شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 19 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216102 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7830 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 54 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859641 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393978 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 86 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #181  
قديم 20-12-2019, 03:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الصلاة في الخفين

شرح حديث جرير بن عبد الله في الصلاة في الخفين

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الصلاة في الخفين.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن همام قال: ( رأيت جريراً رضي الله عنه بال، ثم دعا بماء فتوضأ، ومسح على خفيه، ثم قام فصلى، فسئل عن ذلك، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا ) ].وهنا أورد النسائي الترجمة، وهي: الصلاة في الخفين، يعني: أن ذلك سائغ وجائز، وأن الصلاة في الخفين سائغة وجائزة، وأورد فيه حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه أنه بال وتوضأ، ومسح على خفيه ثم صلى، فسئل عن ذلك؟ فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا، وهذا يدل على جواز الصلاة في الخفين، وأيضاً على جواز ستر بعض أعضاء السجود؛ لأن الخف يستر الرجلين، وهما من أعضاء السجود؛ لأن أعضاء السجود سبعة: القدمان، والركبتان، واليدان، والجبهة مع الأنف، فهذه أعضاء السجود السبعة، يعني: يدل على حصول الستر لبعض السجود؛ لأن الخفين يكونان ساترين للرجلين، والحديث ليس فيه ذكر الصلاة في الخفين، يعني: أنه صلى في خفيه، ولكنه ذكر أنه بال، وتوضأ، ومسح على خفيه ثم صلى؛ لأنه لو كان نزعهما يحتاج إلى أن يتوضأ من جديد، ولم يذكر أنه نزعهما وتوضأ، وإنما ذكر أنه بال وتوضأ ومسح على خفيه ثم صلى، ولما سئل؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا، يعني: أنه صنع مثل هذا الذي صنعت، وهو الصلاة في الخفين، فهو دليل على جواز ذلك، وأنه لا بأس به، ومثل الخفين الشراريب التي هي الجوارب، فإنه كذلك يصلى فيها، ويمسح عليها.
تراجم رجال إسناد حديث جرير بن عبد الله في الصلاة في الخفين
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].محمد بن عبد الأعلى، هو الصنعاني، وهو ثقة، خرج له مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه .[ حدثنا خالد ].وهو ابن الحارث، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.[ حدثنا شعبة ].وهو: ابن الحجاج الذي وصف بصفة هي من أعلى صيغ التعديل، وهي أمير المؤمنين في الحديث، فإنه ممن ظفر بهذا اللقب، وممن وصف بهذا الوصف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[ عن سليمان ].سليمان، وهو الأعمش، وسليمان بن مهران الكاهلي، ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو يأتي ذكره باسمه كما هنا، ويأتي أحياناً ذكره بلقبه الأعمش، وكما ذكرت فائدة معرفة الألقاب ألقاب المحدثين هي أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، فإن من لا يعرف يظن أن هذا شخص وهذا شخص، ومن يعرف لا يلتبس عليه الأمر، بل يعلم أن هذا هو هذا، وأن هذا اسم صاحب اللقب، وأن هذا اللقب لقب لهذا المسمى الذي هو سليمان. وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[ عن إبراهيم ].وهو ابن يزيد بن قيس النخعي، المحدث، الفقيه، الكوفي، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وقد ذكرت فيما مضى أن ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد، عندما جاء إلى حديث غمس الذباب في الإناء إذا وقع فيه، قال: واستنبط من الحديث أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، والمراد بالنفس الدم، يعني: ما لا نفس له، أي: لا دم له سائل، مثل الذباب، والجراد وما إلى ذلك من الأشياء التي لا دم فيها، قال: استدل على ذلك أن من لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، ووجه الاستدلال أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أرشد إلى غمس الذباب بالماء، واستعماله بعد غمسه. وقال: من وجوه أو من أحوال ذلك أن يكون الماء حاراً، ويلزم من غمسه فيه أن تموت، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى استعماله بعد أن غمس فيه الذباب وهو حار، يعني: في بعض أحواله يكون حاراً، ويترتب على ذلك أن تموت، فموتها لا ينجس الماء، ومثلها كل ما لا نفس له سائلة، وكلمة: (ما لا نفس له سائلة)، قال ابن القيم : أول من عرف عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة، فقال: ما لا نفس له سائلة إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده، يعني: عبارة عامة تشمل الذباب وغير الذباب، يعني: تعبير عام يشمل كل ما لا دم فيه، فما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه.وإبراهيم النخعي محدث، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[ عن همام ].وهو همام بن الحارث بن قيس بن عمرو النخعي الكوفي، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[ رأيت جريراً ].هو جرير بن عبد الله البجلي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من بجيلة، وكان كبيراً في قومه، وقد جاء عنه أنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، وقيل فيه: إنه لمكانته في قومه، ولمنزلته الرفيعة فيهم كان فيما بايعه عليه النصح لكل مسلم؛ وذلك ليعم نفعه، ولتكثر الفوائد التي تحصل منه، حيث أنه زعيم وكبير في قومه، فإذا كانت البيعة له على النصح لكل مسلم، فإنه يترتب على ذلك الخير الكثير، والفوائد الجمة، وكان عليه الصلاة والسلام يبايع الناس على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، ثم يضيف إلى ذلك أشياء على حسب ما يليق بالمبايعين، وقيل: إنه كان مما أضافه إلى جرير هذه الإضافة التي فيها عموم النفع فيما إذا بويع عليها ونفذها. وجرير هذا كان من أجمل الرجال، ومن أحسنهم صورة، ولهذا قال عنه: إنه يوسف هذه الأمة، يعني: في جماله وحسنه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الصلاة في النعلين

شرح حديث أنس في صلاة النبي في النعلين

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الصلاة في النعلين.أخبرنا عمرو بن علي عن يزيد بن زريع وغسان بن مضر قالا: حدثنا أبو مسلمة واسمه سعيد بن يزيد بصري ثقة، قال: ( سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في النعلين؟ قال: نعم ) ].وهنا أورد النسائي الصلاة في النعلين، وفيه: أن أنس بن مالك رضي الله عنه ( سئل عن الرسول صلى الله عليه وسلم: هل كان يصلي في نعليه؟ فقال: نعم )، فهذا يدل على جواز الصلاة في النعلين، وعلى أن ذلك لا بأس به، ولكن ينبغي أن يعلم بأن الصلاة في النعلين تكون في الأمكنة المناسبة، بحيث لا يترتب على ذلك مضرة، وحتى لا يترتب على ذلك أمور لا تنبغي، أما إذا كانت المساجد مفروشة ونظيفة، فإن الدخول فيها بالنعال، والمشي عليها بالنعال يترتب عليه وصول الأتربة والأشياء التي علقت بالنعال، وأيضاً يكون لونه متغيراً، وتعلوه الأوساخ، وهذا لا ينبغي، وإنما يصلى في النعال في الأماكن التي فيها تراب، كأن يكون الإنسان في سفر، أو يكون المسجد فيه تراب، أو كان ترابياً فإنه لا بأس أن يفعل ذلك، ولا يفهم أنه على إطلاقه، وأن الإنسان مهما كان، ولو كان المكان الذي يصلي فيه من أحسن ما يكون في النظافة وحسن الفراش فيداس بالنعال وفيها ما فيها، فإن هذا لا ينبغي، ومن المعلوم أن الناس لا يفعلون هذا في بيوتهم، فالأماكن المفروشة يجعلون النعال خارج ذلك المكان المفروش؛ حتى لا يوسخوا تلك الأماكن المفروشة، والمساجد المفروشة من باب أولى أن لا تعرض لمثل الذي لا يرضاه الناس في أماكنهم التي هي مواضع جلوسهم، ومواضع استقبالهم الزائرين، فإذا كانوا لا يفعلون هذا في بيوتهم؛ لأن في ذلك ما لا يريدونه من حصول الوسخ، وعدم النظافة فإن المساجد أولى بأن يحرص على نظافتها، وعلى نزاهتها، وعدم تعريضها، والحديث يعمل به، ولكن حيث يناسب العمل به، فهذا ينبغي التنبه له، والتفطن له، فيعمل بما جاء في الحديث حيث يناسب العمل، ولا يعمل به حيث لا يناسب العمل؛ لأن دفع الأذى مطلوب، واللبس، إما جائز أو مستحب، ولا يفعل ما هو جائز أو مستحب إذا ترتب على ذلك مضرة ومفسدة، وأما إذا لم يترتب على ذلك شيء فإنه لا بأس به.
تراجم رجال إسناد حديث أنس في صلاة النبي في النعلين
قوله: [ أخبرنا عمرو بن علي ].وهو الفلاس، المحدث، الناقد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[ عن يزيد بن زريع ].يزيد بن زريع، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة .[ وغسان بن مضر ].هو غسان بن مضر البصري، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.[ حدثنا أبو مسلمة ].هو أبو مسلمة سعيد بن يزيد بن مسلمة الأزدي البصري، وهو بصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.[ سألت أنساً ].هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله، وهو أحد الصحابة الذين عمروا، وأدركهم التابعون الكبار والمتوسطون والصغار، وتلقوا عنه الحديث، وأيضاً هو من السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين جمعهم السيوطي في ألفيته حيث قال:والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريِوجابر وزوجة النبيِ
أين يضع الإمام نعليه إذا صلى بالناس

شرح حديث: (إن رسول الله صلى يوم الفتح فوضع نعليه عن يساره)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أين يضع الإمام نعليه إذا صلى بالناس.أخبرنا عبيد الله بن سعيد وشعيب بن يوسف عن يحيى عن ابن جريج أخبرني محمد بن عباد عن عبد الله بن سفيان عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه، أنه قال: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح فوضع نعليه عن يساره ) ].هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: (أين يضع الإمام نعليه إذا صلى بالناس)، وأورد فيها حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح وجعل نعليه عن يساره )، يعني: معناه أنه لم يصل في نعليه، ولكنه جعلهما عن يساره وهو يصلي، والمقصود من الترجمة بيان موضع وضع النعلين إذا صلى، وأورد الحديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهما عن يساره )، فإذاً: موضعهما أنهما يكونان عن يساره.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله صلى يوم الفتح فوضع نعليه عن يساره)
قوله: [ أخبرنا عبيد الله بن سعيد ].هو عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، مأمون، سني، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي. [ وشعيب بن يوسف النسائي ].وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.[ عن يحيى ].وهو ابن سعيد القطان، وقد مر ذكره.[ عن ابن جريج ].وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[ أخبرني محمد بن عباد ].وهو محمد بن عباد بن جعفر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.[ عن عبد الله بن سفيان ].هو أبو سلمة المخزومي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، ولم يخرج له الترمذي ولا البخاري.[ عن عبد الله بن السائب ].وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
الأسئلة

الفرق بين الصلاة في الخفين والصلاة في النعلين من ناحية الجواز
السؤال: ما الفرق بين الصلاة في الخفين والصلاة في النعلين من ناحية الجواز؟الجواب: كل منهما جائزان. وسبب إيراد الترجمتين: لأن الخف غير النعل، والخف كما هو معلوم يستر القدم، والنعل لا يسترها وإنما يستر بعضها أو جزءاً منها، فالمغايرة لأن الخف غير النعل، ولأن هذا فعل، وهذا فعل، وفعل كل منهما سائغ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #182  
قديم 20-12-2019, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(143)

- (باب إمامة أهل العلم والفضل) إلى (باب من أحق بالإمامة؟)

إن أحق الناس بالإمامة هو الأقرأ لكتاب الله ثم الأعلم بالسنة ثم الأقدم هجرة ثم الأكبر سناً، وإنما قدم النبي أبا بكر على غيره من الصحابة تنويهاً بأحقيته بالإمامة العظمى، وينبغي للمسلم أن يحافظ على صلاة الجماعة وإن كانت خلف أئمة الجور، فإن أخروها عن وقتها صلاها لوقتها وأعادها معهم نفلاً.
ذكر الإمامة والجماعة، إمامة أهل العلم والفضل

شرح حديث ابن مسعود في إمامة أهل العلم والفضل
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الإمامة. ذكر الإمامة والجماعة. إمامة أهل العلم والفضل.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وهناد بن السري عن حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟، قالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر].يقول النسائي رحمه الله: كتاب الإمامة، ثم قال: ذكر الإمامة، والجماعة، ثم قال: إمامة أهل العلم، والفضل.الجماعة، والإمامة متلازمتان، فإنه لا إمامة إلا مع وجود جماعة، ومع وجود الجماعة لابد من الإمامة، فإذا كان الإنسان وحده فليس هناك إمامة، وليس هناك جماعة؛ لأن الإمامة والجماعة تكون إذا وجد أكثر من واحد.والجماعة أقلها اثنان؛ إمام، ومأموم، فإذا وجدت الجماعة فإن كانوا اثنين أو أكثر تقدم واحد منهم، وصار إماماً، وإذا لم يبلغوا العدد اثنين فإنه لا جماعة، ولا إمامة.وأورد النسائي هنا هذه الترجمة وهي: ذكر إمامة أهل العلم، والفضل، وتقديمهم في الإمامة على غيرهم، وأورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة، والسلام لما قبض، واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وذهب إليهم جماعة من المهاجرين فيهم أبو بكر، وعمر، فقالت الأنصار: منا أمير، ومنكم أمير، فقال عمر: ألستم تعلمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر أن يصلي بالناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم عليه؟ فقالوا: نعوذ بالله أن نتقدم عليه.فمحل الشاهد أن عمر رضي الله عنه قال: (ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم على من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتعوذوا بالله من ذلك)؛ أن يتقدموا على من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي نفس الاجتماع لما رأى أبو بكر أن يبايع عمر، قال عمر رضي الله عنه: رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ديننا، أفلا نرتضيك لأمر دنيانا، فبايعه وبايعه الناس.الحاصل: أن الترجمة معقودة لإمامة أهل العلم والفضل، وأبو بكر رضي الله عنه قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه المقدم في العلم والفضل، وسيأتي حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة).وقد يبدو تعارض بين تقديم أبي بكر رضي الله عنه في الصلاة، وفي الصحابة أبي الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (أقرؤكم أبي)، وقال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فمن العلماء من أجاب عن تقديم أبي بكر في الصلاة، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أقرؤكم أبي)، قال: إن هذا إشارة إلى تقديمه في الإمامة العظمى، وهي الخلافة، ولا شك أن هذا فيه إشارة إلى التقديم، كما هو واضح، وكما فهمه عمر، وكما فهمه الصحابة لما ذكرهم بذلك عمر رضي الله تعالى عن الجميع، وكذلك أيضاً ما جاء من الإشارة إلى أولويته للخلافة في حديث جندب البجلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً).فكون هذا حصل في مرض موته، وقبل وفاته بخمس ليال، فيه إشارة إلى أفضليته، وإلى أولويته في الخلافة، وكذلك تقديمه إياه في الصلاة، قال بعض العلماء: إن الأولى بالإمامة هو الأقرأ، والنبي عليه الصلاة والسلام، إنما قدم أبا بكر في هذه المناسبة -أي: في مرض موته- إشارة إلى أنه الأولى، ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان ينيبه قبل مرض موته في الصلاة، ويأمره بأن يصلي بالناس قبل تلك المناسبة، كما سيأتي في بعض الأحاديث التي فيها أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمره بأن يصلي بالناس إذا تأخر في الوصول إليهم كما سيأتي.ومن العلماء من قال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما أرشد إلى تقديم أبي بكر؛ لأنه أعلمهم؛ لأن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام كانوا يجمعون بين العلم والعمل، وبين معرفة القرآن ومعرفة السنن، العلم بالكتاب والسنة، وقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتجاوزهن حتى نتعلم معانيهن، والعمل بهن، فتعلمنا العلم والعمل جميعاً، فأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، جمعوا بين العلم بكتاب الله، والعلم بسنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.إذاً: فـأبو بكر رضي الله عنه كان عنده العلم بكتاب الله، وعنده العلم بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو معني بالقرآن، كما أن غيره معني بالقرآن، رضي الله تعالى عن الجميع.وعلى هذا فيكون كون أبي أقرأهم، يعني: لتميزه في ذلك، ولكن كونهم قراء، وعلماء، وجمعوا بين العلم بالكتاب والسنة هذا هو شأنهم، وهذه طريقتهم، كما بين ذلك عبد الله بن مسعود في الأثر الذي ذكرته: كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن، لم نتجاوزهن حتى نتعلم معانيهن، والعمل بهن، فتعلمنا العلم والعمل جميعاً.وتقديم العالم بكتاب الله معروفٌ بين سلف هذه الأمة، كما حصل من أحد أمراء عمر بن الخطاب رضي الله عنه على مكة، أو جاء إلى عمر فلقيه، فقال: من أنبت مكانك؟ فقال: أنبت عليهم ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى لنا، قال جعلت عليهم مولى؟ فقال: إنه عالم بكتاب الله، عارف بالفرائض، فقال عمر رضي الله عنه: صدق نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، حين قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين)، والحديث رواه مسلم في صحيحه، يرفع الله بالقرآن من يرفع، ويضع به من يضع، فكان هذا شأن الصحابة رضي الله عنهم، وسلف هذه الأمة يعنون بالكتاب والسنة، وجمعوا بين العلم بالكتاب، والعلم بالسنة، فيقرءون القرآن، ويحفظونه، ويتعلمون ما فيه من الأحكام والحكم، وكذلك يعرفون السنة، ويحرصون على العلم بها، ويستنبطون ما تدل عليه من أحكام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
الدلالات على أحقية أبي بكر بإمامة المسلمين
إذاً: فتقديم أبي بكر رضي الله عنه هذا هو التوفيق بينه وبين الحديث الذي سيأتي، وهو حديث أبي مسعود : (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أقرؤكم أبي)، مع أنه أشار إلى تقديم أبي بكر رضي الله عنه في مرض موته، وقبل مرض موته كما هو معلوم. ثم إن خلافة أبي بكر رضي الله عنه ليس هذا هو الدال عليها، بل دل عليها أدلة كثيرة تدل على أنه الأولى من بعده، ولكن ليس فيه تصريح بأن الخليفة بعدي فلان بن فلان، فإنه لم يأت عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: الخليفة بعدي فلان بن فلان، ولكن جاءت نصوص تدل على أنه الأحق بالأمر من بعده، مثل هذا الحديث الذي هو تقديمه في الصلاة، وقوله قبل أن يموت: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً)، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في مرض موته لـعائشة : (ادعي لي أباك وأخاك لأكتب كتاباً لـأبي بكر، فإني أخشى أن يتمنى متمن، وأن يقول قائل... ثم قال: يأبى الله، والمؤمنون إلا أبا بكر)، أي: لا حاجة للكتابة؛ لأن الله تعالى يأبى أن يتولى عليهم إلا أبا بكر، والمسلمون يأبون إلا أن يتولى عليهم أبو بكر، فقد علم رسول الله عليه الصلاة والسلام أن المسلمين سيتفقون على خيرهم، وأنهم سيختارونه، فلم يحصل منه التنصيص على أنه الخليفة من بعده، بل جاءت هذه النصوص التي تدل على أولويته، وعلى أفضليته، وعلى أن الأمة ستجتمع عليه وستتفق عليه.وكذلك ما جاء من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر)، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام للمرأة التي جاءت إليه تريد حاجة، وقالت: (أرأيت إن لم أجدك)، قال الراوي: كأنها تريد الموت، قال: (ائتي أبا بكر)، فكل هذه نصوص تدل على أولويته، وعلى أنه الأحق بالأمر من بعده، وقد اتفق المسلمون عليه، وبايعه المسلمون، وحصلت خلافته، ثم خلافة عمر، ثم خلافة عثمان، ثم خلافة علي، وهؤلاء الخلفاء الراشدون الأربعة هم الذين قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (اقتدوا باللذين من بعدي)، وقال أيضاً: (الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء)، خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء، فهؤلاء الأربعة هم الذين كانوا في هذه المدة التي هي ثلاثون سنة، وأول هؤلاء الذين هم الخلفاء الراشدون، والذين خلافتهم خلافة نبوة، ومدتها ثلاثون سنة، أولهم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في إمامة أهل العلم والفضل
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وهناد بن السري].إسحاق هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه، الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.وأما هناد بن السري فهو أبو السري الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.وكنيته توافق اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه.وفائدة معرفتها: حتى لا يظن أن فيه تصحيفاً فيما لو ذكر بكنيته مع اسمه، فإن من لا يعرف يظن أن فيه تصحيفاً، يعني: مثل: هناد بن السري لو جاء في الإسناد هناد أبو السري، فالذي لا يعرف أن كنيته أبو السري، يظن (أبو) مصحفة من (ابن)، وهذا غير صواب، فإذا جاء هناد بن السري فهو أبو السري، وإن جاء هناد أبو السري فهو ابن السري، فكنيته توافق اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث الذي هو مصطلح الحديث.[عن حسين بن علي].وهو الجعفي الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن زائدة].وهو ابن قدامة أبو الصلت الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن عاصم].وهو ابن بهدلة وبهدلة كنيته أبو النجود، أي: مشهور بـعاصم بن أبي النجود، واسم أبي النجود : بهدلة، فهو عاصم بن بهدلة، وكنية أبيه أبو النجود، وهو المقرئ المشهور، أحد القراء المشهورين، وهو صدوق له أوهام، وهو حجة في القراءة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، ولكن حديثه في الصحيحين مقرون بغيره.[عن زر].وهو ابن حبيش بن حباشة الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مخضرم.[عن عبد الله].وهو ابن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الفقهاء العلماء في الصحابة رضي الله تعالى عنه، وليس هو من العبادلة الأربعة الذين اشتهروا بهذا اللقب؛ لأن العبادلة الأربعة يراد بهم صغار الصحابة الأربعة الذين هم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، الذين عاشوا بعد ابن مسعود مدة طويلة، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود، واستفاد الناس من علمهم وحديثهم.وأما ابن مسعود رضي الله عنه فهو متقدم الوفاة؛ لأن وفاته سنة: (32هـ) في خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عن الجميع، وحديث عبد الله بن مسعود عند أصحاب الكتب الستة.
الصلاة مع أئمة الجور

شرح حديث: (صل الصلاة لوقتها فإن أدركت معهم فصل ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة مع أئمة الجور.أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا أيوب عن أبي العالية البراء قال: (أخر زياد الصلاة، فأتاني ابن صامت، فألقيت له كرسياً فجلس عليه، فذكرت له صنع زياد، فعض على شفتيه، وضرب على فخذي، وقال: إني سألت أبا ذر كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك، وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك، فقال عليه الصلاة والسلام: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركت معهم فصل، ولا تقل: إني صليت فلا أصلي)].هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الصلاة مع أئمة الجور، أي: أنه يصلى وراءهم، ومن المعلوم أن هذا هو مذهب أهل السنة، والجماعة؛ أنه يصلى وراء الأئمة، وإن كانوا جائرين، والحرص على الجماعة، وعلى عدم الفرقة، فهذا أمر مطلوب، ومع ذلك فإن منهم من كان يؤخر الصلاة، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يرشد إلى التخلف عنهم، وترك متابعتهم، والصلاة وراءهم، وإنما أمر بأن يصلي الإنسان الصلاة لوقتها، ثم بعد ذلك إذا صلوا يأتي، ويصلي معهم، وتكون له نافلة ـ أي: الثانية ـ والصلاة الأولى هي الفريضة، فالنبي عليه الصلاة والسلام، أرشد إلى متابعتهم، وإلى الصلاة معهم، وعلى عدم الابتعاد عنهم في الصلاة، بل الإنسان يصلي لنفسه في الوقت، وأيضاً يصلي معهم، ولا يقول: إنه صلى فلا يحتاج إلى أن يصلي، وإنما يصلي معهم، فيوافقهم في الظاهر، مع أنه قد صلى قبل ذلك، ولا يظهر بأنه قد صلى، وأنه لا يريد أن يصلي؛ لأنه قد صلى؛ لما في ذلك من الفتنة، ولما في ذلك من الفرقة، وهذا يدلنا على عناية الشريعة بمتابعة الأئمة، وعلى الصلاة معهم، وإن أخروها، ولكن الإنسان يصليها لوقتها، ولهذا لما قام الذين قاموا على عثمان رضي الله عنه، وحاصروه في داره، وصار محصوراً في داره، ويصلي بالناس واحد من هؤلاء أصحاب الفتنة جاءه رجل وقال: يا أمير المؤمنين! إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة، فماذا تأمرنا؟ قال: الصلاة من خير ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم، وهذا الأثر في صحيح البخاري، أورده في باب: إمامة المفتون، والمبتدع، وأورد تحته هذا الأثر، وأنه يصلى وراء من كان كذلك، وذلك كما بين عثمان رضي الله عنه في قوله: الصلاة من خير ما يفعل الناس. فعلى الإنسان أن يصلي الصلاة لوقتها، ويصلي معهم إذا صلوا، ولا يفارقهم، ولا يظهر الفرقة، وتكون هذه الصلاة الثانية التي صلاها معهم نافلة.وأورد النسائي في هذه الترجمة حديث: أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام، لما سئل عن الصلاة وراء الأئمة الذين يؤخرون الصلاة، فقال: (صل الصلاة لوقتها، فإذا أدركت الصلاة معهم فصل، ولا تقل: إني صليت فلا أصلي)، أي: سبق أن صليت فلا أحتاج إلى أن أصلي، أو لست بحاجة إلى أن أصلي؛ لأني قد صليت، بل الإنسان يصلي معهم، وتكون تلك الصلاة الثانية التي صلاها معهم نافلة.وعندما روى أبو ذر الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ذكر أنه ضرب فخذه، ثم إن أبا ذر لما حدث عبد الله بن الصامت بهذا الحديث ضرب فخذه كما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم فخذه، وعض على شفتيه منكراً لهذا العمل، أو كارهاً لهذا العمل الذي هو تأخير الصلاة عن وقتها، ولما حدث عبد الله بن الصامت أبا العالية عمل كما عمل معه أبو ذر؛ عض على شفتيه، وضرب فخذه كما ضرب أبو ذر فخذه عندما حدث عبد الله بن الصامت بهذا الحديث.إذاً: فالضرب على الفخذ حصل من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحصل من أبي ذر، وحصل من عبد الله بن الصامت ، وهذا يدل على الضبط، والإتقان، في ذكر الحالة التي تكون عند التحديث، تدل على ضبط الراوي ما رواه؛ لأنه يتذكر اللفظ الذي رواه، ويتذكر الهيئة التي حصلت عند التحديث بالحديث، فهذا مما يدل على ضبط الراوي، وإتقانه؛ لأنه عرف مع الحديث، ومع لفظ الحديث الهيئة التي حصلت من المحدث عند التحديث بالحديث، وهذا من جنس قول ابن عمر رضي الله عنه: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، وقال: كن في الدنيا كأنك غريب)، فإنه كما ذكر الحديث ذكر الهيئة التي صنعها رسول الله عليه الصلاة والسلام معه عندما حدثه بهذا الحديث، وهذا يدل على الضبط، والإتقان لما يرويه الراوي.ثم أيضاً هذا يسمونه المسلسل، ولكن هذا ليس مسلسلاً في الإسناد، وإنما هو في بعض الإسناد، وهو كون كل واحد يضرب فخذ من يحدثه عندما يحدث بالحديث؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب فخذ أبي ذر، وأبو ذر ضرب فخذ عبد الله بن الصامت، وعبد الله بن الصامت ضرب فخذ أبي العالية عندما حدث كل واحد منهم بهذا الحديث.وزياد الذي أشار إليه أبو العالية، وذكره لـعبد الله بن الصامت هو المعروف بـزياد بن أبيه الذي كان أميراً على البصرة.
تراجم رجال إسناد حديث: (صل الصلاة لوقتها فإن أدركت معهم فصل ...)
قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب].وهو زياد بن أيوب البغدادي، وهو ثقة، حافظ، ولقبه، دلويه، وكان أحمد يلقبه بـشعبة الصغير، يعني: لحفظه، وإتقانه.وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي .[حدثنا إسماعيل بن علية].وهو ابن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـابن علية، وهو ثقة، ثبت، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا أيوب].وهو ابن أبي تميمة كيسان السختياني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي العالية البراء].واسمه زياد بن فيروز، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي .[فأتاني ابن الصامت].وهو عبد الله بن الصامت، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[سألت أبا ذر].وهو جندب بن جنادة على أصح الأقوال في تسميته، وتسمية أبيه، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عن أبي ذر، وعن الصحابة أجمعين، وهو من مشاهير الصحابة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وفي الإسناد أن أبا العالية لما جاء إليه عبد الله بن الصامت، وضع له كرسياً فجلس عليه، وهذا فيه إكرام الزائر، وإجلاسه في المكان المناسب؛ لأنه قدم له كرسياً ليجلس عليه عندما أتى إليه، أي: أتى عبد الله بن الصامت إلى أبي العالية.
شرح حديث: (لعلكم ستدركون أقواماً يصلون الصلاة لغير وقتها... وصلوا معهم واجعلوها سبحة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعلكم ستدركون أقواماً يصلون الصلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم فصلوا الصلاة لوقتها، وصلوا معهم، واجعلوها سبحة)].وهنا أورد النسائي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أيضاً، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لعلكم ستدركون أقواماً يؤخرون الصلاة عن وقتها، فإن أدركتموهم فصلوا الصلاة لوقتها، وصلوا معهم، واجعلوها سبحة)، أي: نافلة؛ لأن السبحة هي النافلة، والتسبيح هو التنفل، ومن ذلك قول ابن عمر رضي الله عنه: (لو كنت مسبحاً لأتممت)، أي: لو كنت متنفلاً، مع أنه يقصر في السفر، وكذلك أيضاً في قصة الجمع بمزدلفة: (ولم يسبح بينهما)، أي: لم يتنفل، فالمقصود بالتسبيح هو التنفل، ويقال للنافلة: سبحة، أي: المراد بها نافلة، أي: تكون الثانية سبحة، والحديث دال على ما دل عليه الذي قبله، وهو أن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها، ويحضر للصلاة معهم، فتكون تلك الصلاة التي يصليها معهم له نافلة.
تراجم رجال إسناد حديث (لعلكم ستدركون أقواماً يصلون لغير وقتها... وصلوا معهم واجعلوها سبحة)
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].وهو السرخسي اليشكري، وهو ثقة، مأمون، سني، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، فهو مثل أبي العالية ؛ لأن أبا العالية خرج له البخاري، ومسلم، والنسائي . [حدثنا أبو بكر بن عياش].هو ثقة، عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه الصحيح، وحديثه أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح، وأخرجه أصحاب السنن الأربعة، أي: لم يخرج له البخاري، ولم يخرج له مسلم في الصحيح، وإنما خرج له في مقدمة الصحيح.وإذا كان نص عليه في تهذيب الكمال فهو المعتبر؛ لأنه ينص على الأسماء، وأما التقريب فإنه بالرموز، وأحياناً الرموز يكون فيها تحريف، وأحياناً يكون فيها سقط، ولكن المزي في تهذيب الكمال ينص على من خرج للراوي بالأسماء، فيقول: روى له فلان، وفلان، وفلان، بدون رمز.[عن عاصم عن زر عن عبد الله].عن عاصم عن زر عن عبد الله قد مر ذكرهم في الإسناد المتقدم.
من أحق بالإمامة

شرح حديث: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [من أحق بالإمامة؟أخبرنا قتيبة حدثنا فضيل بن عياض عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم في الهجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سناً، ولا تؤم الرجل في سلطانه، ولا تقعد على تكرمته إلا أن يأذن لك)].هنا أورد النسائي: (من أحق بالإمامة؟)، أي: إذا وجد جماعة، وأرادوا أن يصلوا، فمن الذي يقدم في الإمامة منهم، ومن أحق بالإمامة منهم.وأورد النسائي حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة)، فهنا قال: (فأقدمهم هجرة، وإن كانوا في الهجرة سواء فأعلمهم بالسنة، وإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سناً، ولا تؤم الرجل في سلطانه، ولا تقعد في بيته على تكرمته إلا أن يأذن لك)، والحديث رواه مسلم في صحيحه، ولكن قدم الأعلم بالسنة على الأقدم هجرة، ولا شك أن هذا هو الواضح، أي: الذي بعد القراءة العلم بالسنة، وإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، وإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فالأعلم بالسنة أولى ممن هو أقدم هجرة؛ لأنه قد يكون أقدم هجرة وهو عامياً، ولكن إذا تساووا في القراءة فإنه يقدم الأعلم بالسنة؛ لأنه أولى ممن يكون أقدم هجرة، ثم بعد ذلك من يكون أكبر سناً، فإذا تساووا في هذه الأمور الثلاثة المتقدمة: القراءة، والسنة، والهجرة يقدم من يكون أكبر سناً، وأقدم سناً.والحديث هو الذي أشرت إليه في أول الدرس إلى أن التوفيق بينه وبين ما جاء في تقديم أبي بكر في الصلاة على غيره، مع أنه قال: [(يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)]، قال: [(أقرأكم أبي)]، وأن الجواب عن ذلك أنه إما إشارة إلى إمامته، ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان ينيبه قبل موته عليه الصلاة والسلام، ولكن ذلك لعلمه، ومن المعلوم: أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم علماء بالكتاب، وعلماء بالسنة، فـأبو بكر لما قدم قدم لأنه أعلمهم بالكتاب والسنة، أعلمهم بالعلم المطلق الذي يكون في الكتاب والسنة.قوله: [(يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)]، أي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يكون أقدمهم هجرة، ثم يكون أكبرهم سناً.قوله: [(ولا يؤم الرجل في سلطانه)]، أي: أن الأمير والوالي هو الأحق، وله حق التقدم على غيره، وإذا أذن لغيره فله أن يتقدم، والحق له؛ لأنه هو الأمير الذي له الولاية، فيكون له حق الإمامة إذا حضر، وإذا قدم غيره فإنه يتقدم تحقيقاً لأمره، وتنفيذاً لأمره.وقوله: [(ولا يجلس على تكرمته إلا أن يأذن له)]، يعني: إذا جاء الإنسان في بيته فإنه لا يختار المكان الأنسب، والمكان المتميز، وإنما المكان الذي هو متميز، والذي هو له ميزة على غيره يكون لمن يأذن له صاحب البيت، فلا يأتي ويجلس في مكان، مع أن صاحب البيت يريد أن يجلس فيه شخص آخر أولى منه، فمن الأدب أن الإنسان يجلس حيث يؤذن له في الجلوس، وإذا كان هناك مكان متميز في البيت فلا يأتي أي واحد من الناس ويجلس فيه، وإنما إذا قيل له: اجلس جلس، وإلا فإنه يجلس في أي مكان من الأماكن التي لا تميز فيها.
تراجم رجال إسناد حديث: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، الثقة، الثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا فضيل بن عياض].وهو فضيل بن عياض، وهو المشهور بالزهد، وهو ثقة، عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وهو مثل إسحاق بن راهويه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.[عن الأعمش].وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقبه.[عن إسماعيل بن رجاء].وهو إسماعيل بن رجاء، وهو ثقة، خرج له مسلم، والأربعة.[عن أوس بن ضمعج].وهو أوس بن ضمعج، وهو ثقة، خرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة أيضاً، وهو مثل الذي قبله، أي: مثل تلميذه.[عن أبي مسعود].وهو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، صحابي جليل من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، مشهور بكنيته، وأحياناً تتصحف كنيته مع ابن مسعود فيقال ابن مسعود؛ لأن كلمة ابن وكلمة أبي مسعود متقاربان، وأبو مسعود غير ابن مسعود، أبو مسعود هو عقبة بن عمرو الأنصاري، وأما ابن مسعود فهو عبد الله بن مسعود الهذلي المهاجري رضي الله تعالى عنه، وقد تصحفت في كثير من نسخ بلوغ المرام؛ لأنه في كثير من النسخ عن ابن مسعود، وهو ليس ابن مسعود، وإنما هو أبو مسعود.وحديث عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري رضي الله تعالى عنه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة

الفرق بين مقدمة صحيح مسلم وبين صحيح مسلم في الاشتراط
السؤال: هل الأحاديث التي في مقدمة صحيح مسلم اشترط فيها مسلم ما اشترطه في الصحيح؟الجواب: لا أعلم هذا الاشتراط، ولكن الذي يدل على تمييزهم لذكر المقدمة، والتخريج فيها، وذكر الرجال على أن هناك فرقاً بين المقدمة وبين الصحيح، فهم يرمزون لـمسلم في المقدمة بميم وقاف، ولـمسلم في الصحيح بميم، أي: للرجال، وكذلك عندما يأتي الحديث يقولون: في مقدمة صحيحه، مما يشعر بأن هناك فرقاً بين المقدمة وبين الصحيح.
إعادة صلاة الفريضة تنفلاً في الوقت المنهي عنه
السؤال: هل يصلى مع من يؤخرون الصلاة، حتى ولو كانت في وقت نهي؟الجواب: نعم؛ لأن الصلاة إذا أعيدت يصلي الإنسان ولو في وقت النهي؛ لأن صلاة النافلة وراء من هو مفترض جاءت بها السنة في قصة الرجلين اللذين جاءا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله! إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #183  
قديم 20-12-2019, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(144)

- (باب تقديم ذوي السن) إلى (باب إذا تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي هل يتأخر؟)

بيّن الشرع الحكيم على أن الإمامة في الصلاة تكون لمن هو أقرأ لكتاب الله، أو أعلم بالسنة أو الهجرة أو السنة، وألا يؤم الرجل في سلطان غيره، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه.
تقديم ذوي السن

شرح حديث: (وليؤمكما أكبركما)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [تقديم ذوي السن.أخبرنا حاجب بن سليمان المنبجي عن وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، وقال مرة: أنا وصاحب لي، فقال: إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما)].النسائي رحمه الله: تقديم ذوي السن.أي: تقديم الأكبر سناً في الإمامة، أي: يتقدم في الصلاة إذا أراد يصلي بغيره لكونه أكبر سناً من غيره، وقد أورد فيه حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، وقال مرة: أنا وصاحب لي، فقال عليه الصلاة والسلام: إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما)، ومحل الشاهد منه قوله: (وليؤمكما أكبركما).وقد سبق أن مر في الحديث الذي قبل هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)، وهنا يقول: (وليؤمكما أكبركما)، ولا تنافي بين ما جاء في هذا الحديث والحديث الذي قبله؛ لأن الحديث الأول تشريع عام، وبيان من يكون أولى بالإمامة مطلقاً، أما هذا الحديث فإنه يفهم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنهما متماثلان، وأنهما متساويان، يعني: في الأمور التي يكون فيها التقديم قبل السن، فيكون قوله: (وليؤمكما أكبركما)، هذا هو الذي يتميز به أحدهما عن الآخر في الأولوية بالإمامة، والأمور الأخرى يكونان متفقين فيها أو متماثلين فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهما إلى أن يؤمهما أكبرهما.وقد سبق أن مر أيضاً: أنهم كانوا جاءوا وجلسوا عنده مدة، يعني: مالك بن الحويرث ومعه جماعة من قومه، وتعلموا ثم رجعوا، والرسول قال: (يؤمكم أكبركم)، فيفهم منه أن المراد بذلك: أنهم متساوون في الأمور التي هي أحق وأولى بالتقديم من أجلها، وهي: القراءة، والعلم بالسنة، والأقدمية في الهجرة، فإذا حصل التساوي في هذه الأمور والتماثل فإنه يقدم الأكبر سناً، وعلى هذا لا تنافي بين هذا الحديث والحديث الذي قبله، فلا يقال: إن الحديث يدل على أن المراد: أن الأكبر سناً هو الذي يقدم مطلقاً أخذاً بهذا الحديث، وإنما المعتبر هو ما جاء في حديث أبي مسعود، حيث قال: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً أو أكبرهم سناً).أما هذا فإنه يخاطب اثنين متماثلين، متشابهين، متساويين في أمور يكون فيها التقديم، فأرشد إلى ما يكون التقديم به وهو السن، فيحمل هذا على هذا، وحديث أبي مسعود على الترتيب، وتقديم البعض على البعض؛ وذلك بأن يقدم الأقرأ، ثم الأعلم بالسنة، ثم الأقدم هجرة، ثم الأكبر سناً، وهذا هو التوفيق بين هذا الحديث والحديث الذي قبله.ثم قوله: [(إذا سافرتما فأذنا وأقيما)]، هذا أيضاً يدل على حصول الأذان، والإقامة، وأنه يؤذن سواء كانوا جماعة أو واحد؛ حتى الواحد يشرع له أن يؤذن؛ لأنه لا يسمعه شيء إلا شهد له يوم القيامة، كما جاء ذلك في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك في قصة الراعي الذي سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن وهو وحده، فالأذان يشرع للإنسان سواء كان وحده أو جماعة، فإذا كان في سفر أو كان في فلاة، فإنه يؤذن ويرفع صوته، وقد يسمعه أحد فيأتي ويصلي معه، أو يتعرف عليه ويأتي إليه بسبب هذا الصوت الذي حصل، ثم أيضاً ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، من شهادة ما يسمعه من إنس وجن وشجر وغير ذلك، يوم القيامة، كما جاء ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.فالترجمة تقديم ذوي السن، وقوله: [(وليؤمكما أكبركما)]، يدل عليه، وعرفنا أن المقصود من ذلك: أنهم إذا كانوا متساوين في الأمور الأخرى التي يكون فيها التقديم، وهي: القراءة، والعلم بالسنة، والهجرة، فيقدم الأكبر سناً.
تراجم رجال إسناد حديث: (وليؤمكما أكبركما)
قوله: [أخبرنا حاجب بن سليمان المنبجي].وهو حاجب بن سليمان المنبجي، صدوق يهم، وخرج له النسائي وحده.[عن وكيع].وهو ابن الجراح بن مليح الرؤاسي، وهو الثقة، الحافظ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن سفيان].غير منسوب، فيحتمل ابن عيينة، ويحتمل الثوري، ولكنه يحمل على الثوري؛ لأن وكيعاً معروف بالرواية عن الثوري، ومكثر من الرواية عنه، بخلاف ابن عيينة فإنه مقل من الرواية عنه، والسبب في هذا أن وكيعاً من أهل الكوفة، والثوري من أهل الكوفة، فهما في بلد واحد، والتلازم موجود، واللقاء مستمر، فتكثر الرواية، بخلاف ما إذا كان الإنسان في بلد آخر، فإنه لا يتيسر له الأخذ عنه إلا في مناسبة؛ لأن سفيان بن عيينة مكي ووكيع كوفي، ومعنى هذا: أنه يلتقي به إذا ذهب لحج أو عمرة، أو رحلة لطلب الحديث.أما سفيان الثوري فهو ملازم له في بلده، فالكل من أهل الكوفة، فيراه صباحاً ومساء، ويلتقي به متى شاء، ويأخذ عنه متى شاء، فهو مكثر -أي: وكيع - من الرواية عن سفيان الثوري، ومقل من الرواية عن سفيان بن عيينة، فإذا جاء سفيان يروي عنه وكيع وهو غير منسوب، فإنه يحمل على الثوري لكونه أكثر له ملازمة وأكثر عنه رواية، ولكونه من بلده.وسفيان الثوري ثقة، حجة، إمام، فقيه، ومن المحدثين القلائل الذين ظفروا بوصف أمير المؤمنين في الحديث، وهو لقب رفيع ووصف عال لم يحصل إلا للقليل النادر من المحدثين، مثل: سفيان الثوري، وشعبة، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والدارقطني، وعدد آخر غير هؤلاء، وكانوا يعولون على معرفة تقديم الرجال بعضهم على بعض فيما إذا كانوا كلهم في القمة بأن يحسبوا أغلاط كل واحد منهم، فمن كان أقل غلطاً قدموه، واعتبروه أميز من غيره، وإن كانوا كلهم في القمة إلا أنهم يميزون بينهم بعد الغلطات، وعد الأوهام؛ أي: أوهامهم تكون محدودة وقليلة، فإذا عدوها وجدوا هذا عنده عشرة أوهام، أو هذا عنده خمسة أوهام، وواحد عنده وهم، أو وهمين، فيقدمون من يكون عنده وهمان على من عنده خمسة أوهام أو ستة أوهام وهكذا، فهذا هو المقياس الذي يزنون به الرجال، ويميزون به بين الرجال في الحفظ والإتقان، بأن يحسبوا أخطاءهم، وأن يعدوها، ثم يقدمون، ويرجحون جانب من قلت أوهامه على من كان أكثر منه، وإن لم يكن كثير الأوهام، ولكن أوهامهم كلهم قليلة، لكن بعضهم أقل من بعض، فمثلاً: الاثنين أقل من ثلاثة، وثلاثة أقل من خمسة وهكذا؛ فيكون صاحب الاثنين مقدم على صاحب الخمسة، أو صاحب الستة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.وقد ذكر أنه سئل عن سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج أيهما أثبت وأيهما أتقن؟ فقدموا سفيان؛ وذلك بسبب قلة أخطائه بالنسبة إلى الثاني، وإن كان الكل خطؤه قليل إلا أن من كان أقل يقدم على غيره.[عن خالد الحذاء].هو خالد بن مهران الحذاء، وهو ثقة، يرسل، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وإنما لقب بالحذاء ليس لأنه يبيع الأحذية ولا يصنع الأحذية، وهذا هو المتبادر، فعندما يقال: الحذاء يتبادر للذهن أنه يبيع الأحذية أو يصنعها، لكن ليس هذا ولا هذا، وإنما قيل في سبب تلقيبه: أنه كان يجالس الحذائين، فيأتي ويجلس عند الحذاء في دكانه، فقيل له: الحذاء؛ لأنه يجالس الحذائين، فهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن، وقيل: لأنه كان يقول للحذاء: احذ على كذا، احذ على كذا، أي: يعطيه شيء ويقول: احذ على كذا، يعطيه مقياس ويقول: احذ عليه، أي: اصنع على حذائه، وعلى نحوه، وعلى مثله، وهي أيضاً -كما هو معلوم- نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن. [عن أبي قلابة].هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري، وهو ثقة، كثير الإرسال، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو قلابة .[عن مالك بن الحويرث].هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
اجتماع القوم في موضع هم فيه سواء

شرح حديث: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [اجتماع القوم في موضع هم فيه سواءأخبرنا عبيد الله بن سعيد عن يحيى عن هشام حدثنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)].أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي: اجتماع القوم في موضع هم فيه سواء.أي: لا فرق لأحد على أحد؛ أي: لا يتميز أحد بميزة بأن يكون صاحب محل، أو يكون سلطان، أو يكون إمام مسجد، أو من الذين يكون لهم أولوية على غيرهم، وممن يكون متميزاً عليهم في قراءة، أو علم بسنة، أو ما إلى ذلك؛ لأن السلطان أولى من غيره في الإمامة في مكان سلطانه، ومكان ولايته كالأمير، كما مر بنا في الحديث الذي مضى بالأمس: زياد بن أبيه الذي كان يؤخر الصلاة، وقد ذكر عبد الله بن الصامت لـأبي العالية: أنه يصلي الصلاة في وقتها، ثم يأتي يصلي معه؛ وذلك للحديث الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فإذا اجتمع قوم في مكان وليسوا فيه سواء، كأن يكون مثلاً صاحب سلطان موجود؛ لأنه أقدم منهم، وأولى منهم، أو يكون صاحب البيت، فإنه يكون أولى منهم في البيت، وكذلك أيضاً إمام المسجد الراتب أولى من غيره ممن حضروا، ولو كان أقرأ منه، فهنا قال: باب اجتماع القوم في موضع هم فيه سواء؛ معناه: أنه يقدم أقرأهم، يعني: يؤمهم أحدهم، وأحق بالإمامة أقرأهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة)، وجاء في آخره: (ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه)، معناه: أن السلطان مقدم على غيره في الإمامة في مكان ولايته، ومكان إمارته، وإن كان غيره أقرأ منه.قوله (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرأهم)؛ أي: إذا كانوا متساوين، وليس هناك من هو أحق بالمكان، ومن له أولوية بسبب المكان، أو بسبب الولاية، أو بسبب كونه إماماً راتباً.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].وهو عبيد الله بن سعيد اليشكري السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، قيل له: سني؛ لأنه أظهر السنة في بلده، وهو ثقة، حافظ، وأخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي.[عن يحيى].وهو ابن سعيد القطان، المحدث، الناقد، المعروف كلامه في الجرح والتعديل، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن هشام].وهو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا قتادة].وهو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي نضرة].وهو المنذر بن مالك البصري، وهو ثقة، وخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهو مشهور بكنيته أبو نضرة.[عن أبي سعيد].وهو سعد بن مالك بن سنان، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته ونسبته؛ كنيته أبو سعيد، ونسبته الخدري مشهور بهذا، وهو أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين قال فيهم السيوطي في الألفية:والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريوجابر وزوجة النبي
اجتماع القوم وفيهم الوالي

شرح حديث: (لا يؤم الرجل في سلطانه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [اجتماع القوم وفيهم الواليأخبرنا إبراهيم بن محمد التيمي حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤم الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه)].أورد النسائي : اجتماع القوم وفيهم الوالي، أي: من يقدم؟ يقدم الوالي، الوالي الأمير، الإمام الأعظم، أو الأمير أمير البلد الخاص؛ فإنه أحق بالإمامة، وأولى بالإمامة، وإذا قدم أحداً أو أذن لأحد أن يتقدم فيتقدم، لكن الحق له، والأولوية له؛ لما في ذلك من اجتماع الكلمة، والمتابعة في الصلاة وفي غيرها، بأن يكون متبوعاً، ويكون إماماً، ويكون مرجعاً، إذا اجتمع القوم وفيهم الوالي فالوالي أولى، وقد أورد النسائي حديث: أبي مسعود مختصراً، وهو الحديث المتقدم، إلا أنه ذكر هنا مختصراً، أي: آخره، قال: (ولا يؤم الرجل في سلطانه)، أي: لا يؤمه غيره وهو في مكان ولايته، أي: لا يؤمه، ليس معنى ذلك: أنه لا يتأتى لغيره أن يفعل ذلك؛ بل إذا أذن يفعل، ولكن لا يؤم، يعني: بمعنى أن أحداً يتقدم عليه بدون إذنه وبدون تقديمه، بل هو الحق له، ولكن إذا قدم أحداً فإنه يتقدم، لكن هو الأولى بالصلاة والأولى بالإمامة.قال: [(ولا يؤم الرجل في سلطانه)]، يعني: في المكان الذي هو صاحب ولاية فيه، يعني: سواء كان إماماً عاماً، أو أميراً خاصاً، فإن الإمامة أو الأولوية للوالي، كما جاء في هذا الحديث: (ولا يؤم الرجل في سلطانه)، والحديث سبق أن تقدم، ولكنه أورد هذه القطعة منه من أجل دلالتها على الترجمة وعلى ما ترجم له.وقوله: [(ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه)]، يعني: صاحب البيت، وكذلك السلطان عندما يؤتى إليه أو يؤتى إلى صاحب البيت، فإن المكان المتميز الذي يجلس فيه من يراد إكرامه أكثر، وتقديمه على غيره، الحق فيه لصاحب المحل، وليس لأحد أن يأتي ويجلس في المكان المتميز متطفلاً بدون أن يؤذن له، وإنما يجلس إذا أذن له يجلس، وإلا فإنه يجلس في الأماكن التي هي ليست متميزة والتي هي صدر المجلس، والمكان المقدم في المجلس الذي يخصص لمن يريد صاحب المحل أن يجلسه فيه إكراماً له وتمييزاً له على غيره، إن أجلسه وأذن له أن يجلس جلس، وإلا فيجلس في الأماكن الأخرى التي تكون لعامة الناس، والتي تكون لسائر الناس، أما ما يكون لخاصة الناس ويأتي أي واحد يجلس فيه فهذا ليس طيب وليس بمناسب، والمناسب هو أنه يجلس في الأماكن الأخرى، ولا يجلس في المكان الذي مخصص للإكرام أو من يراد إكرامه إلا إذا أذن له بالجلوس فإنه يجلس، فإذا قال: تفضل اجلس هنا، يأتي يجلس، أما كونه يأتي ويختار المكان من المجلس مع أنه قد هيأه لأناس سيأتون ويكونون فيه، فهذا هو الذي يدل الحديث على عدم فعله.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #184  
قديم 20-12-2019, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يؤم الرجل في سلطانه)
قوله: [أخبرنا إبراهيم بن محمد].وهو إبراهيم بن محمد التيمي، وهو ثقة، وخرج له أبو داود، والنسائي.[حدثنا يحيى بن سعيد].وهو يحيى بن سعيد، وهو القطان المتقدم ذكره.[عن شعبة].وهو ابن الحجاج الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن إسماعيل بن رجاء].وهو ثقة، خرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.[عن أوس بن ضمعج].وهو ثقة، خرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، مثل تلميذه الذي قبله.[عن أبي مسعود].هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي جليل، وهو مشهور بكنيته أبو مسعود، وذكرت في الدرس الماضي: أنه قد يتصحف أبو مسعود بـابن مسعود، فابن مسعود هو عبد الله بن مسعود الهذلي المهاجري، وأما هذا أبو مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، فذاك مهاجري، وهذا أنصاري، وذاك ابن مسعود، وهذا أبو مسعود، ولهذا كما قلت: إنها تصحفت في بعض نسخ بلوغ المرام فقيل: عن ابن مسعود، مع أن الحديث: عن أبي مسعود، وليس عن ابن مسعود، ولكن تصحفت (أبي) إلى (ابن)، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
إذا تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي هل يتأخر؟

شرح حديث سهل بن سعد فيما لو تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي هل يتأخر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي هل يتأخر؟أخبرنا قتيبة حدثنا يعقوب وهو ابن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم في أناس معه، فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحانت الأولى، فجاء بلال إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حبس وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت، فأقام بلال، وتقدم أبو بكر فكبر بالناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف، حتى قام في الصف، وأخذ الناس في التصفيق، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن يصلي، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله عز وجل، ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: يا أيها الناس! ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق؟ إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول: سبحان الله إلا التفت إليه، يا أبا بكر! ما منعك أن تصلي للناس حين أشرت إليك؟ قال أبو بكر : ما كان ينبغي لـابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم)].أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: إذا تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي، هل يتأخر؟إذا تقدم الرجل من الرعية، يعني: في الإمامة، ثم جاء الوالي، هل يتأخر ذلك المتقدم؟ أو بمعنى أعم: إذا تأخر من له حق الإمامة، أو من هو صاحب الإمامة، كالوالي، أو كإمام المسجد الراتب، ثم جاء صاحب الأولوية، هل يتأخر ذلك الذي تقدم أو أنه يستمر في صلاته؟ أورد النسائي في ذلك حديث: سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام ذهب إلى بني عمرو بن عوف، وهم أهل قباء من الأنصار، وكان حصل بينهم شيء، يعني: حصل بينهم نزاع وخلاف، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم، وحان وقت الصلاة، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أذن للصلاة، وجلسوا ينتظرونه، فجاء بلال المؤذن واستأذن أبا بكر بأن يصلي بالناس، أو طلب منه، أو آذنه بأن يصلي بالناس، فقال: إن شئت، فأقام، وصلى أبو بكر، دخل أبو بكر في الصلاة، ولما دخل أبو بكر في الصلاة جاء رسول عليه الصلاة والسلام، فمشى بين الصفوف حتى صار في الصف الأول، فلما صار في الصف الأول أخذ الناس في التصفيق، أي: يريدون أن ينبهوا أبو بكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصل، فلما أكثروا في التصفيق التفت، وإذا الرسول دخل في الصلاة، وصار في الصف الأول ودخل في الصلاة مأموماً، فأشار إليه بأن يبقى في إمامته وفي صلاته، فرفع أبو بكر يديه وحمد الله، يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن له، وأن عمله لم يكن خطأً، وأنه أذن له بأن يواصل وأن يستمر في الصلاة، فرفع يديه، ثم إنه رجع القهقرى حتى صار في الصف، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس، ثم إنه لما فرغ من صلاته خاطب الناس وقال: (ما لكم أخذتم في التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته فليسبح، فليقل: سبحان الله، إنما التصفيق للنساء)، ثم أقبل على أبي بكر وقال: (مالك لم تصل إماماً إذا أشرت لك؟)، أي: لم تصل إماماً، أي: تستمر، فقال: ما كان لـابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.محل الشاهد من الحديث: أن أبا بكر رضي الله عنه لما تقدم للصلاة بعد أن تأخر الرسول صلى الله عليه وسلم في المجيء وحان وقت الصلاة، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء، فتأخر أبو بكر وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، محل الشاهد منه قوله: هل يتأخر؟ أي: الإمام الذي هو بدل الإمام الراتب الذي ناب عن الإمام أو يبقى؟ أي: ذكر المسألة على سبيل الاستفهام، وفعل أبي بكر يدل على أنه يتأخر، لكن هذا فيما إذا كان في أول الصلاة، والحديث إنما جاء في أول الصلاة لأنه دخل في الصلاة، وفي بعض الروايات: (استفتح بالصلاة)، وبعضها: (كبر في الصلاة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم)، إذاً: هو في أول الصلاة، فتأخر أبو بكر وتقدم رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن إذا كان مضى شيء من الصلاة، أو صلى بعض الركعات، ثم جاء الإمام، فهل الأولى أن يتقدم أو يستمر؟ الأولى أن يستمر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث آخر في صحيح مسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وتأخر ليقضي حاجته، ثم بعد ذلك القوم تقدموه، وصلى بهم عبد الرحمن بن عوف فلما قضى ركعة من الصلاة وجاء في الركعة الثانية، وإذا رسول الله يأتي، فدخل وصلى معه الركعة الثانية، ولما سلم عبد الرحمن بن عوف قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى الركعة التي سبق بها، فدل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في قصة إمامة عبد الرحمن بن عوف أنه إذا مضى شيء من الصلاة يكون مأموماً، وأن الإمام الأول يستمر، وإذا كان في أول الصلاة فلا بأس أن يتأخر إذا أراد أن يتأخر، وإن أراد أن يستمر فله ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يستمر ولكنه لم يستمر، ورجع ليتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما وهم في أول الصلاة.فإذاً: يحمل ما جاء في حديث أو في قصة أبي بكر هذه على ما إذا كان جاء الإمام وهو في أول الصلاة لم يمض منها شيء، وأنه إذا مضى منها شيء فيكون العمل على ما جاء في إمامة عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، والحديث في صحيح مسلم، فإذاً: يفصل بين ما إذا كان في أول الصلاة أو مضى منها، فإذا كان في أولها، يعني: إن تأخر فلا بأس، وإن بقي فلا بأس، وإن كان مضى منها شيء فإن الأولى له أن يستمر والإمام يصلي مأموماً كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث صلى ركعة خلف عبد الرحمن، ثم بعد أن سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي ما سبق فيه، أي: يقضي الركعة التي سبق فيها.عن سهل بن سعد رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم في أناس معه).الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن بني عمرو بن عوف حصل بينهم شيء من الخلاف، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جماعة من قومه ليصلح بينهم، وهذا يدل على أهمية الإصلاح بين الناس؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ذهب بنفسه، وكان بإمكانه أن يرسل أحداً ينوب عنه في هذه المهمة لكنه ذهب بنفسه، وهذا يدلنا على أهمية الإصلاح بين الناس، لا سيما إذا كان الإمام هو الذي يتولى هذه المهمة، ويصلح بين أفراد الرعية، أو الأمير يصلح بين الناس؛ فإن هذا يكون أدعى إلى أن يستجاب لطلبه ولوساطته وإصلاحه لما يكون له من التقدير، ففعل الرسول صلى الله عليه وسلم كونه ذهب بنفسه يدل على أهمية الإصلاح بين الناس، وعلى عظم شأنه في الإسلام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، ذهب بنفسه، وكان بإمكانه أن يرسل من يقوم بهذه المهمة غيره، وفيه تواضع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ حيث ذهب للقيام بهذه المهمة ولم يرسل أحداً يقوم بالنيابة عنه.قوله: [(فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم)].حبس، أي: تأخر، أي: الحديث الذي جرى للإصلاح بينهم طال حتى تأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في أول وقتها، أي: في الوقت الذي كان يصليها فيه، أي: هذا هو معنى حبس، يعني أنه حصل مكث وجلوس معهم في قصد الإصلاح ومحاولة الإصلاح، حتى مضى الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤدي الصلاة فيه، فعند ذلك تقدم أبو بكر .فحانت الأولى، يبدو أنها الظهر؛ لأن صلاتي العشي هي: الظهر والعصر، يقال للظهر: الأولى بالنسبة للعصر، ثم أيضاً هي تجمع معها، أي: يجمع بعضهما إلى بعض في أولى وثانية، أي: الأولى التي تجمع معها الثانية، أي: في حال السفر، أو في الأمر الذي يقتضي ذلك مثل المرض.قوله: [(فحانت الأولى، فجاء بلال إلى أبي بكر، فقال: يا أبا بكر! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حبس وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت)].
صلاة أبي بكر بالناس ودلالة ذلك على فضله
ثم إن بلالاً جاء إلى أبي بكر رضي الله عنه، ومجيئه إلى أبي بكر رضي الله عنه دون غيره هذا يدل على علو مكانته، ومعرفة أنه هو المتقدم على غيره وأن غيره لا يتقدم عليه، وقد جاء في بعض الروايات: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن تأخرت فليصل أبا بكر، أو مروا أبا بكر فليصلِ) كما سيأتي عند النسائي في بعض الطرق في هذا الكتاب، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء وقت الصلاة)، أو ما معناه، (فمروا أبا بكر فليصل بالناس، أو فليصل أبو بكر بالناس)، وتقديم الرسول صلى الله عليه وسلم لـأبي بكر ليس خاصاً في مرض الموت؛ لأنه قدمه في مرض موته وقبل مرض موته، كما في هذه الحالة أو هذه القصة التي ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم فيها ليصلح بين الناس، فتقديم أبي بكر رضي الله عنه ليس خاصاً في مرض موته صلى الله عليه وسلم، بل في مرض موته وفي حال صحته وعافيته صلى الله عليه وسلم.قوله: [(فأقام بلال، وتقدم أبو بكر فكبر بالناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف، حتى قام في الصف)].أي: كبر بالناس، ودخل في الصلاة في أولها، في بعض الروايات: (استفتح في الصلاة)، أي: دخل فيها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما دخل أبو بكر في الصلاة، فجاء ومشى بين الصفوف حتى جاء في الصف الأول ودخل فيه وصلى، أي: دخل في الصلاة مأموماً.قوله: [(وأخذ الناس في التصفيق)].أخذ الناس في التصفيق، أي: يريدون أن ينبهوه إلى حضور رسول الله صلى الله عليه وسلم.قوله: [(وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم)].وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته؛ لإقباله عليها وكمال خشوعه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولكنه لما حصل هذا الإكثار من التصفيق، التفت وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم موجود، فالرسول أشار إليه بيده، يعني: بأن يبقى في مكانه، أشار إليه بأن يبقى في مكانه إماماً، فـأبو بكر رفع يديه وحمد الله، ثم إنه رجع القهقرى، أي: ما أراد أن يستمر في الصلاة ويكون إماماً لرسول الله عليه الصلاة والسلام، بل يريد أن يكون الإمام هو الرسول عليه الصلاة والسلام ،كلف الرسول عليه الصلاة والسلام حدثه بالإشارة، ونبهه بالإشارة، وهي أن يبقى في صلاته، ويستمر في إمامته، لكن أبا بكر رضي الله عنه لم يرد أن يواصل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه، ولهذا قال: ما كان لـابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.قوله: [(يا أيها الناس! ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق؟)].وأرشدهم إلى التسبيح، هذه من الأحكام التي جاءت الشريعة في التفريق بين الرجال والنساء فيها، فالأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام إذا لم يأت شيء يميز بين الرجال والنساء، أو يخص النساء دون الرجال، أو الرجال دون النساء، فالأصل هو التماثل والتساوي بين الرجال والنساء، لكن إذا جاء شيء يخصص مثل هذا الحديث، أي: التصفيق للنساء والتسبيح للرجال، والنضح من بول الغلام، والغسل من بول الجارية، كذلك فيما يتعلق بالميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، والعقيقة: الذكر له اثنتان والأنثى لها واحدة، ودية المرأة على النصف من الرجل، وهكذا مسائل جاءت السنة أو جاءت الشريعة في التفريق بين الرجال والنساء فيها، فيعول على ما جاء من التفريق، وحيث لم يأت شيء يفرق بين الرجال والنساء فالتساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، فالرجال والنساء يتساوون في الأحكام ما لم يأت شيء يدل على أن هذا للنساء وهذا للرجال ويميز بعضهم على بعض، وإلا فإن الأحكام هي للرجال والنساء واحدة، إلا فيما يتعلق بأن هذا يكون للرجال، مثل: الإمامة والولاية لا تكون للنساء، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، فالنساء ليست أهل ولايات، وإنما هن أهل تستر وتحجب وابتعاد عن الرجال والاختلاط بهم، والوالي لابد وأن يبرز للناس، وأن يكون له الأمر والنهي، والمرأة ليست أهلاً لذلك، فالأصل هو التساوي بين الرجال والنساء إلا إذا جاءت نصوص تقول: إن النساء كذا والرجال كذا، أو النساء يصلح لهن كذا ولا يصلح لهن كذا، الرجال يصلح لهم كذا ولا يصلح لهم كذا أو أن الرجال لهم هذا الحكم، والنساء لهن هذا الحكم، فعند ذلك المعول على ما جاءت به السنة من التفصيل، والتمييز بين الرجال والنساء.وقد جاء في بعض الروايات: (التصفيح)، وفي بعضها: (التصفيق)، والتصفيح هو التصفيق، إلا أن بعض العلماء يقول: إن التصفيح أقل من التصفيق، وهو: أن التصفيح يكون بضرب أصبعين من اليمنى على بطن اليسرى، وأما التصفيق فيكون بضرب اليد على اليد، والكل فيه خروج صوت، إما كلياً أو جزئياً، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن هذا إنما هو للنساء وليس للرجال، وأن الرجال شأنهم التسبيح إذا ناب الإمام شيء في صلاته، فإنه يسبح الرجل وتصفق المرأة.
تراجم رجال إسناد حديث سهل بن سعد فيما إذا تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي هل يتأخر
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا يعقوب وهو: ابن عبد الرحمن].وهو ابن عبد الرحمن، وهو القاري، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وقوله: [وهو ابن عبد الرحمن] هذه قالها من دون قتيبة، إما النسائي أو من دون النسائي ؛ لأن قتيبة لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان، وإنما ينسبه كما يريد، التلميذ ينسب شيخه كما يريد، ولا يحتاج إلى أن يقول: هو، وإن الذي يحتاج أن يقول: هو، هو من دون التلميذ؛ لأنه يأتي بشيء يميز ذلك الذي أهمله التلميذ، لكنه عندما يأتي بكلمة هو أو بكلمة يعني أو ما إلى ذلك من العبارات التي فيها الإشارة إلى أن هذه الزيادة ليست من التلميذ، وإنما هي من دون التلميذ، فأراد أن يوضح هذا الذي لم ينسبه التلميذ، فأتى بهذه العبارة حتى يتبين أنها ليست منه، أي: من التلميذ، وإنما هي ممن دونه.[عن أبي حازم].وهو أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي حازم .[عن سهل بن سعد].وهو سهل بن سعد الساعدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يكنى بـأبي العباس، وقد ذكرت فيما مضى: أن بعض العلماء قال: إن المعروف بمن يكنى بأبي العباس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان: هما سهل بن سعد الساعدي هذا، وعبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كنيته أبو العباس، أي: كنيته توافق اسم أبيه، عبد الله بن عباس، أبوه العباس وكنيته أبو العباس .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #185  
قديم 20-12-2019, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(145)



