من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 390904 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856303 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-03-2021, 02:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين)

من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (1)


سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:
إن الزواج نعمةٌ من نعم الله تعالى، امتنَّ به على عباده، قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

والزواج سنة من سنن المرسلين، وقد خاطب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38].

ومن حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن جعل الرسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وقدوة طيبة في تطبيق الهدي القولي والعملي في كل مجالات الحياة على وجه العموم ومن هذه المجالات: العلاقات الزوجية القائمة على الاحترام المتبادل، والعشرة الطيبة، وغير ذلك من الحقوق والواجبات التي ينشدها الإسلام.

عن ابن عباس قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»[1].

قال القاضي عياض: «.. وأما حُسنُ عشرته وأدبه وبسط خلقه صلى الله عليه وسلم مع أصناف الخلق، قال علي بن أبي طالب: في وصفه عليه الصلاة والسلام: كان أوسع الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة»[2].

عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة، وله تسع نسوة[3].

قال ابن الأثير: اختلف العلماء في عدة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ترتيبهن، وعدة من مات منهن قبله، ومن مات عنهن...؛ إلا أن المتفق عليه أنهن إحدى عشرة امرأة: خديجة، وسودة، وعائشة، وحفصة، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وأم حبيبة، وجويرية، وميمونة، وصفية، مات منهن في حياته: خديجة، وزينب بنت خزيمة، ومات عن الباقيات وهن تسع، هذا لا خلاف فيه"[4].

والمتأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يلحظ نموذجاً نبوياً رائعاً في علاقاته مع زوجاته رضى الله عنهن من: الحكمة، والمحبة، وإظهار المشاعر النبيلة، وإدراكه مشاعرهن، يتجمل لهن، يساعدهن في أعمال بيته، ويستشرهن في أدق الأمور، ويتعامل مع أخطائهن بأسلوب راق ورائع، ولو استرسلنا في ذكر الهدي النبوي في تعامله مع زوجاته ما استطعنا إلى ذلك سبيلا؛ لكن نكتفي بذكر بعضها، ومنها:

أولاً: الجلسة الأسرية ومشاركته صلى الله عليه وسلم لزوجاته بما حدث له:
يَقُصُّ النبي صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين خديجة ما حدث في الغار، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقال: ﴿ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ﴾ فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق...[5].

فتدبر كمال عقل أم المؤمنين خديجة رضي اللَّه عنها وحسن مواساتها لزوجها تقسم بالله تعالى أنه لا يخزيه " وتستدل على ما أقسمت عليه من نفي الخزي عنه صلى الله عليه وسلم بما يلوح من جزالة رأيها وأنوار معرفتها وفراستها، وكيف لا وهي أول من آمن بالحقيقة لم يشاركها فيه أحد، ووصفته بأصول مكارم الأخلاق، وهو يدل على أن من كان هذه صفاته لا يخزيه اللَّه، ولا يسلك به إلا إلى صراط مستقيم، ولا يحزنه بإصابة المكروهات في الدنيا والدين"[6].

إن مما يجب على الزوجة المسلمة أن تقتدي بأم المؤمنين خديجة رضي اللَّه عنها في رفع معنويات زوجها في كل أوقاته على وجه العموم، ووقت الشدة على وجه الخصوص فتعمل على طمأنة قلب زوجها وهدوء نفسه، وتخفيف روعه، وتسكين فزعه، ولما اطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تتركه؛ بل ذهبت إلى ورقة بن نوفل ابن عمها، لترى حقيقة الأمر وتطمئن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى.

ثانياً: يصرح صلى الله عليه وسلم بحبهن:
كان صلى الله عليه وسلم يظهر مشاعره النبيلة بحب زوجاته ويجاهر بذلك أمام الصحابة رضي الله عنهم، عن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: « أي الناس أحب إليك؟ قال: « عَائِشَةُ »، فقلت: من الرجال؟ فقال: « أَبُوهَا »، قلت: ثم من؟ قال: « ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ »، فعد رجالا [7].

فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أحب النساء إليه من حيث، أن لها من العلم والفضيلة ما استحقت به أن تفضل على سائر النساء[8].

ولم يمنع حب الرسول صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة في أن يصرح بحبه لأم المؤمنين خديجة، ويظهر مكانتها في قلبه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، إلا على خديجة وإني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة، فيقول: «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ » قالت: فأغضبته يومًا، فقلت: خديجة فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا »[9].

ثالثاً: يراعي مشاعرهنّ، ويتلطّف بهنّ:
كان صلى الله عليه وسلم يراعي مشاعر زوجاته، ويعلم من كلماتهن، ومن نبرات صوتهن، وتعابير وجههن، وقت رضاهن ووقت غضبهن، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى » قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: « أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ »، قالت قلت: أجل، والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك[10].

قال الطيبي: « قولها: «ما أهجر إلا اسمك» هذا الحصر من اللطف في الجواب؛ لأنها أخبرت أنها إذا كانت في غاية من الغضب الذي يسلب العاقل اختياره، لا يغيرها عن كمال المحبة المستغرقة ظاهرها وباطنها الممتزجة بروحها، وإنما عبرت عن الترك بالهجران؛ لتدل بها علي أنها تتألم من هذا الترك الذي لا اختيار لها فيه»[11].

ختاماً:

إن مما لا شك فيه أن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في المحافظة على العلاقة الزوجية القائمة على الودّ، والتآلف، والرحمة والمعاشرة بالمعروف، وذلك برجاحة العقل، ودقة الملاحظة.

نسأل الله تعالى بمنه وكرمه الإخلاص والقبول، وأن يصلح لنا ولجميع المسلمين نياتنا، وأزواجنا، وذرياتنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


[1] "سنن ابن ماجه" (1/ 636) قال الشيخ الألباني: صحيح.

[2] "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (1/ 119).

[3] "صحيح البخاري" (7/3).

[4] "جامع الأصول" (12/ 95).

[5] "صحيح البخاري" (1/ 7)، و"صحيح مسلم" (1/ 141).

[6] "لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (9/ 329).

[7] "صحيح البخاري" (5/ 5)، "صحيح مسلم" (4/ 1856).

[8] "الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم" (23/ 519).

[9] "صحيح مسلم" (4/ 1888).

[10] "صحيح البخاري" (7/ 36)، و"صحيح مسلم" (4/ 1890).

[11] "شرح المشكاة" للطيبي = "الكاشف عن حقائق السنن" (7/ 2328).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-03-2021, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين)

من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (2)

سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فأحيطك أيها القارئ الكريم علمًا قبل أن تبدأ القراءة، أنه قد تقدَّم الكلام عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (1)، وفي هذا المقال نكمل الحديث إن شاء الله تعالى عن نفس الموضوع.

إن مما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تشْغَلْهُ أمور الدعوة والإصلاح، وتعليم المسلمين والجهاد، وغير ذلك من الأمور العظيمة - عن حُسْنِ عِشْرَتِهِ لزوجاته أمهات المؤمنين؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في جميل المعاشرة ورعاية الحقوق، وهذه بعض مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن:
رابعًا: المبالغة في إكرامهن:
ومما يدل على إكرام النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته إكرامُهُ لأمِّ المؤمنين خديجة؛ فلم يتزوج عليها مدة حياتها حتى ماتت، وكان يُكْثِرُ ذِكْرَها والثناء عليها بعد موتها، وكثرة الذكر دليلٌ على عِظَمِ المحبة؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((استأذنت هالةُ بنت خويلد أختُ خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة، فارتاع لذلك، فقال: اللهمَّ هالةَ، قالت: فَغِرْتُ، فقلت: ما تَذْكُرُ من عجوزٍ من عجائز قريش، حمراءِ الشِّدْقَيْنِ، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرًا منها))[1]، وفي رواية الإمام أحمد: قال صلى الله عليه وسلم: ((ما أبدلني الله عز وجل خيرًا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذَّبني الناس، وواسَتْنِي بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولادَ النساء))[2].

قال ابن حجر: "بيان تصديقها للنبي صلى الله عليه وسلم في أول وهلة، ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها، ووفور عقلها، وصحة عزمها... وكان لأمِّ المؤمنين خديجة من الاستواء ما ليس لغيرها؛ إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط، كما وقع لغيرها"[3].

خامسًا: اعتناؤه بصحتهن:

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعَوِّذَ أهله؛ عن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعَوِّذُ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى، ويقول: اللهم ربَّ الناس، أذهب البَاسَ، اشْفِهِ وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سَقَمًا))[4].

قال ابن القيم: "ففي هذه الرُّقْيَةِ توسُّلٌ إلى الله بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء، وأنه وحده الشافي، وأنه لا شفاءَ إلا شفاؤه، فتضمَّنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته"[5].

وفي رواية الإمام مسلم عن عائشة قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مَرِضَ أحد من أهله، نفث عليه بالمُعَوِّذات، فلما مَرِضَ مرضَهُ الذي مات فيه، جعلت أنْفُثُ عليه، وأمسحه بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركةً من يدي))[6].

