وصايا لحفظ المتون - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847666 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384656 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59469 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 591 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          إلى كل فتاة.. رمضان بوابة للمبادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          أســـرار الصـــوم ودرجات الصائمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-12-2020, 06:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي وصايا لحفظ المتون

وصايا لحفظ المتون

للشيخ سليمان خالد


إذن: أول أمر الآن نقول: إن حفظ المتون هذا هو السبيل الصحيحة للوصول إلى العلم ، غيره لن يوصلك إلى ما تريد، ثم بعد العزم على حفظ متن، يأتي:

الأمر الثاني: وهو الاستشارة في حفظ المتن، وانتبه لا تستشر من كان مبتدئاً أو متوسطاً في العلم، بل استشر المنتهين الذين وصلوا في العلوم الشيء الكثير يعني مثلاً تسأل في الفقه مثلا : واحد يقول: عمدة الفقه وآخر يقول: أخصر المختصرات وثالث يقول: زاد المستقنع ورابع يقول: دليل الطالب. فالذي حفظ زاد المستقنع سيمدحه لك، أليس كذلك كل يمدح ما عنده. إذن من أستشير؟ استشر المنتهي أو قل للمبتدي: من قال لك هذه المعلومة، فيعزوا هذه المعلومة إلى شخص منتهٍ، لأنك تطمح أن تكون أفضل منه.
مثلاً: رأيت علم ابن عثيمين كيف وصل إلى هذا المستوى، كيف وصل الشيخ محمد رحمه الله إلى هذا العلم كيف رفعه الله؟ انطبق عليه قول الله جل وعلا نحسبه والله حسيبه :﴿ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ﴾ الشيخ محمد ما رفعه وظيفة، ماله منصب رسمي ليس من اللجنة الدائمة، وليس مفتياً، وليس عنده دال، وإنما مدرس في معهد علمي ثم انتقل إلى كلية. كيف وصل صيته إلى آخر العالم ﴿ يرفع الله ﴾ قد يكون شخص له وظيفة رسمية تبلغه الأماكن. لكن شخص يصل العالمية، فانظر إلى هؤلاء كيف وصلوا واستشرهم في المتون، استشر، فهذا الشيخ عندما تستشيره سيقدر سنك، سيقدر مستواك، سيقدر اهتمامك، سيقدر هل أنت متفرغ للعلم أو لا، بعض الناس مثلا يحفظ منظومة في ألف بيت وهو غير متفرغ للعلم ، ما يمكن لكن مئة وعشرين أو مئة وخمسين إلى مئتين ممكن يتقنها، لأنه سيبدأ بعشرين ثلاثين أربعين خمسين ثم يقول الله المستعان طويلة ويتركها.

الأمر الثالث في حفظ المتون وأنا أركز عليه كثيراً: لا يكن همك الحفظ إياك أن يكون فقط اسم حافظ غايتك. وهذا للأسف أنه منتشر أن الناس يعني أني حفظت المتن أريد أن أتخلص منه ( لا ). اجعل همك في حفظ المتن انك تضبط، المتن يأتيك مباشرة إذا كان المتن ما يسعفك عندما تريده اعرف أنك لم تضبطه. وإذا كانت المعلومة تأتي إلي من حين ما يأتي السؤال أو أريد أن أتكلم جاءت المعلومة إلي فأنا بذلك أكون قد ضبطت، أتكلم أنا الآن في أقسام ( أل ) ما هي أقسام ( أل) ؟ مباشرة المتن يأتي إلي :

لـلام أل حالان قبل الأحرف *** أولاهما إظهارها فلتعرف .
إذن أنا ضابط هذه المنظومة. الضبط في فهمه، تفكك عباراته تفكيكاً جيداً وهذا لا يكون إلا من خلال شيخ ضابط ومن خلال المراجعة الذاتية، أجلس مع الشيخ وأحاول أخذ المعلومات منه كما هي، إذا ذهبت إلى البيت أبدأ بمراجعة المتن، أحاول أستظهر المعاني، ماذا أراد المؤلف من هذا البيت، يكون عندي كتب للمراجعة لفك هذا البيت، يعني اشتر كتاباً كتابين قد شرحوا هذا المتن أرجع إليه مباشرة وأضيفه إلى ما ذكره الشيخ. بهذا يكون الإنسان قد استفاد من المتن استفادة كبيرة، إذن الأمر الثالث: لا يكن همك حفظ المتن فقط، أنا أخشى أن يكون هذا شهرة، وبدون مبالغة أنا أعتقد أننا ابتلينا بهذا الزمن أسأل الله أن يعافينا وإياكم من ذلك.
حفظت متناً في النحو على أساس أني أقوم لساني، حفظت متناً في الفقه على أساس أن أعرف الفقه، حفظت متناً في المصطلح على أساس أن أعرف مصطلحات أهل الحديث، حفظت متناً في علم أصول الفقه حتى أضبط الكلام وحتى أضبط المقدمات المنطقية وحتى أضبط الحدود، أيضاً حاول أن يكون لك شرح على هذا المتن تأخذ من هذا الكتاب ومن هذا الكتاب وتذكر ما ذكره شيخك وتزيد عليه، وهناك أمثلة عديدة لطلبة العلم ممن كانوا يحضرون معنا عند شيوخنا وكانوا - سبحان الله - والله يؤلفون كتباً يأتي مثلاً: في منظومة الشاطبي رحمه الله في الرسم يذهب ويحضر عند الشيخ الفلاني ليكتب الزيادة والشيخ الفلاني ثم بعد ذلك يكون عنده شرح متكامل على هذه المنظومة في الرسم بهذا يبلغ الإنسان الاستفادة الكاملة من المتن.

الأمر الرابع في حفظ المتون: إياك والتزاحم، لا يتزاحم العلم حاول قدر ما تستطيع ألا تزحم هذا العلم بشيء آخر، وأعني بذلك حفظ المتون، ليس حضور الدروس والقراءة، لا، بل أقصد بذلك حفظ المتن، حاول إن تتخصص في هذا المتن الآن، ثم بعد ذلك تنتقل إلى غيره؛ لأن الحفظ لا سيما إذا كنت مبتدئاً، المتوسط والمنتهي ممكن إنه يخلط، لكن بالنسبة للمبتدي لا يستطيع لأن خبرته في الحفظ قليلة، فلا تحاول أن تزاحم بين المتون ولا تحفظ متناً في النحو ومتناً في الحديث .. العقل يحتاج إلى وقت لاستيعاب هذا الكم من المعلومات، العقل أيها الأحبة ليس شيئاً مثل الكمبيوتر يستطيع أن يجمع كل شيء، ما يستطيع ولكنه كل ما أتى الشيء قليلاً قليلاً تجد أن العلم يضبط، أنا الآن أخذت متناً في أصول الفقه أو في النحو أو في الفقه أو في الفرائض لما حفظت البيتين أو الأربعة أو الخمسة وأغلقت الكتاب بفطرتي تجد عقلي يفكر في هذه الأبيات، هذا التفكير من أنفع ما يكون للذاكرة، ومن أنفع ما يكون للضبط والفهم، لكن إذا كنت من يوم أغلق المتن انتقل إلى متن ثان وألغيت المعلومات التي حفظتها، ودخلت الآن معلومات ثانية تحولت بالذاكرة إلى مكان آخر. لا تجد الذاكرة وقتاً للتحليل؛ لأنك قد تستنبط أشياء في هذا المتن أشياء كبيرة جداً، لكن متى يأتي هذا؟ العلم يأتي بقدر لا تستعجل تجمع لك خمس متون ست متون ثم تكون فعلاً حافظاً لكن ما ضبطت. خصص للمتن وقتا كبيراً للتأمل والمراجعة ، كم من الناس الآن نسي كتاب التوحيد بعد أن حفظه، تدرون لماذا؟ لأنه لما حفظ الباب الأول أغلق الكتاب وسمع على الشيخ، هي نهاية تفكيره في الباب.

الأمر الخامس في حفظ المتون: المراجعة، إياك أن تحفظ لمتن ثم تتركه، كثير من الناس يحفظ المتن ثم يتركه وينتقل إلى متن ثان، كأنه في الصف الأول نجح منه وانتهى منه، هذا غلط، إذا حفظت المتن وضبطته هذه نعمة إياك يفلت منك، وضبط متن واحد وفهمه ومسكه أولى من الزيادة عليه بخمس متون من نفس العلم ما مسكت منها شيئاً. حاول كلما ذهب فترة تجعل لك مراجعة، ودائماً أبيات المنظومات سهلة المراجعة يعني كل ما ضبطت مرة مرتين ثلاثاً تجد الأبيات سهلة عليك، إذن: المراجعة جانب مهم جداً.

الأمر السادس: لا تحتقر ذاكرتك، كثير من الناس يحتقر ذاكرته يقول أنا والله ما أستطيع، ولما يجلس مع واحد يسمع بشكل سريع يقول: هذا الله معطيه، وأنا أتردد كثيراً ولا أستطيع، هذا ليس بصحيح، نعم الله جل وعلا فضل بعض الناس وأعطاهم ذاكرة قوية لكنهم ندرة، الناس متقاربون الفرق في قوة الحفظ. مثلاً: الذي قرأها مرتين ثلاث مرات عشر مرات يريد أن يسمع بسرعة هذا صعب، هؤلاء الحفظة الأقوياء أعطاهم الله ميزة ممكن، لكن أكثر الناس من البشر لا يمكن أن يفعل هكذا. لابد يكرر البيت الواحد خمسين ستين مرة، لا تستغربوا هذا الكلام لست مبالغاً، لم أقل هذا الرقم للمبالغة، لا والله . تكرر البيت بعينك ستين مرة هناك ستجد أن هذا البيت نحت في عقلك. ولهذا أذكر قصة ذكرها الخطيب البغدادي أن محدثاً كان يسمع من شيخه أربعة أحاديث ثم يأتي إلى بيته ويجلس عند جدته، وإذا رجع إلى البيت أخذ الأوراق فكان يقول: حدثنا فلان حدثنا فلان حدثنا فلان حدثنا فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعيده، حدثنا فلان حدثنا فلان حدثنا فلان، مئة مئتين مرة وهو يعيد هذا، فكانت جدته تقول يا بني إن لم يفتح الله جل وعلا عليك في العلم فاتركه، أنا حفظته من المرة الرابعة، تقول له هكذا، فتقول له يعني إن كان صعباً عليك لهذه الدرجة فلا داعي لسلوك هذا الطريق، فكان يسكت، فلما ذهب عشرة أيام، جاء إليها، وقال: يا أماه، أعيدي علي ما حفظت فلم تعرف شيئاً. فأعادها عليه، أعاد الحديث الأول والثاني والثالث والرابع في اليوم الأول ثم أعاد الحديث الأول الثاني الثالث والرابع في اليوم الثاني. انظر كيف يثبت الحفظ! أربعة في عشرة أربعين حديثاً، ما نقص منها كلمة واحدة . قال: لهذا كررت العلم.

وكان شيخنا يقول لنا حفظه الله في مكة، كنا نأتي في الحفظ فنريد أن نقرأ على الشيخ مباشرة قبل ما يشرح. فكان يقول إذا كنت أتيت للشيخ وأنت كرجل وضع على رأسه (زجاجة) أو إناء يخاف عليه من السقوط معناها أنك ما حفظت، فلابد من التكرار. ولا تحتقر ذاكرتك، فالخلل ليس في ذاكرتك، الخلل في طريقتك، جرب وأنت الحكم.
يحكى أن رجلاً كان يسافر لحفظ الحديث، دخل على الشيخ الأول فسمع ولم يمسك العلم، ثم مر على الشيخ الثاني فسمع ولم يمسك العلم، ثم خرج من البلدة عائداً إلى بلده تاركاً العلم، قال: لست من أهله، وفي طريقه مر على عين تنبع وتقطر على حصاة كل دقيقة قطرة، فنظر إلى الحصاة فإذا هي قد تأثرت، حصاة تأثرت من نقطة، تنزل باستمرار نقطة نقطة. قال لئن أثرت هذه القطرة على صفاة فلأن تؤثر القطرة على قلبي من باب أولى، سيثبت العلم لكن لا أستعجل، فعاد من توه إلى ذلك البلد الذي خرج منه.