- (باب صلاة الإمام خلف رجل من رعيته) إلى (باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة)

إن أحق الناس بإمامة الصلاة هو الأقرأ لكتاب الله؛ سواء كان صغيراً أم كبيراً، بصيراً أم أعمى، وليس للزائر أن يتقدم على إمام المسجد إلا بإذنه، كما أنه يجوز لإمام المسلمين أن يصلي خلف رجل من رعيته.
صلاة الإمام خلف رجل من رعيته

شرح حديث: (آخر صلاة صلاها رسول الله... خلف أبي بكر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [صلاة الإمام خلف رجل من رعيته.أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم، صلى في ثوب واحد متوشحاً خلف أبي بكر)].يقول النسائي رحمه الله: صلاة الإمام خلف رجل من رعيته، وأورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد متوشحاً به خلف أبي بكر)، والمقصود منه قوله: (خلف أبي بكر )، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر.وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في مرض موته اختلفت فيها الروايات، هل كان إماماً، أو كان مأموماً؟ وهل الإمام أبو بكر رضي الله تعالى عنه؟ من العلماء من قال بالتعدد، ومنهم من قال بترجيح أنه كان هو الإمام، والأظهر هو عدم التعدد، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإمام، كما جاءت الروايات موضحة ذلك؛ حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي به يهادى بين رجلين حتى جلس على يسار أبي بكر، فصلى جالساً، وأبو بكر على يمينه يأتم برسول صلى الله عليه وسلم، ويأتم الناس بـأبي بكر، أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان صوته خافتاً؛ لأنه في مرض شديد، فلا يسمعه إلا من حوله، وأبو بكر رضي الله عنه يسمع صوته، فيكبر، فيسمعه الناس، وقد جاءت بعض الروايات موضحة فتكون هي الأرجح، ويكون من قال: إنه صلى خلف أبي بكر، أن يحمل على أنه إما أن يكون لم يسمع صوت الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يسمع صوت أبي بكر، فيظن أنه الإمام، لا سيما وقد دخل في الصلاة قبل أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يعرفون أن أبا بكر هو الذي صلى بهم، ودخل في الصلاة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بعدما دخل أبو بكر في الصلاة، وجلس على يمينه، ولكن الأظهر من هذا، والأوضح من هذا في الدلالة على الترجمة الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في سفر، فتأخر لقضاء حاجته، وتقدم الجيش، وعندما حان وقت الصلاة لم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقيمت الصلاة وصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس، ولما فرغ من الركعة الأولى، وصار في الركعة الثانية، وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مأموماً خلف عبد الرحمن بن عوف، ولما قضى عبد الرحمن الصلاة قام رسول صلى الله عليه وسلم ليقضي الركعة التي سبق فيها)، فهذا هو الدليل الواضح على الترجمة.وكذلك الحديث الذي مر في قصة استخلاف أو قصة صلاة أبي بكر عندما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بين بني عمرو بن عوف، حيث جرى بينهم خلاف، وحان وقت الصلاة ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى أبو بكر، ودخل في الصلاة، فجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى وصل إلى الصف الأول، ودخل في الصف، ودخل في الصلاة خلف أبي بكر، فالناس صاروا يصفقون، يريدون أن ينبهوا أبا بكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصل، فلما أكثروا من التصفيق التفت أبو بكر، وإذا رسول الله عليه الصلاة والسلام قائماً يصلي وراءه، فأشار إليه بأن يبقى مكانه، يواصل، ويستمر في الصلاة، فهذا دليل واضح على أنه صلى خلفه؛ لأن صلى جزءاً من الصلاة خلفه، حيث دخل في الصلاة، وأبو بكر هو الإمام، أراد منه أن يواصل، حيث أشار إليه بأن يستمر.فهذان الدليلان هما الواضحان وضوحاً جلياً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خلف رجل من رعيته، فقد صلى خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة، وقام يقضي الركعة الباقية، وصلى خلف أبي بكر بعض ركعة، وأشار إليه أن يواصل الصلاة، وأن يستمر فيها، ولكن أبا بكر رضي الله عنه لم ير أن يستمر مصلياً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الإمام أو إمام المسجد جاء وقد أقيمت الصلاة، فإذا كان مضى شيء من الصلاة فإن الأولى أن يستمر النائب كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف، وإذا كان في أول الصلاة فلا بأس أن يتأخر الإمام النائب، ويتقدم الذي هو الإمام الراتب، أو الذي حصلت النيابة عنه؛ لأن الصلاة لم يفت منها شيء، ولكن إذا فات منها شيء فالأولى أن يستمر الإمام النائب في الصلاة، والإمام الراتب يصلي وراء ذلك الإمام الذي ناب عنه.وحديث أنس الذي معنا ليس بواضح الدلالة على الترجمة من جهة أن الروايات اختلفت في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته، حيث أتي به يهادى بين رجلين، حتى أجلس على يسار أبي بكر وهو يصلي بالناس في أول الصلاة، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام، وأبو بكر يقتدي به، والمصلون وراءه يقتدون بـأبي بكر، بمعنى آخر كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً، وأبو بكر بجواره قائماً، وهو يكبر بتكبير رسول الله عليه الصلاة والسلام، والناس يتابعون أبا بكر ولا يسمعون صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم.إذاً: ترجمة الحديث ليس بواضح الدلالة عليها، والذي هو واضح ما أشرت إليه من الحديثين، الحديث الذي مر عند النسائي، والحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في صلاة عبد الرحمن بن عوف إماماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه.
تراجم رجال إسناد حديث: (آخر صلاة صلاها رسول الله... خلف أبي بكر)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، حافظ، خرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وقد أكثر مسلم الرواية عن علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي .[حدثنا إسماعيل].وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـابن علية، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا حميد].وهو حميد بن أبي حميد الطويل البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أنس].وهو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، خدمه عشر سنوات منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو من صغار الصحابة، وقد عاش وعمر طويلاً حتى أدركه صغار التابعين ومتوسطوهم ورووا عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.وهذا الإسناد من الأسانيد العالية عند النسائي؛ لأنه رباعي، وأعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات، وهنا بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص: علي بن حجر، وإسماعيل بن علية، وحميد الطويل، وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، فهؤلاء الأربعة هم إسناد هذا الحديث، وهم رجال هذا الحديث، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي ؛ لأن أعلى ما عنده الرباعيات، وليس عنده شيء من الثلاثيات، ومثل النسائي -في أن أعلى ما عنده الرباعيات- مسلم، وأبو داود، فهؤلاء الثلاثة أعلى ما عندهم الرباعيات، وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد، أي: الخمسة الثلاثيات التي عند ابن ماجه .
شرح حديث: (أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى في الصف)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا بكر بن عيسى صاحب البصرى سمعت شعبة يذكر عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها: (أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف)].وهنا أورد النسائي هذا الحديث، وهو حديث عائشة : (أن أبا بكر صلى للناس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف)، وهذا الحديث إذا كان المراد به الذي حصل في مرض موته صلى الله عليه وسلم فقد عرفنا ما يتعلق به، وإن كان المراد به ما حصل من قصة تقدمه إماماً، أي: تقدم أبي بكر إماماً، وأن الرسول ذهب يصلح بين بني عمرو بن عوف، ثم جاء ودخل في الصف وراءه فهذا لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في الصف، والذي صلاه خلف أبي بكر هو بعض ركعة، وهذا واضح الدلالة على ما ترجم له، ولكن إذا كان مقصوده في مرض موته فهذا ليس بواضح، بل لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم بالصف في مرض موته، بل كان على يسار أبي بكر كما جاءت الروايات مبينة، وموضحة ذلك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى جالساً، وأبو بكر يصلي قائماً عن يمينه، يقتدي أبو بكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتدي المأمومون بـأبي بكر رضي الله تعالى عنه.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى في الصف)
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].محمد بن المثنى هو أبو موسى الملقب بـالزمن.إذاً: محمد بن المثنى العنزي كنيته أبو موسى، ولقبه الزمن، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة جميعاً، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، وقد مات قبل البخاري بأربع سنوات، وقد أدركه من بعد البخاري، ولهذا فإن النسائي روى عنه، ووفاته سنة: (303هـ)، وروى عنه من هو متأخر بعد البخاري .إذاً: فهو من صغار شيوخ البخاري، وروى عنه من هو بعد البخاري، وكانت وفاته قبل البخاري بأربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة: (256هـ)، ومحمد بن المثنى توفي سنة: (252هـ)، ويماثله في هذا -أعني: كونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة- محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء الثلاثة ماتوا في سنة واحدة، في سنة: (252هـ)، وكل واحد منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة.[حدثنا بكر بن عيسى].بكر بن عيسى صاحب البصري، وصاحب البصري، ولا أدري ما المراد بها، ولا عرفت ما يوضحها ويبينها، وبكر بن عيسى الراسبي ثقة، خرج له النسائي وحده، والمصادر المختلفة كلها تذكر صاحب البصري أو صاحب البصرى، ومثله شخص آخر كذلك، وهو يحيى بن كثير، فإنه ذكر في ترجمته أنه صاحب البصري أو صاحب البصرى، وما عرفت حتى الآن ما المراد بهذا الوصف، وبعض المحدثين نسبه وقال: البصري، ولكن عند النسائي هنا، وفي تهذيب الكمال، وفي تهذيب التهذيب، وفي بعض الكتب يأتون بهذا اللفظ، وما المراد بهذا الوصف؟وبكر بن عيسى ثقة أخرج حديثه النسائي وحده.[سمعت شعبة يذكر].شعبة بن الحجاج، المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن نعيم بن أبي هند].نعيم بن أبي هند ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه .[عن أبي وائل].وهو شقيق بن سلمة، وهو ثقة، ثبت، مخضرم، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، ويأتي باسمه أحياناً، ومعرفة كنى المحدثين من الأمور المهمة في علم مصطلح الحديث، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بكنيته، فإن من لا يعرف أن هذه الكنية لصاحب هذا الاسم يظن أن الشخص الواحد يكون شخصين، ومعرفة ذلك يسلم معها من مثل هذا اللبس الذي قد يحصل لمن لا يعرف.[عن مسروق].هو ابن الأجدع المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].هي عائشة أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها في آيات تتلى في كتاب الله عز وجل، وهي الصحابية الوحيدة التي عرفت بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين عرفوا بكثرة الحديث سبعة، ستة من الرجال، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهؤلاء السبعة هم الذين يتكرر ذكرهم في الأحاديث، ومنهم أنس بن مالك الذي تقدم في الإسناد الذي قبل هذا، ويقول السيوطي فيهم في ألفيته:والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريِوجابر وزوجة النبيِزوجة النبي يراد بها عائشة رضي الله تعالى عنها.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #186  
قديم 20-12-2019, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

إمامة الزائر

شرح حديث: (إذا زار أحدكم قوماً فلا يصلين بهم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [إمامة الزائر.أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن أبان بن يزيد حدثنا بديل بن ميسرة حدثنا أبو عطية مولى لنا عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا زار أحدكم قوماً فلا يصلين بهم)].أورد النسائي إمامة الزائر، والزائر هو الذي يزور الناس في منزلهم، وفي مكانهم، فليس له حق الإمامة، بل هم أحق بالإمامة منه، ولكن إذا قدموه يتقدم، وهذا مثلما عرفنا فيما مضى بالنسبة للإمام، وبالنسبة لصاحب البيت، وبالنسبة للإمام الراتب، فهم أولى الناس بالإمامة، وإن كان غيرهم أقرأ منهم، ولكن إذا قدم الزائر، أو من له حق الصلاة، أو الإمامة، فلغيره أن يتقدم، فالمنع هنا كونه يتقدم بنفسه، فهو ممنوع من هذا، ومنهي عن هذا، ولكن إذا أذن له، أو طلب منه فإن له أن يتقدم، ولا بأس بذلك؛ لأن صاحب الحق إذا طلب من غيره أن يصلي، وأن يتقدم بإذنه فلا بأس بذلك، وإنما الممنوع أن يتقدم بدون أن يؤذن له، فهذا هو الذي يدل عليه الحديث، ويقتضيه النهي.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا زار أحدكم قوماً فلا يصلين بهم)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.[حدثنا عبد الله].وهو عبد الله بن المبارك، ثقة، ثبت، إمام، حجة، ذكر ابن حجر رحمه الله عدداً من صفاته في التقريب، ثم قال: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن أبان بن يزيد].أبان بن يزيد، وهو العطار، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.[حدثنا بديل بن ميسرة].هو بديل بن ميسرة العقيلي البصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، والأربعة.[حدثنا أبو عطية مولى لنا ].يقال له: أبو عطية، وذكره في الترجمة أبو عطية مولى بني عقيل؛ لأن بديل بن ميسرة العقيلي في نسبه العقيلي، يقال هنا: أبو عطية مولى بني عقيل، وهو مقبول، خرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.[عن مالك بن الحويرث].مالك بن الحويرث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
إمامة الأعمى

شرح حديث: (أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [إمامة الأعمى.أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك ح، وحدثنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له عن ابن القاسم حدثني مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع رضي الله عنه: (أن عتبان بن مالك رضي الله عنه كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها تكون الظلمة، والمطر، والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل -يا رسول الله- في بيتي مكاناً أتخذه مصلى، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين تحب أن أصلي لك؟ فأشار إلى مكان من البيت، فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم)].هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي إمامة الأعمى، وأنها سائغة، ولا مانع منها، وأورد فيها حديث عتبان بن مالك رضي الله تعالى عنه، وعتبان بن مالك الأنصاري رضي الله تعالى عنه كان يؤم قومه، وهو أعمى -وهذا هو محل الشاهد- وطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يزوره في منزله، وأن يصلي في مكان من منزله يتخذه مصلى إذا كان هناك ما يمنع من الذهاب إلى المسجد، كحصول السيل، والمطر، وجاء إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلب منه المكان الذي يريد أن يتخذه مصلى، فعينه له، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان الذي أراده عتبان، والمقصود من الحديث هو الدلالة على إمامة الأعمى، وأن الحديث يدل عليها؛ لأنه كان يؤم قومه وهو أعمى.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى...)
قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].هو هارون بن عبد الله البغدادي، وهو ثقة، خرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا معن].هو معن بن عيسى المدني صاحب الإمام مالك .قال أبو حاتم الرازي : أثبت أصحاب مالك.وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا مالك].هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، صاحب المذهب المعروف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.ثم ذكر النسائي (ح) التحويل، والمراد بها التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأنه ذكر إسناداً، وذكر ثلاثة أشخاص: شيخه، وشيخ شيخه، وشيخ شيخ شيخه، ثم رجع النسائي، وأتى بإسناد جديد، حتى حصل التلاقي بين الإسنادين الأول والآخر عند الإمام مالك، و(ح) هذه معناها: الإشارة إلى التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأن الرجل الذي بعد (ح) ليس متقدماً على الرجل الذي قبلها، وإنما الرجل الذي بعد (ح) هو شيخ للنسائي، فهو تحول من إسناد إلى إسناد، ويلتقي الإسناد الأول، والإسناد الثاني عند مالك، فهذا هو المراد بـ(ح) .[حدثنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع].الحارث بن مسكين هو المصري، وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أبو داود، والنسائي .[واللفظ له].لأن اللفظ لشيخه الثاني الحارث بن مسكين، وليس لشيخه الأول هارون بن عبد الله الذي جاء في الإسناد الأول.[عن ابن القاسم].و ابن القاسم هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي .[حدثنا مالك].مالك، وهذا ملتقى الإسنادين؛ لأن الإسناد الأول: هارون عن معن عن مالك، والثاني: الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك، فتلاقى الإسنادان عند مالك، ثم صار الإسناد واحداً من مالك فما فوق، ودون مالك تشعب منه طريقان، أو تفرع منه طريقان: طريق فيه معن بن عيسى، ويروي عنه هارون بن عبد الله، ثم النسائي يروي عنه، ثم الطريق الثاني: عبد الرحمن بن القاسم، وعبد الرحمن بن القاسم يروي عنه الحارث بن مسكين .[عن ابن شهاب].ابن شهاب هو الذي يتكرر ذكره كثيراً، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، ومشهور بالنسبة إلى جده شهاب، ومشهور بالنسبة إلى جده زهرة بن كلاب، فيقال له: الزهري نسبة إلى زهرة بن كلاب، ويقال له ابن شهاب نسبة إلى جده شهاب الذي هو جد جده، أي: واحد من أجداده هو جد جده، والزهري محدث، فقيه، مكثر من الرواية، وإمام جليل، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن محمود بن الربيع].محمود بن الربيع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، وأكثر روايته عن الصحابة، أي: ما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فغالبه من المراسيل، وأحياناً -كما هنا- يذكر الراوي الذي يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر عن عتبان بن مالك، فهو من صغار الصحابة، ومعلوم أن الصحابي إذا أضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً فيعتبر إذا كان من صغار الصحابة مرسل، ولكن مراسيل الصحابة حجة؛ لأنهم لا يأخذون إلا عن الصحابة، ولا يروون إلا عن الصحابة، وإذا رووا عن غيرهم بينوا، فيحمل ما جاء من مراسيلهم على أنه عن الصحابة، والصحابة أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.ومحمود بن الربيع أخرج له أصحاب الكتب الستة.[أنّ عتبان].هو عتبان بن مالك الأنصاري، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود في كتاب مسند مالك، والنسائي، وابن ماجه .
إمامة الإمام قبل أن يحتلم

شرح حديث عمرو بن سلمة في إمامته لقومه وهو ابن ثمان سنين
قال المصنف رحمه الله تعالى: [إمامة الإمام قبل أن يحتلم.أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سفيان عن أيوب حدثني عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه أنه قال: (كان يمر علينا الركبان فنتعلم منهم القرآن، فأتى أبي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليؤمكم أكثركم قرآناً، فجاء أبي، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليؤمكم أكثركم قرآناً، فنظروا فكنت أكثرهم قرآناً، وكنت أؤمهم، وأنا ابن ثمان سنين)].هنا أورد النسائي إمامة الغلام قبل أن يحتلم، أي: قبل أن يبلغ ، والاحتلام كما هو معلوم يكون إما بالإنزال، وإن كان لم يصل إلى سن الخامس عشرة، حيث يحصل منه الاحتلام في منامه، أو يتزوج، ويحصل منه الإنزال، فيحصل البلوغ بذلك، فإذا لم يحصل شيء من ذلك، إذا أكمل الخمس عشرة حصل البلوغ، وهنا يقول: قبل أن يحتلم، أي: قبل أن يبلغ سن الحلم الذي هو سن التكليف، فهذا هو المقصود بالترجمة.وأورد بالاستدلال عليها حديث عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله تعالى عنه: أنهم كانوا يتلقون الركبان ويأخذون منهم القرآن الذي يسمعونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الرواية تبين كيف تحصل عمرو بن سلمة على القرآن، وأنه كان يلتقي بالركبان التي تمر بهم آتين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتعلم منهم القرآن، فجاء أبوه سلمة، وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يؤمكم أكثركم قرآناً، قال: فنظروا، فوجدوني أكثرهم قرآناً، فقدموني وأنا ابن ثمان سنين)، وهذا محل الشاهد؛ كونه قدم لأنه أكثرهم قرآناً وعمره ثمان سنوات، والحديث رواه البخاري، ورواه أبو داود، والنسائي، واستدل به من استدل به على صحة إمامة الغلام قبل أن يحتلم قبل أن يصل سن البلوغ، وقالوا: إن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم قدموه، ومن يقول: إن الغلام لا يتقدم إلا إذا بلغ، يقول: إن هذا فعل حصل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد شيء يدل على أنه بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن المعلوم أنهم إذا أضافوه إلى زمن النبوة فإنه يكون له حكم الرفع، ولهذا جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه: كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن، فإذا أضيف الشيء إلى زمن النبوة فإنه يكون له حكم الرفع، وحكم الإضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلاف كما ذكرت بين العلماء، منهم من قال: بصحة إمامة الصبي؛ الغلام الذي لم يحتلم، واستدل بهذا الحديث، ومنهم من رأى خلاف ذلك، وأجاب عن الحديث بما ذكرت.
تراجم رجال إسناد حديث عمرو بن سلمة في إمامته لقومه وهو ابن ثمان سنين
قوله: [أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي].موسى بن عبد الرحمن المسروقي، ثقة، خرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه .[حدثنا حسين بن علي].حسين بن علي، هو الجعفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن زائدة].هو زائدة بن قدامة أبو الصلت، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن سفيان].وهو الثوري، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، روى عنه زائدة، وهو من أقرانه، من طبقته، يعني: مماثل له في الشيوخ، والتلاميذ، وروايته عنه تعتبر من رواية الأقران؛ لأن رواية الأقران أن يروي الرجل عمن هو مثله في السن، أو اللقي، أو المقدار، فالرواية عنه من رواية الأقران، ليس من طبقة شيوخه، وإنما هو من أمثاله، ولكنه كما هو معلوم يروي المثيل عن مثيله ما لم يسمعه، بل قد يروي عن تلميذه، وهذه تسمى رواية الأكابر عن الأصاغر، فيما إذا حصل التلميذ شيئاً عن طريق السفر، والشيخ ما سافر، فيروي عن تلميذه، فتسمى: رواية الأكابر عن الأصاغر، وأما رواية المثيل عن المثيل، فهي من رواية الأقران، وكذا الزميل عن الزميل، ورواية الأكابر الذين هم الشيوخ عن التلاميذ، أو الآباء عن الأبناء، تعتبر من رواية الأكابر عن الأصاغر.وسفيان هو الثوري وليس ابن عيينة، وابن عيينة يروي عن زائدة بن قدامة، وأما زائدة فقد روى عن رفيقه وعن مثيله الثوري، والثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي، ثقة، ثبت، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أيوب].وهو ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثني عمرو بن سلمة].عمرو بن سلمة الجرمي، وهو صحابي صغير، يروي عن أبيه سلمة الجرمي، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وقد رووا عنه هذا الحديث الذي يتعلق بصلاته. وهو يروي عن أبيه سلمة بن قيس الجرمي، له وفادة، أي: وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولعل هذا الحديث كان أبوه ذهب إلى الرسول وجاء وأخبرهم بهذا الحديث: (يؤم القوم أكثرهم قرآناً)، وحديثه كابنه عند البخاري، وأبي داود، والنسائي .
قيام الناس إذا رأوا الإمام

شرح حديث: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [قيام الناس إذا رأوا الإمام.أخبرنا علي بن حجر حدثنا هشيم عن هشام بن أبي عبد الله وحجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)].وهنا أورد النسائي قيام الناس إذا رأوا الإمام، أي: قيام الناس للصلاة، فإذا أقيمت الصلاة فيقومون إذا رأوا الإمام؛ وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكون في بيته، فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، ثم يأتي ويقيم، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب منهم أن لا يقوموا إلا إذا رأوه؛ وذلك أنه قد يكون هناك ما يشغله، فيطول عليهم الوقوف في انتظار الإمام، ولكن إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ورأوه قد وصل فإنهم يقومون، وإلا فإنهم يبقون حتى يروه.فقال: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)، (إذا نودي للصلاة)، أي: في الإقامة، (فلا تقوموا حتى تروني)؛ لأنه يكون في بيته، ثم يأتي بلال ويؤذن في الصلاة، فيذهب، ويقيم، ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلي بالناس، فأرشدهم إلى أن لا يقوموا إلا إذا رأوه؛ لئلا يطول قيامهم، وهو لم يقف في المصلى ليصلي بهم.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].علي بن حجر، هو السعدي الذي تقدم ذكره قريباً.[حدثنا هشيم].هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، ثبت، كثير الإرسال، والتدليس الخفي، والإرسال هو أن يروي الراوي عمن لم يعاصره، وإذا كان قد عاصره ولم يلقه ثم روى عنه، فإنه يكون مرسلاً خفياً، فإذا روى عمن لم يعاصره فالإرسال واضح؛ لأن الانقطاع بين، ومعناه فيه واسطة محذوفة؛ لأنه ما دام أنه ما أدركه، ولم يكن في عصره فهو مرسل جلي واضح، ولكن إذا كان معاصراً له، ولم يلقه، ولم يسمع منه، ثم روى عنه، وهو معاصر له، ولم يلقه فإنه يكون مرسلاً خفياً، ففرق بينه وبين التدليس؛ لأن التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاؤه إياه، وصار شيخاً من شيوخه، فيروي عن شيخه ما لم يسمع منه بلفظ موهم السماع.وأما المرسل الخفي فهو يروي عمن عاصره ولم يلقه، والخفاء في كونه معاصراً له، فهذا هو وجه الخفاء فيه، أما إذا كان بينه وبينه مسافة بأنه لم يدرك عصره، فالإرسال واضح جلي، هشيم بن بشير حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن هشام بن أبي عبد الله].هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[وحجاج بن أبي عثمان].أي: يروي عن اثنين، وحجاج ثقة، حديثه أيضاً عند أصحاب الكتب الستة.[عن يحيى بن أبي كثير].هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري].وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.وهو يروي عن أبيه أبي قتادة الأنصاري، وهو الحارث بن ربعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة

شرح حديث: (أقيمت الصلاة ورسول الله نجي لرجل فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة.أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا إسماعيل حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أقيمت الصلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجي لرجل، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)].وهذا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة، يعني: إن مثل ذلك إذا حصل، وعرض له حاجة، وتأخر عن الدخول في الصلاة فإنه لا بأس بذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام عرضت له حاجة، ووقف طويلاً مع هذا الذي وقف معه يناجيه، وحتى أن الناس ناموا، أي: حصل النعاس من بعضهم، وهذا يوضح معنى الترجمة السابقة، وهي: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي للصلاة فلا تقوموا حتى تروني)، أي: يرونه في المصلى؛ لأنه يطول قيامهم، وحتى لو حصل، وأرادوا أن يجلسوا فإنه لا بأس بذلك.وأورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام (أقيمت الصلاة وهو نجي لرجل)، أي: يناجيه، يتكلم معه، (فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)، ولعل هذه الحاجة كانت لأمر ضروري، لعله كان لأمر اضطره إلى ذلك، حيث شغله عن أن يصلي بالناس، وقد أقيمت الصلاة.فالحاصل: أنه لا مانع أن يكون هناك فاصل بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة، وأن الإمام إذا عرض له عارض، وعرضت له حاجة بعد الإقامة فإنه لا بأس أن يقوم بهذه الحاجة التي عرضت له، ثم يصلي بالناس بتلك الإقامة التي قد حصلت، وهو واضح الدلالة على أن الفصل بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة سائغ عندما توجد حاجة إليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أقيمت الصلاة ورسول الله نجي لرجل فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم)

قوله [زياد بن أيوب].هو زياد بن أيوب البغدادي، وهو ثقة، حافظ، لقبه دلويه، ولقبه أحمد بن حنبل شعبة الصغير، وحديثه عند البخاري، وأبي داود، والترمذي، والنسائي .[حدثنا إسماعيل].إسماعيل هو ابن علية، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا عبد العزيز].وهو ابن صهيب البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أنس بن مالك].صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره، وهذا الحديث من الأسانيد العالية عند النسائي، ومن الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند النسائي ؛ لأنه بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم زياد بن أيوب، وإسماعيل بن علية، وعبد العزيز بن صهيب، وأنس بن مالك .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #187  
قديم 20-12-2019, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(146)


- باب الإمام يذكر بعد قيامه في مصلاه أنه على غير طهارة

يشرع للإمام إذا تذكر قبل دخوله في الصلاة أنه على غير طهارة أن يطلب من المأمومين انتظاره ليتطهر ثم يعود إلى الصلاة بهم بشرط ألا يشق ذلك عليهم.
الإمام يذكر بعد قيامه في مصلاه أنه على غير طهارة

شرح حديث أبي هريرة في الإمام يذكر بعد قيامه في مصلاه أنه على غير طهارة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الإمام يذكر بعد قيامه في مصلاه أنه على غير طهارة.أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري والوليد عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (أقيمت الصلاة فصف الناس صفوفهم، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا قام في مصلاه ذكر أنه لم يغتسل، فقال للناس: مكانكم، ثم رجع إلى بيته، فخرج علينا ينطف رأسه، فاغتسل ونحن صفوف)].يقول النسائي رحمه الله: باب الإمام يذكر بعد أن يقف في مصلاه أنه على غير طهارة، أي: أنه يذهب ويغتسل أو يتوضأ، ثم يأتي، ويصلي بالناس.وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أنها أقيمت الصلاة فصف الناس صفوفهم)، أي: أنهم انتظموا في الصفوف، وتراصوا فيها، (فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف في مصلاه)، أي: أمامهم في المكان الذي يصلي فيه إماماً لهم، (وعندما وقف تذكر أن عليه غسلاً، فقال لهم: مكانكم، فذهب، واغتسل، ثم خرج عليهم ينطف رأسه)، أي: يقطر من أثر الاغتسال، والحديث دال على ما ترجم له؛ من أن الإمام إذا ذكر قبل أن يدخل في الصلاة، فإنه يخبرهم بأنهم ينتظرونه، ويذهب، وهذا فيما إذا لم يكن هناك مشقة عليهم، أما إذا كان الذهاب للوضوء في مكان بعيد، وأنه يشق عليهم، فالذي ينبغي أن يأمرهم بالصلاة، أما إذا لم يكن هناك مشقة فإنهم ينتظرونه، ولا يلزم أن يكون انتظارهم له وهم قيام، بل يمكن أن يجلسوا، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: مكانكم، ليس ظاهراً أنه أراد أن يكونوا قائمين حتى يعود، وإنما أراد أن يمكثوا في أماكنهم، وكل يبقى في مكانه في انتظار مجيئه ليصلي بهم، وسواء كان ذلك وهم قيام، أو وهم قعود إذا أرادوا أن يقعدوا.والحديث يدل على حصول النسيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يحط من شأنه، بل هذا شأن البشر، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء في أحاديث كثيرة أنه ينسى، وأنه يحصل منه النسيان، وأما فيما يتعلق بالتشريع، وبيان أحكام الشريعة، وبيان الوحي فلا يحصل منه نسيان شيء من ذلك، وإنما النسيان يحصل في الأفعال التي تحصل من الإنسان، فيحصل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في أحكام الصلاة فيما يتعلق بالسهو، وأحكام السهو، وحصول السهو من رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضايا عديدة، وفي مسائل متعددة في حالات مختلفة، وهي موجودة في كتاب السهو، أو باب السهو في كتب الأحاديث، وما جاء من أن النبي عليه الصلاة والسلام لا ينسى، ولكنه ينسى ليسن فهذا لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.وفي هذا دليل على أن دخول الجنب للمسجد إذا كان عن نسيان، أو حتى لو كان لمرور -يكون ماراً دون أن يمكث- فإنه لا بأس بذلك، والنبي عليه الصلاة والسلام لما كان في المسجد، وتذكر أنه عليه اغتسال، خرج عليه الصلاة والسلام، واغتسل، ورجع، وصلى بهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.وما جاء في الحديث من قوله: (فاغتسل، ونحن صفوف)، جاء في صحيح البخاري : (فخرج، وقد اغتسل)، أي: أن اغتساله متقدم على الخروج، وإنما خرج وقد اغتسل، والحال أنه قد اغتسل، وإنما خرج وهم صفوف على صفوفهم التي أشار عليهم بأن يكونوا عليها، وأن يمكثوا، فصلى بهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ومن المعلوم أن الإمام لو دخل في الصلاة وهو على غير طهارة، ثم تذكر فإنه يجب عليه أن يقطعها، وهم يستأنفون الصلاة فيما إذا كان الإمام على غير طهارة، وأما إذا كان على طهارة، ولكن الحدث غلبه، واضطر إلى أن يخرج فإنه ينيب قبل أن ينصرف من يقوم مقامه ويكمل بهم الصلاة، ينيب بعض المأمومين الذين وراءه، يرجع القهقرى، ويطلب من يشير إلى بعض المأمومين أن يكمل بهم الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في الإمام يذكر بعد قيامه في مصلاه أنه على غير طهارة
قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان].هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير، وهو حمصي، صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[حدثنا محمد بن حرب].وهذا فيه مثال لما سبق أن ذكرت: أن الراوي أو أن التلميذ ينسب شيخه كما يريد، إن أراد أن يطيل في نسبه أطال، وإن أراد أن يختصر اختصر، وهنا نسب شيخه، وأطال في نسبته، فقال: عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير ، ولكن من دون التلميذ لا يزيد على ما ذكره التلميذ، وإنما يأتي به أي: كما أتى به، وإذا أراد أن يضيف ما يوضح به ذلك المهمل الذي قد يكون فيه خفاء فإنه يأتي بكلمة (هو) أو بكلمة (يعني)، أو ما إلى ذلك من الألفاظ التي تبين أن ما وراءه ليس من التلميذ، وإنما هو ممن دون التلميذ.[حدثنا محمد بن حرب].محمد بن حرب، وهو الحمصي، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.[عن الزبيدي].وهو محمد بن الوليد الحمصي، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي فإنه لم يخرج له شيئاً.[عن الزهري].وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، يلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجده كلاب، وقصي بن كلاب أخو زهرة بن كلاب، فهو ينسب إلى جده زهرة فيقال: الزهري، وينسب إلى جده شهاب الذي هو جد جده، فهو مشهور بهاتين النسبتين، نسبة إلى جده شهاب يقال: ابن شهاب، ونسبة إلى جده زهرة بن كلاب يقال: الزهري، وقد اشتهر بهاتين النسبتين، وهو محدث، فقيه، إمام، جليل، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[والوليد عن الأوزاعي].وهذا إسناد آخر عطف على محمد بن حرب، يعني: يقول ذلك عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير؛ لأنه يقول: أخبرني محمد بن حرب ثم ساق الإسناد، ثم قال: والوليد، أي: عن الزهري أي: لما وصل إلى الزهري رجع من جديد، وعطف على شيخه الذي هو عمرو بن عثمان، يقول: أخبرني فلان، ثم قال: وفلان؛ لأن عمرو بن عثمان له فيه شيخان، الشيخ الأول: محمد بن حرب، والشيخ الثاني: الوليد بن مسلم .و النسائي رواه عن شيخ واحد، وشيخه رواه عن شيخين، واستمر الإسنادان حتى تلاقيا عند الزهري، فالإسنادان فيهما توحد في الآخر، وتوحد في الأول، توحد في الأول من جهة أن النسائي روى عن شيخه عمرو بن عثمان، ثم افترقت الطريقان بعد عمرو بن عثمان، ثم التقت الطريقان عند الزهري .قال: والوليد، أي: أن عمراً بن عثمان قال: وأخبرني الوليد، والوليد هو: ابن مسلم الدمشقي، وهو ثقة كثير التدليس والتسوية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن الأوزاعي].وهو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي الشامي، وهو إمام، جليل، ومحدث، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه؛ لأن كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو، وفائدة معرفة ذلك كما ذكرت سابقاً: أن لا يظن فيه تصحف لو ذكر بكنيته في بعض الأحيان، فإن من لا يعرف تلك الكنية يظن أنه تصحف عن (ابن)، فبدلاً من أن يقول: عبد الرحمن بن عمرو، لو قال: عبد الرحمن أبو عمرو الأوزاعي يظن أن (أبا) مصحفة عن (ابن)، وهي ليست مصحفة، بل هذا صحيح، وهذا صحيح، وهذا صواب، وهذا صواب ولا تصحيف؛ لأن كنيته توافق اسم أبيه، فهذه فائدة معرفة هذا النوع من أنواع علوم الحديث.وقد مر بنا عدد من الرواة من هذا القبيل، مثل هناد بن السري، وغيره من شيوخ النسائي الذين مر عدد منهم، توافق كنية الراوي اسم أبيه، وهنا أبو عمرو الأوزاعي هو من هذا القبيل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الزهري].وهنا يلتقي الإسنادان بـالزهري.[عن أبي سلمة].وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، مشهور بكنيته، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع؛ لأن المدينة اشتهر فيها في عصر التابعين سبعة يطلق عليهم لقب الفقهاء السبعة، فإذا اتفقوا على مسألة من المسائل، فبدلاً من أن تسرد أسماؤهم تعزى إليهم القول بها، ويكتفى بلفظ: قال بها الفقهاء السبعة، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد بن ثابت، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قول يقول: السابع: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الذي معنا، وقول يقول: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقول يقول: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.[عن أبي هريرة].أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً، والمكثرون من الصحابة سبعة، وأبو هريرة رضي الله عنه أكثر السبعة على الإطلاق، والسبعة جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله:والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريوجابر وزوجة النبي
الأسئلة

تقديم الأبكم للإمامة
السؤال: هل يجوز تقديم الأصم والأبكم للإمامة؟الجواب: الأبكم لا يتكلم، ولا يقرأ ولا يسمع منه قراءة، فلا يكون إماماً.
مدى دلالة التفات أبي بكر في صلاته على جواز ذلك للضرورة
السؤال: هل يدل التفات أبي بكر رضي الله عنه على جواز الالتفات في الصلاة للضرورة؟الجواب: نعم، يجوز إذا حصل ضرورة فيجوز للإنسان أن يلتفت.
التبرك بآثار النبي عليه الصلاة والسلام
السؤال: في حديث عتبان رضي الله عنه دليل على أنه أراد التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم.الجواب: نعم، هذا صحيح، والتبرك بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم، وبملامسة جسده كان يفعله الصحابة؛ كانوا يتبركون بفضل وضوئه، وببصاقه، وبعرقه، وبشعره، وما مسه جسده عليه الصلاة والسلام، ولكن هذا من خصائصه، ولا يجوز أن يفعل مع أحد غيره؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما فعلوا ذلك مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وقال الشاطبي في الاعتصام: أجمع الصحابة على ذلك، فدل على أن هذا من خصائصه، فلا يجوز لأحد أن يفعل هذا مع غيره، ولا شك أن عتبان أراد أن يتبرك، والتبرك بما مسه جسده كان فعل أصحابه، ولكن أين الذي مسه جسده في هذا الزمان؟! لا يوجد عند الناس شيء من هذا، وإنما الناس عليهم أن يطلبوا البركة بالاقتداء به، والسير على نهجه، وامتثال ما جاء عنه، والانتهاء عما نهى عنه، وأن يعبد الله طبقاً لشريعته، وفي هذا الخير كل الخير، والبركة كل البركة.
التعلق بباب الكعبة والدعاء عنده
السؤال: هل التعلق بباب الكعبة والدعاء عنده من فعل الصحابة؟الجواب: الملتزم الذي يكون بين الباب وبين الحجر الأسود، هذا يقال له: الملتزم، وورد فيه أحاديث بعض العلماء صححها، وبعضهم تكلم فيها، ولا أدري الثابت في ذلك، ولكن المسألة فيها أحاديث -كما قلت- صححها بعض العلماء، وضعفها بعضهم، والله تعالى أعلم.
المشي بين الصفوف للدخول إلى الصف الأول
السؤال: هل يجوز المشي بين الصفوف للوصول إلى الصف الأول كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؟الجواب: لا يجوز للإنسان أن يمشي بين الصفوف إلا إذا كان هناك فرجة، ومن المعلوم أن الصف الأول هو أول ما يكمل من الصفوف، والرسول صلى الله عليه وسلم ذهب حتى وقف في الصف الأول، فإذا كان هناك فرجة فيجوز للإنسان؛ فالإنسان إذا كان في الصف الأول فرجة لا يصل إليها إلا بأن يمشي بين الصفوف لا بأس أن يمشي إليها، أما إذا كان يتخطى الرقاب، أو يفعل ذلك وليس أمامه فرجة، فهذا ليس له أن يفعل ذلك.
تزويج الرجل أمه
السؤال: هل يجوز للرجل أن يزوج أمه، وهل هذا من الإحسان إليها؟الجواب: نعم، يجوز له، فابنها وليها، ويكون ذلك من الإحسان إليها إذا رغبت في ذلك، فهو وليها بعد أبيها، فالأب هو الأول ثم بعده الابن.
المداومة على الصلاة في مكان معين من المسجد
السؤال: ما حكم المداومة على الصلاة في مكان معين من المسجد؟ الجواب: لا ينبغي هذا، فقد ورد فيه حديث ما أتذكره فكونه يخصص له مكاناً لا يصلي فرضه إلا فيه قد ورد في هذا حديث، لا أذكر الآن ما درجته.
معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)
السؤال: ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)؟ وما هي المزية الشرعية لهذه الروضة؟الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال: ما بين قبري، بل قال: (ما بين بيتي ومنبري)، وهذا هو الذي جاء في الصحيحين وفي غيرهما، وهذا هو الذي ثبت، ولكن قيل: إن هذا لعله مروي بالمعنى، وإلا فإن الثابت في الصحيحين وفي غيرهما: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)، والله تعالى أعلم بمعناه أو المراد به، والعلماء لهم كلام فيه، قيل: إن هذا المكان يئول إلى الجنة، وإنه ينقل إلى الجنة، وقيل غير ذلك، والله تعالى أعلم.مداخلة: ما هي المزية؟الشيخ: المزية للروضة هي أن هذا الحديث يدل على ميزتها على المسجد، ولكن هذه الميزة لا تكن في صلاة الفرض في حق من يتمكن من أن يصلي في الصفوف الأول، أو في الصفوف التي عن يمين الروضة؛ لأن الصفوف التي أمامها والتي عن يمينها، أفضل منها وأولى منها؛ لأنه جاءت أحاديث تدل على أوائل الصفوف، وعلى ميامين الصفوف، فالصفوف التي أمامها والتي عن يمينها أفضل منها، وأما في النافلة فإن الصلاة في الروضة لا شك أن لها ميزة على غيرها لهذا الحديث، والمسجد كله جاء فيه أن الصلاة فيه بألف صلاة، ولكن جاء في هذه البقعة هذا الكلام، وهذا الحديث فيدل على ميزتها، فإذاً صلاة النافلة فيها لها ميزة؛ لهذا الحديث.
حكم أداء تحية المسجد قبل المغرب بدقائق
السؤال: من دخل إلى المسجد قبل غروب الشمس بحوالي أربع دقائق، هل يصلي تحية المسجد؟الجواب: مثل الوقت هذا لا ينبغي له أن يصلي؛ لأن الوقت قصير، بل يقف قليلاً، ويصلي إذا أذن للصلاة.
حكم ذكر الله أثناء مضاجعة المرأة
السؤال: ما حكم ذكر الله تعالى أثناء مضاجعة المرأة؟الجواب: المضاجعة قبل الجماع يدعو بالدعاء المأثور، ويذكر الإنسان ربه، ولا بأس بذلك، وأما في حال الجماع يمتنع من هذا.
مدى صحة حديث قيام الناس إذا رأوا الإمام
السؤال: أليس حديث قيام الناس إذا رأوا الإمام ضعيفاً؛ لوجود مدلسين لم يصرحا بالسماع؟الجواب: لا، أقول: الحديث ثابت، وموجود في الصحيح.
زكاة المال المودع في حساب جارٍ معرض للزيادة والنقصان
السؤال: لي حساب جار في أحد البنوك، وهو عرضة للزيادة والنقصان كل شهر؛ غير ثابت، هل تجب فيه الزكاة؟الجواب: الإنسان إذا كان عنده مبلغ من المال، ينفق منه، فالزكاة تجب على المال الذي حال عليه الحول، وهو مستغن عنه، فإذا كان يسحب منه ويأكل فإن ما يسحبه لا علاقة له بالحول، وما يضيفه فيما بعد يحسب، فيمكن له أن يعرف تاريخ وصوله إليه، ثم يزكي هذا المبلغ الإضافي عندما يحول الحول، وإذا أراد أن يتخذ لنفسه طريقة يسلم فيها من كتابة التواريخ، وأنه وصل إليه في الشهر الفلاني حصل كذا، وفي الشهر الثاني حصل كذا، ثم إذا حال الحول هذا الشهر الفلاني زكى يتخذ شهراً من السنة يزكي فيه الموجود، سواء حال عليه الحول أو ما حال عليه الحول، فهذا يحصل به المطلوب، مثلاً في رمضان يزكي الموجود عنده، سواء حال عليه الحول أو ما حال عليه الحول، وبهذا يسلم من كتابة التواريخ، وإذا كان يريد أن يكتب التواريخ فكل مبلغ يحصله عليه أن يكتب تاريخه ويزكيه إذا حال حوله.
حكم زكاة القسط المستخدم في الحج من قيمة الأرض المباعة
السؤال: بعت قطعة أرض بمبلغ، وأخذت منه مقداراً، وحجت به أمي وزوجتي، فهل في هذا المقدار زكاة؟الجواب: نعم، إذا كانت الأرض معدة للبيع ثم باعها، فالزكاة في قيمتها كلها، سواء الذي سئل عنه، كونه حج به أو غيره، فما دام أنه حال الحول عليه، وهي معروضة للبيع، وباعها فإنه يزكي قيمتها، التي بيعت بها والذي سحبه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #188  
قديم 22-12-2019, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(147)


- (باب استخلاف الإمام إذا غاب) إلى (باب الائتمام بمن يأتم بالإمام)

إنما جعل الإمام ليؤتم به، فينبغي للمأموم أن يتابع إمامه في ركوعه وسجوده وتكبيراته؛ فلا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه كثيراً، ولا يوافقه، وينبغي للإمام أن يخلف أحداً مكانه عند تغيبه.
استخلاف الإمام إذا غاب

شرح حديث سهل بن سعد في استخلاف الإمام إذا غاب
قال المصنف رحمه الله تعالى: [استخلاف الإمام إذا غاب.أخبرنا أحمد بن عبدة عن حماد بن زيد ثم ذكر كلمة معناها حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه: (كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر، ثم أتاهم ليصلح بينهم، ثم قال لـبلال: يا بلال! إذا حضر العصر ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت أذن بلال ثم أقام، فقال لـأبي بكر رضي الله عنه: تقدم، فتقدم أبو بكر فدخل في الصلاة، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر، وصفح القوم، وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت، فلما رأى أبو بكر التصفيح لا يمسك عنه التفت، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فحمد الله عز وجل على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له: امضه، ثم مشى أبو بكر القهقرى على عقبيه فتأخر، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم فصلى بالناس، فلما قضى صلاته قال: يا أبا بكر! ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت؟ فقال: لم يكن لـابن أبي قحافة أن يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال للناس: إذا نابكم شيء فليسبح الرجال وليصفح النساء).هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي استخلاف الإمام إذا غاب، فالإمام إذا غاب يستخلف من ينوب منابه، ويقوم مقامه في الصلاة بالناس، فلا يتركهم دون أن يستخلف، إلا إذا كان هناك ضرورة، كأن لا يحصل تمكن من الاستخلاف فهذا شيء آخر، ولكن الذي ينبغي ويشرع للإمام إذا غاب أنه ينيب، فيطلب من بعض الناس أن يصلي عنه؛ حتى لا يمكث الناس في انتظاره، ويطول انتظاره، وهم لا يعرفون عنه أنه غائب، بل يحسبون أنه موجود، وأنه سيحضر، ولكن إذا استخلف أحداً إذا جاء وقت إقامة الصلاة فإنه يصلي بهم ولا يتأخرون في الصلاة فيشق ذلك عليهم.والحديث الذي أورده المصنف واضح الدلالة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما بلغه أن ما حصل بين بني عمرو بن عوف -وهم أهل قباء من الأنصار- ذهب ليصلح بينهم وقال قبل أن يذهب: (إذا جاء وقت الصلاة فليصل أبو بكر بالناس)، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث؛ لأنه قال لـبلال أن يقول لـأبي بكر: أن يصلي بالناس إذا جاء وقت الصلاة، فهذا هو الاستخلاف الذي دل عليه الحديث، وهذا يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام استخلفه في حال صحته، كما استخلفه في مرض موته، وهو الذي احتج به عمر على الأنصار، وقال: أيكم تطيب نفسه أن يتقدم على من قدمه رسول الله؟ وقال: رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ديننا، أفلا نرتضيك لأمر دنيانا؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم قدمه في مرض موته، وقدمه في حال صحته، كما في الحديث الذي معنا؛ لأنه أمر بلالاً بأن يقدمه في الصلاة إذا جاء وقت الصلاة وهو لم يأت.عن سهل بن سعد رضي الله عنه: (كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر ثم أتاهم ليصلح بينهم).وقد عرفنا فيما مضى أن الحديث يدل على عظم شأن الإصلاح بين الناس وأهميته؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ذهب بنفسه ليصلح بين الناس، وكان بإمكانه أن يرسل من يقوم بهذه المهمة، وكذلك دال على تواضعه صلى الله عليه وسلم ومباشرته الذهاب بنفسه للإصلاح بين الناس عليه الصلاة والسلام، وهو دال على ما ترجم له المؤلف من استخلاف الإمام.(ثم قال لـبلال: يا بلال، إذا حضر العصر ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت أذن بلال ثم أقام، فقال لـأبي بكر رضي الله عنه: تقدم، فتقدم أبو بكر فدخل في الصلاة، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر، وصفح القوم، وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت).الرسول صلى الله عليه وسلم لما ذهب إلى بني عمرو بن عوف، وقد أذن لـأبي بكر أن يصلي بالناس إذا جاء وقت الصلاة وهو لم يأت، ثم إنه بعدما دخل أبو بكر في الصلاة إماماً، جاء رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد دخلوا في الصلاة، فجعل يشق الصفوف حتى وصل إلى الصف الأول، وصف خلف أبي بكر مأموماً، وهو يدل على أن الإمام له أن يفعل ذلك، أو أنه كان يرى فرجة فذهب إليها.الحاصل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل وجعل يشق الصفوف حتى وصل إلى خلف أبي بكر الذي يصلي بالناس.ثم إن القوم صفحوا، أي: صفقوا، فاستمر التصفيق، فلما رأى أبو بكر أن التصفيق لا يمسك لاستمراره التفت وإذا رسول الله عليه الصلاة والسلام يصلي وراءه، فالرسول عليه الصلاة والسلام أشار إليه بأن يمضي في صلاته، وأن يستمر في صلاته، فرفع يديه وحمد الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يمضي، ولكنه رأى أن هذا الأمر ليس بمتعين؛ لا يجوز مخالفته، بل رأى أن الأولى من أن يستمر، وأن ينفذ هذا الأمر أن لا يكون إماماً للرسول صلى الله عليه وسلم، بل يتأخر فيصلي الرسول صلى الله عليه وسلم بالناس، ويصلي أبو بكر معهم، ولهذا أجاب بعد ذلك لما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما لك لم تستمر في صلاتك إذ أشرت إليك؟ قال: ما كان لـابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فسكت رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأقره على ذلك. ثم التفت إلى الناس وقال: (إذا نابكم شيء في الصلاة فلتصفق النساء، وليسبح الرجال)، وهذا كما عرفنا من الأحكام التي يختلف فيها الرجال عن النساء، والأصل كما ذكرت التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا إذا جاء شيء يفرق، ويقول: إن النساء لهن هذا الحكم، والرجال لهم هذا الحكم، فعند ذلك يصار إلى ما جاءت به السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وقد ذكرت فيما مضى: أن هذا كان في أول الصلاة، ولهذا تأخر أبو بكر وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا كان مضى شيء من الصلاة، فالأولى الاستمرار، والدليل على هذا: أن النبي عليه الصلاة والسلام لما مضى شيء من الصلاة، وكان عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف مأموماً، وصلى تلك الركعة، ثم لما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المغيرة بن شعبة، فكل منهم قضى الركعة التي بقيت عليه.فإذاً: إذا حضر الإمام في أثناء الصلاة وقد مضى منها شيء، فالأولى الاستمرار، وإذا كان حضوره قبل أن يمضي منها شيء، كما كان في هذه القصة التي معنا، فله أن يمضي، أي: المأموم، كما أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يمضي، وله أن يتأخر كما تأخر أبو بكر رضي الله تعالى عنه.
تراجم رجال إسناد حديث سهل بن سعد في استخلاف الإمام إذا غاب
قوله: [أخبرنا أحمد بن عبدة].وهو أحمد بن عبدة الضبي البصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن حماد بن زيد].وهو حماد بن زيد بن درهم، وهو: ثقة، ثبت، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.قال: [ثم ذكر كلمة معناها: حدثنا، أبو حازم].يعني: حماد بن زيد ذكر كلمة معناها حدثنا أبو حازم، فالذي يبدو أنه ما ضبط الصيغة التي حصلت؛ التي هي صيغة التحديث، أو الإخبار، أو الإنباء، أو ما إلى ذلك، فأتى بالمعنى.وأبو حازم هو سلمة بن دينار، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن سهل بن سعد].وهو سهل بن سعد الساعدي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الائتمام بالإمام

شرح حديث: (إنما جعل الإمام ليؤتم به...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الإتمام بالإمام.أخبرنا هناد بن السري عن ابن عيينة عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم سقط من فرس على شقه الأيمن، فدخلوا عليه يعودونه فحضرت الصلاة، فلما قضى الصلاة قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد)].وهنا أورد النسائي الترجمة، وهي الائتمام بالإمام؛ متابعته في ركوعه وسجوده، وقيامه وجلوسه، وقد جاء في بعض طرق الحديث: (وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين)، وهذا فيه المتابعة، حتى لو صلى جالساً فإنهم يصلون وراءه جلوساً، والحديث مطابق لما ترجم له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به)، فهذه هي فائدة الإمام، ومهمة الإمام أن يقتدى به، وأن يؤتم به، فلا يسابق ولا يوافق، ولكنه يتابع، ولا يسابق ولا يوافق ولا يتأخر عنه كثيراً، بل يتابع، فإذا فعل الإمام يفعل المأمومون بعده مباشرة الأفعال، ثم إنه فسر: (إنما جعل الإمام ليؤتم به)، فسرها بقوله: (فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد)، فتفعل الأفعال بعد فعل الإمام، فلا يسابق ولا يوافق ولا يتأخر عنه كثيراً، بل يتابع، فمن حينما يفرغ يقوم المأمومون بأداء ذلك الذي فرغ منه؛ فإذا ركع يركعون، وإذا سجد يسجدون، وإذا قام يقومون.وهذا الاقتداء إنما هو في الأفعال التي هي الركوع والسجود، ولا يعني ذلك أن الإمام مثلاً: إذا كان يرى عدم رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه يبحث عن الإمام، هل يفعل أو ما يفعل فيتابعه؟ لا، بل يتبع السنة التي وردت، وإنما يتابعه في الركوع والسجود والقيام، ولكنه لو كان الإمام لا يرفع يديه فهو يرفع يديه عند التكبير للركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول؛ لأن كل هذا ثبتت به السنة، فإذا كان الإمام ما يفعل هذا فالمأموم يفعل، فالهيئات التي جاءت السنة بها إذا كان الإمام لا يفعلها، والمأموم ثابتة عنده فإنه يفعلها، ومن ذلك رفع اليدين، وإلا لو كان ما يفعل هذا لكان الإنسان بحاجة إلى أن يعرف الإمام؛ ما هي طريقته؛ هل يرفع اليدين أو لا يرفع اليدين؟ حتى يتابعه أو لا يتابعه، فحكم هذا ثابت، فعله الإمام أو لم يفعله الإمام، ولكن الذي فيه متابعة، والذي لا بد منه هو أن لا يسابقه ولا يوافقه ولا يتأخر عنه، وإنما يأتي بالأفعال التي بعده مباشرة.ومن المسائل التي لا يتابعه فيها وضع اليد اليمنى على اليسرى، فإذا كان الإمام لا يضع اليد اليمنى على اليسرى فعليك أن تضع اليد اليمنى على اليسرى؛ لأنه ثبتت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء وضع الإمام اليمنى على اليسرى أو ما وضعها.قوله: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)، هذا يدل على أن المأموم لا يقل: سمع الله لمن حمده، وإنما يقول: ربنا ولك الحمد كما جاء في الحديث (وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)؛ لأنه لو كان المأموم يقول: سمع الله لمن حمده، لقال: وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: سمع الله لمن حمده، ولكنه قال: وإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فهذا يدل على أن المأموم لا يقل: سمع الله لمن حمده، وإنما يقولها الإمام والمنفرد، ولكن بعض العلماء ذهب إلى أن المأموم يقولها، ويستدل على ذلك بعموم قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وهو يقول: سمع الله لمن حمده، إذاً: فعلى المأمومين أن يقولوا: سمع الله لمن حمده؛ لأنه يقول: سمع الله لمن حمده، ولكن هذا البيان، وهذا التفصيل الذي جاء في هذا الحديث الذي معنا؛ حيث قال: (إذا ركع فاركعوا، وإذا كبر فكبروا وإذا...، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد) فهذا يدل على أن المأموم يقول -بعدما يقول الإمام: سمع الله لمن حمده-: ربنا ولك الحمد، ولا يقل: سمع الله لمن حمده، فهذا هو الأظهر، وهو الأرجح، وبعض العلماء -كما قلت لكم- يقول: بأن المأموم يقولها؛ أخذاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #189  
قديم 22-12-2019, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (إنما جعل الإمام ليؤتم به...)
قوله: [أخبرنا هناد بن السري].وهو أبو السري، كنيته توافق اسم أبيه، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن ابن عيينة].وهو سفيان بن عيينة المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الزهري].الزهري، تقدم ذكره.[عن أنس بن مالك].وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا الحديث من رباعيات النسائي التي هي أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه عن هناد بن السري، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك، هؤلاء أربعة، وهذا الإسناد وأمثاله هي أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه ليس عنده ثلاثيات، فأعلى ما عنده الرباعيات.
الائتمام بمن يأتم بالإمام

شرح حديث: (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الائتمام بمن يأتم بالإمام.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن جعفر بن حيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً، فقال: تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل)].هنا أورد النسائي الائتمام بمن يأتم بالإمام، يعني: متابعة من يأتم بالإمام، فإذا كان لا يرى الإمام، أو لا يسمع صوت الإمام فإنه يتابع من أمامه من المأمومين، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، ثم قال: ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله)، أي: عن وصل الصفوف، والتقدم للصفوف، وهذا يدل على وجوب وصل الصفوف، وأنه يوصل الصف الأول فالأول، وإذا كان هناك نقص فليكن في الصف الأخير، أما أن يكون الصف الأول فيه نقص، ويكمل الصف الثاني، أو الثالث، أو الرابع فهذا خلاف السنة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله)، وهذا فيه التحذير والترهيب من قطع الصفوف وعدم وصلها، والصلاة في أماكن بعيدة، وترك الصفوف الأول، مثل ما هو موجود في هذا المسجد، فبعض الناس يأتي ويصف عند الأبواب، وتكون المسافة بينه وبين الصفوف خالية، فالواجب هو الذهاب إلى الصفوف الأول ووصلها أولاً بأول، بأن يتم الصف الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه، وإذا كان هنالك نقص فليكن في الصف المؤخر، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكما يقتضيه هذا الحديث الذي يقول: (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله).
تراجم رجال إسناد حديث: (تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم...)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].وهو المروزي، ثقة، حافظ، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.[عن عبد لله بن المبارك المروزي].وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، قال عنه الحافظ ابن حجر بعدما ذكر جملة من صفاته جمعت فيه خصال الخير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن جعفر بن حيان].وكنيته أبو الأشهب، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي نضرة].وهو المنذر بن مالك، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.[عن أبي سعيد].وهو سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
طريق أخرى لحديث: (تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم...) وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن الجريري عن أبي نضرة: نحوه].أورد إسناداً آخر إلى أبي نضرة، وقال: نحوه، واكتفى بذلك عن أن يذكر المتن وبقية الإسناد، ولكنه قال: نحوه، يعني: أن الرواية ليست مطابقة للرواية السابقة، ولكنها نحوها، وإذا كانت مطابقة قيل: مثله، وإذا كانت غير مطابقة بين الرواية المحالة والمحال إليها، بل بينها شيء من التفاوت في الألفاظ، قيل: نحوه. قوله: [عن الجريري].وهو سعيد بن إياس، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث عائشة في صلاة النبي قاعداً بين يدي أبي بكر وائتمام الناس بأبي بكر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن غيلان حدثني أبو داود أخبرنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة سمعت عبيد الله بن عبد الله يحدث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، قالت: وكان النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي أبي بكر، فصلى قاعداً وأبو بكر يصلي بالناس، والناس خلف أبي بكر).وهنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها في قصة صلاة أبي بكر بالناس وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث هو الذي ذكرت، وقد مضى، وسيأتي أن الرسول أمر أبا بكر بأن يصلي بالناس في مرض موته، وفي يوم من الأيام وجد الرسول صلى الله عليه وسلم خفة، فخرج يهادى بين رجلين، حتى أقيم وأجلس على يسار أبي بكر رضي الله عنه، وكان ذلك في أول الصلاة، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، وأبو بكر بجواره قائماً يبلغ عنه، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يكبر وصوته منخفض؛ لمرضه، وأبو بكر يرفع صوته، ويبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بـأبي بكر رضي الله تعالى عنه؛ لأنهم كانوا لا يسمعون صوت رسول الله، وإنما يسمعون صوت أبي بكر، وأبو بكر قائم يرونه، والرسول صلى الله عليه وسلم جالس لا يرونه. إذاً: الإتمام حاصل من المأمومين؛ يأتمون بـأبي بكر، وأبو بكر يأتم برسول صلى الله عليه وسلم، وقوله: (بين يديه) ليس معنى ذلك أنه في صف أمامه، وإنما هو على يساره وبجواره، فكان أبو بكر يسمعهم، ويصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر رضي الله تعالى عنه.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في صلاة النبي قاعداً بين يدي أبي بكر وائتمام الناس بأبي بكر
قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].وهو محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.[حدثني أبو داود].وهو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[أخبرنا شعبة].وهو ابن الحجاج الواسطي، الثقة، الثبت، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن موسى بن أبي عائشة].وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[سمعت عبيد الله بن عبد الله].وهو ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة في المدينة الذين أشرت إليهم آنفاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.يروي [عن عائشة].وهي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، وقد مر ذكرها.
شرح حديث جابر: (صلى بنا رسول الله الظهر وأبو بكر خلفه فإذا كبر رسول الله كبر أبو بكر يسمعنا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم حدثنا يحيى يعني ابن يحيى حدثنا حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبيه عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر وأبو بكر خلفه، فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أبو بكر يسمعنا)].هنا أورد النسائي حديث جابر، وهو بمعنى حديث عائشة، وحديث عائشة تقدم أنه يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بين يدي أبي بكر، وهنا يقول: أبو بكر خلفه. وهو ما كان خلفه ولا بين يديه، ولكن هو بجواره وعلى يساره، والرسول صلى الله عليه وسلم الإمام، وأبو بكر مأموم، ولكنه كان إماماً في أول الصلاة عندما دخل فيها، وعندما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس بجواره على يساره صار الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإمام، وأبو بكر يقتدي به، ويسمع الناس التكبير، ويبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو واضح الدلالة على ما ترجم له من الاقتداء بمن يأتم بالإمام، فـأبو بكر يأتم برسول الله عليه الصلاة والسلام، والمصلون يأتمون بـأبي بكر رضي الله تعالى عنه.
تراجم رجال إسناد حديث جابر: (صلى بنا رسول الله الظهر وأبو بكر خلفه فإذا كبر رسول الله كبر أبو بكر يسمعنا)
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن فضالة].وهو عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه النسائي وحده.[حدثنا يحيى يعني: ابن يحيى].وهو يحيى بن يحيى بن بكير التميمي النيسابوري، ثقة، حافظ، إمام، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي. ومسلم يروي عنه كثيراً، وكثير من الأحاديث الرباعية عند مسلم هي من طريق يحيى بن يحيى هذا، ويأتي غالباً في صحيح مسلم إذا كان عن مالك، أو كلما جاء عن مالك يقول مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر. ويأتي ذكر يحيى بن يحيى يروي عن غير مالك كثيراً، وغالباً عند الإمام مسلم والإمام مسلم إذا كان هناك طرق متعددة يبدأ بـيحيى بن يحيى، وإذا ذكر عدة مشايخ يذكر في مقدمتهم يحيى بن يحيى، ويجعل اللفظ له غالباً، يقول: واللفظ له، الذي هو يحيى بن يحيى بن بكير التميمي النيسابوري، ويشبهه أو يماثله -وهو في طبقته أيضاً، وهو يروي عن مالك- : يحيى بن يحيى الليثي الذي روى عن مالك الموطأ، وهذا أيضاً روى عنه الموطأ؛ لأن الموطأ رواه كثيرون عن مالك، ولكن المشهور من نسخ الموطأ هي التي عن يحيى بن يحيى الليثي، وليس يحيى بن يحيى النيسابوري، وإن كان هذا من رواة الموطأ عن مالك، إلا أن النسخة المشهورة عند الناس هي التي فيها يحيى بن يحيى الليثي القرطبي، وهو قليل الحديث، وليس له رواية في الكتب الستة، وإنما الذي له رواية هو هذا: يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري، ومسلم أكثر عنه -كما قلت-: لأنه من بلده نيسابور، فاعتمد عليه كثيراً، وقوله: يعني: ابن يحيى، يعني: هذه الكلمة أو هذه الجملة قالها من دون عبيد الله بن فضالة؛ لأن عبيد الله بن فضالة لا يحتاج إلى أن يقول: يعني، بل ينسب شيخه كما يريد، ولكن عبيد الله بن فضالة قال: يحيى فقط، ولم يزد عليها شيئاً، ومن دون عبيد الله -إما النسائي أو الذي دون النسائي- هو الذي أتى بكلمة (يعني: ابن يحيى) أراد أن يبين أن المراد بـيحيى يحيى بن يحيى التميمي.إذاً: فكلمة (يعني) قائلها من دون عبيد الله بن فضالة، وفاعلها الذي هو ضمير مستتر فيها هو عبيد الله بن فضالة، قال من دون عبيد الله: يعني عبيد الله بقوله: حدثنا يحيى، يعني: ابن يحيى التميمي.فالخلاصة أن كلمة (يعني) لها قائل ولها فاعل، فقائلها من دون عبيد الله بن فضالة، وفاعلها ضمير مستتر يرجع إلى عبيد الله بن فضالة الذي هو شيخ النسائي.[حدثنا حميد بن عبد الرحمن بن حميد].وهو حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.يروي عن أبيه عبد الرحمن بن حميد، وهو أي: عبد الرحمن بن حميد ثقة، خرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي. [عن أبي الزبير].وهو محمد بن مسلم بن تدرس، وهو صدوق يدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن جابر].وهو جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة

محادثة المأموم للإمام أثناء الصلاة عند عجزه عن إفهامه بالتسبيح إذا وجد السهو
السؤال: إذا نسي الإمام ركناً من أركان الصلاة، فاستفتح له المأمومون ولكنه لم يستجب لذلك، فهل يجوز محادثته؛ كأن يقال له مثلاً: بقي ركعة؟الجواب: لا، هو إذا نسي شيئاً من الأمور البينة، مثل الركوع أو السجود يمكن في نفس الوقت إذا سبح له المأمومون ولم يفهم ما يريدون، فيمكن إذا كان المتروك ركوعاً أن يقال: اركعوا مع الراكعين، فيأتي بالآية التي فيها ركوع، أو اسجد واقترب إذا كان المتروك سجوداً، فالمقصود أنه يأتي بكلمة من القرآن تبين المراد وتبين المقصود إذا كان لم يعرف الإمام ماذا يريدون بالتسبيح.
طلب العلم عند شيخ مبتدع إذا لم يوجد غيره
السؤال: هل يجوز للطالب أن يجلس عند المبتدع ليتعلم عنه؟ لا سيما إذا كان لا يوجد في بلده علماء من أهل السنة.الجواب: إذا كان يتعلم شيئاً ليس له علاقة بالبدعة، ولم يجد أحداً يكفيه ويغنيه في هذا فلا بأس بذلك، ولكن مع الحذر من أن يقع فيما وقع فيه.
موضع اليدين في الصلاة عند القيام
السؤال: هل السنة أن تكون اليدان عند القيام في الصلاة فوق الثدي، أم تحت الثدي؟ مع ذكر الدليل.الجواب: السنة أن توضع اليمنى على اليسرى، وتكون على الصدر، فلا تكون عالية فوق، ولا تكون نازلة، وإنما تكون على الصدر.
مدى دلالة التفات أبي بكر في صلاته على جواز ذلك عند الضرورة
السؤال: التفات أبي بكر رضي الله عنه في الصلاة عندما صفح الصحابة له ألا يدل على جواز الالتفات في الصلاة عند الضرورة؟الجواب: نعم، إذا حصل ضرورة يجوز، ولكن التفات ليس بالجسم، وإنما التفات بالرأس.
صحة نسبة البيت (دع الأيام تفعل ما تشاء...) للشافعي وحكم إضافة المشيئة للأيام
السؤال: ما صحة نسبة هذا البيت للإمام الشافعي: دع الأيام تفعل ما تشاءوطب نفساً إذا حكم القضاءالجواب: أقول: لا أدري عنه؛ لأن الأيام ما تفعل شيئاً، والأيام مصرفة ومقلبة، والله تعالى يقلب الليل والنهار. مداخلة: هل في إضافة المشيئة للأيام محظور؟الشيخ: لا شك؛ لأن الأيام لا تشاء شيئاً؛ لأن الأيام مصرفة ومقلبة، مثلما جاء في الحديث: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر؛ بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)، فالدهر مقلب وليس بمقلب، ولكن ما أدري عن صحة إضافة البيت للشافعي.
الجمع بين روايات حديث عائشة في جلوس النبي بين يدي أبي بكر في الصلاة
السؤال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي أبي بكر في الحديث، وفي رواية أخرى (خلفه) فكيف نوفق ذلك مع قول الشيخ: أن أبا بكر على جانبه من يساره؟الجواب: هذا هو؛ لأن الروايات التي في الصحيحين وفي غيرهما: أنه جاء وجلس على يساره، فكلمة (بين يديه) معناها أنه قريب منه، وكذلك (خلفه) معناها أنه يصلي لصلاته، ولكن الروايات التي في الصحيحين وفي غيرهما فيهما: أنه أجلس عن يساره.
حكم سجود التلاوة في أوقات النهي
السؤال: هل يجوز سجود التلاوة في أوقات النهي؟الجواب: الله تعالى أعلم، ولكن أقول: عموم قوله: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس) قد يدل على أن الأولى أن لا يفعل ذلك، ولكن بعض العلماء يقول: إن سجود التلاوة ليس مثل الصلاة، فيجوز أن يسجد الإنسان وهو على غير وضوء، وذلك إذا كان يتلو القرآن من حفظه، وهو ليس على وضوء، فله أن يسجد؛ لأن هذه الصلاة ليس مفتاحها وتحليلها التسليم، فيقول: إن هذه يمكن أن تؤدى على غير طهارة، وأنا أقول: الله تعالى أعلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #190  
قديم 22-12-2019, 05:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإمامة
(148)


- (باب موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة والاختلاف في ذلك) إلى (باب إذا كانوا رجلين وامرأتين)

يقف المأمومون خلف الإمام إذا كانوا اثنين، وإذا وجد نساء فيكن خلف الرجال، سواء كانت واحدة أو أكثر.
موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة والاختلاف في ذلك

