الاستفادة من مؤهلات الداعية في العصر الحاضر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         نذر الخواص.. ونذر العوام!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أسئلة بيانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 75 )           »          من هو عمران؟ البيت الرسالي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الطريق طويل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أجلُّ النِّعَم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          هل سيشفع لك الصيام والقرآن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          غزة رمز للعزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 475 )           »          حقوق العباد لا تسقط بالتقادم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826499 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-07-2021, 10:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,354
الدولة : Egypt
افتراضي الاستفادة من مؤهلات الداعية في العصر الحاضر

الاستفادة من مؤهلات الداعية في العصر الحاضر
مبارك بن حمد الحامد الشريف



من الجوانب المهمة التي يستفيدها الداعية المعاصر من منهج الإمام ابن كثير رحمه الله في الدعوة إلى الله: معرفةُ تلك المؤهلات التي اتصف بها، ودعا إليها، وكان لها الأثر الكبير في نجاحه في توجيه الناس ودعوتهم وتأثيره فيهم، والدعاةُ إلى الله في هذا العصر هم بأمسِّ الحاجة إلى تلك المؤهلات التي يتصف بها الإمام ابن كثير وأمثاله من الدعاة المخلصين والأئمة المصلحين، ومن أبرز هذه المؤهلات ما يلي:
1- الإخلاص: فمن أهمِّ أسباب نجاح الداعية في دعوتِه الإخلاصُ، وهو من الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية، كما قال سبحانه: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وإذا كان الإخلاص مهمًّا ولازمًا لكل مسلم، فهو للداعية أهمُّ وألزم؛ لأن الداعية هو القدوة العملية لغيره؛ ولذا نجد الإمام ابن كثير يؤكِّد على هذا الأمر، وينبِّه على أن قَبول العمل متوقِّف على الإخلاص والموافقة، فيذكر رحمه الله أن "للعمل المتقبَّل شرطين: أحدهما: أن يكون خالصًا لله وحده، والآخر: أن يكون صوابًا موافقًا للشريعة، فمتى كان خالصًا ولم يكن صوابًا، لم يتقبل... وأما إن كان موافقًا للشريعة في الصورة الظاهرة ولكن لم يخلص عامله القصد لله تعالى، فهو أيضًا مردود على فاعله"[1].

فالداعية إلى الله في هذا العصر يستفيد من منهج ابن كثير رحمه الله الدعويِّ فيما يتعلق بمؤهلات الداعية بأن يكون مخلصًا في أعماله وأقواله ودعوتِه لربه، لا يريد بذلك رياء ولا سُمعة، ولا ثناء الناس ولا مدحهم؛ وإنما يريد وجه الله والدار الآخرة؛ ولهذا فإن الداعية المخلص لا يكون همُّه تكثير أتباعه، أو ذيوع صيته، أو كثرة مدحه، أو نحو ذلك؛ وإنما همُّه وغايته دخولُ الناس في دين الله وإنقاذُهم من النار[2].

2- العدل والإنصاف: إن من أفضل نعم الله على المرء هو كما قال ابن حزم[3]: "أن يطبعه على العدل وحبِّه، وعلى الحق وإيثاره"[4]، فالعدل "به قامت السموات والأرض"[5]؛ ولذلك حرص ابن كثير رحمه الله على التأكيد على هذا الجانب، واتخذه شعارًا عمليًّا يمارسه مع غيره، ولو كانوا من خصومه وأعدائه، فهو يقرِّر رحمه الله أن الله سبحانه "يأمر بالعدل في الفِعال والمقال على القريب والبعيد، والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد، في كل أحد، في كل وقت، في كل حال"[6].

وقد ذكرنا بعض المواقف العملية لابن كثير التي تدل على التزامه بمبدأ العدل والإنصاف في دعوته لغيره وتعامله معهم حتى ولو كانوا خصومًا له وأعداءًا، وحتى لو كانوا من غير دينه ومِلَّتِه، فمثلًا عدله وإنصافه مع كل من ابن الزملكاني، ومع القاضي تقي الدين السبكي، وكذلك إنصافه وعدله لنصارى الشام حينما صادر نائب دمشق أموالهم بسبب اعتداء إخوانهم الفرنج على الإسكندرية، وغيرها من المواقف العملية الكثيرة التي تدل على التزام وتطبيق الإمام ابن كثير لمبدأ العدل والإنصاف، وذلك مما يستفيده الدعاة في هذا العصر الذي عَزَّ فيه العدل والإنصاف في التعامل بين المسلمين، بل ومن كثير من الدعاة إلى الله، فتجد أن بعض الدعاة يرى أن ما عليه هو الصواب والحق، وأنه الجدير بالاتباع والجدير بقيادة الأمَّة، وأنه هو ومن سار على طريقته ومنهجه هم الذين يملكون القدرة على حل مشكلاتها، ومن الدعاة من ينظر إلى إخوانه من الدعاة الآخرين الذين ليسوا على منهجه وأسلوبه وطريقته أنهم بدرجة أقل من الجدارة والتفكير والإدراك للمصالح، أو على الأقل أنهم مساكين، فينظر إليهم نظرة إشفاق وإهمال، بل إن بعض الدعاة من يحدِّد طريقة ويجزم بها ويعتقدها، ويرتِّب عليها أحكامًا شرعية، ومستلزمات دعوية، ويُخَطِّئُ غيره ويرده، ويجعل فكرته هو هي الميزان، وأن من حاد عنها فهو مخطئ، أو هو عقبة في وجه الدعوة والإصلاح، مما أدى إلى وجود الحزبيات والتكتلات بين صفوف الدعاة[7]، ولا شك أن هذا ينافي العدل والإنصاف والحقوق الواجبة بين الدعاة إلى الله، وينافي التعاون على البر والتقوى، والوقوف صفًّا واحدًا في وجه أعداء الأمَّة الذين يتربصون بها الدوائر.

3- الثقافة الواسعة: والمقصود بذلك أن يكون الداعية على علم بطبيعة عصره وظروف مجتمعه، وهو ما كان عليه ابن كثير رحمه الله، فقد كان على قدر كبير من العلم والثقافة والوعي، والناظر في سيرته رحمه الله يجد أنه منذ صغره وهو حريص على طلب العلم ومعرفة أحوال مجتمعه وما يحدث فيه، ولعل قصته مع القاضي صدر الدين الحنفي وجلوسه إليه بعد عودة القاضي من مصر وابنُ كثير صغير لم يتجاوز سنه العاشرة تدل على ذلك، وكذلك معرفته بعقائد أهل الكتاب خاصة النصارى وما حصل في كتبهم من التحريف والتبديل، وكذلك المذاهب والفرق الضالة والمذاهب المنحرفة، وبيانه لزيغها وانحرافها كالقدَرية والجهمية والمعتزلة، إضافة إلى معرفته للتتار وشريعتهم التي وضعها لهم جنكيز خان في كتابه الياسق ليكون دينًا ومرجعًا لهم.

فالداعية المعاصر يستفيد من ذلك بأن يكون على وعي ودراية بواقعه الذي يعيش فيه، وذلك بمعرفة ما يقوم عليه من نظم، وما يسوده من مذاهب، وما يحرِّكه من عوامل، وما يصطرع فيه من قوى، وما يجري فيه من تيارات، وما يعاني أهله من متاعب، وبخاصة وطنه الإسلامي الكبير من المحيط إلى المحيط، بآلامه وآماله، وأفراحه ومآسيه، ومصادر قوته وعوامل ضعفه، وبعد ذلك وطنه الصغير وبيئته المحلية وما يسودها من أوضاع وتقاليد، وما يقاسيه من صراعات ومشكلات، وما يشغل أهلَها من قضايا وأفكار.

إن الداعية لا ينجح في دعوته ما لم يعرف من يدعوهم، وحتى يعرف كيف يدعوهم، وماذا يقدِّم معهم وماذا يؤخِّر، ومن هنا يتعين على الداعية في هذا العصر أن يكون لديه إلمامٌ بواقع العالم الإسلامي، وواقع القوى المعادية للإسلام، وواقع الأديان المعاصرة، وواقع المذاهب السياسة المعاصرة، وكذلك الحركات الإسلامية المعاصرة، وواقع التيارات الفكرية المعارضة للإسلام، وواقع الفرق المنشقة على الإسلام، وواقع البيئة المحلية التي يعيش فيها، ولا يخفى أن هذه الثقافة لا تُستمَد من الكتب وحدها، فهي ثقافة نامية متجددة مستمرة، يمكن للداعية أن يجدها في وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة، بل يستطيع أن يتلقى معلوماته عن الواقع من مصادرها الحية المباشرة بلقاء الناس ومخاطبتهم ومشاهدة أحوالهم.

4- نبذ الجمود والتعصب: سبق وأن ذكرنا أن الإمام ابن كثير رحمه الله يمتلك شخصية متحررة من الجمود الفكري والتعصب المذهبي، مما كان له أثر طيب على علاقته بالعلماء والدعاة والمصلحين، فمثلًا الإمام ابن القيم وابن عبدالهادي[8] هما من أصحابه وأقرب الناس إليه، وهما من الحنابلة، وإسحاق بن يحيى الآمدي[9] من شيوخه، وهو من الحنفية، وابن تيمية وابن المطعم[10] وابن غيلان البعلبكي والعفيف المقدسي من شيوخه، وهم من الحنابلة، ومن مظاهر عدم جموده وتعصبه موافقته وتبنِّيه لبعض الآراء الفقهية المخالفة لمذهبه الشافعي؛ كمسألة الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، والمسح على الخفين، ومسألة المناقلة في الوقف، وغيرها مما سبق أن ذكرناه، مما يدل على أنه رحمه الله ينبذ الجمود الفكري والتعصب المذهب، فهو مستقل الرأي يدور مع الدليل حيث دار، وينشد الحق ولا يتعصب لمذهب ولا شيخ ولا لطائفة.

وهذا ما يتعين على الدعاة إلى الله في هذا العصر أن يستفيدوا منه، وينبذوا التعصب والحزبية بغير حق، ويكون همهم الحرص على الدعوة إلى الحق والأخذ به مهما كان قائله، ومهما كان مصدره، ومما يؤسف له أن تجد بعض الدعاة في هذا العصر يتعصب لمن وافقه، فيضفي على هذه الفئة أو الجماعة "من الصفات ما يشبه القداسة أو العصمة، فكل ما تقوله فهو حق، وكل ما تفعله فهو جميل، وكل ما يصدر عنها فهو صواب، وكل تاريخها أمجاد، وكل رجالها ملائكة، وهذا ليس بصحيح، فكل جماعة قامت لنُصرة الإسلام وتجديده في العقول والأنفس والحياة والمجتمع ليست أكثر من مجموعة من المسلمين تجتهد في خدمة الإسلام وإعلاء كلمته، وهي في اجتهادها تصيب وتخطئ، وهي مأجورة على كل حال، أصابتْ أم أخطأت؛ فلكل مجتهد نصيب، ولكل امرئ ما نوى".


وقد بلغ التعصب المذموم من بعض الدعاة في هذا "أن لا يذكر لجماعته أو لحزبه إلا المزايا والحسنات، ولا يذكر للجماعات الأخرى إلا العيوب والسيئات، وأن يعظم رجال مجموعته مهما يكن منهم من تقصير أو قصور، ويحقر رجال الآخرين مهما يكون فيهم من سموٍّ في العلم والعمل.... وأن يفرح بأخطاء الآخرين، وقد يشنع بها ويضرب بها الطبل، في حين يتغاضى عن أخطاء فئته وجماعته، وإذا اعترف بها حاول أن يهوِّن منها ويعتذر لها ويدافع عنها".

5- وهناك جوانب في منهج ابن كثير يمكن أن يستفيد منها الداعية المعاصر فيما يتعلق بمؤهلات الداعية؛ مثل التصور الشمولي والمتكامل في الدعوة عند ابن كثير، فاشتملت دعوته على نواحي الدين كلِّه، في العقائد والعبادات، والأحكام والأخلاق، والآداب والسلوك، وهذا ما يتعين على الدعاة في هذا العصر أن يكونوا عليه في دعوتهم إلى الله، وهو دعوة الناس إلى الإسلام كافة، كما قال سبحانه: ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 108]، قال ابن كثير: "يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين المصدِّقين برسوله أن يأخذوا بجميع عُرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وتركِ جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك"[11].

والملاحظ على الدعاة في هذا العصر "إغفال أكثرهم الاهتمام بأصول الدين وفرائض الإسلام، أو إعطاؤها أقلَّ مما تستحقه من الاهتمام والعناية، مع العلم أنها هي مفاتيح الخير والصلاح، وهي مغاليق الشر والفساد؛ كالصلاة والزكاة والصوم والحج، والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإخلاص العبادة لله وحده، ونبذ الشرك والبدع ووسائلهما، ونحو ذلك من الأصول"[12].

ومن الجوانب المهمة في منهج ابن كثير الدعوي التي يمكن أن يستفيد منها الداعية في هذا العصر فيما يتعلق بمؤهلات الدعوة: مراعاة الفروق الفردية بين المدعويين، ومخاطبتهم ودعوتهم بما تبلغه عقولهم وتدركه فهومهم، وهذا ما أكد عليه ابن كثير ولفت النظر إليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى كما قال ابن كثير "فاوَتَ بين خلقه فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والعقول والفهوم، وغير ذلك من القوى الظاهرة والباطنة"[13]، فالدعاة إلى الله في هذا العصر لا بد أن يراعوا هذا الأمر ويتنبهوا له.

ودعوة الناس وتحديثهم بما يعرفون له جانبان: الأول يتعلق بأسلوب الخطاب؛ فيكون سهلًا وواضحًا وبعيدًا عن التقعر والتكلف، والبحث عن الألفاظ الغريبة، والثاني: يتعلق بمضمون الخطاب؛ فليس كل ما يُعلَم يقال، والعامة إنما يُدعَوْن للأمور الواضحة من الكتاب والسُّنة وما لا يسع الناسَ جهلُه، وما يكلَّفون بعلمه أمر نسبي يختلف باختلاف الناس، وهو في دائرة العامة أوسع منه في دائرة طلبة العلم، وتحديث الناس ودعوتهم إلى ما يشكل عليهم فهمُه، أو لا تدركه عقولهم وفهومهم يخشى أن ينزلوه غير تنزيله، ويتأولوه غير تأويله.

يقول الحافظ ابن حجر في شرحه لخبر علي رضي الله عنه[14]: "وممن كره التحديثَ ببعض دون بعضٍ أحمدُ في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وعن الحسن أنه أنكَرَ تحديث أنس للحَجَّاج بقصة العرنيِّين[15]؛ لأنه اتخَذَها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي"[16].

6- ومما يستفيده الدعاة في هذا العصر من منهج ابن كثير الدعوي في مؤهلات الداعية: الصفات الحميدة التي كان يتحلى بها الإمام ابن كثير رحمه الله، والتي كان لها أكبر الأثر في قَبول الناس له، وانتفاعهم بعلمه، وتأثرهم بدعوته، وهذه الصفات هي بمثابة الدروس القيمة للداعية المعاصر يستفيد منها ويُقَوِّم بها أخلاقه، ويحاسب بها نفسه، ومن هذه الصفات الحميدة:
الصدق: وهو كما قال ابن كثير "خصلة محمودة... وهو علامة على الإيمان، كما أن الكذب أمارة على النفاق، ومن صدَق نجا"[17].

وكذلك التواضع: وهو من صفات المؤمنين كما قال ابن كثير: "من صفات المؤمنين الكُمَّل أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه، ومعتزًّا على خصمه وعدوِّه"[18].

ومن هذه الصفات الترفع عن اللغو: واللغو هو كما قال ابن كثير: "ما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال"[19].

وكذلك محبة الآخرين والحرص على نفعهم: فالمؤمن الصادق والداعية المخلص هو الذي يحب الناس ويحرص على نفعهم في كل وقت وحين، فهو كما قال ابن كثير: "عن قتادة: لا تلقى المؤمن إلا ناصحًا، لا تلقاه غاشًّا"[20].

وكذلك حسن الظن بالآخرين والتماس العذر لهم، وهذه الصفة من الصفات التي كان يتحلى بها ابن كثير ويتصف بها، وقد مر معنا بعض المواقف التي تدل على ذلك، وليست هذه الأخلاق فحسب هي التي يمكن أن يستفيدها الداعية المعاصر من منهج الإمام ابن كثير في الدعوة إلى الله، بل غيرها كثير مما لا مجال لتفصيله؛ كالصبر، والترفع عن اللغو، والقصد والاعتدال ونحوها.


[1] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 194.

[2] انظر عبدالرزاق البدر (الجامع للبحوث والرسائل) ص492/ 495، طبعة كنوز إشبيليا بالرياض، ط1 1426هـ.

[3] سبق ترجمته ص 352.

[4] انظر ابن حزم مداواة النفوس ص 90.

[5] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 10.

[6] المرجع نفسه 2/ 241.

[7] انظر ناصر العقل: مباحث في عقيدة أهل السنة، ص74-78، مرجع سابق.

[8] هو محمد بن أحمد بن عبدالهادي بن عبدالحميد شمس الدين ابن قدامة المقدسي، حافظ للحديث عارف بالأدب، من كبار الحنابلة، يقال له: (ابن عبدالهادي)، أخذ عن ابن تيمية والذهبي وغيرهما، وصنَّف ما يزيد على سبعين كتابًا، ومات قبل بلوغ الأربعين، من كتبه العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، والمحرر في الحديث، وفضائل الشام وغيرها، توفي سنة 744هـ (الأعلام 5/ 326).

[9] هو إسحاق بن يحيى بن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل الآمدي، ثم الدمشقي الحنفي، شيخ دار الحديث الظاهرية، سمع الحديث على جماعة كثيرين، وكان شيخًا حسنًا بهي المنظر، يحب الرواية ولديه فضيلة، توفي سنة 725هـ (البداية والنهاية 18/ 260).

[10] هو الشيخ الصالح المعمر عيسى بن عبدالرحمن بن معالي بن أحمد بن إسماعيل المقدسي الصالحي المطعم، راوي صحيح البخاري وغيره، وقد سمع الكثير من مشايخ عدة، توفي رابع ذي الحجة سنة 719هـ وله أربع وتسعون سنة (البداية والنهاية 18/ 197).

[11] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 308.

[12] مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها، لناصر العقل ص 80، مرجع سابق.

[13] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 150.

[14] وهو قوله رضي الله عنه: "حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يُكذب الله ورسوله؟"، سبق تخريجه ص568.

[15] وقد مر بنا حديث أنس رضي الله عنه ص567 من هذا البحث.

[16] ابن حجر (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) 1/ 272، وانظر محمد الدرويش (تأملات في العمل الإسلامي) ص93-94، طبعة مطابع البيان بالرياض، ط2 1422هـ.


[17] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 600.

[18] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 91.

[19] المرجع نفسه 3/ 300.

[20] المرجع نفسه 3/ 697.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.32 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]