أبو الإلحاد في بلاد العجائب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-02-2020, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي أبو الإلحاد في بلاد العجائب

أبو الإلحاد في بلاد العجائب


هشام البوزيدي





حل الربيع فاكتست الطبيعة أزهى الحلل. أبو الإلحاد ملحد رومانسي يجل الطبيعة أيما إجلال، وهو لا يتحدث عن أخطائها وعيوبها إلا لإفحام المؤمنين، لكنه في قرارة نفسه متيم بها معجب أيما إعجاب. خرج ليقضي يوم عطلته الأسبوعية في إحدى المنتزهات العامة.

أخذ صاحبنا مكانه على بساط العشب الأخضر يلتحف السماء ويتملى فيها كأنها البحر الخضم في زرقته وبهائه. وفجأة حطت على أنفه دعسوقة فاكتملت فرحته فهي أحب الحشرات إليه. اجتهد أن يسكن كيلا تطير، نظر إليها وقال في نفسه:

"إني أغبطك أيتها الدعسوقة الحمراء الزاهية، فلو علمت كم أعاني من تطور هذه الخلايا الرمادية في جمجمتي لعلمت أنك أسعد مني وأحسن حالا، "آه يا دعسوقتي الحمراء المبرقشة، أنت تطيرين في خفة ورشاقة وأنا أدب على الأرض أنوء بهمي، فيا ليت لي حياتك فإني قد شارفت الجنون."

عندها أحس بدغدغة في أنفه، واجتهد أن يتمالك نفسه كيلا يعطس، لكن الأمر كان أكبر منه، ارتج المكان بصوت عطاسه وطارت الدعسوقة واعتدل أبو الإلحاد جالسا ونظر حواليه متفكرا:

"ما الذي ينقصني كي أكون سعيدا؟ كل ما حولي ينطق بالجمال، فلم تنخرني التعاسة؟" تساءل في نفسه:
"ما سبب سعادة الدعسوقة وهي أدنى مني في سلم التطور؟" طفق يتأمل الناس حتى وقع في نفسه أن سر السعادة يكمن في بناء مجتمع على غرار (المجتمع الدعسوقي)، فهو مجتمع متفتح كما توحي بذلك ألوانه النضرة، وهو مجتمع لا يعاني من الفكر الخرافي، لأنه لا يعاني الفكر أصلا، إنه مجتمع يستحق الدراسة بحق.

إنه يحلم بيوم ينطلق فيه المجتمع البشري نحو السعادة فيرفرف بأجنحة العلم في فضاء التنوير. تأمل الفرق الشاسع بين الخنفساء السوداء البغيضة إلى قلبه وبين الدعسوقة ذات الألوان الزاهية، وتساءل:
"لماذا أخفقت الخنافس السوداء في تطوير التفاعلات الكيميائية المناسبة لتلتحق برفيقاتها الحمراء الفاتنة؟"

بدأ يقرأ مقالا حول مراحل تطور الحمير، قرأ فيه أن آخر الأبحاث ترجح أن الحمير طورت الحوافر حتى تتغلب على عدو لدود في فترة متأخرة من الزمن الكمبري. يقول البروفيسور (هانس إيزل) إن نوعا من القنافذ البدائية كان يملأ الموطن الأصلي لأسلاف الحمر الموجودة اليوم، وينغص عيشها، فقد كان يتخفى بين الأعشاب بأشواكه المدببة التي كانت في صلابة الفولاذ، فكانت تخترق قوائم أسلاف الحمر البائدة وتنفد أحيانا إلى مخ سوقها. وبعد معاناة دامت أجيالا متعاقبة منكوبة، يتعرض عدد كبير منها إلى العاهات وبتر الأطراف، اكتشفت بعض الحمير المتفوقة داروينيا آليات الانتخاب الطبيعي، فقامت -بطريقة لا تزال مجهولة لنا- بتيبيس أطراف قوائمها، مما أدى إلى ظهور الحوافر. وقامت بتوريث هذه الأحذية العملية إلى الأجيال اللاحقة. أما الحمير التي لم تستوعب ضرورات المرحلة فإنها انقرضت غير مأسوف عليها بعدما عاشت عرجاء مشوهة.

قرأ كذلك عن سر جلود الحمر الوحشية المخططة. لقد سره كثيرا أن يقرأ أنها كانت تتعرض باستمرار لأشعة الشمس المحرقة، فكانت تلوذ في فترة الظهيرة بظلال الأشجار، فكانت الأجزاء التي تتسلل إليها أشعة الشمس -عبر الأغصان التي قامت الزرافات بتعريتها من أوراقها- تتحول تدريجيا من السمرة إلى السواد، والأخرى المظللة تبيض شيئا فشيئا حتى اكتست الحمر الوحشية بتلك الحلل الزاهية التي نراها اليوم. إن الحمر المخططة تدين بجلودها الجذابة إلى ولع أسلافها بالحفاظ على القيلولة اليومية. أما الحمر الأهلية التي التحقت بالإنسان في الحقول والبيادر، فإنها حافظت على جلودها الأصلية، لأنها حظيت بظروف عازلة للحرارة في الزرائب المسقوفة. صاحب المقال يؤكد أن هذا التطور استغرق ملايين السنين. تفكر أبو الإلحاد في هذه النقطة المحورية، واستغرب من استصغار المتدينين للقدرات الخلاقة التي يتحلى بها الزمن واستخفافهم بآليات الانتخاب الطبيعي والنتائج التراكمية للصدفة العلمية. بالنسبة له فالقضية محسومة لكنها لسوء حظ المتدينين لا تفهم إلا من داخل شرنقة الإلحاد الضيقة.

تذكر حين رد على متدين في إحدى مناظراته قائلا:
"عزيزي، أنتم تؤمنون بالخلق، وتعتقدون أن الكون وما يعج به من أشكال الحياة خرج للوجود طفرة واحدة، وهذا أمر عجيب، ثم إنكم تنكرون نظرية التطور وهي أرقى ما توصل إليه العقل البشري، إنها تدرس في أرقى جامعات العالم، وأنا أقول لك: أعطني قليلا من الهليوم وشيئا من الهيدروجين و قدرا معقولا من الطاقة وأعطني كثيرا من الوقت لتختمر هذه المكونات المادية في أتون الصدفة التراكمية التي تقوم بعملية انتخاب طبيعي مستمرة، وسترى أن نشأة الكون مسألة مفهومة نسبيا، كل ما هنالك أنها تحتاج لبلايين السنين، لذا يا عزيزي لن يكون هنا أحد حتى يشهد على عبقرية وإعجاز الطبيعة."

غاص أبو الإلحاد في تأملاته الداروينية وأغمض عينيه لتنفتح صفحة عالمه الداخلي العجيب.

وصل إلى مرج خصيب تنعكس أشعة الشمس على صفحته اليانعة، فتتلألأ الأزهار الملونة كأنها مصابيح كاشفة، أحس بالتعب، فسار إلى جدول قريب وانتصب على أربع وكرع كالدابة ماء لم يعرف لمذاقه مثيلا، بحث عن ظل فرأى تلا بارزا قرمزي اللون تظلله الأشجار، عجب للونه ثم صعد إليه وجلس يستغرب مما يراه. ندم أنه لم يأخذ معه الكاميرا. إن جزر جالاباجوس تبدو بالقياس إلى هذا المكان كالصحراء القاحلة.

نظر حوله فرأى مخلوقات غريبة، رأى حيوانا نصفه دب ونصفه حوت، لا بد أنه الدب اللبيب الذي ذكره أبو الطفرات دارون، ذلك الدب الألمعي الذي فطن للمخزون الاستراتيجي الهائل الذي تتمتع به المحيطات، فقرر القيام بعملية تحول داروينية بطيئة ومعقدة. ترى هل كان يعلم أننا نعيش فوق كوكب أزرق تغمره المياه إلا قليلا، فترجح لديه أن الماء خير من الطين؟ لست أدري لكنه هناك ما أجمله، إن لوحات سالفادور دالي تبدو باهتة تافهة كخربشات الأطفال قياسا إلى هاته التحفة الداروينية اليتيمة.

رأى مخلوقا غريبا يشبه الغزال ويفوقه حجما يعدو بأقصى سرعة ليفر من سبع ضار له رأس أسد وجسم ضبع، فقفز الغزال الضخم ولم ينتبه إلا و عنقه معلق بين أغصان شجرة ملتفة الفروع فظل هكذا متدليا يتأرجح، حتى يئس المطارد من الطريدة، فانسل خائبا حزينا، حينها شرع الحيوان الغريب يتأرجح يمنة ويسرة، وبدأ عنقه يتمدد حتى صار ثلاثة أضعاف حجمه، ثم احتال حتى خلص نفسه. الآن تبين أبو الإلحاد هذا الصنف، إنها زرافة، "لقد أخطأت يا عم دارون، إن عنقها تطور فطال، لكن الأمر بخلاف ما توهمت، يا ليتني حملت معي ما أصور به هذه الاكتشافات العلمية الباهرة."