الأمر السابع : من المهم الإكثار من حفظ المتون قدر ما تستطيع ، احفظ في كل فن ما استطاعت ذاكرتك أن تحفظ لأنك ستجد له فائدة عظيمة جداً في ثبات العلم وفي تكراره وفي الزيادة في هذا الفن ، وتدرج ، لنذكر متنا في أصول الفقه مثلا: فيبدأ الإنسان في الورقات للإمام الجويني، متن مختصر جداً، وهو من أئمة الشافعية، لا يتجاوز العشر أوراق هذا فيه مقدمة في أصول الفقه، لما تقرأه يعطيك فهرساً لعلم أصول الفقه كله، عشر أوراق تأخذ فيه المعلومات الأساسية، والفهرس العام لعلم أصول الفقه، من بدايته إلى نهايته، وما هي أبوابه المهمة التي تذكر فيه، هذا سهل على الذاكرة، ثم تزيد عليه متنا آخر، وابدأ بحفظ نظم الورقات للعمريطي فقد زاد فيها علماً كثيراً على الأصل لأنه جاء بالورقات فأراد أن ينظمها قال :

وقد سئلت مدة في نظمه *** مسهلا لحفظـه وفهمه
فلم يكن مما سئلـت بدا *** وقد بدأت فيه مستمدا
من ربي التوفيق والسـداد .
لما بدأ ينظمها وجد أن هناك نقص في الأصل من الأمثلة، من بعض التعاريف، من كذا وكذا، فماذا فعل ؟. زاد، فبلغت قرابة المائتين بيت، فالآن تدرجت، إذا وجدت في نفسك قوة في الطلب، انتقل إلى ما بعده وليكن المنهاج للبيضاوي مثلاً، أو الكوكب الساطع للسيوطي، أو التحرير لابن النجار هذه كلها في الأصول، وكلها متساوية، إذا حفظت الكوكب الساطع فقد حفظت علماً عظيماً، هذا للسيوطي رحمه الله تعالى، نظم فيه جمع الجوامع ، جمع الجوامع لمن ؟ لتاج الدين السبكي، هذا نهاية علم الأصول كتاب عظيم جداً مختصر جمع الجوامع، وليس مختصراً يعني انه قصير، لكنه مختصر في علم الأصول فإن انتقلت بعد ذلك إلى مختصر ابن الحاجب، ولو قرأت كلام أهل العلم، ومنهم الذهبي في السير على مختصر ابن الحاجب لوجدت أنه يتكلم كما يتكلم عن ديوان من دواوين الإسلام، ولا يقبلون ألا لمن قد قرأ مختصر ابن الحاجب وقرأ عليه أكثر من حاشية - رحمهم الله - .

فأكثر من حفظ المتون في كل فن، لا تقول أنا ما قصرت حفظت متناً واحداً، إن كنت تريد الوصول إلى مستوى عال جداً فأكثر من حفظ المتون في كل فن، وابدأ بالتدرج لا تبدأ من النهاية، يبدأ البعض بالكوكب الساطع قرابة ألف وأربع مئة وخمسين بيت، هذا يعطن ، لا سيما وليس عنده مقدمات، لكن لو أنه حفظ الورقات ثم النظم ثم قرأ في مختصر البيضاوي ثم تأهل للكوكب الساطع سيجد أنه قد حاز علماً عظيماً، ولا يمكن أن يرد عليه مسألة في الأصول إلا يعرفها، نرجع إلى الكلام.

إذا أتينا مثلاً لعلم النحو: لا أبدأ بالألفية أو الكافية واحفظها وأقول لماذا أبدأ من الصفر؟ هذه فعلا نظرة موجودة، لكن ما تستطيع، العلم يأتي بالتدرج، ابدأ بالآجرومية، لا تقول والله أنا متعدي ومتأهل، نعم إذا قرأت المتن فوجدت أنك تحفظ التعاريف، وتدرك الأدوات والحروف وجميع الأحكام ، هنا لا حاجة لحفظه، لكن لو قلت لك ما هي أدوات الشرط التي تجزم فعلين؟ تقول حرف أو حرفين، أين البقية؟ إذن أنت لم تدرك هذا المتن إلى الآن فابدأ بتدرج، ابدأ بالآجرومية، ثم إذا تأهلت إن كنت ممن يحب النظم فانتقل مباشرة إلى ملحة الحريري في أربع مئة وثلاثين بيت تقريبا وهي منظومة سهلة جداً جداً، أبياتها ليست معقدة وهي من أسهل المتون، وقد ألفها الحريري رحمه الله تعالى حسب ذاكرتي في يوم واحد، أو في أسبوع نسيت الآن، وهذا من عجائبهم رحمهم الله تعالى بعد ذلك إن رأيت أيضا أن تقوى ذاكرتك على المواصلة فلا تترك الألفية، فإنها علم عظيم وقد كان الشيخ محمد رحمه الله تعالى يغلو بها غلواً شديداً هذه الألفية، ولا يكاد يمر درس إلا ويذكر بيتاً أو بيتين من شدة تعلقه بهذه المنظومة وكان يراجعها رحمه الله إلى آخر حياته، وللأسف أن كثيراً من الناس لا يهتم بعلم النحو، يقول الناظم رحمه الله تعالى :

وبعضهم يفتي وهـو جاهل *** إعراب بسم الله عنه ذاهل
فليس من أهل اللسان العربي *** وفي الأصول ماله من أرب
ومثل هذا لا يكون مرشـدا *** لجهله النحو ومما أنشـدا
وكلمة ابن مالك في الكافية *** إذ قال في بيتين وهي كــافية
وبعد فالنحو صلاح الألسنه *** والنفس إن تعدم سناه في سنـة
عليك بالنحو فإن النحـوا *** لحن الخطاب لفظه والفحـوى
ما معنى سنة ؟ يعني غفلة، إن تعدم الألسن النحو فإنها في غفلة، فأنا أهيب بالإخوة أن يعتنوا بعلم اللسان، فإذا أخذه بالتدرج، بدأ بالآجرومية ثم الملحة ثم بعد ذلك انتقل إلى الألفية أو توسط في مثل قطر الندى، ينظر إن كان حفظ المتن الشعري أسهل له يمسك متناً شعرياًَ، أو كان حفظ المتن النثري أسهل له فيمسك قطر الندى أو ما أشبه ذلك.

