بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 25 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 25-09-2021, 07:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(11)
من صـــ 128 الى صـــ 132

الباب الأول - الطرف الثاني - المواقف
بصيرة في الحمد

اختلف العلماءُ فى موضع نزولها. فقيل: نزلت بمكَّة وهو الصحيح، لأَنَّه لا يعرف فى الإِسلام صلاة بغير فاتحة الكتاب. وقيل: نزلت بالمدينة مرّة، وبمكة مرّة. ولهذا قيل لها:
السّبع المثانى؛ لأَنها ثُنِيت فى النّزول.
وأَمّا عدد الآيات فسبع بالإِجماع؛ غير أَنَّ منهم من عدّ {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} دون البسملة؛ ومنهم مَنْ عكس. وشذَّ قوم وقالوا: ثمان آيات. وشذَّ آخرون فجعلوها ستّ آيات.
عدد كلماتها خمس وعشرون.
عدد حروفها مائة وثلاثون وعشرون. وفواصل الآيات (م ن) .
أسماؤها قريبة من ثلاثين: الفاتحة، فاتحة الكتاب، الحمد، سورة الحمد، الشافية، الشفاء، سورة الشفاء، الأَساس، أَساس القرآن، أُمّ القرآن، أُمّ الكتاب، الوافية، الكافية، الصّلاة، سورة الصّلاة، قال الله تعالى "قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين" الحديث،يعنى فاتحة الكتاب، السّبع المثانى؛ لأنها تُثْنَى فى كل صلاة، أَو لاشتمالها على الثَّناء على الله تعالى، أَو لتثنية نزولها، سورة الفاتحة، سورة الثناء، سورة أُمّ القرآن، سورة أُم الكتاب، سورة الأًساس، الرُّقْية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "وما أَدراك أَنّها رُقْية".
المقصود من نزول هذه السّورة تعليم العباد التيمُّن والتبّرك باسم الله الرحمن الرحيم فى ابتداء الأُمور، والتّلقين بشكر نعم المنعم؛ والتوكُّل عليه فى باب الرّزق المقسوم، وتقوية رجاء العبد برحمة الله تعالى، والتّنبيه على ترقُّب العبد الحسابَ والجزاءَ يوم القيامة، وإِخلاص العبوديّة عن الشرك، وطلب التوفيق والعصمة من الله، والاستعانة والاستمداد فى أَداء العبادات، وطلب الثبات والاستقامة على طريق خواصّ عباد الله، والرَّغبة فى سلوك مسالكهم، وطلب الأَمان من الغَضب، والضلال فى جميع الأَحوال، والأَفعال، وختم الجميع بكلمة آمين، فإِنها استجابة للدعاء، واستنزال للرَّحمة، وهى خاتَم الرَّحمة الَّتى خَتَم بها فاتحة كتابه.
وأَمَّا النَّاسخ والمنسوخ فليس فيها شئ منهما.
وأَمَّا المتشابهات فقوله (الرحمن الرَّحيم ملك) فيمن جعل البسملة منها، وفى تكراره أَقوال.
قيل: كرّر للتَّأْكيد. وقيل: كُرِّر لأَن المعنى: وجب الحمد لله لأَنه الرَّحمن الرَّحيم. وقيل: إِنما كُرِّر لأَن الرحمة هى الإِنعام على المحتاج وذكر فى الآية الأَولى المنعِم ولم يذكر المنعَم عليهم، فأَعادها مع ذكرهم، وقال:
ربِّ العالمين، الرحمن بهم أَجمعين الرحيم بالمؤمنين خاصَّة يوم الدين، ينعم عليهم ويغفر لهم، وقيل:
لمَّا أَراد ذكر يوم الدين لأَنه مِلكه ومالكه، وفيه يقع الجزاءُ، والعقاب، والثواب وفى ذكره يحصل للمؤمن مالا مزيد عليه: من الرعب والخشية، والخوف، والهيبة. قدَّم عليه ذكر الرَّحمن الرحيم تطميناً له، وتأميناً، وتطييباً لقلبه، وتسكيناً، وإِشعاراً بأَن الرَّحمة سابقة غالبة، فلا ييأَس ولا يأْسى فإِن ذلك اليوم - وإِن كان عظيماً عسيراً - فإِنما عُسْره وشِدّته على الكافرين؛ وأَمَّا المؤمن فبَيْن صفتى الرَّحمن الرَّحيم من الآمنين.
ومنها قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} كرّر (إِياك) ولم يقتصر على ذكره مرّة كما اقتصر على ذكر أَحد المفعولين فى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى} وفى آيات كثيرة؛ لأَن فى التقديم فائدة وهى قطع الاشتراك، ولو حُذف لم يدلّ على التقدّم؛ لأَنك لو قلت:
إِيّاك نعبد ونستعين لم يظهر أَن التّقدير: إِياك نعبد وإِيّاك نستعين. وكرّر {صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لأَنّه يقرب ممَّا ذكرنا فى {الرحمان الرحيم} . وذلك بأَن الصّراط هو المكان المهيَّأ للسّلوك، فذَكر فى الأَوّل المكان ولم يَذكر السّالكين، فأَعاده مع ذكرهم، فقال:
{صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وهم النبيّون والمؤمنون. ولهذا كرّر أَيضاً فى قوله {إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ الله} لأَنّه ذكر المكان المهيّأ وقوله {عَلَيْهِم} ليس بتكرار لأَنّ كلّ واحد منهما متَّصل بفعل غير الآخر، وهو الإِنعام والغضب، وكلّ واحد منهما يقتضيه، وما كان هذا سبيليه فليس بتكرار، ولا من المتشابِه. والله أعلم.
وأَمَّا فضلها وشرفها فعن حُذَيفة يرفعه إلى النبىّ صلَّى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ القوم ليبعث الله عزَّ وجلَّ عليهم العذاب حتماً مقضيَّا فيقرأ صبىّ من صبيانهم فى الكُتَّاب:
الحمد لله ربِّ العالمين، فيسْمَعه الله عزَّ وجلَّ، فيرفع عنهم بذلك العذابَ أَربعين سنة" وروى عن الحسن أَنه قال: أَنزل الله مائة وأَربعة كتب من السَّماء، أَودع علومها أَربعة منها: التَّوراةَ والإِنجيلَ والزَّبورَ والفرقانَ، ثمَّ أَودع علوم القرآن المفصَّل، ثم أَودع علوم المفصَّل فاتحة الكتاب. فمَنْ علِم تفسيرها كان كمن علم تفسير كُتُب الله المنزَّلة.
ومَنْ قرأَها فكأنَّما قرأَ التَّوراة، والإِنجيل، والزَّبور، والفُرقان، وقال جبرئيل عند نزوله بهذه السّورة: يا محمَّد، ما زلت خائفاً على أُمَّتك حتَّى نزلتُ بفاتحة الكتاب؛ فأَمِنت بها عليهم. وقال مجاهد سمعت ابن عبّاس يقول:
أَنَّ إِبليسُ أَربع أَنَّات: حين لُعن، وحين أُهبِط من الجنَّة، وحين بُعِث محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وحين أُنزلتْ فاتحة الكتاب. وعن أَبى هريرة، عن النبى صلَّى الله عليه وسلم، عن الرَّبِّ تبارك وتعالى، أَنه قال:
"إِذا قال العبد بسم الله الرحمن الرَّحيم يقول الله تعالى: سمَّانى عبدى. وإِذا قال: الحمد لله ربِّ العالمين يقول الله: حمِدنى عبدى. وإِذا قال: الرَّحمن الرَّحيم يقول الله: أَثْنَى علىَّ عبدى. وإِذا قال: مالك يوم الدِّين يقول الله مجَّدنى عبدى. وإِذا قال:
إِيَّاك نعبد وإِيَّاك نستعين يقول الله: هذا بينى وبين عبدى نصفين. وإِذا قال: اهدنا الصِّراط المستقيم إِلى آخر السُّورة يقول الله: هذا لعبدى ولعبدى ما سأل. وَروَى علىّ رضى الله عنه عن النبىِّ صلى الله عليه وسلَّم انَّه قال: يا علىّ مَنْ قرأَ فاتحة الكتاب فكأَنَّما قرأَ التوراة، والإِنجيل، والزَّبور، والفرقان، وكأَنَّما تصدَّق بكل آية قرأَها مِلْءَ الأَرض ذهباً فى سبيل الله، وحرم الله جسده على النار، ولا يدخل الجنَّة بعد الأَنبياء أَحدٌ أَغنى منه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 14-10-2021, 08:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(12)
من صـــ 133 الى صـــ 141

بصيرة.. فى ألم. ذلك الكتاب
هذه السّورة مَدنيَّة. وهى أَول سورة نزلت بعد هجرة النبىِّ صلَّى الله عليه وسلم إِلى المدينة.
وعدد آياتها مائتان وست وثمانون آية (فى عدِّ) الكوفيِّين، وسبع (فى عدِّ) البصريِّين، وخمس (فى عدِّ) الْحجاز، وأَربع (فى عدِّ) الشاميِّين. وأَعلى الرّوايات وأَصحُّها العَدّ الكوفىُّ، فإِنَّ إِسناده متَّصل بعلىّ بن أَبى طالب رضى الله عنه.
وعدد كلماته ستَّة آلاف كلمة، ومائة وإِحدى وعشرون كلمة.
وحروفها خمس وعشرون أَلفاً وخَمْسمائة حرف.
وآياتها المختلَف فيها اثنتا عشرة آية: أَلم، {عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، مصلحون، خائفين، و {قَوْلاً مَعْرُوفاً} ، {مَاذَا يُنْفِقُوْن} ، {تَتَّفَكَّرُونَ} ،خَلق، {ياأولي الألباب} ، {الحي القيوم} ، {مِّنَ الظلمات إِلَى النور} ، {وَلاَ شَهِيد} .
مجموع فواصل آياتها (ق م ل ن د ب ر) ويجمعها (قم لندّبر) . وعلى اللاَّم آية واحدة {فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السبيل} ، وعلى القاف آية واحدة {وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خَلاَقٍ} آخر الآية المائتين.
وأَمَّا أَسماؤُها فأَربعة: البقرة، لاشتمالها على قِصَّة البقرة. وفى بعض الروايات عن النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم: السورة التى تذكر فيها البقرة. الثَّانى سورة الكرسىِّ، لاشتمالها على آية الكرسىِّ التى هى أَعظم آيات القرآن. الثالث سَنَام القرآن، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: " إِنَّ لكلِّ شىءٍ سَنَاماً وسَنَام القرآن سورة البقرة". الرَّابع الزَّهراءُ، لقوله: "اقرءُوا الزَّهراوَيْن البقرة وآل عمران".
وعلى الإِجمال مقصود هذه السُّورة مدح مؤمنى أَهل الْكتاب، وذمّ الكفَّار كفَّارِ مكَّة، ومنافقى المدينة، والرّدّ على منكرى النبوّة، وقصة التخليق، والتعليم، وتلقين آدم، وملامة علماءِ الْيهود فى مواضع عدَّة، وقصَّة موسى، واستسقائه، ومواعدته ربّه، ومنَّته على بنى إِسرائيل، وشكواه منهم، وحديث البقرة، وقصة سليمان، وهاروت وماروت،والسحرة، والرّدّ على النَّصارى، وابتلاء إِبراهيم عليه السَّلام، وبناء الكعبة، ووصيَّة يعقوب لأَولاده، وتحويل القبلة، وبيان الصبر على المصيبة، وثوابه، ووجوب السَّعى بين الصفا والمروة، وبيان حُجَّة التَّوحيد، وطلب الحلال، وإِباحة الميتة حال الضرورة، وحكم القِصاص، والأَمر بصيام رمضان، والأَمر باجتناب الحرام، والأَمر بقتال الكفار، والأَمر بالحجِّ والعُمْرة، وتعديد النعم على بنى إِسرائيل وحكم القتال فى الأَشهر الحُرُم؛ والسؤال عن الخمر والْمَيْسِر ومال الأَيتام، والحيض؛ والطلاق؛ والمناكحات، وذكر العِدّة، والمحافظة على الصلوات، وذكر الصَّدقات والنَّفقات، ومُلْك طالوت، وقتل جالوت؛ ومناظرة الخليل عليه السَّلام؛ ونمْرُود، وإِحياء الموتى بدعاءِ إِبراهيم، وحكم الإِخلاص فى النفقة، وتحريم الربا وبيان (الزَّانيات) ، وتخصيص الرّسول صلَّى الله عليه وسلم ليلة المعراج بالإِيمان حيث قال: {ءَامَنَ الرَّسُولُ} إِلى آخر السُّورة.
هذا معظم مقاصد هذه السُّورة الكريمة.
وأَمَّا بيان النَّاسخ والمنسوخ ففى ستّ وعشرين آية {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ} م {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً} ن {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} م {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} ن وقيل:
محكمة {فَاعْفُوْا وَاصْفَحُوْا} م {قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله} إِلى قوله {حتى يُعْطُواْ الجزية} ن {فَاَيْنَمَا تُوَلُّوْا} م {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} ن {إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ} م {إِلاَّ الذين تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ} ن {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة والدم} م أُحلَّت لنا ميتتان ودمان، من السُّنة ناسخها ن {الْحَرُّ بِالْحَرِّ} م {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ن {الوصية لِلْوَالِدَيْنِ} م (آية المواريث) ن {كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين مِن قَبْلِكُمْ} م {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام} ن {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} م {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ن {وَلاَ تَعْتَدُوْا} م {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا} ن {وَقَاتِلُواْ المشركين كَآفَّةً} ن {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ المسجد الحرام} م {فَإِن قَاتَلُوكُمْ فاقتلوهم} ن {فَإِنِ انتهوا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} م بآية السَّيف ن {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ} م {بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ} ن {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} م {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ} ن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام} م {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} ن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر} م {إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه} ن {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو} م {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} ن {وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات} م {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} وقوله {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} ن {الطلاق مَرَّتَانِ} م {فَإِنْ طَلَّقَهَا} ن {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ} م {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا} ن {والوالدات يُرْضِعْنَ} م {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً} ن {وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى الحول} م {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ن {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين} م آية السَّيف ن {وأشهدوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} م {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً} ن {وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} م {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً} وقوله {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر} ن.
المتشابهات:
(الم) تكررت فى ستّ سور فهى من المتشابه لفظاً. وذهب كثير من المفسِّرين فى قوله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} إِلى أَنَّها هذه الحروف الَّتى فى أَوائل السُّور، فهى من المتشابه لفظاً ومعنًى والموجب لذكره أَوَّلَ البقرة هو بعينه الموجِب لذكره فى أَوائل سائر السُّور.
وزاد فى الأَعراف صاداً لما جاءَ بعده {فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} ولهذا قال بعض المفسِّرين: المص: ألم نشرح لك صدرك. وقيل: معناه: المصوِّر. وزاد فى الرعد راء لقوله بعده {اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ} .
قوله {سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} وفى يس {وَسَوآءٌ عَلَيْهِمْ} بزيادة واو، لأَن ما فى البقرة جملة هى خبر عن اسم إِنَّ، وما فى يس جملة عُطِفت على جملةٍ.
قولُه {آمَنَّا بالله وباليوم الآخر} ليس فى القرآن غيره [و] تكرار العامل مع حرف العطف لا يكون إِلاَّ للتأكيد، وهذا حكاية كلام المنافقين وهم أَكَّدوا كلامهم، نَفْياً للرِيبة، وإِبعادا للتُّهمة. فكانوا فى ذلك كما قيل: كاد المُرِيب أَن يقول خذونى. فنفى الله عنهم الإِيمان بأَوكد الأَلفاظ، فقال: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِين} ويكثر ذلك مع النفى. وقد جاءَ فى القرآن فى موضعين: فى النّساء {وَلاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر} ، وفى التوبة {قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر} .
قوله {يَاأَيُّهَا الناس اعبدوا رَبَّكُمُ} ليس فى القرآن غيره؛ لأَنَّ العبادة فى الآية التوحيد، والتوحيد فى أَول ما يلزم العبدَ من المعارف. وكان هذا أَول خطاب خاطب اللهُ به الناس، ثم ذكر سائر المعارف، وبنى عليه العبادات فيما بعدها من السُور والآيات.
قوله {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} بزيادة (مِن) هنا، وفى غير هذه السورة بدون (من) لأَن (مِن) للتبعيض، وهذه السورة سَنَام القرآن،وأَوّله بعد الفاتحة، فحسُن دخول (مِن) فيها، ليعلم أَن التحدّى واقع على جميع سور القرآن، من أَوله إِلى آخره، وغيرُها من السور لو دخلها (من) لكان التحدى واقعاً على بعض السور دون بعض. والهاء فى (مثله) يعود إِلى القرآن، وقيل: يعود إِلى محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، أَى فأْتوا بسورة من إِنسان مثلِه. وقيل: إِلى الأَنداد، وليس بشئ. وقيل: مثله التوراة، والهاءُ يعود إِلى القرآن، والمعنى: فأْتوا بسورة من التوراة التى هى مثل القرآن لتعلموا وفاقهما.
قوله {فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى واستكبر} ذكر هذه هاهنا جملة، ثم ذكر فى سائر السور مفصَّلا، فقال فى الأعراف: {إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ الساجدين} وفى الحِجْر {إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين} وفى سبحان {إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} وفى الكهف {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن} وفى طه {إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى} وفى ص {إِلاَّ إِبْلِيسَ استكبر وَكَانَ مِنَ الكافرين} .
قوله {اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة وَكُلاَ} بالواو، وفى الأَعراف {فَكُلاَ} بالفاء. اسكن فى الآيتين ليس بأَمر بالسُّكون الذى ضده الحركة، وإِنما الذى فى البقرة سكون بمعنى الإِقامة، فلم يصحّ إِلا بالواو؛لأَن المعْنى: اجمعا بين الإِقامة فيها (والأَكل من ثمارها) ، ولو كان الفاء مكان الواو لوجب تأْخير الأَكل إِلى الفراغ من الإِقامة، لأَن الفاء للتَّعقيب والترتيب، والذى فى الأَعراف من السُّكنى التى معناها اتخاذ الموضع مسكنا؛ لأَنَّ الله تعالى أَخرج إِبليس من الجنة بقوله:
{اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً} . وخاطب آدم فقال {وَيَآءَادَمُ اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة} أَى اتَّخذاها لأَنفسكما مسكناً، وكُلاَ من حيث شئتما، وكان الفاء أَولى، لأَن اتّخاذ المسكن لا يستدِعى زمانا ممتدّا، ولا يمكن الجمع بين الاتخاذ والأكل فيه، بل يقع الأَكلُ عقِيبه. وزاد فى البقرة {رَغَدَا} لما زاد فى الخبر تعظيما: (وقلنا) بخلاف سورة الأَعراف، فإِن فيها (قال) . وذهب الخطيب إِلى أَن ما فى الأَعراف خطاب لهما قبل الدّخول، وما فى البقرة بعده.
قوله {اهْبِطُوْا} كرّر الأَمر بالهبوط لأَن الأَول {مِنَ الْجَنَّةِ} والثانى من السماءِ.
قوله {فَمَنِ اتَّبَعَ} ؛ وفى طه {فَمَنِ اتبع} ؛ وتبع واتَّبع بمعنى، وإِنما اختار فى طه (اتَّبع) موافقة لقوله {يَتَّبِعُونَ الدَّاعِى} .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14-10-2021, 08:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(13)
من صـــ 142 الى صـــ 148

قوله {وَلاَ يَقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} قدَّم الشَّفاعة فى هذه الآية، وأَخَّر العَدْل، وقدَّم العدل فى الآية الأُخرى من هذه السورة وأَخر الشفاعة. وإنِما قدم الشفاعة قطعَا لطمع من زعم أَن آباءَهم تشفع لهم، وأَن الأَصنام شفعاؤُهم عند الله، وأَخرها فى الآية الأُخرى لأَنَّ التقدير فى الآيتين معاً لا يقبل منها شفاعة فتنفعها تلك الشفاعة؛ لأَنَّ النفع بعد القبول.
وقدَّم العدل فى الآية الأُخرى ليكون لفظ القبول مقدَّما فيها.
قوله: {يُذَبِّحُونَ} بغير واو هنا على البدل من {يَسُوْمُوْنَكُمْ} ومثله فى الأَعراف {يُقَتِّلُونَ} وفى إِبراهيم {وَيُذَبِّحُوْنَ} بالواو لأَن ما فى هذه السورة والأَعراف من كلام الله تعالى، فلم يرد تعداد المِحَن عليهم، والَّذى فى إِبراهيم من كلام موسى، فعدّد المِحَن عليهم، وكان مأْموراً بذلك فى قوله {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله} .
قوله {ولاكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} هاهنا وفى الأعراف، وقال فى آل عمران {ولاكن أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} لأَنَّ ما فى السّورتين إِخبار عن قوم فَاتوا وانقرضوا [وما فى آل عمران] حكاية حال.
قوله {وَإِذْ قُلْنَا ادخلوا هاذه القرية فَكُلُواْ} بالفاء، وفى الأَعراف {وَكُلُوْا} بالواو؛ لأَن الدّخول سريع الانقضاء فيعقبه الأَكل، وفى (الأَعراف) {اسْكُنُوا} والمعنى: أَقيموا فيها، وذلك ممتدّ، فذكر بالواو، أَى اجمعوا بين السكنى والأَكل، وزاد فى البقرة {رَغَداً} لأَنه تعالى أَسنده إِلى ذاته بلفظ التعظيم، بخلاف الأَعراف؛ فإِنَّ فيه {وَإِذْ قِيْلَ} وقدّم {ادْخُلُوْا البَابَ سُجَّدًا} فى هذه السّورة وأَخرها فى الأَعراف لأَن السابق فى هذه السورة {ادْخُلُوْا} فبيّن كيفيّة الدّخول، وفى هذه السّورة {خَطَايَاكُمْ} بالإِجماع وفى الأَعراف {خَطِيئَاتِكُمْ} لأَن خطايا صيغة الجمع الكثير، ومغفرتها أَليق فى الآية بإِسناد الفعل إِلى نفسه سبحانه، وقال هنا (وسنزيد) (بواو، وفى الأَعراف سنزيد) بغير واوٍ؛ لأَنَّ اتصالهما فى هذه السّورة أَشدّ؛ لاتّفاق الَّلفظين، واختلفا فى الأعراف؛ لأَنّ اللائِق به (سنزيد) بحذف الواو؛ ليكون استئنافاً للكلام [وفى هذه السورة {الذين ظَلَمُواْ قَوْلاً} وفى الأَعراف {ظَلَمُوْا مِنْهُم} موافقة لقوله {ومِنْ قَوْمِ مُوْسَى} ولقوله {مِنْهُمُ الصَّالِحُوْنَ ومِنْهُم دُوْنَ ذَلِكَ} ] .
وفى هذه السّورة {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِين ظَلَمُوْا} وفى الأَعراف {فَأَرْسَلْنَا} لأَن لفظ الرّسول والرسالة كثرت فى الأَعراف، فجاءَ ذلك على طِبق ما قبله، وليس كذلك فى سورة البقرة.
قوله {فَانْفَجَرَت} وفى الأَعراف {فَانْبَجَسَتْ} لأَن الانفجار انصباب الماء بكثرة، والانبجاس ظهورُ الماء. وكان فى هذه السورة {وَاشْرَبُوا} فذكر بلفظ بليغ؛ وفى الأَعراف {كُلُوا} وليس فيه {وَاشْرَبُوا} فلم يبالغ فيه.
قوله {وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ الحق} فى هذه السّورة؛ وفى آل عمران {وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ حَقٍّ} ؛ وفيها وفى النساءِ {وَقَتْلِهِمُ الأنبيآء بِغَيْرِ حَقٍّ} لأَن ما فى البقرة إِشارة إِلى الحقّ الذى أَذِن الله أَن يُقتل النفسُ فيه وهو قوله {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ} ؛ وكان الأَولى بالذكر؛ لأَنه من الله تعالى؛ وما فى آل عمران والنساءِ نكرة أَى بغير حَقّ فى معتقَدهم ودينهم؛ فكان بالتنكير أَولى.
وجمع {النَّبِيِّينَ} فى البقرة جمع السّلامة لموافقة ما بعده من جمعَى السلامة وهو {الَّذِينَ} {وَالصَّابِئِينَ} . وكذلك فى آل عمران {إِنَّ الَّذِينَ} و {نَاصِرِين} و {مُعْرِضُون} بخلاف الأَنبياء فى السّورتين.
قوله {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والنصارى والصابئين} وقال فى الحج {والصابئين والنصارى} وقال فى المائدة {والصابئون والنصارى} لأَن النصَّارى مقدَّمون على الصَّابئين فى الرُتْبة؛ لأَنهم أَهل الكتاب؛فقدَّمهم فى البقرة؛ والصَّابئون مقدَّمون على النصارى فى الزمان؛ لأَنهم كانوا قبلهم فقدَّمهم فى الحج، وراعى فى المائدة المعنيين؛ فقدَّمهم فى اللفظ، وأَخرهم فى التقدير؛ لأَن تقديره: والصّابئون كذلك؛ قال الشاعر:
فمن كان أَمسى بالمدينة رَحْلُه ... فإِنى وقَيَّارٌ بها لغرِيب
أَراد: إِنى لغريب بها وقيَّارٌ كذلك. فتأَمّل فيها وفى أَمثالها يظهر لك إِعجاز القرآن.
قوله {أَيَّاماً مَّعْدُودَةً} وفى آلِ عمران {أَيَّاماً مَّعْدُودَات} لأَنَّ الأَصل فى الجمع إِذا كان واحده مذكَّرا أَن يُقتصَر فى الوصف على التأنيث؛ نحو: سرر مرفوعة وأَكواب موضوعة. وقد يأتى سُرُر مرفوعات (على تقدير ثلاث سرر مرفوعة) وتسع سرر مرفوعات؛ إِلا أَنه ليس بالأَصل. فجاءَ فى البقرة على الأَصل، وفى آل عمران على الفرع.
وقوله: {فِي أَيَّاماً مَّعْدُودَات} أَى فى ساعات أَيام معدودات. وكذلك {فِي أَيَّاماً مَعْلُوْمَاتٍ} .
قوله {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ} وفى الجُمُعة {وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ} لأَن دعواهم فى هذه السّورة بالغة قاطعة، وهى كون الجَنَّة لهم بصفة الخلوص، فبالغ فى الردّ عليهم بلَنْ، وهو أَبلغ أَلفاظ النفى، ودعواهم فى الجمعة قاصرة مترددة، وهى زعمهم أَنهم أَولياءُ الله، فاقتصر على (لا) .
قوله {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} وفى غيرها {لاَ يَعْقِلُوْنَ} {لاَ يَعْلَمُوْنَ} لأَن هذه نزلت فيمَن نقض العهد من اليهود، ثم قال {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} ؛ لأَن اليهود بين ناقض عهد، وجاحد حق، إِلا القليلَ، منهم عبدُ الله بن سَلاَم وأَصحابُه، ولم يأت هذان المعنيان معا فى غير هذه السُّورة.
قوله: {وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الذي جَآءَكَ مِنَ العلم} وفيها أَيضاً {مِنْ بَعْدَ الذي جَآءَكَ مِنَ العلم} فجعل مكان قوله: (الَّذى) (ما) وزاد (من) ؛ لأَنَّ العلم فى الآية الأُولى عِلْم بالكمال، وليس وراءَه علم؛ لأَنَّ معناه: بعد الذى جاءَك من العلم بالله، وصفاته، وبأَنّ الهدى هدى اللهِ، ومعناه: بأَنَّ دين الله الإِسلام؛ وأَنَّ الْقرآن كلام الله، (وكان) لفظ (الذى) أَليق به من لفظ (ما) لأَنه فى التعريف أَبلغ؛ وفى الوصف أَقعد؛ لأَن (الذى) تعرِّفه صلتُه، فلا ينكَّر قطٌّ، ويتقدَّمه أَسماء الإِشارة؛ نحو قوله {أَمَّنْ هاذا الذي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ} {أَمَّنْ هاذا الذي يَرْزُقُكُمْ} فيكتنف (الَّذى) بيانان: الإِشارةُ، والصلة، ويلزمُه الأَلِف واللاَّم، ويثنَّى ويُجمع.
وأَمَّا (ما) فليس له شىء من ذلك؛ لأَنه يتنكَّر مَرّة، ويتعرّف أُخرى، ولا يقع وصفاً لأَسماءِ الإِشارة، ولا يدخله الأَلِف واللام، ولا يثنَّى ولا يجمع. وخُصَّ الثَّانى بـ (ما) لأَنَّ المعنى: من بعد ما جاءَك من الْعلم بأَن قِبلة الله هى الكعبة، وذلك قليل من كثير من الْعلم. وزيدت معه (من) الَّتى لابتداءِ الْغاية؛ لأَن تقديره: من الوقت الذى جاءَك فيه الْعلم بالْقبلة؛ لأَن الْقبلة الأُولى نُسِخت بهذه الآية، وليس الأَوّل موقَّتاً بوقت.
وقال فى سورة الرّعد: {بَعْدَ مَا جَاءَكَ} فعَبَّر بلفظ (ما) ولم يزد (من) لأَن الْعلم هاهنا هو الْحكم الْعربىّ أَى الْقرآن، وكان بعضاً من الأَوّل، ولم يزد فيه (من) لأَنه غير موقَّت. وقريب من معنى الْقبلة ما فى آل عمران {مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم} فلهذا جاءَ بلفظ (ما) وزيد فيه (من) .
قوله: {واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً} هذه الآية والَّتى قبلها متكررتان. وإِنما كُرِّرتا لأَن كل واحدة منهما صادفت معصية تقتضى تنبيهاً ووعظاً؛ لأَن كلّ واحدة منهما وقعت فى غير وقت الأُخرى.
قوله {رَبِّ اجعل هاذا بَلَداً آمِناً} وفى إِبراهيم {هاذا البلد آمِناً} لأَن (هذا) إِشارة إِلى المذكور فى قوله {بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} قبل بناء الكعبة، وفى إِبراهيم إِشارة إلى البلد بعد البناء. فيكون (بلداً) فى هذه السُّورة المفعول الثانى (و (آمِنا) صفة؛ و (البلد) فى إِبراهيم المفعول الأَول و (آمنا) المفعول الثانى) و (قيل) : لأنَّ النكرة اذا تكرَّرت صارت معرفة.
وقيل: تقديره فى البقرة: هذا البلد (بلدا) آمناً، فحذف اكتفاءً بالإِشارة، فتكون الآيتان سواء.
قوله {وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا} فى هذه السُّورة وفى آل عمران (علينا) لأَنَّ (إِلى) للانتهاء إِلى الشىء من أَىّ جهة كان، والكُتُب منتهِية إِلى الأَنبياء، وإِلى أُمّتهم جميعاً، والخطاب فى هذه السُّورة للأُمَّة، لقوله تعالى: (قولوا) فلم يصحَّ إِلاَّ (إِلى) ؛ و (على) مختصّ بجانب الفَوْق، وهو مختصّ بالأَنبياء؛ لأَنَّ الكتب منزَّلة عليهم، لا شِركة للأُمة فيها. وفى آل عمران (قل) وهو مختصّ بالنبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم دون أَمَّته؛ فكان الَّذى يليق به (على) وزاد فى هذه السُّورة (وما أُوتى) وحُذف من آل عمران (لأَنَّ) فى آل عمران قد تقدَّم ذكر الأَنبياء حيث قال {لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} .
قوله {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} كُرِّرت هذه الآية لأَن المراد بالأَول الأَنبياء، وبالثانى أَسلاف اليهود والنَّصارى. قال القَفَّال: الأَول لإِثبات مِلَّة إِبراهيم لهم جميعاً؛ والثانى لنفى اليهوديَّة والنصرانية عنهم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 14-10-2021, 08:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(14)
من صـــ 149 الى صـــ 156

قوله {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ} هذه الآية مكرَّرة ثلاث مرات. قيل: إِنَّ الأَولى لنسخ القبلة (والثانية للسبب، وهو قوله: {وَإِنَّهُ لِلْحَقِّ مِنْ رَبِّكَ} والثالثة للعلَّة، وهو قوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} .
وقيل: الأُولى فى مسجد المدينة، والثانية (خارج المسجد، والثالثة) خارج البلد. وقيل فى الآيات خروجان: خروج إِلى مكان تُرى فيه القبلة، وخروج إِلى مكان لا تُرى، أَىِ الحالتان فيه سواءَ. وقيل: إِنما كُرر لأَن المراد بذلك الحالُ والزمان والمكان. وفى الآية الأَولى [ {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ} وليس فيها] {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ} [وفى الآية الثانية {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ} ] وليس فيها {حَيْثُ مَا كُنْتُمْ} فجمع فى الآية الثالثة بين قوله {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ} وبين قوله {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ} ليُعلم أَن النبى والمؤْمنين سواء.
قوله {إِلاَّ الذين تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} ليس فى هذه السورة {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} وفى غيرها {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} لأَن قبله {مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَاهُ} فلو أَعاد أَلْبَس.
قوله {لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} خص العقل بالذكر؛ لأَنه به يُتوصَّل إِلى معرفة الآيات. ومثله فى الرعد والنحل والنور والروم.
قوله {مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ} فى هذه السورة وفى المائدة ولقمان (ما وجدنا) لأَن أَلْفيت يتعدى إِلى مفعولين، تقول: أَلفيت زيداً قائماً، ووجدت يتعدى مرة إِلى مفعول واحد: وجدت الضالة؛ ومرة إِلى مفعولين: وجدت زيداً قائماً؛ فهو مشترك. وكان الموضع الأَول باللفظ الأَخصّ أَولى؛ لأَن غيره إّذا وقع موقعه فى الثانى والثالث عُلم أَنه بمعناه.

قوله {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً} وفى المائدة {لاَ يَعْلَمُوْنَ} لأَنَّ العِلم أَبلغ درجةً من العقل، ولهذا يوصف تعالى بالعلم، لا بالعقل؛ وكانت دعواهم فى المائدة أبلغ؛ لقولهم {حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِءَابَآءَنَا} فادَّعَوا النهاية بلفظ (حَسْبنا) فنفى ذلك بالعلم وهو النِّهاية، وقال فى البقرة: {بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ} ولم يكن النِّهايةَ، فنفى بما هو دون العلم؛ ليكون كلُّ دعوَى منفيّة بما يلائمها.
قوله {وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله} قدَّم (به) فى هذه السورة، وأَخّرها فى المائدة، والأَنعام، والنحل؛ لأَن تقديم الباءِ الأَصلُ؛ فإِنها تجرى مَجْرى الأَلِف والتشديدِ فى التَّعدِّى، وكان كحرف من الفعل، وكان الموضع الأَول أَوْلى بما هو الأَصل؛ ليُعلم ما يقتضيه اللفظُ، ثم قدم فيما سواها ما هو المُسْتنكر، وهو الذبح لغير الله، وتقديمُ ما هو الغرض أَولى. ولهذا جاز تقديم المفعول على الفاعل، والحال على ذى الحال، والظرف على العامل فيه؛ إِذا كان (أَكثر فى) الغرض فى الإِخبار.
قوله {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} (بالفاءِ وفى السور الثلاث بغير فاء) لأَنه لمّا قال فى الموضع الأَوّل: {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} صريحاً كان النفى فى غيره تضميناً؛ لأَنّ قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} يدلّ على أَنه لا إِثم عليه.
قوله {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، وفى الأَنعام {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} لأَن لفظ الرب تكرر فى الأَنعام (مرات ولأَن فى الأَنعام) قولَه {وَهُوَ الذي أَنشَأَ جَنَّاتٍ} الآية وفيها ذكر الحُبُوب والثمار وأَتبعها بذكر الحيوان من الضأْن والمَعْز والإِبل والبقر وبها تربية الأَجسام (وكان) ذكر الرب بها أَليق.
قوله {إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ الله مِنَ الكتاب وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أولائك مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النار} الآية هنا على هذا النسق، وفى آل عمران {أولائك لاَ خَلاَقَ لَهُمْ} لأَنَّ المنْكَر فى هذه السّورة أَكثر، فالتوعد فيها أَكثر: وإِن شئت قلت: زاد فى آل عمران {وَلاَ يُنْظَرُ إِلَيْهِمْ} فى مقابلة {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ} .
قوله فى آية الوصيَّة {إِنَّ اللهَ سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ} خُصَّ السَّمع بالذكر لما فى الآية من قوله {بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} ؛ ليكون مطابقاً. وقال فى الآية الأُخرى بعدها {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} لقوله {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} فهو مطابق معنًى.
قوله {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} (قيد) بقوله (منكم) وكذلك {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ} ولم يقيَّد فى قوله {وَمَنْ كَانَ مَّرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ} اكتفى بقوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ} ؛ لاتَّصاله "به".
قوله {تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَقْرَبُوهَا} ؛ وقال بعدها: {تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوْهَا} لأَن (حدود) الأَول نَهْى، وهو قوله: {وَلاَ تُبَاشِرُوْهُنَّ} وما كان من الحدود نهياً أَمر بترك المقاربة، والحدّ الثَّانى أَمْر وهو بيان عدد الطلاق، بخلاف ما كان عليه العرب: من المراجعة بعد الطلاق من غير عدد، وما كان أَمراً أَمر بترك المجاوزة وهو الاعتداء.
قوله {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة} جميع ما فى القرآن من السؤال وقع الجوابُ عنه بغير فاء إِلاَّ فى قوله {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا} فَإِنَّه بالفاء؛ لأَن الأَجوبة فى الجميع كانت بعد السّؤال؛ وفى طه قبل السّؤال؛ فكأَنه قيل: إِن سُئِلْت عن الجبال فقل.
قوله {وَيَكُونَ الدين للَّهِ} فى هذه السّورة، وفى الأَنفال {كُلَُهُ للهِ} ؛ لأَن القتال فى هذه السُّورة مع أَهل مكَّة، وفى الأَنفال مع جميع الكفار، فقيّده بقوله (كلّه) .
قوله {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم} وفى آل عمران {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ} الآية وفى التوبة {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ} الآية الأُولى للنبى والمؤمنين، والثانى للمؤمنين، والثالث للمجاهدين. قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدنيا والآخرة} وفى آخر السّورة {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} ومثله فى الأَنعام، لأَنّه لمَّا بيّن فى الأوّل مفعول التفكّر وهو قوله {فِي الدنيا والآخرة} حذفه ممّا بعده للعلم. وقيل (فى) متعلقه بقوله {يُبَيِّنُ الله} .
قوله {وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات} بفتح التاء والثّانى بضمّها، لأَن الأَول من (نكحت) والثانى مِن (أنكحت) ، وهو يتعدّى إِلى مفعولين والمفعول الأَول فى الآية (المشركين) والثانى محذوف وهو (المؤمنات) أَى لا تُنكحوا المشركين النسّاء المؤمنات حتى يؤمنوا.
قوله {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ} أَجمعوا على تخفيفه إِلاَّ شاذّاً. وما فى غير هذه السورة فرئ بالوجهين، لأَن قبله {فَأَمْسِكُوهُنَّ} وقَبْل ذلك (فإِمساك) يقتضى ذلك التخفيف.
قوله {ذلك يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ} وفى الطَّلاق {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ} الكاف فى ذلك لمجرّد الخطاب، لا محلّ له من الإِعراب فجاز الاقتصار على التَّوحيد، وجاز إِجراؤه على عدد المخاطبين. ومثله {عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ} . وقيل: حيث جاء مُوَحَّدا فالخطاب للنبىّ صلَّى الله عليه وسلم. وخُصَّ بالتَّوحيد فى هذه الآية لقوله: {مَنْ كَانَ مِنْكُمْ} ، وجُمع فى الطَّلاق لمّا لم يكن بعدُ (منكم) .
قوله {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ بالمعروف} وقال فى الأُخرى {مِنْ مَعْرُوْفٍ} ؛ لأَن تقدير الأَوَّل فيما فعلن فى أَنفسهنّ (بأَمر الله وهو المعروف والثانى فيما فعلن فى أَنفسهنّ) من فعل من أَفعالهنَّ معروف، أَى جاز فعله شرعاً.
وقوله {وَلَوْ شَآءَ الله مَا اقتتل الذين مِن بَعْدِهِم} ثمّ قال {وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوْا} فكرّر تأْكيداً. وقيل ليس بتكرار؛ لأَن الأَوّل للجماعة، والثانى للمؤمنين. وقيل: كَرّره تكذيبا لمن زعم أَنَّ ذلك لم يكن بمشيئة الله.
قوله {وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} بزيادة (من) موافقة لما بعدها؛ لأَن بعدها ثلاث آيات فيها (مِن) على التوالى؛ وهو قوله: {وَمَا تُنْفِقُوْا مِنْ خَيْرٍ} ثلاث مرات.
قوله {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} (يغفر) مقدَّم هنا، وفى غيرها إِلا فى المائدة؛ فإِنَّ فيها {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ} لأَنها نزلت فى حقِّ السارق والسارقة، وعذابُهما يقع فى الدنيا فقُدّم لفظ العذاب، وفى غيرها قدّم لفظ المغفرة رحمة منه سبحانَه، وترغيباً للعباد فى المسارعة إِلى موجِبات المغفرة، جَعلَنا منهم آمين.
فضل السورة
عن أَبى بُرَيدة عن أَبيه أَنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال: "تعلَّموا البقرة؛ فإِن أَخذها بركة، وتركها حسرة، ولن يستطيعها البَطَلة". وقال صلَّى الله عليه وسلم: "إِنَّ الشَّيطان لا يدخل بيتاً يُقرأُ فيه سورة البقرة" وعن عكرمة قال: أَول سورة نزلت بالمدينة سورة البقرة،
مَنْ قَرأَها فى بيته نهاراً لم يدخل بيتَه شيطانٌ ثلاثة أَيّام. ومن قرأَها فى بيته ليلاً لم يدخله شيطان ثلاث ليال.
ورُوى أَنَّ من قرأَها كان له بكلّ حرف أَجرُ مرابِطٍ فى سبيل الله. وعن أَنس قال [كان] الرّجل إِذا قرأَ سورة البقرة جَدّ فينا، أَى عَظُم فى أَعيننا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 14-10-2021, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(15)
من صـــ 157 الى صـــ 164

وعن ابن مسعود قال: كنا نعد من يقرأ سورة البقرة من الفحول. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتى على جماعة من شيوخ الصحابة كان يحسن سورة البقرة. وقال صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما" وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"يا على من قرأ سورة البقرة لا تنقطع عنه الرحمة ما دام حيا، وجعل الله البركة فى ماله: فإن فى تعلمها ألف بركة، وفى قراءتها عشرة آلاف بركة، ولا يتعاهدها إلا مؤمن من أهل الجنة، وله بكل آية قرأها ثواب شيث بن آدم عليهما السلام. فمن مات من يوم قرأها إلى مائة يوم مات شهيدا".

بصيرة فى الم. الله
من أسمائها سورة آل عمران، والسورة التى يذكر فيها آل عمران، والزهراء.
وعمران المذكور هو عمران والد موسى وهارون عليهما السلام وهو ابن يصهر بن فاهث بن لاوى بن يعقوب. وأما عمران والد مريم فهو ابن ماتان بن أسعراد بن أبى ثور.

وهذه السورة مدنية باتفاق جميع المفسرين. وكذلك كل سورة تشتمل على ذكر أهل الكتاب. وعدد آياتها مئتان بإجماع القراء.
وكلماتها ثلاثة آلاف وأربعمائة وثمانون. وحروفها أربعة عشر ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرون حرفا.
والآيات المختلف فيها سبع: الم، {الإنجيل} الثانى، {أنزل الفرقان} {ورسولا إلى بنى إسراءيل} ، {مما تحبون} ، {مقام إبراهيم} ، والإنجيل الأول فى قوله بعضهم.
مجموع فواصل آياتها (ل ق د اط ن ب م ر) يجمعها قولى: (لقد أطنب مر) والقاف آخر آية واحدة {ذوقوا عذاب الحريق} والهمز آخر ثلاث آيات {لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السمآء} {إنك سميع الدعاء} {كذلك الله يفعل ما يشآء} .
ومضمون السورة مناظرة وفد نجران، إلى نحو ثمانين آية من أولها، وبيان المحكم، والمتشابه، وذم الكفار، ومذمة الدنيا، وشرف العقبى، ومدح الصحابة، وشهادة التوحيد، والرد على أهل الكتاب، وحديث ولادة مريم، وحديث كفالة زكريا، ودعائه، وذكر ولادة عيسى، ومعجزاته، وقصة الحواريين، وخبر المباهلة، والاحتجاج على النصارى، ثم أربعون آية فى ذكر المرتدين، ثم ذكر خيانة علماء يهود، وذكر الكعبة، ووجوب الحج، واختيار هذه الأمة الفضلى، والنهى عن موالاة الكفار، وأهل الكتاب، ومخالفى الملة الإسلامية.
ثم خمس وخمسون آية فى قصة حرب أحد، وفى التخصيص، والشكوى من أهل المركز، وعذر المنهزمين، ومنع الخوض فى باطل المنافقين، (وتقرير قصة الشهداء، وتفصيل غزوة بدر الصغرى، ثم رجع إلى ذكر المنافقين) فى خمس وعشرين آية، والطعن على علماء اليهود، والشكوى منهم فى نقض العهد، وترك بيانهم نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور فى التوراة، ثم دعوات الصحابة، وجدهم فى حضور الغزوات، واغتنامهم درجة الشهادة. وختم السورة بآيات الصبر والمصابرة والرباط.
وأما الناسخ والمنسوخ فى هذه السورة فخمس آيات: {وإن تولوا فإنما عليك البلاغ} . م بآية السيف ن {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم} إلى تمام ثلاث آيات م {إلا الذين تابوا} ن نزلت فى الستة الذين ارتدوا ثم تابوا وأسلموا {اتقوا الله حق تقاته} {وجاهدوا في الله حق جهاده} م {فاتقوا الله ما استطعتم} ن.
وأما المتشابهات فقوله: {إن الله لا يخلف الميعاد} وفى آخرها {إنك لا تخلف الميعاد} فعدل من الخطاب إلى لفظ الغيبة فى أول السورة، واستمر على الخطاب فى آخرها؛ لأن ما فى أول السورة لا يتصل بالكلام الأول، كاتصال ما فى آخر السورة به؛ فإن اتصال قوله {إن الله لا يخلف الميعاد} بقوله {إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه} معنوى، واتصال قوله {إنك لا تخلف الميعاد} بقوله {ربنا وءاتنا ما وعدتنا} لفظى ومعنوى جميعا؛ لتقدم لفظ الوعد. ويجوز أن يكون الأول استئنافا، والآخر من تمام الكلام.
قوله {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله} كان القياس: فأخذناهم لكن لما عدل فى الآية الأولى إلى قوله {إن الله لا يخلف الميعاد} عدل فى هذه الآية أيضا لتكون الآيات على منهج واحد. قوله {شهد الله أنه لا إلاه إلا هو} ثم كرر فى آخر الآية، فقال: {لا إلاه إلا هو} لأن الأول جرى مجرى الشهادة، وأعاده ليجرى الثانى مجرى الحكم بصحة ما شهد به الشهود.
قوله {ويحذركم الله نفسه} كرره مرتين؛ لأنه وعيد عطف عليه وعيد آخر فى الآية الأولى، فإن قوله {وإلى الله المصير} معناه: مصيركم إليه، والعقاب معد له، فاستدركه فى الآية الثانية بوعد وهو قوله {والله رءوف بالعباد} والرأفة أشد من الرحمة.
قيل: ومن رأفته تحذيره.
قوله {قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر} قدم فى السورة ذكر الكبر واخر ذكر المرأة، وقال فى سورة مريم {وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا} فقدم ذكر المرأة لأن فى مريم قد تقدم ذكر الكبر فى قوله {وهن العظم مني} ، وتأخر ذكر المرأة فى قوله {وإني خفت الموالي من ورآئي وكانت امرأتي عاقرا} ثم أعاد ذكرهما، فأخر ذكر الكبر ليوافق (عتيا) ما بعده من الآيات وهى (سويا) و (عشيا) و (صبيا) .
قوله {قالت رب أنى يكون لي ولد} وفى مريم {قالت أنى يكون لي غلام} لأن فى هذه السورة تقدم ذكر المسيح وهو ولدها، وفى مريم تقدم ذكر الغلام حيث قال {لأهب لك غلاما زكيا} .
قوله {فأنفخ فيه} وفى المائدة (فيها) قيل: الضمير فى هذه يعود إلى الطير، وقيل إلى الطين، وقيل إلى المهيأ، وقيل إلى الكاف فإنه فى معنى مثل. وفى المائدة يعود إلى الهيئة. وهذا جواب التذكير والتأنيث، لا جواب التخصيص، وإنما الكلام وقع فى التخصيص وهل يجوز أن يكون كل واحد منهما مكان الآخر أم لا.
فالجواب أن يقال: فى هذه السورة إخبار قبل الفعل، فوحده؛ وفى المائدة خطاب من الله له يوم القيامة، وقد سبق من عيسى عليه السلام الفعل مرات والطير صالح للواحد والجمع.
قوله {بإذن الله} ذكره هنا مرتين، وفى المائدة {بإذني} أربع مرات لأن ما فى هذه السورة من كلام عيسى، فما تصور أن يكون من قبل البشر أضافه إلى نفسه، وهو الخلق الذى معناه التقدير، والنفخ الذى هو إخراج الريح من الفم. وما [لا] يتصور أضافه إلى الله وهو قوله {فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص} مما [لا] يكون فى طوق البشر، فإن الأكمه عند بعض المفسرين الأعمش، وعند بعضهم الأعشى، وعند بعضهم من يولد أعمى، وإحياء الموتى من فعل الله فأضافه إليه.
وما فى المائدة من كلام الله سبحانه وتعالى، فأضاف جميع ذلك إلى صنعه إظهارا لعجز البشر، وأن فعل العبد مخلوق الله. وقيل (بإذن الله) يعود إلى الأفعال الثلاثة. وكذلك الثانى يعود إلى الثلاثة الأخرى.
قوله {إن الله ربي وربكم} وكذلك فى مريم و [فى] الزخرف فى هذه القصة {إن الله هو ربي وربكم} بزيادة (هو) قال تاج القراء إذا قلت: زيد قائم فيحتمل أن يكون تقديره: وعمرو قائم.
فإذا قلت زيد هو القائم خصصت القيام به، وهو كذلك فى الآية. وهذا مثاله لأن (هو) يذكر فى هذه المواضع إعلاما بأن المبتدأ مقصور على هذا الخبر (وهذا الخبر) مقصور عليه دون غيره والذى فى آل عمران وقع بعد عشر آيات نزلت فى قصة مريم وعيسى، فاستغنت عن التأكيد بما تقدم من الآيات، والدلالة على أن الله سبحانه وتعالى ربه وخالقه لا أبواه ووالده كما زعمت النصارى.
وكذلك فى سورة مريم وقع بعد عشرين آية من قصتها. وليس كذلك ما فى الزخرف فإنه ابتداء كلام منه فحسن التأكيد بقوله (هو) ليصير المبتدأ مقصورا على الخبر المذكور فى الآية وهو إثبات الربوبية ونفى الأبوة، تعالى الله عند ذلك علوا كبيرا.
قوله {بأنا مسلمون} فى هذه السورة، وفى المائدة {بأننا مسلمون} لأن ما فى المائدة أول كلام الحواريين، فجاء على الأصل، وما فى هذه السورة تكرار كلامهم فجاز فيه التخفيف (لأن التخفيف) فرع والتكرار فرع والفرع بالفرع أولى.

قوله {الحق من ربك فلا تكن} وفى البقرة {فلا تكونن} لأن ما فى هذه السورة جاء على الأصل، ولم يكن فيها ما أوجب إدخال نون التأكيد [فى الكلمة؛ بخلاف سورة البقرة فإن فيها فى أول القصة {فلنولينك قبلة ترضاها} ] بنون التأكيد فأوجب الازدواج إدخال النون فى الكلمة فيصير التقدير: فلنولينك قبلة ترضاها فلا تكونن من الممترين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 14-10-2021, 08:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(16)
من صـــ 165 الى صـــ 173


والخطاب فى الآيتين للنبى صلى الله عليه وسلم والمراد (به) غيره.
قوله {قل إن الهدى هدى الله} وفى البقرة {قل إن هدى الله هو الهدى} [الهدى] فى هذه السورة هو الدين، وقد تقدم فى قوله {لمن تبع دينكم} (وهدى الله الإسلام، وكأنه قال بعد قولهم {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} قل إن الدين عند الله الإسلام كما سبق فى أول السورة. والذى فى البقرة معناه القبلة لأن الآية نزلت فى تحويل القبلة، وتقديره أن قبلة الله هى الكعبة.
قوله {من آمن تبغونها عوجا} ليس هاهنا (به) ولا واو العطف وفى الأعراف {من آمن به وتبغونها عوجا} بزيادة (به) وواو العطف لأن القياس من آمن به، كما فى الأعراف؛ لكنها حذفت فى هذه السورة موافقة لقوله {ومن كفر} فإن القياس فيه أيضا (كفر به) وقوله {تبغونها عوجا} هاهنا حال والواو لا يزيد مع الفعل إذا وقع حالا، نحو قوله {ولا تمنن تستكثر} و {دابة الأرض تأكل} وغير ذلك، وفى الأعراف عطف على الحال؛ والحال قوله (توعدون) و (تصدون) عطف عليه؛ وكذلك {تبغونها عوجا} .
قوله: {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} هاهنا بإثبات (لكم) وتأخير (به) وحذف (إن الله) وفى الأنفال بحذف (لكم) وتقديم (به) وإثبات (إن الله) لأن البشرى للمخاطبين؛ فبين وقال (لكم) وفى الأنفال قد تقدم لكم فى قوله {فاستجاب لكم} فاكتفى بذلك؛ وقدم (قلوبكم) وأخر (به) إزواجا (بين المخاطبين "فقال إلى بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به" وقدم "به" فى الأنفال إزدواجا) بين الغائبين فقال {وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به} وحذف (إن الله) هاهنا؛ لأن ما فى الأنفال قصة بدر؛ وهى سابقة على ما فى هذه السورة، فإنها فى قصة أحد فأخبر هناك أن الله عزيز حكيم، فاستقر الخبر. وجعله فى هذه السورة صفة، لأن الخبر قد سبق.
قوله: {ونعم أجر العاملين} بزيادة الواو لأن الاتصال بما قبلها أكثر من غيرها. وتقديره: ونعم أجر العاملين المغفرة، والجنات، والخلود.
قوله {رسولا من أنفسهم} بزيادة الأنفس، وفى غيرها {رسولا منهم} لأن الله سبحانه من على المؤمنين به، فجعله من أنفسهم؛ ليكون موجب المنة أظهر. وكذلك قوله: {لقد جآءكم رسول من أنفسكم} لما وصفه بقوله: {عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} جعله من أنفسهم ليكون موجب الإجابة والإيمان به أظهر، وأبين.
قوله {جآءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير} هاهنا بباء واحدة، إلا فى قراءة ابن عامر، وفى فاطر {بالبينات وبالزبر وبالكتاب} بثلاث باءات؛ لأن ما فى هذه السورة وقع فى كلام مبنى على الاختصار، وهو إقامة لفظ الماضى فى الشرط مقام لفظ المستقبل، ولفظ الماضى أخف، وبناء الفعل بالمجهول، فلا يحتاج إلى ذكر الفاعل. وهو قوله: {فإن كذبوك فقد كذب} . [ثم] حذف الباءات ليوافق الأول فى الاختصار بخلاف ما فى فاطر فإن الشرط فيه بلفظ المستقبل والفاعل مذكور مع الفعل وهو قوله: {وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم} ثم ذكر بعده الباءات؛ ليكون كله على نسق واحد.
قوله: {ثم مأواهم جهنم} وفى غيره: {ومأويهم جهنم} لأن ما قبله فى هذه السورة {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل} (أى ذلك متاع فى الدنيا قليل) ، والقليل يدل على تراخ وإن صغر وقل، و (ثم) للتراخى وكان موافقا. والله أعلم.
فضل السورة
عن النبى صلى الله عليه وسلم: "تعلموا البقرة وآل عمران؛ فإنهما الزهراوان، وإنهما يأتيان يوم القيامة فى صورة ملكين، يشفعان لصاحبهما، حتى يدخلاه الجنة" وتقدم فى البقرة (يأتيان كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقان من طير صواف، يظلان قارئهما، ويشفعان) ويروى بسند ضعيف: من قرأ سورة آل عمران أعطى بكل آية منها أمانا على جسر جهنم، يزوره فى كل جمعة آدم ونوح وإبراهيم وآل عمران، يغبطونه بمنزلته من الله، وحديث على (رفعه) : من قرأها لا يخرج من الدنيا حتى يرى ربه فى المنام؛ ذكر فى الموضوعات.
بصيرة فى.. يأيها الناس اتقوا ربكم
هذه السورة مدنية بإجماع القراء.
وعدد آياتها مائة وخمس وسبعون، فى عد الكوفى، وست فى عد البصرى، وسبع فى عد الشامى.
وكلماتها ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وأربعون. وحروفها ستة عشر ألفا وثلاثون حرفا.
والآيات المختلف فيها {أن تضلوا السبيل} ، {عذابا أليما} .

مجموع فواصل الآيات (م ل ان) يجمعها قولك (ملنا) فعلى اللام آية واحدة (السبيل) وعلى النون آية واحدة (مهين) وخمس آيات منها على الميم المضمومة، وسائر الآيات على الألف.
واسم السورة سورة النساء الكبرى، واسم سورة الطلاق سورة النساء الصغرى.
وأما ما اشتملت عليه السورة مجملا فبيان خلقة آدم وحواء، والأمر [بصلة] الرحم، والنهى عن أكل مال اليتيم، وما يترتب عليه من عظم الإثم، والعذاب لآكليه، وبيان المناكحات، وعدد النساء، وحكم الصداق، وحفظ المال من السفهاء، وتجربة اليتيم قبل دفع المال إليه، والرفق بالأقارب وقت قسمة الميراث، وحكم ميراث أصحاب الفرائض، وذكر ذوات المحارم، وبيان طول الحرة، وجواز التزوج بالأمة، والاجتناب عن الكبائر، وفضل الرجال على النساء، وبيان الحقوق،
وحكم السكران وقت الصلاة، وآية التيمم، وذم اليهود، وتحريفهم التوراة، ورد الأمانات إلى أهلها، وصفة المنافقين فى امتناعهم عن قبول أوامر القرآن، والأمر بالقتال، ووجوب رد السلام، والنهى عن موالاة المشركين، وتفصيل قتل العمد والخطأ، وفضل الهجرة، ووزر المتأخرين عنها، والإشارة إلى صلاة الخوف حال القتال، والنهى عن حماية الخائنين، وإيقاع الصلح بين الأزواج والزوجات، وإقامة الشهادات، ومدح العدل، وذم المنافقين، وذم اليهود، وذكر قصدهم قتل عيسى عليه السلام، وفضل الراسخين فى العلم، وإظهار فساد اعتقاد النصارى، وافتخار الملائكة والمسيح بمقام العبودية، وذكر ميراث الكلالة،
والإشارة إلى أن الغرض من بيان الأحكام صيانة الخلق من الضلالة، فى قوله {يبين الله لكم أن تضلوا} أى كراهة أن تضلوا. وأما الناسخ والمنسوخ فى هذه السورة ففى أربع وعشرين آية {وإذا حضر القسمة} م {يوصيكم الله في أولادكم} ن {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} الآية م {فمن خاف من موص جنفا أو إثما} ن {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} م {قل إصلاح لهم خير}
ن {واللاتي يأتين الفاحشة من نسآئكم} م (الثيب بالثيب) ن {واللذان يأتيانها منكم} م {الزانية والزاني فاجلدوا} ن {إنما التوبة على الله} بعض الآية م {وليست التوبة للذين يعملون السيئات} ن والآيتان مفسرتان بالعموم والخصوص {لا يحل لكم أن ترثوا النسآء كرها} م والاستثناء فى قوله {إلا ما قد سلف} ن وقيل الآية محكمة {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض مآ آتيتموهن} م والاستثناء فى قوله {إلا أن يأتين بفاحشة} ن {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النسآء} م والاستثناء فى قوله: {إلا ما قد سلف} ن وقيل الآية محكمة {وأن تجمعوا بين الأختين} م والاستثناء منه ن فيما مضى {فما استمتعتم به منهن} م {والذين هم لفروجهم حافظون} وقول النبى صلى الله عليه وسلم: "ألا وإنى حرمت المتعة" ن {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} م {ليس على الأعمى حرج} ن أراد مؤاكلتهم {والذين عقدت أيمانكم} م {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض} ن {فأعرض عنهم وعظهم} م آية السيف
ن {واستغفر لهم الرسول} م {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} ن {خذوا حذركم} م {لينفروا كآفة} ن {فمآ أرسلناك عليهم حفيظا} م آية السيف ن {ستجدون آخرين} م {فاقتلوا المشركين} ن {فإن كان من قوم عدو لكم} م {برآءة من الله} ن {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} م {إن الله لا يغفر أن يشرك به} ن وقوله {والذين لا يدعون} إلى قوله {ومن تاب} ن {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} م {إلا الذين تابوا} ن {فما لكم في المنافقين فئتين} وقوله {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} م آية السيف ن.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 06-12-2021, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(17)
من صـــ 173 الى صـــ 181

