|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
فكر بسعة الكون
فكر بسعة الكون د. سعد الله المحمدي هذا الكون العظيم فضاءٌ شاسع ينبضُ بالحيويَّة والنَّشاط، ويحتوي على مليارات المخلوقات المتنوِّعة من الكواكب المضيئة، والأجرام السماوية العديدة، والأقمار والكويكبات التي تدور في مداراتها الخاصة، لا يتعدَّى بعضها على بعض، ويعجز عن فهم حقيقتها علومُ البشر و﴿ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [الأنبياء: 33]. تَأمَّلْ سطورَ الكائناتِ فإنَّها *** مِنَ الملأ الأعْلَى إليكَ رسَائلُ وكذلك هذا الكوكب الذي نعيشُ عليه ونستمتعُ بخيراته وجَماله وروْعته، موطنٌ لملايين الأنواع من الكائنات الحيَّة بما فيها الإنسان، وهو عالمٌ مليء ٌبالإبداع والإعجاز والعبر والدروس، وحافل بالآيات والدلائل الناطقة بتوحيد الله عزَّ وجلَّ، وعظمتِه وحسنِ تدبيره. وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ *** تدلُّ على أنَّه واحدُ وبحسب إحصائيات عام 2020م يعيشُ على هذه الأرض الواسعة 7.8 مليار نسمة من بني البشر ينتمون إلى شعوبٍ متنوِّعة، ولغاتٍ عديدة، ودولٍ متفرِّقة، وألوانٍ وأشكال وصور مختلفة، خلقهم الله تعالى من ذكر وأنثى وجعلهم شعوبًا وقبائل لحكمة ربَّانيةٍ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]؛ أي ليعرفَ بعضُكم بعضًا في قُرْب النَّسب وبُعْده، لا ليتفاخروا، فالمقصودُ من الاحتكاك هو التَّعرف على الآخر وما لديه مِنْ علم وحكمةٍ، وخبرة وتجربة إنسانية، وليْسَ التقاتل والتناحر، والتعارك والتشاجر، وإن كان التفاضل بينهم على أساس التقوى.والحقيقة أننا نعيش في عالم أصبح بحكم العولمة والتقنية الحديثة من الصعوبة فيه لأحدٍ أن يعيش بمعزلٍ عن الآخرين، بحيث يغلق عليه الأبواب والنوافذ ويبدأ البيات الشّتوي، إنَّه عالَمٌ تواصلت فيه البشرية بأساليب جديدة لم تخطر على بال السابقين، فتشابكت المصالح والحاجات، واختط الناس بعضهم ببعض في الآراء والطروحات والتقاليد والعادات. وربَّما السرُّ في سعة هذا العالم المترامي الأطراف الذي هو أكبر بكبير من تصوّر البشر وأحلامهم، أن نوسّع مستوى تفكيرنا، وعقولنا، وإدراكنا، وننطلق إلى آفاق رحبة، ولا ننظر للعالم من زاوية واحدة، أو بعين واحدة. عَنِ العدلِ لا تعدلْ وكنْ متيقِّظًا وحُكمُك بين النَّاسِ فليكُ بالقِسْطِ وبالرِّفقِ عاملْهم وأَحْسِنْ إليهمُ ولا تبدلنَّ وجه الرِّضا منك بالسَّخَطِ إنني أتأسف لحال بعض الشباب عندما أراه يغلق على نفسه الباب في هذا العالم الفسيح، ويعيش في دائرة ضيّقةٍ، وبتفكير سطحي، وبمنطق محدود، ورؤية عشوائيَّة ناتجة عن قلة الفهم والبصيرة، يحاولُ أن يفرض رأيًا واحدًا في مجالٍ يتَّسعُ لعدَّة آراء، وينظر من زاوية لموضوع يمكن النظرُ إليه من عدَّة جهات، وتزداد المشكلة تعقيدًا أن يرى رأيه هو الأصوب والأكمل والأنصح والأتم، وأنه لا يقبل المناقشة أو الرفض، وبدلًا من أن يقضي وقته في استيعاب وجهة نظر الطرف الآخر، فهو يقضي الوقت في النَّيل منهم، وكأنَّ لسان حاله يقول: وَقتلتُه بالقولِ لا بمُهنَّدِي *** والحربُ أحرَى أنْ تكونَ مقالَا ولا ريبَ أنَّنا لا نريدُ بذلك ثوابتَ الدِّينِ وقطعِيَّاتِ العقيدةِ التي تحدِّد هويَّةَ المسلم وتميِّزه عن غيرِه، إنَّما نقصد بذلك الانفتاحَ على الآخرين فيما هو مِنْ روحِ ذلك العصرِ ومُكتسباتِه مما لا يعارضُ العقيدةَ وثوابتِ هذا الدين الحَنيفِ. يا أخي الكريم، العَالَمُ شاسعٌ وعريض وسُكَّان الأرض ليْسوا عبارة عنّي وعنك، وعن بلدي وبلدك فقط، حتى نلزمهم برأي واحد، وننوب عنهم في كلِّ صغيرة وكبيرة، وليس بالضرورة أن يكون لنا رأي في كلّ شيء وفي كل موضوع ومجال؛ ونتفرّد بغريب الآراء حتى نحصل على إعجاب الناس وتقديرهم الأمر الذي ينافي الإخلاص والمتابعة. شمعة أخيرة: لا تحجِّر الواسعَ، ولا تخنق نفسَك بالنَّيلِ من الآخرين، ولاتكن من أبطال خندق العُجب والغرور، وكن هيّنًا ليِّنًا مَرِنًا، فالغصن القاسي ينكسر مع أول عاصفة، واعلم أن العالم يسعك ويسع غيرك، والحق عندك في مسألة وعند غيرك في مسألة أخرى. وكمْ مِنْ عائبٍ قولًا صحِيحًا *** وآفتُه من الفَهمِ السَّقِيم
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |