ أي: لَا تُرتِّب على المظْنون مَا ترتب على المُحقق. (وَإذَا حَسدت)؛ أي: وقع فِي القلْب الحسد. (فاسْتغْفر اللَّه) لِيدْفع مَا يَتَرتَّب عليْه مِن البغْي،... (وَإذَا تطيَّرْتَ فامْض)؛ أيْ: لِلْحاجة التِي تُريد... وفيه: أَنهَا أُمُور تَرِد على القلْب لَا يُمْكِن دَفعُها لَكِن يَجِب مُدَافعَةُ مَا يَتَأثَّر عَنهَا[3].

وَلِضرَر العائن على عُمُوم النَّاس تنبَّه الفقهاء إِلى مَلحَظ مُهِم يَنُمُّ عن فِكْرهم الثَّاقب مِن جِهة وَتحقِيق مقاصِد الشريعة مِن جِهة أُخرَى؛ فقرَّروا أنْ يمْنع الإمَامُ العائنَ مِن الاحْتكاك مع النَّاس ومخالطتهم؛ حِفاظًا عَليهِم مِن عَينه، وَإِن كان فقيرًا يَنبَغِي على الإمَام أن يُجرِي عليْه رِزْقهُ وكسْوَتهُ، وقاسُوْا ذَلِك على المجْذوم لِتحقُّق العِلّة نفْسهَا، ومِن هُنَا وَجَّهُوا عُمُوم الأُمة إلى الاحْتراز مِنْه وتجنُّبه.

قال ابْن بَطَّال (ت: 449 هـ): (وَقَال بَعْض أَهْل العلْم: إِذَا عرف أحدٌ بِالْإصابة بِالْعَيْنِ فينْبَغي اجْتنابه والتَّحرُّز مِنْه، وَإذَا ثبتَ عِنْد الإمَام فينْبَغي لِلْإمَام مَنعَه مِن مُدَاخلَة النَّاس، والتَّعرُّض لِأذاهم، ويأْمره بِلزوم بَيتِه، فَإِن كان فقيرًا رَزقه مَا يَقُوم بِه، وكفَّ عن النَّاس عاديَته، فَضره أشدُّ مِن ضُرِّ آكِل الثُّوم الذِي مَنعَه النبِي مُشَاهدَة صَلَاة الجماعة، وَضره أشدُّ مِن ضُرِّ المجْذومة التِي منعهَا عُمَر بْن الخطَّاب الطَّوَاف مع النَّاس)[4].

والْملاحظ فِي النَّص أَعلَاه أنَّ ضرر العائن أشدُّ مِن ضرر آكِل الثُّوم، وَإذَا كان آكِل الثُّوم يُمنَع مِن شُهُود الجماعة؛ لِكيْلَا يُؤْذيهم، فَمِن باب أَولَى يُمنَعُ العائن مِن مُخَالطَة النَّاس لِشدَّة ضَررِه، واللَّه أَعلَم بِالصَّواب.

قلت: ومَا استدَل بِه الفقهاءُ مِن فِعْل سيِّدنَا عُمَر رَضِي اللَّه عَنْه هذَا نصُّه أَنَّه: "مرَّ على امرأَة مَجذُومة تَطُوف بِالْبَيْتِ، فَقَال: يَا أمةَ اللَّهِ، اقْعُدي فِي بَيتِك، ولَا تُؤْذِي النَّاسَ، فَلمَّا تُوفِّي عُمَر بْن الخطَّاب أتتْ، فقيل لَهَا: هلك الذِي كان يَنْهاك عن الخُروج، قَالَت: واللَّه، لَا أُطيعه حيًّا وَأعصِيه ميِّتًا "[5].

قال ابْنُ حبيب: وَكذَلِك يُمنَعُ المجْذوم مِن المسْجِد والدُّخول بَيْن النَّاس واخْتلاطه بِهم؛ لمَا رُوِي مِن فِعْل سيِّدنَا عُمَر مع المجْذومة [6].

أَقُول: والْملاحظ أَنَّه رَضِي الله عَنْه وأرْضَاه مَنعَها مِن تَأدِيةِ عِبادةٍ عَظِيمَةٍ؛ وَهِي الطَّوَاف بِبَيت الله الحرَام، والْجلوس بِبيْتِهَا، وَعدَم الخُروج مِنْه، لِغَرض أَسمَى؛ وَهُو حِماية الطَّائفين مِن الإصابة بِالْوباء. فلم تَعتَرِض عليْه وكانتْ تَستطِيع أن تَقُول لَه: تمْنعني مِن الطَّوَاف؟ فأيْن أَنْت مِن قَولِه تَعالَى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 114]، وقوْله صلى الله عليه وسلم: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا تَمْنَعُنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أَوْ صَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ"[7].

وَأقُول: إِنَّها فَهِمَت أَنَّه رَضِي الله عَنْه مَنْعَها مِن الطَّوَاف والاخْتلاط بِالنَّاس بِكوْنه حاكمًا وإمامًا مُراعِيًا لِمصْلَحة الأُمة بِالْحفاظ على أرْواحهم مِن عدم انتِشار الوباء بَيْن الأصحَّاء. مِن أَجْل هذَا أجابتْ مَنْ طلب مِنهَا الخُروج من البيْتِ والْعوْدة إِلى الطَّوَاف بَعْد مَوْت سيِّدنَا عُمَر: (وَالله لَا أُطيعه حيًّا وَأعصِيه ميِّتًا).