كذلك لو أردنا مثلاً علم العقائد: يبدأ بالأصول الثلاثة وكما قلت الأصول الثلاثة فيها خير عظيم جداً فأن كنت أتقنتها، فالحمد لله، لكن كيف يكون الاتقان؟ ليس معرفة ما فيها فقط، وإنما تعرف ما هي الأحكام التي فيها، وماذا قال الشيخ رحمه الله تعالى فيها، هناك تكون متقناً لها، أما أن تقول: تكلم عن معرفة العبد ربه ودينه ونبيه وإذا قيل لك: ماذا قال الشيخ عن أحكام الهجرة؟ لا تجيب، إذن أنت لست حافظاً لها . فأن أجبت فأنت حافظ، ثم بعد ذلك تعرج على كتاب التوحيد وهو كتاب عظيم جداً، في حفظه بركة، أتدرون لماذا ؟ لأمرين : الأمر الأول : لأنه يتعلق بالله جل وعلا وبتوحيده. الأمر الثاني : أنه من الكتاب والسنة وأقوال السلف، ليس فيه حشو كلام، فقط قال الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم لعله يذكر ما ذكره أهل العلم شرحاً للحديث أو تخصيصاً أو إطلاقاً أو تخصيص مطلق أو استثناء من عام، وهو في توحيد الألوهية، ثم بعد ذلك يعرج على العقيدة الواسطية فقد تأهل لها، والعقيدة الواسطية ليست في الأسماء والصفات فقط كما يظن بعض الناس، لا، بل في جميع أبواب التوحيد، تكلم عن القدر، وتكلم عن الأسماء والصفات، وتكلم عن خصائص أهل السنة والجماعة، وتكلم عن الإمامة، وتكلم عن الخلق، أمور عظيمة جداً فلا ينبغي للإنسان أن يترك هذا الكتاب، بدون حفظ وإتقان. ثم بعد ذلك تأهل للعقيدة الطحاوية وهي عقيدة رائعة جداً لا سيما أنها من إمام متقدم وإن كان هناك بعض المخالفات القليلة جداً في هذا المتن إلا أنه لا ينبغي أن يترك مثل هذا المتن، إذا قرأه على شيخ فإنه سيذكر له ما يفيده، ثم بعد ذلك إن أراد أن يحفظ منظومة الحكمي في العقيدة وهي تقريباً في مائتين وتسعين بيت، وهي أيضا منظومة رائعة جداً حافلة، وخاصة في توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية، ثم في أبواب الإيمان ثم ذكر ما يتعلق بيوم القيامة والبعث والنشور والقبر وأحكام البرزخ، ثم بعد ذلك إن أراد أن يتدرج، فيحفظ العقيدة السفارينية، وهي من المتون المهمة التي اعتنى بها أئمة الدعوة واعتنى بها علماؤنا، فقل أن تجد شيخاً من علمائنا إلا وشرح هذه المنظومة، وهي كما تعلمون في قرابة المائتين وعشرين بيتاً، هذا هو التدرج في المتون، فلا يخطوا إلى متن قبله شيء ما أتقنه، ما الذي يفيده هذا التدرج؟ ثبات العلم إذا تدرجت في العلوم تجد أن العلم يثبت ويرسخ ويزيد، في الأصول الثلاثة مثلاً: قرأت دليل النذر دليل الدعاء دليل الاستعانة ودليل الاستعاذة كلام قليل، ثم إذا جاء كتاب التوحيد وإذا به وضعه في بابين أو ثلاثة في الدعاء والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وضع أبواباً كثيرة جمع فيها من الآيات، جمع فيها من السنة، وجمع فيها من كلام أهل العلم، هذا تدرج أليس كذلك؟ بلى.

الأمر الثامن : حاول قدر ما تستطيع ألا تطيل في حفظ المتن، ولا تستعجل في حفظه، عليك بالوسط ، المحفوظ بسرعة سيذهب بسرعة، ولا تطيل فتمل وترى غيرك انتهى وأنت لا زلت، ذكر عن عمر بن شبه كما ذكره الذهبي رحمه الله تعالى أنه كان يحفظ ستة عشر ألف أرجوزة في العلم، مع أنه متقدم، ما الحاجة، والكلام عندهم قليل. تجلس مع طالب العلم الذي يرى أنه متأهل ولا يحفظ إلا خمس أو ست متون نسأل الله السلامة والعفو والعافية، فعدم الإطالة في حفظ المتون جيد، لتنتقل إلى ما بعده. فمثلا لو أخذنا في علم الحديث: ابتدأت مثلا في المنظومة البيقونية أربعة وثلاثين بيتاً، سهلة لا أطيل فيها، تأخذ أسبوعين ثلاثة مع الشرح، كل يوم بيت ونصف أوبيتين، تكفيني وأنا أذهب للبيت أحلل البيت الواحد، أفكر فيه أتأمل فيه، أحضر للبيت القادم، يأتي العلم بتؤدة من غير تأخر شديد ممل، ومما يذكر أن أبا بكر بن عياش وهو مشهور بشعبة، تلميذ عاصم بن أبي النجود الراوي الآخر لعاصم، وللمعلومية والفائدة أن الأصح في اسمه والأشهر أنه أبو بكر هذا أشهر من اسمه شعبة، شعبة مختلف فيه وقد كان المتقدمون يسمونه أبا بكر أكثر مما يسمونه شعبة، أبو بكر بن عياش جاء إلى عاصم بن أبي النجود ليقرأ عليه فماذا قال له؟ قال يا إمام أريد أن أقرأ عليك، قال: تفضل، تقرأ علي كل يوم آية ﴿الرحمن﴾ ويمشي، قال: سمعا وطاعة، فبدأ يقرأ عليه كل يوم آية، قال: فخشيت أن يموت -رحمهم الله تعالى- قال: فخشيت أن يموت الشيخ، أتدرون كم آيات القرآن؟ ستة آلاف ومائتين على العد الكوفي، قال: فما زلت به حتى سمح لي بخمس آيات، خمس آيات يومياً. وأنا أذكر قبل فترة جاء شخص ليقرأ، فقال: أنا مشغول سأقرأ يومياً جزء، جزء كامل سيقرأه بجلسة ويمشي، الله المستعان عندنا خلل عظيم جداً، عندنا خلل في الطلب والله المستعان، المهم أن عدم التأخر يجعلك تتحمس، والعجلة تجعلك لا تفهم، فاجعل نفسك عواناً بين هذا وهذا.

الأمر التاسع : حز كثيراً من شروح المتن، احصل عليها قدر ما تستطيع، لو أردت الآن أن أحفظ مثلا زاد المستقنع في الفقه أبحث عن شروح هذا المتن، لماذا؟ لأن الشيخ لا يعطيك كل شيء، لأن الوقت لا يكفي أو المكان لا يناسب أو غير ذلك، فإذ ذهبت إلى البيت راجعت هذه الشروح، فوجدت مثلا شرح الشيخ ابن عثيمين، ثم وجدت أيضاً حاشية ابن قاسم، ثم رجعت إلى أصل الزاد وهو شرح الزاد الروض المربع، ثم قمت واشتريت أصل زاد المستقنع وهو المقنع ثم شروح المقنع، أثنين ثلاثة أربعة، المقنع المطبوع فيه الآن قرابة اثنا عشر شرحاً وحزتها، فإذا حضرت عند الشيخ واستمعت إلى الشرح وفهمت المقصود، وذهبت إلى البيت وبدأت تنقح وتحقق وتفهم وتضبط وتراجع ما الذي ما ذكره الشيخ، ما الذي زاد عليه تجد أنك أصبحت ملماً بالمتن، لا يشكل عليك أي سؤال.
كان السابقون لا يكثرون الكلام، بل يشرح مثلاً حديثاً أو حديثين من عمدة الأحكام أو ثلاثة أو أربعة فقط يفكك، هذا الحديث معناه كذا وكذا والحكم كذا وكذا وانتهى، ما يذكر المعاني اللغوية، والمباحث الأصولية، والمباحث الفقهية، والخلاف، عنده كم هائل من المعلومات في عقله، لكنه يرى أنك لست بحاجة إليها تجدها في الشروح، وإنما يذكر خلاصة في ذهنه.

لما تأخذ هذا العلم من الشيخ اذهب وراجع واكتب ونقح وابحث عن الشروح، ماذا قال الشارح الفلاني وماذا قال الشارح الفلاني، ستجد أنك ألفت كتاباً كاملاً في شرح هذا المتن، والحمد لله المتون التي نذكرها لا يخلو من أربع شروح خمس شروح موجودة في السوق، علماؤنا ما تركوا متناً إلا وقد شرحوه، مثلاً، العقيدة الواسطية كم لها من شرح موجود الآن ؟ إن قلت عشرين فأنا مقصر، كتاب التوحيد كم له من شرح؟ فالكتب في الشروح كثيرة جداً فلا تعتمد فقط على شرح الشيخ ولا تذهب إلى شروح أخرى، اذهب واقرأ وراجع ونقح، ستجد أنك احتويت علماً كبيراً، هذه بعض الوصايا المهمة في هذه الموضوع، ولكن كل ما سبق أحصره في شيء واحد وهو الاهتمام بالمتون، إياكم والمخذلين من حفظ المتون، والله ما جربوا، ثم والله ماجربوا، وقارن من مشى بهذه الطريقة، ومن مشى بطريقة أخرى، كيف يكون علمهم، ولهذا حفظ المتون لا يبرز له إلا أهل الصبر والجلد، لا تظنه سهلاً، لأنك ستجد أشياء كثيرة لا تستفيد منها في الواقع.


دورة علمية ألقاها فضيلة الشيخ :
سليمان بن خالد





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.21 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]