بدأ يسير فوق ذلك التل القرمزي ويتأمل محيطه العجيب، فكان يرى كل مرة عجائب تفوق قدرته على التخيل، وبينما هو كذلك شاردا متفكرا إذ أحس بالأرض تهتز تحت أقدامه فجثا على أربع مستمسكا بذلك العشب الذي لم ير للونه مثيلا، ثم شعر أن التل يعدو به في سرعة هائلة، ثم أبصر أمامه رأسا عظيمة تهتز، حينها كاد يغشى عليه، إنه انطلق لتوه في جولة سياحية أسطورية على متن (تورياساوروس) عملاق، حاول أن ينظر أسفل منه فأصيب بالدوار. خيل إليه أنه يطل من الطابق الثاني من العمارة التي يسكنها، لا مجال لمغادرة هذا المركب الهائج، فليستمسك بأقصى قوته. مضت ساعة والديناصور الضخم يقطع به الأرض، لم يتصور أن دابة بهذا الحجم تقوى على العدو بهذه السرعة. كان يرفع بصره في كل مرة فيرى أغصان الأشجار كأنها رماح مصوبة إلى رأسه، فيخفيه مرة أخرى في وبر المركب القرمزي. وفجأة بدت له جبال شاهقة، تتخللها الشقوق والمغارات، فخطر بباله أنه يوشك أن يصبح وجبة عشاء دسمة دافئة لصغار التورياساوروس، إن الديناصور يعدو بالفعل كأنه سائق أحد مطاعم البيتزا يحاذر أن تبرد بضاعته. شعر بالرعب الشديد، فهو لا يريد مثل هذه الموتة، صحيح أنه فكر مرات كثيرة بالانتحار، لكن تصوره للديناصورات الصغيرة تحيط به وتقضم أطرافه بأسنانها الحادة جعله ينتفض في مكانه جزعا. فهو يريد أن يموت يوم يموت موتة رحيمة.

التفت حوله وجرظ بريقه وودّ لو أنه كان مؤمنا فيستغيث بإله يدعوه ويتضرع إليه لينجيه، لكن الإلحاد حرمه من الإيمان بإله لا يدرك بالحس، لكنه في ورطة، وقد بان ضعفه واشتدت فاقته، إنه لم ير إلها حقيقيا يعتد به الزملاء المتنورون سوى (وحش السباجيتي الطائر) فاستجمع قلبه وأغمض عينيه وانبطح على بطنه ودعا بصوت خافت منكسر:

"مولاي وعدتي، عبدك المتنور لم يبق له سواك، سيدي وحش السباجيتي الطائر، انقطعت حيلتي وظهر لك فقري، فأدركني..." حين فتح عينيه لم يصدق أن وحش السباجيتي جاء بالفعل يحلق في هيبة يكاد يسد الأفق بأجنحته البيضاء، إن الزملاء كانوا على حق، اقترب منه حتى كاد يلمسه، وظن أن الفرج قد جاءه، ومد يده ليتعلق بإله المتنورين ليطير به بعيدا عن فكي هذا الوحش الكاسر. لكن الديناصور لم يعبأ به، بل فتح فاه كأنه يتثاءب فخرج منه دخان كثيف كريه الريح، فشرع وحش السباجيتي يذوب كأنه قطعة زبدة فوق المقلاة، وبدأت أطرافه تساقط كأنها قطع من عجين، تذكر أبو الإلحاد آلهة اليونان التي كان يقاتل بعضها بعضا كما تتقاتل الوحوش الكاسرة، وشعر بالصدمة لعجزه وعجز إلهه المعجون، ماذا يفعل الآن هل يدعو الديناصور ويتضرع إليه بعدما قهر إلهه الإلحادي؟ عندها أحس بنفسه كأنه يسبح في بركة من ماء، لقد عرق كأنه ملاكم في الجولة الأخيرة، بعدما قضى زمان كابوسه على ظهر ديناصور عداء.


لقد عاد أبو الإلحاد من رحلة إلى العصور الغابرة، تجول فيها بين الأشجار الغريبة الباسقة، ورأى الحشرات والطيور والحيوانات قبل أن تتطور، لقد ازداد يقينا بصدق نظرية التطور، وفهم صدق العلماء المتنورين في تأكيدهم أن الإنسان لم يعاصر الديناصورات أبدا، لقد استيقن ذلك، فمن من البشر يطيق جوار تلك الشياطين العملاقة؟ بدأ تنفس صاحبنا ينتظم وبدأت أفكاره تهدأ فاعتدل قائما، نظر حوله في المتنزه فلم ير أحدا، كانت الشمس توشك على المغيب، فمضى إلى بيته يجر أقدامه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.90 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]