وَنقَل القاضي عِيَاض (ت: 544 هـ) نصَّ الفقهاء عن مَنْع الاخْتلاط بالْعائن ومَا يَتَرتَّب على الإمَام فِعله فِي مَعرِض بَيانِه بما يُؤخَذ من الفوائد مِن حديث ابْن عَبَّاس فِي صحيح مُسْلِم فَقَال: (وفيه مِن الفقْه مَا قَالَه بَعْض العلماء: يَنبَغِي إِذَا عرف أحدٌ بِالْإصابة بِالْعَيْنِ اجْتنابه والتَّحرُّز مِنْه، وينْبَغي لِلْإمَام مَنعه مِن مُدَاخلَة النَّاس، وَيَأمرُه بِلزوم بَيتِه، وَإِن كان فقيرًا رَزَقه مَا يَقُوم بِه وَيكُف أَذَاه عن النَّاس، فضرره أشدُّ مِن ضرر آكِل الثُّوم والْبَصل الذِي مَنعَه النبِي دُخُولَ المسْجِد؛ لِئَلا يُؤْذِي المسْلمين، وَمِن ضرر المجْذوم الذِي منع عُمَر والْعلماءُ اخْتلاطهم بِالنَّاس، وَمِن ضرر العوَادي مِن المواشي التي أُمر بِتغْريبهَا حَتَّى لَا يُتَأذَّى مِنهَا)[8].

ويلاحظ فِي النَّص أَعلَاه أنَّ القيَاس لَم يَقتَصِر على المجْذوم وآكِل الثُّوم والبصل؛ وإِنّمَا تعدى إلى العوادي مِن المواشي التِي تُؤْذِي النَّاس أيضًا؛ فَقرَّر الفقهاء تَغرِيب هَذِه الحيوانات عن النَّاس؛ لِكيْلَا تُؤْذيهم، كَذلِك العائن والْحاسد مِن بابٍ أَوْلَى.

وَهذَا مَا أَكَّدَه الإمَام النَّوَويُّ: (ت: 676 هـ) وَنقَل الاتِّفاق عليْه فَقَال: (وَقَال القاضي فِي هذَا الحدِيث مِن الفقْه مَا قَالَه بَعْض العلماء أَنَّه يَنبَغِي إِذَا عرف أحد بِالْإصابة بِالْعَيْنِ أن يُجتَنبَ ويُتحرز مِنْه، وينْبَغي لِلْإمَام مَنعَه مِن مُدَاخلَة النَّاس، ويأْمره بِلزوم بَيتِه، فَإِن كان فقيرًا رَزَقه مَا يكْفيه، وَيكُف أَذَاه عن النَّاس، فضرره أشدُّ مِن ضرر آكِل الثُّوم والْبَصل الذِي مَنعَه النبِي صلى الله عليه وسلم دُخُولَ الْمَسْجِدِ؛ لِئَلَّا يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي مَنَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْعُلَمَاءُ بَعْدَهُ الِاخْتِلَاطَ بِالنَّاسِ، وَمِنْ ضَرَرِ الْمُؤْذِيَاتِ مِنَ الْمَوَاشِي الَّتِي يُؤْمَرُ بِتَغْرِيبِهَا إِلَى حَيْثُ لا يتأذى بِها أَحَدٌ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ صحيحٌ متعينٌ، ولا يُعرفُ عَنْ غَيْرِهِ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ)[9].

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيِّدنا مُحمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

[1] صحيح مسلم (4/ 1719) (2188).

[2] الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (4/ 17) (1962)، المعجم الكبير للطبراني (3/ 228) (3227)، قال العراقي: رواه الطبراني من حديث حارثة بن النعمان بسند ضعيف، ينظر: تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (4/ 1759)، قلت: وحسنه بعض المعاصرين لتعدُّد طرقه، وروى عن الحسن البصري مرسلًا: «ثلاثٌ لَمْ تَسْلَم مِنْها هذِهِ الأُمَّةُ: الحَسَدُ، والظَّنُّ، والطِّيَرَةُ، أَلا أُنْبِئُكُمْ بالمَخْرَجِ مِنْهَا؟ إِذا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ، وَإِذا حَسَدْتَ فَلا تَبْغِ، وَإِذا تَطَيَّرْتَ فامْضِ»؛ الجامع الصغير وزيادته (ص: 6275).

[3] ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 174) (3449).

[4] شرح صحيح البخاري لابن بطال (9/ 431).

[5] موطأ مالك، رواية محمد بن الحسن الشيباني (ص: 161) (477).

[6] ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (9/411-412).

[7] مسند أحمد، ط الرسالة (27/ 297) (16736)، قال الشيخ شعيب: إسناده صحيح على شرط مسلم.

[8] إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 85).

[9] شرح النووي على مسلم (14/ 173)، وينظر أيضًا تفصيل الموضوع في طرح التثريب في شرح التقريب (8/ 199)، وفتح الباري لابن حجر (10/ 205)، وشرح السيوطي على مسلم (5/ 205)، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 2885)، وشرح الزرقاني على الموطأ (4/ 507).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.24 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]