مقومات بناء الشخصية العلمية لقارىء القرآن الكريم ومقرئه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         السيول والأمطار دروس وعبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          مضى رمضان.. فلا تبطلوا أعمالكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          فضل علم الحديث ورجاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الترهيب من قطيعة الرحم من السنة النبوية المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          لمحات في عقيدة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          عقيدة الشيعة فيك لم تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          شرح حديث: تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أدومه وإن قل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-05-2019, 10:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي مقومات بناء الشخصية العلمية لقارىء القرآن الكريم ومقرئه

مقومات بناء الشخصية العلمية لقارئ القرآن الكريم ومقرئه



ياسر سرحان الديب

استفاضت نصوص الكتاب والسنة لدى العلماء وكثرت بينهم، في تحذيرهم من تكفير المعين بلا دليل أوضح من شمس النهار؛ لأن نتيجته الواقعية سيئة، سواء أكانت بالأقوال أم بالأفعال, ومن أصول أهل السنة حسن الظن وحسن الرجاء لأهل القبلة أمواتاً وأحياء.

إن من أجلّ الأعمال وأعلاها قدرا تعليم كتاب الله -تعالى- وتعلمه، وهذا يقتضي اتصاف القائم به بصفات تؤهله لإتقان هذه المهمة النبيلة؛ ولذا فقد قمت بجمع بعض هذه الصفات تذكرة لنفسي وإخواني وأبنائي من مقرئي كتاب الله -تعالى- ومقرئيه لعل الله -تعالى- يزكي أعمالنا، ويرفع درجتنا في الدنيا والآخرة، وسنتناول قارئ القرآن الكريم ومقرئه وصفاته الذاتية، والعلمية، والتربوية التي تؤهله للمشاركة بمقومات شخصية تميزه في درب خيرية تعلّم القرآن وتعليمه، وسنتناول في هذه الحلقة فضل تعلم القرآن وتعليمه، وعناية السلف به وحرصهم على علو الإسناد.

إن حفظ القرآن شرف عظيم، ومنزلة رفيعة، يتسابق إليها الصالحون، ويتقاعس عنها المتقاعسون، إن أعظم ما تصرف إليه أعنة التأمل، ويميل به حب القلوب، كيف يتأمل كتاب الله؟ فلم تزل نفحاته تتعطر، ورشحات فضائله تتقطر؛ فطوبى لمن اشتغل به، وعاش بين أنواره وأسراره، يقتنص الفرص، ويحصل الفوائد، ترى على وجهه نور القرآن، وتحس من قلبه وكلامه سكينة كلام الرحمن، لا يختم ختمة إلا ليبدأ أخرى. ولله در الإمام الشاطبى يوم يقول:

ومَنْ شَغَلَ الْقُرْآنُ عَنْهُ لِسَانَهُ

يَنَلْ خَيْرَ أَجْرِ الذَّاكِرِينَ مُكَمَّلاَ

وَمَا أَفْضَلُ الأَعْمَالِ إِلاَّ افْتِتَاحُهُ

مَعَ الْخَتْمِ حِلاًّ وَارْتِحاَلاً مُوَصَّلَا


وهو بين افتتاحه وختمه يعيش في رياض يانعة، وحدائق ماتعة، يهب عليه من الوجد والسرور ما يكاد القلب أن يطير معه حبا وشوقا وأنسا؛ فلا تسل عن لذته وفرحته، ومتعته وسلوته وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته وعلى قدر إتقانهم يكون قربهم من ربهم .

أشرف العلوم وأعلاها

وتعليم القرآن وتعلمه من أشرف العلوم وأعلاها منزلة، والمشتغلون به داعون إلى الخير، وأعظم الخير نشر العلم وأفضل العلم كلام الله -عز وجل-، وهم مثابون مأجورون -بإذن الله عز وجل-؛ وذلك لأن نفع تعليم القرآن من النفع المتعدي الدائم الذي يثاب عليه صاحبه ولو بعد مماته، عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من علَّم علمًا فله أجر من عمل به، لا ينقص من أجر العامل؛ ولهذا فقد حرص الصالحون من عباد الله والراغبون في الخير على تعلم القرآن وتعليمه؛ فاستثمروا في ذلك أوقاتهم، وعمروا به مجالسهم، وبذلوا جهودهم من أجله، والأمثلة على أقوالهم وأحوالهم في ذلك كثيرة.

