|
|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أعيدوا إلي أبي (قصيدة تفعيلة)
أعيدوا إلي أبي (قصيدة تفعيلة) للشاعر طاهر العتباني رحمه الله أعيدوا إليَّ أبي أعيدوا إليَّ أبي أعيدوا الصباحَ إلى وَجْههِ والنسيِمْ أعيدوا العناقيدَ في وَجْههِ حين يُشرق في جبهةِ الليل هذا الألمْ أعيدوا المصابيحَ في دَرْبهِ حين يأتي مساءً بهذي السماحةِ في قَلْبهِ وانشراحِ الصدورِ إلى صَوْتِهِ المرتَسِمْ أعيدوا إليَّ أبي فهو وجهي الذي خَبَّأتهُ الليالي فما بالها لم تَدُمْ وَهْو هذي الطيور على شاطئ النهرِ عِنْد الصباحِ وعند الغروبِ وعند انهمارِ الخرير على ساحة الأرضِ وَهْوَ مرور العبير وَعَزفُ النَّسَمْ أعيدوا إلىَّ أبي فالدفاتر محزونَةٌ والكتبْ والأرائك محزونةٌ والطُّنُبْ والصحيفةُ تلك التي كان يقرؤها في الصباحِ وكوبُ العصيرِ الذي يحتسيهِ هنا لمْ يزلْ يَنْتَحِبْ أعيدوا إليَّ أبي هلْ تراني أعرفُ ماذا يقاسي هناكَ؟ وماذا يدور بأضلاعه حينما يتذكرنا وَهْو يدخل في كل يومٍ علينا بهذي اللعبْ أعيدوا إلىَّ أبي أعيدوا الأذانَ إلى مَسْجدٍ كان فيه يصلِّي أعيدوا الركوعَ السجودَ الدعاءَ الخشوعَ بجوف السَّحَرْ أعيدوا انهمارَ المطرْ أعيدوا الثمار التي كان يأتي مساءً بها حين يطلع في بيتنا كالقَمَرْ أعيدوا إلىَّ أبي فالطريق إلى حجرة الدرسِ تسألني عن أبي والطريق إلى البيت يسألني عن أبي والشوارع حين أمر على أرضها قهرتها خطى الظالمِ المرْعِبِ والمدينةُ هذي التي خرس الناسُ فيها لصوتِ الخؤونِ الغبي والطريق إلى صاحبي والطريق إلى ملعبي والورودُ على شاطئ النَّهْرِ (إذْ كان يأخذنا بين وقتٍ وآخرَ نلعبُ منذ الصباح إلى المغربِ) (وإذا ما اختبأْنا ففي حفنهِ حين يغضبُ منا ففي حفنهِ نختبي). ♦ ♦ ♦ أعيدوا إليَّ أبي أعيدوا إليَّ أبي كان يحكي لنا قصةً في المساءْ حين نلتفُّ من حَوْلهِ في ليالي الشتاءْ ويقول: استعدُّوا وبَعْد العِشاءْ نَتَحلَّقُ حَوْل الطعامِ لنمزجَهُ بالسرورِ وحينًا لنمزجَهُ بالبكاءْ أعيدوا إليَّ أبي فَهُوَ هذا الذي علَّم الأرضَ ألَّا تهونَ، وألا يروِّضها الأغبياءْ وَهْوَ هذا الذي يرفض الانحناء أعيدوا إليَّ أبي فالعصافير في شرْفةِ البيتِ تسألُ عَنْهُ وهذي الشجيرةُ حين تهدهدُ أفرعها نسماتُ الهواءْ والسماءْ تكتم الحزنَ في الصَّدْر من أجلهِ والنجومُ إذا جاء وَقْت المساءْ أعيدوا إليَّ أبي فهو هذا الذي رسم الكبرياء فوق كرَّاستي طائرًا لا يكفُّ عن الشَّدْوِ في قَفصٍ من غناءْ وهو هذا الذي كان يحكي لنا عَنْ زمانٍ مَضَى كانت الشمسُ تطلعُ في كل يومٍ به لتَعُمَّ الفَضاءْ كانت الأرضُ تزدانُ بالضَّوْءِ والكستناءْ كان يحكي لنا عن زَمانٍ مَضَى والدموع تقافَزُ ما بين عَيْنيهِ والليل يوغل في ظلمهِ والشقاء أعيدوا إليَّ أبي فهو هذا الذي كان يحكي لنا عن زمانٍ سيأتي تَعُود المآذِنُ فيه إلى قَلْب هذي المدينةِ شامِخَةً بالدعاءْ أعيدوا إليَّ أبي فَهو الذي كان يمزج أحزانَهُ بالصلاةِ وأفراحه بالزكاةِ وأتراحَهُ بالإباءْ وَهْو هذا الذي كان يعرفُ أن الطريقَ طويلٌ وأن المسيرَ مَضَاءٌ وأن الوقوفَ هَبَاءْ أعيدوا إليَّ أبي أعيدوا إليَّ النهارْ أزيحوا الغيومَ عن الصَّحْوِ لن يكتب الليل حين يغيْبُ في جوفهِ عن أبي غَيْرَ هذي الحروف التي امتزجتْ بالضياءْ أعيدوا إلىَّ أبي أعيدوا إلىَّ أبي.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |