|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حَجُّ القلوبِ وسِرُّ النُسك
حَجُّ القلوبِ وسِرُّ النُسك الحج ركنٌ من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائره العظام، وعبادة اجتمعت فيها العديد من الحِكم والنفحات، والفوائد والتجليات، والأسرار والروحانيات، والمنافع والعظات، وموسمٌ استثنائي من مواسم الخيرات، والمنافسة في الطاعات، وتحصيل البركات، وتكثير الحسنات وتكفير السيئات. بعيداً عن صفة الحج وأنواع النسك وتفاصيلها، وما يتعلق بها من شروط وأركان وواجبات ومستحبات ومنهيات ومحظورات، فقد أطنب العلماء والفقهاء فيها وأكثروا من المؤلفات والتصنيفات، والأكثر يحرصون ويهتمون بأعمال البدن والهدي الظاهر مع أهميتها، ولكن أعمال القلوب مقدمة على أعمال الجوارح؛ لذلك سأركز في حديثي وأسلط الضوء على قضية غاية في الأهمية، لها ارتباط في المقصد الأسمى والغاية العظمى، لهذه الفريضة والقُربة، بل هي غاية جميع العبادات وروحها وثمرتها، ومن دقائق الأسرار والمقاصد التي ينبغي أن يتفطن لها الحجيج ومن باب أولى الدعاة والمصلحون والمرشدون في حملات الحج.تحقيق التقوى إن تحقيق التقوى التي محلها القلب، هي غاية كل غاية، وثمرة كل عبادة، ومقصد كل طاعة وقربة، قال -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(البقرة:21).والتقوى باختصار: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وسخطه وغضبه وقاية، والتقوى تخلية وتحلية، والتخلية بالترك مُقدمة على التحلية بالفعل؛ لذلك فإن الصحابة - رضوان الله عليهم- التزموا كلمة التقوى «لا إله إلا الله» وأثنى الله عليهم بقوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا}(الفتح:26)، وكلمة التوحيد فيها نفي وإثبات، وتخلية وتحلية، وترك وفعل، قال -تعالى-: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}(البقرة:256). حكمة الصلاة وثمرتها اجتماع العبادات - فمن العبادات القلبية: الإخلاص والمحبة والتوكل والخوف والرجاء والتعظيم والخضوع والافتقار والتوبة والإنابة والخشوع والرضا والصبر وغيرها. - ومن العبادات المالية: الذبح والصدقات والنفقات. - ومن العبادات البدنية: الصلاة والطواف والسعي. - ومن العبادات القولية: الذكر والدعاء وتلاوة القرآن والاستعانة والاستغاثة. الثمرة الجامعة للطاعات والعبادات يقول ابن القيم في مدارج السالكين (1/340): «فَإِنَّ الْأَعْمَالَ لَا تَتَفَاضَلُ بِصُوَرِهَا وَعَدَدِهَا، وَإِنَّمَا تَتَفَاضَلُ بِتَفَاضُلِ مَا فِي الْقُلُوبِ، فَتَكُونُ صُورَةُ الْعَمَلَيْنِ وَاحِدَةً، وَبَيْنَهُمَا فِي التَّفَاضُلِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالرَّجُلَانِ يَكُونُ مَقَامُهُمَا فِي الصَّفِّ وَاحِدًا، وَبَيْنَ صَلَاتَيْهِمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ». ويقول ابن القيم في بدائع الفوائد (3/193): «من تأمل الشريعة في مصادرها ومواردها، علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع من دونها، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح». الحج حجّان ولكل عبادة وقربة وفريضة أثر عظيم في تقويم الأخلاق وتهذيب النفوس وإصلاح القلوب، وسرُّ النُّسك وجوهرة الحج ودُرَّة الشعائر، في كبح جماح النفس عن التمادي في غيها وشهواتها، وكسر جمود القلب وقسوته في سرعة الاستجابة والانقياد لأحكام الشريعة. الحج مدرسة كبرى الحج المبرور ومن إشارات معاني الترك والإقلاع والاجتناب والتخلية، المترتبة على أفعال الحج التي قد يغفلها كثير منا، ما ورد في القرآن وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر، مع أهمية التأمل والتدبر لكل ما يتعلق بهذه المناسك والأحكام: (1) نبذ الشرك بجميع مظاهره قال -تعالى-: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}(الحج:26)، فذكر الله -سبحانه- بأن أعظم مقصد من بناء البيت والحج إليه، نبذ الشرك بجميع مظاهره، وتطهير البيت من الظلم والفواحش والفسق وجميع الخصال السيئة، قال ابن عاشور (17/241): وَالْمَعْنَى: وَأَمَرْنَاهُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَبَعْدَ أَنْ بَنَاهُ قُلْنَا لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ، فإن أعظم مقصد من مقاصد الحج، إخلاص العبودية لله وإفراده بالتوحيد، ولن يتحقق ذلك إلا بترك مظاهر الشرك التي تناقض التوحيد.(2) اجتناب قول الزور (3) ترك الظلم وعدم الانتصار للنفس (4) ترك العوائد وآفات اللسان ومما جاء في معنى الرفث: اللغو من الكلام والفحش والقول القبيح، والفسوق هو جميع المعاصي، والجدال هو المماراة والمخاصمة والمنازعة والمغاضبة. (5) ترك الحاج لجميع محبوباته الاجتهاد في الأحوال القلبية اعداد: أيمن الشعبان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |