#1
|
||||
|
||||
الرَّوْم عند النحاة والقراء
الرَّوْم عند النحاة والقراء ووجه الاتفاق والتفريق بينهما حامد شاكر العاني قال الإمام الشاطبي في الرَّوْم والإشمام: وَرَوْمُكَ إسْمَاعُ الْمُحَرَّكِ وَاقِفاً بِصَوْتٍ خَفِيٍّ كُلَّ دَانٍ تَنَوَّلا والاشْمَامُ إطْبَاقُ الشِّفَاه بُعَيْدَ مَا يُسَكَّنُ لاَ صَوْتٌ هُنَاكَ فَيَحْصلا وَفِعْلُهُمَا فِي الضَّمِّ وَالرَّفْعِ وَارِدٌ وَرَوْمُكَ عِنْدَ الْكَسْرِ وَالْجَرِّ أُصِّلا وَلَمْ يَرَهُ فِي الْفَتْحِ وَالنَّصْبِ قَارِئٌ وَعِنْدَ إمَامِ النَّحْوِ فِي الْكُلِّ أُعْمِلا تعريف الرَّوم: الرَّوْمُ لغة: مصدر الفعل (رَام) الشيء طلبه، وبابه (قال)، و(رَوْم) الحركة ذكره سيبويه مستقصى في الأصل [1]. وفي الاصطلاح: إضعاف الصوت، أو الإتيان بالحركة أو ببعضها حتى يذهب معظم صوتها أي بمقدار ثلثي حركتها، ولا يضبطها إلاَّ المشافهة، فتسمع لها صوتاً خفياً يدركه القريب المصغي دون البعيد. وهو عند القراء غير الاختلاس والإخفاء. تعريف الرَّوْم عند النحويين: قال أبو بكر بن السراج (ت 316 هـ) في الرَّوْم: (صوت ضعيف ناقص فكأنك تروم ذاك وتتمه)، وذكره ابن يعيش (ت 643 هـ) بهذا التعريف في شرح المفصل[2]. وقال ابن جني (ت 392 هـ): (الحرف يكاد يكون متحركاً)[3]. يعني به أنه ينطق ببعض حركة الموقوف عليه. وعرفه علي بن سليمان الملقب حيدة (ت 559 هـ): (هو الإشارة إلى الحركة الموقوف عليها بنفس ضعيف حرصاً على البيان، ويسمعه الجليس المصاقب)[4]. فالروم ظاهرة صوتية بارزة في لغة العرب، فهو أمر لا يدرك إلاَّ بالإصغاء التام، لأن الناطق بالصوت يعمل على تضعيف الحركة من دون أن يسقطها للوقوف على الكلمة[5]. ويقول الدكتور غانم قدوري الحمد: (ونحن لا نجد اليوم من متكلمي العربية الفصحى من يحرص على نطق الرَّوْم والإشمام في وقفه إلاَّ عند نفر قليل من القراء الذين تمسكوا بالرواية)[6]. تعريف الرَّوْم عند المجودين: قال عبدالوهاب القرطبي (ت 461 هـ): (إضعاف الصوت بالحركة وذهاب معظمها والنطق ببعضها)[7]. قال ابن الجزري: (الرَّوم هو: النطق بالحركة بصوت خفي أو النطق ببعض الحركة في الضمة والكسرة)[8]. قال الشاطبي في حرز الأماني عن الرَّوْم: (وَرَوْمُكَ إسْمَاعُ الْمُحَرَّكِ وَاقِفَاً بِصَوْتٍ خَفِيٍّ كُلَّ دَانٍ تَنَوَلا) وقال أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني (ت 569 هـ): (هو عبارة عن النطق ببعض الحركات حتى يذهب معظم صوتها فتسمع لها صوتاً خفياً يدركها الأعمى بحاسة سمعه دون الأصم)[9]. وعرفه الدكتور رشيد العبيدي (ت 1428 ه) قال: (بأنه صوت يشبعه المتكلم آخر الكلمة ينحو به نحو الضمة) [10]. وقال الشيخ عبدالفتاح القاضي: (والرَّوم هو النطق ببعض الحركة وقدّر بثلثها، أو هو تضعيف الصوت بها حتى يذهب معظمها ولا يكون الرَّوْم إلاَّ مع القصر)[11]. وقال أيضاً: (والمراد بالرَّوْم هنا الإخفاء والاختلاس بمعظم الحركة)[12]. وجه الاتفاق والاختلاف بين الفريقين: يتفق الفريقان على أن الرَّوْم إضعاف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها على أن يكون النطق ببعضها، وكأنه يريد اختلاسها عندما يروم الوقف على آخر الكلمة، فيدرك ذلك المصغي دون غيره، وأن الأعمى يدرك ذلك بحاسته السمعية. إِلاَّ أن الاختلاف بينهما هو العمل بالرَّوْم، فأهل اللغة تركوا العمل به وإنما وقفهم يكون على سكون محض، وأما الفريق الثاني (المجودون) فإنهم لا زالوا يعملون بالرَّوْم حفظاً للرواية من الضياع. ويتفقان أيضاً أن الرَّوْم لا يكون إلاَّ في آخر الكلمة عندما يقف القارئ على الحرف المضموم أو المكسور، وذهب بعض النحاة على أن الرَّوْم يكون في المفتوح والمنصوب أيضاً كالاختلاس[13]، والاختلاس يكون في كل الحركات. [1] مختار الصحاح: للإمام الرازي، ص: 264، مادة (روم)، العين: 8/291. [2] ينظر: الأصول في النحو: أبو بكر بن سراج (ت316هـ)، تحقيق: د. عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 3 - 1988م، ص: 3/372، شرح المفصل: موفق الدين ابن يعيش (ت643هـ)، مكتبة المتنبي، القاهرة، د. ت.، ص: 9/67. [3] ينظر: الخصائص: أبو الفتح عثمان بن جني (ت392هـ)، تحقيق: محمد علي النجار، دار الكتب المصرية، 1371هـ، ص: 2/33. [4] ينظر: معجم الصوتيات: د. رشيد عبدالرحمن العبيدي، مركز البحوث والدراسات، ديوان الوقف السني - العراق، ط1 (1428هـ- 2007م)، ص: 99 نقلاً من كتاب كشف المشكل: 2/208. والمصاقب: القريب. [5] المدارس الصوتية: 82. [6] الدراسات الصوتية عند علماء التجويد: 512. [7] ينظر: الموضح في التجويد: عبد الوهاب القرطبي (ت461هـ)، تحقيق: د. غانم قدوري الحمد، معهد المخطوطات العربية، الكويت 1990م، ص: 166. [8] ينظر: النشر في القراءات العشر: أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي الشهير بابن الجزري (ت833هـ)، قدم له: الشيخ علي محمد الصباغ، خرج آياته: الشيخ زكريا عميرات، مكتبة عباس أحمد الباز، مكة المكرمة، ط2 (1423هـ-2002م)، ص: 2/121. [9] ينظر: التمهيد في معرفة التجويد: أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار (ت569هـ)، تحقيق: د. غانم قدوري الحمد، دار عمار، الأردن، ط1 (1420هـ- 2000م)، ص: 67. [10] ينظر: معجم الصوتيات: 98. [11] ينظر: البدور الزاهرة في القراءات العشر: عبد الفتاح القاضي، راجعه ورتبه: عبد الهادي أحمد الطباع، مكتبة دار الفجر، دمشق، ط1 (1426هـ-2005م)، ص: 31. [12] المصدر نفسه: 32. [13] النشر: 2/126.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |