همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7824 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 51 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859442 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393803 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215954 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 30-07-2009, 05:21 PM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

[quote=بلقيس93;768046]
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيك بارك الله
وجزاك الله خيرا على المرور والدعاء

__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
  #12  
قديم 01-08-2009, 03:49 AM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

نترجم لبعض من سائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

أبو عبيدة ابن الجراح :
أبو عبيدة الأمين الرَّشيد , والقائد السَّديد اختاره عمر ؛ وهو يتمنى ملأ مكانه رجالًا كأبي عبيدة .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا , وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ .
دخل عمر بن الخطاب على أبي عبيدة بن الجراح , فإذا هو مضطجع على طنفسة رحله متوسدًا الحقيبة , فقال له عمر : ألا اتخذت ما اتخذ أصحابك ؟! فقال : يا أمير المؤمنين هذا يبلغني المقيل .
وعن عمر بن الخطاب أنه قَالَ لأَصْحَابِهِ : تَمَنُّوا , فقال رجل : أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهبًا أنفقه في سبيل الله , ثم قَالَ : تَمَنُّوا , فقال رجل : أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وزبرجدًا وجوهرًا ؛ أنفقه في سبيل الله وأتصدق , ثم قَالَ : تَمَنُّوا , فقالوا : ما ندري يا أمير المؤمنين , فقال عمر : أتمنى لو أن هذه الدّار مملوءة رجالًا مثل أبي عبيدة بن الجراح .
معاذ بن جبل :
مقدام العلماء , وإمام الحكماء !!!
قَالَ ابن مسعود رضي الله تَعَالَى عنه : إن معاذ بن جبل رضي الله تَعَالَى عنه كان أمة قانتًا لله حنيفًا , فقيل له : إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ! فقال : ما نسيت , هل تدرون ما الأمة وما القانت ؟ ! الأمة الذي يُعَلِّم الخير , والقانت المطيع لله وللرسول , وكان معاذ يُعَلِّم النَّاس الخير , ومطيعًا لله ولرسوله .
وكان معاذ بن جبل شابًا جميلًا سمحًا من خير شباب قومه , لا يُسأل شيئا إلا أعطاه , حتى أدان دينا أغلق ماله , فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلم غرماءه ففعل , فلم يضعوا له شيئًا , فلو ترك لأحد لكلام أحد لترك لمعاذ لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم , فدعاه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يبرح حتى باع ماله وقسمه بين غرمائه , فقام معاذ لا مال له , فلما حجَّ بعثه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن ليجبره , وكان أول من حجز عليه في هذا المال معاذ , فقدم على أبي بكر رضي الله تَعَالَى عَنْهُ من اليمن وقد تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ أبو نعيم : وغُرماء معاذ كانوا يهودًا فلهذا لم يضعوا عنه شيئًا .
فلما قبض النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستخلفوا أبا بكر , فاستعمل أبو بكر عمر على الموسم فلقي معاذًا بمكة ومعه رقيق , فقال : هؤلاء أهدوا لي وهؤلاء لأبي بكر , فقال عمر : إني أرى لك أن تأتي أبا بكر , قَالَ فَلَقِيه من الغد , فقال : يا ابن الخطاب ! لقد رأيتني البارحة وأنا أنزوي إلى النار وأنت آخذ بحجزتي , وما أراني إلا مطيعك , فأتى بهم أبا بكر , فقال : هؤلاء أهدوا لي وهؤلاء لك , قَالَ : فإنا قد سلمنا لك هديتك , فخرج معاذ إلى الصَّلاة ؛ فإذا هم يُصلون خلفه , فقال : لمن تصلون هذه الصَّلاة ؟ قالوا لله عز وجل , قَالَ : فأنتم لله فأعتقهم .
وعن معاذ رحمه الله تَعَالَى لَمّا أن حضره الموت , قَالَ : انظروا أصبحنا ؟ فأتى , فقيل : لم تصبح , قَالَ : انظروا أصبحنا ؟ فأتي فقيل :لم تصبح حتى أتى في بعض ذلك , فقيل له : قد أصبحت , قَالَ : أَعُوذُ بالله من ليلة صباحها إلى النار , مرحبًا بالموت , مرحبًا زائر مغيب , حبيب جاء على فاقة , اللهم إني قد كنت أخافك , فأنا اليوم أرجوك , اللهم أن كنت تعلم أني لم أكن أحب الدُّنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار , ولا لغرس الشَّجر , ولكن لظمأ الهواجر , ومكابدة السّاعات , ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.
بين أبي عبيدة ومعاذ :
وقد أراد عمر رضي الله عنه أن يوقع اختبارًا - بعد أن فتحت الدنيا , على أبي عبيدة ومعاذ رضي الله عنهما , ليختبر حال الأمراء والعلماء .
وروي أن عمر رضي الله عنه أخذ أربعمائة دينار , فقال لغلام له : أذهب بها إلى أبي عبيدة , ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع , قَالَ : فذهب بها الغلام , فقال : يقول لك أمير المؤمنين : خذ هذه , فقال : وصله الله ورحمه , ثم قَالَ : تعالي يا جارية ! اذهبي بهذه السَّبعة إلى فلان , وبهذه الخمسة إلى فلان , حتى أنفذها , فرجع الغلام إلى عمر وأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل ؛ فأرسله بها إليه , فقال معاذ : وصله الله , يا جارية ! اذهبي إلى بيت فلان بكذا , ولبيت فلان بكذا , فاطلعت امرأة معاذ , فقالت : ونحن والله مساكين فأعطنا , ولم يبق في الخرقة إلا ديناران , فدحا بهما إليها , ورجع الغلام فأخبر عمر فسر بذلك , وقال : إنهم إخوة بعضهم من بعض .
وهذه القصة تبين فطنة عمر في اختباره لحال الأمراء والعلماء , فبهم صلاح الأمة إن صلحوا , وفسادها إن فسدوا .
أبو موسى الأشعري :
كان رحمه الله بالقرآن مترنما وقائما , وفي طول الأيام طاويًا وصائمًا , صاحب القراءة والمزمار .
عن أبي سلمة : كان عمر إذا جلس عنده أبو موسى , ربما قَالَ لَهُ ذَكِّرنا يا أبا موسى , فيقرأ .
عن أبي إدريس عائذ الله قَالَ : صَامَ أبو موسى الأشعري حتى عاد كأنه خلال , فقيل له : يا أبا موسى لو أجممت نفسك , قَالَ : إجمامها أريد , أني رأيت السّابق من الخيل المضمر , وربما خرج من منزله فيقول لامرأته شُدِّي رحلك , ليس على جهنم معبر .
وكان رحمه الله شجاعًا بطلًا مغوارًا لا يخشى بأسًا ولا يعبأ بعدو .
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا فَرَغَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ , بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ , فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ , قَالَ أَبُو مُوسَى : وَبَعَثَنِي مَعَ أَبِي عَامِرٍ فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ , رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ , فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ , فَقُلْتُ : يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ ؟ فَأَشَارَ إِلَىَّ , فَقَالَ : ذَاكَ قَاتِلِي الَّذِي رَمَانِي فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ , فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى فَاتَّبَعْتُهُ , وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ : أَلَا تَسْتَحْيِي ؟ أَلَا تَثْبُتُ ؟ فَكَفَّ , فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ , ثُمَّ قُلْتُ لِأَبِي عَامِرٍ : قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ قَالَ : فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ , قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ! أَقْرِئْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامَ , وَقُلْ لَهُ : اسْتَغْفِرْ لِي . وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاس , فَمَكُثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ , فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ ؛ قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ , فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ , وَقَالَ : قُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِي , فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ , وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ من خَلْقِكَ من النَّاس , فَقُلْتُ : وَلِي فَاسْتَغْفِرْ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ , وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا .
واجتهد الأشعري قبل موته اجتهادًا شديدًا , فقيل له لو أمسكت ! ورفقت بنفسك بعض الرفق , قَالَ : إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها , أخرجت جميع ما عندها , والذي بقي من أجلي أقل من ذلك , فلم يزل على ذلك حتى مات .
قَالَ الذَّهبي : وكان أبو موسى صوَّامًا قوَّامًا , ربانيًا زاهدًا عابدًا , ممن جمع العِلْمَ والعمل والجهاد , وسلامة الصَّدر , لم تُغيره الإمارة ولا اغتر بالدُّنيا .
بين معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري :
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ , قَالَ : وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلَافٍ -قَالَ وَالْيَمَنُ مِخْلَافَانِ - ثُمَّ قَالَ : يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا , وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا , فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ , وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا من صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا من صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى , فَجَاءَ فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ! كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ : أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا , قَالَ : فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ؟ قَالَ : أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي من النَّوْمِ , فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي .

يتبع ان شاء الله...
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14-08-2009, 03:04 AM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

عبد الله بن عمر :
المتعبد المتهجد المتتبع للأثر , كادت أن تكون له الخلافة فصانه الله وحفظه من الفتن , قَالَ نَافِعٌ : دخل ابن عمر الكعبة فسمعته يقول وهو ساجد : قد تعلم ما يمنعني من مزاحمةِ قريش على هذه الدنيا إلا خوفك .
وعن سعيد بن جبير قَالَ : رَأَيْتُ ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد وغيرهم كانوا يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمد صلى الله عليه وسلم ؛ غير ابن عمر .
وكان لعبد الله بن عمر مِهْرَاسٌ فيه ماء , فيصلى ما قُدِّر له , ثم يصير إلى فراشه فيغفى إغفاء الطَّائر , ثم يقوم فيتوضأ , ثم يصلي , ثم يرجع إلى فراشه , فيغفى إغفاء الطَّائر , ثم يثب فيتوضأ , ثم يصلي , فيفعل ذلك في الليلة أربع مرات , أو خمسًا .
وعن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه أنه تلا : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا من كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [سورة النساء : 41] فجعل ابن عمر يبكي حتى لصقت لحيته وجيبه من دموعه , فأراد رجل أن يقول لأبي : أقصر فقد آذيت الشيخ .
وعن نافع , كان ابن عمر إذا قرأ : {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [سورة الحديد : 16] بكى حتى يغلبه البكاء .
وقيل لنافع : ما كان يصنع ابن عمر في منزله , قَالَ : لا تُطِيقونه , الوضوء لكلِّ صلاة , والمصحف فيما بينهما .
عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ : تَلَوْتُ هذه الآية :{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران 3/92] فذكرت ما أعطاني الله تَعَالَى , فما وجدت شيئًا أحبَّ إلي من جاريتي رضية , فقلت : هي حرة لوجه الله عزَّ وجل ؛ فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله عز وجل لنكحتها ؛ فأنكحها نافع فهي أم ولده .
عن نافع قَالَ : كَانَ ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قرَّبه لربه عزَّ وجل . قَالَ نافع : وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه , فربما شمر أحدهم فيلزم المسجد ؛ فإذا رآه ابن عمر رضي الله تَعَالَى عنه على تلك الحالةِ الحسنة أعتقه فيقول : له أصحابه يا أبا عبد الرحمن ! والله ما بهم إلا أن يخدعوك , فيقول ابن عمر : فمن خدعنا بالله عز وجل تخدَّعنا له , قَالَ نافع : فلقد رأيتنا ذات عشية وراح ابن عمر على نجيب له قد أخذه بمالٍ عظيم ؛ فلما أعجبه سيره أناخه مكانه , ثم نزل عنه , فقال : يا نافع انزعوا زِمامه ورحله , وجللوه وأشعروه , وأدخلوه في البدن .
وعن ابن سيرين أن رجلًا قَالَ : لابن عمر أعمل لك جَوَارِش , قَالَ : وما هو ؟ قَالَ : شيء إذا كَظَّك الطَّعام فأصبت منه سهل , فقال : ما شبعت منذ أربعة أشهر , وما ذاك أن لا أكون له واجدا , ولكن عهدت قومًا يشبعون مرة , ويجوعون مرة .
قَالَ الذَّهبي : وأين مثل ابن عمر في دينه , وورعه , وعلمه , وتألهه , وخوفه , من رجل تعرض عليه الخلافة فيأباها , والقضاء من مثل عثمان فيرده , ونيابة الشّام لعلي فيهرب منه , فالله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب .
عبد الله بن عباس :
بدر الأحبار , والبحر الزَّخار , دعوة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفقه والتفسير .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ.
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْخَلَاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا , قَالَ : مَنْ وَضَعَ هَذَا ؟ فَأُخْبِرَ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ .
وعن أبي وائلٍ قَالَ : خطبنا ابن عباس وهو أمير على الموسم , فافتتح سورة النُّور , فجعل يقرأ ويفسر , فجعلت أقول : ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثل هذا , لو سمعته فارس والرُّوم والترك ؛ لأسلمت .
عن ابن أبي مُليكة قَالَ : صَحِبت ابن عباس من مكة إلى المدينة , فكان إذا نزل قام شطر الليل , فسأله أيوب السَّخْتِياني كيف كانت قراءته ؟ قَالَ قَرَأ : {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } [سورة ق : 19] فجعل يرتل , ويكثر في ذلك النَّشيج .
عن ابن أبي مليكة قَالَ : صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة , فكان يصلي ركعتين ؛ فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القُران حرفًا حرفًا , ويكثر في ذلك من النَّشيج والنَّحيب .
عن أبي رجاء قَالَ : رأيت ابن عباس وأسفل من عينيه مثل الشِّراك البالي من البكاء .
أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب :
ابن عَمِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخوه من الرَّضاعة , ولقد أحبه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد طول عداء ؛ وشهد له بالجنة , وقال : أرجو أن يكون خلفًا من حمزة , وقيل : إنه لم يرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حياءً منه منذ أسلم .
ولما احتضر أبو سفيان قَالَ : لا تبكوا علي فإني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت .
وعن سعيد بن المسيب : أن أبا سفيان بن الحارث كان يصلي في الصَّيف نصف النهار حتى تكره الصَّلاة , ثم يصلي من الظهر إلى العصر .
عن سعيد بن عبيد الثقفي قَالَ : رَمَيْتُ أبا سفيان يوم الطّائف فأصبت عينه فأتى النبي فقال : هذه عيني أصيبت في سبيل الله , قَالَ : إن شئت دعوت فَرُدَّت عليك , وإن شئت فالجنة , قَالَ : الجنة .
عبد الله بن رواحة :
المتفكر عند نزول الآيات المتصبر عند تناول الرّايات ,نعاه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم قتل ؛ وهو على منبره صلى الله عليه وسلم بالمدينة .
لما أراد ابن رواحة الخروج إلى أرض مؤتة من الشّام ؛ أتاه المسلمون يودعونه فبكى , فقالوا له : ما يبكيك ؟! قَالَ : أما والله ما بي حب الدنيا , ولا صبابة لكم , ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)} [سورة مريم : 71]فقد علمت أني وارد النار , ولا أدري كيف الصُّدور بعد الورود .
وقيل تزوج رجل امرأة ابن رواحة , فقال لها : تدرين لم تزوجتك ؟! لتخبريني عن صنيع عبد الله في بيته , فذكرت له شيئًا لا أحفظه غير أنها قالت : كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين , وإذا دخل صلى ركعتين ؛ لا يدع ذلك أبدًا .
وعن سليمان بن يسار أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ ابن رواحة إلى خَيْبَر , فَيُخَرِّص بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُود , فَجَمَعُوا حُلِيَّا مِنْ نِسَائِهم , فقالوا : هَذَا لك وخَفِّفْ عَنّا , فقال : يا معشر يهود ! والله إنكم لمن أبغض خَلْقِ الله إلي , وما ذاك بِحَامِلي على أن أَحِيف عليكم , والرِّشوة سُحت , فقالوا : بهذا قامت السَّماء والأرض .
وعن بكر بن عبد الله المزني قَالَ : لَمّا نَزَلَتْ هذه الآية :"وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا"ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى , فجاءت امرأته فبكت , وجاءت الخادم فبكت , وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون , فلما انقطعت عبرته قَالَ : يا أهلاه ما الذي أَبْكَاكُم ؟! قالوا : لا ندري ! ولكن رأيناك بكيت فبكينا , قَالَ : إِنَّه أنزلت على رسول الله آية , يُنبئني فيها ربي عز وجل أني وارد النّار , ولم ينبئني أني صادر عنها , فذلك الذي أبكاني .
وإن عبد الله بن رواحة أتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يخطب , فسَمِعه وهو يقول : اجلسوا فجلس مكانه خارج المسجد ؛ حتى فرغ من خطبته , فبلغ ذلك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : زَادَك الله حِرْصًا عَلَى طَواعِية الله ورسوله .
وإن عبد الله بن رواحة قَالَ حِينَ أَخَذَ الرّاية يومئذ :
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلَنَّه
طَائِعَةً أَوْ iiلَتُكْرِهَنَّه
إِنْ أَجْلَبَ النَّاس وَشَدُّوا الرَّنَّه
مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ iiالْجَنَّه
قَدْ طَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّه
هَلْ أَنْتِ إِلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّه
قَالَ ابن إسحاق وقال أيضًا :
يَا نَفْسُ إِلَّا تُقْتَلِي iiتَمُوتِي
هَذَا حِمَامُ الْمَوْتِ قَدْ لَقِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ iiأُعْطِيتِ
إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا iiهُدِيتِ

وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ
iiشَقِيتِ
يُريد جعفرًا وزيدًا رضي الله عنهما , ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قُتل .
وقبل أن ينزل أتاه ابن عمه بعظم من لحم , فقال : شُدَّ بهذا صلبك فإنك قد لاقيت من أيامك هذه ما قد لقيت , فأخذه من يده ثم انتهش منه نهشة , ثم سمع الحطمة في ناحية النَّاس , فقال : وأنت في الدنيا , ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه ؛ فتقدم فقاتل حتى قتل رضي الله تَعَالَى عنه .
تميم بن أوس الداري :
صلى ليلةً حتى أصبح أو كاد يقرأ آية يرددها ويبكي : {أَمْ حَسِبَ الَّذين اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)} [سورة الجاثية : 21]

يتبع ان شاء الله...
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
  #14  
قديم 21-08-2009, 07:07 PM
الصورة الرمزية خولة فردوس
خولة فردوس خولة فردوس غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: B.B.A
الجنس :
المشاركات: 93
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

بارك الله فيك أخي
جعلك الله من أهل الفردوس الأعلى يارب

__________________

يا قارئ خطي لا تبكي على موتي..
فاليوم أنا معك وغداً في التراب..
فإن عشت فإني معك وإن مت فاللذكرى..!
ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري..
بالأمس كنت معك وغداً أنت معي..
أمـــوت و يـبـقـى كـل مـا كـتـبـتـــه ذكــرى فيـا ليت كـل من قـرأ خطـي الدعاء لي
الى كل من يحب القرآن الكريم http://www.tvquran.com
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 22-08-2009, 05:28 PM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

[quote=خولة فردوس;785524]

وفيك بارك الله
وأسأل الله أن يجيب دعاءك
ولك بالمثل ان شاء الله
وجزاك الله خيرا
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
  #16  
قديم 13-10-2009, 08:28 PM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

نعود لترجمة أسلافنا يقينا منا أنه لا يصلح حالنا الا بما صلح به سلفنا
علما منا أنه لا يصلح آخر هذه الأمة الا بما صلح به أولها


ونذكر في هذه الصفحة بعضا من الصحابيات الجليلات اللواتي كن سبا في عز الاسلام ونصرة الموحدين وفي وصول الاسلام الينا ونختار منهن رضي الله عنهن جميعا

.

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي يطعن فيها الروافض أعداء الدين واخوان اليهود والنصارى الصليبين:
الصِّديقة بنت الصديق , أفقه نساء الأمة على الإطلاق ,والمبرأة من فوق سبع سماوات رضي الله عنها وعن سائر أمهات المؤمنين.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ : كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ من رَمَضَانَ , فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ , الشُّغْلُ من النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .وقال أحد الرواة : فَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَكَانِهَا من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فلما تُوفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت تصوم الدَّهر .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِها : إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ , ثُمَّ الْهِلَالِ , ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ , وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ , فَقُلْتُ : يَا خَالَةُ ! مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ ؟ قَالَتْ : الْأَسْوَدَانِ : التَّمْرُ وَالْمَاءُ ؛ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ من الْأَنْصَارِ , كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ , وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ فَيَسْقِينَا .
عن عروة بن الزبير قَالَ : كانت عائشة تقسم سبعين ألفًا , وهي ترقع درعها .
عن أم ذَرَّة قالت : بعث ابن الزبير إلى عائشة بمالٍ في غرارتين , يكون مائة ألف , فدعت بطبق ؛ فجعلت تقسم في النَّاس , فلما أمست قالت : هاتي يا جارية فَطُوري , فقالت أم ذرة : يا أم المؤمنين ! أما استطعت أن تشتري لنا لحمًا بدرهم , قالت : لا تعنفيني لو ذكرتيني لفعلت .
ومرت عائشة رضي الله عنها بهذه الآية : {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)} [سورة الطور : 27] فقالت : اللهم من علينا وقنا عذاب السَّموم , إنك أنت البر الرحيم , فقيل للأعمش : في الصَّلاة , فقال : في الصَّلاة .
أسماء بنت أبي بكر :
ذات النِّطاقين العابدة الصابرة المحتسبة , جعلت من نطاقها سفرة للنبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ , قَالَتْ : فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ , فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ : وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلَّا نِطَاقِي , قَالَ : فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِيهِ بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ , وَبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ , فَفَعَلْتُ . فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ .
وكانت عظيمة الولاء شديدة الاتباع , منعت نفسها عن أُمِّها حتى تعلم أيرضى رسول الله أم لا !!
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قُلْتُ : وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ .
وكانت شجاعة مهيبة , لا تخشى بأسًا , قَالَ هشام بن عروة : كثر اللُّصوص بالمدينة , فاتخذت أسماء خِنْجَرًا زمن سعيد بن العاص : كانت تجعله تحت رأسها , فقيل لها ما تصنعين بهذا ؟ قالت : إن دخل علي لصٌ بعجت بطنه - وكانت عَمْياء .
وكانت عظيمة القدر شديدة المراس , احتسبت ولدها قبل قتله عند الله سبحانه وتعالى .
عن عُروة بن الزبير قَالَ : دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل ابن الزبير بعشرِ ليال , وإنها وَجِعَةٌ , فقال عبد الله : كيف تجدينك قالت : وجعة , قَالَ : إِنَّ في الموت لعافية . قالت : لعلك تَشْتَهِي موتي فلذلك تتمناه ؟! فلا تفعل ! فالتفتت إلى عبد الله فضحكت , وقالت : والله ما أشتهي أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك : إما أن تُقْتَل فأحتسبك , وإما أن تظفر فتقر عيني عليك , وإياك أن تعرض خطة فلا توافق , فتقبلها كراهية الموت , وإنما عني ابن الزبير أن يُقْتَل فيحزنها ذلك - وكانت ابنة مائة سنة .
ولما قُتل وصلب كانت صابرةً محتسبة , ولم تخش من صولة الحجاج وبطشه , بل واجهته بما لا يحب .
عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ قَالَ : رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ , فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ ..ثُمَّ أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ , فَأَبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ , فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ لَتَأْتِيَنِّي أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ , فَأَبَتْ , وَقَالَتْ : وَاللَّهِ لَا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي : فَقَالَ : أَرُونِي سِبْتَيَّ فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا , فَقَالَ : كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ ؟ قَالَتْ : رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ , وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ . بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَهُ يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ ! أَنَا وَاللَّهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ , أَمَّا أَحَدُهُمَا : فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَعَامَ أَبِي بَكْرٍ من الدَّوَابِّ , وَأَمَّا الْآخَرُ : فَنِطَاقُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ , أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا : أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا . فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ , وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلَا إِخَالُكَ إِلَّا إِيَّاهُ , فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا .
وَقِيلَ لِابْنِ عُمر : إِنَّ أَسْمَاءَ فِي نَاحِيةِ الْمَسْجِد - وَذَلِكَ حِينَ صُلِبَ ابْنُ الزُّبير -فَمَالَ إِلَيْهَا , فَقَالَ : إِنَّ هَذِه الْجُثَثُ لَيْسَتْ بِشَيءٍ , وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ الله , فَاتَّقِي الله وَاصْبِرِي , فَقَالَتْ : ومَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أُهْدِي رَأسُ يَحْيى بْنِ زَكَرِيّا إِلَى بَغِي مِنْ بَغَايا بَنِي إِسْرَائِيل .
وقد جاءت أسماء حتى وقفت عليه ؛ فدعت له طويلا , ولا يقطر من عينها دمعة , ثم انصرفت رضي الله عنها , وماتت بعده بليال .
وكانت رضي الله عنها صَوّامة قوامة , لا تفتر من العبادة حتى ماتت .
عن عبّاد بن حمزة قَالَ : دخلت على أسماء وهي تقرأ : {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)} [سورة الطور : 27]قَالَ : فوقفت عليها ؛ فجعلت تستعيذ وتدعو , قَالَ عَبّاد : فذهبت إلى السُّوق فقضيت حاجتي ؛ ثم رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو .

يتبع ان شاء الله...
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
  #17  
قديم 05-11-2009, 02:11 AM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

نعود لذكر تراجم أئمتنا الأخيار لنستنير بما ورثوه لنا من شيم وفضائل نعتز بها ونسأل الله أن يوفقنا للعمل بجوهرها

عمر بن عبد العزيز :