المتشابهات فى هذه السورة:
{والله عليم حليم} ليس غيره أى عليم بالمضارة، حليم عن المضارة.
قوله: {خالدين فيها وذلك الفوز العظيم} بالواو، وفى براءة (ذلك) بغير واو، لأن الجملة إذا وقعت بعد أجنبية لا تحسن إلا بحرف العطف. وإن كان بالجملة الثانية ما يعود إلى الجملة الأولى حسن إثبات حرف العطف، وحسن الحذف؛ اكتفاء بالعائد. ولفظ (ذلك) فى الآيتين يعود إلى ما قبل الجملة، فحسن الحذف والإثبات فيهما. ولتخصيص هذه السورة بالواو وجهان لم يكونا فى براءة: أحدهما موافقة ما قبلها، وهى جملة مبدوءة بالواو، وذلك قوله {ومن يطع الله} ؛ والثانى موافقة ما بعدها، وهو قوله: (وله) بعد قوله: {خالدا فيها} وفى براءة [أوعد] أعداء الله بغير واو، ولذلك قال (ذلك) بغير واو.
وقوله: {محصنين غير مسافحين} فى أول السورة، وبعدها {محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان} وفى المائدة {محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان} لأن ما فى أول السورة وقع فى حق الأحرار المسلمين، فاقتصر على لفظ {غير مسافحين} والثانية فى الجوارى، وما فى المائدة فى الكتابيات فزاد {ولا متخذي أخدان} حرمة للحرائر المسلمات، ولأنهن إلى الصيانة أقرب، ومن الخيانة أبعد، ولأنهن لا يتعاطين ما يتعاطاه الإماء والكتابيات من اتخاذ الأخدان.
قوله: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} فى هذه السورة وزاد فى المائدة (منه) لأن المذكور فى هذه بعض أحكام الوضوء والتيمم، فحسن الحذف؛ والمذكور فى المائدة جميع أحكامهما، فحسن الإثبات والبيان.
قوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} ختم الآية مرة بقوله (فقد افترى) ومرة بقوله (فقد ضل) لأن الأول نزل فى اليهود، وهم الذين افتروا على الله ما ليس فى كتابهم، والثانى نزل فى الكفار، ولم يكن لهم كتاب فكان ضلالهم أشد.
قوله {يا أيهآ الذين أوتوا الكتاب} وفى غيرها (يأهل الكتاب) لأنه سبحانه استخف بهم فى هذه الآية، وبالغ، ثم ختم بالطمس، ورد الوجوه على الأدبار، واللعن، وأنها كلها واقعة بهم.
قوله {درجة} ثم فى الاية الأخرى {درجات} لأن الأولى فى الدنيا والثانية فى الجنة. وقيل: الأولى بالمنزلة، والثانية بالمنزل. وهى درجات. وقيل: الأولى على القاعدين بعذر، والثانية على القاعدين بغير عذر.
قوله: {ومن يشاقق الرسول} بالإظهار هنا وفى الأنفال، وفى الحشر بالإدغام، لأن الثانى من المثلين إذا تحرك بحركة لازمة وجب إدغام الأول فى الثانى؛ ألا ترى أنك تقول اردد بالإظهار، ولا يجوز ارددا وارددوا وازددى، لأنها تحركت بحركة لازمة (والألف واللام فى "الله" لازمتان، فصارت حركة القاف لازمة) و (ليس) الألف واللام فى الرسول كذلك. وأما فى الأنفال فلانضمام (الرسول) إليه فى العطف لم يدغم؛ لأن التقدير فى القاف أن قد اتصل بهما؛ فإن الواو يوجب ذلك.
قوله {كونوا قوامين بالقسط شهدآء لله} ، وفى المائدة: {قوامين لله شهدآء بالقسط} لأن (الله) فى هذه السورة متصل ومتعلق بالشهادة، بدليل قوله: {ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} أى ولو تشهدون عليهم، وفى المائدة متصل ومتعلق بقوامين، والخطاب للولاة بدليل قوله: {ولا يجرمنكم شنئان قوم} الآية.
قوله: {إن تبدوا خيرا أو تخفوه} وفى الأحزاب {إن تبدوا شيئا} لأن هنا وقع الخير فى مقابلة السوء فى قوله: {لا يحب الله الجهر بالسوء} والمقابلة اقتضت أن يكون بإزاء السوء الخير، وفى الأحزاب بعد (ما فى قلوبهم) فاقتضى العموم، وأعم الأسماء شىء. ثم ختم الآية بقوله: {فإن الله كان بكل شىء عليما} .
قوله: {وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض} وباقى ما فى هذه السورة {ما في السماوات وما في الأرض} لأن الله سبحانه ذكر أهل الأرض فى هذه الآية تبعا لأهل السماوات، ولم يفردهم بالذكر لانضمام المخاطبين إليهم ودخولهم فى زمرتهم وهم كفار عبدة الأوثان، وليسوا المؤمنين ولا من أهل الكتاب لقوله {وإن تكفروا} فليس هذا قياسا مطردا بل علامة.
قوله {ويستفتونك في النسآء} بواو العطف وقال فى آخر السورة {يستفتونك} بغيرواو، لأن الأول لما اتصل بما بعده وهو قوله: {في النسآء} وصله بما قبله بواو العطف والعائد جميعا، والثانى لما انفصل عما بعده اقتصر من الاتصال على العائد وهو ضمير المستفتين و [ليس] فى الآية متصل بقوله: {يستفتونك} لأن ذلك يستدعى: قل الله يفتيكم فيها أى فى الكلالة، والذى يتصل بيستفتونك محذوف، يحتمل أن يكون (فى الكلالة) ، ويحتمل أن يكون فيما بدالهم من الوقائع.
فضل السورة
روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة النساء فكأنما تصدق على كل من ورث ميراثا، وأعطى من الأجر كمن اشترى محررا، وبرئ من الشرك، وكان فى مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم. وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ هذه السورة كان له بعدد كل امرأة خلقها الله قنطارا من الأجر، وبعددهن حسنات ودرجات، وتزوج بكل حرف منها زوجة من الحور العين. ويروى: يا على، من قرأ سورة النساء كتب له مثل ثواب حملة العرش، وله بكل آية قرأها مثل ثواب من يموت فى طريق الجهاد.
هذه الأحاديث ضعيفة جدا وبالموضوعات أشبه والله أعلم.
بصيرة فى.. يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود
اعلم أن هذه السورة مدنية بالإجماع سوى آية واحدة {اليوم أكملت لكم دينكم} فإنها نزلت يوم عرفة فى الموقف، ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكب على ناقته العضباء، فسقطت الناقة على ركبتيها من ثقل الوحى، وشرف الآية.
عدد آياتها مائة وعشرون فى عد الكوفى، واثنتان وعشرون فى عد الحجاز والشأم، وثلاث وعشرون فى عد البصرى.
وكلماتها ألفان وثمان مائة وأربع، وحروفها أحد عشر ألفا، وتسع مائة وثلاثة وثلاثون حرفا.
المختلف فيها ثلاث: العقود، {ويعفوا عن كثير} ، {فإنكم غالبون} .
وفواصل آياتها (ل م ن د ب ر) يجمعها (لم ندبر) اللام فى ثلاث كلها سبيل.
واسمها سورة المائدة، لاشتمالها على قصة نزول المائدة من السماء، وسورة الأحبار؛ لاشتمالها على ذكرهم فى قوله: {والربانيون والأحبار} وقوله: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار} .
وجملة مقاصد السورة المشتملة عليها: الأمر بوفاء العهود، وبيان ما أحله الله تعالى من البهائم، وذكر تحريم المحرمات، وبيان إكمال الدين، وذكر الصيد، والجوارح، وحل طعام أهل الكتاب، وجواز نكاح المحصنات منهن، وتفصيل الغسل، والطهارة، والصلاة، وحكم الشهادات، والبينات وخيانة أهل الكتاب القرآن، ومن أنزل عليه، وذكر المنكرات من مقالات النصارى، وقصة بنى إسرائيل مع العمالقة، وحبس الله تعالى إياهم فى التيه بدعاء بلعام، وحديث قتل قابيل أخاه هابيل، وحكم قطاع الطريق، وحكم السرقة، وحد السراق، وذم أهل الكتاب، وبيان نفاقهم، وتجسسهم وبيان الحكم بينهم، وبيان القصاص فى الجراحات، وغيرها، والنهى عن موالاة اليهود والنصارى، والرد على أهل الردة، وفضل الجهاد، وإثبات ولاية الله ورسوله للمؤمنين، وذم اليهود (فى) قبائح أقوالهم، وذم النصارى بفاسد اعتقادهم، وبيان كمال عداوة الطائفتين للمسلمين، ومدح أهل الكتاب الذين قدموا من الحبشة، وحكم اليمين، وكفارتها، وتحريم الخمر، وتحريم الصيد على المحرم، والنهى عن السؤالات الفاسدة،وحكم شهادات أهل الكتاب، وفصل الخصومات، ومحاورة الأمم رسلهم فى القيامة، وذكر معجزات عيسى، ونزول المائدة، وسؤال الحق تعالى إياه فى القيامة تقريعا للنصارى، وبيان نفع الصدق يوم القيامة للصادقين.
الناسخ والمنسوخ:
فى هذه السورة تسع آيات {لا تحلوا شعآئر الله} م [ {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ن {إنما جزآء الذين يحاربون الله ورسوله} م] {إلا الذين تابوا} ن للعموم {فإن جآءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} م {وأن احكم بينهم} ن للتخيير: وقيل: هى محكمة {ما على الرسول إلا البلاغ} م آية السيف ن {عليكم أنفسكم} م آخر الآية ن جمع فيها الناسخ [والمنسوخ] وهى من نوادر آيات القرآن {شهادة بينكم} فى السفر من الدين م {وأشهدوا ذوي عدل منكم} ن نسخت لشهاداتهم فى السفر والحضر {فإن عثر} م ذوى عدل منكم ن {ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة} م شهادة أهل الإسلام ن.
المتشابهات:
قوله {واخشون اليوم} بحذف الياء، وكذلك {واخشون ولا تشتروا} وفى البقرة وغيرها {واخشونى} بإثبات الياء، لأن الإثبات هو الأصل، وحذف و {واخشون اليوم} من الخط لما حذف من اللفظ، وحذف {واخشون} و (لا) موافقة لما قبها.
قوله: {واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور} ثم أعاد فقال: {واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} لأن الأول وقع على النية، وهى ذات الصدور، والثانى على العمل. وعن ابن كثير أن الثانية نزلت فى اليهود، وليس بتكرار.
قوله: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم} وقال فى الفتح {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} وقع ما فى هذه السورة موافقة لفواصل الآى، ونصب ما فى الفتح موافقة للفواصل أيضا، ولأنه مفعول (وعد) ، وفى مفعول (وعد) فى هذه السورة أقوال: أحدها محذوف دل عليه (وعد) ، خلاف ما دل عليه أوعد أى خيرا. وقيل: محذوف، وقوله: {لهم مغفرة} تفسيره. وقيل: {لهم مغفرة} جملة وقعت موقع المفرد، ومحلها نصب، كقول الشاعر:
وجدنا الصالحين لهم جزاء ... وجنات وعينا سلسبيلا
فعطف (جنات) على (لهم جزاء) . وقيل: رفع على الحكاية، لأن الوعد قول؛ وتقديره قال الله: لهم مغفرة. وقيل: تقديره: أن لهم مغفرة، فحذف (أن) فارتفع ما بعده.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 06-12-2021, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(18)
من صـــ 181 الى صـــ 188