قال ابن حجر: "النَّفْثُ: أي: تَفْلٌ بغير ريق أو مع ريق خفيف... والمعوذات: أي: الإخلاص، والفلق، والناس"[7].

سادسًا: يسابقهن، ويداعبهن، ويمرح معهن:

كان صلى الله عليه وسلم يداعب أزواجه ويُسابِقُهن؛ عن عائشة قالت: ((خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحْمِلِ اللحم ولم أبْدُنْ، فقال للناس: تقدَّموا، فتقدموا، ثم قال لي: تَعَالَيْ حتى أُسابِقَكِ، فسابقته، فَسَبَقْتُهُ، فسكت عني، حتى إذا حملتُ اللحم وبَدُنْتُ ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدَّموا، فتقدموا، ثم قال: تَعَالَيْ حتى أسابقك فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك، وهو يقول: هذه بتلك))[8].

دل الحديث على أن سفر النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعه من مسابقة أم المؤمنين عائشة مرة بعد مرة، وكان من أهداف المسابقة التودُّدُ والتحبُّبُ والاهتمام، وإدخال السرور على أهله صلى الله عليه وسلم.

سابعًا: يتواضع لهن ويرفق بهن:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((لما رجع صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر، وتزوج صفية بنت حُيَيٍّ رضي الله عنها، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَوِّي لها وراءه بِعَبَاءَةٍ، ثم يجلس عند بعيره، فيضع رُكْبَتَهُ، فتضع صفية رِجْلَها على ركبته، حتى تركب))[9].

قال الواقدي: "سترها النبي صلى الله عليه وسلم بثوبه، وأدنى فَخِذَهُ لتضع رجلها عليه، فأبت، ووضعت ركبتها على فخذه"[10].

فيؤخذ من الحديث: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ورِفْقُهُ بأهله، وشفقته عليهم، وحسن تلطُّفِهِ لهم أمام أعين الصحابة الكرام، وفيه: ظهور منزلة أم المؤمنين صفية رضي الله عنها العاقلة الحليمة، والتي كانت تُعظِّم أن تضع رجلها على ركبته صلى الله عليه وسلم.

وجملة القول:
إن من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين الإكرامُ، والمراعاة، والاحترام، والبشاشة، والتواضع، وعذوبة الألفاظ.

نسأل الله أن يوفقنا الله وإياكم لحسن التأسِّي، وجميل الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأن يبارك لنا ولكم في والدينا وأزواجنا وذرياتنا وجميع المسلمين.

[1] صحيح البخاري (5/ 39)، وصحيح مسلم (4/ 1889).
[2] مسند أحمد مخرجًا (41/ 356).
[3] فتح الباري لابن حجر (7/ 138).
[4] صحيح البخاري (7/ 132).
[5] زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 173).
[6] صحيح مسلم (7/ 16).
[7] فتح الباري لابن حجر (8/ 131).
[8] مسند أحمد موافقًا لثلاث طبعات، (6/ 264)، تحقيق الشيخ الألباني: صحيح.
[9] صحيح البخاري (3/ 84).
[10] مغازي الواقدي (2/ 708).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-03-2021, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين)

من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (3)

سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أما بعد:
أخي القارئ الكريم، هذا هو اللقاء الثالث في الحديث عن (من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته «أمهات المؤمنين»).

ثامنًا: يتجمل ويتزين ويتطيب لأمهات المؤمنين:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: « طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا »[1].

في الحديث: « أن السنة اتخاذ الطيبِ للنساء والرجال عند الجماعِ »[2].

وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ»[3].

قال الصنعاني: « السواك لأجل السلام على أهله فإنه من أسماء الله، وقيل: لتطييب الفم؛ لأنه ربما يغير فمه عند مخاطبة الناس فإذا دخل بيته تسوك، وكان من حسن معاشرة أهله ذلك»[4].

فكان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ويكثر منه، وعُرف بحسن سمته ومظهره، وبطيب رائحته، وبجمال خَلقه وخُلقه، وكان صلى الله عليه وسلم يألف الناس ويألفونه، ويحبون صحبته، والتحدث معه، وقد حث الإسلام الزوج بالتزين لزوجته، كما يحب أن تتزين له.

تاسعًا: يقرع بين أمهات المؤمنين إذا أراد سفرًا ويسافر بمن خرجت قرعتها:
كان صلى الله عليه وسلم يقرع بين زوجاته إذا أرد السفر، عن عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا »[5].

فالقرعة سببها (ليعدل بينهم، وتطمئن قلوبهم وترتفع الظنة عمن تولى قسمتهم، ولا يفضل أحد منهم على صاحبه إذا كان المقسوم من جنسٍ واحد اتباعًا للكتاب والسنة، قال أبو عبيد: وقد عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء: يونس وزكريا ومحمد نبينا، قاله ابن المنذر»[6].


عاشرًا: يكرِم أهلَ أمهات المؤمنين:
ومما يدلُّ على إكرام وإحسان النبي صلى الله عليه وسلم لأصهاره، واحترامهم، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: وقعتْ جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس، أو ابن عم له فكاتبت على نفسها، وكانت امرأةً ملاحة تأخذها العين، قالت: عائشة رضي الله عنها فجاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها فلما قامت على الباب فرأيتُها كرهت مكانها وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها مثل الذي رأيت فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث، وإنما كان من أمري ما لا يخفى عليك وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، وإني كاتبت على نفسي فجئتك أسألك في كتابتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « فَهَلْ لَكِ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ قَالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَتْ: فَتَسَامَعَ - تَعْنِي النَّاس - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ، فَأَرْسَلُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ، فَأَعْتَقُوهُمْ، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا رَأَيْنَا امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا، أُعْتِقَ فِي سَبَبِهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ»[7].

قال الواقدي: « يقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق، ويقال جعل صداقها عتق أربعين من قومها... فلم تبق امرأة من بني المصطلق إلا رجعت إلى قومها »[8].

كذلك وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر خيرًا، عن أبى ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا»[9].

فأما الرحم " فيكون هاجر أم إسماعيل عليه السلام أبى العرب منهم، وأما الصهر، فيكون مارية أم إبراهيم، ولد النبي صلى الله عليه وسلم منهم، قاله الزهري، وفى هذا الحديث أعلام من نبوته ثلاثة وجدت كلها، منها افتتاحها، ومنها إعطاء أهلها العهد، ودخولهم في الذمة" [10].

فمما ينبغي على الزوج أن يكرم أهل زوجته بما يرضيها، وأن يحسن إليهم، ويتأدب معهم، ويثني عليهم، ويبادلهم الزيارات وأن يدعوهم في المناسبات كل هذه الأمور وغيرها مداخل يخطف بها قلب الزوجة، ويفتح بها أبواب السعادة الزوجية.

وجملة القول:
من أراد السعادة الزوجية ينبغي عليه أن يتق الله تعالى، ويتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم.
ينبغي على الزوج أن يعتني بمظهره ونظافته وسمته ويتجمل لزوجته ويسامرها.
أن يكون كريمًا مع أهل زوجته، يسمعهم الكلام الطيب، ويحفظ لهم المعروف فقد اختاروه من بين الشباب زوجًا لابنتهم.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يبارك لي ولكم في أزواجنا وأولادنا أعمارنا وأعمالنا.

[1] صحيح البخاري (1 / 450)، صحيح مسلم (2 / 849).

[2] شرح ابن بطال (1 / 416).

[3] صحيح مسلم (1 / 152).

[4] التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 387).

[5] صحيح البخاري (3/ 182).


[6] شرح صحيح البخاري لابن بطال (8/ 75).

[7] سنن أبي داود (4 / 22)، قال الشيخ الألباني: حديث حسن.

[8] مغازي الواقدي (1/ 412).

[9] صحيح مسلم (7 / 190).

[10] إكمال المعلم شرح صحيح مسلم - للقاضي عياض - (7 / 294).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-03-2021, 03:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين)

من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (4)

سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

أما بعد:
اعلم أخي القارئ وأختي القارئة أنَّ هذا هو اللقاء الرابع الذي نتناول فيه شيئًا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين).

فالحياة الزوجية مشاركة بين الزوجين رأس مالها المودة والرحمة والطمأنينة والسكينة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا عمليًّا يحتذَى به في حسن معاشرة النساء، أذكر منها ما يلي:

إذا هوين شيئًا لا محذور فيه تابعهن عليه:
كان النبي صلى الله عليه وسلم سهلًا لينًا في التعامل مع زوجاته، عن جابر بن عبد الله أن عائشة رضى الله عنها في حجة النبي صلى الله عليه وسلم أهلت بعمرة.. وزاد في الحديث قال: « وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا سَهْلًا، إِذَا هَوِيَتِ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ»[1].

قال القاضي عياض: « فيه حسن العشرة مع الأزواج ومساعدتهن لاسيما فيما هو من باب الطاعات، وما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم »[2].

يطيب خاطرهنَّ:
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنَّا بالبيداء، أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟! فقالت عائشة فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت، فبعثنا البعير الذي كنت عليه فأصبنا العقد تحته))[3].

قال النووي: « البيداء وذات الجيش موضعان بين المدينة وخيبر، وأما العقد فهو بكسر العين وهو كل ما يعقد ويعلق في العنق فيسمى عقدًا أو قلادة... وفيه الاعتناء بحفظ حقوق المسلمين وأموالهم وإن قلت ولهذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم على التماسه »[4].


وفي الحديث فوائد عظيمة منها: اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين عائشة يطيب خاطرها، ويزيل حزنها بفقد عقدها، ونوم النبي صلى الله عليه وسلم واضعًا رأسه على فخذها دلالة على عظم حبه لها، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماس العقد والبحث عنه، وأقام الناس معه وتأخر الجيش، لما احتبسوا على طلب العقد، فأنزل الله سبحانه الرخصة في التيمم.

يواسيهن ويمسح دموعهن:
عن أنس بن مالك قال: ((كانت صفية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان ذلك يومها فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي وتقول: حملتني على بعير بطيء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح بيديه عينيها ويسكتها...))[5].

كانت أم المؤمنين صفية مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، وفي أثناء الطريق برك جملها فبكت، ولما أُخبر صلى الله عليه وسلم جاء إليها ومسح دموعها بيده، وجعلت تزداد بكاء وهو ينهاها، وأمر الناس بالنزول فنزلوا ولم يكن يريد أن ينزل، فنزلوا، مواساة لأم المؤمنين صفية ودعما لعواطفها.

يؤانسهنَّ ويُدللهنَّ:
عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم، من مكثه عندنا، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها)) [6].

في الحديث: بيان حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم- وكان يفعل ذلك تأنيسًا لهن، وتطيبًا لقلوبهن؛ حتى ينفصل عنهن إلى التي هو في يومها، ويتركها طيبة القلب[7].

عن عائشة: ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)) [8].

قال الصنعاني: " الحديث دليل على أن لمس المرأة وتقبيلها لا ينقض الوضوء، وهذا هو الأصل، والحديث مقرر للأصل"[9].

مساعدتهنَّ وخدمتهنَّ والعمل علي راحتهن:
بلغ من تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن معاشرته لنسائه معاونتهن في البيت وأعماله، عن الأسود، قال: سَأَلتُ عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: ((كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ))[10].

قال ابن حجر: «وقد وقع تفسير هذه الخدمة في الشمائل للترمذي من طريق عمرة عن عائشة بلفظ ما كان إلا بشرا من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه ولأحمد وبن حبان من رواية عروة عنها يخيط ثوبه ويخصف نعله وزاد بن حبان ويرقع دلوه.... وفيه الترغيب في التواضع وترك التكبر وخدمة الرجل أهله»[11].

وقال المهلب: "هذا من فعله، عليه السلام، على سبيل التواضع وليسن لأمته ذلك، فمن السنة أن يمتهن الإنسان نفسه في بيته فيما يحتاج إليه من أمر دنياه وما يعينه على دينه، وليس الترفه في هذا بمحمود ولا من سبيل الصالحين، وإنما ذلك من سير الأعاجم" [12].

فمن الإحسان إلى الأهل أن يساعد الرجل أهله في شؤون البيت، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر يصبح ويمسي في خدمة أهله، ومما لا شك أن بهذه الأمور تحسن العشرة، وتدوم الصحبة والمودة.

وجملة القول:
إن المعاشرة بالمعروف هي الأصل الذي تقوم عليه العلاقات الزوجية، وهذه المواقف المعبرة، والقصص المؤثرة من تعاملات النبي صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين تدل على أن هذه التعاملات ينبغي الحفاظ عليها والعناية بها؛ حتى تتحقق السعادة الزوجية.

أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل وغيره خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به جميع المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


[1] صحيح مسلم (2/ 881).

[2] إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 255)

[3] صحيح البخاري (1 / 91)، صحيح مسلم (1 / 191).

[4] شرح النووي على مسلم (4/ 59).

[5] السنن الكبرى للنسائي (8 / 261).

[6] سنن أبي داود (2/ 243) قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.


[7] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (13/ 90).

[8] سنن الترمذي ت شاكر (1/ 133) قال الشيخ الألباني: صحيح.

[9] سبل السلام (1/ 94).

[10] صحيح البخاري (1/ 136).

[11] فتح الباري لابن حجر (2/ 163)

[12] شرح صحيح البخاري لابن بطال (7/ 542).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 98.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 95.52 كيلو بايت... تم توفير 3.28 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]