الحسن البصري يذم الدنيا وينهى عن التعلق بها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4919 - عددالزوار : 1976361 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4492 - عددالزوار : 1271366 )           »          شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 861 - عددالزوار : 204169 )           »          محدّدات التعامل السوري مع الاحتلال في واقع مضطرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          ترامب وقنابل التغيير هل نجح في تدمير حُلم الهيمنة الإيراني؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          القتال بين باكستان والهند تقييم إستراتيجي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الأقليات المسلمة بين اللامبالاة والعاطفة الموقوتة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تسليط ظالم على ظالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          مفهوم النصر في الإسلام في ضوء صلح الحديبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #2  
قديم 30-10-2020, 10:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,957
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحسن البصري يذم الدنيا وينهى عن التعلق بها

الحسن البصري يذم الدنيا وينهى عن التعلق بها
د. أحمد عبدالوهاب الشرقاوي





ومن هذا:
ما رُوي عنه رضي الله عنه في قِصَر الأمل:
كان الحسن - رحمه الله تعالى - يقول: ابن آدم، طأ الأرض بقدمك؛ فإنها عن قليل تكون قبرك، ودع الغفلة؛ فإنك لم تزل في هدم عمرك، منذ خرجت من بطن أمك.

ابن آدم، لا تحمل على يومك هم غدك، وليكف كل يوم همه، إن غدًا إن كان من عمرك، أتاك فيه رزقك.

وكان يقول: رحم الله عبدًا جعل العيش عيشًا واحدًا، فأكل ما يمسك رمقه، ولبس خلقه، وألصق بالأرض خده، مجتهدًا في عبادة ربه، حتى يأتيه أجله وهو كذلك.

وكان يقول: ما أطال عبدٌ الأمل، إلا أساء العمل.

وقيل: مرَّ به بائع جارية، فساوم فيها مالاً كثيرًا، فقال: بِعْها بدرهم؛ فإن الله باع من عباده الحور العين بالفِلس واللقمة.

وكان يقول: ابن آدم، صم كأنك إذا ظمئتَ لم تكن رويت، وإذا رويت لم تكن ظمئت، فإن الحال أضيق، والعمر أقصر، والأمر أيسَر أن تبقى فيه على حال.

وكان يقول: دخلنا على صفوان بن محرز، وهو في بيت من قصب قد مال عليه، فقلنا: أصلحك الله، لو أصلحت هذا البيت، فقال: كم من رجل مات وهذا مائل كما ترون!

وكان يقول: رأيتُ رجلاً أصابه الجهد، فدفع له درهم، فقال: لا حاجة لي فيه، إن السوق قد ارتفع، وأخاف أن أموت قبل إنفاقه، وأتركه ميراثًا، وأحاسب عليه، وإن عشت غدًا، كان رزقي على الله وحده لا شريك له.

وكان يقول: إن الله يعطي العبد؛ مكرًا به، ويحرمه؛ نظرًا له، ومَن تعرَّض لمَكر الله استوجب عقوبته.

وكان يقول: ابن آدم، إنما أنت عدد أنفاسك وأوقاتك، كلما مضى لك وقت انقَضى منك بعض، ولله در القائل:
إنا لنـفرَح بالأيـام نَقطعُـها وكـلُّ يوم مضى بعـضٌ مِـن الأجلِ
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدًا فإنـما الربح والخسران في العمل[19]

وكان يقول: ابن آدم، إن لك أجلاً وأملاً، فإن أدركك أَملك، قرَّبك من أجلك، وإن أدركك أجلك، اجتاحك قبل أملِك.

وكان يقول: اجتمع ثلاثة نفر، فتكلَّموا في قِصَر الأمل، فقال أحدهم: ما مرَّ بي قطُّ شهر إلا ظننتُ أني أموت فيه.

وقال الآخر: ما مر بي قطُّ يوم إلا قدرت أني أموت فيه.

وقال الثالث: العجب كل العجب مِن آملٍ أجله بيد غيره، ورِزقه عند سواه.

وأنشد:
ما أنزَلَ الموت حق منزله مَن عدَّ وقتًا لم يأتِ من أجله[20]

وكان يقول: روي أن الله سبحانه لما خلق آدم عليه السلام جعل أجله بين عينيه، وأمله خلف ظهره، فلما واقع الخطيئة حوِّل، فجعل أمله بين عينيه، وأجله خلف ظهره، فذلك ما كان في بَنيه من طول الأمل، والغفلة عن الأجل.

وكان يقول: ابن آدم، إنك لو قصَّرت مسير أجلك، لأبغضت غرور أملك، ولو أبصرت قليل ما بقي من عمرك، لزهدت في أكثر ما تَرجوه من أملك.

وقيل: صلى الحسن على جنازة، ثم مشى إلى القبر، ثم قال: يا لها موعظةً وُعظ بها عباد الله لو وافقت قلبًا حيًّا، ولكن لا حياة للقلوب.

أيها الناس، إن الموت فضح الدنيا، فلم يدع لذي لب فيها بعده فرحًا، فرحم الله من أخذ منها قوتًا، وترك الفضل ليوم فاقته وفقره، فكأن الموت قد نزل، وانقطع العمل، فرحم الله لبيبًا قصر أمله، وراقب أجله.

وكان يقول إذا مرت به جنازة: اغدوا فإنا رائحون، أو: روحوا فإنا غادون.

وقيل: رأى الحسن على مالك بن دينار رداءَ صوف، فقال: أيُعجبك الطيلسان[21] أصلحك الله؟ فقال: نعم، فقال: ليهُن عندك؛ فإنه كان على شاة قبلك فنُزع عنها.

وكان يقول: أيها المرء، أجلك أنت السواد المختطف في يومك.

أيها المرء، إنك لا تدري بأي سبب تموت.

أيها المرء، داوِ نفسك قبل أن تقف بك على العطب.

وقال: قيل لخالد بن يزيد بن معاوية[22]: ما أقرب شيء؟ قال: الأجل، قيل له: فما أبعد شيء؟ قال: الأمل، قيل له: فما آنَسُ شيء؟ قال: الصاحب المواتي، قيل: ما أوحش شيء؟ قال: الميت.

وكان يقول: روي أن رجلاً قال لأم الدرداء: إني لأجد في قلبي داءً لا أجد له دواءً: أجد قسوةً شديدةً، وأملاً بعيدًا، فقالت: اطلع في القبور، واحضر الجنائز، وشاهد الموتى، فعساك أن تُكفى.

وكان يقول: وجد في حجر مكتوب: ابن آدم، إنك لو رأيتَ قليل ما بقي من أجلك، لزهدتَ فيما ترجوه من أملك، ولرغبتَ في الزيادة من عملك، ولقصرت من حرصك وحيلك، وإنما يَلقاك غدًا ندمُك، لو قد زلَّت بك قدمك، وأسلمك رهطك وحشمك، وتبرَّأ منك القريب، وانصرف عنك الحبيب، وصرت تدعى فلا تجيب.

وكان يقول: إن رجلاً ليس بينه وبين آدم إلا أب ميِّت، لَمُعرق في الموتى.

وكان يقول: مثل العلماء في الجهال مثل الأطباء في المرضى.

وسمع الحسن الحجاج يخطب على منبر البصرة ويقول: أيها الناس، إن الله - تبارك وتعالى - كتب على الدنيا الفناء، وعلى الآخرة البقاء، فلا يَغرنَّكم شاهد الدنيا على غائب الآخرة، واقهروا طول الأمل بقصر الأجل، ثم يقول: عجبًا للحجاج! كيف عرف ما عرف، وصُرف عن الحق فانصرف؟!


[1] هشام بن حسان القردوسي (.. - 147 ه‍ = .. - 764 م) هشام بن حسان الأزدي، أبو عبدالله، القردوسي: محدِّث، من أهل البصرة، كان يكتب حديثه، وهو من المكثرين عن الحسن البصري؛ انظر: الزركلي: الأعلام، 17 / 218.