أمير المؤمنين كان أوحد أمَّته في الفضل , ونجيب عشيرته في العدل , جمع زهدًا وعفافًا وورعًا وكفافًا , شغله آجل العيش عن عاجله , كان رحمه الله للرعية أمنًا وأمانًا , كان عالِمًا عابدًا مفهمًا حكيمًا .
عن جويرية بن أسماء قَالَ : قَالَ عُمَرُ : إِنَّ نَفْسِي هَذَه تَوّاقة , لم تعط من الدنيا شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه , فلمّا أُعطيت الخلافة التي لا شيء أفضل منها , تاقت إلى ما هو أفضل منها !! أي - الجنة أفضل من الخلافة .
وكان رحمه الله قد اجتهد بالعبادة حتى أصبح لا يُغالَب عليها .
قَالَ مَنْصُور أبو أمية خادم عمر بن عبد العزيز : رأيت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وله سَفْط في كوة , مفتاحه في إزاره , فكان يتغفلني , فإذا نظر إلي قد نمت ؛ فتح السَّفط فأخرج منه جبية شعر ورداء شعر ؛ فصلى فيهما الليل كُلَّه , فإذا نودي بالصبح نزعهما .
وقالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز : أنها دخلت عليه فإذا هو في مُصَلّاه يده على خده سائلة دموعه : فقالت : يا أمير المؤمنين أشيء حدث ؟! قَالَ : يا فاطمة إني تقلَّدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم , فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضَّائع , والعاري المجهود , والمظلوم المقهور , والغريب المأسور , والكبير , وذي العيال في أقطار الأرض , فعلمت أن ربي سيسألني عنهم , وأن خصمهم دونهم محمد صلى الله عليه وسلم , فخشيت ألا تثبت لي حجة عند خصومته ! فرحمت نفسي ؛ فبكيت .
وكان رحمه الله عفيف النَّفس , أجهد نفسه وضيَّق عليها ؛ حتى كان حاله كحال أي رجلٍ من عامة المسلمين .
عن أبي عثمان الثقفي قَالَ : كان لعمر بن عبد العزيز غلام يعمل على بغل له يأتيه بدرهم كُلَّ يومٍ , فجاءه يومًا بدرهم ونصف , فقال : ما بدالك ؟ فقال : نفقت السُّوق , قَالَ : لا ولكنك أتعبت البغل , أرحه ثلاثة أيام .
صلَّى عمر بن عبد العزيز بالنَّاسِ الجمعة ؛ ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه , فقال له رجل : يا أمير المؤمنين إِنَّ الله قد أعطاك ؛ فلو لبست , فقال : أفضل القصد عند الجدة , وأفضل العفو عند المقدرة .
وعن عمرو بن مهاجر قَالَ : اشْتَهَى عمر تفاحًا , فقال : لو أن عندنا شيئا من تفاح , فإنه طيب , فقام رجل من أهله فأهدى إليه تفاحًا , فلمّا جاء به الرَّسول , قَالَ : ما أطيبه وأطيب ريحه وأحسنه , ارفع يا غلام واقرأ على فلان السَّلام , وقل له : إن هديتك قد وقعت عندنا بحيث تحب , قَالَ عمرو بن مهاجر : فقلت له يا أمير المؤمنين : ابن عمك رجل من أهل بيتك , وقد بلغك أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأكل الهدية , ولا يأكل الصدقة , قَالَ : إِنَّ الهدية كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية , وهي لنا رِشْوَة .
وكان رحمه الله متواضعًا لم تغيره الخلافة , بل زادته حسنًا , ودينًا , وتواضعًا .
فعن رجاء بن حيوة قَالَ : سمرت ليلة عند عمر بن عبد العزيز فاعتل السِّراج , فذهبت أقوم أصلحه ؛ فأمرني عمر بالجلوس ثم قام فأصلحه ثم عاد فجلس , فقال : قمت وأنا عمر بن عبد العزيز , وجلست وأنا عمر بن عبد العزيز , ولؤمٌ بالرجل إن استخدم ضَيْفَه .
ومن حلمه وسعة صدرة ملاطفته لشاعر يقول الرفث .
فقد أتى فتيان إلى عمر بن عبد العزيز وقالوا : إن أبانا توفي وترك مالا عند عمنا حميد الأمجي , فأحضره عمر فلمّا دخل قَالَ أنت القائل :


شَرِبْتُ الْمُدَامَ فَلَمْ أُقْلِعْ
وَعُوتِبْتُ فِيهَا فَلَمْ أَسْمَعْ
حُمَيْدُ الَّذِي أَمَجٌ دَارُهُ
أَخُو الْخَمْرِ ذُو الشَّيْبَةِ الأَصْلَع
أَتَاهُ الْمَشِيبُ عَلَى شُرْبِهَا
وَكَانَ كَرِيمًا فَلَمْ يَنْزَع


قَالَ : نعم , قَالَ : ما أراني إلا سوف أَحدُّك , إنك أقررت بشرب الخمر , وأنك لم تنزع عنها , قَالَ : إيهات ! أين يُذهب بك ؟ ألم تسمع الله يقول : {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) } [ سورة الشعراء : 224-226 ] فقال : أولى لك يا حميد ! ما أراك إلا قد أفلت , ويحك يا حميد كان أبوك رجلًا صالحا , وأنت رجل سوء , قَالَ : أصلحك الله وأينا يشبه أباه , كان أبوك رجل سوء , وأنت رجل صالح , قَالَ : إن هؤلاء زعموا أن أباهم توفي وترك مالا عندك , قَالَ : صدقوا وأحضره بختم أبيهم , وقال : أنفقت عليهم من مالي , وهذا مالهم , قَالَ : ما أحد أحق أن يكون هذا عنده منك , فقال : أيعود إلي وقد خرج مني ؟!.
وبكى عمر بن عبد العزيز يومًا , فبكت فاطمة , فبكى أهل الدّار ولا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء , فلما تجلى عنهم العبر , قالت له فاطمة : بأبي أنت يا أمير المؤمنين ! مم بكيت ؟! قَالَ : ذكرت يا فاطمة مُنصرف القوم من بين يدي الله عز وجل , فريق في الجنة وفريق في السعير , قَالَ : ثم صرخ وغشي عليه .
قالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز : إنه قد يكون في النَّاس من هو أكثر صلاة وصيامًا من عمر بن عبد العزيز , وما رأيت أحدا أشد فرقا من ربه منه , كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده ؛ ثم يرفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه , ثم يتنبه فلا يزال يدعو رافعًا يديه يبكي حتى تغلبه عينه , يفعل ذلك ليله أجمع .
قَالَ الذَّهبي : قد كان هذا الرجل حسن الخلق والخلق , كامل العقل حسن السَّمت جيد السِّياسة , حريصًا على العدل بكل ممكن , وافر العلم فقيه النفس ظاهر الذكاء والفهم , أواهًا منيبًا قانتًا لله حنيفًا زاهدًا مع الخلافة , ناطقًا بالحق مع قِلِّة المعين وكثرة الأمراء الظَّلمة الَّذين ملُّوه , وكرهوا محاققته لهم , ونقصه أعطياتهم , وأخذه كثيرًا مما في أيديهم مما أخذوه بغير حق , فما زالوا به حتى سَقوه السُّم , فحصلت له الشَّهادة والسَّعادة , وعد عند أهل العلم من الخلفاء الرّاشدين , والعلماء العاملين .
أبو مسلم الخولاني :
سيد التابعين , وزاهد العصر , أسلم في أيامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودخل المدينة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه , كان عابدًا مجاهدًا , آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر .
عن عطية بن قيس : أن أناسًا من أهل دمشق أتوا أبا مُسلم الخولاني في منزله ؛ وكان غازيًا بأرض الرُّوم فوجدوه قد احتفر في فسطاطه حفرة , ووضع في الحفرة نطعًا وأفرغ ماءً فهو يتصلق فيه وهو صائم , فقال له النفر ما يحملك على الصِّيام وأنت مسافر , وقد رَخَّص الله تَعَالَى لك الفطر في السَّفر والغزو , فقال : لو حضر قتال أفطرت ؛ وتقويت للقتال , إن الخيل لا تجري الغايات وهي بُدْنى , إنما تجري وهي ضمرات , إن بين أيدينا أيامًا لها نعمل .
وكان رحمه الله يجتهد في العبادة , حتى كان يُكلف نفسه فوق ما تريد .
عن عثمان بن أبي العاتكة قَالَ : كان من أمر أبي مُسْلِم الخولاني أن عَلَّق سوطًا في مسجده , ويقول : أنا أولى بالسَّوط من الدواب , فإذا دخلته فترة مشق ساقه سوطًا أو سوطين , وكان يقول : لو رأيت الجنة عيانًا ما كان عندي مستزاد , ولو رأيت النار عيانًا ما كان عندي مستزاد .
وقد جاء رجلان إلى أبي مسلم فلم يجداه في منزله , فأتيا المسجد فوجداه يركع فانتظراه , فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مائة ركعة .
وعن سليمان بن يزيد العدوى قَالَ : قَالَ أبو مسلم : يا أم مسلم سوي رحلك ؛ فإنه ليس على جهنم معبرة .
وقيل : ألقاه الأسود العنسي الكذاب في النار , فخرج منها ناجيا سالما رحمه الله .
عن شرحبيل الخولاني قَالَ : بينا الأسود العنسي باليمن فأرسل إلى أبي مسلم , فقال له : أتشهد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله ؟ قَالَ : نعم
قَالَ : فتشهد أني رسول الله ؟ قَالَ : ما أسمع !
قَالَ : فأمر بنار عظيمة فأُجِّجَت , وطرح فيها أبو مسلم , فلم تضره .
فقال له أهل مملكته : إن تركت هذا في بلدك أفسدها عليك ؛ فأمره بالرَّحيل فقدم المدينة , وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم , واستخلف أبو بكر , فعقل راحلته على باب المسجد , وقام إلى سارية من سواري المسجد يصلي إليها , فبصره به عمر ابن الخطاب رضي الله تَعَالَى عنه , فأتاه فقال : من أين الرجل ؟ قَالَ : مِنْ اليمن , قَالَ : فما فعل عدو الله بصاحبنا الذي حرَّقه بالنّار فلم تضره ؟ قَالَ : ذاك عبد الله بن ثوب , قَالَ : نَشدتك بالله أنت هو ؟ قَالَ : اللَّهم نعم , قَالَ : فقبل ما بين عينيه , ثم جاء به حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر , وقال : الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الرحمن عليه السلام .
قَالَ الحوطي : قَالَ إِسْمَاعيل : فأنا أدركت قومًا من المدّادين الَّذين مدوا من اليمن , يقولون لقوم من عنس : صاحبكم الذي حرَّق صاحبنا بالنّار فلم تضره .
وربما وصل به الأمر إلى معارضة الخليفة نفسه , فيحلم عليه , ويصبر ؛ لعلمه أنه يفعل ذلك حسبةً لله .
عن أبي مسلم الخولاني , أن معاوية بن أبي سفيان خطب النَّاس , وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة , فقال له أبو مسلم : يا معاوية إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك , فأشار معاوية إلى النَّاس أن امكثوا , ونزل فاغتسل ثم رجع , فقال : أيها النَّاس إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا بمال أبي ولا أمي وصدق أبو مسلم , إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الغضب من الشَّيطان , والشَّيطان من النار , والماء يطفىء النار , فإذا غضب أحدكم فليغتسل , أغدوا على عطاياكم على بركة الله عز وجل .
صلة ابن أشيم :
كان من العبّاد , والمجاهدين المحتسبين , زوج العالمة العابدة , معاذة العدوية .
قالت معاذة العدوية : ما كان صلة يجيء من مسجد بيته إلى فراشه إلا حبوًا , يقوم حتى يَفْتر في الصَّلاة .
وعن حماد بن زيد العبدي , أن أباه أخبره , قَالَ : خَرَجْنا في غزوةِ إلى كابل , وفي الجيش صلة بن الأشيم , قَالَ : فترك النَّاس عند العتمة ثم اضطجع , فالتمس غفلة النَّاس , حتى إذا قلت هدأت العيون , وثب فدخل غِيضة قريبًا منه , ودخلت في إثره , فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح , قَالَ : وجاء أسدٌ حتى دنا منه , فصعدت في شجرة , قَالَ : أفتراه التفت إليه أو عذبه حتى سجد , فقلت : الآن يفترسه , فلا شيء ! فجلس ثم سَلَّم , فقال : أيها السَّبع , اطلب الرزق من مكان آخر ؛ فَولَّى وإن له زئير , أقول : تصدع الجبال منه , فما زال كذلك يصلي حتى إذا كان عند الصبح , جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله , ثم قَالَ : اللهم إني أسألك أن تجرني من النار , أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة , ثم رجع فأصبح , كأنه بات على الحشايا , وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم .
وقد ضرب أعظم المثل في الصبر , والاحتساب رحمه الله .
عن ثابت البناني قَالَ : إِنَّ صِلَة بن أشيم كان في مغزى له ومعه ابن له , فقال : أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك , فحمل فقاتل حتى قتل , فاجتمعت النِّساء عند امرأته معاذة العدوية , فقالت : مرحبًا إن كنتن جئتن لتهنئنني ! فمرحبًا بكن , وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن .

يتبع ان شاء الله ...
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
  #18  
قديم 05-11-2009, 09:22 AM
هيمن الكفيف هيمن الكفيف غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: أربيل العراق
الجنس :
المشاركات: 208
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

جعله الله في ميزان حسناتك أخي في الله ليتنا كنا مثبهم لكن الشيطان الملعون زين لنا الدنيا وثقل علينا العبادة والعلم فهنيئا لمن إغتم حياته المأقتة اللهم إجعلنا من أتباعهم
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 05-11-2009, 06:32 PM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيمن الكفيف مشاهدة المشاركة
جعله الله في ميزان حسناتك أخي في الله ليتنا كنا مثبهم لكن الشيطان الملعون زين لنا الدنيا وثقل علينا العبادة والعلم فهنيئا لمن إغتم حياته المأقتة اللهم إجعلنا من أتباعهم

أجاب الله دعاءك أخي
وأحسن الله إليك

__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
  #20  
قديم 11-11-2009, 12:06 AM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: همم تعالت عن قمم الجبال ..هكذا كونوا أو لا تكونوا