شرح حديث ابن مسعود في موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة والاختلاف في ذلك.أخبرنا محمد بن عبيد الكوفي عن محمد بن فضيل عن هارون بن عنترة عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة، قالا: (دخلنا على عبد الله نصف النهار، فقال: إنه سيكون أمراء يشتغلون عن وقت الصلاة، فصلوا لوقتها، ثم قام فصلى بيني وبينه، فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل).هنا أورد النسائي موقف الإمام إذا كان المأمومون ثلاثة، أي: الإمام ومعه اثنان، فموقف الإمام ما هو، والاختلاف في ذلك. وقد أورد النسائي فيه حديثين؛ أحدهما: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي صلى بـالأسود وعلقمة، وكان بينهما؛ أي: أنه كان متوسطاً بينهما؛والحديث الثاني: مسعود الأسلمي أن موقف الاثنين وراء الإمام.وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول الأسود وعلقمة: أنهما دخلا على عبد الله بن مسعود، فقال: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ستكون أمراء يشتغلون عن الصلاة في وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها، ثم إنه صلى بيني وبينه)؛ يعني: كل واحد منهم يقول: إنه صلى بينه وبين رفيقه، بمعنى: أنه توسط بينهما، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل، وهذا يحمل على أن ذلك منسوخ، أو أن المكان كان ضيقاً، وقد سبق أن مر ذكر هذا في حديث التطبيق الذي فيه: (شبك بين أصابعه، وجعلها بين فخذيه، ولم يجعلها على ركبتيه)، وهذا حكم منسوخ؛ الذي هو التطبيق؛ وهو جعل اليدين بين الفخذين، وقد طبق بعضهما على بعض، فنسخ ذلك بأن جعل وضعهما على الركبتين في حال الركوع، وكذلك أيضاً في التوسط بين الاثنين في الصلاة يكون منسوخاً، أو أنه يحمل على أن المكان ضيق.وقوله: (دخلنا على عبد الله نصف النهار، فقال: إنه سيكون أمراء يشتغلون عن وقت الصلاة، فصلوا لوقتها ). قد سبق أن مر في بعض الأحاديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها، ثم يحضر ويصلي معهم، ولا يقول: إنني قد صليت فلا أصلي، وإنما يصلي فتكون الثانية نافلة، والأولى هي الفريضة؛ وذلك من أجل اجتماع الكلمة وعدم الفرقة، وعدم حصول التفرق والاختلاف، فيصلي الصلاة لوقتها، ثم يحضر ويصلي معهم فتكون نافلة، ثم إن عبد الله بن مسعود قام وصلى متوسطاً بين علقمة والأسود، وقد عرفنا أن الحكم إما أن يكون منسوخاً -كما أن التطبيق منسوخ- أو أن المكان كان ضيقاً.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة
قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد الكوفي].محمد بن عبيد ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة، وقيل: محمد بن عبيد الكوفي ؛ لأن هناك: محمد بن عبيد البصري، يعني: يتفقان في الاسم واسم الأب، ويختلفان في أن هذا كوفي وذاك بصري، وكل منهما شيخ للنسائي، لكن لما قال الكوفي عرف وتعين بأنه: محمد بن عبيد الكوفي الطنافسي، وليس محمد بن عبيد بن حساب البصري.وهذا من جنس محمد بن منصور الذي سبق أن مر بنا، واحد طوسي، والثاني مكي، وكل منهما شيخ للنسائي، ويعرف ذلك بالشيوخ والتلاميذ.[عن محمد بن فضيل].هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي، وهو: صدوق، خرج له أصحاب الكتب الستة، وقالوا: صدوق فيه تشيع، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في كتابه المقدمة، مقدمة الفتح التي ذكر فيها الذين تكلم فيهم من رجال البخاري، وبين الجواب عن تخريج البخاري لهم؛ وذلك بالوجوه المختلفة التي ذكرها؛ بأن يكون الشخص الذي أضيف إليه ما ثبت عنه، أو يكون الذي ضعفه لا يعتمد كلامه؛ لأنه نفسه ليس بحجة، ولا يعول على كلامه، أو أن الذي ضعف فيه اجتنبه البخاري، وأنه روى عنه شيئاً ليس مما انتقد عليه، أو من قبيل ما انتقد عليه، وكان من جملة ما انتقد على محمد بن فضيل هذا أن فيه تشيع، لكنه نقل عن بعض العلماء الذي هو ابن حجر كلمة عظيمة تدل على بعده عما يقع فيه الرافضة والشيعة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن المعلوم أن الرافضة كلامهم في أبي بكر، وعمر، وعثمان معروف، فكان من جملة ما نقله عنه، وهذا يدل على أن ذلك لا يؤثر فيه ما نسب إليه من التشيع، قال: رحم الله عثمان، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان. هكذا يقول محمد بن فضيل؛ رحم الله عثمان بن عفان ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان . فهذه كلمة تدل على سلامته مما أضيف إليه من التشيع.
المفاضلة بين عثمان وعلي .. رؤية شرعية
وقد عرفنا فيما مضى: أن عثمان وعلياً رضي الله تعالى عنهما، جمهور السلف على أن عثمان أفضل من علي، وبعض السلف يفضلون علياً على عثمان، وهذا هو التشيع الذي يضاف إلى بعض العلماء، وذلك لا يؤثر؛ لأن تفضيل علي على عثمان هذه ليست من المسائل التي يبدع المخالف فيها، وإنما التي يبدع فيها مسألة الخلافة؛ من قال: إن علياً أولى من عثمان، أو أولى من أبي بكر أو عمر، فهذا من أهل البدع؛ لأنه خلاف ما أطبقت عليه الأمة، وأجمع عليه الصحابة، واتفق عليه الصحابة من تقديم أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم أيضاً قد ورد ما يدل على تقديم بعضهم على بعض في الفضل؛ كما جاء عن ابن عمر، كانوا يقولون ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، يخيرون فيقولون: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فجمهور السلف على تفضيل عثمان على علي رضي الله تعالى عن الجميع، وبعضهم مثل الأعمش، وابن جرير، وعبد الرزاق، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، يقولون: بأن علياً أفضل من عثمان، وهذه منقبة لا تؤثر، ومن قال بها لا يقدح فيه ولا يعاب؛ لأنها ليست من المسائل التي يبدع بها، وإنما التي يبدع بها: من قال: إن علياً أولى من عثمان بالخلافة؛ لأن من قال هذا الكلام فإنه يعترض على فعل الصحابة، وعلى فعل سلف الأمة الذين قدموه على علي، أما مسألة التفضيل فقد يتولى المفضول مع وجود الفاضل، ليس شرطاً أن يكون الفاضل هو الذي يتولى، بل يجوز أن يتولى المفضول مع وجود الفاضل؛ وذلك لأمر يوجد في المفضول؛ إما لخبرته، أو لحنكته، أو لدهائه، أو لمقدرته، ومن المعلوم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن العاص على جيش فيه أبو بكر وعمر، وهذا لا يدل على فضل عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر، وإنما يولى الشخص في مناسبة أو في مهمة في أمر له فيه قدرة، وله فيه خبرة، لكن هذا لا يعني أن تقديمه يدل على أفضليته على غيره، فالمفضول قد يولى مع وجود الفاضل؛ لأمر يوجد في المفضول من أجل العمل الذي وكل إليه، ومن أجل العمل الذي أسند إليه، وليست القضية أن التقديم يتعين أن يكون في الفاضل والمفضول لابد أن يكون تبعه، فقد يقدم المفضول لأمر يتعلق بالأمر الذي قدم من أجله، وإن كان غيره أفضل منه.إذاً: مسألة تقديم علي على عثمان في الفضل، مسألة خلافية بين السلف، وجمهورهم على تقديم عثمان، والذين قالوا بتقديم علي لا يبدعون، ولا يقدح في روايتهم من أجل أنهم يقدمون علياً على عثمان.إذاً: التشيع الذي ينسب إلى بعض سلف الأمة لا يؤثر، ولهذا محمد بن فضيل كان مما نسب إليه أنه يتشيع، لكن هذه الكلمة تدل على بعده عما لا ينبغي؛ وهو القدح أو الوقوع في سلف هذه الأمة، وخاصة أبو بكر، وعمر، وعثمان، فإنه كان يقول: رحم الله عثمان ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان. أما الرافضة فلا يقولون هذا، فإنهم يسبون عثمان، ويذمون عثمان، ولا يقولون مثل هذه الكلمة الجميلة الحكيمة اللطيفة التي تدل على سلامة قائلها.
تابع تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة
قوله: [عن هارون بن عنترة].هارون لا بأس به. خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه في التفسير.وكلمة لا بأس به، طبعاً هي دون التوثيق، ودون الصدوق، لكن بعض العلماء له اصطلاح فيها خاص، وهو ابن معين، إذا قال: لا بأس به، فهي تعادل ثقة عند غيره، ولهذا لا بأس به عند ابن معين توثيق، ولهذا يقول في بعض الأئمة الكبار، مثل: الشافعي، يقول عن الشافعي: لا بأس به؛ لأن كلمة لا بأس به عنده توثيق، وإذا فهم الاصطلاح زال الاستغراب، وكما يقولون: إذا ظهر السبب بطل العجب، ما دام أن هذا اصطلاح فلا مشاحة في الاصطلاح، المهم أن يعرف الاصطلاح.[عن عبد الرحمن بن الأسود].هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.يروي عن [الأسود وعن علقمة].أبوه هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، ثقة، مخضرم، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وعلقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي هو أيضاً ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.وهنا الحديث من روايتهما جميعاً؛ لأن عبد الرحمن يقول: قالا: [دخلنا على عبد الله نصف النهار]، يعني: في صلاة الظهر، وقال: [إنه سيكون أمراء]، وهذا الكلام المضاف إلى عبد الله بن مسعود لا شك أنه له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا الكلام لا يقوله ابن مسعود؛ لأنها أمور غيبية تتعلق بغيب المستقبل، والغيب المستقبل لا يعرف إلا عن طريق الوحي، لا يعلم الصحابة عن أمور تقع في المستقبل، إلا إذا جاء فيها حديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد كثرت الأحاديث في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام التي فيها الإخبار عن أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، وإرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها، ثم يحضر ويصلي معهم، وتكون الثانية نافلة، وقد مر بنا بعض الأحاديث التي تعلق بهذا الموضوع.[ثم إنه قام وصلى بهم الصلاة في وقتها، وتوسط بينهما]؛ وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث في موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة، يعني: أنه يتوسط بينهما، وقد عرفنا أن هذا إما أنه منسوخ، مثل التطبيق الذي جاء عن ابن مسعود أيضاً، أو أن المكان كان ضيق؛ لا يتسع، لأن يكون الإمام قدام والاثنان وراءه.أما عبد الله بن مسعود الصحابي، فهو عبد الله بن مسعود الهذلي، الصحابي الجليل من المهاجرين، ومن السابقين الأولين، وهو من علماء الصحابة، وليس هو من العبادلة الأربعة المشهورين بهذا اللقب؛ لأنه ليس من صغار الصحابة، بل هو من كبارهم، وهو متقدم الوفاة؛ لأنه توفي سنة اثنتين وثلاثين، وأما العبادلة الأربعة فهم من صغار الصحابة، وكانوا في سن متقارب في الولادة وفي الوفاة، وقد عمروا وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود، وهم: عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، هؤلاء هم العبادلة الأربعة إذا قيل في مسألة: وقال بها العبادلة الأربعة فالمراد بها هؤلاء الأربعة، وعبد الله بن مسعود ليس منهم.
شرح حديث مسعود مولى أبي تميم في تقدم الإمام على الاثنين في الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبدة بن عبد الله حدثنا زيد بن الحباب حدثنا أفلح بن سعيد حدثنا بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن غلام لجده يقال له: مسعود، فقال: (مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال لي أبو بكر: يا مسعود، ائت أبا تميم، يعني: مولاه، فقل له: يحملنا على بعير، ويبعث إلينا بزاد ودليل يدلنا، فجئت إلى مولاي فأخبرته، فبعث معي ببعير، ووطب من لبن، فجعلت آخذ بهم في إخفاء الطريق، وحضرت الصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وقام أبو بكر عن يمينه، وقد عرفت الإسلام وأنا معهما، فجئت فقمت خلفهما، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر أبي بكر فقمنا خلفه)، قال أبو عبد الرحمن: بريدة هذا ليس بالقوي في الحديث.هنا أورد النسائي حديث: مسعود مولى أبي تميم الذي ذكره النسائي هنا: أنه جاءه الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وأن أبا بكر: قال له: اذهب إلى أبي تميم مولاه، وقل له: يبعث لنا ببعير وزاد ودليل، فذهب إلى مولاه أبي تميم وأخبره، فبعث إليهم الزاد، وبعث وطباً؛ وهو وعاء من جلد صغير، جعل فيه لبناً، وصار هو الدليل لهما، وعند جاء وقت الصلاة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بـأبي بكر وهو على يمينه، ثم إنه جاء ليصلي ويصف، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر حتى يتخلف، ويكونا الاثنان صفاً وراءه، والمقصود من الحديث: أن موقف الإمام يكون متقدم على الاثنين إذا كانوا اثنين أو كانوا ثلاثة، فيكون الإمام أمامهم، والاثنان يكونوا صفاً وراءه، وقد وردت الأحاديث كثيرة في هذا؛ يعني: في الاثنين وأكثر، وهذا هو الذي عليه عمل المسلمين، وهو أن الإمام يتقدم الاثنين فأكثر، وإذا كان واحداً يكون عن يمينه، والاثنان فأكثر يكونون وراءه.فـالنسائي رحمه الله قال: الاختلاف في ذلك، فأورد حديثاً فيه أن الإمام يتوسط، وهذا الحديث أن الإمام يتقدم، ولا شك أن الحكم الذي استقر وثبت هو أن الإمام يتقدم، الاثنين وأكثر من الاثنين يتقدمهم، وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه بريدة الأسلمي، هو نفسه النسائي ذكر بعد أن ساق الحديث، قال: بريدة هذا ليس بالقوي في الحديث، وفي ترجمته في تهذيب التهذيب ليس هناك ثناء عليه إطلاقاً، وإنما الكلام كله قدح فيه، ولعل ابن حجر اختار كلمة النسائي وهي ليس بالقوي عندما ذكر الحكم؛ لأن النسائي هو الذي خرج له، ما خرج له إلا النسائي من أصحاب الكتب الستة، والنسائي قال: ليس بالقوي، فلعله اختار كلمة النسائي في التضعيف على غيرها من الكلمات التي قالها غير النسائي من العلماء.وهذا الحديث هو الحديث الوحيد الذي ذكره الألباني في ضعيف النسائي من كتاب الإمامة والجماعة، وكتاب الجماعة والإمامة فيه مائة حديث كاملة لا تزيد ولا تنقص، تسعة وتسعين منها من الصحيح، وواحد منها الذي هو هذا هو الضعيف، فهذا الحديث الوحيد من كتاب الإمامة الضعيف، يعني: على حسب ما عمل الألباني في صحيح النسائي، وفي ضعيف النسائي، فوضع الألباني في كتابه صحيح النسائي تسعة وتسعين في الصحيحة، وضعيف النسائي هذا الحديث الواحد فيها؛ والسبب في ذلك بريدة الأسلمي الذي ضعفه النسائي نفسه، وضعفه غيره، ولكن ابن حجر لعله آثر كلمة النسائي؛ لأنه هو الذي روى له، وأصحاب الكتب الستة الآخرون ما رووا عنه شيئاً.
تراجم رجال إسناد حديث مسعود مولى أبي تميم في تقدم الإمام على الاثنين في الصلاة
قوله: [أخبرنا عبدة بن عبد الله].وهو ثقة، خرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة. [حدثنا زيد بن الحباب].وهو صدوق يخطئ في حديث الثوري، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا أفلح بن سعيد].صدوق، خرج له مسلم، والنسائي.[حدثنا بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي].بريدة هذا نفس النسائي قال فيه في آخر الحديث، قال: بريدة هذا ليس بالقوي.[يقال له: مسعود].الذي هو الصحابي. وقال عنه الحافظ: أنه صحابي قليل الحديث.روى له النسائي وحده، فهو الذي انفرد بالرواية عن بريدة، وكذلك في الرواية عن مسعود.
إذا كانوا ثلاثة وامرأة

شرح حديث أنس: (... فقام رسول الله وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا كانوا ثلاثة وامرأة.أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (إن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام قد صنعته له، فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصلي لكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف).هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة؛ وهي: باب: إذا كانوا ثلاثة وامرأة. وأورد فيه حديث: أنس بن مالك في كون النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى مليكة وهي جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأنها دعته، أي: دعت الرسول صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له، فجاء إليهم، وكانوا طلبوا منه أن يصلي لهم في مكان، فقال: (قوموا فلأصلي لكم، وصلى بهم، وقال: صففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا)، وهذا الحديث هو الذي يدل على ما دلت عليه الترجمة السابقة، من أنه إذا كانوا اثنين يكونون وراء الإمام، بحيث إذا كانوا اثنين يكون الإمام متقدم، والاثنان يكونا وراءه، وهذا هو الحديث الصحيح الذي يدل على أن موقف الاثنين يكون وراء الإمام، أما حديث مسعود مولى أبي تميم الذي أورده فضعيف، لكن هذا الصحيح يغني عنه، وغيره من الأحاديث الصحيحة، وعمل المسلمين عليه. وهذا الحديث الصحيح يدل على أنه إذا كانوا ثلاثة، فالإمام يتقدم ويكون اثنان وراءه، والمرأة تكون وراءهم تكون صفاً وحدها، ولا تصاف الرجل ولو كان واحداً، فإذا كان واحداً لا تصلي المرأة عن يمينه لكن تصلي وراءه، تكون هي في صف، وهو في صف؛ يعني: هو على حدة، وهي على حدة، ليس كالرجل تقف على يمين الإمام، وإنما تقف وراء الإمام، كحالتها إذا كان وراء الإمام اثنان، فإن الاثنان يكونان وراءه، وهي تكون وراءه، ولو كان معه واحد، يكون الواحد عن يمينه والمرأة وراءه، فهي لا تصاف الإمام ولا تصاف الرجال، وإنما تكون وحدها، إلا إذا كان معها نساء، فيكون صف نساء وراء الرجال، فأورد حديث أنس بن مالك، وفيه: أنهم إذا كانوا ثلاثة، فأحدهم يكون إماماً، ويكون الاثنان وراءه، والمرأة تكون وراءهم صفاً وحدها.(قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا).وهذا أيضاً يدل على أن اليتيم، أو أن غير البالغ أنه يصاف، فيكون مع البالغ صفاً وراء الإمام، ليس بشرط أن الاثنين الذين يكونوا وراء الإمام يكونوا بالغين، بل إذا كان أحدهم بالغاً والثاني غير بالغ يكونون صفاً، فليس بلازم أن يكونوا بالغين وراء الإمام، لا، فإذاً: هذا هو الذي يدل على ما دلت عليه الترجمة السابقة؛ من أن الإمام يتقدم على الاثنين من المأمومين،كما يتقدم على من كان أكثر من ذلك.وفيه: مصافة الصغير المميز، وأنه يكون صفاً مع البالغ، وأن المرأة تكون صفاً وحدها، لا تصاف الإمام، ولا تصاف من رواء الإمام من الرجال، وإنما تكون وحدها إذا لم يكن معها نساء، وإن كان معها نساء، فالنساء يكن صفاً أو صفوفاً.
تراجم رجال إسناد حديث أنس: (... فقام رسول الله وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا)
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن مالك بن أنس].هو المحدث، الفقيه، إمام دار الهجرة، وأحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة المشهورة المعروفة؛ وهي: مذهب الإمام أبي حنيفة، ومذهب الإمام مالك، ومذهب الإمام الشافعي، ومذهب الإمام أحمد، فهذه مذاهب أربعة من مذاهب أهل السنة اعتنى بفقهها؛ لأنه وجد لهم أتباع عنوا بفقههم، وليس معنى ذلك أن غيرهم لا يكون مثلهم، بل من العلماء من هو مثلهم في زمانهم وقبل زمانهم وبعد زمانهم، لكن ما حصل لهم مثلما حصل لهؤلاء، مثل سفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، فقيه مصر، والأوزاعي فقيه أهل الشام، فالإمام مالك رحمه الله أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة، وهو محدث، فقيه، إمام دار الهجرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة].إسحاق يروي عن أنس، وأنس عمه أخو أبيه لأمه؛ لأن عبد الله بن أبي طلحة أخو أنس بن مالك لأمه؛ لأن أم سليم زوجة أبي طلحة ولدت له عبد الله بن أبي طلحة، فـإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة هو يري عن عمه لأمه أنس بن مالك، أخو أبيه لأمه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[عن أنس بن مالك]. هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات، وعمر طويلاً، حتى أدركه الكبار والمتوسطون والصغار من التابعين، وهو من السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين قال عنهم السيوطي في ألفيته:والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريوجابر وزوجة النبيفـأنس أحد هؤلاء السبعة.وهذا الإسناد من الأسانيد العالية عند النسائي التي هي الرباعيات؛ لأن أعلى ما يكون عند النسائي الرباعيات، وهنا يروي قتيبة، عن مالك، ومالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وإسحاق يروي عن عمه لأمه أنس بن مالك، فبين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، فهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه ليس عنده ثلاثيات، وأعلى ما عنده الرباعيات، وهي كثيرة في السنن، وهذا منها.
إذا كانوا رجلين وامرأتين

شرح حديث أنس في كيفية الصفوف إذا كانوا رجلين وامرأتين
قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا كانوا رجلين وامرأتين.أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما هو إلا أنا وأمي واليتيم وأم حرام خالتي، فقال: قوموا فلأصلي بكم، قال: في غير وقت صلاة، قال: فصلى بنا)].هنا أورد النسائي: (إذا كانوا رجلين وامرأتين)، يعني: فكيف تكون الصفوف.ومن المعلوم: أن الاثنين يكونان صفاً وراء الإمام، ولو كان أحدهما غير مميز، والمرأتان تكونان صفاً على حدة، والمقصود: أنهم إذا كانا رجلين إماماً ومأموماً، فالمأموم على يمين الإمام، لكن الذي معنا هنا فيه اليتيم، ومعناه: أنه يكون صفاً وراء الإمام، هو وأنس بن مالك، والمرأتان -وهما: أمه وخالته- يكونان صفاً على حدة.
تراجم إسناد حديث أنس في كيفية الصفوف إذا كانوا رجلين وامرأتين
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو ثقة، حافظ، خرج له الترمذي، والنسائي .[حدثنا عبد الله بن المبارك].هو المحدث، العابد، الجواد، المجاهد، قال عنه الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر جملة من صفاته: جمعت فيه خصال الخير؛ لأنه من العباد، ومن المجاهدين، ومن الكرام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن سليمان بن المغيرة].وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ثابت].هو ثابت بن أسلم البناني، وهو: ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أنس بن مالك].قد تقدم ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث أنس في صلاة النبي به وأمه وخالته وموقفهم في الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة سمعت عبد الله بن مختار يحدث عن موسى بن أنس عن أنس رضي الله عنه: (أنه كان هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه وخالته، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل أنساً عن يمينه، وأمه وخالته خلفهما)].هنا أورد النسائي حديث أنس بن مالك الذي فيه: (أنه كان هو وأمه وخالته، وأن النبي عليه الصلاة والسلام جعل أنساً عن يمينه وأمه وخالته وراءهما). ومعنى هذا: أن المأموم إذا كان واحداً، فيقف عن يمين الإمام، وإذا كان معهم امرأة تكون وراءهما، أو كان امرأتين أو أكثر تكون وراءهما صفاً أو صفوفاً، وهنا امرأتان يكونان صفاً وراء الإمام، والرجل الواحد الذي مع الإمام يكون عن يمينه، ولا يكون صفاً وحده كالنساء؛ لأن المرأة تكون صفاً وحدها وراء الرجل، فلا تصف بجواره، لكنها تصف وراءه إذا كانت واحدة، أما الرجل فإنه يصف إلى جواره عن يمينه، وليس عن يساره.
تراجم رجال إسناد حديث أنس في صلاة النبي به وأمه وخالته وموقفهم في الصلاة
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو الملقب بندار، وهو من شيوخ أصحاب الكتب الستة، رووا كلهم عنه مباشرة وبدون واسطة.[حدثا محمد].هو ابن جعفر، الملقب غندر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا شعبة].هو ابن الحجاج الواسطي، الثقة، الثبت، المتكلم في الرجال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.[سمعت عبد الله بن مختار].ابن مختار لا بأس به، خرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه .[عن موسى].هو موسى بن أنس بن مالك، وهو: ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أنس بن مالك].هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم ذكره.
الأسئلة

حكم الصلاة في ثياب بها تصاوير
السؤال: ما حكم الصلاة بقميص فيه صور بني آدم، سواء كان اللابس مكلفاً أو صغيراً؟الجواب: لا يجوز للإنسان أن يصلي في ثوب فيه صور، وإذا صلى فالصلاة صحيحة، لكن لا يجوز له أن يصلي فيه، لذا فهو يأثم إذا صلى في ثوب فيه صور.
حكم لبس الثياب التي فيها صور
السؤال: ما حكم لبسه مطلقاً أيضاً؟الجواب: لا يجوز لبس ما فيه صور، الذي فيه صور يسمح بالفراش، ليس باللبس.
مدى وجود تحديد للربح في الشرع
السؤال: هل الشريعة الإسلامية حددت مقدار الربح على السلعة التجارية؟الجواب: ما نعلم تحديد للأرباح على رءوس الأموال؛ لأنه كما هو معلوم الأمر مطلق، فقد يكون الشراء برخص ثم يحصل الغلاء، وقد يكون الشراء بغلاء، ثم يحصل الرخص، فما نعلم ما هناك تحديد، لكن الذي ينبغي للإنسان ألا يبالغ في أخذ الشيء الكثير، إلا إذا كانت الأسعار تغيرت فهو مثل السوق، يعني: مثلما يبيع السوق هو يبيع.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 330.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 324.15 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]