[2] رَمَلْت الحصيرَ وأَرملته، فهو مَرْمول ومُرمَل: إِذا نَسَجته، والمراد أَنه كان السرير قد نُسِج وجهه بالسَّعَف ولم يكن على السرير وِطاء سوى الحَصِير؛ انظر: ابن منظور: لسان العرب.

[3] خرجه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم على سرير مرمول بشريط النخل، فجلس فرأى أثر الشريط في جنبه عليه السلام، فدمعت عينا عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما الذي أبكاك يا بن الخطاب؟))، قال: ذكرتُ كسرى وقيصر وما هما فيه من الملك، وذكرتك وأنت حبيب الله وصفيه ورسوله نائم على سرير مرمول بالشريط! فقال صلى الله عليه وسلم: ((أما ترضى يا عمر أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟))، قال: بلى يا رسول الله، قال: ((فذلك كذلك))، وقال: متفق عليه من حديثه.

[4] جاء في كتاب المستدرك بتعليق الذهبي: حدَّثنا علي بن حمشاد العدل ثنا محمد بن غالب ثنا موسى بن إسماعيل ثنا ثابت بن يزيد ثنا هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثَّر في جنبيه، فقال: يا رسول الله، لو اتخذت فراشًا أوثَرَ من هذا! فقال: ((ما لي وللدنيا، وما للدنيا وما لي، والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها))؛ هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يُخرجاه، وشاهده حديث عبدالله بن مسعود، تعليق الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم، المستدرك [جزء 4 - صفحة 345].

[5] قال جلال الدين السيوطي في جامع الأحاديث: ((إنما أنا عبد آكُلُ كما يأكل العبد)) (الدارقطني في الأفراد، وابن عساكر عن البراء هناد عن الحسن مرسلاً) (البزار عن ابن عمرو) [المناوي].
أخرجه ابن عساكر (4 / 76)، وهناد (2 / 411، رقم 799)، والبزار كما في مجمع الزوائد (9 / 21) قال الهيثمي: فيه حفص بن عمارة الطاحي ولم أعرفه، وبقية رجاله وثِّقوا.

[6] ويح: كلمة عذاب، وقال سيبويه: (ويح) زجر لمن أشرف على الهلكة، وفي المجمع: (ويح) كلمة ترحُّم، وتوجُّع لمن وقع في هلكة، وقد يقال للمدح، والتعجب، ومنه: "ويح ابن عباس" كأنه أعجب بقوله؛ انظر: أبو هلال العسكري: الفروق اللغوية.

[7] لم أجد له ترجمة.

[8] صفوان بن محرز المازني البصري، العابد، أحد الأعلام، حدَّث عن أبي موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وحكيم بن حزام، وابن عمر، روى عنه جامع بن شداد، وبكر المزني، وقتادة، وثابت، ومحمد بن واسع، وعاصم الأحول، وعلي بن زيد بن جدعان، وآخرون، قال ابن سعد: ثقة، له فضل وورع، وقال غيره: كان واعظًا، قانتًا لله، قد اتخذ لنفسه سربًا يَبكي فيه؛ انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء، 4 / 286، وانظر ترجمته أيضًا في: طبقات ابن سعد 7 / 147، طبقات خليفة ت 1540، تاريخ البخاري 4 / 305، المعارف 458، المعرفة والتاريخ 2 / 84، الحلية 2 / 213، تاريخ الإسلام 4 / 14، تذكرة الحفاظ 1 / 57، الإصابة ت 4150، تهذيب التهذيب 4 / 430، طبقات الحفاظ للسيوطي (ص: 21).

[9] من الأبيات السائرة، لم أجد ممن يرويه - على كثرتهم - أحد عزاه لشاعر إلا الآمدي في
كتاب "المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء"؛ حيث عزاه لهانئ بن توبة بن سحيم بن مرة.

[10] البيت مفردًا ورد في الكثير من كتب الأدب بلا عزو، ومع أبيات أخرى نُسب إلى قائل، والواضح أنه من الأبيات السائرة التي لا يعرف صاحبها على التحديد، وتم تضمينه لفظًا ومعنى في مقطوعات الشعراء؛ فقد نسبه أبو حيان التوحيدي في البصائر والذخائر لعمران بن حطان، وكذلك فعل كل مِن الزمخشري في ربيع الأبرار، ومحمد بن حبان البستي في روضة العقلاء ونُزهة الفضلاء، وقبله بيتان، هما:
حتى متى تُسقى النفوس بكأسها ريبَ المنون وأنتَ لاهٍ ترتعُ؟!
أفقـد رضيتَ بـأن تعلل بالمنى وإلى المنـية كلَّ يوم تُدفعُ؟!
بينما نسَبه العبدلكاني الزوزني إلى سليمان بن يزيد العدوي، في كتابه حماسة الظرفاء، وقبله أبيات، هي:
حلَّ المشيبُ حلولَ غيرِ مزايل ومَضَى الشَّبابُ مولِّيًا لا يَرجِعُ
وخلعتَ عنكَ إلى المشيبِ رداءهُ والشَّيْبُ عنك رداءه لا يخلَعُ
عمَّـا قليلٍ ما تدِبُّ على العصا إنْ لمْ يُعاجِلْكَ الأجلُّ الأقطَعُ
حـتى كأنَّكَ في النُّهوضِ تَحامُلاً بعد اعتدالٍ من قناتكَ تركَعُ!

[11] ذكر النووي في "رياض الصالحين" عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه بشَعير، ومشيتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سَنِخة، ولقد سمعته يقول: ((ما أصبح لآل محمد صاع ولا أمسى))، وإنهم لتسعة أبيات؛ رواه البخاري.
"الإهالة" بكسر الهمزة: الشحم الذائب، و"السنخة" بالنون والخاء المعجمة: وهي المتغيِّرة.

[12] أورده جلال الدين السُّيوطي في كتابه "اللآلئ المصنوعة، في الأحاديث الموضوعة": أنبأنا علي بن أبي علي المعدل، حدثنا محمد بن أحمد بن عبدان، أنبأنا أبو القاسم بن الحكم البجلي بن عبيدالله بن الوليد الوصافي عن محمد بن سوقة عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله: ((من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات، ومن أشفق من النار لَهَى عن الشهوات، ومن يرتقب الموت لهى عن اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب))، وقال: لا يصح؛ عُبيدالله بن الوليد متروك، والحارث كذاب؛ "اللآلئ المصنوعة" (2 / 301).

[13] ذكره الإمام النووي في الأذكار النووية وقال: روينا في صحيح مسلم، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة مَن في قلبه مثقال ذرة من كِبر))، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنةً؟ قال: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق، وغمط الناس)).

[14] رواه أحمد والبيهقي والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة.

[15] حديث حسن؛ رواه ابن ماجه [رقم: 4102]، وغيره بأسانيد حسنة.

[16] عُمَر بن عبدالعزيز (61 - 101هـ / 681 - 720م)، أبو حفص، عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، اشتهر بالصلاح والعدل، حتى سُمي بخامس الخلفاء الراشدين، من خلفاء الدولة الأموية بالشام، وجدُّه لأمه عمر بن الخطاب، ولد بالمدينة المنورة، ولما ولي أبوه مصر حُمل إليه، وحفظ القرآن الكريم في مصر، وأرسله والده إلى المدينة ليتفقه في الدين ويتعمَّق في علوم الأدب.
زوَّجه الخليفة عبدالملك بن مروان ابنته فاطمة، ثم ولاه خناصرة - من أعمال حلب - لمدة سنتين، واختاره الخليفة الوليد بن عبدالملك لإمارة المدينة المنورة عام 87ه- - 705م، ثم ضمَّ إليه مكة والطائف، ليُصبح أميرًا على الحجاز كله حتى عام 93ه- - 711م؛ حيث عزله الوليد بتهمة إيواء الفارين من وجه الحجاج بن يوسف والي العراق.
وكان من بين أعماله أثناء إمارته على الحجاز: حفر الآبار، وتعبيد الطرق، وبسط العدل، وعدم التعرض لمنتقدي سياسة بني أمية وولاتهم في الأمصار، فكسب حب جميع الأحزاب واحترامها.
ثم استوزره سليمان بن عبدالملك بالشام، وعندما أدركَتِ الوفاةُ سليمان بن عبدالملك قَبِلَ نصيحة رجاء بن حيوة - أحد الفقهاء - بأن يستخلف على المسلمين الرجل الصالح عمر بن عبدالعزيز، متخطيًا بذلك الورثة المباشرين، وكان ذلك عام 99ه- - 717م.
وشرع عمر في إجراء الإصلاحات اللازمة، فعزل الولاة الذين لا يرضى بهم صالحو الأمة، وعين مكانهم رجالاً يُشبهونه في العدل والنزاهة والاستقامة، وكسب ود الشيعة عندما أبطل سب علي رضي الله عنه على المنابر، وتوقف عن ملاحقتهم، ورفع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة، وأمر بردِّ الحقوق إلى أهلها، ونزع عن نفسه وأهل بيته كل مظاهر الترف، إلى الحد الذي أقنع فيه زوجته بدفع حليِّها إلى بيت المال، وألغى جميع الضرائب المبتدعة، وأمر ولاته بأخذ رأيه في تنفيذ الحدود، وأدت هذه السياسة إلى كثرة الداخلين في الإسلام لا سيما ملوك السند الهنود والبربر، قيل: إنه مات مسمومًا بدير سمعان من أرض المعرَّة، وكان يدعى أشج بني أمية؛ لأن دابة رمته وهو غلام، فشجته في وجهه؛ (انظر: الموسوعة العربية العالمية، المملكة العربية السعودية، 2004م).

[17] أي: الوالي.

[18] وهي إحدى المدن السورية.

[19] البيت عزاه الراغب الأصفهاني في كتابه "محاضرات الأدباء" إلى أبي العتاهية.

[20] البيت أورده أبو حيان التوحيدي في البصائر والذخائر، ولم يعزه لأحد، وجاء معه البيتان التاليان:
عليك حفظ اللسان مجتهدًا فإن بعض الهلاك في زللِه
والصبر والصدق يَبلغان بمن كانا قرينَيه منتهى أملِه

[21] الطيلسان: ضرب من الأكسية، وجمع الطيلَس والطَّيلسان والطِّيلسان: طيالس وطيالسة، دخلت فيه الهاء في الجمع للعجمة؛ لأنه فارسي معرب؛ انظر: ابن منظور: لسان العرب.

[22] خالد بن يزيد (000 - 90 ه‍ = 000 - 708 م) خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي، أبو هاشم حكيم قريش وعالمها في عصره، اشتغل بالكيمياء والطب والنجوم، فأتقنها وألَّف فيها رسائل، اختلفوا في سنة وفاته، قال الذهبي: "وكان موصوفًا بالعلم والدين والعقل"، وشك ابن الأثير في بعض نواحي علمه، فقال: "يقال: إنه أصاب علم الكيمياء، ولا يصح ذلك لأحد"، وقال البيروني: كان خالد أول فلاسفة الإسلام، وقال ابن النديم: كان خالد بن يزيد فاضلاً في نفسه له همة ومحبة للعلوم، خطر بباله حب الصنعة (الكيمياء)، فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونانيين ممن كان ينزل مصر، وقد تفصَّح بالعربية وأمرهم بنقل الكتب من اللسان اليوناني والقبطي إلى العربي، وهذا أول نقل كان في الإسلام من لغة إلى لغة، وقال الجاحظ: خالد بن يزيد خطيب شاعر، وفصيح جامع، جيد الرأي، كثير الأدب، وهو أول من ترجم كتب النجوم والطب والكيمياء، توفي في دمشق؛ انظر: الزركلي: الأعلام 5 / 300.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 127.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 125.35 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]