قوله: {يحرفون الكلم عن مواضعه} وبعده {يحرفون الكلم من بعد مواضعه} لأن الأولى فى أوائل اليهود، والثانية فيمن كانوا فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم، أى حرفوها بعد أن وضعها الله مواضعها، وعرفوها وعملوا بها زمانا.
قوله: {ونسوا حظا مما ذكروا به} كرر لأن الأولى [فى اليهود] والثانية فى حق النصارى. والمعنى: لن ينالوا منه نصيبا. وقيل: معناه: تركوا بعض ما أمروا به.
قوله: {يا أهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم} ثم كررها، فقال: {يا أهل الكتاب} لأن الأولى نزلت فى اليهود حين كتموا (صفات النبى صلى الله عليه وسلم، وآية الرجم من التوراة، والنصارى حين كتموا) بشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم فى الإنجيل، وهو قوله: {يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} ثم كرر فقال: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} فكرر {يا أهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم} أى شرائعكم فإنكم على ضلال لا يرضاه الله، {على فترة من الرسل} أى على انقطاع منهم ودروس مما جاءوا به.
قوله: {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشآء} ،ثم كرر فقال: {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير} لأن الأولى نزلت فى النصارى حين قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم، فقال: ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما ليس فيهما معه شريك، ولو كان عيسى إلها لاقتضى أن يكون معه شريكا، ثم من يذب عن المسيح وأمه وعمن فى الأرض جميعا إن أراد إهلاكهم، فإنهم مخلوقون له، وإن قدرته شاملة عليهم، وعلى كل ما يريد بهم. والثانية نزلت فى اليهود والنصارى حين قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه فقال: ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما، والأب لا يملك ابنه ولا يعذبه، وأنتم مصيركم إليه، فيعذب من يشاء منكم، ويغفر لمن يشاء.
قوله: {وإذ قال موسى لقومه ياقوم اذكروا} وقال فى سورة إبراهيم {وإذ قال موسى لقومه اذكروا} لأن تصريح اسم المخاطب مع حرف الخطاب يدل على تعظيم المخاطب به و [لما] كان ما فى هذه السورة نعما جساما ما عليها من مزيد وهو قوله {جعل فيكم أنبيآء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين} صرح، فقال: يا قوم، ولموافقة ما قبله وما بعده من النداء وهو {ياقوم ادخلوا} {ياموسى إن فيها} {ياموسى إنا} ولم يكن ما فى إبراهيم بهذه المنزلة فاقتصر على حرف الخطاب.
قوله: {ومن لم يحكم بمآ أنزل الله} كرره ثلاث مرات، وختم الأولى بقوله: الكافرون، والثانية بقوله: الظالمون، والثالثة بقوله: الفاسقون، قيل: لأن الأولى نزلت فى حكام المسلمين، والثانية فى اليهود، والثالثة فى النصارى. وقيل: الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى واحد، وهو الكفر، عبر عنه بألفاظ مختلفة؛ لزيادة الفائدة، واجتناب صورة التكرار. وقيل: ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارا له فهو كافر، ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق، ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده وحكم بضده فهو ظالم، وقيل: ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمة الله، ظالم فى حكمه، فاسق فى فعله.
قوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} كرر لأن النصارى اختلفت أقوالهم، فقالت اليعقوبية: الله تعالى ربما تجلى فى بعض الأزمان فى شخص، فتجلى يومئذ فى شخص عيسى، فظهرت منه المعجزات، وقالت الملكانية الله اسم يجمع أبا وابنا وروح القدس، اختلف بالأقانيم والذات واحدة. فأخبر الله عز وجل أنهم كلهم كفار.
قوله: {لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهآ أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} ذكر فى هذه السورة هذه الخلال جملة؛ لأنها أول ما ذكرت، ثم فصلت.
فضل السورة
عن ابن عمر أنه قال: نزلت هذه السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على راحلته، فلم يستطع أن تحمله، حتى نزل عنها. ويروى بسند ضعيف: من قرأ هذه السورة أعطى من الأجر بعدد كل يهودى ونصرانى فى دار الدنيا عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات. وفى رواية: من قرأ هذه السورة أعطى بكل يهودى ونصرانى على وجه الأرض ذرات، بكل ذرة منها حسنة، ودرجات كل درجة منها أوسع من المشرق إلى المغرب سبعمائة ألف ألف؛ ضعيف. ويروى أنه قال: يا على من قرأ سورة المائدة شفع له عيسى، وله من الأجر مثل أجور حواريى عيسى، ويكتب له بكل آية قرأها مثل ثواب عمار بيت المقدس.
بصيرة فى.. الحمد لله الذى خلق السماوات والأرض
هذه السورة مكية، سوى ست آيات منها: {وما قدروا الله حق قدره} إلى آخر ثلاث آيات {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم} إلى آخر ثلاث آيات. هذه الآيات الست نزلت بالمدينة فى مرتين، وباقى السورة نزلت بمكة دفعة واحدة.
عدد آياتها مائة وخمس وستون آية عند الكوفيين، وست عند البصريين والشأميين، وسبع عند الحجازى.
وعدد كلماتها ثلاثة آلاف واثنتان وخمسون كلمة وعدد حروفها اثنا عشر ألفا ومائتان وأربعون.
والمختلف فيها أربع آيات {الظلمات والنور} {بوكيل} {كن فيكون} {إلى صراط مستقيم} .
فواصل آياتها (ل م ن ظ ر) يجمعها (لم نظر) .
ولهذه السورة اسمان: سورة الأنعام، لما فيه من ذكر الأنعام مكررا {وقالوا هاذه أنعام وحرث} {ومن الأنعام حمولة وفرشا} {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} ، وسورة الحجة؛ لأنها مقصورة على ذكر حجة النبوة. وأيضا تكررت فيه الحجة {وتلك حجتنآ آتيناهآ إبراهيم} {قل فلله الحجة البالغة} .
مقصود السورة على سبيل الإجمال، ما اشتمل على ذكره: من تخليق السماوات والأرض، وتقدير النور والظلمة، وقضاء آجال الخلق، والرد على منكرى النبوة، وذكر إنكار الكفار فى القيامة، وتمنيهم الرجوع إلى الدنيا، وذكر تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عن تكذيب المكذبين، وإلزام الحجة على الكفار، والنهى عن إيذاء الفقراء، واستعجال الكفار بالعذاب، واختصاص الحق تعالى بالعلم المغيب، وقهره، وغلبته على المخلوقات، والنهى عن مجالسة الناقضين ومؤانستهم، وإثبات البعث والقيامة، وولادة الخليل عليه السلام، وعرض الملكوت عليه، واستدلاله، حال خروجه من الغار، ووقوع نظره على الكواكب، والشمس، والقمر، ومناظرة قومه، وشكاية أهل الكتاب، وذكرهم حالة النزع، وفى القيامة، وإظهار برهان التوحيد ببيان البدائع والصنائع،والأمر بالإعراض عن المشركين، والنهى عن سب الأصنام، وعبادها، ومبالغة الكفار فى الطغيان، والنهى عن أكل ذبائح الكفار، ومناظرة الكفار، ومحاورتهم فى القيامة، وبيان شرع عمرو بن لحى فى الأنعام بالحلال والحرام، وتفصيل محرمات الشريعة الإسلامية، ومحكمات آيات القرآن، والأوامر والنواهى من قوله تعالى {قل تعالوا} إلى آخر ثلاث آيات، وظهور أمارات القيامة، وعلاماتها فى الزمن الأخير، وذكر جزاء الإحسان الواحد بعشرة، وشكر الرسول على تبريه من الشرك، والمشركين، ورجوعه إلى الحق فى محياه ومماته، وذكر خلافة الخلائق، وتفاوت درجاتهم، وختم السورة بذكر سرعة عقوبة الله لمستحقيها، ورحمته، ومغفرته لمستوجبيها، بقوله {إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 06-12-2021, 03:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(19)
من صـــ 189 الى صـــ 195

الناسخ والمنسوخ
الآيات المنسوخة فى السورة أربع عشرة آية {إني أخاف إن عصيت ربي} م {ليغفر لك الله} ن {قل لست عليكم بوكيل} م آية السيف ن {وإذا رأيت الذين يخوضون} إلى قوله {وما على الذين يتقون} م {فلا تقعدوا معهم} ن {وذر الذين اتخذوا دينهم} م {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} ن {قل الله ثم ذرهم} م آية السيف ن {فمن أبصر فلنفسه} م آية السيف ن {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله} م آية السيف ن {فذرهم وما يفترون} م آية السيف ن {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} م {اليوم أحل لكم الطيبات} ن {اعملوا على مكانتكم} م آية السيف ن {إن الذين فرقوا دينهم} م آية السيف ن.
المتشابهات
قوله: {فقد كذبوا بالحق لما جآءهم فسوف يأتيهم أنباء} وفى الشعراء {فقد كذبوا فسيأتيهم} لأن سورة الأنعام متقدمة فقيد التكذيب بقوله: {بالحق لما جآءهم} ثم قال: {فسوف يأتيهم} على التمام، وذكر فى الشعراء {فقد كذبوا} مطلقا؛ لأن تقييده فى هذه السورة يدل عليه، ثم اقتصر على السين هناك بد (فسوف) ليتفق اللفظان فيه على الاختصار.
قوله {ألم يروا كم أهلكنا} فى بعض المواضع بغير واو؛ كما فى هذه السورة، وفى بعضها بالواو، وفى بعضها بالفاء؛ هذه الكلمة تأتى فى القرآن على وجهين: أحدهما متصل بما كان الاعتبار فيه بالمشاهدة، فذكره بالألف والواو، ليدل الألف على الاستفهام، والواو على عطف جملة على جملة قبلها، وكذا الفاء، ولكنها أشد اتصالا بما قبلها، والثانى متصل بما الاعتبار فيها بالاستدلال، فاقتصر على الألف دون الواو والفاء، ليجرى مجرى الاستئناف؛ ولا ينقص هذا الأصل قوله {ألم يروا إلى الطير} فى النحل؛ لاتصالها بقوله {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم} وسبيله الاعتبار بالاستدلال، فبنى عليه {ألم يروا إلى الطير} .
قوله {قل سيروا في الأرض [ثم انظروا} فى هذه السورة فحسب. وفى غيرها: {سيروا في الأرض] فانظروا} لأن ثم للتراخى، والفاء للتعقيب، وفى هذه السورة تقدم ذكر القرون فى قوله {كم أهلكنا من قبلهم من قرن} ثم قال {وأنشأنا من بعدهم قرناءاخرين} فأمروا باستقراء الديار، وتأمل الآثار، وفيها كثرة فيقع ذلك (فى) سير بعد سير، وزمان بعد زمان، فخصت بثم الدالة على التراخى بعد الفعلين، ليعلم أن السير مأمور به على حدة؛ ولم يتقدم فى سائر السور مثلها، فخضت بالفاء الدالة على التعقيب.
قوله {الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون} ليس بتكرار لأن الأول فى حق الكفار، (والثانى) فى حق أهل الكتاب.
قوله {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه [لا يفلح الظالمون} وقال فى يونس (فمن) بالفاء، وختم الآية بقوله {إنه] لا يفلح المجرمون} لأن الآيات التى تقدمت فى هذه السورة عطف بعضها على بعض بالواو، وهو قوله {وأوحي إلي هاذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ... وإنني بريء} ثم قال: {ومن أظلم} وختم الآية بقوله: {الظالمون} ليكون آخر الآية [موافقا للأول. وأما فى سورة يونس فالآيات التى تقدمت عطف بعضها على بعض بالفاء وهو قوله: {فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون} ثم قال: فمن أظلم (بالفاء وختم الآية] بقوله: {المجرمون} أيضا موافقة لما قبلها وهو قوله: {كذلك نجزي القوم المجرمين} فوصفهم بأنهم مجرمون، وقال بعده {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم} فختم الآية بقوله: المجرمون ليعلم أن سبيل (هؤلاء سبيل) من تقدمهم.
قوله: {ومنهم من يستمع إليك} وفى يونس {يستمعون} لأن ما فى هذه السورة نزل فى أبى سفيان، والنضر بن الحارث، وعتبة، وشيبة، وأمية، وأبى بن خلف، فلم يكثروا ككثرة قوله (من) فى يونس لأن المراد بهم جميع الكفار، فحمل هاهنا مرة على لفظ (من) فوحد؛لقلتهم، ومرة على المعنى، فجمع؛ لأنهم وإن قلوا جماعة. وجمع ما فى يونس ليوافق اللفظ المعنى. وأما قوله فى يونس: {ومنهم من ينظر إليك} فسيأتى فى موضعه إن شاء الله تعالى.
قوله: {ولو ترى إذ وقفوا على النار} ثم أعاد فقال: {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} لأنهم أنكروا النار فى القيامة، وأنكروا الجزاء والنكال، فقال فى الأولى: {إذ وقفوا على النار} ، وفى الثانية {على ربهم} أى جزاء ربهم ونكاله فى النار، وختم بقوله: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} .
قوله: {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين} ليس غيره. وفى غيرها بزيادة (نموت ونحيا) لأن ما فى هذه السورة عند كثير من المفسرين متصل بقوله ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وقالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ولم يقولوا ذلك، بخلاف ما فى سائر السور؛ فإنهم قالوا ذلك؛ فحكى الله تعالى عنهم.
قوله: {وما الحياة الدنيآ إلا لعب ولهو} قدم اللعب على اللهو فى موضعين هنا، وكذلك فى القتال، والحديد، وقدم اللهو على اللعب فى الأعراف، والعنكبوت، وإنما قدم اللعب فى الأكثر لأن اللعب زمانه الصبا واللهو زمانه الشباب، وزمان الصبا مقدم على زمان الشباب. يبينه ما ذكر فى الحديد {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب} كلعب الصبيان {ولهو} كلهو الشبان {وزينة} كزينة النسوان {وتفاخر} كتفاخر الإخوان {وتكاثر} كتكاثر السلطان. وقريب من هذا فى تقديم لفظ اللعب على اللهو قوله {وما بينهما لاعبين لو أردنآ أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنآ} وقدم اللهو فى الأعراف لأن ذلك فى القيامة، فذكر على ترتيب ما انقضى، وبدأ بما به الإنسان انتهى من الحالتين. وأما العنكبوت فالمراد بذكرها زمان الدنيا، وأنه سريع الانقضاء، قليل البقاء، وإن الدار الآخرة لهى الحيوان أى الحياة التى لا بداية لها، ولا نهاية لها، فبدأ بذكر اللهو؛ لأنه فى زمان الشباب، وهو أكثر من زمان اللعب، وهو زمان الصبا.
قوله: {أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة} ثم قال: {أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة} وليس لهما ثالث. وقال: فيما بينهما {أرأيتم} وكذلك فى غيرها، ليس لهذه الجملة فى العربية نظير، لأنه جمع بين علامتى خطاب، وهما التاء والكاف، والتاء اسم بالإجماع، والكاف حرف عند البصريين يفيد الخطاب فحسب، والجمع بينهما يدل على أن ذلك تنبيه على شىء، ما عليه من مزيد، وهو ذكر الاستئصال بالهلاك، وليس فيما سواهما ما يدل على ذلك، فاكتفى بخطاب واحد والله أعلم.
قوله {لعلهم يتضرعون} فى هذه السورة، وفى الأعراف: {يضرعون} بالإدغام لأن هاهنا وافق ما بعده وهو قوله: {جاءهم بأسنا تضرعوا} ومستقبل تضرعوا يتضرعون لا غير. قوله: {انظر كيف نصرف الآيات} مكرر؛ لأن التقدير: انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون عنها؛ فلا نعرض عنهم بل نكررها لعلهم يفقهون.
قوله: {قل لا أقول لكم عندي خزآئن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك} فكرر {لكم} وقال فى هود {ولا أقول إني ملك} فلم يكرر {لكم} لأن فى هود تقدم {إني لكم نذير} وعقبه {وما نرى لكم} وبعده {أن أنصح لكم} فلما تكرر {لكم} فى القصة أربع مرات اكتفى بذلك.
قوله: {إن هو إلا ذكرى للعالمين} فى هذه السورة، وفى سورة يوسف: {إن هو إلا ذكر للعالمين} منونا؛ لأن فى هذه السورة تقدم {بعد} {ولكن ذكرى} فكان {الذكرى} أليق بها.
قوله: {يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} فى هذه السورة؛ وفى آل عمران: {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي}كذلك فى الروم، ويونس {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} لأن [ما] فى هذه السورة وقعت بين أسماء الفاعلين وهو فالق الحب، فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا، واسم الفاعل يشبه الاسم من وجه، فيدخله الألف واللام، والتنوين، والجر (من وجه) وغير ذلك، ويشبه الفعل من وجه، فيعمل عمل الفعل، ولا يثنى و (لا) يجمع إذا عمل، وغير ذلك. ولهذا جاز العطف عليه بالاسم نحو قوله: الصابرين والصادقين، وجاز العطف عليه بالفعل نحو قوله: {إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا} ، ونحو قوله: {سوآء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} فلما وقع بينهما ذكر {يخرج الحي من الميت} بلفظ الفعل و {ومخرج الميت من الحي} بلفظ الاسم؛ عملا بالشبهين وأخر لفظ الاسم؛ لأن الواقع بعده اسمان، والمتقدم اسم واحد، بخلاف ما فى آل عمران؛ لأن ما قبله وما بعده أفعال. وكذلك فى يونس والروم قبله وبعده أفعال. فتأمل فيه؛ فإنه من معجزات القرآن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 06-12-2021, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(20)
من صـــ 196 الى صـــ 202

قوله {قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون} ثم قال: {قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون} وقال بعدهما {إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون} لأن من أحاط علما بما فى الآية الأولى صار عالما، لأنه أشرف العلوم، فختم بقوله: يعلمون؛ والآية الثانية مشتملة على ما يستدعى تأملا وتدبرا، والفقه علم يحصل بالتفكر والتدبر، ولهذا لا يوصف به الله سبحانه وتعالى، فختم الآية بقوله: {يفقهون} ومن أقر بما فى الآية الثالثة صار مؤمنا حقا، فختم الآية بقوله {يؤمنون} وقوله {ذلكم لآيات} فى هذه السورة، لظهور الجماعات وظهور الآيات (عم جميع) الخطاب وجمع الآيات.
قوله: {أنشأكم} ، وفى غيرها {خلقكم} لموافقة ما قبلها، وهو {أنشأنا من بعدهم} وما بعدها {وهو الذي أنشأ جنات معروشات} .
قوله: {مشتبها وغير متشابه} ، وفى الآية الأخرى {متشابها وغير متشابه} لأن أكثر ما جاء فى القرآن من هاتين الكلمتين جاء بلفظ التشابه، نحو قوله: {وأتوا به متشابها} {إن البقر تشابه علينا} {تشابهت قلوبهم} {وأخر متشابهات} فجاء {مشتبها وغير متشابه} فى الآية الأولى و {متشابها وغير متشابه} فى الآية الأخرى على تلك القاعدة. ثم كان لقوله "تشابه" معنيان: أحدهما التبس، والثانى تساوى، وما فى البقرة معناه: التبس فحسب، فبين بقوله: {مشتبها} ومعناه: ملتبسا أن ما بعده من باب الالتباس أيضا، لا من باب التساوى والله أعلم.
قوله: {ذلكم الله ربكم لا إلاه إلا هو خالق كل شيء} فى هذه السورة، وفى المؤمن {خالق كل شيء لا إلاه إلا هو} ؛ لأن فيها قبله ذكر الشركاء، والبنين، والبنات، فدفع قول قائله بقوله: لا إله إلا هو، ثم قال {خالق كل شيء} وفى المؤمن قبله ذكر الخلق وهو {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} لا على نفى الشريك، فقدم فى كل سورة ما يقتضيه ما قبله من الآيات.
قوله: {ولو شآء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} وقال فى الآية الأخرى من هذه السورة: {ولو شآء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون} لأن قوله: {ولو شآء ربك} وقع عقيب آيات فيها ذكر الرب مرات وهى {جآءكم بصآئر من ربكم} الآيات ... فختمها بذكر الرب؛ ليوافق {أخراها أولاها} .
قوله: {ولو شآء الله ما فعلوه} وقع بعد قوله {وجعلوا لله مما ذرأ} فختم بما بدأ.
قوله: {إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله} وفى ن: {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله} بزيادة الباء، ولفظ الماضى؛ لأن إثبات الباء هو الأصل؛ كما فى {ن والقلم} وغيرها من السور؛ لأن المعنى لا يعمل فى المفعول به، فقوى بالباء. وحيث حذفت أضمر فعل يعمل فيما بعده. وخصت هذه السورة بالحذف موافقة لقوله: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} وعدل إلى لفظ المستقبل؛ لأن الباء لما حذفت التبس اللفظ بالإضافة - تعالى الله عن ذلك - فنبه بلفظ المستقبل على قطع الإضافة؛ لأن أكثر ما يستعمل بلفظ (أفعل من) يستعمل مع الماضى؛ أعلم من دب ودرج، وأحسن من قام وقعد، وأفضل من حج واعتمر. فتنبه فإنه من أسرار القرآن.
قوله: {فسوف تعلمون} بالفاء حيث وقع، وفى هود {سوف تعلمون} بغير فاء؛ لأنه تقدم فى هذه السورة وغيرها (قل) فأمرهم أمر وعيد بقوله (اعملوا) أى اعملوا فستجزون، ولم يكن فى هود (قل) فصار استئنافا. وقيل: {سوف تعلمون} فى سورة هود صفة لعامل، أى إنى عامل سوف تعلمون، فحذف الفاء.
قوله {سيقول الذين أشركوا لو شآء الله مآ أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} ، وقال فى النحل: {وقال الذين أشركوا لو شآء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء} فزاد {من دونه} مرتين، وزاد (نحن) لأن لفظ الإشراك يدل على إثبات شريك لا يجوز إثباته، ودل على تحريم أشياء، وتحليل أشياء من دون الله، فلم يحتج إلى لفظ {من دونه} ؛ بخلاف لفظ العبادة؛ فإنها غير مستنكرة، وإنما المستنكرة عبادة شىء مع الله سبحانه وتعالى ولا يدل على تحريم شئ مما دل عليه (أشرك) ، فلم يكن بد (من تقييده بقوله: "من دونه". ولما حذف "من دونه" من الآية مرتين حذف معه (نحن) لتطرد الآية فى حكم التخفيف.
قوله: {نحن نرزقكم وإياهم} وفى سبحان {نحن نرزقهم وإياكم} على الضد؛ لأن التقدير: من إملاق [بكم] نحن نرزقكم وإياهم وفى سبحان: خشية إملاق يقع بهم نحن نرزقهم وإياكم.
قوله: {ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون} وفى الثانية {لعلكم تذكرون} وفى الثالثة {لعلكم تتقون} لأن الآية (الأولى) مشتملة على خمسة أشياء، كلها عظام جسام، وكانت الوصية بها من أبلغ الوصايا، فختم الآية بما فى الإنسان من أشرف السجايا (وهو العقل) الذى امتاز به الإنسان عن سائر الحيوان؛ والآية الثانية مشتملة على خمسة أشياء يقبح تعاطيها وارتكابها، وكانت الوصية بها تجرى مجرى الزجر والوعظ، فختم الآية بقوله: {تذكرون} أى تتعظون بمواعظ الله؛ والآية الثالثة مشتملة على ذكر الصراط المستقيم، والتحريض على اتباعه، واجتناب منافيه، فختم الآية بالتقوى التى هى ملاك العمل وخير الزاد.
قوله: {جعلكم خلائف الأرض} فى هذه السورة، وفى يونس والملائكة {جعلناكم خلائف في الأرض} لأن فى هذه العشر الآيات تكرر ذكر المخاطبين مرات، فعرفهم بالإضافة؛ وقد جاء فى السورتين على الأصل، وهو {جاعل في الأرض خليفة} {جعلكم مستخلفين فيه} . قوله: {إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} وقال فى الأعراف {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} لأن ما فى هذه السورة وقع بعد قوله {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وقوله: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض} فقيد قوله: {غفور رحيم} باللام ترجيحا للغفران على العقاب. ووقع ما فى الأعراف بعد قوله: {وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس} وقوله: {كونوا قردة خاسئين} فقيد العقاب باللام لما تقدم من الكلام، وقيد المغفرة أيضا بها رحمة منه للعباد؛ لئلا يترجح جانب الخوف على الرجاء. وقدم {سريع العقاب} فى الآيتين مراعاة لفواصل الآى.
فضل السورة
عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نزلت على سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح، والتحميد فمن قرأ سورة الأنعام صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك، بعدد كل آية من الأنعام، يوما وليلة، وخلق الله من كل حرف ملكا يستغفرون له إلى يوم القيامة" وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ ثلاث مرات من أول سورة الأنعام إلى قوله: {ونعلم ما تكسبون} وكل الله به أربعين ألف ملك، يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة، ونزل ملك من السماء السابعة، ومعه مرزبة من حديد، فإذا أراد الشيطان أن يوسوس ويوحى فى قلبه شيئا ضربه بها ضربة كانت بينه وبينه سبعون حجابا، فإذا كان يوم القيامة يقول الرب تبارك وتعالى: عش فى ظلى وكل من ثمار جنتى، واشرب من ماء الكوثر، واغتسل من ماء السلسبيل، وأنت عبدى، وأنا ربك". وقال صلى الله عليه وسلم: "من قرأ هذه السورة كان له نور من جميع الأنعام التى خلقها الله فى الدنيا ذرا بعدد كل ذر ألف حسنة ومائة ألف درجة" ويروى أن هذه السورة معها من كل سماء ألف ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتهليل، فمن قرأها تستغفر له تلك الليلة. وعن جعفر الصادق أنه قال:من قرأ هذه السورة كان من الآمنين يوم القيامة. وإن فيها اسم الله [فى] تسعين موضعا. فمن قرأها يغفر له سبعين مرة. وعن النبى صلى الله عليه وسلم: "يا على من قرأ سورة الأنعام كتب اسمه فى ديوان الشهداء، ويأخذ ثواب الشهداء، وله بكل آية قرأها مثل ثواب الراضين بما قسم الله لهم". وقال كعب الخير فتحت التوراة بقوله (الحمد لله الذى خلق السماوات والأرض) وختمت بقوله {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 198.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 192.14 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]