تفضيل تعليم القرآن وتعلمه

بل إن من العلماء مَنْ فَضَّل تعليم القرآن وتعلمه، وقدَّمه على الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام؛ فقد سئل الثوري عن الجهاد وإقراء القرآن أيهما أفضل؟ فرجح الثاني


محتجًا بالحديث خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه، وإن الله -تعالى- قد مَنَّ على الأمة الإسلامية بخصائص وفضائل لم تُعطَ لأحدٍ من الأمم السابقة، ومن ذلك ما أكرمها الله وشرَّفها وفضَّلها بالإسناد؛ فهذه الأمة مِيزَتْ عن غيرها من الأمم بالإسناد أو الإجازة، سواء كان ذلك في القرآن، أم في الحديث، أم في العلوم الشرعية الأخرى.

علو السند

وأشرف ما ينبغي أن يحرص عليه حامل القرآن هو علو السند وهو: تقليل عدد الوسائط بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو المصباح وكلما اقتربت من ضوء المصباح، كان أشرف لك؛ فلذلك كان العلماء يحرصون على الأسانيد العالية، ويبذلون حر المال في سبيل تحصيل هذه الأسانيد، وهذه مقتبسات من كلام أئمة أهل العلم في فضل علو السند، قال الإمام الطوخي: قرب الأسانيد قرب إلى الله -سبحانه وتعالى-، وقال الحافظ يزيد بن زُرَيْعٍ -رحمه الله تعالى-: لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد، وقال الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: طلبُ علوِّ الإسنادِ من الدين.

وقال ابن كثير في الباعث الحثيث: ولمَّا كان الإسنادُ من خصائصِ هذه الأمة؛ وذلك أنه ليس أمَّةٌ من الأمم يمكنُها أن تسندَ عن نبيِّها إسنادًا متصلاً غير هذه الأمة؛ فلهذا كان طلب الإسناد العالي مرغَّبًا فيه، وكما قال الإمام أحمد بن حنبل: «الإسناد العالي سنة عمَّن سلف، وقيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: «بيت خال، وإسناد عال؛ ولهذا تداعت رغبات كثيرٍ من الأئمة، والجهابذة، والحفَّاظ، إلى الرحلة إلى أقطار البلاد طلبًا لعلو الإسناد، وعلو الإسناد أبعدُ من الخطأ، والعلةِ من نزولِه».

طلب السند

ولا شك أن طلب السند في قراءة صحيحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر محمود شرعًا، كيف لا؟ وقد جاء عن بعض السلف -رحمهم الله تعالى- الرحلة في طلب الحديث، أفلا تكون الرحلة في طلب سند صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة صحيحة أمرًا محمودًا؟

طلب الإجازة من غير متقن

ولكن يعيب في هذا الشأن طلب الإجازة القرآنية من غير متقن؛ فيتعلق صاحبها بالسند دون قراءة صحيحة، وبعبارة أخرى عينه الأولى على المقرئ، والعين الأخرى على الإجازة، وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.

ويجب التنبيه إلى أن الإجازة القرآنية طريق لإتقان القرآن الكريم، ولكنها ليست شرطًا فيه، كما أنها ليست شرطًا للتصدر للإقراء؛ إذ كم من حاصل على الإجازة القرآنية في قراءة، أو أكثر وقراءته يشوبها قليل، أو كثير من اللحون الجلية، فضلًا عن اللحون الخفية.

أفضل المراكز

وإن من أفضل المراكز التى تهتم بالأسانيد والإجازات القرآنية في دولة الكويت -حفظها الله- هو مركز الإمام بن الجزرى للحلقات والأسانيد القرآنية، الذى نشرف ونفتخر بالانتساب إليه مع هذه الثلة المباركة من أهل القرآن، ونشكر القائمين عليه، وندعو الجميع بشرف الالتحاق به والحرص على ذلك، مع التحلى بخلق أهل القرآن، وبالحصول على الإجازة في كتاب الله -تعالى- حتى يكون القارئ قد اتصل إسناده بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ومنه إلى جبريل الأمين، ومنه إلى رب -العزة والجلال- وهذا شرف عظيم وخير عميم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-05-2019, 10:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقومات بناء الشخصية العلمية لقارىء القرآن الكريم ومقرئه

مقومات بناء الشخصية العلمية لقارئ القرآن الكريم ومقرئه(2)



ياسر سرحان الديب





قلنا في مقال سابق: إن من أجلّ الأعمال وأعلاها قدرًا تعليم كتاب الله -تعالى- وتعلمه، وهذا يقتضي اتصاف القائم به بصفات تؤهله لإتقان هذه المهمة النبيلة؛ ولذا فقد جمعت بعض هذه الصفات تذكرة لنفسي وإخواني من مقرئي كتاب الله -تعالى- لعل الله -تعالى- يزكي أعمالنا، ويرفع درجتنا في الدنيا والآخرة، وسنتناول قارئ القرآن الكريم ومقرئه وبعض صفاته التي تؤهله للمشاركة بمقومات شخصية تميزه في درب خيرية تعلّم القرآن وتعليمه، وسنتناول في هذه الحلقة أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها قارىء القرآن ومقرئه ألا وهي: إخلاص النية لله -تعالى.

فإن من أهم الأمور التي يجب على كل مكلف أن يأخذ نفسه بها، ويقيم أعماله عليها؛ إخلاص القصد لله في سائر أحواله الظاهرة والباطنة، بل هي أهمّ قاعدة في هذا الموضوع، وفي كل موضوع؛ وذلك أن الإنسان إذا عَمِل عملاً لا يبتغي به وجه الله - تعالى - فإن هذا العمل يكون مُحبَطًا، قال الله -تعالى-: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (سورة الزمر:65). إذا أخلص المرء لله لا يتعثر في سيره، وأُعطي توفيقاً بقدر ما في قلبه من الصدق والإخلاص، فالحذر الحذر أن تبتغي بالقرآن جاهًا، أو وجاهة، أو ارتفاعًا فوق الناس، أو إمامة للصلاة، أو أن يشار إليك، ويقال: هذا قارئ، أو أن يكون سبيلاً لتحصيل مال، أو أي عرض من أعراض الدنيا.

قال النووي -رحمه الله-: ينبغي ألا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك، ولا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالا أم خدمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه، قال الله -تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (سورة الشورى:20).

الحذر من أمراض القلوب

وليحذر المقرىء كل الحذر من الرياء والحسد والحقد والغيبة واحتقار غيره، وإن كان دونه؛ فقد روي عن الإمام أبي الحسن الكسائي أنه قال: صليت بالرشيد فأعجبته قراءتي؛ فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبي قط، أردت أن أقول: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (آل عمران: 62) فقلت: لعلهم يرجعين! قال: فوالله ما اجترأ هارون أن يقول لي أخطأت، ولكنه لما سلمت قال لي: يا كسائي، أي لغة هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد! قال: أما هذا فنعم.

فالإخلاص هو: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، وعن حذيفة المرعشي -رحمه الله تعالى- قال: الإخلاص استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن، وعن الفضيل بن عياض - رضي الله عنه - قال: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهم.

من أجل القرب

ومما لامراء فيه أن تعليم القرآن الكريم من أجل القرب وأعظمها أجراً، حتى فضله بعض السلف على الجهاد في سبيل الله؛ فمن مقتضى هذه العبودية في هذا العمل أن تُجرد النية لله في تعلمه وتعليمه، فلا أجر ولا ثواب لمن قرأ القرآن وحفظه رياءً أو سُمعة، ولا شكَّ أن من قرأ القرآن مريدًا الدنيا طالبا به الأجر الدنيوي، فهو آثم، وممن تسعَّر بهم النارُ في الآخرة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن تعلَّم علمًا مما يُبتغَى به وجهُ الله - عز وجل - لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجدْ عَرْف الجنة يوم القيامة» يعني: ريحها، وقال محمد بن واسع: «إذا أقبل العبد بقلبه على الله، أقبل الله بقلوب العباد عليه». ولعظم هذا الأمر وأهميته تمنّى ابن أبي جمرة الأندلسي: على أهل العلم أن يتفرغ بعضهم لهذا الموضوع، كي يعلم الناس مقاصدهم، فقال: «وددت أنه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أتي على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك».

مرض خطير

ومما ينبغي التنبيه عليه أن بعض القراء يكره أن طلابه يقرؤون على غيره ممن ينتفع بهم، وبين ذلك الإمام النووي بقوله: «وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته، وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله -تعالى- الكريم؛ فإنه لو أراد الله -تعالى- بتعليمه لما كره ذلك، بل قال لنفسه: أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت، وهو قصد بقراءته على غيري زيادة علم، فلا عتب عليه»، وقد ورد عن الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - أنه قال: «وددت أن الخلق تعلَّموا هذا العلم - يعني علمه وكتبه - على ألا ينسب إليَّ حرف منه».

جمع المال

وكذلك نرى أن بعضهم يكون شغله الشاغل جمع المال وتحصيلة وذلك مما يؤثِّر على سمعة المقرىء ومكانته، ولاسيما إذا اتخذ التعليم والإقراء وسيلةً للحصول على مكاسبَ شخصية ودنيوية؛ فينبغي على من أكرمه الله بهذا الشرف العظيم ألا ينزل إلى ذاك الحضيض من المستوى في التفكير، بل قد وصل الأمر ببعضهم أنه يتعامل مع طلابه بطريقة البيع والشراء فيضع مبلغا للسورة والسورتين والجزء والجزئين والختمة والختمتين وللإجازة والسند ويعلنها صراحة على وسائل التواصل فيقول من يريد إجازة أو أي شيء! وهذا مما عمت به البلوى وإنا لله وإنا إليه راجعون.

قال الحافظ السيوطي - رحمه الله -: «ما اعتاده كثير من مشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مال في مقابلها لا يجوز إجماعًا، بل إن علم أهليته وجب عليه الإجازة أو عدمها حرم عليه، وليست الإجازة مما يقابل بالمال، فلا يجوز أخذه عنها ولا الأجرة عليها.

أخذ المال من غير مسألة

أما من كان متعففا مخلصا لله -عز وجل- وعُرض عليه شيء فلا بأس ولا حرج أن يأخذ هذا المال من غير مسألة، ولا إشراف نفس؛ فقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء، فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: «خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله، ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه».

صاحب حاجة

ولكن قد يستثنى من هذه القاعدة مَن كان صاحب حاجة شديدة أو ظروف خاصة، فقد قال ابن مفلح - رحمه الله -: «وفي البخاري عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن كنتُ لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني، قال ابن هبيرة: فيه دليل على جواز محادثة الرجل بشيء من الذِّكر والقرآن لقصدٍ يقصده الإنسان يستجلب به نفعًا له، أو يدفع به ضرورةً».

بل قد أوجب المصنف على العالم إذا لم يكن لديه مالٌ يقتات منه: أن يتكسَّب، كيلا يذلَّ نفسه لطلاب الدنيا، أشار إلى ذلك المصنف فيما نقله عن ابن الجوزي - رحمهما الله - فقال: قال ابن الجوزي: «فإذا اتفق للعالم عائلة، وحاجات، وكفت أكف الناس عنه، ومنعته أنفَتُه من الذل هلك، فالأولى لمثل هذا العالم في هذا الزمان المظلم أن يجتهد في كسبٍ إن قدر عليه، وإن أمكنه نسخ بأجرة، ويدبر ما يحصل له، ويدخر الشيء لحاجة تعرض لئلا يحتاج إلى نذل».

التعليم على ثلاثة أوجه

ونقل العلامة السيوطي عن أبي الليث السمرقندي، أنه قال: التعليم على ثلاثة أوجه:

- أحدها: للحسبة، ولا يأخذ به عوضًا.

- والثاني: أن يعلم بالأجرة.

- والثالث: أن يعلم بغير شرط، فإذا أهدي إليه قَبِل.

فالأول مأجور، وعليه عمل الأنبياء، والثاني مختلف فيه، والأرجح الجواز، والثالث يجوز إجماعًا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معلمًا للخلق، وكان يقبل الهدية.

استشعار معنى الإخلاص

فعلى المسلم أن يدرك أهمية أن تكون أعماله وأقواله خالصةً لله -تعالى-، وأنّ الإخلاص شرطٌ لقبول الأعمال، وأن يستشعر معنى الإخلاص في حياته. وذلك بأن يكون همّ الإنسان أولاً وآخراً ابتغاء رضا الله، ويقصد في عمله وقوله الفوز بالآخرة، وبجنّات النعيم، وأن يبتعد عن التفكير في الدنيا ومتعها، بل يتجّه نحو الآخرة ونعيمها.

الامتناع عن التعليم

ولكن هل يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية؟

قال العلماء -رضي الله عنهم- ولا يُمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية؛ فقد قال سفيان وغيره: طلبهم للعلم نية، وقالوا: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله، معناه كانت غايته أن صار لله -تعالى-. فالإخلاص في التعليم والإقراء صفة مهمة بأن يعمل المعلم لإرضاء الله -تعالى-، على خوف من الله، يبتغي رضوان الله، ويجتهد في عمله ليس لإرضاء عين الرقيب، إنما إرضاءً لله -تعالى- ليمسِّك الناس بالكتاب، ويحببهم إليه، ويحملهم على حسن الأدب معه، وجودة تلاوته.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.26 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]