الربيع بن خُثَيْم :
المخبت الورع , المعترف بذنبه , المفتقر لربه , أحد العبّاد الزهاد .
وكان الربيع بن خُثَيْم : إذا دخل على عبد الله بن مسعود , لم يكن عليه إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه , فقال له عبد الله : يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك , وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين .
وكان رحمه الله عظيم الصبر , سريع الاحتساب .
خرج الربيع بن خُثَيْم يوما فلما انتهى إلى مسجد قومه , قالوا له : يا ربيع لو قعدت فحدثتنا اليوم , قَالَ : فَقَعَد , فجاء حجر فشجه , فقال : فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف .
وكان الرَّبيع إذا قيل له : كيف أصبحت يا أبا يزيد ؟ يقول : أصبحنا ضُعفاء مذنبين , نأكل أرزاقنا , وننتظر آجالنا .
وكان رحمه الله عظيم التأثر , سريع الاعتبار .
قَالَ إبراهيم التيمي : حدثني من صحب ربيع بن خُثَيْم عشرين سنة , أنه ما تكلم بكلام منذ عشرين سنة , إلا بكلمة تصعد , وما سمع منه كلمة عتاب .
وكان الرَّبيع بعدما سَقَطَ شِقه ؛ يهادي بين رجلين إلى مسجد قومه , وكان أصحاب عبد الله يقولون : يا أبا يزيد , لقد رخص الله لك , لو صليت في بيتك ؟! فيقول : إنه كما تقولون , ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح , فمن سمع منكم ينادي حي على الفلاح ؛ فليجبه , ولو زحفًا , ولو حبوا.
وكانت أم الربيع بن خُثَيْم تنادي ابنها الربيع , فتقول : يا بني ! يا ربيع ! ألا تنام ؟! فيقول : يا أمّاه من جن عليه الليل وهو يخاف البيات ؛ حق له أن لا ينام , فلمّا بلغ ورأت ما يلقى من البكاء , والسَّهر نادته , فقالت : يا بني لعلك قتلت قتيلًا ؟ فقال : نعم يا والدة , قد قتلت قتيلًا , قالت : ومن هذا القتيل يا بني حتى يُتحمل على أهله فيعفون ؟ والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء , والسَّهر بعد ؛ لقد رحموك , فيقول : يا والده ! هي نفسي .
وقالت ابنة الربيع للربيع : يا أبت لم لا تنام والناس ينامون ؟ فقال : إن البيات في النار ؛ لا يدع أباك أن ينام .
قيل للربيع ابن خُثَيْم : ألا ندعوا لك طبيبًا ؟! قَالَ : أَنْظِروني فتفكر ثم قَالَ : " وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا " قَالَ : فذكر حرصهم على الدُّنيا ورغبتهم , وما كانوا فيها , وقال : قد كانت فيهم أطباء , وكان فيهم مرضى , فلا أرى المداوي بقى , ولا أرى المداوى , وأهلك النّاعت والمنعوت , لا حاجة لي فيه .
عن أبي وائل قَالَ : خرجنا مع عبد الله بن مسعود , ومعنا الرَّبيع بن خُثَيْم , فمررنا على حداد , فقام عبد الله ينظر إلى حديدة في النَّار , فنظر ربيع إليها فتمايل ليسقط , فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطئ الفُرَات ؛ فلمّا رأى عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية {إِذَا رَأَتْهُم من مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) } [ سورة الفرقان : 12-13 ] قَالَ : فصعق الرَّبيع ؛ فاحتملناه فجئنا به إلى أهله , قَالَ : ثم رَابطه إلى المغرب فلم يفق , ثم إنه أفاق ؛ فرجع عبد الله إلى أهله .
وعن عبد الرحمن بن عجلان قَالَ : بِتُّ عند الرَّبيع بن خُثَيْم ذات ليلة , فقام يُصَلِّي فمر بهذه الآية : {أَمْ حَسِبَ الَّذين اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) }[ سورة الجاثية : 21 ]
فمكث ليلته حتى أصبح , ما جاوز هذه الآية إلى غيرها ببكاءٍ شديد .
وكان الرَّبيع يقول : أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله , ولما احتضر الربيع ؛ بكت ابنته , فقال : يا بنية , لم تبكين ؟ قولي : يا بشراي أتى الخير .
عطاء بن أبي رباح :
الإمام العلم , فقيه الحرم , مفترش الجنبين لا يعبأ بالألم , الذي دَلَّ عليه ابن عمر لما نزل البيت مستلم .
عن سعيد بن أبي الحسن البصري قَالَ : قَدِمَ ابن عمر مكة , فسألوه . فقال : تجمعون لي المسائل ؛ وفيكم عطاء بن أبي رباح .
قَالَ ابن جريج : كان المسجد فِراش عطاء عشرين سنة , وكان من أحسن النَّاس صَلاة .
قَالَ الأصمعي : دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك , وهو جالس على السَّرير , وحوله الأشراف , وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته , فلما بصر به عبد الملك , قام إليه وسلم عليه , وأجلسه معه على السَّرير , وقعد بين يديه , وقال : يا أبا محمد ما حاجتك ؟ قَالَ : يا أمير المؤمنين , اتق الله في حرم الله , وحرم رسوله , فتعاهده بالعمارة , واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار , فإنك بهم جلست هذا المجلس , واتق الله في أهل الثغور , فإنهم حصن المسلمين , وتفقد أمور المسلمين , فإنك وحدك المسئول عنهم , واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم , ولا تغلق دونهم بابك , فقال له : أفعل , ثم نهض وقام , فقبض عليه عبد الملك , وقال : يا أبا محمد , إنما سألتنا حوائج غيرك , وقد قضيناها , فما حاجتك ؟ قَالَ : ما لي إلى مخلوق حاجة , ثم خرج , فقال عبد الملك : هذا وأبيك الشَّرَف , هذا وأبيك السُّؤدد .
وعن عَطِاءٍ قَالَ : لو ائتمنت عَلَى بَيْتِ مَالٍ لكنت أمينًا , ولا آمن نَفْسِي على أَمَةٍ شَوْهاء .
قُلت -أي الذَّهبي : صدق رحمه الله ففي الحديث ؛ "أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ .
وعن ابن جريج قَالَ : لَزِمت عطاء ثماني عشرة سنة , وكان بعد ما كبر وضعف , يقوم إلى الصَّلاة فيقرأ مئتي آية من البقرة , وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك .
قَالَ عمر بن ذر : ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح , وما رأيت عليه قَمِيصًا قط , ولا رأيت عليه ثوبًا يساوي خمسة دراهم .
الأسود بن يزيد :
كان مجتهدًا في العبادة , يصوم حتى يخضر جسده ويصفر , وكان علقمة بن قيس يقول له :لم تعذِّب هذا الجسد ؟! فيقول : راحة هذا الجسد أريد , فلمّا احتضر بكى , فقيل له : ما هذا الجزع ؟ قَالَ : مَالِي لا أجزع ؟! ومن أحق بذلك مني ؟! والله لو أتيت بالمغفرة من الله عز وجل ؛ لهمني الحياء منه مما قد صنعته , إن الرجل ليكون بينه وبين الرَّجل الذنب الصغير , فيعفو عنه ؛ فلا يزال مستحيًا منه . ولقد حجَّ الأسود ثمانين حجة .
طاوس بن كيسان :
الفقيه إمام أهل اليمن النُّجباء , طاوس الزُّهاد والعلماء .
عن داود بن إبراهيم , أن الأسد حبس النَّاس ليلة في طريق الحج , فدق النَّاس بعضهم بعضًا , فلمّا كان في السّحر ذهب عنهم ؛ فنزل النَّاس يمينًا وشمالا , وألقى النَّاسُ أنفسهم فناموا , وقام طاووس يُصلِّي , فقال رجل لطاووس : ألا تنام فإنك نصبت الليلة ؟ قَالَ طَاووس : وهَلْ يَنَامُ السَّحر .
وكان لطاووس طريقان إلى المسجد , طريق في السُّوق , وطريق آخر , فكان يأخذ في هذا يومًا وفي هذا يومًا , فإذا مرَّ في طريق السُّوق فرأى تلك الرؤس المشوية ؛ لم ينعس تلك الليلة .
وكان طاوس يجلس في بيته , فقيل له في ذلك فقال : حيف الأئمة وفساد النَّاس.
قَالَ مجاهد لطاوس : يا أبا عبد الرحمن ! رأيتك تصلِّي في الكعبة , والنبي عليه السلام على بابها , يقول لك : اكشف قناعك , وبين قراءتك , قَالَ : اسكت لا يسمعن هذا منك أحد , حتى تخيل اليه أنه انبسط من الحديث .
أتى طاوس رجلا في السحر , فقالوا : هو نائم , قَالَ : ما كنت أرى أن أحدا ينام في السحر .
قَالَ رجل لطاوس : ادع الله لنا , قَالَ : ما أجد في قلبي خشية فأدعو لك .
توفي طاوس بالمزدلفة أو بمنى , فلما حمل أخذ عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب بقائمة السَّرير , فما زايله حتى بلغ القبر .
محمد بن واسع :
الإمام العامل , والخاضع الخامل , أدمى الحزن قلبه , ما قعد ولا قام مقام سوء حتى لقي ربه .
قَالَ سُليمان التيمي : ما أحد أحب أن ألقى الله بمثل صحيفته , مثل محمد بن واسع .
وعن ابن واسع : إن الرَّجل ليبكي عشرين سنة , وامرأته معه لا تعلم .
وقال جعفر بن سليمان : كنت إذا وجدت من قلبي قسوة ؛ غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع , كان كأنه ثكلى .
قَالَ حماد بن زيد : قَالَ رجل لمحمد بن واسع : أوصني , قَالَ : أُوصِيك أن تكون ملكًا في الدنيا والآخرة , قَالَ : كيف ؟ قَالَ : ازهد في الدُّنيا .
وعنه قَالَ : طُوبى لمن وجد عشاء ولم يجد غداء , ووجد غداء ولم يجد عشاء , والله عنه راضٍ .
قَالَ ابن شوذب : قَسَم أمير البصرة على قرائها , فبعث إلى مالك بن دينار ؛ فأخذ , فقال له ابن واسع : قبلت جوائزهم ؟ قَالَ : سَلْ جُلَسَائي , قالوا : يا أبا بكر اشتر بها رقيقًا فأعتقهم , قَالَ : أنشدك الله أقلبك السّاعة على ما كان عليه قبل أن يجيزك ؟! قَالَ : اللهم لا , قَالَ : أَيُّ شيء دخل عليك ؟ فقال مالك لجلسائه : إنما مالك حمار , إنما يعبد الله محمد بن واسع .
قَالَ ابن عيينة : قَالَ ابن واسع : لو كان للذنوب ريح ما جلس إليَّ أحد .
قَالَ الاصمعي : لما صاف قتيبة بن مسلم للترك , وهاله أمرهم , سأل عن محمد بن واسع , فقيل : هو ذاك في الميمنة , جامح على قوسه , يُبصبص بأصبعه نحو السَّماء , قَالَ : تلك الإصبع أحب إلي من مائة ألف سيفٍ شهير , وشابٍ طرير .
قَالَ ابن واسع وهو في الموت : يا إخوتاه تدرون أين يُذهب بي ؟ والله إلى النّار , أو يعفو الله عني .
وقال : يكفي من الدُّعاء مع الورع , يسير العمل .
وعن محمد بن واسع , وقيل له : كيف أصبحت ؟ قَالَ : قَرِيبًا أجلي , بعيدًا أملي , سيئًا عملي .
وقيل اشتكى رجل من ولد محمد بن واسع إليه , فقال لولده : تستطيل على النَّاس , وأمك اشتريتها بأربع مائة درهم , وأبوك فلا كثر الله في المسلمين مثله , وقيل : إنه قَالَ لِرَجُلٍ : هَلْ أَبْكَاكَ قَط سَابِق عِلْم الله فِيك ؟!
وعن أبي الطيب موسى بن يسار , قَالَ : صحبت محمد بن واسع إلى مكة , فكان يصلي الليل أجمعه , يصلي في المحمل جالسا , ويومئ
هَرِم بن حيان :
كان دائم الحزن , سريع الدَّمع , عظيم الخوف من الله سبحانه وتعالى .
بات هرم بن حيان العبدى عند حممة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , قَالَ : فبات حممة ليلته يبكي كلها حتى أصبح , فلما أصبح , قَالَ لَهُ هرم : يا حممة ! ما أبكاك ؟ قَالَ : ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور , فتخرج من فيها , وتناثر نجوم السَّماء ؛ فأبكاني ذلك , وكانا يصطحبان أحيانًا بالنَّهار , فيأتيان سوق الريحان , فيسألان الله تَعَالَى الجنة , ويَدْعُوان , ثم يأتيان الحدّادين , فيتعوذان من النار , ثم يفترقان إلى منازلهما .
كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليل , وينادي بأعلى صوته عجبت من الجنة , كيف ينام طالبها ؟ وعجبت من النار , كيف ينام هاربها ؟ ثم قرأ : {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ } [سورة الأعراف : 97]
عن مالك بن دينار , قَالَ : اسْتُعْمِل هرم بن حيان , فظن أن قومه سيأتونه , فأمر بنار فأوقدت بينه وبين من يأتيه من القوم , فجاءه قومه يُسَلِّمون عليه من بعيد , فقال : مرحبًا بقومي , ادنوا , قالوا : والله ما نستطيع أن ندنو منك , لقد حالت النار بيننا وبينك , قَالَ : وأنتم تريدون أن تَلْقَوْني في نار أعظم منها ؛ في نار جهنم , قَالَ : فَرَجَعُوا .

يتبع ان شاء الله...
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 156.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 150.06 كيلو بايت... تم توفير 6.55 كيلو بايت...بمعدل (4.18%)]