توظيف التراث في شعر أمل دنقل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-07-2021, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي توظيف التراث في شعر أمل دنقل

توظيف التراث في شعر أمل دنقل


سعيد بكور




قصيدة "من مذكرات المتنبي في مصر" نموذجًا

1- الشعر الحديث والتراث:
إن أهم ما يميز التجربة الشعرية الحديثة هو طريقة تعاملها مع التراث بمختلف أبعاده وروافده، هذه الطريقة التي تختلف شكلا ومضمونا عن سابقاتها، فإذا كان الإحيائيون قد تعاملوا مع التراث بطريقة تسجيلية أفقية انحصرت في المعارضات الشعرية والتسجيل التاريخي للوقائع والأحداث، فإن شعراء الحداثة اتبعوا مذهبا عموديا، ويبين لنا تعامل الإحيائيين مع التراث الذي تميز بالسطحية والشكلية والرؤية الأفقية القصور المنهجي الذي رافق هذه المدرسة التي اتبعت منهجا تسجيليا قائما على التدوين والتسجيل والحكاية، ومع بروز حركة الشعر الحديث تغير الأمر كلية، إذ اتبع روادها " منهجا توظيفيا، منهج يعايش التراث، ويعيش فيه، ويوظفه في قصائده لأهداف إنسانية واجتماعية عليا"[1]، وهكذا صارت علاقة الشاعر المعاصر بالتراث" علاقة استيعاب وتفهم وإدراك واع للمعنى الإنساني والتاريخي للتراث، وليست بحال من الأحوال علاقة تأثر صرف، ومن خلال هذه النظرة كان استرجاع الشاعر المعاصر للمواقف التي لها صفة الديمومة في هذا التراث"[2]، أي إن اهتمامه تركز على الأمور المضيئة في التراث، وعلى القضايا الحية في ضمائر الأمة، التي لازالت تنبض بالحياة وتخفق بالعطاء، ولهذا السبب نجح الشاعر المعاصر في استخدامه للتراث وبلغ في ذلك مبلغا بعيدا.

وشعراء الحداثة أنفسهم متفاوتون في توظيف التراث، فلكل طريقته ومنهجه الذي يستمد معطياته من رؤيته للتراث ورؤياه له، وكان أمل دنقل من الذين ولعوا أشد ما يكون الولع باستلهام التراث النابض الحي، والوضيء المشرق، فرسم بذلك لنفسه خطا متفردا في هذا المجال، خطا يغاير خطوط الشعراء الآخرين، ولا نزوغ عن سمت الحقيقة إذا قلنا إن شاعرنا من أبرز يعد من تعاملوا مع التراث ووفقوا في استغلاله أيما توفيق، ولنا في قصيدته-قيد الدراسة- أصدق بيان وأقوى حجة، وحتى نتبين هذا الاستخدام الموفق من قبل الشاعر للتراث سنحاول أن نقلب أسطر القصيدة - التي تعد من أكثر قصائد الشاعر استرفادا للتراث المتنوع واتكاء عليه- لنحيط بشتى تمظهرات التراث وتجلياته داخلها.

ويختلف التوظيف التراثي داخل القصيدة تبعا للسياق والرؤيا العامة وحسب المقام أيضا، ويتكئ الشاعر على قصيدة المتنبي الدالية "عيد بأي حال عدت يا عيد"حيث يسترفد ويغرف ويستقي منها ما يخدم رؤياه ورِؤيته وهدفه، وهكذا يتخذ التضمين التراثي داخل القصيدة عدة تمظهرات نسوقها حسب درجة حضورها وكثافتها في القصيدة ونوضح ذلك فيما يلي:

2- التضمين التراثي الشعري:
يظهر التضمين التراثي الشعري في القصيدة واضحا، ويتمدى أساسا في استرفاد مجموعة من التعابير والألفاظ من قصيدة المتنبي المومئ إليه آنفا، ومن ذلك قوله:

أبصر تلك الشفة المثقوبة
ووجهه المسود، والرجولة المسلوبة.

وهذان السطران مسترفدان كما هو واضح من قول المتنبي في داليته:

وأن ذا الأسود المثقوب مشفره
تطيعه ذي العضاريط الرعاديد


ومن قوله أيضا:
لا في الرجال ولا النسوان معدود

وقوله أيضا:
صار الخصي إمام الآبقين بها

وقوله:
من علم الأسود المخصي مكرمة

والملاحظ أن أمل دنقل بحسه اللغوي المتميز لم ينقل الأبيات نقلا حرفيا وإلا كان وقع في سوء الاستخدام التراثي، بل إنه حور وبدل ووظف بعضا من كلام المتنبي توظيفا يخدم المعنى الذي يعبر عنه، وهكذا جعل الدلالة تحيل على واقع الحكام في وقته حيث سلبت رجولتهم وصارت مواقفهم تدل على الخنوع والخضوع وتخفي خوفا دفينا من العدو، ولنا أن نتأمل قوله "الرجولة المسلوبة"فهو نفسه قول المتنبي "المخصي" ولا شك أن المتأمل يجد أن عبارة "الرجولة المسلوبة " أدق وأعمق وأسد وأكثر خدمة للمعنى والدلالة من لفظ "المخصي".

وقد يصل الاستلهام التراثي الشعري أحيانا حد التقيد باللفظ نفسه مع تحوير بسيط في العبارة، كما في قول أمل دنقل:
عيد بأية حال عدت يا عيد؟
بما مضى؟ أم لأرضي فيك تهويد؟

وهو نفسه قول المتنبي:

عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد


فقد استبدل كلمة "أمر " بكلمة" أرض" وكلمة "تجديد" بكلمة "تهويد" لتتماشى مع اللحظة الآنية، وفي قوله "تهويد" إشارة بليغة إلى ما يمارسه الاحتلال الصهيوني من تهويد لأراضي المسلمين التي لم تجد من يدافع عنها سوى الأغاني والأناشيد.

وإضافة إلى هذا النوع من التوظيف البين لأبيات من قصيدة المتنبي، نجد أن أمل دنقل متأثر إلى حد كبير بالشعر القديم، إذ نلفيه يستعين بمعجم الغزل كما ألفناه عند جميل ومن لف لفه، ففي المقطع الرابع يناجي الشاعر محبوبته "خولة" رمز الأرض المسلوبة والفتاة العربية المقاومة بمفردات طالما رددها شعراء الغزل مثل:" افترقنا، نبوحا، في خواطري تجوس، يفتر بالشوق وبالعتاب ثغرها العبوس، أشم وجهها الصبوحا، أضم صدرها الجموحا"، لكن الفرق يكمن في المخاطب بهذه الكلمات، إذ من الواضح أن الشاعر لا يتغزل بمحبوبة متجسدة في امرأة بل إنه يتغزل بمحبوبته التي هي الأرض والوطن.

3- الاستخدام التراثي للأعلام التاريخية:
استخدم أمل في قصيدته علمين تراثيين بارزين، كان لهما تواجد طاغ في شعر المتنبي، هما على التوالي سيف الدولة رمز العروبة، والبطولة، والشجاعة، والعزة الذي يمثل الحلم، وكافور الإخشيدي رمز العبودية، والخسة، والدناءة، والسلطة المزيفة الغاشمة والبطولة المزعومة المزيفة، الذي يمثل الواقع بسلبياته وترهلاته وأمراضه.وهذا الاستحضار لهاتين الشخصيتين لم يأت عبثا، بل استدعاه السياق وأملته الضرورة الفنية والموضوعية ، فالشاعر يقارن بين واقعين وعالمين ؛ عالم الهزيمة الذي يمثله كافور الذي ليس إلا أنور السادات ومن لف لفه من الحكام الخاذلين لشعوبهم، وعالم الانتصار والحلم الذي يمثله سيف الدولة القائد المحلوم به الذي على يديه ستجلب العزة من جديد للعرب، وهكذا نجح الشاعر وتفوق في توظيف هذه الأعلام حيث اجتثها من سياقها ومن تاريخها، لتصير معبرة عن مرحلة بينها وبين المرحلة الأولى قواسم مشتركة و أوجه تشابه كثيرة.

4- التوظيف التراثي للواقعة التراثية:
يتخذ التضمين التراثي في هذه القصيدة شكلا آخر مغاير السابقه مما يعطيها بعدا دلاليا عميق الغور، واتساعا مثقلا بالمعاني والظلال، ويتمثل هذا الشكل في توظيف ما يسمى بالحادثة التاريخية، ويظهر ذلك في قول الشاعر:
ساءلني كافور عن حزني
فقلت إنها تعيش الآن في بيزنطة
شريدة.. كالقطة
تصيح"كافوراه..كافوراه.."
فصاح في غلامه أن يشتري جارية رومية
تجلد كي تصيح "واروماه.. واروماه.."

وكما هو باد فالشاعر يستغل الواقعة التاريخية استغلالا معكوسا، فالواقعة في حقيقتها وأصلها تمثل موقفا بطوليا لا زال التاريخ يفتخر به، والزمان يصدح به، إلا أنها هاهنا تأخذ بعدا انهزاميا، والهدف من هذا الاستغلال المعكوس للواقعة التاريخية المقارنة بين واقع الأمس وواقع اليوم، بين واقع المجد الوضيء وواقع الهزيمة الوبيء، ولقد أحسن الشاعر في استغلاله للواقعة، وبرع براعة قل مثيلها في إعطائها أبعادا ودلالات مغايرة و معكوسة تتماشى والواقع الحالي المعبر عنه، فجاءت أكثر حيوية وأشد عمقا وأبعد دلالة وإحالة على اللحظة الآنية، وحتى نقف على هذا الاستغلال البارع نعرض للواقعة التاريخية كما روتها كتب التاريخ؛إذ بلغ المعتصم ما كان من أمر الروم في "زبطرة"، كما بلغه خبر المرأة التي استغاثت به، صائحة: وامعتصماه، فناداها ملبيا: " لبيك..لبيك"، قال الصولي:" قيل إن امرأة من أهل زبطرة صرخت عندما سبوها: وامعتصماه، فبلغ ذلك المعتصم، وكان بيده كاس خمر يشربها، فقال اتركوا هذه الكأس لما أرجع، ثم قام فجند من ساعته جيشا لم يسبق له نظير، وفتح عمورية هذه، ثم رجع وشرب الكأس الذي كان في موضعه، وقيل إن امرأة من زبطرة كتبت للمعتصم:" يا ابن الخلائف من ذؤابة هاشم، ذهبت زبطرة إن لم تأتها"[3]، ويلاحظ القارئ كيف كان تعامل المعتصم مع الواقعة، وكيف كان رد فعله حازما حاسما صارما لا تواني فيه ولا هوان ولا هوادة، بخلاف تعامل كافور/الحاكم الغربي الذي مع الواقعة تعاملا باردا وانهزاميا، ومن يتأمل قوله "فصاح" يخال أنه سيقدم على أمر ذي بال تهتز له الجبال، ذلك أن الصياح عادة ما يرتبط بالموقف العظيم والخطب الجلل، لكن سرعان ما يصاب القارئ بالصدمة عندما يرى ردة فعله الباردة محطما أفق انتظاره على نحو صادم في قوله:
فصاح في غلامه أن يشتري جارية رومية
تجلد كي تصيح "واروماه.. واروماه.."

والشاعر لا يقصد كافورا بالتحديد إنما يتخذه رمزا للحاكم العربي المتخاذل المسلوب الإرادة، الذي لم يعد بمقدوره الذب عن حياض وطنه وحقيقة بلده وهو ما عبر عنه بقوله:
والرجولة المسلوبة
أبكي على العروبة؟

5- التوظيف التراثي للقرآن الكريم:
وهو توظيف دأب عليه الشعراء في قصائدهم، كما هو الحال عند أمل دنقل في قصيدته هاته، إذ يستلهم قوله:
(فصاح في غلامه أن يشترى جارية روميّة
تجلد كي تصيح " واروماه.. واروماه.. "
.. لكي يكون العين بالعين
والسن بالسن)

من النص القرآني في قوله تعالى."وكتبنا عليهم فيها.أن النفس بالنفس والعين بالعين والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص"(سورة المائدة الآية 47) فكافور/الحاكم العربي اختار أقصر الطرق وأسهلها وهو القصاص، وكأن القصاص لا يطبق إلا لدرء وبال الحرب، وهو ما يوحي بخنوع وخضوع قل نظيرهما، والشاعر هاهنا يعرض تعريضا بالعرب الذين اختاروا القعود ووضع اليد على الخد تماما كالنساء عوض الانتقام والدفاع عن فلسطين وتخليصها من براثن الكيان الصهيوني، ونجد اقتباسا قرآنيا آخر في المقطع الخامس، في قوله:" فتسقط العيون في الحلقوم" وهو مأخوذ من قوله تعالى" فلولا إذا بلغت الحلقوم"(سورة الواقعة الآية 86).

والشاعر يستلهم هذه الآية ليعبر عن الحلم الذي يتمناه، حين يصرخ سيف الدولة القائد المحلوم به في وجه الروم فتسقط عيونهم في الحلقوم، ويهدف الشاعر من وراء هذا الاستدعاء للوقائع التاريخية والنصوص القرآنية بين واقع الأمس وواقع اليوم وشتان بين الواقعين، فذياك في العيوق وهذا في الحضيض، فإذا كان كافور /الحاكم العربي قد اتسم موقفه بالضعف والهوان، فإن المعتصم اتسم موقفه ببطولة قل نظيرها عندما وجه رسالة إلى إمبراطور الروم كاتبا فيها:" من المعتصم أمير المؤمنين إلى كلب الروم، فوالله إما أن تطلق سراحها أو أجند لك جيشا أوله عندك وآخره عندي"، وتسمح لنا المقارنات السابقة بالوقوف على الثنائيات التالية، أولها:

سيف الدولة/كافور
الحلم/الواقع
الانتصار /الهزيمة
العزة /الذل
الكرامة/المهانة

ثانيها:
واكافوراه /وامعتصماه
الضعف /القوة
الحاضر/الماضي
العروبة المسلوبة / العروبة الخالصة

والطرف الأول حاضر بلفظه فينا الثاني مستفاد من علاقة الحضور والغياب، والبون شاسع بين الطرف الأول والطرف الثاني، والعلاقة بينهما قائمة على التضاد والتنافر.

يتضح مما سبق سوقه ونشره أن الشاعر أمل دنقل نجح في تنويعه في توظيف التراث بمشاربه المختلفة خدمة للدلالة، والملاحظ في توظيفه هذا أنه يعتمد طريقة عمودية تظهر مدي معايشته للتراث وتماهيه معه، والذي يميز هذا التوظيف أنه يخدم اللحظة الآنية الشبيهة إلى حد كبير باللحظة التاريخية القديمة، التي يستوحي الشاعر الكثير من أحداثها تعبيرا عن الظروف الآنية.إن ما يمكن الإشارة إليه أن الشاعر الحديث لم يقطع صلته بالقديم كما يعتقد البعض بل إنه عرف متى يعود إليه ويستفيد منه ومتى لا يوليه اهتماما يذكر، وحتى عندما كان الشاعر الحديث يوظف التراث في شعره لم يعمد إلى كل التراث بقدر ما طرق باب التراث الذي يمكن أن يخدم الدلالة ويعبر عن اللحظة الآنية.

المراجع المعتمدة:
1- الأعمال الكاملة، أمل دنقل، دار العودة بيروت

2- التراث الإنساني في شعر أمل دنقل، جابر قميحة، هجر للطباعة والنشر والتوزيع، والإعلان، ط1، 1987م-1407هـ

3- ديوان المتنبي، ط3، 1424هـ - 2003م، دار صادر بيروت

4- الشعر العربي المعاصر:قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، عز الدين اسماعيل، دار العودة، دار الثقافة، بيروت، ط3، 1972م.

5- العصر العباسي-نماذج شعرية محللة، جورج غريب، دار الثقافة، د ت..

6- القرآن الكريم

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-07-2021, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: توظيف التراث في شعر أمل دنقل

نص القصيدة كما ورد في الأعمال الكاملة (دار العودة، بيروت.):
أكره لون الخمر في القنينة

لكنني أدمنتها.. استشفاءَ

لأنني منذ أتيت هذه المدينة

وصرت في القصور ببغاءَ

عرفتُ فيها الداءَ

........

أمثل ساعة الضحى بين يدي كافور

ليطمئن قلبه، فما يزال طيره المأسور

لا يترك السجن ولا يطير !

أبصر تلك الشفة المثقوبة..ووجهه المسودّ

والرجولة المسلوبة

..أبكى على العروبة !

يومئ، يستنشدني: أنشده عن سيفه الشجاع

وسيفه في غمده.. يأكله الصدأ !

وعندما يسقط جفناه الثقيلان، وينكفئ.

أسير مثقل الخطى في ردهات القصر

أبصر أهل مصر..

ينتظرونه.. ليرفعوا إليه المظلمات والرقاع !


.... جاريتي من حلب، تسألني: متى نعود؟

قلت: الجنود يملؤون نقط الحدود

ما بيننا وبين سيف الدولة.

قالت: سئمت من مصر، ومن رخاوة الركود

فقلت: قد سئمت - مثلك - القيام و القعود

بين يدي أميرها الأبله.

لعنت كافورا

ونمت مقهورا..

... خولَةُ " تلك البدوية الشَّموس

لقيتها بالقرب من " أريحا "

سويعة، ثم افترقنا دون أن نبوحا

يفتُّر بأشواق وبالعتاب ثغرُها العبوس

أشم وجهها الصبوحا

أضم صدرها الجموحا !

...............

سألت عنها القادمين في القوافل

فأخبروني أنها ظلت بسيفها تقاتل..

في الليل تجارّ الرقيق عن خبائها

حين أغاروا، ثم غادروا شقيقها ذبيحا

والأب عاجزا كسيحا

واختطفوها، بينما الجيران يرنون من المنازل

يرتعدون جسدا وروحا

لا يجرؤون أن يغيثوا سيفها الطريحا !

........................

(ساءلني كافور عن حزني

فقلت إنها تعيش الآن في بيزنطة

شريدة.. كالقطة

تصيح " كافورا ه.. كافورا ه.. "

فصاح في غلامه أن يشترى جارية روميّة

تجلد كي تصيح " واروماه.. واروماه.. "

.. لكي يكون العين بالعين

والسن بالسن )

في الليل، في حضرة كافور، أصابني السأم

في جلستي نمتُ ولم أنم

حلمت لحظة بكا

وجندك الشجعان يهتفون: سيف الدولة.

وأنت شمس تختفي في هالة الغبار عند الجولة

ممتطيا جوادك الأشهب، شاهرا حسامك الطويل المهلكا

تصرخ في وجه جنود الروم

بصيحة الحرب، فتسقط العيون في الحلقوم !

تخوض، لا تبقى لهم إلى النجاة مسلكا

تهوى، فلا غير الدماء والبكا

ثم تعود باسما.. ومنهكا

والصبية الصغار يهتفون في حلب:

" يا منقذ العرب "

" يا منقذ العرب "

حين تعود.. باسما.. ومنهكا

حلمت لحظة بكا

حين غفوت

لكنني حين صحوتُ:

وجدت هذا السيد الرخوَ

تصدر البهوَ

يقص في ندمانه عن سيفه الصارم

وسيفه في غمده يأكله الصدأ!

وعندما يسقط جفناه الثقيلان، وينكفئ..

يبتسم الخادم.. !

تسألني جاريتي أن أكترى للبيت حرّاسا

فقد طغى اللصوص في مصر.. بلا رادع

فقلت: هذا سيفي القاطع

ضعيه خلف الباب.. متراسا !

(وما حاجتي للسيف مشهورا

ما دمت قد جاورت كافورا؟)

.. "عيد بأية حال عدت يا عيد؟ "

بما مضى؟ أم لأرضى فيك تهويد؟

(نامت نواطير مصر عن عساكرها)

وحاربت بدلا منها الأناشيد

ناديت يا نيل هل تجرى المياه دما

لكى تفيض ويصحو الأهل إذ نودوا

عيد بأية حال عدت يا عيد



[1] التراث الإنساني في شعر أمل دنقل، جابر قميحة ،ص 18[1]

[2] الشعر العربي المعاصر:قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية ،عز الدين اسماعيل،ص 38[2]

[3] العصر العباسي,نماذج شعرية محللة،ص 129[3]


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.52 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]